مقالات تناولت فشل المفاوضات الننوية الايرانية
تضارب المصالح الدولية في المفاوضات النووية الإيرانية/ مصطفى اللباد
يصعب توصيف ليالي فيينا باعتبارها «أُنساً» على المتفاوضين الإيرانيين والغربيين كما شدت الراحلة أسمهان، مثلما يفتقر إلى الدقة وصف تلك الليالي بالقلقة، ولكنها بالتأكيد ليالٍ صعبة على الأطراف المتفاوضة كلها. ومرد الصعوبة ليس ركام القضايا التقنية والسياسية والاقتصادية التي تفصل مواقف الأطراف، وإنما تضارب المصالح في ما بينها جميعاً. وفي حين تدور المفاوضات اسمياً بين إيران في مقابل الدول الست أميركا وروسيا والصين وانكلترا وفرنسا وألمانيا، إلا أنها تدور فعلياً وفي العمق بين إيران وأميركا. لا تدع الابتسامات الديبلوماسية التي يوزعها المتفاوضون على الكاميرات، ولا المبنى الفخم لفندق كوبورغ الشهير في النمسا المشيد في العام 1840 على الطراز النيوكلاسيكي، ينسيانك أن التفاوض يشكل مرحلة جديدة من مراحل الصراع على الحضور والنفوذ في المنطقة بين إيران وأميركا. ولا تجعل شكل طاولة المفاوضات المستطيلة ذات الخشب البني اللامع، حيث يجلس الوفد الإيراني المفاوض قبالة ممثلي الدول الست الكبرى، يحجب عنك حقيقة جوهرية مفادها أن هناك تناقضات مستترة في مواقف الأطراف الجالسة في مواجهة إيران. تقليب النظر في مصالح الأطراف المختلفة سيجعلك تخرج بانطباع مغاير، حيث يلعب خمسة أطراف (عدا إيران وأميركا) دور المسهل أو المعرقل للمفاوضات، كل وفق حساباته.
حسابات روسيا
هدفت تصريحات لافروف الخاصة بقرب التوصل إلى اتفاق شامل (باقي نصف خطوة فقط) قبل أيام إلى تحميل أميركا المسؤولية المعنوية في حال فشلت المفاوضات، لأن لافروف يعلم صعوبة التوصل لاتفاق شامل، ولأنه لا يريد اتفاقاً شاملاً في الواقع! تدور حسابات روسيا في المفاوضات النووية حول الاعتبارات التالية: أولاً من شأن استمرار الانشغال الأميركي بالملف النووي الإيراني أن يشتت انتباه الجالس في البيت الأبيض بين مواجهة روسيا في أوكرانيا والملف النووي الإيراني، فتصعب مهمة أوباما في التصعيد ضد روسيا وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية الغربية عليها. ثانياً، تعاقدت روسيا مع إيران لبناء مفاعلات نووية جديدة قبل عشرة أيام، وبالتحديد خلال فترة المفاوضات الماراثونية بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الأميركي جون كيري. ومعنى هذه المفارقة أن روسيا تريد تصليب الموقف الإيراني في المفاوضات؛ بغرض قطع الطريق على تنازلات إيرانية محتملة، وبالتالي عرقلة الوصول إلى اتفاق شامل اليوم. ثالثاً والأهم، تعرف روسيا أنها ستكون ضحية الاتفاق الإيراني – الأميركي في حال نجاح المفاوضات النووية وتطبيع العلاقات بين طهران وواشنطن، لأن من شأن ذلك أن تعود إيران إلى لعب دور العازل الجغرافي لروسيا عن المياه الدافئة، وهو دور برعت فيه إيران لعقود طوال.
حسابات الصين
عكست التصريحات «المتفائلة» للمندوب الصيني في المفاوضات قبل أيام قلقاً من التوصل إلى اتفاق شامل بين إيران والغرب، ومرد ذلك أن هذا الاتفاق سيسهل تطبيع العلاقات الاقتصادية بين إيران وأميركا، ما يضرب مصالح الصين لمروحة من الأسباب. أولاً، تعد إيران أحد كبار موردي النفط للصين في العالم (تنافسها في ذلك السعودية)، وهو اعتبار له شأنه في اعتبارات الأمن القومي الصيني. ثانياً، كلما توترت علاقة واشنطن وطهران، زادت أهمية الصين كحليف دولي في العيون الإيرانية، لأن من شأن اصطفاف روسيا والصين إلى جانب إيران ديبلوماسياً أن يقوض الجهود الأميركية الرامية إلى اعتبار أن مطالب إدارة أوباما هي مطالب «المجتمع الدولي» باعتبار أن الصين وحدها تشكل نسبة معتبرة من سكان العالم. ثالثاً من شأن التصعيد المحتمل في الملف النووي، سواء بفرض عقوبات مغطاة من مجلس الأمن لانتزاع تنازلات جوهرية من إيران، أن تحسب أميركا وإيران ودول الخليج العربية حساباً للفيتو الصيني في مجلس الأمن، فتنهال العروض على الصين لمنعها من /أو لحثها على استخدام حق النقض. رابعاً، أدت العقوبات الاقتصادية على إيران، ومحاصرتها استثمارياً، وامتناع شركات النفط الدولية الغربية عن الاستثمار في قطاعها النفطي، إلى اتاحة الفرصة أمام الصين للدخول إلى هذا القطاع المهم عبر شركتها العملاقة المملوكة للدولة، «سينوك». ومن شأن التوصل إلى اتفاق نووي وتطبيع العلاقات بين طهران وواشنطن أن يدفع الشركات النفطية الأميركية إلى السوق الإيراني معززة بتفوقها التكنولوجي في مجال التنقيب والاستكشاف والاستخراج على التكنولوجيا الصينية، فتخسر الصين العطشى لموارد الطاقة اقتصادياً ونفطياً السوق الإيراني. لكل هذه الأسباب، لا ترغب الصين في رؤية اتفاق شامل بين إيران والغرب يتحقق، ولكنها تطلق التصريحات المتفائلة على لسان ممثلها في المفاوضات وتترك روسيا الراغبة في استعراض عضلاتها الدولية لتندفع في مواقفها المتصادمة مع المواقف الأميركية، فتتلطى بسلاسة وراء موسكو، لأنها لا تريد مواجهة صريحة مع واشنطن لاعتبارات متعددة.
حسابات انكلترا
تعد لندن الأقرب إلى المواقف الأميركية في المفاوضات النووية بين إيران والدول الست الكبرى، ولانكلترا مصالح نفطية تاريخية في إيران (شركة النفط الأنغلو – فارسية التي تحولت لاحقاً إلى «بريتيش بتروليوم»)، وفي الوقت نفسه، لانكلترا مصالح مماثلة وربما أكثر في دول الخليج العربية. على ذلك لا تريد لندن تزعم مواقف راديكالية سواء مع الاتفاق أو ضده، فلم يظهر وزير خارجيتها أمام الكاميرات إلا في حالة الضرورة.
