يوميات ثائرة حمصية،
كيف تعرف أن هذه المدينة منكوبة ؟
1-عندما تصل الى مشارف هذه المدينة وبدلاّ من التقدم يفاجئك رتلاّ طويلاّ من السيارات وتنتظر ليأتيك الدور لكي تنزل من السيارة وتفتش انت وسيارتك من قبل جنود الحواجز بكل دقة.
2-عندما تمشي في شوارع المدينة ترى السيارات تمشي في كل الاتجاهات بدون التوقف عند الاشارة الضوئية…..لا داعي لذلك..فالوضع استثنائي ويتطلب مواقف وتصرفات استثنائية مثل عدم التقيد باشارات المرور.
3-عندما تجيل بنظرك في الشوارع فانك ترى فعلاّ حاويات القمامة ولكن محاطة بقطر طوله 10 أمتار من القمامة المرمية على الأرض..وتشكر ربك أننا في قصل الشتاء والّا كانت الكوليرا ستفتك بنا قبل الجيش الأسدي.
4-صحيح أن المدينة ما زالت شبه مأهولة ولكن جميع المحلات التجارية مغلقة….فلا داعي لحركة البيع والشراء لأن الحالة المادية والنفسية للأهلالي لا تسمح أبداّ بمثل هذا الترف.
5-في حال تجولت في انحاء المدينة الساعة الثالثة بعد الظهر.. قد تصيبك الدهشة وتتساءل هل هذه المدينة هي مدينة أشباح؟ أم أنها مدينة مهجورة؟؟؟لأنك من المستحيل أن ترى أحداّ يمشي في الشارع بهذه الساعة المتاخرة!!!
6-أما في حال تجوالك في شوارع المدينة الساعة الثانية عشرة ظهراّ فسوف تسعد بمقابلة السكان وهم يشكلون طوابيراّ طويلة أمام محطات الوقود وبيدهم بيدونات المازوت. وتستطيع ان ترى بسهولة السعادة ترتسم على وجه المواطن الذي حقق انتصاراّكبيراّ واستطاع الحصول على 10 ليتر من المازوت مهما كان سعره غالياّ..فالأولاد صغار والبرد قارص!!!!
7-تتساءل عن سبب وجود الكثير من الأطفال في الشوارع صباحاّ حاملين ربطات الخبز ويسرعون فرحين الى منازلهم..وتتساءل هل العطلة الصيفية بدأت مبكراّ هذا العام؟؟ وتسأل أحد الأطفال ليجيبك :” لقد نجحنا كلنا وأصبحنا أبطال “.
8-عندما تجتاز اي شارع أو حيّ سكني أو تجاري سواء في مركز البلد أو في الضواحي يدهشك الكم الهائل من الحواجز والمتاريس والصادات الرملية والجنود المدججة بالأسلحة…كلا لا تخطىء أنت لست في ساحة حرب ولكن مدينتنا تعرضت للغزو من قبل العصابات المسلحة الفضائية.
9-لا تحاول أن تتساءل عن سبب اغلاق نوافذ و أباجورات المنازل كلها…فضوء النهار محظور على السكان لأنه ممزوج بالرصاص الطائش وشظايا الانفجارات.
10-في حال رأيت المشاة يحملون أكياساّ متشابهة فلا تظن أن المخازن التجارية قد وحّدت أشكال أكياسها في محاولة ذكية لتشجيع الوحدة الوطنية….ولكن السلع الوحيدة القابلة للشراء هي المواد الغذائية.
11-لا تحاول الدخول الى مؤسسة حكومية أو مصرف او حتى مركز لدفع فواتير الهواتف الخليوية…عبثاّ فهي فارغة..الموظفون كلهم في اجازاتهم السنوية الاجبارية. اذا أردت اتمام معاملة رسمية.. فلا داعي أن تتأمل بانهائها أو الحصول على أي توقيع او تصديق…فالحياة توقفت في المدينة حتى اشعار أخر.
12-اذا يأست من الحياة وحاولت الانتحار عن طريق التجوّل ليلاّ في الشوارع..لا تتفاجأ من الظلام الحالك وتفكر أنها حالة استثنائية لانقطاع التيار الكهربائي بالكامل… فوجود التيار الكهربائي أصبح هو الحالة الاستثنائية.
13-اذا أصابك الملل وقررت التنزه في بعض الأحياء فقد تتعرض للخطف من قبل بعض الأحزاب أو الطوائف الأخرى… لا تجزع فسوف يطلقون سراحك أجلاّ أم عاجلاّ مقايضة مع اطلاق سراح محتجزين اخرين من طائفة أخرى.
14-اذا اردت المبيت ليلة في المدينة فقد يسعفك الحظ بحضور حفلة من الألعاب النارية الانفجارية والمفرقعات الرصاصية…لا تخف فأهالي هذه المدينة يحبون المرح ويقدّرون الحياة الصاخبة.
15-في حال غلبك النعاس بالرغم من الحفلة الصاخبة الليلية التي تقام يومياّ ..فلا تفزع من أصوات التكبير التي تعلو في السماء لتغطي على أصوات الرصاص والانفجارات…فالأهالي يمارسون رياضتهم المعهودة والتفريغ عن طاقاتهم وغضبهم المكبوت.
16-وأخيراّ وليس أخراّ اليك بعض النصائح الضرورية في حال أردت البقاء لبرهة من الوقت في مدينتنا:
-لا تمرض…فالأطباء لا يستطيعون الوصول اليك وقد لا تجد الدواء اللازم…
-لا تشتكي من أي عطل يحدث في المنزل أو السيارة واصبر عليه مهما كان نوعه..فلا يوجد لدينا نجّار أو سبّاك أو حدّاد…..كلّهم أصبحوا شهداء…
-لا تسرف في احداث القمامة المنزلية…فلم يعد لدينا عمّال نظافة…لأنهم أصبجوا كلّهم شبيحة لأنها مهنة مربحة اكثر…
-لا تتجول في الشارع خلال أوقات الصلاة فالرصاص الطائش لن يرحمك…
-لا تمت…لأن جنازتك ودفنك يشكّلان معضلة في أوقات منع التجّول وقد يعرّضان عائلتك للاعتقال بتهمة الاخلال بالنظام والخيانة الوطنية….
-انه الظرف المناسب للصيام… فالطبخ مكروه والأكل مكروه… والماء والغاز بحسبان…..
-ابتسم فأنت في حمص…المدينة المنكوبة…. مدينة الألف والف بطل وبطلة….
-شارك في المظاهرات اليومية حسب البرنامج المنشور واهتف مع أحرار وحرائر حمص..:
جنّة ….جنّة…..جنّة….والله جنّة يا وطننا…..