أحداث الأربعاء 02 أيار 2018
واشنطن تعِدّ لحماية حدود الجوار السوري وتنتظر «مساهمة أكبر» للحلفاء والشركاء
موسكو – سامر إلياس
في مؤشر إلى اشتداد التنافس على شرق الفرات، أكدت واشنطن أنها تسعى إلى «مساهمة أكبر من الحلفاء» في الحرب لإنهاء تنظيم «داعش» شمال سورية وشرقها، وذلك بعد ساعات قليلة من إطلاق «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) المرحلة الأخيرة من عملية «عاصفة الجزيرة» ضد التنظيم شرق الفرات. وأظهرت «قسد» انفتاحاً على انتشار قوات عربية في المناطق المحررة، بعدما أعلنت أن الولايات المتحدة وفرنسا دشنتا قاعدة جديدة في مدينة منبج (شمال سورية)، في خطوة تثير اعتراضات تركية.
وأطلقت «قسد» صباح أمس «المرحلة النهائية من حربها للقضاء على داعش، وتأمين الحدود مع العراق بدعم من التحالف الدولي» بقيادة أميركا، التي سارعت وزارة خارجيتها إلى التأكيد في بيان مقتضب أن «الولايات المتحدة ستعمل، مع تركيا وإسرائيل والأردن والعراق ولبنان، لتأمين حدودها من داعش، وستسعى إلى المزيد من المساهمات من الشركاء والحلفاء في المنطقة من أجل إرساء الاستقرار في المناطق المحررة».
يأتي ذلك غداة تأكيد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن بلاده «لا تريد مجرد الانسحاب، قبل أن يظفر الديبلوماسيون بالسلام».
وأكد مجلس منبج العسكري لـ «الحياة» أن التحالف الدولي أنشأ قاعدة جديدة شمال منبج»، في إطار «واجبه الأخلاقي والسياسي». وشدد الناطق باسم المجلس على أن «الكرد مع وحدة سورية شعباً وأرضاً في ظل سورية ديموقراطية»، رافضاً محاولات الروس «إعادة تأهيل النظام السوري»، فيما قال الرئيس المشترك لـ «مجلس سورية الديموقراطي» رياض درار إن المجلس «لا يمانع في نشر قوات عربية في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد» شمال سورية وشرقها.
وأعرب الناطق باسم «قسد» حورو كينو عن أمله بـ «عدم حصول تجاوزات من النظام السوري تُعطل العملية التي أطلقتها القوات للقضاء على بقايا داعش»، لافتاً في اتصال أجرته معه «الحياة»، إلى «قنوات اتصال بين الروس والأميركان لعدم حصول تضارب». وكشف أن «العملية تهدف إلى اجتثاث داعش من المناطق الحدودية مع العراق على جبهة طولها 150 كيلومتراً من جنوب الحسكة إلى شمال دير الزور، إضافة إلى بعض القرى في الضفة الشمالية لنهر الفرات قرب البوكمال جنوب دير الزور»، مؤكداً أن «العملية تتم بتنسيق كامل مع الجانب الأميركي، وبمشاركة قوات برية وجوية ودعم مدفعي».
وكان قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد أبو خولة كشف في وقت سابق عن وجود «غرفة عمليات مشتركة مع القوات العراقية»، موضحاً أن «قوات التحالف الدولي والقوات الفرنسية زادت عتادها أخيراً، وهي تساند قواتنا في المرحلة الأخيرة من الهجوم».
يأتي ذلك في وقت أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 23 مدنياً، بينهم 10 أطفال، إثر غارات على قرية تحت سيطرة «داعش» شمال شرقي سورية قرب الحدود مع العراق. ولم يتمكن المرصد من «تحديد إن كانت الطائرات التي نفذت الغارات تابعة للتحالف الدولي أم للقوات العراقية».
إلى ذلك، أكد الناطق باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش لـ «الحياة» أن «الجانب الأميركي وسّع، على وقع التهديدات التركية، العمليات نحو منبج، بزيادة عدد قواته وإنشاء قاعدة عسكرية جديدة شمال منبج، وتمّ تعزيز هذه القوات بقوات فرنسية تعمل تحت مظلة التحالف الدولي»، موضحاً أن «القوات الفرنسية والأميركية تسيّر دوريات على خط الجبهة الشمالية، وتؤمن الحماية الجوية لنا ومراقبة الأجواء». وأعرب عن أسفه لأن «سورية أصبحت مباحة، وكل طرف يحاول التمسك بما احتله أو زيادة المناطق التي يسيطر عليها»، مشدداً على «وحدة الأراضي السورية أرضاً وشعباً في إطار سورية ديموقراطية تعددية يعيش فيها جميع السوريين بحرية وكرامة».
في غضون ذلك، تواصل القصف العنيف على مخيم اليرموك والحجر الأسود، وسط أنباء عن عدم قدرة المدنيين المحاصرين في المخيم على دفن جثث القتلى منذ أيام. ونفت «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) تفاصيل الاتفاق على خروج 5 آلاف من المحاصرين في الفوعة وكفريا، وكامل المختطفين من اشتبرق، موضحة أن الاتفاق نص على خروج ألفٍ فقط من المحاصرين وإطلاق نصف المخطوفين.
روسيا تصر على تسليم ريف حمص الشمالي للنظام وترفض التهدئة
حمص: رفضت روسيا عرضاً قدمته فصائل المعارضة بالتهدئة في ريف حمص الشمالي المحاصر، وأمهلت المعارضة حتى الساعة 12 من ظهر الأربعاء (09.00 ت.غ) للموافقة على تسليم المنطقة للنظام السوري.
وأفادت مصادر مطلعة للأناضول أن مقترح المعارضة في اجتماعها الثلاثاء مع الجانب الروسي في الريف الشمالي لمحافظة حمص (وسط)، تضمن “وقف إطلاق النار، والسماح بدخول مؤسسات الدولة، وفتح الطريق الدولي الذي يمر بالمنطقة، وبقاء فصائل المعارضة دون تسليم سلاحها”.
إلا أن موسكو رفضت المقترح وأصرت على “بسط قوات النظام السيطرة على المنطقة بالكامل وتسليم المعارضة للسلاح الثقيل مقابل خروج من لا يرغب بالبقاء من مقاتلين ومدنيين”، بحسب المصادر ذاتها.
وأشارت المصادر إلى أن المقترح الروسي قوبل برفض كبير من قبل فصائل المعارضة، والمدنيين الذين خرجوا في مظاهرات ليلة الثلاثاء، رفضاُ لما وصفوه بالإملاءات الروسية، وتكرار سيناريو الغوطة الشرقية. (الأناضول)
المرصد: العراق ارتكب مجزرة مروعة في الحسكة… ومصادر تتهم التحالف الدولي
قاعدة عسكرية أمريكية – فرنسية جديدة في منبج شمالي سوريا… ومعركة جديدة للأكراد ضد تنظيم «الدولة»
دمشق ـ «القدس العربي» من هبة محمد: أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى إمكانية تورط العراق في القصف ومقتل المدنيين مما تسبب في مجزرة مروعة في ريف الحسكة، شمال شرقي سوريا، فيما اتهمت مصادر أخرى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بالقصف الذي راح ضحيته أكثر من ثلاثين مدنياً بينهم أطفال ونساء، بعد استهداف مقاتلات لمراكز وتجمعات مدنية تخضع لسيطرة تنظيم «الدولة» في ريف الحسكة. تزامناً كشف المتحدث باسم مجلس منبج العسكري، التابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، شرفان درويش، أن الولايات المتحدة وفرنسا تؤسسان لقاعدة عسكرية جديدة في مدينة منبج شمال شرقي محافظة حلب شمالي سوريا. بينما ذكر موقع «الخابور» المختص بأخبار المنطقة الشرقية، أن التحالف الدولي قصف فجر الثلاثاء، قرية «القصر» قرب بلدة تل الجاير، التابعة بدورها لمدينة الشدادي، والتي تخضع لسيطرة تنظيم «الدولة»، ما أدى لمقتل 30 مدنياً بينهم أطفال ونساء.
القصف استهدف بشكل مباشر تجمعات المدنيين، وفق المصدر، الذي تحدث عن قصف استهدف «محطة محروقات الشيخ، وهي أكبر تجمعات النازحين في المنطقة، وفيها نازحون من دير الزور والعراق»، ليتم دفن ضحايا غارات التحالف الدولي في مقبرة جماعية، مشيراً إلى أن أعداداً من الضحايا قد تشوهت بشكل كبير جراء الصواريخ المستخدمة.
من جهته نفى مركز الإعلام الأمني العراقي التابع لقيادة العمليات المشتركة، أمس، شن الطائرات الحربية العراقية ضربات جوية استهدفت عشرات المدنيين شمال شرقي سوريا. وأوضح الإعلام الأمني في بيان له اليوم أن «ما زعمه المرصد السوري لحقوق الإنسان عارٍ عن الصحة، ونجدد دعوتنا إلى كل المنظمات ووسائل الإعلام بضرورة توخي الدقة والحذر قبل نشر المعلومات».