حسابات ألمانيا
في كل الأحوال، ألمانيا سعيدة بوجودها إلى جانب الدول الخمس (الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن) في المفاوضات مع إيران، لأن ذلك يرفع معنوياً من مكانة ألمانيا الدولية ويحسن صورتها ويقربها من حلمها بالانضمام إلى الأعضاء الدائمين في حال توسيع العضوية في مجلس الأمن خلال الأعوام القادمة. على ذلك، فألمانيا رابحة من إبرام اتفاق شامل أو حتى تمديد المفاوضات. ولكن فشل المفاوضات سيمنع ألمانيا من استثمار المفاوضات لتحسين صورتها الدولية، لذلك فقد توسطت ألمانيا – إلى جوار سلطنة عُمان – مرات عدة خلال الفترة الماضية وبشكل غير معلن بين الأطراف المتفاوضة. ولألمانيا مصالح اقتصادية كبرى في إيران، وحتى مفاعل بوشهر كان ألماني الصناعة وبنت أساسياته شركة «سيمنس» الألمانية قبل انتصار الثورة الإيرانية. تأمل ألمانيا في نجاح المفاوضات، وبالتالي تطبيع العلاقات بين إيران والغرب والعودة إلى الأسواق الإيرانية ومن ورائها إلى أسواق آسيا الصاعدة باستخدام إيران كمحور ارتكاز.
حسابات فرنسا
ظهرت فرنسا باعتبارها أكثر الأطراف تشدداً حيال إيران بين الدول الست المتفاوضة، ويرجع هذا التشدد إلى رغبة باريس في تحسين علاقاتها الشرق أوسطية مع الدول المتضررة من حدوث اتفاق مثل دول الخليج العربية واستدراج عروض اقتصادية وتسليحية منها. ولا يخفى هنا أن هناك علاقات سعودية – فرنسية متنامية في السنة الأخيرة على خلفية التوتر في العلاقات السعودية – الأميركية بسبب المواقف الأميركية من إيران، والتي تعتبرها السعودية مهادنة للغاية. ومن جهة أخرى، تريد باريس إسداء خدمة إلى إسرائيل ولوبي الضغط الإسرائيلي في فرنسا، من أجل تخفيف الضغط على الأداء الاقتصادي والسياسي للرئيس فرانسوا أولاند، عبر التشدد في المفاوضات. اللافت في هذا السياق أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري زار باريس قبل أيام قليلة تاركاً المفاوضات في جنيف ليلتقي بنظيرَيه السعودي والفرنسي، في ما يبدو كطمأنة للدولتين من عدم تساهل أميركا مع الملف النووي الإيراني والاستماع إلى رؤيتَيهما لتطور المفاوضات من المنظور السعودي والفرنسي. ما زالت هذه السطور تعتقد بأرجحية تمديد المفاوضات (السفير – مصطفى اللباد: الملف النووي الإيراني: سيناريو الجولة المقبلة 10/11/2014)، عبر الإعلان عن إعلان مبادئ أو اتفاق جزئي يستكمل بمزيد من المفاوضات. والاحتمالات لنتيجة اليوم هي: نجاح المفاوضات بتوقيع اتفاق شامل 25 في المئة، تمديد المفاوضات عبر إعلان مبادئ أو اتفاق جزئي 70 في المئة، الإعلان عن انتهاء المفاوضات بالفشل 5 في المئة.
السفير
إيران – الغرب والدور الجزئيّ لعقد الماضي/ حازم صاغية
باتت معروفة أسباب المضيّ في التفاوض بين إيران وأعضاء مجلس الأمن ومعهم ألمانيا، تماماً كما باتت معروفةً أسباب تعثّر التفاوض و «الفجوات» التي تنمّ عن خلاف لا يزال قائماً، وقد يبقى.
لكنْ ربّما جاز الكلام، وراء ما هو معلن ومعروف، عن أحداث شهدتها العقود القليلة الفائتة وصارت مصدراً جزئيّاً لقناعات ولطرق في النظر والتأويل. فالأحداث هذه، لا سيّما قراءتها، ولّدت نوازع وميولاً لا تفصح عن نفسها بالضرورة إلاّ أنّها، مع هذا، تتحكّم ببعض التفاوض، وقد تتحكّم ببعض نتائجه نجاحاً أو فشلاً.
فما من شكّ في أنّ إلحاح إيران، بل إصرارها، وما يوحيه من تفاؤل بالعثور على ضوء في آخر النفق، يستند إلى درس سهل الاستنتاج: ذاك أنّ الضغط الدوليّ في ما خصّ السلاح النوويّ، على إسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشماليّة، لم يُفلح مع أيّ من هذه الدول. ولئن استمرّ هذا الضغط على الأخيرة، فإنّ التعاطي مع التسلّح النوويّ للبلدان الثلاثة الأولى غدا تسليماً بأمر واقع وراسخ.
وفي وسع الإيرانيّين أيضاً أن يراهنوا على أن قوّتهم، التي يُنكرون وجهتها النوويّة، لا تعوزها القضيّة التي تبرّرها. فهم، بُعيد قيام ثورتهم وجمهوريّتهم في 1979، تعرّضوا لهجوم عراقيّ ساحق كانت تتعاطف معه البلدان الغربيّة، فضلاً عن العربيّة. وهو هجوم ما لبث أن تحوّل حرباً دامت نحواً من عقد وتأدّى عنها مقتل قرابة مليون.
لكنْ أيضاً، يسع الإيرانيّين، وهم يسترجعون ذاك التاريخ، أن يتفاءلوا بألعاب الأمم وأن يستمدّوا من ذلك ما يُعينهم على الصبر والمواظبة. فحتّى لو وضعنا جانباً الشقّ الأميركيّ من صفقة «إيران غيت»، والذي اضطلع بالدور الأساسيّ فيه خطف الرعايا الغربيّين في لبنان، يبقى ماثلاً ذاك الشقّ الإسرائيليّ البعيد الأهميّة: ذاك أنّ الدولة العبريّة بدت حينذاك على استعداد لتسليح «الحرس الثوريّ» في إيران لاعتبارها أنّ صدّام حسين الخطر الأكبر عليها. ومَن الذي يستطيع اليوم أن يجزم بأنّ واشنطن لن تفعل شيئاً مماثلاً في ظلّ «الحرب على الإرهاب»، ومع استذكار سوابق التعاون الأميركيّ – الإيرانيّ، في أفغانستان والعراق وسواهما، بعد جريمة 11 أيلول.
ففي طهران، وفي ثقافتها السياسيّة الغالبة، تبقى المسافة قصيرة بين ما حدث وما سوف يحدث. وهذا الميل إلى اشتقاق المستقبل من الماضي، قريباً كان أم بعيداً، يتدخّل، إلى هذا الحدّ أو ذاك، في تقرير التعاطي مع الحاضر، سلباً أو إيجاباً، كما تتشكّل منه عواطف لا تبرأ السياسة من تأثيراتها. فليس العام 1953، تاريخ إطاحة محمّد مصدّق على يد الجنرال زاهدي والاستخبارات المركزيّة الأميركيّة، العام الوحيد الذي يستشيره الإيرانيّون لبناء سياساتهم ومواقفهم، بل أيضاً العام 1907 حين تولّى الروس والبريطانيّون تجزيء إيران إلى رقعتين لنفوذهما الاستراتيجيّ.
