أحداث الثلاثاء، 21 حزيران 2011
ملاحظات سريعة حول الخطاب..
من إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي
1- متأخر كالعادة، فرغم فهمنا ويأسنا من النظام ببنيته وتاريخه، نتفهم أن هنالك بعضاً من شعبنا كان ينتظر مخرجاً يبدأ بالخطاب.. . مخرجاً حقيقياً، عملياً مفاجئاً بجذريته ورؤيته لما يحدث وكما يجب.
2- مقلق أيضاً، لأن ما جاء فيه يبشّر باستمرار مواجهة الشعب كموقف ثابت، وتصويره- بشكل مباشر وغير مباشر- على أنه عصابات مسلحة تقوم بالتخريب، وهذه ربما تتشكّل من 63000 ألفاً من المطلوبين الفارين من وجه العدالة!!
3- يبعث على اليأس أيضاً، من إمكانية الخروج من طرائق النظام القديمة التي تعتمد تفريغ كل شعار للشعب من مضمونه، من خلال ترتيب” حوار” و” مؤتمر وطني” على هواه، ومن خلال هواه هذا يجمع”أطياف” الناس و”ممثليهم”.. وفي سورية قوى سياسية وطيف واسع شامل، لا يقبل إلا بالانتقال من الاستبداد( نعم) إلى الديمقراطية أساساً لنضالهم، ولأي حوار مفترض. كما أن الحديث يجري وكأن البلاد لا تشهد حراكاً هائلاً منظّماً، ويزداد تنظيماً.
4- ممثلو الانتفاضة هم الأساس والأصل بعد الخامس عشر من آذار، ومن يتجاهلهم مخطئ بحقهم وحق تاريخ البلد… مخطئ بعمق.
5- فهل نستنتج إذن، أن النظام مستمر على نهجه؟ وأن” الخطاب” الأكثر وصولاً إلى الشعب، هو مواجهة تظاهره السلمي بالرصاص الحيّ؟… الانتفاضة مستمرة.
الأسد يعد باصلاحات: الحوار شعار المرحلة المقبلة
لندن، دمشق، لوكسمبورغ، باريس، واشنطن – «الحياة»، أ ف ب، رويترز
دعا الرئيس السوري بشار الاسد، في خطالب امس، إلى «حوار وطني» قد يفضي إلى دستور جديد ويخرج سورية من الازمة التي تواجهها. ففيما اعتبرت فرنسا ان الرئيس السوري بلغ «نقطة اللاعودة»، قالت بريطانيا إن الخطاب «مخيب للامال وغير مقنع»، بينما أفادت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين أشتون انها «محبطة» من الخطاب الذي اعتبرته واشنطن «لم يحمل جديدا».
وفيما أظهرت وسائل الاعلام السورية خروج آلاف المواطنيين في دمشق تأييدا لخطاب الاسد، افاد معارضون بان تظاهرات احتجاجية انطلقت في عدد من المدن السورية، معتبرين إن الخطاب «غير كاف» ولا «يرقى الى مستوى الازمة» وسيؤدي الى تأجيج التظاهر.
وخطا الاتحاد الاوروبي امس خطوة جديدة في إتجاه تعزيز العقوبات على دمشق، بعد تبني وزراء الخارجية دول الاتحاد بيانا في لوكسمبورغ «يعد بشكل نشط» لتشديد العقوبات المفروضة على سورية.
إلا ان روسيا كررت امس موقفها الرافض لتمرير اى قرار من مجلس الامن يدين دمشق، ودعت المعارضة السورية الى الدخول في حوار مع السلطات لحل الازمة. وبدا الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف متعاطفاً مع موقف الاسد، قائلا إن «سورية تواجه خياراً صعباً للغاية. شخصياً أشعر بالأسف تجاه الرئيس الاسد، الذي يجد نفسه في موقف صعب للغاية، فما أراه هو انه يريد إدخال تعديلات سياسية في بلاده، ويريد إصلاحات».
وفي خطابه، قال الرئيس السوري إن «المؤامرة» ضد سورية تزيدها «عزة ومناعة»، مؤكدا ان سورية في «لحظة فاصلة» بعد «ايام صعبة». وعبر الاسد عن تعازيه «لعائلات الشهداء» الذين سقطوا في الاحتجاجات، مؤكدا ان «الشهداء الذين سقطوا خسارة لاهلهم وللوطن ولي شخصيا ايضا». واكد انه ستتم محاسبة «كل من اراق الدماء» او «تسبب في اراقة دماء». واضاف ان «الضرر الحاصل اصاب الجميع والمحاسبة حق للدولة كما هو حق للافراد».
وبعد ما تحدث عن وجود «مؤامرة»، قال الاسد إن «المؤامرات كالجراثيم لا يمكن ابادتها… انما يجب ان نقوي المناعة في اجسادنا». واضاف: «لا اعتقد ان سورية مرت بمراحل لم تكن فيها هدفا لمؤامرات مختلفة قبل او بعد الاستقلال».
ودعا الاسد الى «حوار وطني» لاخراج سورية من الازمة التي تواجهها منذ بدء الحركة الاحتجاجية في آذار (مارس)، مؤكدا ان هذا الحوار يمكن ان يفضي الى دستور جديد. وقال ان «الحوار سيكون شعار المرحلة المقبلة».
واضاف ان «مستقبل سورية اذا اردناه ان ينجح مبني على هذا الحوار»، مشيرا الى ان «لجنة الحوار ستعقد اجتماعا قريبا تدعى اليه مئة شخصية». الا انه اكد انه «لا يوجد حل سياسي مع من يحمل السلاح». ولفت الى ان «الحوار الوطني لا يعنى نخبا محددة ولا حوار المعارضة مع الموالاة او السلطة وليس محصورا بالسياسة فقط بل هو حوار كل اطياف الشعب حول كل شؤون الوطن».
وبعد الخطاب رأى معارضون وناشطون سوريون ان كلمة الاسد تكرس الازمة وتؤدي الى تأجيج التظاهرات.
واعلنت «لجان التنسيق المحلية» التي تضم ابرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في سورية في بيان رفضها «اي حوار لا يكون الهدف منه طي صفحة النظام الحالي بصورة سلمية والتحول نحو سورية جديدة، دولة ديموقراطية حرة، ولمواطنيها كافة». واعتبرت ان دعوة الحوار التي وجهها الاسد «مجرد محاولة لكسب الوقت».
ورأت ان الكلمة «لم تقترب حتى من كونها خطاب ازمة وطنية تعيشها البلاد منذ ثلاثة اشهر» وتشكل «تكريسا للازمة من قبل النظام».
ومع انتهاء الخطاب، نظمت تظاهرات في مدن ضواحي دمشق وحماه وحمص واللاذقية وادلب وحلب احتجاجا على مضمونها. إلا ان السلطات السورية عرضت صور لسوريين خرجوا تأييدا للكلمة.
وفي اول رد فعل غربي على الخطاب، أعتبر وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه ان الرئيس السوري بلغ «نقطة اللاعودة»، مشككا بان يكون باستطاعته تغيير سمعته بعد القمع «المريع» الذي مارسه على شعبه.
وقال الوزير الفرنسي عقب اجتماع في لوكسمبورغ مع نظرائه الاوروبيين «إن البعض يعتبرون انه ما زال امامه متسع من الوقت للتغيير وبدء عملية» اصلاحات. واضاف: «من جهتي اشك في ذلك، اعتقد انه بلغ نقطة اللاعودة».
وفي اشارة الى خطاب الاسد، قال جوبيه: «في مجمل الاحوال ليس اعلان اليوم هو الذي سيغير الوضع… ان القمع اسفر عن سقوط اكثر من الف قتيل… وكان عنفه مريعا، لا يجوز قبوله بدون اي رد فعل».
وقال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلله إن «الانباء الواردة من سورية مقلقة، وتردنا صور غير انسانية».
وقالت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين أشتون انها محبطة من خطاب الرئيس السوري بشأن الاصلاحات وقالت ان عليه أن يبدأ حوارا حقيقيا مع شعب سورية.
واضافت أشتون، في مؤتمر صحافي بعد اجتماع وزراء الاتحاد الاوروبي: «يتعين على الرئيس الاسد أن يبدأ حوارا حقيقيا شاملا يتمتع بصدقية… ومن شأن شعب سورية أن يحكم على رغبته في الاصلاح. لكن يتعين أن أقول للوهلة الاولى ان خطاب اليوم كان مخيبا للامال».