وإلى الشرق من سوريا، أعلن «مجلس دير الزور العسكري» التابع لقوات سوريا الديمقراطية» عن بدء المرحلة النهائية من حملة «عاصفة الجزيرة» في ريف دير الزور ضد تنظيم «الدولة»، كما رحب بدعم القوات العراقية لمعاركه.
وأضاف المجلس في بيان له، أن المرحلة ستكون بمشاركة التحالف الدولي، مردفاً «خلال الأسابيع المقبلة، ستقوم قواتنا بتحرير هذه المناطق وتأمين الحدود العراقية السورية، وإنهاء وجود داعش شرق سوريا مرة واحدة وإلى الأبد».
من جهتها أكدت مصادر محلية في دير الزور، مقتل أربعة من عناصر قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بعد مهاجمة موقعهم جواً من قبل طائرات تنظيم الدولة المسيرة، في الريف الشمالي من دير الزور.
وفي الرقة شمال سوريا أكدت مصادر إعلامية في المعارضة السورية، قيام جهة مجهولة باغتيال القيادي العسكري في قوات سوريا الديمقراطية أحمد كوباني، في ظروف وصفت بـ «المجهولة».
وأشارت المصادر إلى إن القوات الكردية عثرت على جثة القيادي كوباني داخل سيارته، بالقرب من مدينة الطبقة غربي مدينة الرقة، دون أن تتبنى أي جهة عملية الاغتيال.
يذكر أن الرقة، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، تعيش أوضاعاً أمنية متدهورة. وفي مدينة رأس العين، التابعة لمحافظة الحسكة، انشق القيادي البارز في حزب الاتحاد الديمقراطي «شيار»، بمساعدة من قوات حرس الحدود التركي. وأشار موقع «الخابور»، إلى إن حرس الحدود التركي أمن عملية الانشقاق، وقام بنقل القيادي من الحدود إلى الداخل التركي بعد وصوله.
استمرار المعارك بين النظام وتنظيم «الدولة» في «اليرموك» جنوبي دمشق
وسط ظروف إنسانية بالغة السوء وحصار مئات المدنيين في المخيم
دمشق – «القدس العربي»: في الوقت الذي يجري فيه إخراج مقاتلي هيئة تحرير الشام «النصرة» من حي الريجة غربي مخيم اليرموك، يواصل النظام السوري حملته العسكرية ضد تنظيم الدولة الذي يسيطر على القسم الأكبر من مخيم اللاجئين الفلسطينيين إضافة إلى أجزاء من حي التضامن والقدم والعسالي، جنوبي العاصمة دمشق، مستخدماً صنوف الأسلحة كافة بدعم جوي روسي.
مصادر إعلامية موالية قالت ان قوات النظام تقدمت على حساب تنظيم الدولة مشيرة إلى ان الأخيرة بمساندة الميليشيات الرديفة لها «تواصل عملياتها العسكرية جنوبي دمشق وتحكم سيطرتها على عدد من المزارع غربي الحجر الأسود لتصبح القوات على تماس مع مسلحي داعش في «حارة الشراكس – منطقة الأعلاف – مدرسة الحرية» بعد مواجهات مع مسلحي التنظيم في المنطقة».
وذكر المصدر ان سلاح الجو التابع للنظامين السوري والروسي شن غارات مكثفة «ضد تحصينات التنظيمات الإرهابية في منطقة الحجر الأسود جنوب دمشق، حيث واصلت وحدات الاقتحام تقدمها على محاور عدة في منطقة الحجر الأسود جنوب دمشق خلال عملياتها على أوكار وتجمعات الإرهابيين بالتوازي مع غارات لسلاح الجو على تحصيناتهم ومحاور تسللهم ما أدى إلى تكبيدهم خسائر بالأفراد والعتاد».
مصادر أهلية من ريف دمشق الجنوبي قالت لـ «القدس العربي» ان المقاتلات الحربية شنت غارات جوية مكثفة على أحياء التضامن ومخيم اليرموك والحجر الأسود، تزامنًا مع قصف مدفعي وصاروخي استهدف المنطقة، كما استهدفت القوات المهاجمة مخيم اليرموك والأحياء المحيطة به بكاسحة ألغام، وذلك في اطار الحملة التي يشنها النظام على احياء ريف دمشق الجنوبي لليوم الثالث عشر على التوالي.
وحسب تقرير موحد لناشطي ريف دمشق الجنوبي، بلغ عدد الغارات الجوية التي شنها الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 80 غارة جوية، كما بلغ عدد البراميل المتفجرة 60 برميلاً ألقاها الطيران المروحي على المنطقة. وسجل سقوط 35 صاروخ أرض أرض من طراز فيل وصواريخ راجمة بالإضافة إلى أكثر من 100 قذيفة صاروخية.
إنسانياً، يعيش نحو 1000 مدني محاصر في الاحياء الجنوبية، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين وضعاً إنسانياً بالغ السوء، مع محاصرتهم من قبل تنظيم الدولة وقوات النظام السوري والميليشيات الرديفة له.
وقال الناشط الإعلامي عز الدين الدمشقي ان قصف النظام تركز على ثلاثة أحياء متبقية، وسط انعدام أدنى مقومات الحياة في جميع الأحياء التي تتعرض للقصف المتواصل، حيث تزداد أوضاع المحاصرين سوءاً.
وكان عزل النظام السوري بلدات يلدا – ببيلا – بيت سحم، تماماً عن احياء التضامن ومخيم اليرموك والحجر الأسود، حيث تسلمت قوات النظام كامل نقاط التماس بين فصائل المعارضة وتنظيم الدولة، كخطوة أولية لتنفيذ لاتفاق المبرم بين الطرفين، الذي يقضي بتسليم البلدات للنظام السوري مقابل اجلاء مقاتلي «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» إلى مناطق سيطرة المعارضة في جرابلس وإدلب، شمالي سوريا.
كما دخل وفد روسي عبر معبر ببيلا لتسلم البلدات وتفقد خطوط التماس مع تنظيم الدولة، وفق بنود الاتفاق مع الجانب الروسـي.
كيف استخدمت «تحرير الشام» سكان كفريا والفوعة الشيعة «رهائن» وعجزت عن نبل والزهراء؟
وائل عصام
إنطاكيا – «القدس العربي» : أعاد الاتفاق الأخير لإخلاء مقاتلي تحرير الشام من جيبهم المحاصر في مخيم اليرموك، إلى الاذهان صفقة «البلدات الاربع» الشهيرة بين تحرير الشام والنظام، والتي انجزت العام الماضي، للسماح بخروج مقاتلي الزبداني ومضايا، مقابل اطلاق آلاف المدنيين الشيعة المحاصرين في بلدتي كفريا والفوعا، وشروط اخرى، خاصة ان الاتفاق الأخير في اليرموك، تم أيضاً مقابل السماح بخروج نحو ألف مدني من كفريا والفوعة.
فقد تحولت البلدتان الشيعيتان، إلى ما يشبه «الرهينة الكنز» ، الذي تقوم «تحرير الشام» باستخدامهم للتفاوض كلما أرادت انقاذ عناصرها المحاصرين في مدينة ما بسوريا، والحصول على هدنة من القصف في إدلب، بل ان تحرير الشام كانت تحرص على إدخال المعونات الغذائية والطبية لسكان البلدتين المحاصرتين، للحفاظ عليهم، طمعاً في رعاية هذا «الاستثمار» حسب وصف احد قادة تحرير الشام الذين تحدثت لهم «القدس العربي».
ويقول القيادي في تحرير الشام، المطلع على صفقة اليرموك الأخيرة، ان الهيئة تعرف ان «رهائن كفريا والفوعة»، هم نقطة ضعف لدى النظام السوري، لأنهم يحظون باهتمام كبير من إيران كونهم من الشيعة، واضاف القيادي لـ «القدس العربي»: «لهذا لم نقبل باطلاق كل السكان في كفريا والفوعة، بل نطلق عدداً محدوداً في كل مرة، لنبقي عدداً آخر منهم لصفقة تبادل قادمة».
ويتطابق هذا التصريح مع ما اعلنته تحرير الشام، في بيانها الذي اصدرته عن التسوية في اليرموك، حيث قال البيان انه بعد تنفيذ التـبادل، سـيتبقى ستة آلاف آخرون وستـعمل الهـيئة للمسـاومة عليـهم في صـفقات قـادمة.
ولعل هذا ما أقلق سكان بلدتي كفريا والفوعة، وادى إلى الاشكالية التي وقعت من قبل مقاتلي البلدتين، خلال تنفيذ هذه الصفقة، اذ رفضوا اخلاء الالف مدني بضمنهم الجرحى، وطالبوا بالخروج جميعاً من الحصار المفروض عليهم في ادلب، ولم يعرف حتى ساعة كتابة هذا التقرير ان كان النظام قد قام بحل هذا الاشكال واجبرهم على الالتزام بالصيغة التي تمت، خصوصا ان مقاتلي هيئة تحرير الشام وصلوا بالفعل إلى بلدة العيس في ريف حلب الجنوبي.