في المقابل، فإنّ الغربيّين، خصوصاً منهم الأميركيّون، لا يُعدمون ما يتذكّرونه وما يبنون عليه. وأوّل ما يُتذكّر، في هذا المجال، أنّ الثورة والجمهوريّة الإيرانيّتين دشّنتا عهديهما باحتجاز موظّفي السفارة الأميركيّة في طهران. كذلك لا يُنسى أنّ النظام الإيرانيّ أتاح لشخص كمحمود أحمدي نجاد أن يصل إلى رئاسة الجمهوريّة. وأن يمتلك أيُّ أحمدي نجاد آخر قنبلة نوويّة فهذا ما يجعل القلق ملازماً لحياة الملايين في بلدان الغرب، إن لم يكن في بلدان العالم الأخرى. ولمّا كانت مسألة الثقة أساسيّة هنا، بدا ذلك واحداً من الأسباب الخفيّة لضعف الموقع الإيرانيّ. ذاك أنّ الجميع، لا أميركا وحدها، لديهم مواضٍ.
الحياة
عواقب فشل المفاوضات مع إيران/ جويس كرم
أربع سنوات من المفاوضات وأربع رسائل مِن الرئيس الأميركي باراك اوباما لم تفلح في إقناع المرشد الإيراني علي خامنئي بقبول اتفاق شامل مع الدول الكبرى كاد يفتح أبواب الغرب امام طهران. الفشل هو بالدرجة الأولى إضاعة إيران فرصة نادرة، وينذر بإعادة عقارب الساعة الى الوراء، نحو التشدد والعقوبات على الجمهورية الاسلامية.
الكثير سيكتب حول مفاوضات فيينا وبنود “هيكلية اتفاق” لم يتم و”اتفاق شامل” رهن أوباما شرعيته الخارجية وأجندته الشرق الأوسطية بنجاحه، ولم يترجم عمليا بسبب اصرار ايران على رفع العقوبات فور الالتزام بالاتفاق، ورفضها توقيع اتفاق طويل الامد يستمر أكثر من 15 عاما.
وتلخص تغريدة السفير الفرنسي في واشنطن جيرارد آرود على موقع “تويتر” اليوم واقع المفاوضات والحائط التي اصطدمت به. يقول السفير: “بالنسبة الى إيران فإن التوصل الى اتفاق يشكل خسارة لآخر علامة ايديولوجية للثورة ويمس بأساس النظام”. فبرفض التنازلات للغرب اختار خامنئي الجناح المتشدد وقضى فعليا على اي مساحة لوزير الخارجية جواد ظريف لتقديم تنازلات في فيينا يرى “الحرس الثوري” انها تقوض السيادة الإيرانية بفتح المنشآت النووية امام التفتيش، وارسال اليورانيوم لتخصيبه الى روسيا. وكان المضي بالاتفاق الشامل سيعني الانفتاح الإيراني على الغرب اقتصاديا واجتماعيا، وسينهي بذلك ذريعة المتشددين الذين ينددون منذ 1979 بـ “الشيطان الأكبر” الاميركي. ومن المعروف ان الجناح المتشدد في ايران هو من يشرف على البرنامج النووي وليس المعتدلين والمقربين من الرئيس حسن روحاني.
ومن هنا ستكون أولى عواقب فشل الوصول الى اتفاق شامل تقوية الجناح المتشدد في إيران وأيضا الأطراف الذين يساوونه تشددا في اسرائيل والولايات المتحدة. فالحديث عن العقوبات بدأ يعود أميركيا مع تولي الجمهوريين رسميا مطرقة الكونغرس في 20 كانون الثاني (يناير) في مجلسي الشيوخ والنواب.
ويعيد الفشل احياء الحديث عن الخيار العسكري الذي قد تمضي به اسرائيل بعد اغلاق النافذة الديبلوماسية، وهو ما لوحت به صحيفة “جيروزاليم بوست” السبت الفائت. وسيحاول أوباما احتواء المسارين من خلال حض الكونغرس على عدم فرض عقوبات جديدة وايضاً باستمهال اسرائيل والضغط عليها لعدم تنفيذ ضربة عسكرية خلال وجوده في السلطة، خشية ان تجر المنطقة والولايات المتحدة الى الحرب.
وسيرتأي البيت الأبيض تخفيف تداعيات الفشل قدر الإمكان لتفادي اي تصعيد إقليمي والاقرار بانتكاسة خارجية من دون تحويلها الى كارثة او جعلها تؤثر على الحرب ضد “داعش” في الساحتين العراقية والسورية. أما الكونغرس الذي يعد لمواجهات قانونية وتشريعية مع أوباما، فما من ضمانات بانه سيخضع لمطالب البيت الأبيض في السنتين الاخيرتين من عهد أوباما، لا بل قد يستخدم ورقة العقوبات ضد ايران لنيل تنازلات في أمور داخلية مثل قانون الهجرة او الإصلاح الضريبي. وتشكل الساحات المشتعلة في المنطقة المحور الأكثر تأثرا بفشل الاتفاق وبعودة المتشددين مع انتهاء “ليالي الأنس في فيينا”.
الحياة
صفقة أميركية – إيرانية أنجحت «اللافشل» في مفاوضات فيينا؟/ عبدالوهاب بدرخان
كان تمديد المفاوضات النووية خبراً جيداً أو سيئاً في الكثير من العواصم والأوساط، وفق التوقعات المسبقة لدى هذا الطرف وذاك لانعكاسات الاحتمال الآخر، وهو إعلان التوصل إلى اتفاق. وعلى عكس المرات السابقة حين كان الجانب الإيراني يتمسّك حتى اللحظة الأخيرة بضرورة إنجاز العمل لإخراج برنامجه النووي من هذا الجدل الدولي، فقد بادر هذه المرّة إلى طلب التمديد متعجّلاً التوافق عليه، فيما كان الطرف الآخر، خصوصاً الأميركي هو الذي راهن على «اختراق» في ربع الساعة الأخير قبل انقضاء المهلة. لماذا انقلبت الأدوار، وما الذي جعل طهران تظهر كأنها خرجت «رابحة» من هذه الجولة على رغم استمرار العقوبات، وهل يعني ما حصل أن الإيرانيين فضّلوا وقف التفاوض عند النقطة التي بلغها على أن يقدموا على تنازلات قد تتسبب بانقسام داخلي لديهم؟
أسئلة أخرى كثيرة من دون إجابات تطرحها هذه النهاية الهادئة لمفاوضات زاد صخبها في الأيام الأخيرة وكان مفهوماً أنها اقتربت مما سمّي «لحظة الحقيقة»، أو بالأحرى أوشكت على تحقيق أهدافها، لكن حسابات طهران وقراءتها للموقف الأميركي وللتوازنات داخل مجموعة الـ5 + 1 ما لبثت أن أجهضتها قبيل ولادة الاتفاق. فهل هذا مجرّد هروب من التنازل، أم إنه سعي إلى تغيير التكتيك ومتابعة التوتير الإقليمي بل تصعيده، بالتالي دفع القوى الدولية تحديداً أميركا إلى خفض مطالبها وضغوطها. ثمة معطًى ما، قد يكون أميركياً أو روسياً، ألزم الإيرانيين بفضيلة العناد وأقنعهم بشراء مزيد من الوقت ومتابعة إزكاء الحرائق الإقليمية.
وعلى افتراض أن الإيرانيين كانوا مستعدّين فعلاً لتقديم التنازلات المطلوبة، وأنهم لم يتلقوا أي ضمان بأن الكونغرس (وإسرائيل) سيمرّر الاتفاق، فإن هذه عقدة كانت وستبقى ماثلة، ولا يمكن اختبارها إلا بـ «اتفاق صحيح» يمنح إيران إمكان تشغيل برنامج نووي سلمي ويحول دون حصولها على سلاح نووي، وإذا وجد اتفاق كهذا، فمن شأنه أن يلغي العقوبات ويفكك تضامن القوى الدولية، وأن يعزل واشنطن إذا عرقلته ويضعف قدرتها على حشد أي موقف أو عقوبات جديدة ضد إيران. أما الخيار المضاد فيؤدي إلى النتيجة نفسها، بل إلى أسوأ منها، أي أن عدم وجود اتفاق كهذا يمدّد مهمة الموتورين في الكونغرس واللوبي الإسرائيلي ويشحذ شهيتهم للابتزاز. والحال أن مثابرة المفاوض الإيراني على المناورة تعاود تغذية الشكوك وتثبط عزم الدول الغربية المؤيدة لرفع كاملٍ للعقوبات.
في أي حال أتاح تمديد المفاوضات للرئيس حسن روحاني أن يوجّه «خطاباً إلى الأمة» ليقول بين السطور «لم نتنازل إذاً لم نفشل، وسنواصل التفاوض». أما الوزير جون كيري، فإن أفكاره الأولى كانت لرئيسه الذي فوّت لتوّه فرصة «انتصار ديبلوماسي» يحتاجه، وكانت أيضاً لطلب «دعم» الخصوم الجمهوريين للمفاوضات المقبلة فيما هم يشحذون السكاكين ويلوّحون بعقوبات إضافية لإيران بسبب مماطلتها. ولا شك في أن وقع خبر التمديد كان سيئاً في كل العواصم الإقليمية، لأنه ببساطة يعني تمديداً وتأجيجاً للأزمات التي كانت لإيران يدٌ طولى في إشعالها. فالأرجح أن عدم التوافق الأميركي – الإيراني على الملفات السياسية هو ما أفشل المفاوضات على البرنامج النووي، ولو حصل تنازل أميركي في مسقط لحصل تنازل إيراني في فيينا. لكن، من يدري؟ فقد يكون التنازل حصل وما التمديد سوى شراء للوقت بغية إعداد الإخراج المناسب له.
لا بدّ من أن الحدث النمسوي تُرجم في صنعاء تأجيلاً لانفراج داخلي كان صعباً في الأساس، وفي بيروت تمديداً لأزمة تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، وفي المنامة تسويفاً متوقعاً من المعارضة لأي حوار وطني، وفي بغداد إبطاءً محتملاً لـ «الانفتاح» عربياً… لكنه استقبل بارتياح في دمشق التي ترى في أي اتفاق نووي نذيراً بميل نحو تسويات من جانب إيران قد لا تكون في مصلحة أشخاص النظام. أما في إسرائيل فلم يخفِ بنيامين نتانياهو ترحيبه بفشل المفاوضات، قائلاً إن «هذه النتيجة أفضل بكثير» من دون أن ينسى التذكير بأن إسرائيل «ستحتفظ دائماً بحق الدفاع عن نفسها»، ما يعني أنه سيشارك جمهوريي الكونغرس في الضغط على أوباما.
وقياساً إلى تجربة نحو عشرة أعوام من التفاوض، فإن إيران كانت تعوّض كل فشل وتأخير في رفع العقوبات بمزيد من التأزيم والتدخل في محيطها العربي، وأحياناً باشتباك واسع أو محدود مع إسرائيل عبر «حزب الله» في لبنان. واستناداً إلى شهادات مصادر عدة، فإن طهران لم تعد قلقة على برنامجها النووي الذي قدّرت مسبقاً، وقبل دخول المفاوضات، ما يمكن أن تخسره أو تربحه فيه، وإنما هي مهتمّة حالياً بمواءمة تنازلاتها التقنية في هذا الملف مع المكاسب السياسية التي خططت لتحصيلها في أي صفقة مع الولايات المتحدة تتعلّق بنفوذها الإقليمي. ولديها نموذج تستند إليه في العراق، حيث استطاعت بناء «تفاهم» مع إدارة جورج بوش الجمهورية، ثم حققت أكثر إنجازاتها مستفيدة من ركاكة سياسة الإدارة الديموقراطية والاستضعاف الإسرائيلي لأوباما شخصياً. في الحالين نجحت في استثمار حرب بوش على الإرهاب وعداء تزايد في أميركا حيال العرب بعد الهجمات الإرهابية عام 2001. وعلى رغم مساهمتها المباشرة في نشأة التنظيم الذي أصبح «داعش» فإنها تخوض الحرب عليه بواسطة ميليشياتها العراقية مستدرجة الأميركيين إلى التعايش مع دورها أو مواجهة قدراتها على تخريب الحرب أو التشويش عليها.
كان أكثر ما لفت المفاوضين في فيينا أن التشاور الثنائي، الأميركي – الإيراني، زادت وتيرته على نحو غير مسبوق، وخلافاً لما رأوه في أيٍّ من جولات التفاوض. والسائد أن الجانبين وجدا نفسيهما – أوباما إزاء جمهورييه وروحاني بمواجهة متشدديه – في أشد الحاجة إلى النجاح، لذلك فإن حرص الوزيرين جون كيري ومحمد جواد ظريف على عدم الإقرار بالفشل كان وراء القول إن «تقدماً جوهرياً» قد أحرز من دون أي توضيح، وكذلك وراء اعتماد صيغة تنفيذ «خطة العمل المشترك» للإيحاء بأنهما تخطيا الخلاف وكل ما يلزمهما الوقت الكافي لصوغ ما اتفقا عليه. هكذا، حرص روحاني على القول إن المفاوضات «ضيّقت الفجوات وقرّبت بين المواقف». وقبل ساعات من ذلك كان البيت الأبيض لا يزال يشير إلى وجود «فجوة كبيرة». فما الذي أدّى إلى تجسيرها؟ وما الذي دفع روحاني إلى استخدام لغة انتصارية: أهي تعهدات/ تنازلات أميركية قدّمها كيري في الملفات الإقليمية، وعلى أساسها باتت إيران تقول بثقة، وعلى غير عادة، أن المفاوضات ستفضي حتماً إلى اتفاق؟ أم إنهما يتوقعان «اختراقاً» ما لدى معاودة التفاوض خلال الشهر المقبل أي قبل شروع الكونغرس في العمل بغالبيته الجمهورية، أو في آذار (مارس) 2015 قبل أن يتمكّن من تمرير مشروع عقوبات جديدة لإيران؟
الأكيد أن تغييراً جدياً طرأ على أداء كيري – ظريف وعلى علاقتهما، وطالما أن لدى كلٍّ منهما هامشاً ضيقاً أو معدوماً للتنازل في الشأن النووي، فإن المجال المتاح أمامهما للتراضي هو الملفات الإقليمية، وعلى حساب العرب. لكن أين وكيف؟ وهل تظهر النتائج في خطة «تجميد الصراع» في سورية، أم في لبنان أو اليمن أو البحرين؟ سيكون سلوك طهران في المرحلة المقبلة ذا دلالة، وربما كانت أولوية التوافق معها هي التي قلّصت حظوظ التفاهم بين جو بايدن والرئيس التركي. ليس من عادة واشنطن أن تهتم بـ «الأضرار الجانبية» عندما تتأهّب لعقد أي صفقة سياسية، بالتالي فهي لا تضع ضوابط ولا تراعي التوازنات تجنباً للانفلاتات. وهذا يناسب الأسلوب الإيراني للتصرف كمن أطلقت يده للتصرف في الإقليم.
* كاتب وصحافي لبناني
ثلاثة ابتهجوا بعد فيينا/ زهير قصيباتي
حين كان مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي يطمئن الأصوليين إلى «فشل» الغرب في «تركيع» بلادهم خلال المفاوضات النووية، إنما كان يعني أن ليالي الأنس في فيينا بين الأميركيين وحكومة الرئيس حسن روحاني، لن تتحول شهر عسل ينقلب على المتشددين ويعزلهم في الداخل. وحين أصر روحاني على أن «مفتاحه السحري» للحوار مع واشنطن، لم ينكسر رغم تمديد المفاوضات 7 أشهر، بدا واثقاً من أنه سينتصر على رغبات الأصوليين وآمالهم بتجرّعه كأس الفشل.
والحال أن الذين ابتهجوا بعدم إعلان اتفاق بعد المفاوضات الماراثونية في فيينا وباريس هم «أصوليو» أميركا الجمهوريون المتشددون، وأصوليو إيران وعلى رأسهم «الحرس الثوري»، وأصوليو اليمين المتطرف في إسرائيل الذي تمثله حكومة بنيامين نتانياهو.
ولكن، ما الذي يحول دون توسيع دائرة المنتفعين الذين يخشون بيعهم في سوق الصفقة العسيرة، في إطار تبادل أوراق وأدوار ونفوذ ومصالح بين إيران و «الشيطان الأكبر»؟ حتى الروس الذين حرصوا على إظهار تفاؤلهم في ربع الساعة الأخير، فيما كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتأبط الوثائق «النووية» في رحلاته المكوكية بين فيينا وباريس، قد تؤذي مصالحهم الآن خسارة الحليف الإيراني الذي سيفتح أسواقه للمصانع الغربية والأميركية ومنتجاتها.
كانت مصادفة بائسة للكرملين أن لا يستطيع المقايضة أو المساهمة في مقايضة ما، في إطار صراعه المحتدم اليوم مع الأميركيين والغرب عموماً. فالأكيد أن لا إيران المرشد سترضى بتجريدها من القدرة النووية إلى الصفر، ولا روسيا ولا الغرب جاهزان لصفقة دولية، تشمل إلى الملف «النووي» النزاعات الكبرى، خصوصاً أوكرانيا وسورية.
كان من مصلحة النظام السوري بالتأكيد أن لا يصل قطار مفاوضات فيينا إلى خاتمة سعيدة، خشية التضحية به لاحقاً، ضمن تبادل أوراق لعبة الأمم، والتطبيع الإيراني- الغربي، أو على الأقل تفهم طهران رغبة الأوروبيين والأميركيين في عدم إحياء «شرعية» النظام في دمشق.
ما يسميه أصوليو إيران الاتفاق «المبهم» الذي أُعلِن في فيينا لتمديد المفاوضات «النووية»، يعتبرونه أيضاً «طريقاً مسدوداً». وإن غمزوا من قناة روحاني و «مفتاحه السحري» وتشفّوا به، لأن المفاوضات باتت «في غرفة إنعاش لسبعة أشهر»، فاللافت في كل الأحوال أن رئيس البرلمان علي لاريجاني حين يتحدث عن مفاوضات سياسية «لم يتضح كل أبعادها»، يلجأ إلى الغموض الذي يجدد القلق من حيّز «صامت» يُخَصَّص للملفات الإقليمية ودور طهران فيها.
والغموض «البنّاء» لحماية القنوات السرّية بين طهران وواشنطن، مثل الرسائل المتبادلة بين خامنئي والرئيس باراك أوباما، والتي سبقت ماراثون فيينا، يحيل على معلومات عن «توافق» سرّي بينهما على عدم استهداف الأميركيين نظام الأسد في الغارات الجوية التي تلاحق «داعش»، وعلى استبعاد الإدارة الأميركية المنطقة الآمنة التي تطالب بها تركيا في شمال سورية. ورقتان إذاً لمصلحة طهران، ولكن، ما المقابل في الملف النووي، خصوصاً أن المرشد يكسب نقطة في صراع النفوذ مع أنقرة؟
المفاجأة، كما تتداولها أوساط ديبلوماسية عربية، هي أن إيران وافقت على فتح كل منشآتها النووية للوكالة الدولية للطاقة الذرية وحملات التفتيش المفاجئة والدائمة، رغم تصلّبها في مسألة تخصيب اليورانيوم. وتشير تلك الأوساط إلى عقدة ثانية تراوح مكانها، بين مطلب طهران رفع كل العقوبات في شباط (فبراير) المقبل، والتوافق الغربي على رفعها تدريجاً خلال عام 2015.
وإذا كان بعض الذين يحاولون تقويم نتيجة الجولة المحمومة من المفاوضات النووية، يعتبرون أن طهران لم تكسب ولم تربح، رغم حرص أوباما وروحاني على طيّ الملف وفتح صفحة التطبيع، فالأكيد في كل الأحوال أن شعار الرئيس الإيراني «ربح للجميع» دونه أشواط طويلة… لها يستعد المتشددون في الجمهورية الإسلامية والجمهوريون في الكونغرس، واللوبي الإسرائيلي.
ولكن، هل يعني ذلك أن المناطق المضطربة من العراق إلى سورية واليمن ولبنان، ستشهد اندفاعة إيرانية جديدة، للضغط على الأميركيين وتسريع الماراثون الذرّي؟
قائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ما زال مصراً على تفعيل المخارج والحلول: «لولا فكر المقاومة لما انتصرت الثورة في اليمن، ولولا تصدير فكر المقاومة من الثورة الإسلامية إلى العراق وسورية ولبنان، لما كان مصير هذه الدول واضحاً». وهو واضح بالتأكيد، بدليل المجازر في سورية وفوضى التفجيرات، و «سلطة داعش» وحربها في العراق، والوطن المعلّق في لبنان على حبل الفراغ، واليمن غير السعيد بضياعه بين الحوثيين و «القاعدة».