وفي واشنطن، قال مسؤول أميركي لـ»الحياة» أن الخطاب «لم يحمل جديدا وأعاد «الكلمات نفسها على الشعب السوري والمجتمع الدولي من دون أن يقترن ذلك بأفعال».
وأشار المسؤول الى أن «الشعب السوري يتظاهر يوميا وصبره بدأ ينفذ ولا يريد تكرار الكلام نفسه من الرئيس السوري، بل يريد أفعالا تلبي طموحات هذا الشعب». وأكد المسؤول ان الحوار يجب أن يكون شاملا وجامعا وذات صدقية ويجب تطبيقه بسرعة. واعتبر أن الأسد «لم يثبت أنه اصلاحي نزيه والشعب السوري يريد أن يتمم أقواله بأفعال على الأرض».
غُل لـ«الحياة»: تمنينا لو أعلن الأسد انتخابات حرة وشفافة برقابة دولية
أنقرة – غسان شربل
قال الرئيس التركي عبدالله غل إنه كان يتمنى لو استخدم الرئيس السوري بشار الاسد جملاً وعبارات أوضح وأكثر تحديداً في خطابه الذي القاه امس وتناول فيه الوضع في سورية، واصفاً الخطاب بأنه كان أشبه بتقويم للوضع الراهن في البلاد.
وقال غل، متحدثاً الى «الحياة» بعد ساعتين من خطاب الرئيس السوري: «سمعت الرئيس الاسد يتحدث عن آخر آب (أغسطس) كتاريخ محدد. ولكنني كنت اتمنى لو أنه قال في شكل محدد أن سورية ستنتقل الى نظام حزبي تعددي في ذلك التاريخ من خلال انتخابات حرة ونزيهة يحضرها مراقبون دوليون، وأن العنف سيتوقف تماماً في مواجهة التظاهرات، وأنه سيكفل حرية الرأي والتعبير لكل من لا يلجأ الى العنف في سورية».
وأضاف الرئيس التركي أنه لا يمكنه «أن يخمن كيف سيتعاطى الشارع السوري مع كلمة الاسد»، مشيراً الى أن تركيا «أجرت تعديلات دستورية في ايلول (سبتمبر) الماضي، وأن بعض الناس علق عليها قائلاً انه يؤيدها لكنها غير كافية متمنياً المزيد». ولاحظ أن الرئيس السوري «قد يكون فعلاً يقصد تحقيق تلك الخطوات، لكن كان بإمكانه أن يقول ذلك في شكل أكثر وضوحاً ومباشرة»، مؤكداً أن «كل ما يتم بين تركيا وسورية في شأن الاصلاحات انما يتم في اطار التشاور ومشاطرة الآراء وليس املاء النصح أو الاوامر».
وبدا واضحاً من كلام غل أن تركيا التي كانت تتوقع تحركاً أسرع وأوضح من السلطات السورية تحرص على عدم اغلاق باب الحوار مع دمشق. وثمة من يعتقد بأنها حريصة على ابقاء قنوات الاتصال مفتوحة، وإن رجح هؤلاء أن تتصاعد لهجتها تدريجياً في المرحلة المقبلة وفي ضوء تطورات الوضع في سورية.
وقال غل لـ «الحياة» إنه يعلم أن الرئيس الاسد «مدرك لاهمية الاصلاحات ومقبل على العمل عليها وتطبيقها وأنه تحدث اليه اكثر من مرة وفي شكل مبكر عن هذا الامر. لكن الوقت يمر بسرعة وصبر الشارع ينفد».
في المقابل رفض الرئيس التركي أي دور او تدخل لحلف شمال الاطلسي (الناتو) في سورية، كما رفض التعليق على ما اذا كانت تركيا ستدعم أي قرار عقوبات دولية على سورية، قائلاً أنه لا يريد الحديث من الآن عن أمور لم تحدث. لكنه أشار الى أهمية أن يكون هدف اي خطوة خارجية هو الحصول على نتيجة ودعم مسيرة الاصلاح والتغيير وليس زيادة الانقسام والمعاناة في سورية.
وتحدث غل عن أهمية الاصلاح في العالم الاسلامي، قائلاً إنه بدأ الحديث عن هذا الامر في كلمة له في طهران عام 2003، وانه عندما حدثت الثورة في تونس كان يلقي خطاباً عن اهمية الاصلاح في العالم الاسلامي في جامعة اكسفورد البريطانية، حين أشار الى «أن تجاهل مطالب الشعوب وتأخير الاصلاح سيعطي الفرصة للخارج للتدخل في شؤوننا الداخلية، أو سيدفع الشعب الى الثورة».
وعن احتمال تدخل بعض القوى الاقليمية لعرقلة الاصلاح في سورية وتغليب الحل الامني واستخدام دمشق اوراقاً مثل «حزب الله» والحكومة اللبنانية، قال غل «إن الحديث عن تحرير الاراضي المحتلة ودعم القضية الفلسطينية يحتاج الى سورية قوية، وسورية لا تكون قوية الا اذا اندمج الشعب في صوغ السياسة الخارجية واتخاذ القرار من خلال الديموقراطية والتعددية، حينها يكون لسورية اقتصاد قوي وجيش قوي، وحينها فقط يمكنها أن تدعم اطروحاتها تلك».
واستدرك قائلاً: «يجب أيضاً تطوير الشعارات والاطروحات السياسية في شكل يتلاءم مع الوضع الحالي والراهن وترك الشعارات القديمة والايديولوجية التي ما عادت تتناسب مع يومنا هذا».
ووصف غل الوضع في سورية بـ «الصعب». وقال: «أنه لم يكن يريد أن يرى سورية على هذه الحال».
وفي اشارة الى النازحين السوريين عند الحدود التركية – السورية، قال غل: «لا يمكن تركيا أن تغلق الباب في وجه هؤلاء، بعد مشاهدة الدمار الذي حصل والدماء التي سالت والتي دفعتهم الى الهرب».
ومن المتوقع أن يزور النازحين اليوم كبير مستشاري الرئيس لشؤون الشرق الاوسط أرشاد هورموزلو موفداً من غل، وذلك قبل زيارة متوقعة لرئيس الحكومة رجب طيب اردوغان للمنطقة لتفقد اللاجئين السوريين فيها، في خطوة تحمل في طياتها اشارة مهمة.
وعن مشاركة «الاخوان المسلمين» في سورية في العملية السياسة والحكم في بلدهم، قال غل إنه يرى ضرورة إشراك كل من لا يلجأ الى العنف في العملية السياسية من أجل تحقيق الديموقراطية.
وعن ظروف تشكيل الحكومة اللبنانية وتركيبتها، قال الرئيس غل إنه لا يمكن وصف تشكيل الحكومة بعد خمسة أشهر من الفراغ الا بالامر الايجابي.
وعن الدور الايراني في المنطقة، قال الرئيس التركي «إن أكبر الخطر يكمن في الوقوع في فخ الانشغال في المشاكل الداخلية والاقليمية والالتهاء بها عن قضايا المنطقة الاساسية»، مشيراً الى «ان زعزعة استقرار وأمن دول المنطقة يؤدي الى ضعفها في مواجهة التحديات الاساسية».
الأسد يريد إصلاحات خجولة ويرفض حواراً مع “المخربين“
أوباما اتفق وأردوغان على وجوب وضع حد نهائي للعنف
واشنطن – هشام ملحم
العواصم الأخرى – الوكالات:
في خطابه الثالث منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا، وعد الرئيس السوري بشار الاسد بحوار وطني في شأن اصلاحات سياسية و”تعديل دستوري أو دستور جديد”، وصولاً الى امكان تغيير المادة الثامنة التي تنص على قيادة حزب البعث للبلاد والتي تطالب المعارضة بالغائها. الا أن انفتاحه الملتبس على المطالبين بالحريات والديموقراطية والساعين الى اسقاط نظامه، لم يشف غليل المعارضة التي سارعت الى رفض الخطاب معتبرة أنه “لا يرقى الى مستوى الازمة”، ويشكل “محاولة لكسب الوقت”، وتعهدت استمرار “الثورة” الى حين تغيير النظام.
وعاد الاسد في جزء كبير من خطابه الذي ألقاه أمام مجموعة مختارة من مناصريه في جامعة دمشق، الى لهجة باتت مألوفة، متحدثاً عن “مؤامرة”، و”مخربين”، ومتعهداً إصلاحات متواضعة بلا آليات ولا مواعيد محددة.
وفيما بدا واضحاً أن الاسد مصر، على رغم الضغوط الداخلية والخارجية، على الدفاع عن نظامه حتى الرمق الاخير وأنه يحاول الخروج سالماً من موجة الاحتجاجات الشعبية، تستعد المعارضة بدورها على ما يبدو للمواجهة، في واحدة من الانتفاضات الاكثر دموية التي يشهدها العالم العربي.
تظاهرات
فما ان انتهى خطابه، حتى خرجت تظاهرات مناهضة للنظام في مدينة حلب الجامعية وسراقب وكفر نبل بمحافظة ادلب وحمص وغيرها من المدن والبلدات السورية.
وأفادت مصادر في حزب البعث أن “تعليمات رسمية صدرت عن الدوائر المسؤولة في الحزب الحاكم الى كل كوادره وموظفي القطاع العام، حتى منهم من لم يكن بعثياً، بالنزول الى الشارع صباح الثلثاء (اليوم) للمشاركة في مسيرات حاشدة تأييداً للنظام”.
تركيا: غير كاف
ولم تقتصر الخيبة التي أثارها الخطاب على أوساط المعارضة السورية، بل تخطت الحدود الى تركيا التي رأت حكومتها أنه “غير كاف”.
وقال الرئيس التركي عبد الله غول ان الخطاب عن الاصلاح في سوريا “لا يكفي”، وعلى الاسد ان يحول سوريا إلى نظام التعددية الحزبية.
أوروبا
وشدد وزراء الخارجية الاوروبيون الذين اجتمعوا في اللوكسمبور للبحث في توسيع العقوبات على النظام السوري لهجتهم، وتفاوت وصفهم الخطاب بين “محبط” و”غير مقنع”، بينما لم ير فيه الوزير الفرنسي الان جوبيه سبباً “لأخذه على محمل الجد”.
الموقف الأميركي
وفي واشنطن أفادت الولايات المتحدة انها لن تحكم على بشار الاسد بالاقوال بل بالافعال، وطالبه البيت الابيض باتخاذ “اجراءات ملموسة” وذلك في رد رسمي اميركي أول على خطاب الرئيس السوري، على خلفية مواصلة المسؤولين الاميركيين جمع المعلومات القانوية والقضائية التي يمكن استخدامها اذا قررت واشنطن احالة المسؤولين السوريين على المحكمة الجنائية الدولية. وجاءت هذه المواقف الاميركية على خلفية الاعلان عن قيام السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد بزيارة للمنطقة الحدودية السورية – التركية لتفحص احوال اللاجئين والنازحين السوريين، الذين فروا من قراهم امام زحف الجيش السوري في اتجاه المنطقة الحدودية في الايام الاخيرة.
وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نيولاند بان الاسد “يطلق الوعود لشعبه منذ سنوات… المهم هو الافعال وليس الاقوال”. وانتقدت اتهامات الاسد “للمحرضين الاجانب بدل ادراك حقيقة ان شعبه بكل بساطة يشعر بالاشمئزاز من نظام يدعم نفسه من خلال القمع والفساد والخوف”. وذّكرت بمقال وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الذي نشرته “الشرق الاوسط” والذي جاء فيه ان معظم الضحايا سقط برصاص قوى الامن السورية. و بعدما أشارت الناطقة الى ان السلطات العسكرية السورية قامت بعزل قاس للمنطقة الحدودية وحرمت مئات السوريين الحصول على امدادات انسانية، أعلنت ان السفير فورد زار الاثنين المنطقة الحدودية.
وكررت انتقاد الحكومة السورية لانها اخذت صفحة من كتاب القمع الايراني، كما كررت انتقاد التدخل الايراني في الوضع السوري الداخلي، ورفض قول الاسد بأن مشاكل سوريا هي من صنع خارجي قائلة: “لا نقبض ذلك”. وجوابا عن سؤال شكك في ان يكون الرئيس الاسد ممسكاً بالسلطة الحقيقية في سوريا، قائلة: “لا استطيع الحكم على السياسة السورية الداخلية، واقول ببساطة انه يتحمل المسؤولية الرسمية عن أعمال الحكومة السورية”. وأفادت ان السفير فورد يواصل وطاقم السفارة عقد الاجتماعات مع طيف واسع من السوريين. ورأت ان جولته في شمال البلاد ستوفر لواشنطن المعلومات عما يحدث هناك.
وعن احتمال احالة المسؤولين السوريين على المحكمة الجنائية الدولية، قالت ان واشنطن تواصل جمع المعلومات والعمل في هذا الشأن مع حكومات اخرى، كما تواصل البحث في امكان فرض عقوبات اضافية على قطاعي الغاز والنفط. وكشفت ان الوزيرة هيلاري كلينتون اجرت اتصالا هاتفيا بنظيرها السعودي الاميرسعود الفيصل ناقشا خلالها عدداً من المسائل الثنائية الى الوضع في سوريا.
الى ذلك، دعا الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني الأسد الى اتخاذ “خطوات ملموسة” في شأن وعوده بالاصلاح السياسي، وحضه على وقف القمع العنيف للمدنيين.
وسئل عن تعهد الأسد اجراء حوار وطني، فأجاب: “لا أقول إن الكلام لا معنى له… لكنه يحتاج الى التحرك بناء عليه”.
وفي وقت متقدم، أفاد بيان للبيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تطرقا خلاله إلى الوضع في سوريا.
وأضاف أن “الزعيمين اتفقا على ضرورة وضع الحكومة السورية حداً نهائياً لاستخدام العنف وأن تجري فوراً إصلاحات ذات معنى تحترم التطلعات الديموقراطية للشعب السوري”.
ميدفيديف: سنستخدم الفيتو ضد قرار يتعلق بسوريا في مجلس الأمن
أكد الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف في مقابلة مع صحيفة “الفايننشال تايمس” البريطانية أمس، ان موسكو ستستخدم حق النقض “الفيتو” في مجلس الامن ضد مشروع قرار مدعوم من الغرب يتعلق بسوريا، لافتاً الى ان قراراً كهذا قد يستغل غطاء لعمل عسكري.
وذكّر بأن القرار الذي اتخذه مجلس الامن في اذار حول ليبيا مهد السبيل لعملية عسكرية هناك.
وقال: “لست مستعدا لدعم قرار (على غرار) القرار الليبي، إذ ارى بوضوح ان قراراً جيداً تحول مجرد ورقة عملت غطاء لعملية عسكرية لا معنى لها”. لذلك “لن يصدر قرار كهذا، فروسيا ستستخدم حقوقها كعضو دائم في مجلس الامن”، في اشارة الى “الفيتو” الذي يمكنها من نقض اي قرار للمجلس. “ولكن يمكن ان تصدر مناشدات او اعلانات دولية تتعلق بسوريا، بما في ذلك عن جلس الامن”.
وكانت بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال وزعت مشروع قرار يندد بالحملة العسكرية السورية على المعارضة، فيما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان أي عضو دائم في مجلس الامن يسعى الى نقض القرار “عليه ان يتحمل ضميرياً تبعة ذلك”.
لكن ميدفيديف قال: “في الوقت الحاضر لست متأكداً من الحاجة الى قرار لانه يمكن ان ينص القرار على شيء بينما تأتي الافعال بشيء اخر. قد يقول القرار ندين استخدام القوة في سوريا، بينما تنطلق بعد ذلك الطائرات الحربية في السماء… سيقال لنا عندئذ: حسناً يقول القرار اننا ندين وقد دنا، وارسلنا بعض طائرات القصف … لكني لا أريد ذلك، لا أريد ان اتحمل ضميرياً تبعة ذلك”.
ولاحظ ان “سوريا تواجه خياراً صعباً جداً. شخصياً اشعر بالاسف حيال الرئيس الاسد الذي يجد نفسه في موقف صعب جداً، فما أراه هو انه يريد ادخال تعديلات سياسية في بلاده، ويريد اصلاحات”. وأضاف: “في الوقت ذاته، تأخر بعض الشيء في ما يتعلق بتلك الاصلاحات، ثم سقطت الضحايا التي كان يمكن تجنب سقوطها، الامر الذي ستقع تبعته في الغالب على ضمير السلطات” في سوريا.
من جهة أخرى، كشف ميدفيديف في مقابلة مع شبكة “ان بي سي” الاميركية للتلفزيون رغبته في البقاء في منصبه لولاية ثانية، الا انه اكد عزمه على عدم التنافس على المنصب مع رئيس الوزراء فلاديمير بوتين.
لافروف
الى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان موسكو ستبلغ وفداً من زعماء المعارضة السورية سيزور روسيا في وقت لاحق من هذا الشهر، ان ثمة حاجة الى انخراطهم في حوار مع الاسد.
وانتقد المعارضين السوريين الذين يرفضون التحدث مع الاسد، قائلاً ان بعض الاشخاص يحاول إثارة العنف أملاً في حصول تدخل غربي.
(و ص ف، أ ب)
غول يعتبر الخطاب «غير كاف» وواشنطن تطالب بخطوات ملموسة وأوروبا تعدّ لعقوبات جديدة
الأسـد يرســم «خـريطـة طريـق» للإصـلاح قبـل نهـايـة العـام: تغييـر الدسـتور … وتوسـيع العفـو … والحـوار عنـوان المرحـلة
زياد حيدر
دمشق :
رسم الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، «خريطة طريق» لمستقبل سوريا السياسي، سقفها تغيير الدستور، موزعا المسؤوليات بين سلطة وشعب، حين رأى أن المرحلة المقبلة هي مرحلة حوار وطني تشمل جميع الفئات والأطياف وتقرر الوجهة والمهلة الزمنية والمدى الذي ستذهب إليه الإصلاحات في البلاد.
وكان الأسد واضحا في تقديراته الزمنية، التي حددها بين آخر العام في حال تقرر تأجيل انتخابات مجلس الشعب (المقررة صيفا) أو الخريف المقبل في حال لم تتأجل، كسقف لاعتماد البنية التشريعية للإصلاح، والتي تتمثل في قوانين عدة، بينها قانون الانتخابات العامة وانتخابات الإدارة المحلية وقانون الإعلام والأحزاب السياسية، والأهم من كل هذا الدستور الذي يفترض أن يغير طابع الحياة السياسية في البلاد ويدخلها عصرا آخر.
وعلى الفور، دعا البيت الأبيض الأسد إلى اتخاذ «خطوات ملموسة» بشأن وعوده بالإصلاح السياسي، فيما اعتبر الرئيس التركي عبد الله غول ان خطاب الاسد بشان الاصلاح «لا يكفي»، مشيرا الى انه كان ينبغي عليه ان يقول انه سيحول سوريا إلى نظام التعددية الحزبية، وانه سيقود التغيير في البلاد. اما الاتحاد الاوروبي فأعرب عن خيبته ولوح بفرض المزيد من العقوبات على سوريا.
وبدأ الأسد، على مدرج جامعة دمشق، بتحية للجيش والقوى الأمنية، كما للشهداء السوريين من المواطنين وأجهزة الدولة. ورأى أن سوريا لا تملك في ظل «محنتها غير المألوفة» سوى خيار وحيد هو «التطلع نحو المستقبل».
وكان الأسد استهل خطابه بالقول انه لن يناقش الموضوع الخارجي، وإن لفت إلى وجود «مؤامرة» معتبرا أن الأمر طبيعي «بالنسبة للظروف والتاريخ أو السياق التاريخي لسوريا». وأضاف «ماذا نقول عن المواقف السياسية الخارجية الفاقعة بضغطها على سوريا وبمحاولات التدخل في الشأن الداخلي، ليس حرصاً على المواطن السوري وإنما من أجل الوصول إلى ثمن معروف مسبقا».
واعتبر الأسد أن مكونات الأزمة الحالية تتمثل في ثلاث فئات بينها «صاحب حاجات يريد من الدولة تلبيتها» ويمثل هؤلاء الفئة الأكبر، وفئة ثانية من الخارجين عن القانون والمخربين «وهم قلائل حاولوا استغلال الآخرين لمآرب عدة»، وفئة ثالثة «هي الأخطر» موضحا أنها «فئة الفكر المتطرف الديني» حيث رأى أن «العقبة الأولى أمام الإصلاح هي في تطويق هذا الفكر». وشدد على أن التطوير يحتاج إلى الاستقرار، وأنه «لا إصلاح في ظل التخريب»، منوها بأنه من المهم «إصلاح المخربين أو عزلهم للاستمرار في التطوير».
وتحدث عن لقاءاته مع وفود من المواطنين السوريين خلال الأشهر الماضية، مشيرا إلى أن أبرز الهموم ارتبطت «بالفساد والكرامة والهم المعيشي الخدمي». وانتقل بعدها للحديث عن الحوار الوطني باعتباره «عنوان المرحلة الحالية»، مشيرا إلى قرب حصول اجتماع تشاوري بحضور 100 شخصية لوضع المعايير والآليات لمؤتمر وطني شامل للحوار. ودعا إلى إعطاء هذا الجهد «فرصة كي ينجح إذا أردنا مستقبل سوريا»، مشددا على أن «الإصلاح لدينا قناعة مطلقة ويحقق مصلحة الوطن والمواطن»، وأن «ما نقوم به الآن هو صناعة المستقبل» وذلك عبر خطوات ذكر بها، من بينها قانون انتخابات وقانون أحزاب، مذكرا بالمسؤولية الملقاة على عاتق هذه المرحلة كي «يعزز قانون الانتخابات اندماج المجتمع لا تفككه»، وكي يخرج قانون «أحزاب يؤدي إلى وحدة سوريا، ولا يحولها الى كرة يلعب بها الآخرون كما كانت منذ عقود».
كما طرح الأسد للمرة الأولى بالنسبة للسلطة السورية، بشكل علني، موضوع تغيير الدستور أو تعديله للحوار، مشيرا بالتفصيل إلى أن هذه الفكرة تحتاج إلى نقاش، باعتبارها مرتبطة بوجود مجلس الشعب الذي يقوم هو بتصديق التعــديلات الدستــورية. وبين أن هذا الموضوع هو الذي يحدد تقريبا مهل اختتام هذه المرحلة، باعتبار أن تأجيل الانتخابات التشريعية، كما هو مطروح، سيؤدي لتأخر التصديق على الحزم الإصلاحية حتى نهاية العام الحالي، فيما يعني إجراء الانتخابات انتهاء هذه المرحلة مع قدوم الخريف، وذلك في إشارة إلى ارتباط الانتخــابات أيضا باعتماد القانون الجديد من عدمه.
كما نبه الأسد إلى أن الاتفاق على تغيير كامل للدستور خلال الحوار الوطني يعني الحاجة للاستفتاء في سوريا، ما دفعه للتنويه بالحاجة إلى «وجود جدول زمني، فنستطيع أن نبدأ مباشرة الحوار الوطني». وأعلن أنه بصدد تشكيل لجنة للنظر في الدستور تخضع لمهلة زمنية مدتها شهر.
ودعا، في معرض حديثه عن تحديات المرحلة الداخلية، إلى العودة للحياة الطبيعية بما يسمح بعودة الدورة الطبيعية للاقتصاد. ولم يخف الأسد التحدي الذي يمثله الوضع الاقتصادي، ولا سيما بفعل تراجع النمو خلال الأزمة والإنفاق الكبير الذي اعتمدته الدولة ضمن رزمها الإصلاحية. وقال «من المهم الآن أن نعمل جميعاً على استعادة الثقة بالاقتصاد السوري.. أخطر شيء نواجهه في المرحلة المقبلة هو ضعف أو انهيار الاقتصاد السوري، وجزء كبير من المشكلة هو جزء نفسي». وطالب بالعودة «للحياة الطبيعة قدر الإمكان. الأزمة تدمينا نعم… تؤلمنا نعم… تهزنا نعم… تسقطنا على الأرض نعم.. لكن بشرط أن ننهض مرة أخرى بشكل قوي وبعناد من أجل متابعة حياتنا بشكل طبيعي».
ورأى أن «إنجاز الإصلاح والتطوير لا يمثل حاجة داخلية فقط، بل هو ضروري وحيوي من أجل مواجهة تلك المخططات، وبالتالي لا خيار لنا سوى النجاح في المشروع الداخلي كي ننجح في مشروعنا الخارجي، فالضغوط تستهدف دور سوريا المقاوم لمخططات التقسيم الطائفي في المنطقة».
كما تطرق الأسد إلى لجنة التحقيق في مقتل العديد من المواطنين في المواجهات التي جرت، موضحا أن هذه اللجنة تعمل وفق معايير قضائية لا سياسية، وأنها تحتاج إلى أدلة، مشيرا إلى أنها أوقفت بعض الأشخاص في الفترة الماضية. ودعا «المهجرين للعودة إلى مدنهم وقراهم»، معتبرا أن «الجيش موجود من أجــل أمنهم».
وأكد الأسد، في ختام خطابه، أن «الحل سياسي، لأن المشكلة نابعة من مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية»، مشــيرا في الوقت ذاته إلى أن الظرف يفرض نوع الحل و«نحن نرغب بالحل السياسي، ونتمنــى عودة الجيش لثكناتــه والأمن لمكــاتبه ومقراته».
وترك الخطاب ارتياحا عاما ولا سيما لاعتباره يحدد ملامح وزمن المرحلة الانتقالية التي ستقود لتغيير الحياة السياسية في سوريا. وقالت مصادر مقربة من المعارضة لـ«السفير» ان الخطاب بحاجة الآن «لإجراءات سريعة على أرض الواقع تترجم ما تم الحديث عنه»، فيما رأى آخرون «أنه يعبر عن نية صادقة للخوض في الإصلاح، لكن مع الحاجة لإجراءات عملية».
من جهته قال المتحدث باسم التجمع الوطني الديموقراطي حسن عبد العظيم لـ«السفير» ان الخطاب فيه «جوانب إيجابية» وفيه جوانب «لم تتغير». ورأى أن التشديد على العامل الأمني يبقي «الأزمة مفتوحة». كما لاحظ أن الخطاب لم «يعترف بوضوح بوجود أحزاب معارضة وطنية، ودورها في حل الأزمة»، وإن لفت إلى «الإيجابيات التي تمثلت في الحديث عن احتمال إلغاء المادة الثامنة من الدستور وتشكيل هيئة تأسيسية لتعديله، وإجراء انتخابات ديموقراطية وقانون الأحزاب». وقال ان المعارضة الداخلية بدأت العمل على إعداد «وثيقة سياسية» سيتم طرحها على الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية لإقرارها.
وفي سياق متصل، دعت لجان شعبية ومنظمات أهلية ومؤسسات قطاع خاص لتظاهرة تأييد للأسد اليوم في كل من دمشق وحلب واللاذقية وفقا لما علمت «السفير». وتناقلت الشبكة الخلوية دعوات لهذه المسيرة مساء أمس داعية إلى التجمع في ساحة الأمويين وسط دمشق.
وذكرت وكالات (ا ف ب، ا ب، رويترز) انه فور انتهاء كلمة الأسد، نظمت تظاهرات مناهضة للنظام في مدينة حلب الجامعية وسراقب وكفر نبل في محافظة ادلب وحمص بحسب ما اعلن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ومقره لندن. وأكد ناشطون آخرون تنظيم تظاهرات في حماه واللاذقية.
وأعلنت «لجان التنسيق المحلية» التي تضم ابرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في سوريا استمرار «الثورة» حتى تغيير النظام، معتبرة ان خطاب الاسد «تكريس للازمة من قبل النظام الذي يتمترس وراء الانكار والتعامي عن رؤية الواقع الجديد الذي فرضته ثورة السوريين المستمرة حتى تحقيق مطالبها». واعتبر الحقوقي انور البني ان «الخطاب جاء مخيبا للآمال كحال سابقيه»، مشيرا الى انه «لم يتطرق للمطالب الاساسية للمجتمع وتجاهل ان هناك ازمة سياسية تعصف بسوريا وازمة مجتمع وسلطة وحولها الى ازمة اقتصادية».
وبحث رئيس الحكومة السورية ووزير الخارجية وليد المعلم مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كلينبرغر، في دمشق، التطورات في سوريا وما تقوم به الحكومة من اجل إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد وتعزيز مسيرة الإصلاحات. ونظمت السلطات السورية زيارة للدبلوماسيين المعتمدين فيها وأبرزهم السفير الأميركي روبرت فورد إلى مدينة جسر الشغور، حيث تم اكتشاف «مقبرة جماعية» جديدة. وقال مصدر عسكري إن 29 جثة على الأقل تم سحبها من المقبرة الجماعية.
ردود
ونقلت وكالة «الاناضول» عن غول قوله، في انقرة، ان خطاب الاسد بشأن الاصلاح في سوريا «لا يكفي». وقال «ان على الاسد ان يكون ايجابيا حيال مطالب شعبه». واضاف «على الرئيس الاسد ان يقول بشكل واضح ونهائي ان كل شيء تغير، وانه سيتم تنظيم كل شيء في اطار ارادة الشعب السوري».
واضاف «علينا ان نقرأ بين السطور في خطابه بينما المطلوب منه ان يقول بشكل واضح وعال سننتقل الى نظام تعددي وسننظم انتخابات ديموقراطية طبقا للمعايير الدولية». وتابع «فور قول الرئيس السوري انه سيقود المرحلة الانتقالية في بلاده سنرى عندها ان الامور ستتغير».
وبعد ساعات من تحذير مستشار الرئيس التركي عبد الله غول، ارشاد هورموزلو في مقابلة مع قناة «العربية» من ان أمام الأسد اقل من أسبوع لتفعيل الإصلاحات السياسية التي وعد بها منذ فترة ويطالب بها المحتجون قبل بدء تدخل أجنبي، أكد هورموزلو أن ما يجري في سوريا هو شأن داخلـي لا دخل لتركيا فيه.
وأضاف ان «تركيا شعرت بالقلق تجاه التطورات في سوريا، وكانت تأمل في أن يتم تنفيذ الإصلاحات بما يلبي مطالب وطموحات الشعب السوري»، مشددا على أن «تركيا ترى أن المطلوب في سوريا هو حل نابع من داخل سوريا نفسها للأزمة التي تشهدها حاليا».
وحذر من أن «القرارات تصدر على الفور بمجرد نقل المشاكل إلى الساحة الدولية، وتصبح هذه القرارات ملزمة للجميع، وبالتالي فإنه سيتعين على تركيا الالتزام بها، وأيضا فإن مبادراتها التي تقوم بها حاليا من أجل إنهاء التوتر في ســوريا ستفــقد الأرضية عندما تصدر مثل هذه القرارات، وهذا ما لا ترغــب تركيا فيه».
وتحدث الرئيس الأميركي باراك اوباما مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، وقال البيت الأبيض إن «الرئيسين اتفقا على أن الحكومة السورية يجب أن توقف استخدام العنف الآن، وتطبق سريعا إصلاحات حقيقية تحترم التطلعات الديموقراطية للشعب السوري».
ودعا البيت الأبيض الأسد إلى اتخاذ «خطوات ملموسة» بشأن وعوده بالإصلاح السياسي. وقال المتحدث باسمه جاي كارني، ردا على سؤال بشأن تعهد الأسد بإجراء حوار وطني، «لا أقول إن الكلام لا معنـــى له، ولكنه يحتاج إلى التحــرك بنــاء عليه»، داعيا الى وقــف العنــف ضد المحتجين.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند قالت «ما يهم الان هو الأفعال وليس الأقوال»، مضيفة إن «خطابا ليس سوى كلمات». واضافت «ان يواصل الشعب السوري التظاهر كل اسبوع يثبت ان كلمات (الاسد) بالنسبة اليهم غير كافية. ما يريدونه هو افعال».
ورفضت المتحدثة باسم الخارجية فرضية ان الحركة الاحتجاجية في سوريا هي صنيعة اطراف اجنبية، قائلة «لا نصدق كلمة واحدة» من هذا الامر. واضافت «خلال خطاب (الاسد)، لاحظنا انه اتهم محرضين اجانب من دون ان يعترف بان شعبه مشمئز من النظام». واضافت «هذا النظام صامد بفضل القمع والفساد والخوف».
واعتبر وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني انها «الفرصة الأخيرة» أمام الاسد، فيما اعتبر نظيره البريطاني وليام هيغ انه «إما أن يقود الأسد الاصلاحات الملموسة أو يتنحى جانبا». ومن جهة النتائج، يأتي كلام وزير اللوكسمبورغ، جون أسلبورن، محذرا من «حرب اهلية»، رأى ان سوريا ليست بعيدة عنها إذا استمرت الأزمة.
هذا الكلام كان يستبق الخطاب الذي ألقاه الأسد، وأتى قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في لوكسمبورغ. أما بعد الخطاب فكانت «خيبة الأمل» هي التعبير المتردّد على لسان وزراء اوروبا ومسؤوليها، من هيغ إلى نظيره الفرنسي الان جوبيه الذي اعتبر أن الأسد بلغ «نقطة اللاعودة»، ما أكده إعلان وزراء الاتحاد عن بدء الإعداد لتشديد العقوبات على سوريا.
وأعلن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف ان موسكو ستستخدم حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة ضد مشروع قرار مدعوم غربيا يتعلق بسوريا، معتبراً أن قرارا كهذا قد يستغل كغطاء لعمل عسكري، في وقت قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو ستدعو المعارضة السورية، التي سترسل وفداً إلى روسيا، إلى إجراء حوار مع نظام الأسد.
الأسد يصدر مرسوما بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل الاثنين
الرئيس السوري بشار الأسد
دمشق- القاهرة- (د ب أ): أصدر الرئيس السوري بشار الأسد الثلاثاء مرسوما بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل الاثنين، وذلك بعد يوم واحد من إلقاء خطاب وعد فيه بدراسة مطالب “المحتجين من أصحاب المطالب”.
وهو العفو الثاني الذي يصدره الرئيس السوري منذ بدء الاحتجاجات والثالث منذ بداية العام الجاري.
فقد اصدر الأسد في 31 ايار/ مايو عفوا عاما شمل الاخوان المسلمين والمعتقلين السياسيين حتى تاريخ صدوره. لكن المعارضة السورية التي كانت تعقد اجتماعا في انطاليا شككت فيه واعتبرت انه “غير كاف” و”جاء متأخرا”.
واصدر الأسد في السابع من آذار/ مارس عفوا عن مرتكبي الجنح والمخالفات التي وقعت قبل هذا التاريخ، يشمل ايضا بعض مرتكبي الجرائم من المرضى او كبار السن.
وجاء هذا العفو عشية الذكرى ال48 لتولي حزب البعث الحكم في سوريا في 8 اذار/ مارس 1963.
الأسد يُمهّد لـ «حوار وطـني»
بعد قرابة شهرين على إلقاء كلمة له أمام الحكومة السورية الجديدة، خاطب الرئيس السوري بشار الأسد أمس من جديد مواطنيه، محدداً ملامح السياسة التي ترغب الدولة في اتباعها خلال الفترة المقبلة. وبعدما رسم خطاً فاصلاً بين المطالبين بالإصلاح و«المخربين»، مشدداً على أهمية التمييز بينهم، أكد الرئيس السوري أهمية إقامة «حوار وطني» لإخراج سوريا من الأزمة والمضي قدماً نحو المستقبل، مبدياً استعداده لقبول كل مقررات الحوار، بما في ذلك تعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد
في خطاب هو الثالث منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام، ألقى الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، كلمة على مدرّج جامعة دمشق تناول فيها الأوضاع الراهنة في سوريا، مشدداً على ضرورة تعزيز الوحدة الداخلية، ومؤكداً أن الحوار الوطني بات عنوان المرحلة الحالية ويرتبط به مستقبل سوريا، مبدياً في الوقت نفسه انفتاحاً على معالجة مختلف القضايا التي يطالب بها معارضو النظام، بما في ذلك تعديل الدستور، ضمن مهل زمنية يمتد أقصاها إلى نهاية العام الحالي.
واستهل الأسد خطابه بتوجيه التحية إلى أرواح الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة، في وقت أكد فيه أن سوريا مرت بأيام صعبة «دفعنا فيها ثمناً كبيراً من أمننا واستقرارنا من خلال محنة غير مألوفة خيمت على بلدنا أدت إلى حالات من الاضطراب والخيبة». وبعدما أشار إلى أنه سقط خلال «الاحتجاجات الشعبية عدد من الشهداء، سواء من المواطنين أو من رجال الأمن والشرطة والقوات المسلحة وجرح عدد كبير آخر وكانت خسارة كبيرة لأهلهم وذويهم وخسارة كبرى للوطن، ولي شخصياً كانت خسارة ثقيلة»، أكد أنه «بالقدر الذي تعز علينا خسارتهم وما تحمله من ألم وحسرة بالقدر الذي تدفعنا لتأمل هذه التجربة العميقة والمهمة بجانبها السلبي وما تحمله من خسائر بالأرواح والممتلكات والأرزاق في المستوى المادي والمعنوي وبجانبها الإيجابي وما يحمله من اختبارات مهمة لنا جميعاً، اكتشفنا من خلالها معدننا الوطني الحقيقي بقوته ومتانته وبنقاط ضعفه».
وأوضح أنه «بما أن الزمن لا يعود إلى الوراء، فخيارنا الوحيد هو التطلع إلى المستقبل، وهذا الخيار نمتلكه عندما نقرر أن نصنع المستقبل بدلاً من أن تصنعه الأحداث، عندما نسيطر عليها بدلاً من أن تسيطر علينا، نقودها بدلاً من أن تقودنا، وهذا يعني أن نبني على تجربة غنية أشارت إلى نقاط الخلل وعلى تحليل عميق استخلص العبر، بحيث نحول الخسائر إلى أرباح فترتاح أرواح شهدائنا التي لن تكون حينئذ مجرد دماء مهدورة بل دماءً ضحى بها أصحابها لتزداد قوة وطنهم ومناعته».
وقدم الرئيس السوري رؤيته للأحداث التي تشهدها سوريا، مشيراً إلى أن «ما يحصل في الشارع السوري الآن له ثلاثة مكونات: الأول هو صاحب حاجة أو مطلب يريد من الدولة تلبيتها له، ولقد تحدثت سابقاً عن المطالب المحقة؛ فهذا واجب من واجبات الدولة تجاه مواطنيها، عليها العمل من دون كلل لتحقيقه ضمن إمكاناتها، وعلينا جميعاً في مواقع المسؤولية أن نستمع إليهم ونحاورهم ونساعدهم تحت سقف النظام العام، فلا سعي الدولة لتطبيق القانون وفرض النظام يبرر إهمال مطالب الناس، ولا الحاجات الملحة للبعض تبرر مطلقاً السعي لنشر الفوضى أو خرق القانون أو إلحاق الضرر بالمصالح العامة»، مؤكداً أنّ «علينا أن نميز بين هؤلاء وبين المخربين». وأضاف: «المخربون هم مجموعة قليلة فئة صغيرة مؤثرة، حاولت استغلال الآخرين وحاولت استغلال الأكثرية الطيبة من الشعب السوري من أجل تنفيذ مآرب عديدة. فالتمييز بين الفئة الأولى والثانية هام جداً. هذا المكون مكون وطني. كل المطالب التي سمعتها أو التي طرحت تحت سقف الوطن لا يوجد أجندات خارجية ولا ارتباطات خارجية وهم ضد أي تدخل خارجي تحت أي عنوان، هم يريدون المشاركة وعدم التهميش والعدالة».
وتحدث عمّا طرحته الوفود الشعبية التي التقته، ومن بينها موضوع العفو، مشيراً إلى أنه شعر بأنه على الرغم من أن العفو الأخير «هو أشمل عفو صدر منذ نحو 23 عاماً»، هناك «رغبة بأن يكون هذا العفو أشمل»، مشيراً إلى أنه سيطلب «من وزارة العدل أن تقوم بدراسة الهامش الذي يمكن أن نتوسع به في العفو، ولو بمرسوم آخر بشكل يشمل آخرين دون أن يضر مصلحة وأمن الدولة من جانب وبنفس الوقت مصالح المواطنين المعنية بالحقوق الخاصة للمواطنين أصحاب الدم على سبيل المثال».
اما المكون الثاني لما يجري في سوريا، فيمثله وفقاً للأسد «عدد من الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة بقضايا جنائية مختلفة وجدوا في مؤسسات الدولة خصماً وهدفاً لأنها عقبة في وجه مصالحهم غير المشروعة ولأنهم مطاردون من قبل أجهزتها، فالفوضى بالنسبة إلى هؤلاء فرصة ذهبية لا بد من اقتناصها من أجل بقائهم طلقاء وتعزيز أعمالهم غير القانونية». وأضاف: «قد يكون السؤال ما هو عدد هؤلاء، أنا شخصياً فوجئت بهذا العدد. كنت أعتقد أنه بضعة آلاف في السابق. العدد في بداية الأزمة 64 ألفاً وأربعمئة وكسور». ورأى أن هذا العدد «يعادل بالمعنى العسكري تقريباً خمس فرق عسكرية، أي تقريباً جيش كامل، لو أراد بضعة آلاف من هؤلاء أن يقوموا بحمل السلاح والقيام بأعمال تخريب تستطيعون أن تتخيلوا مدى الضرر الذي من الممكن أن يلحق بالدولة».
أما المكون الثالث، فرأى الأسد أنه «الأكثر خطورة بالرغم من صغر حجمه، وهو يمثل أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري، هذا الفكر الذي اختبرناه وعرفناه منذ عقود عندما حاول التسلل إلى سوريا واستطاعت أن تتخلص منه بوعي شعبها وحكمته». كذلك، تحدث الأسد عن أن «هناك مكونات أخرى»، قائلاً: «أنا لم أتحدث عن المكون الخارجي ودوره في الأزمة، ولم أتحدث عن المكونات التي نعرفها جميعاً. فهناك أشخاص تدفع لهم أموال ليقوموا بعمليات التصوير والتعامل مع الإعلام والبعض تدفع له أموال ليشارك في تظاهرات لمدة دقائق ويتم تصويرها وهي مكونات لا تهمنا كثيراً، وبمراقبة المسار والأحداث كان التصعيد والفوضى هما المرادف لكل خطوة إصلاحية أعلن عنها أو تم إنجازها. وعندما فقدت المبررات كلياً كان استخدام السلاح هو الخيار الوحيد أمامهم لتنفيذ المخطط. ففي بعض الأحيان استخدمت المسيرات السلمية كغطاء يختبئ تحته المسلحون. وفي أحيان أخرى كانوا يقومون بالاعتداء على المدنيين والشرطة والعسكريين عبر الهجوم على المواقع والنقاط العسكرية أو عبر عمليات الاغتيال».
واتهم الأسد أصحاب هذه الفئة بأنهم «شوهوا صورة الوطن خارجياً وفتحوا الأبواب، بل دعوا إلى التدخل الخارجي، وحاولوا بذلك إضعاف الموقف السياسي الوطني المتمسك بعودة الحقوق الوطنية كاملة». وأشار إلى أنهم «عملوا على استحضار خطاب مذهبي مقيت لا ينتمي إلينا ولا ننتمي إليه ولا نرى فيه سوى التعبير عن فكر قبيح، حاشا ديننا وتاريخنا وتقاليدنا أن تربط به أو تقربه، وحاشا انتماؤنا الوطني والقومي والأخلاقي أن يدنس به».
وأضاف الأسد: «طبعاً في كل هذه الأمور ما عدا المكون الأول أنا أتحدث عن قلة قليلة لا تمثل سوى جزء بسيط جداً من الشعب السوري، لذا الموضوع ليس مقلقاً، لكن أقول مرة أخرى لا بد من معالجته، فعندما فشلوا في المرحلة الأولى عندما حاولوا استغلال المكون الأول وهو أصحاب المطالب انتقلوا للصدام المسلح والأعمال المسلحة، وعندما فشلوا في هذه المرحلة انتقلوا إلى نوع جديد من العمل بدأوا به في جسر الشغور عندما ارتكبوا المجازر الشنيعة التي رأينا صورها في الإعلام؛ قتلوا رجال الأمن ودمروا مراكز البريد التي هي ملك الشعب والمدينة التي يعيشون فيها هي التي تستخدمها. هناك حقد كبير».
وتحدث الأسد عن أنهم «كانوا يمتلكون أسلحة متطورة لم تكن موجودة في السابق، وأجهزة اتصالات متطورة وانتقلوا لعمل آخر حاولوا بالقرب من معرة النعمان أن يستولوا على مخازن استراتيجية للوقود وتمكنوا من احتلالها واضطرت القوات المسلحة للتدخل من أجل استعادتها وفوجئنا بأنهم يملكون سيارات رباعية حديثة ركبت عليها أسلحة متطورة للتعامل حتى مع الحوامات وأيضاً أجهزة اتصال». واتهم أعضاء هذه الفئة بأنهم «حاولوا أن يرتكبوا مجزرة أخرى في معرة النعمان أيضاً بحق مفرزة أمنية وكادوا ينجحون لولا تدخل أهل المدينة الذين حموا المفرزة في بيوتهم، والبعض دفع الثمن عندما عذب وضرب وكسرت عظامه وغيرها…».
وشدد الرئيس السوري على أن «ما يحصل اليوم من قبل البعض ليس له علاقة بالتطوير أو بالإصلاح»، معتبراً أن «ما يحصل هو عبارة عن تخريب، وكلما حصل المزيد من التخريب ابتعدنا عن أهدافنا التطويرية وعن طموحاتنا». واضاف: «وأنا هنا لا أقصد التخريب المادي فقط، فهذا إصلاحه قد يكون أكثر سهولة، لكنني أقصد بالدرجة الأولى التخريب النفسي والأخلاقي والسلوكي الذي يصعب إصلاحه مع الوقت». وأضاف «إذاً علينا أن نصلح ما تخرب ونصلح المخربين أو نعزلهم وعندها نستطيع الاستمرار بالتطوير. لذلك بدأت بسلسلة طويلة من اللقاءات التي شملت مختلف الشرائح والفئات من مختلف المناطق والمحافظات في سوريا بهدف فهم ورؤية هذا الواقع كما هو أو بأقرب ما يمكن إلى حقيقته من الزوايا المختلفة التي ينظر منها المواطنون السوريون، بالشكل الذي يساعدنا على ترتيب أولويات مؤسسات الدولة بما يتوافق مع أولويات المواطنين».
وأضاف: «كانت لقاءاتي مفيدة وصريحة وعميقة وشاملة، تطرقت لكل المواضيع المطروحة من دون استثناء، بعضها محلي على مستوى المدينة والمحافظة وبعضها شامل للقطر، وكانت الأولويات بالنسبة إلي هي المواضيع التي تمس الشرائح الأوسع من الشعب قبل القضايا المحلية على أهميتها». واوضح قائلاً: «لكنني وجدت نفسي في قلب حوار وطني حقيقي. والحوار الوطني لا يعني نخباً محددة. ولا حوار المعارضة مع الموالاة أو السلطة. وليس محصوراً بالسياسة فقط. بل هو حوار كل أطياف الشعب حول كل شؤون الوطن».
ورأى الرئيس السوري أنه «إذا افترضنا أن حجم السلطة بمقياس معين وحجم المعارضة بمقياس معين ففي كل الدول وفي كل المجتمعات القسم الأكبر من الشعب هو الذي لا ينتمي للطرف الأول ولا للطرف الثاني، فلا يمكن أن نتحدث عن حوار وطني وتخطيط لمستقبل أو رسم مستقبل سوريا لأجيال وعقود بإهمال القسم الأكبر من الشعب وهنا برزت فكرة الحوار الوطني بالشكل الذي بدأنا به مؤخراً». وبعدما تحدث عن بروز «الكثير من الآراء حول الصيغ الممكنة للحوار»، أكد أن هيئة الحوار «لم تشأ أن تحتكر لنفسها موضوع المعايير فقررت أن تقوم باجتماع تشاوري اعتقد خلال الأيام المقبلة تدعو فيه أكثر من مئة شخصية من مختلف الأطياف وتتشاور معهم حول المعايير والآليات وبعدها يبدأ الحوار مباشرة وتحدد جدولاً زمنياً تقول إن مدة الحوار شهر أو شهران حسب ما يرى المشاركون في الجلسة التشاورية».
واكد الأسد أن «المطالب الملحة للشعب بوشر بتنفيذها قبل بدء الحوار»، معدداً سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، ومن بينها رفع حالة الطوارىء وإلغاء محكمة أمن الدولة، إصدار قانون تنظيم حق التظاهر السلمي. كذلك تحدث عن أنه «يقيناً من ضرورة الوصول إلى تمثيل أفضل للمواطنين في المؤسسات المنتخبة وفي مقدمها مجلس الشعب ومجالس الإدارة المحلية تم تشكيل لجنة لاعداد مسودة لقانون جديد للانتخابات»، مشدداً على أن «هذا القانون سيعطي فرصة للمواطنين لانتخاب الممثلين الذي يمثلونهم ويمثلون مصالحهم».
وأكد الأسد أن «من شأن هذه القوانين، هذه الحزمة السياسية التي ذكرتها أن تخلق واقعاً سياسياً جديداً في سوريا من خلال توسيع المشاركة الشعبية في إدارة الدولة، وجعل المواطن مسؤولاً يساهم في اتخاذ القرار والمراقبة والمحاسبة، كما ستقود إلى تحولات عميقة على مستوى الحراك السياسي والنشاط الجماهيري، الأمر الذي سيؤدي إلى إعادة النظر بالكثير من قواعد العمل السياسي في البلاد ويستدعي بالتالي إجراء مراجعة للدستور».
وأشار الأسد إلى مراجعة الدستور، سواء لجهة «تعديل بعض مواده، أو لإقرار دستور جديد يواكب المتغيرات التي شهدتها البنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في سوريا والتي حصلت خلال العقود الأربعة الماضية التي تلت إقراره». وتساءل: «هل نبدل بضع مواد من الدستور بما فيها المادة الثامنة، أم نبدل كل الدستور على اعتبار أنه مضى على عمر هذا الدستور حوالى أربعين عاماً وربما كان الأفضل تبديله كاملاً، لكن البعض يطرح أن نقوم بخطوات معينة الآن وتعديل بعض المواد، ولاحقاً ننتقل لمراجعة شاملة للدستور، وإذا كان هناك تعديل بعض المواد فلا بد من مجلس شعب، وإذا كان المطلوب تغيير الدستور كاملاً فهو بحاجة إلى استفتاء شعبي».