ويطرح البعض تساؤلات عن السبب الذي أمكن فيه لتحرير الشام، «النصرة» سابقًا، التحكم بمصير البلدتين في ادلب، وعجزها عن تكرار الأمر ذاته مع بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، اللتين كانت تحاصرهما ايضاً في ريف حلب الشمالي مع مجموعة من الفصائل المعارضة المحلية، ويعود ذلك إلى ان الحصار على بلدتي نبل والزهراء لم يكن مكتملاً، اذ ظلت القرى الكردية المجاورة للبلدتين، تمدهما بالمعونات المادية والغذائية، كما ان النظام كان ينجح في إنزال مروحيات عسكرية تحمل مؤناً وأسلحة، إلى البلدتين، ولم يكن من الممكن اسقاط المروحيات رغم محاولات الفصائل المتكررة، وقد تحدثت «القدس العربي» حينها، إلى احد مشايخ ووجهاء بلدة الفوعة وهو السيد علي الزم، الذي كان يشكو من اصابة وجرح مدنيين جراء الاستهداف المتكرر بالقذائف من قبل الفصائل المعارضة، اضافة إلى خطف العشرات من ابناء البلدتين الشيعة في محاولة لاجراء عمليات تبادل للمعتقلين الثوار بسجون النظام، إلى ان نجح النظام بفك الحصار على البلدتين بعد عملية التفاف طويلة، من جنوب حلب إلى شمالها، حيث تمكنت قواته من فك الحصار عن سجن حلب المركزي، ثم قطع طريق حلب الشمالي»الكاستيلو» وصولاً إلى البلدتين المذكورتين.
ويثير الكثير من النشطاء أسئلة حول عدم اقتحام هيئة تحرير الشام، لبلدتي كفريا والفوعة، ويعود القيادي في تحرير الشام للإجابة على هذا السؤال قائلاً «لقد حاولنا ذلك مرارا، ولكن النظام يساند المقاتلين بالقصف ضد عناصرنا، كما ان البلدتين ليستا بهذه الأهمية من ناحية الموقع الاستراتيجي للتضحية بعدد كبير من القتلى بصفوفنا مقابل السيطرة عليهما، فاستخدام أبنائهما كرهائن افضل من اقتحامهما».
وسبق لـ «جبهة النصرة»، ان حاولت اقتحام بلدتي نبل والزهراء كذلك، بعدة هجمات عنيفة، لكنها اصطدمت بشدة مقاومة المقاتلين المتحصنين دفاعاً عن بيوتهم، كما تكرر الأمر ذاته في كفريا والفوعة، وسبق ان فشل تنظيم الدولة وكذلك في اقتحام مواقع عدة للنظام رغم حصارها لأشهر، كمطار كويريس والمواقع العسكرية في دير الزور.
ريف حمص الشمالي: المدنيون يرفضون التهجير
عمار الحلبي
خرج سكّان ريف حمص الشمالي في تظاهراتٍ، رفضاً لسياسة التهجير القسري، التي يسعى النظام السوري وروسيا إلى تنفيذها هناك، على غرار ما حدث في مناطق سورية عدّة.
وذكر “مركز حمص الإعلامي”، اليوم الأربعاء، أنّ “التظاهرات خرجت في معظم أنحاء ريف حمص الشمال، ترفض عرضاً روسياً بتهجيرٍ قسري، وتؤكّد على استمرار الثورة السورية والصمود في المنطقة”.
وطالب المتظاهرون برفض المطالب الروسية، والبقاء في الريف، داعين المنظمات الدولية إلى تحقيق العدالة بحق الأطفال والمدنيين.
وكان عدد من فصائل المعارضة السورية، منها “الفيلق الرابع” و”كتائب مدينة تلدو”، قد رفضت، أمس الثلاثاء، الشروط الروسية التي وضعتها لوقف إطلاق النار في ريف حمص الشمالي.
ووصفت الفصائل، الشروط الروسية، في بيان، بأنّها “مذلة للشعب السوري، في ريف حمص الشمالي”.
وكان الجانب الروسي الذي يقوم بعملية المفاوضات مع فصائل ريف حمص الشمالي، قد قدّم عرضاً يتضمّن شروطا عدّة لوقف العمليات العسكرية على ريف حمص الشمالي.
وجاء في عروضه: “فتح استراد حمص حماة، وتسليم السلاح الثقيل. وبالنسبة للشباب المطلوبين للجيش تأجيلهم ستة أشهر، ومن ثم الالتحاق بجيش النظام، أما المطلوبون للاحتياط فتتم تسوية أوضاعهم والالتحاق بالجيش”.
وأضاف العرض الروسي، أنه “سيتم إدخال الشرطة العسكرية الروسية وشرطة من النظام ولجنة رباعية للعمل على تسوية أوضاع من سيبقى، فيما سيخرج من يريد الخروج خلال مهلة مدّتها ثلاثة أيام، عن طريق حافلات نقل داخلي إلى الشمال السوري وبسلاحه الفردي فقط”.
كما طرح الجانب الروسي، تسليمهم قائمة بالمعتقلين. وفي تاريخ 15 مايو/أيار الحالي، سيتم إجراء اجتماع برعاية أممية من أجل هذا البند.
الجنوب الدمشقي: حان موعد التهجير القسري
مطر اسماعيل
يستعد الآلاف من الثوار والأهالي المُحاصرين جنوبي العاصمة دمشق، لركوب حافلات التهجير القسري، خلال اليومين المقبلين، بعد اتفاق عُقد في 29 نيسان/إبريل، بين “لجنة التفاوض” الممثلة لفصائل “جيش الإسلام” و”جيش الأبابيل” و”لواء شام الرسول” و”حركة أحرار الشام الإسلامية” و”فرقة دمشق”، مع نظام الأسد، برعاية روسية، ويقضي بخروج رافضي “المصالحة الوطنية” من مقاتلين ومدنيين باتجاه الشمال والجنوب السوري. ويتوقع انطلاق أول قافلة من المُهجّرين قسرياً، الخميس، وسط عمل آليات محافظة دمشق على إزالة الركام من دوار الجمل في بيت سحم وصولاً إلى طريق مطار دمشق الدولي، تجهيزاً لدخول أولى الحافلات.
وحالت عراقيل ميدانية وأخرى متعلّقة بالجانب الروسي، دون بدء عملية التهجير الثلاثاء، كما كان مخططاً له. كما أن استهداف المليشيات الشيعية المتمركزة في حي الأندلس شمالي بلدة بيت سحم، والملاصق لطريق مطار دمشق الدولي، للآليات التابعة لمحافظة دمشق التي تعمل على إزالة الركام وتنظيف الطريق لخروج الحافلات، بالأسلحة الخفيفة، صباح الإثنين، كشف عن وجود مشاكل داخلية في حلف النظام. ويبدو ذلك مرتبطاً بالتنغيص الإيراني، في محاولة لتحصيل مكتسبات من اتفاق فصائل الثوار والجاب الروسي، وقد يكون باتجاه السعي لإخراج قسم من محاصري كفريا والفوعة الشيعيتين في إدلب. آليات المحافظة عاودت صباح الأربعاء العمل على تجريف وتنظيف الطرقات التي ستستخدمها حافلات التهجير القسري.
العدد الكلّي للراغبين بالخروج من المنطقة، بلغ 17 ألف شخص، بحسب القوائم المسجّلة، إلا أن الرّقم غير نهائي، بسبب تخبط مئات الشبان من أبناء بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، وعدم اتخاذهم قراراً حاسماً بالخروج أو البقاء، مع رجحان كفّة البقاء، لأسباب منها الخوف من المصير المجهول في الشمال السوري، والمصاعب المادية الكبيرة التي قد تواجه المهجّرين، وعدم تقبّل فكرة الخروج من بيوتهم وأرضهم إلى الخيم ومراكز الإيواء، إضافة الى الرغبة باستنفاذ مهلة الشهور الستة الممنوحة ضمن الاتفاق، قبل البحث عن حل نهائي. وهذا لا يلغي رغبة البعض بالعودة إلى كنف النظام والقتال ضمن صفوفه، كما شهدت مناطق “المصالحات” جميعها.
وقد يكون أحد أهم العوامل هو الدور الأبوي الذي يمارسه شيوخ الدين والوجهاء في البلدات الثلاث، الذين قرّروا البقاء في المنطقة، ودعوتهم الشبان للبقاء، مع وعود بتحصيل امتيازات إضافية على الاتفاق، من خلال علاقتهم الطويلة مع “فرع الدوريات” التابع لـ”شعبة الأمن العسكري”، المسؤول عن ملف المنطقة. هذا، عدا عن الرغبة في البقاء ككتلة واحدة قوية وكبيرة، ما قد يعقّد على النظام إمكانية اختراقها وإضعافها، ومن ثم دفع هذا العقد للانفراط، ما يقلّل من خياراتها الجماعية على حساب البحث عن بدائل شخصية لأفرادها. ويؤخذ بالحسبان العامل الطائفي في المعادلة، حيث تجاور البلدات الثلاث “السنية”، مدينة السيدة زينب معقل المليشيات الشيعية في سوريا، وبالتالي تطفو على السطح فكرة الحفاظ على سنيّة المنطقة، مقابل موجات التشيّع، ومشروع “ضاحية دمشق الجنوبية”، والتخوّف من تمدّد التأثير الشيعي من السيدة زينب إلى محيطها، ما يستدعي ضرورة الوجود السني الفاعل نسبياً، للحد من ظاهرة التشيّع المحتملة، والتي قد تحتاج سنين طويلة.
وتشكّل كتلة أبناء الجولان وفلسطينيي مخيم اليرموك، وأبناء درعا وبقية المحافظات، النواة الرئيسية للمهجّرين قسرياً من جنوب دمشق، خاصّة بعد خسارتهم أحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن، منذ سيطرة تنظيم “داعش” عليها عام 2015، وصولاً إلى انحسار فكرة العودة لتلك الأحياء، بعد العملية العسكرية الشاملة لنظام الأسد منذ 19 نيسان/أبريل. الحملة العسكرية لتدمير تلك المناطق هي استكمال لعملية تغيير ديموغرافي، وإعادة تخطيط عمراني جديد للمنطقة باسم “مدينة باسيليا”، في تلك المناطق المدمّرة بنسبة كبيرة جرّاء عمليات القصف المكثّف من قبل قوات النظام، لن يكون لأهلها أي وجود حقيقي فيها.
وكانت أولى خطوات تنفيذ اتفاق التهجير، قد طبّقت على الأرض، منذ الأحد/الإثنين، بتسليم فصائل المعارضة خط التماس في بلدة يلدا المحاذي لتنظيم “داعش” في مخيم اليرموك والتضامن والحجر الأسود، إلى قوات النظام. وانتشر عناصر النظام مع دباباتهم وآلياتهم الثقيلة، مع إمكانية تحرّك بخط عرضي مسافة 100 متر تقريباً.
وبانتظار حافلات التهجير، تسود حالة من القلق والترقّب في أوساط المنطقة، خاصّة لأولئك المتقلّبين بين البقاء والخروج، فيما تستمر العملية العسكرية لقوات النظام مدعوماً بحليفه الروسي لليوم الرابع عشر على التوالي، في أحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن، بعد تحقيق النظام لأول تقدّم حقيقي في المعركة بسيطرته على المادنية والعسالي في حي القدم، ووصوله إلى منطقة الأعلاف على مشارف حي الحجر الأسود من الجهة الغربية، خلال اليومين الماضيين.
التطورات العسكرية الأخيرة هي افتتاح لمرحلة جديدة من المعركة، بعد استعصاء طويل دام 12 يوماً، خسر النظام فيه قرابة 200 قتيل بينهم ضباط برتب عالية، وحوالي عشر آليات ثقيلة من دبابات وعربات “بي ام بي”، فيما خسر التنظيم قرابة 50 قتيلاً في ظل تكتّم كبير على أعداد قتلى ومصابي المعركة. وبالوصول إلى تخوم المعقل الرئيسي لـ”داعش” جنوبي دمشق، وبعد كسر خط الدفاع في محيط المنطقة، تتحوّل المعركة الآن إلى حرب شوارع في كتلة الجزيرة-الأعلاف في الحجر الأسود، والتي تحوّلت إلى خط تماس. ويُساعُدُ التنظيم نوعاً ما، كون مقاتليه من أبناء المنطقة، ما يعني زيادة شراسة عناصره في الدفاع عن المنطقة، مقابل تصاعد القصف، خاصّة وأن أحياء تلك المنطقتين مكونة من أبنية عالية من أربع طبقات فأكثر، على عكس أبنية العسالي والمادنية قليلة الطبقات.
قوات النظام سيطرت على منطقة الريجة ومحيطها بعد إجلاء مقاتلي “هيئة تحرير الشام” وعوائلهم باتجاه الشمال السوري، بموجب اتفاق قضى بالمقابل بإخلاء 1000 من أهالي كفريا–الفوعة والعشرات من أسرى قرية اشتبرق من الطائفة العلوية. ووصلت قوات النظام بسيطرتها على تلك المنطقة إلى وسط مخيم اليرموك من الجهة الغربية، حيث لا يزال يقطن 10 مدنيين من كبار السّن فضّلوا البقاء في المخيم على التهجير. اتفاق النظام و”الهيئة” ساعد قوات النظام على تحقيق خرق في جبهة المخيم من المحور الغربي، وقد يساهم في حال وصولها إلى شارع 15، وتقدّمها باتجاه حارات الجزيرة، في تحقيق سيناريو التقاء القوات من محور مخيم اليرموك شمالاً، ومحور الحجر الأسود غرباً، والاقتراب من تقطيع أوصال مناطق سيطرة “داعش” جنوبي دمشق.
حمص الشمالي: اقتربت ساعة الصفر
محمد أيوب
عُقدت جلسة المفاوضات الأصعب في ريف حمص الشمالي المُحاصر، الساعة الواحدة من بعد ظهر الثلاثاء، في معبر الدار الكبيرة بين الجانب الروسي و”هيئة التفاوض لريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي”، ودامت لأكثر من 5 ساعات، وانتهت من دون التوقيع على أي اتفاق ينهي ملف المنطقة كما كان متوقعاً. ونتج عن الجلسة تمديد الهدنة التي سبق وأعلن عنها الاثنين إلى ظهيرة الأربعاء. ويعتبر انتهاء مدة الهدنة هو انطلاق العمل بـ”التسوية” التي قدمها الجانب الروسي، أو بدء الحرب.
وكان مفترضاً أن تنقل “هيئة التفاوض”، الثلاثاء، رد المنطقة على المقترح الروسي بـ”التسوية” بدلاً عن الحرب. وبعد انتهاء جلسة الثلاثاء لم تُصدر “هيئة التفاوض” بياناً رسمياً لتوضيح مجريات الجلسة وما آلت إليه المفاوضات، ما أثار تساؤلات بين المدنيين عن مخرجاتها وعن مصير المنطقة. وحسب تسريبات حصلت عليها “المدن” من مصادر مقربة من “الهيئة”، فقد وضع الجانب الروسي رؤيته للحل، بتعنت شديد، مستخدماً التهديد. وتتضمن الرؤية الروسية بنوداً قاسية أهم ما فيها “تسليم السلاح الثقيل بشكل مباشر وقبل أي إجراء، على الطريق الدولي في مدينة تلبيسة”، و”المصالحة” مع منطقة الحولة مقابل كشف فصائل المعارضة هناك عن مصير 120 مفقوداً من مناطق النظام لديها، وفي حال عدم تبيان مصيرهم فلن تضمن روسيا سلامة المُهجّرين أثناء عملية الخروج. وكذلك الأمر بالنسبة لـ”هيئة تحرير الشام”، إذ طلب الجانب الروسي منها تبيان مصير 200 مفقود لديها.
وبحسب مصدر “المدن”، تتضمن هذه البنود التحاق الذكور من أبناء المنطقة، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 عام و42 عاماً بقوات النظام، بعد 6 شهور من تاريخ توقيع الاتفاق وبعد “تسوية أوضاعهم”، وعودة الضباط المنشقين لعملهم في الجيش. كما تضمن الرؤية الروسية إخراج من لا يرغب بالبقاء بنهاية يوم 7 أيار/مايو.
وأثارت تلك التسريبات لغطاً كبيراً، وانقسم سكان الريف بين مؤيد ومعارض للاتفاق، وسط حالة من الخوف والهلع بسبب احتمال رفض الفصائل للاتفاق ما يعني إعلان الحرب. وأعلنت فصائل معارضة، ليل الثلاثاء/الأربعاء، ببيانات رسمية، رفضها للاتفاق وإعلانها حالة الاستنفار، ورفع الجاهزية تحسباً لساعة الصفر.
أهم الفصائل التي أعلنت رفضها هي “الفيلق الرابع” الذي يضم “حركة أحرار الشام” و”حركة تحرير وطن/قطاع حمص”، و”أهل السنة والجماعة” التابع لـ”فيلق الشام”. وأعلن قادة عسكريون مستقلون رفضهم القطعي للاتفاق، كما أعلنت “غرفة عمليات رص الصفوف” في مدينة تلدو بمنطقة الحولة عن رفضها الطرح الروسي.
ولا يبدو أن هذا هو الموقف السائد بين المدنيين في المنطقة، ولا يخفي كثيرون منهم الرغبة بقبول الاتفاق وتجنب الحرب. التخوف من القصف الجنوني الذي ستشهده المنطقة واحتمال تدمير المنازل فوق رؤوس الأهالي، ليس أمراً يمكن تجاهله، بعدما حدث في الغوطة الشرقية مؤخراً. وخلق ذلك تبايناً واضحاً بين العسكريين والمدنيين، وسط التشكيك بصدق نوايا الفصائل وقدراتها على صد أي هجوم محتمل.
عضو هيئة المفاوضات العقيد إبراهيم بكار، شرح لـ”المدن”، تفاصيل الاتفاق الذي عرضه الجانب الروسي، واهم ما ذكره من بنود: “تعهد الجانب الروسي باستصدار عفو عام بمرسوم جمهوري عن كل المطلوبين بمن فيهم الضباط المنشقون من أبناء المنطقة”، و”التعهد بإخراج المعتقلين من معتقلات النظام”، و”تسوية أوضاع المطلوبين من الخدمة العسكرية ومنحهم مدة تصل إلى عام لإعطائهم الفرصة لاختيار الأفضل لهم”، و”عودة مؤسسات الدولة إلى عملها”، و”من يرغب المغادرة لديه فترة سبعة أيام وله الحق بالعودة عندما يريد إلى المنطقة بشرط تسوية وضعه عند عودته”، و”فتح الطريق الدولي بين حمص وحماة والذي يعد صلة الوصل بين شمال سوريا وجنوبها”، و”عدم دخول جيش الأسد وقواته للمنطقة نهائيا وإنما من سيدخل هو الشرطة العسكرية الروسية وشرطة مدنية”، و”تسوية أوضاع الطلاب والموظفين المفصولين”، و”تسليم السلاح الثقيل وجزء من السلاح المتوسط خلال فترة ثلاثة أيام ابتداء من ظهيرة الاربعاء”، و”وضع المشافي والمرافق الطبية تحت إشراف الهلال الأحمر السوري”.
“هيئة التفاوض” لم تصدر أي توضيح لما جرى في اجتماع الثلاثاء، ما يدل على خلاف كبير بين مكوناتها، من ممثلي الفعاليات المدنية والعسكرية، وعدم قدرتها على اتخاذ قرار نهائي.
أمين سر “مجلس شورى الرستن الثوري” محمد أيوب، قال لـ”المدن”، إن اجتماعات جرت في مدينة الرستن، أكبر مدن الريف، وضمت الهيئات المدنية ووجهاء المدنية وممثلي العوائل والقادة العسكريين وممثلي مدينة الرستن في هيئة التفاوض، بغرض التوصل إلى قرار موحد للمدينة. وبحسب أيوب، فأن اغلب العسكريين من المدينة من ضباط منشقين وقادة ميدانيين صرحوا خلال الاجتماعات بأن القرار للمدنيين، وأنهم ملتزمون بهذا القرار، مهما كان.
وأضاف أن قرار غالبية الممثلين المدنيين كان لجهة قبول الطرح الروسي، لتحييد المدينة عن الحرب. وأكد أيوب أنه ليس قراراً سهلاً، ولكنه أقل الخيارات المطروحة سوءاً، بسبب عدم توافر مقومات الصمود في المدينة “أمام الهجمة التي ندرك نتائجها الكارثية المتوقعة والتي سيدفع ثمنها الأكبر الأطفال والنساء والشيوخ”.
مصادر مقربة من رجل الأعمال فراس طلاس، أكدت لـ”المدن”، أن طلاس تدخل بشكل مباشر في مجريات التفاوض، عبر اتصالات مكثفة له مع جهات في المخابرات الروسية. وانتشرت مقاطع صوتية لطلاس في وسائل التواصل الاجتماعي، تحدث فيها عن اتصالاته، ويذكر في أحدها تأكيد مصير “هيئة فتح الشام” وهو الخروج من المنطقة.
وشهدت المنطقة هدوءً حذراً على كافة محاور الاشتباك، وتوقف القصف بشكل كامل منذ إعلان الهدنة الإثنين، تخلله بعض الاشتباكات على جبهة الكن شرقي مدينة الرستن أثناء صد الفصائل محاولة تقدم لمجموعة موالية للنظام. كما شهدت جبهة قرية أم شرشوح غربي مدينة الرستن اشتباكات عنيفة لفترة نصف ساعة بعد منتصف ليل الإثنين/الثلاثاء. ولم تخلُ سماء المنطقة، رغم الهدنة، من طيران الاستطلاع الذي قام بمسح كامل مدن وبلدات الريفين.
وبعد تسريب بنود الاتفاق، الذي لم يتخذ قرار نهائي بصدده بعد، خرجت مظاهرات نادت برفضه، وطالبت الفصائل بفتح عمل عسكري على مواقع النظام والقرى الموالية المحيطة التي تتمركز فيها المليشيات الموالية والإيرانية. وأكدت مصادر من داخل مدينة الرستن أن عدداً كبيراً من الأهالي يهدد بخروج مظاهرات ضد الفصائل التي أصدرت بيانات بعدم قبولها للاتفاق، ونيتها القيام بالتصعيد الذي سيتسبب حكماً بوقوع الحرب.
وينتظر أهالي وسكان الريف بياناً رسمياً من قبل “هيئة التفاوض” التي التزمت الصمت، وسط حالة من الإرباك والخوف، خاصة بعد إغلاق النظام لمعبر الدار الكبيرة بشكل نهائي أمام المدنيين، منذ صباح الأحد. وتواصل تجمّع الأهالي على المعبر، ضمن مناطق سيطرة المعارضة. التقديرات أشارت إلى وجود 10 آلاف مدني، أغلبهم من الأطفال والنساء والمرضى، يحتشدون أمام المعبر، ممن يرغبون بالخروج إلى مناطق سيطرة النظام، هرباً من الحرب المحتلمة. النظام، وبعد إغلاقه المعبر، يحاول استغلال تلك الحشود للضغط على المعارضة للقبول بالشروط الروسية.
“عاصفة الجزيرة” تجمع “قسد” و”الحشد الشعبي“
محمد حسان
أعلنت “قوات سوريا الديموقراطية”، الثلاثاء، عبر مؤتمر صحافي عقدته داخل حقل التنك النفطي في ريف ديرالزور الشرقي، انطلاق المرحلة الأخيرة من معركة “عاصفة الجزيرة”، بهدف تأمين الحدود السورية العراقية، والقضاء على جيوب تنظيم “الدولة الإسلامية” المتبقية شمال/شرقي نهر الفرات، في ريفي ديرالزور الشرقي والحسكة الجنوبي.
إعلان قوات “قسد” عن المرحلة الأخيرة من المعركة، جاء بعد هدوء شهدته جبهاتها مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، منذ اطلاق تركيا وفصائل المعارضة معركة “غصن الزيتون” لابعاد “وحدات حماية الشعب” من عفرين، أواخر كانون الثاني/يناير 2018. الهدوء كان هُدنة شبه معلنة عقدتها “قسد” و”داعش”، تبادلا فيها الأسرى، وافتتحا ممرات تجارية بين مناطقهما.
تنظيم “الدولة” الذي يعيش أسوأ حالاته هذه الأيام، لا يزال يسيطر على بلدات في ريف ديرالزور الشرقي وريف الحسكة الجنوبي الشرقي، منها السوسة والشعفة وبلدة الجاير وأبو حامضة والدشيشة، وقسم كبير من البادية المجاورة للشريط الحدودي السوري-العراقي.
المعركة التي من المفترض أن تبدأ في أي لحظة، ستكون بدعم جوي من طيران “التحالف الدولي”، وبمشاركة وحدات مدفعية تابعة للقوات الفرنسية المتواجدة في سوريا، بالإضافة لمشاركة مليشيات “الحشد الشعبي” العراقية التي ستخوض المعركة انطلاقاً من داخل الأراضي العراقية.
الناشط الإعلامي من ديرالزور إبراهيم الخليل، قال لـ”المدن”، إن بطاريات مدفعية فرنسية وصلت مؤخراً إلى ديرالزور مع وحدات من القوات الخاصة الفرنسية، للمشاركة في المعارك ضد تنظيم “الدولة”، واستقرت تلك القوات داخل حقل العمر النفطي شرقي ديرالزور، أكبر القواعد العسكرية الأميركية في المحافظة.
وأضاف الخليل أن “الحشد الشعبي” المشارك في المعركة من جهة الحدود السورية العراقية، بدأ منذ ليل الإثنين/الثلاثاء قصف مواقع التنظيم في ريف الحسكة الجنوبي والبادية المجاورة للحدود، بصواريخ الغراد وقذائف المدفعية، ومن المحتمل أن تشمل المشاركة العراقية سلاح الجو، خاصة طائرات الأباتشي.
وتهدف قوات “قسد” في المرحلة الأولى من عملياتها العسكرية، إلى فصل مناطق سيطرة التنظيم إلى قسمين؛ الأول يشمل جيوب التنظيم في ريف ديرالزور الشرقي، والثاني يشمل مناطق سيطرته في ريف الحسكة الجنوبي الشرقي، وذلك عبر التقدم من جهة حقل التنك إلى البادية الشمالية الشرقية باتجاه الحدود العراقية، والالتقاء مع مليشيات “الحشد الشعبي” العراقي.
تقسيم مناطق سيطرة تنظيم “الدولة” إلى قسمين، سيعطي قوات “قسد” نقاط قوة في المعركة؛ قطع طرق الأمداد بين مناطق التنظيم، والاستفراد بكل جزء منها على حدة خاصة القسم المتواجد في ريف الحسكة الجنوبي والذي يعتبر الأضعف من حيث التسليح وعدد المقاتلين وعدم وجود تضاريس وتكتلات عمرانية تساعد عناصر التنظيم على الصمود.
تنظيم “الدولة” الذي يعتبر الطرف الأضعف في المعركة، سيحاول الدفاع عن مناطق سيطرته بنوعين من التكتيكات العسكرية؛ الأول، خاص بريف الحسكة والبادية المجاورة للحدود العراقية، وقوامه الاعتماد على حقول الألغام والسيارات المفخخة لإعاقة تقدم القوات المهاجمة، وشّن عمليات هجوم عسكرية خاطفة بمجموعات قتالية صغيرة هدفها إلحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية في القوى المعادية. التكتيك الثاني يخُص مناطق سيطرة تنظيم “الدولة” في ريف ديرالزور الشرقي، والتي من المتوقع أن تكون نقطة التجمع الأخيرة لمقاتلي التنظيم شمالي الفرات، وسيعتمد فيها التنظيم على حرب الشوارع المفتوحة وعمليات التسلل إلى الخطوط الخلفية للقوات المهاجمة، مستفيداً من وجود العنصر البشري الكافي والكتل العمرانية التي قد تساعده في تجنب ضربات “التحالف الدولي” الجوية، بالإضافة لمئات المدنيين الذين يتخذهم التنظيم كدروع بشرية، الأمر الذي يربك القوات المهاجمة ويجعلها مطالبة بدقة عالية أثناء العملية.
معركة “قسد” للقضاء على التنظيم لن تكون سهلة، خاصة أن مقاتلي التنظيم لا يملكون خياراً سوى القتال حتى آخر رجل، بعد حصار مناطقهم من جميع الجهات؛ من الجهتين الغربية والشمالية توجد قوات “قسد”، أما من الجنوب نهر الفرات وقوات النظام، وفي الشرق القوات العراقية و”الحشد الشعبي”.
الإعلان عن انطلاق المعركة، تزامن مع ارتكاب طيران التحالف الدولي لمجزرة راح ضحيتها أكثر من 30 قتيلاً مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال في بلدة الجاير بريف الحسكة الجنوبي الشرقي، والتي تخضع لسيطرة تنظيم “الدولة”.
مدير “شبكة الخابور” الإعلامية إبراهيم الحبش، قال لـ”المدن”، إن قصف التحالف الدولي، استهدف تجمعاً للمدنيين داخل محطة وقود وسط قرية القصر التابعة لبلدة الجاير، وهي منطقة تضم تجمعات مدنية لا وجود لمقرات التنظيم داخلها. وأضاف الحبش أن “جهاز الاستخبارات التابع لحزب PYD هو المسؤول عن المجزرة، بصفته الجهة التي تقوم بتقديم المعلومات واحداثيات المواقع للتحالف الدولي الذي يقوم باستهدافها عبر طائراته، وهذا الأمر تكرر عشرات المرات منذ بدء الحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا”.
حصيلة مجزرة المحطة غير نهائية، بسبب وجود عدد من الجرحى بينهم حالات حرجة، ومن المرجح ارتفاع عدد الضحايا لعدم وجود مشافٍ ومراكز صحية قادرة على التعامل مع تلك الحالات، ومنع تنظيم “الدولة” الأهالي من نقل المصابين إلى مشافٍ في الحسكة.
وتشهد مناطق تل الجاير وأبو حامض والدشيشة جنوب شرقي الحسكة حالة نزوح للمدنيين باتجاه مناطق البادية، بسبب القصف الذي تتعرض له تلك المناطق بصواريخ الغراد من مليشيات “الحشد الشعبي” العراقية. كما يتخوف المدنيون من قصف لـ”التحالف” يستهدف مناطقهم على غرار ما حصل في منطقة تل الجاير.
أنصار”العمال الكردستاني” يعتدون على معارضين سوريين
شهدت مختلف عواصم ومدن العالم تظاهرات بمناسبة عيد العمال، شارك بها معارضون للنظام السوري، حاملين علم الاستقلال، وشعارات تطالب بمحاسبة الرئيس بشار الأسد.
وتحول بعض تلك التظاهرات، في النمسا والسويد وفرنسا، إلى مواجهات بين اليسار المتطرف ومؤيدين للنظام السوري وحزب “العمال الكردستاني” من جهة، ومعارضين للنظام السوري من جهة ثانية.
المواجهة الأبرز شهدتها مدينة ليون جنوب شرق فرنسا، حيث قال نشطاء شاركوا في التظاهرة، إن أشخاصاً مؤيدين لـ”العمال الكردستاني”، قاموا بالاعتداء على معارضين سوريين، كانوا يحملون أعلام الاستقلال ولافتات تندد بممارسات النظام.
سنا اسطنبولي، إحدى المشاركت في التظاهرة، قالت لـ”المدن”، إن أنصار “العمال الكردستاني” اعترضوا “بسبب حملنا لعلم الثورة السورية، الذي اعتبروه ممثلاً لأردوغان ولتركيا”. وأضافت “لا أعتقد أنّ المُعتدين كانوا فرنسيين، لكن لم يتسنّ لنا معرفتهم بالضبط”.
لكن قبيل انطلاق التظاهرة بشكل رسمي، تهجّم عدد من المشاركين الفرنسيين المحسوبين على الحزب الشيوعي الفرنسي على المعارضين السوريين. وأوضحت اسطنبولي أن “التّهجّم توقّف عند حدود اتهامات لفظية وجّهت لنا بالتبعية لجبهة النصرة وأميركا. أمّا الذين تعرّضوا لنا بالاعتداء الجسدي ومنعونا من مواصلة التظاهرة كانوا من حزب العمال الكردستاني، وكانوا يحملون صورة كبيرة باللون الأصفر لزعيم الحزب عبدالله أوجلان”.
مديرة جمعية “تجمع المعلومات من أجل سوريا حرّة وديمقراطية” نجوى سحلول، قالت لـ”المدن”، إن المشاركة في التظاهرة “التي ينظّمها سنوياً الاتحاد العام للعمل في فرنسا جاءت بدعوة من تجمع من أجل سوريا حرة وديموقراطية”.
وأضافت “لم يكن بين المُعتدين سوريون، على العكس عبّر الأكراد السوريين عن رفضهم لما جرى بحقّنا من اعتداء. الجهة التي اعتدت علينا كانت واضحة، هم من حزب العمال الكردستاني بي كا كا”.
الطابع العنيف لتظاهرات عيد العمال لم يقتصر على المواجهات الجانبية، إذ شهدت مختلف التظاهرات اشتباكات مع الشرطة الفرنسية، كان أعنفها في العاصمة باريس، حيث شارك نحو 20 ألفاً بحسب بيانات الشرطة، فيما قالت وزارة الداخلية إن عدد المتظاهرين في فرنسا بلغ نحو 143 ألفاً.
وردّت الشرطة الفرنسية، التي حضرت بكثافة، على مهاجمة المتظاهرين لها بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، بعد قيام عشرات من الملثمين بافتعال أعمال شغب، وإطلاق هتافات “الجميع يكرهون الشرطة” و”باريس انهضي”.
وأعلنت الشرطة في وقت لاحق أنها اعتقلت نحو مئتي شخص من الملثمين، بعدما أبدت خشيتها من اضطرابات تحدثها “مجموعات متطرفة” تريد أن تحول هذا اليوم “موعداً ثورياً”، وفق ما أفادت وكالة “فرانس برس” عن بيان للشرطة.
اختفاء الناشط الإعلامي أحمد شفيع بلال في عفرين
ذكرت مصادر محلية من مدينة عفرين، الثلاثاء، أن الناشط الإعلامي أحمد شفيع بلال، اختفى منذ قرابة اسبوعين وانقطعت كافة أخباره بعد ظهورٍ له في عفرين عقب سيطرة الجيش التركي على المدينة.
وقال “مركز عفرين الإعلامي” أن اختفاء بلال جاء بعد ظهوره عقب سيطرة الجيش التركي على عفرين مع عناصر تتبع لكتيبة مشعل تمو في بث مباشر عبر صفحته الشخصية في فايسبوك”.
وأكد المركز أن فصائل المعارضة في عفرين رفضت إعطاء أي معلومات عن وضع بلال أو مكان تواجده، لافتاً أنه يخضع لوضع أشبه بـ “الإقامة الجبرية” من قبل كتيبة مشعل تمو منذ العاشر من نيسان/أبريل الماضي، كما أجبر على إعطاء تصريحات وبث معلومات بتوجيه من قائد الكتيبة أبو مريم الحسكاوي.
وأوضح المركز أن بلال هو إعلامي مستقل عمل مع وكالة “فرانس برس” ووكالة “رابتلي” الروسية أثناء الهجوم التركي على عفرين، وسبق أن تعرض بسبب عمله الإعلامي لاعتقالات من طرف النظام السوري و الإدارة الذاتية في عفرين على حد سواء.
حرب خفية في سوريا و4 خيارات لمآلات المواجهة المقبلة/ إبراهيم حميدي
المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل في سوريا، أمر مرجح. الخلاف حول مواعيد الحرب المقبلة ونطاقها ومآلاتها والترتيبات المستقبلية اللاحقة ومدى قدرة موسكو على قيادة حملة دبلوماسية قد تؤدي إلى نسخة سورية – روسية من القرار الدولي «1701» ضمن 4 احتمالات سياسية لمآلات المواجهة المقبلة، حسب دبلوماسيين غربيين.
الحرب الخفية في سوريا مستمرة منذ سنوات، حسب الدبلوماسيين الغربيين في بيروت، وظهرت تجلياتها مرات عدة، كان آخرها «الحرب الإلكترونية» ضد منظومة الرادارات السورية والتشويش عليها، ما أدى إلى إطلاق دفعتين من المضادات الجوية على أهداف وهمية وسط سوريا قبل أسبوعين، سرعان ما سحبت وسائل إعلام رسمية سوريا أنباء حصولها بعدما «تأكدت دمشق أن الهجمات كانت على شاشات الرادارات فقط».
«حملة القرصنة» تلك، كانت بمثابة اختبار لمنظومة الرادارات قبل الضربتين اللتين حصلتا وسط سوريا وشمالها ليل الأحد – الاثنين بعد الاختبار السابق لدى شن أميركا وبريطانيا وفرنسا ضربات بلغ بعضها وسط دمشق، إذ إن الضربات الأخيرة التي يعتقد أنها إسرائيلية استهدفت مخازن صواريخ طويلة المدى كانت إيران قد شحنتها قبل أيام، ضمن فرض تل أبيب «خطوطها الحمراء» الأربعة في سوريا، وهي: منع قيام قواعد إيرانية دائمة، ومنع تخزين صواريخ طويلة المدى في سوريا (ولبنان)، ومنع تسليم صواريخ متطورة إلى «حزب الله»، ومنع قيام مصانع صواريخ إيرانية في سوريا (ولبنان).
ولوحظ تجنب الغارات الإسرائيلية فصائل إيرانية تقاتل إلى جانب قوات الحكومة السورية أو التدخل المباشر في الصراع السوري، كما حصل في الغارات الثلاثية التي «تعمدت تجنب تغيير ميزان القوى العسكري واقتصرت على إعادة فرض الخط الأحمر الكيماوي»، حسب الدبلوماسيين.
في فبراير (شباط) دخل عنصر جديد إلى المسرح غيّر «قواعد اللعبة»، تمثل باستهداف إسرائيل قاعدة «تي – فور» وسط سوريا تضم طائرات «درون» انطلقت منها طائرة إلى فوق الجولان السوري المحتل. طائرة الاستطلاع هذه نسخة متطورة عن تلك التي بعث بها ضباط الحرس الثوري الإيراني باتجاه قاعدة التنف الأميركية في زاوية الحدود السورية – العراقية – الأردنية في منتصف العام الماضي. وقتذاك أسقط الأميركيون طائرة الاستطلاع الإيرانية.
في فبراير، أرسل ضباط إيرانيون طائرة «درون» من قاعدة «تي – فور» وسط سوريا باتجاه الجولان. أهمية هذه الطائرة أنها النسخة الإيرانية المعدلة من طائرة استطلاع أميركية كانت «وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي آي إيه) قد أرسلتها قبل 7 سنوات للتجسس على البرنامج النووي الإيراني. الإيرانيون سيطروا على الطائرة واستفادوا منها بتأسيس مصنع لنسخة إيرانية متطورة. ويعتقد دبلوماسيون أن الإسرائيليين والأميركيين سيطروا بدورهم على الـ«درون» الإيرانية بعد الهجوم الأخير لاختبار التعديلات عليها.
الضربة الإسرائيلية لقاعدة «تي – فور» كانت المواجهة المباشرة الأولى، حيث قتل ضابطان من الحرس الثوري (بين 7 قتلى) هما مسؤولان عن برنامج الـ«درون» الإيراني في سوريا.
وسلاح الـ«درون»، من أدوات النفوذ الإيراني في المنطقة، إضافة إلى الميلشيات العابرة للحدود ودعم فصائل خارجة عن سلطة الدول العربية.
استطراداً، فإن قاعدة حميميم الروسية تعرضت لسلسلة هجمات غامضة من «درون» بينها دفعة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من حميميم «خطاب النصر» وانتهاء المهمة.
سابقاً كانت المواجهة بين موسكو وتل أبيب تتم بالوكالة شملت عشرات الضربات لمواقع في سوريا (لم تعلن إسرائيل إلا جزءاً يسيراً منها كي تترك لدمشق وحلفائها إمكانية تجنب الرد)، لكن الهجوم على «تي – فور» كان أول مواجهة مباشرة.
– مواعيد وجبهات
منذاك، كانت التقديرات أن «الحرب قادمة». وموعد الحرب كان مقدراً في مايو (أيار) بسبب تراكم استحقاقات كبرى: الانتخابات اللبنانية الأحد المقبل، والانتخابات العراقية في 12 من الشهر نفسه، وقرار الرئيس دونالد ترمب إزاء الاتفاق النووي في 12 من الشهر نفسه أيضاً (الانسحاب منه على الأرجح)، وذكرى نكبة فلسطين في 15 من الشهر نفسه كذلك، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، وتسليم روسيا منظومة «إس – 300» لدمشق، وقرار ترمب مراجعة بقاء قواته شرق سوريا.
أما جبهة التصعيد، فهناك أربع بوابات: قطاع غزة، وجنوب سوريا، وشمال شرقي سوريا، ولبنان. وحسب تقديرات الدبلوماسيين، فإن الوقائع الميدانية في جنوب لبنان لا توحي باحتمال تصعيد عسكري، بل العكس صحيح ذلك أن الاستقرار الاقتصادي يهيمن وسط تراجع الشهية للعسكرة بين الناس. كما أن مسؤولين في «حزب الله» أبلغوا صحافيين غربيين أن الأولوية للعمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي بعد الانتخابات البرلمانية.
في شرق سوريا، التقديرات أن إيران ستواصل اختبار العزيمة العسكرية الأميركية. كان آخرها هجوم، أول من أمس، قرب دير الزور، حيث كان رد الجيش الأميركي واضحاً بمنع تقدم موالين لدمشق. وأفاد دبلوماسيون: «التقدير أن تدفع دمشق وحلفاؤها إلى عمليات ضد الأميركيين شرق نهر الفرات، ما يعني احتمال حصول انفجارات داخلية: صدام عربي – كردي، وعودة لـ«داعش» بعمليات انتحارية، ومشكلات خدمية واقتصادية، خصوصاً بعد بطء برامج الاستقرار والتمويل الأميركي، وتراجع إزالة الألغام وإعادة الأعمار. (ترمب جمّد 200 مليون دولار لدعم الرقة).
هذه خطة متوسطة الإطار الزمني. وستنضم إليها روسيا، خصوصاً إذا فشلت محاولات استعادة الحوار بين واشنطن وموسكو بعد الضربات الثلاثية ضد مواقع في سوريا. كما ستسعى إيران إلى إفشال برنامج الإقامة الأميركية شرق الفرات باعتبار أن الوجود يرمي إلى إضعاف النفوذ الإيراني ومنع إيران من الوصول إلى البحر المتوسط.
أما المواجهة العاجلة، فقد دارت التقديرات بين غزة وسوريا. وأعرب دبلوماسيون عن الاعتقاد باحتمال استغلال موضوع السفارة و«مسيرات العودة» لإشعال مواجهة قد تلتقي مصلحة فصائل فلسطينية وطهران على إشعالها في محاولة لإعادة خلط الأوراق وإظهار إيران أوراقها في الشرق الأوسط في حال انسحب الأميركيون من الاتفاق النووي. وقال سفير غربي: «التحليلات أن إيران ستستغل ذكرى النكبة ببدء مواجهة بعد ضمان الأغلبية في انتخابات العراق».
أما في سوريا، فإن التقديرات كانت أن «الانتقام الإيراني لمقتل ضابطي الحرس الثوري قادم بالتزامن مع الانسحاب من النووي وقرار القدس». ونقلت محطة «سي إن إن» عن مصادر أميركية أن أقماراً صناعية رصدت شحنات عسكرية نوعية من إيران إلى سوريا استعداداً لشن هجوم. وأفاد دبلوماسيون: «الضربات على وسط سوريا وشمالها كانت استباقية استهدفت تدمير مخازن صواريخ إيرانية كانت تجهَّز للمواجهة المقبلة المتوقعة منذ قصف قاعدة (تي – فور)».
– أين روسيا من ذلك؟
المسؤولون الروس ليسوا في مزاج الحديث عن الحل السياسي في سوريا. و«مسار جنيف مات» بالنسبة إليهم. الأولوية حالياً لدعم قوات الحكومة السورية للسيطرة على جنوب دمشق ثم ريف حمص والإفادة من انتهاء صلاحية اتفاقات «خفض التصعيد» واستقطاب مجندين من التسويات و«التأجيل المؤقت عن الخدمة الإلزامية». بعدها تبقى ثلاثة جيوب: جنوب غربي سوريا، وشمال غربي سوريا، وشمال شرقي سوريا (ومعسكر التنف).
الجيب الثاني مرتبط بالتفاهم مع أنقرة ضمن عملية آستانة واستعداد الجيش التركي للانسحاب من سوريا «كما وعد». الجيب الثالث، مرتبط بالتفاهمات الأميركية – الروسية واحتمالات فشلها وتعرضه المستمر للاختبارات الروسية – الإيرانية – السورية للتقوقع والتقلص.
أما الجيب الأول، فهو الأكثر إثارة، إذ تسعى موسكو لربطه بالمواجهة المقبلة. إذ حسب المعلومات، فإن الجيش الروسي أنزل منظومة «إس – 300» في طرطوس ونقلها إلى حميميم، لكنه لم يسلمها بعد إلى الجيش السوري. وضع «إس – 300» مثل وضع «إس – 400»، لكن الأخيرة تعمل بأيدي الروس. أما الأولى، فإن موسكو لوّحت بتسليمها إلى دمشق في تحدٍّ لتل أبيب ودول غربية.
استطراداً، باتت المنظومة الجوية السورية مندمجة بالروسية بقيادة حميميم. وتلوّح موسكو بتسليم «إس – 300» إلى دمشق بحيث يكون التحكم بها في دمشق وليس حميميم. لوحظ أن الرشقات من المنظومة السورية بعد الغارات الثلاثية، كانت سياسية – دعائية أكثر مما هي عسكرية، سمحت بـ«حفظ ماء الوجه» من دون تحقيق نتائج عسكرية.
– أربعة خيارات
روسيا التي تميل إلى مزاج وزارة الدفاع، تسعى إلى بعض الدبلوماسية في حال حصلت المواجهة المرتقبة. وحسب الدبلوماسيين، فإن موسكو «تدفع جميع الأطراف كي تكون عقلانية وأن يكون التصعيد محسوباً ومحدداً». كيف؟ هناك أربعة خيارات:
الأول، أن يكون التصعيد تكراراً لحملات القصف والقصف المتبادل على الأرض السورية والعودة إلى «قواعد اللعبة»، بحيث إن صواريخ «إس – 300» وروسيا لا تقيدان أيدي إسرائيل في فرض «خطوطها الحمراء».
الثاني، العودة إلى اتفاق فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل. إذ بدأ الجيش الروسي إجراء تغييرات في الوحدات السورية بين دمشق والجولان وحدود الأردن، ونشر نقاط للشرطة العسكرية الروسية، وإعادة تموضع نقاط في درعا، إضافة إلى تحريك ضباط من الحرس الثوري في ريف درعا.
اتفاق خفض التصعيد جنوب غربي سوريا بين أميركا وروسيا والأردن، نَصّ على انسحاب «القوات غير السورية» (أي «حزب الله» وتنظيمات إيران) بعيداً من الأردن والجولان في مرحلتين: الأولى بين 5 و15 كيلومتراً، والأخرى 20 كيلومتراً. (موسكو تقول: إن أميركا والمعارضة فشلتا من جانبهما في قتال «جبهة النصرة» و«جيش خالد» التابع لـ«داعش»). هذا لم يحصل، بل إن «حزب الله» وإيران ساهما في معركة بيت جن قرب القنيطرة والجولان، ما عقّد العلاقات بين موسكو من جهة وباقي الموقّعين على «هدنة الجنوب» ومَن وراءهم من جهة أخرى.
ما يطرحه الجانب الروسي حالياً، مفاده أن «الحل الوحيد بتقوية الجيش السوري، بحيث يتقدم إلى درعا وتتم تسويات مع 12 ألف مقاتل معارض مع فضاء محلي وانتعاش اقتصادي وإعادة فتح معبر نصيب والخط التجاري بين الأردن وسوريا». يضاف إلى ذلك، نشر الجيش السوري والشرطة العسكرية في الجولان وأن تتم عملية إحياء اتفاق فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل للعام 1974، ونص على منطقة منزوعة من السلاح ومنطقة مخففة من السلاح الثقيل والخفيف. وقال دبلوماسي: «يمكن العودة إلى الوضع السابق بين سوريا وإسرائيل».
الثالث، نسخة سوريا من القرار 1701. يذهب دبلوماسيون غربيون آخرون إلى مدى أبعد أساسه أن تستغل روسيا التصعيد العسكري لإطلاق عمل دبلوماسي لإصدار قرار دولي مشابه لـ1701 الذي جاء بعد حرب عام 2006 في لبنان، بحيث يكون القرار روسي المنطلق وسوري التنفيذ.
لدى قيام وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر بمفاوضات اتفاق خفض التصعيد بعد حرب 1973، أراد السوفيات أن يكونوا ضمن قوات حفظ السلام، لكن الاتفاق النهائي في مايو 1974 قضى بإبعاد أميركا والاتحاد السوفياتي «المنحازتين» عن وحدات حفظ السلام مقابل الاعتماد على دول محايدة مقبولة من الطرفين: سوريا وإسرائيل.
روسيا تريد اختبار حظها مرة أخرى، لكن هذا يتطلب رقص الجانب الأميركي في مجلس الأمن واستعداد الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى للتفاوض على ترتيبات عسكرية وسياسية بين اللاعبين الخارجين في سوريا.
هنا قد تكون الترتيبات فقط متعلقة بالجنوب السوري أو قد تصل إلى انخراط جميع اللاعبين: الأميركيين شرق سوريا، والأتراك شمال غربي البلاد، وروسيا وإيران، ما يتضمن ترتيبات تتعلق بالنظام السياسي المقبل والمحاصصة الخارجية فيه.
الرابع، ترتيبات عسكرية تتعلق بالوجود الإيراني. في حال لم تكن ظروف ترتيبات الجنوب السوري الموسعة أو المخففة متوفرة، يطرح دبلوماسيون خياراً آخر يشابه الترتيبات التي حصلت بين سوريا وإسرائيل في لبنان منتصف الثمانينات، حيث رعى الجانب الأميركي تفاهمات حول الحدود التي يُسمح للجيش السوري وصواريخه بالانتشار فيها في لبنان. لكن دولاً أساسية، تطرح فكرة بعيدة المدى بإطلاق حملة دبلوماسية تؤدي إلى «إخراج جميع القوات الأجنبية غير الشرعية من سوريا».
وهذا ينطبق على إيران (وأميركا وتركيا)، خصوصاً أن الأنباء تفيد بأن موسكو عرقلت مساعي طهران للحصول على وثيقة من دمشق بأن «الوجود الإيراني جاء بناءً على طلب الدولة السورية» أسوةً باتفاقين شرَّعا في البرلمانين السوري والروسي وجود قاعدتَي حميميم وطرطوس الروسيتين غرب سوريا.
الشرق الاوسط
«حرب خفية» تفاقم التصعيد الإيراني ـ الإسرائيلي
عملاء «موساد» تسللوا إلى مخزن «النووي» قرب طهران… وتشويش على رادارات سورية سبق قصف مستودع صواريخ
بيروت – لندن – تل أبيب: «الشرق الأوسط»
قالت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «حرباً خفية» تقليدية وإلكترونية تفاقم التصعيد بين إيران وإسرائيل، في وقت توقع مسؤولون أميركيون نشوب مواجهة مباشرة بين الطرفين في سوريا.
وأوضحت المصادر أن «الحرب الخفية في سوريا ظهرت تجلياتها مرات عدة، كان آخرها الحرب الإلكترونية ضد منظومة الرادارات السورية والتشويش عليها قبل أسبوعين ما أدى إلى إطلاق دفعتين من المضادات الجوية على أهداف وهمية وسط سوريا». وقالت إن التشويش كان «اختباراً لمنظومة الرادارات قبل الضربات التي حصلت ليل الأحد – الاثنين لدى استهداف إسرائيل مخازن صواريخ طويلة المدى شحنتها إيران من قبل إلى ريف حماة للرد على استهداف إسرائيل قاعدة (تي – فور) وسط سوريا التي تضم طائرات (درون) انطلقت إحداها إلى أجواء الجولان السوري المحتل». ونقلت محطة «إن بي سي – نيوز» عن مسؤولين أميركيين أمس قولهم إن طائرات إسرائيلية من طراز «إف – 15 – إس» أغارت على مقر عسكري في ريف حماة قبل يومين ما أدى إلى «تدمير مخازن صواريخ ومقتل عشرات الإيرانيين».
إلى ذلك، كشف مصدر أمني إسرائيلي رفيع أن الاستخبارات الإيرانية اكتشفت عملية التسلل التي قام بها جهاز (الموساد) الإسرائيلي لمستودع سري قرب طهران يُستخدم لتخزين ملفات خاصة بالبرنامج النووي تم نقلها إلى تل أبيب، لكنها فضلت الصمت على الموضوع حتى لا يتحول إلى فضيحة.