الحياة
التخلّص من الكيميائي السوري أنقذ الأسد والتخلّص من النووي الإيراني يُنقذ السلام/ اميل خوري
بعد تمديد المفاوضات حول الملف النووي الإيراني سبعة اشهر، هل يكون ذلك كافياً لتوقيع اتفاق أم يفشل التوصل اليه وتدخل المنطقة عندئذ في المجهول؟
في معلومات لمصادر ديبلوماسية غربية ان لا نية لدى أي طرف في تحمّل مسؤولية الفشل في التوصل الى اتفاق حول الملف النووي الايراني، ولو انه كان في النية ذلك لما تم الاتفاق على التمديد للمفاوضات لتذليل ما تبقى من صعوبات، بل لما كان تم الاتفاق حتى على تمديد المفاوضات فتدخل المنطقة عندئذ حرب مواجهة خطرة قد لا تنتهي إلا بعد “بلقنتها”.
لذلك فإن المصادر إياها تتوقع ان تكون سنة 2015 سنة السلام الشامل في المنطقة او بداية سنة حل كل الازمات التي تتخبط فيها بما فيها النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني والعربي.
لقد عدلت الولايات المتحدة الأميركية عن توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا عندما تم الاتفاق على التخلص من السلاح الكيميائي السوري، وهو اتفاق أرضى أميركا وروسيا وإسرائيل وسوريا، ولم يعد مطلب تنحي الرئيس بشار الاسد عن السلطة شرطاً للبحث عن حل يوقف الحرب. وقد باشر العمل في هذا الاتجاه المبعوث الاممي ستيفان دو ميستورا بالتنسيق والتفاهم مع روسيا وايران وعدم ممانعة أميركية. ذلك ان التوصل الى حل للأزمة السورية هو السبيل الى جعل الرئيس الاسد يتنحى عن السلطة وليس العكس لئلا يكون الفراغ بعد التخلي ولا حل بديلاً يسده سبباً لمزيد من الفوضى وإشعالاً للفتنة. لذلك باشر دو ميستورا البحث أولا عن حل للأزمة السورية، حتى إذا ما تمّ التوصل اليه بموافقة كل القوى السياسية الاساسية في سوريا فإن هذا الحل يكون هو البديل من تخلي الرئيس الأسد عن السلطة، لا ان يكون تخليه اولا هو المدخل للبحث عن هذا الحل الذي قد يطول التوصل الى اتفاق عليه، فتصبح الفوضى العارمة هي البديل.
اما التوصل الى اتفاق حول الملف النووي الايراني فإنه يفتح الباب للدخول في مفاوضات جدية وسريعة حول تحقيق السلام الشامل في المنطقة ويكون سلاماً عادلاً وشاملاً يجعل إسرائيل دولة من المنطقة ولا يبقيها كما هي الآن دولة في المنطقة محاطة بدول عدوة. وعندما ترتاح اسرائيل من همّ الملف النووي الايراني ولا تبقى قلقة كما هي الآن، فإن التوصل الى تحقيق السلام الشامل يصبح قريب المنال. كما ان الدول العربية ولاسيما منها دول الخليج، لا تعود تشعر بالقلق من حصول ايران على السلاح النووي كونه يخل بالتوازن، ولا تمانع في ان يكون البديل من هذا السلاح نفوذا لإيران في بعض دول المنطقة ضماناً لمصالحها، ولا تعود إيران عندما تحصل على هذا النفوذ في حاجة الى التدخل عسكرياً أو سياسياً في شؤون دول المنطقة. فكما ان تخلي سوريا عن سلاحها الكيميائي جنّبها الضربة العسكرية ولم يعد تنحي الأسد شرطاً للدخول في البحث عن حل لأزمتها، فإن التوصل الى اتفاق يجعل ايران تتخلى عن سلاحها النووي من شأنه ان يبعد خطر الضربة العسكرية لإيران، لا بل خطر حرب في المنطقة، ويزيل قلق العرب واسرائيل من اقتناء ايران هذا السلاح. وكما ان الحل في العراق وحّد القوى الأساسية فيه لمواجهة تنظيم “داعش”، فإن الحل في سوريا قد يؤدي الى ذلك ايضا، وهو ما جعل دو ميستورا يرى ان التصدي للارهاب يتطلب تعاونا بين الموالين والمعارضين في سوريا بحيث يسير الحل في سوريا على خط واحد مع الحل لملف السلاح النووي الايراني، وهو حل تحاول روسيا رعايته بدعوة المعارضة والموالاة في سوريا الى عقد اجتماع في موسكو. وقد يساعد على نجاح مسعى روسيا مدى تأثيرها على أهل النظام في سوريا وضعف المعارضة للنظام بسبب انقسامها وتشتتها وعدم مدّها بالسلاح المطلوب ولا بالمال الكافي. فإذا نجحت روسيا في سعيها فإن حكومة وحدة وطنية يتم تشكيلها في سوريا تتولى التصدي بقوة للتنظيمات الارهابية وتكون هي البديل من الأسد.
الى ذلك، يمكن القول إن المفاوضات حول الملف النووي الايراني هي التي ترسم بنتائجها صورة الوضع في المنطقة، فإما انفراج وإما انفجار.
النهار
لا اشتداد للأزمات بعد التمديد النووي وملفّات المنطقة لم تُطرح في المفاوضات/ روزانا بومنصف
على رغم ان الاوهام لم تكن كبيرة حول الانتقال فورا بعد المفاوضات حول الملف النووي الايراني بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا وايران الى ملفات المنطقة حيث لإيران اوراق قوية في كل من العراق وسوريا في شكل خاص نظرا الى رفض متبادل اميركي – ايراني بوضع اي من هذه الملفات على طاولة البحث في موازاة التفاوض على النووي فيما لو ادت هذه المفاوضات الى نتيجة، فان تمديد هذه المفاوضات سبعة اشهر اضافية رسم علامات استفهام حول مآل الازمات المتفاقمة على وهج النووي الايراني. فعلامات الاستفهام ليست حول ارجاء ضمني مواز لفتح ملفات المنطقة ابتداء من سوريا مع ان الازمة السورية ليست موضوعة على سكة الحل في اي حال فحسب بل ايضا حول مخاوف من استمرار تفاقم الكباش الاقليمي. هذا ما يعتقده البعض على وقع الاعتقاد ان اشتداد وطأة الخلافات في المنطقة وتوسعها ارتكز في جزء كبير منه على واقع سعي ايران الى مقايضة التنازلات التي يمكن ان تقدمها في الملف النووي بالنفوذ الاقليمي الواسع الذي تسعى الى الحصول عليه وتثبيته، وان هناك ما يمكن ان تسعى اليه على صعيد مزيد من تأزيم الوضع في المنطقة من اجل تقوية موقعها التفاوضي. فعلى الاقل وبالاستناد الى الرسالة التي كشفت ان الرئيس الاميركي باراك اوباما ارسلها اخيرا الى مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي والتي ربط فيها اي تعاون في ما خص تنظيم الدولة الاسلامية بالتوصل الى اتفاق نووي شامل، فان تمديد المفاوضات يعني من حيث المبدأ تأجيل هذا التعاون. كما انه من غير المحتمل ان يحصل اي تعاون بالنسبة الى الاقرار بدور لإيران بالمساعدة في الحل في سوريا في الوقت الذي تبرز انتقادات اكثر فاكثر للرئيس الاميركي على سياسته ازاء توجيه ضربات عسكرية لتنظيم الدولة الاسلامية وتقديم خدمات مجانية لايران في كل من العراق وسوريا على هذا الصعيد، كما تقديم خدمات للنظام السوري على خلفية مساعي واشنطن الى عدم استفزاز ايران بغية التوصل الى انجاز في الملف النووي.
