صفحات العالم

الجيش السوري في مواجهة الثورة الشعبية


    سركيس نعوم

مؤيدو الثورة السورية من العرب والمسلمين، كما من ابناء العالم الأوسع، يهتمون في الدرجة الاولى بمعرفة التقدم الذي حققه “الجيش السوري الحر” المدافع عن الغالبية الشعبية الثائرة على صعيد زيادة عديده وحصوله على ما يحتاج اليه من أسلحة وتدريب ومال. أما مؤيدو النظام السوري فإنهم لا يشعرون على ما يبدو بأي قلق، اقتناعاً منهم بأن جيشه متماسك رغم الانشقاقات وقوي بتدريبه واسلحته وبما يتلقاه من تحديث لها سواء من روسيا الاتحادية او من الجمهورية الاسلامية الايرانية.

هل اقتناع مؤيدي نظام الرئيس بشار الاسد في محله؟

يقول باحثون اميركيون من اصحاب الخبرة العملية في عمل الجيوش وما تحتاج اليه انه في محله جزئياً. لكنهم يضيفون ان الحال الراهنة اي القوية للجيش السوري في مواجهته للثوار قد تتراجع او تضعف جراء اربعة عوامل مهمة لا احد يتحدث عنها بتفصيل ودقة حتى الآن. أول العوامل، هو تزايد قدرات المعارضة، اي الثوار العسكريين منهم او المدنيين الذين التحقوا بهم او الذين اسس بعضهم مجموعات مقاتلة منفصلة عن هؤلاء أو ربما مستقلة. ذلك انهم اصبحوا حالياً قوة مُرعبة وكبيرة رغم النقص عندهم في وسائل الاتصال والقوة النارية. فضلاً عن انهم حافظوا على دعم السنّة السوريين لهم، ونجحوا في القتال سواء داخل المدن او في المناطق الريفية، وفي إقامة هيكليات إمرة ومراقبة وضبط، وتعلموا طريقة  قتال كل من الجيش النظامي و”شبيحته”. والطريقتان مختلفتان. وثاني العوامل، هو جغرافية سوريا التي تجعل من خطوط الاتصال والإمداد طويلة، الأمر الذي يعرّض وحدات الجيش النظامي وشبيحته في استمرار الى هجمات الثوار، فضلاً عن ان النظام الحاكم لا يستطيع ان يسيطر على البلاد كلها. ومن شأن ذلك جعل الثوار على تنوعهم اكثر حرية في التنقل بين الريف والمدن. ويعني ذلك ان القتال يدور في طول سوريا وعرضها كما يقال اي انها حرب 360 درجة. وثالث العوامل، درجة او وتيرة سرعة العمليات. وهي قد تصاعدت عند الجيش النظامي منذ اواسط ايار الماضي وكذلك عند الثوار. والقى ذلك اعباء كثيرة وجديدة على الجيش. ذلك انه اضطر وسيبقى مضطراً الى التدخل مباشرة جراء عجز القوى الرسمية المحلية عن المواجهة. وقد حصل ذلك اكثر من مرة. أما رابع العوامل، فهو التآكل والانهاك. فالجيش يواجه الامرّين في الرجال وفي العتاد جراء القتال المستمر، والانشقاق والفرار. ووفقاً لـ”لجان التنسيق والمرصد السوري لحقوق الانسان” فإن 20 عنصراً من الجيش قتلوا يومياً خلال شهر حزيران الماضي مع نحو ثمانين جريحاً يومياً ايضاً. الى ذلك يعاني الجيش ذي القيادة العلوية من شيء اسمه “ضحايا الولاء او الاخلاص او الوفاء”. وهذا يعني انخفاض الثقة بالعناصر السنّية في الجيش. ويعني ايضاً وضع هؤلاء او بعضهم تحت المراقبة او قيد الاحتجاز او منزوعي السلاح. علماً ان ذلك لم يمنع آخرين مثل هؤلاء من محاولة تفخيخ الجيش من داخل. وهذا يعني ان الانهاك والتآكل النفسي هو ايضاً عامل مؤذ. ذلك ان بعض العناصر لا ينفّذون او ينفذون من دون حماس ورغبة اوامر النظام بسبب تناقضهم معه.

على ماذا يتوقف مصير جيش النظام السوري؟

الجواب تقدمه، استناداً الى الباحثين الاميركيين انفسهم، الاسئلة الآتية:

1- هل يستطيع هذا الجيش الانتصار بتمسكه بالاستراتيجيا التي اعتمدها حتى الآن والتي تركز على ارهاق المعارضة لانهاكها واضعافها؟ والجواب عن ذلك هو: كلا.

2- هل يستطيع الجيش التكيّف مع وسائل جديدة لاستعمال كل موارده وتالياً للفوز؟ هنا ايضاً تبدو قدراته محدودة، فهذا امر يعتمده النظام وينفذه. ولا شيء يشير الآن الى القدرة على فصل “الجيش السوري الحر” عن الغالبية السنّية في سوريا، فضلاً عن ان من في يدهم قيادة الجيش لا يبدون مهتمين بذلك.

طبعاً، يستدرك الباحثون الاميركيون انفسهم، لا تزال هناك عوامل تدفع في اتجاه المحافظة على تماسك الجيش. منها الولاء للنظام وللجيش من العلويين فيهما. ومنها ايضاً استمرار ابناء طوائف وأتنيات اخرى في ولائهم للاثنين بسبب عدم اقتناعهم ان الحرب حُسِمت لمصلحة الثوار، او بسبب خوفهم من خسارة امتيازات ومكتسبات. علماً ان الجيش لم يستعمل امكاناته العسكرية الثقيلة حتى الآن، واعتمد على الشبيحة للتخفيف من انهاك الجيش النظامي. لكن علماً ايضاً ان عوامل انهاكه وتآكله تتراكم وتتصاعد، وقد توصل الى الانهيار.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى