سر بثينة شعبان!/ محمد كريشان
‘أريد أن أفشي سرا عن استقالة الإبراهيمي فهو منذ أن أتى لسوريا كانت عنده أجندة واحدة هي إقناع الرئيس الأسد بالاستقالة. في الاجتماعين الأولين كان يقول نحن ومنذ أربعين عاما وشعوبنا مقهورة ويجب أن تصبح ديمقراطية.. الخ… أي أنه كان يتكلم بالمنطق الغربي.
بعدها طلب اجتماعا مغلقا مع الرئيس الأسد وحاول أن يقنعه بالاستقالة، وتُحل المشكلة بالنسبة لأمريكا ليتم تنصيب من يشاؤون وينتهي الأمر”.
هذا ما قالته بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية لقناة االمنارب الحليفة لرئيسها مضيفة أن االإبراهيمي أخذ وقتا كثيرا ليكتشف من هو الرئيس بشار الأسد ومن هي سوريا، فالرئيس لن يتنحى ويترك شعبه.
الحمد لله أن من علينا أخيرا بمعرفة هذا السر الخطير وهو أن الأخضر الإبراهيمي المبعوث العربي والدولي لسوريا ما كان ليستقيل لولا يأسه التام من تنحي الأسد وإن كانت السيدة المستشارة أصابت في القول بأن الإبراهيمي تأخر كثيرا في فهم من هو بشار الأسد لأنه يفترض في كل من له ذرة باقية من وعي أن يدرك منذ البداية أن هذه الطينة من الرؤساء لا تتصور أبدا أي مكانة لشعوبها أو بلدانها خارج السياق الذي يكونون هم فيه في صدارة المشهد الذي يقررون فيه الحياة أو الموت للجميع.
أكثر من ذلك، الحل السياسي في سوريا الذي يتغنى به الكل الآن بلا فائدة لا يعدو أن يكون بالنسبة إلى السيدة شعبان “تنصيبا لعملاء (…) بحيث تصبح سوريا ورقة بأيديهم بينما الحل الذي نريده نحن هو أن نتخلص من الإرهاب وأن تكون سوريا عزيزة كريمة قوية يحكمها شعب مقاوم”.
وبطبيعة الحال، كي تصبح سوريا عزيزة كريمة قوية فلا مفر من أن يواصل بشار الأسد حكمها لأن هذا الشعب المقاوم الذي تشير إليه السيدة شعبان سيكون قريبا إما أبيد أو أن من بقي منه ما زال يقاوم بشار وليس شيئا آخر.
وأرسلت السيدة شعبان في نفس المقابلة إشارات “مطمئنة للغاية” عن طبيعة الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة ومدى نزاهتها حيث تقول “إننا وجهنا دعوات للدول الصديقة لتحضر كضيوف للانتخابات (وليس كمراقبين إنتبهوا!!) ونحن يهمنا الأصدقاء وليس الأعداء فقد تخلصنا من اللغو الغربي حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وحول المراقبة، لدينا ثقة بالنفس فنحن شعب حر وذكي والشعب هو أفضل مراقب لهذه الانتخابات”.
هذا الشعب هو فعلا كذلك رغم أن رئيسه لا يريد أن يقر له بهذه الفضيلة على الأقل رغم أن مئات الآلاف منه باتوا لاجئين خارج وطنهم أو مشردين داخله، ومئات الآلاف الآخرين يتامى وجوعى ومعاقون لأن ذكاء جزء هام من هذا الشعب، حتى لا نقول كل الشعب، أوصله ذات يوم للمطالبة بتنحيه.
السيدة بثينة شعبان لم تنس أن تزف إلينا بشرى أن “الأزمة السورية أصبحت الآن في نهايتها، وأن الجيش أفضل حالا مما كان عليه في أول الأزمة، والعمليات الكبرى ستنتهي في نهاية 2014 وسيخرج جيشنا منتصرا وبوضع أفضل”.
عندما تقرأ هذا النوع من التصريحات تفهم لماذا يستمر النزيف السوري وكيف تعمي المكابرة عن رؤية الواقع.
عليه العوض ومنه العوض!
القدس العربي