الا ان هذا الرأي يجد له موقفا قويا مناقضا اي ان توقع مزيد من التأزيم على وقع تمديد مفاوضات النووي ليس في محله على الاطلاق على رغم ما توحي به الامور. ويبني هذا الرأي اثباتاته انطلاقا من معطيات ومعلومات توافرت من مشاركين ديبلوماسيين رفيعي المستوى واساسيين في المفاوضات التي جرت تفيد اولا بان اي موضوع خارج النووي الايراني والعقوبات لم يكن على اي مستوى من البحث في اي مرحلة من المراحل. ما يعني ان المنطقة وملفاتها لم تكن على جدول البحث اطلاقا. يضاف الى ذلك ان ايران تستند في مقاربة تدخلها او توسعها في دول المنطقة على قاعدة ان لا سياسة اميركية واضحة بالنسبة الى دولها بحيث تهدد النفوذ الايراني ان في العراق او سوريا او اي مكان آخر وليس هناك ما يتهدد هذا النفوذ الايراني بحيث يمكن الاعتبار ان ايران مرتاحة الى وضعها على رغم الاحتكاكات القائمة بينها وبين المملكة العربية السعودية ودول الخليج في الدول المذكورة. فهناك تلاقي مصالح بين الولايات المتحدة في العراق حيث تستمر ايران في تنفيذ مصالحها كاملة، ولو حصل تغيير في الحكومة واستبدل نوري المالكي بحيدر العبادي، من دون ازعاج حقيقي من جانب الولايات المتحدة في الوقت الذي تستمر ايران في دعم بشار الاسد. ومن غير المتوقع ان تبدل هذه الاخيرة سياستها خصوصا في الوقت الذي يواجه الرئيس اوباما مزيدا من التخبط ازاء سياسته السورية ما ادى الى استقالة وزير الدفاع تشاك هاغل الذي قدمت رسالته الاعتراضية الى مستشارة الامن القومي سوزان رايس على مقاربة البيت الابيض للوضع في سوريا وخدمته النظام السوري كأحد ابرز اسباب دفعه الى الاستقالة. وهو ما يفيد وفق اصحاب هذه المعطيات بان لا حاجة الى توقع اشتداد الازمات في المنطقة على وقع التمديد للنووي الايراني بل بقاء الامور على حالها. يضاف الى ذلك امران احدهما هو واقع ان تمديد المفاوضات بين الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران كان امرا متوقعا على رغم كل المعطيات المخالفة نتيجة جملة عوامل من بينها تعثر المفاوضات في الاساس والتي في جوهر تعثرها التخبط الاميركي المعروف والذي شكلت استقالة هاغل ابرز مؤشراته علما ان وضع وزير الخارجية جون كيري قد لا يكون مريحا ايضا اضافة الى التصلب الفرنسي المستند الى الموقف السعودي ايضا في هذا الاطار. ويندرج من ضمن التعثر نفسه المزايدات الايرانية على رغم رغبة الايرانيين القوية في رفع العقوبات عن ايران الا ان المزايدات كبيرة جدا على غرار ما حدث مع سعيد جليلي في مفاوضات ايران حول النووي قبل اعوام. اما الامر الآخر الذي يستبعد مزيدا من التأزيم فهو مبني على معطى انه من غير المحتمل ان تعمد ايران وليس من مصلحتها الذهاب الى مزيد من الخربطة في المنطقة بخلفية تعزيز اوراقها التفاوضية في الملف النووي خلال الفترة المقبلة كمن ينتقم من تمديد المفاوضات ويعود ذلك لاعتبارات عدة من بينها ايضا عدم امكان ايران ابتزاز الولايات المتحدة في شأن دول المنطقة في الوقت الذي لا استراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة ولا تبدي اهتماما كبيرا بها خارج مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية واستقرار اسرائيل.
النهار
فرصة للتفاوض والقوة الناعمة/ وليد شقير
لم يمض بضع ساعات على ارفضاض اجتماع فيينا بين دول 5+1 مع المفاوض الإيراني، حتى عُقد اجتماع آخر في العاصمة النمسوية للدول المصدرة للنفط «أوبك»، من أجل بحث رفع عدد من الدول النفطية إنتاجها من الذهب الأسود، لا سيما الدول الخليجية مدعومة من أميركا وانعكاسه انخفاضاً حاداً في أسعاره، في مقابل اقتراح «المحور» الآخر المتمثل بروسيا وإيران وفنزويلا، خفض هذا الإنتاج.
قد لا يرى البعض علاقة بين الاجتماعين سوى أن عنوانهما هو الطاقة، الأول للنووية منها والثاني للنفطية، إلا أن العلاقة سياسية من الدرجة الأولى.
يختزل التفاوض خلال الاجتماعين الكثير مما يدور على المسرحين الدولي والإقليمي ويتصل بسياسات الدول المؤثرة في العديد من ميادين الصراع بين المحورين، من أوكرانيا مروراً بأفغانستان وصولاً الى العراق وسورية… إلخ.
لم يعد سراً أن أحد أوجه انخفاض أسعار النفط بفعل رفع الإنتاج بات وسيلة ضغط على روسيا وإيران والدول في الصراع المفتوح على هذه الأزمات الإقليمية، فهو انخفاض يؤثر في اقتصاديات عدد من الدول، فضلاً عن أنه عامل ضغط يضاف الى العقوبات الغربية على موسكو، وعلى طهران.
كثر تساءلوا عن مغزى تمديد التفاوض على الملف النووي الإيراني 7 أشهر، وليس أقل أو أكثر. وبعيداً من «نظرية المؤامرة»، لا بد من تسجيل حرص فريقي التفاوض على استمرار مسار التفاوض بدل المواجهة على النووي. فاحتمال المواجهة، العسكرية والأمنية، بات من الماضي، في قاموس الفريقين، بين «الشيطان الأكبر» و «محور الشر». وهذا ما يفسر تصريحات جون كيري، والرئيس حسن روحاني، بأن حصول تقدم كبير في المفاوضات هو الذي أوجب تمديدها. إلا أنه لا بد من الملاحظة أيضاً أن الخلاف بين الدول الكبرى وإيران، على حجم رفع العقوبات عنها والإفراج عن أرصدتها المالية يتصل بالشق الذي يفترض أن يتبع أي اتفاق معها يكرّس سلمية برنامجها النووي، أي الوضع الإقليمي والحدود التي يتوجب رسمها لانفلاش نفوذها. فمن وجهة النظر الغربية، والعربية، يتعيّن ألا تستفيد طهران من ذلك في شكل يريح اقتصادها المأزوم، ويدفعها الى التشدد باعتبار حدود انفلاشها الإقليمي طبيعية ومكاسب لا رد لها، في وقت يعتبر الغرب ومعظم الدول العربية أنها تجاوز للحدود.
الأشهر السبعة فسحة لكل الفرقاء من أجل محاولة تحسين المواقع أو الثبات عليها، ومواجهة الضغوط المتبادلة واستيعاب نتائجها واحتوائها، كل على طريقته. هي تمديد للتفاوض، وفي الوقت ذاته لتبادل الضربات والحروب بالواسطة، حيث أمكن… مع الإبقاء على مظلة التفاوض. فرصة للمتشددين في واشنطن حيال طهران وسياسة باراك أوباما تجاه سورية… وفرصة لمتشددي طهران إزاء درجة الانفتاح على السياسة الأميركية ودرجة التنازلات الممكنة نووياً وإقليمياً. وإذا كان الحرص على إبقاء خيار التفاوض فرض الإفراج عن 5 بلايين دولار من أموالها (700 مليون كل شهر) لتقوية موقع روحاني في مواجهة المتشددين، فإن طهران ستسعى الى التعويض عن ضآلة هذا المبلغ في موازنتها للعام 2015، والتي تبلغ 300 بليون دولار (المعرضة لمزيد من العجز لأنها وضعت على أساس سعر برميل النفط بـ100 دولار بينما انخفض سعره الى ما دون 80 دولاراً)، بالتحايل على عقوبات التصدير عبر المبادلة مع الصين وروسيا ودول أخرى بالبضائع، وعبر شراء نفط العراق الذي تسيطر عليه «داعش» بأسعار بخسة لاستهلاكها الداخلي. فتقارير الـ «سي آي إيه» عن تحقيقات مع ضباط أسرى من «داعش» أفادت بأن التنظيم باع ويبيع النفط عبر تركيا لتجار إيرانيين في السوق السوداء.
وفي خلال الأشهر السبعة ستسعى موسكو الى الإفادة من فشل الاتفاق الذي كان يمكن أن يُضعف حضور إيران في الصراع الإقليمي الذي يعتمد عليه القيصر الروسي في تثبيت نفوذه الإقليمي، عبر اقتراح الحلول لسورية التي تثبِّت بشار الأسد في السلطة. وهي فرصة في المقابل لامتحان قدرة واشنطن على إحداث توازن على الأرض في بلاد الشام بين النظام والمعارضة المعتدلة، إذا مضى أوباما في وعده بتدريبها وتمكينها، تمهيداً للحل السياسي الذي يضمن مرحلة انتقالية بحكومة كاملة الصلاحيات…
الأشهر السبعة مهلة للجميع، لاختبار مدى نجاح الحرب على الإرهاب و «داعش» ولجدية اشتراكهم فيها، وهي فرصة للفريق العربي الشريك في رسم ملامح المرحلة المقبلة في المنطقة، كي يرتب أوضاعه مع ما تقتضيه هذه الشراكة.
تمديد التفاوض قد يشهد مزيجاً من الحوار والانفتاح واستخدام القوة الناعمة بموازاة إلحاح محاربة الإرهاب الذي فرض تمديداً للمهمات القتالية الأميركية في أفغانستان الى ما بعد التاريخ المفترض لانسحاب القوات الأميركية منها بعد أسابيع.
الحياة
السلحفاة النووية مكانك راوح؟/ راجح الخوري
حديث جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف عن التوصل الى “إنجاز جوهري” في فيينا، بعد ستة ايام من المفاوضات المضنية حول الملف النووي، مجرد محاولة لإضفاء ملامح ايجابية على نتيجة تندرج في خانة راوح مكانك، بمعنى انه ليس ممكناً الحديث عن فشل المفاوضات التي تجهد في مسيرة ماراتونية منذ عشرة اعوام، وليس متاحاً الحديث عن اتفاق او حتى الاقتراب من اتفاق، باستثناء تمديد فترة التفاوض سبعة اشهر جديدة!
المفاوضات من مسقط الى فيينا جرت استناداً الى “الاتفاق المرحلي” الذي كان قد وقّع في جنيف في النصف الثاني من تشرين الثاني العام الماضي، ومدد للمرة الأولى في تموز الماضي على أمل التوصل الى اتفاق نهائي كان يراد إنجازه في ٢٤ الشهر الجاري.
المفاوضات حصلت على تمديد جديد ينتهي في تموز من السنة المقبلة، ومن الواضح انه لم يكن مقبولاً الإعلان عن التمديد لو تم إعلان الفشل صراحة، ولهذا فإن الحديث الايراني – الاميركي عن الإنجازات كان ضرورياً لتبرير هذا التمديد!
الاشهر السبعة المقبلة لن توفّر فرصاً للنجاح اكثر من السابق، وخصوصاً بعد الانتخابات التي فرضت هيمنة مطلقة للجمهوريين على الكونغرس الاميركي، بما يعني ان باراك اوباما الذي يراهن على اتفاق مع ايران يمحو تاريخ فشله الكبير في السياسة الخارجية قد لا يحصل على هذه الفرصة اليتيمة!
مع انتهاء المفاوضات في فيينا الاثنين، دعا بعض اعضاء الكونغرس الى التصويت على عقوبات جديدة ضد طهران، التي تنوء تحت مروحة خانقة من عقوبات سابقة اميركية وأممية واوروبية، وذلك على خلفية انه “يفترض استعمال التمديد لتضييق الخناق على طهران”.
صحيح ان الكونغرس لا يستطيع ان يقيّد الرئيس ويمنعه من المضي نحو الاتفاق، وصحيح ايضاً انه لا يستطيع الانخراط في سياسة عضّ الأصابع مع كونغرس يضيّق عليه الخناق في آخر عهده، لذا لا يمكن الرهان على التوصل الى اتفاق في الأشهر المقبلة، ولن يكون مستغرباً ان تبقى طبخة البحص النووي على نار التخصيب الايراني الذي لم يتوقف يوماً كما قال ظريف، وهو ما يقرّب طهران من انتاج سلاح نووي ومن عدوان اسرائيلي ويدفع بدول المنطقة الى سباق نووي مفتوح.
الخلاف في فيينا راوح حول نقطتين محوريتين، أي “التلازم والتزامن”، فايران تريد ان ترفع كل العقوبات عنها بالتلازم مع توقيع الاتفاق، والدول الغربية تريد ان ترفع العقوبات تدريجاً بالتزامن مع تنفيذ طهران بنود الاتفاق وروزنامته، والخلاف الأعمق لا يتوقف عند نسب تخصيب الاورانيوم بل يتصل بالآليات المشترطة للرقابة الدولية المفاجئة والكيفية، ليس على المفاعلات النووية فحسب بل على معامل الصواريخ التي يمكن ان تحمل رؤوساً نووية… ومكانك راوح!
النهار