وأكد الأسد أن «كل هذه الحزمة سوف تعرض على الحوار الوطني وطبعاً هناك عدد من النقاط المفيد ذكرها بشأن هذه الحزمة»، مشيراً إلى أن «البعض يعتقد أن هناك مماطلة من قبل الدولة في موضوع الإصلاح السياسي، بمعنى لا يوجد جدية من قبل الدولة للقيام بهذا الإصلاح، وأنا أريد أن أؤكد أن عملية الإصلاح بالنسبة إلينا هي قناعة كاملة ومطلقة لأنها تمثل مصلحة الوطن ولأنها تعبر عن رغبة الشعب ولا يمكن إنساناً عاقلاً أن يقف ضد مصلحة الوطن أو ضد الشعب».
وأضاف الأسد: «ما نقوم به الآن هو صناعة المستقبل وصناعة المستقبل ستكون في المستقبل عبارة عن تاريخ. هذا التاريخ أو المستقبل الذي نصنعه الآن سيؤثر على العقود أو الأجيال المقبلة لعقود قادمة»، مشدداً على ضرورة توفير «أوسع مشاركة لكي نرى بزاوية أوسع وأكبر وبشكل أبعد باتجاه المستقبل، فأن يقول البعض بأنّ على الرئيس أن يقود عملية الإصلاح فلا يعني أن يقوم الرئيس باستبدال الشعب ويقوم وحده بعملية الإصلاح، والقيادة لا تعني أن يقف الإنسان وحده، بل أن يكون في المقدمة. فإذا هو يسير في الأمام والناس يسيرون معه، وهذه القيادة عملية تشاور وتفاعل. هنا أعود وأؤكد أهمية الحوار الوطني».
وأفرد الأسد مساحة للحديث عن المهل الزمنية للحوار والإصلاحات، موضحاً «الآن معظم اللجان انتهت من أعمالها ما عدا لجنة الإعلام حتى شهر تموز، ولكن لجنة قانون الأحزاب تنتهي خلال الأيام المقبلة، وإذا أنهينا قانون الأحزاب والانتخابات، أهم قانونين في الإصلاح السياسي، نستطيع أن نبدأ مباشرة الحوار الوطني ونناقش كل هذه القوانين التي تصدر لاحقاً».
وأكد الأسد أنه «على كل الأحوال انتخابات مجلس الشعب، إن لم تؤجل، فستكون في شهر آب وسيكون لدينا مجلس شعب جديد في شهر آب بشكل عام، ونستطيع أن نقول إننا قادرون على إنجاز هذه الحزمة حتى نهاية شهر آب، لنقل أول أيلول تكون هذه الحزمة منتهية».
أما الدستور، فأوضح الأسد أن «الموضوع مختلف لأنه بحاجة إلى مجلس شعب، فإذا انتخب مجلس الشعب الجديد في شهر آب يستطيع أن يبدأ مباشرة بدراسة التعديلات بالنسبة إلى الدستور، وإذا تأجل بحسب قرار الحوار الوطني لأشهر، 3 أشهر، كل هذه الحزمة تنتهي قبل نهاية العام، أي خلال 5 أشهر». وأضاف: «أما إذا كنا نريد مراجعة كل الدستور ووضع دستور جديد، فالعملية مختلفة تماماً. عندها، يكون هناك هيئة تأسيسية وتقوم بطرح الدستور على الاستفتاء الشعبي، لكن ما سنقوم به الآن مباشرة هو تشكيل لجنة لإعداد دراسة بكل الأحوال لموضوع الدستور، يعني أن نختصر الزمن وتبدأ اللجنة خلال الأيام المقبلة بالدراسة نعطيها مهلة شهر، وأعتقد أنه يكفي وتطرح الدراسة على الحوار الوطني، وعندها يكون الجدول الزمني واضحاً بشكل دقيق 3 أشهر إذا افترضنا لأول أيلول أو 5 أشهر إذا افترضنا حتى نهاية العام، يعني هذا هو الهامش ولكن نحن مستمرون بكل القوانين وبدراسة الدستور التي ستكون المرحلة الأخيرة».
وبعدما أكد أن «المرحلة المقبلة هي مرحلة تحويل سوريا إلى ورشة بناء لتعويض الزمن والأضرار ولرأب الصدع وبلسمة الجراح»، أشار إلى أنه «أن يسيل دم مواطن سوري، كائناً من كان وفي أي ظرف من الظروف، يعني أن الوطن برمته ينزف. ووقف النزف مسؤولية وطنية يشارك فيها كل مواطن. أما الوقوف على الحياد فهو تعميق للجرح، كلنا مسؤولون عن حماية أمن الوطن واستقراره بغض النظر عن مواقعنا أو آرائنا».
وفي السياق، شدد الأسد على العمل «على ملاحقة ومحاسبة كل من أراق الدماء أو سعى إلى إراقته»، مؤكداً أن «تأخر الإجراءات القانونية لأسباب بيروقراطية فلا يعني التسويف ولا يعني التساهل… فالضرر الحاصل أصاب الجميع والمحاسبة على ذلك هو حق للدولة بمقدار ما هو حق للأفراد».
ودعا الرئيس السوري، المتظاهرين ممن يعتقدون انهم ملاحقون إلى أن يجربوا التواصل «مع الدولة وسوف تجدون كل الاستجابة والتسامح من قبل مؤسسات الدولة حتى للذي حمل السلاح ولكن لم يستخدمه ضد أي جهة». واكد أن «ترويع المواطنين والإرهاب والقتل موضوع آخر لا يمكن الدولة إلا أن تطبق القانون على هؤلاء بحزم كبير».
كذلك جدد الأسد الدعوة إلى اللاجئين إلى العودة، مؤكداً أن «عودة المهجرين موضوع أساسي وهام جداً؛ لأن المدينة تموت من دون أبنائها. أدعو كل شخص أو كل عائلة هاجرت من مدينتها أو قريتها إلى أن تعود بأسرع وقت ممكن». وأضاف: «هناك من يقول لهم أو يوحي لهم بأن الدولة ستنتقم. أنا أؤكد لهم أن هذا الشيء غير صحيح. الجيش موجود من أجل أمنهم ومن أجل أمن أبنائهم فنتمنى أن نراهم قريباً في جسر الشغور».
كذلك تطرق الأسد إلى دور الجيش في الحياة السورية، قائلاً: «نحن نرغب بالحل السياسي ونتمنى أن يعود الجيش إلى ثكنه بأقصى سرعة. نتمنى أن يعود عناصر الأمن إلى مكاتبهم وأبنيتهم ومواقعهم أيضاً بأقصى سرعة». وأضاف: «أما الآن فلدينا جيش موجود. ريثما يعود هذا الجيش إلى ثكنه فعلينا أن نساند هذا الجيش ونطلب منه المساعدة في كل مكان، فأبناء هذا الجيش هم أخوة لكل مواطن سوري، والجيش دائماً هو الشرف وهو الكرامة».
(سانا)
خيبة في تركيا: الأسد يحاول شراء الوقت
انتظرت تركيا الرسمية والإعلامية خطاب الرئيس السوري بشار الأسد بفارغ الصبر، على قاعدة أن للخطاب أهمية كبرى من الناحيتين: إن جاء فيه كلام واضح عن إصلاحات محددة تتخطى إطار مجرّد النيات بالإصلاح، فستكون تركيا إلى جانب دمشق. أما إذا اقتصر على إلقاء اللوم على «المؤامرة» والعصابات المسلحة، فسيكون النظام السوري قد فوّت إحدى الفرص الأخيرة المتاحة له. وكان من الطبيعي أن يأتي كلام الإعلام أوضح وأقوى من دبلوماسية الكلمات الرسمية المنمَّقة، حتى وصل الأمر ببعض الصحافيين الرئيسيين إلى توقُّع أن يكون خطاب الأسد هو الأخير له، وسط خشية تركية من اقتراب القوات السورية من الحدود التركية، ما يشير إلى احتمال اندلاع اشتباكات بين الجيشين.
وكان لخطاب الأسد وقع الخيبة في أنقرة؛ إذ رأت مصادر رسمية في أنقرة، في حديث لصحيفة «توداي زمان»، أن الكلمة الطويلة للرئيس السوري «لم تتضمّن ما كان متوقَّعاً منها»، بما أن الرئيس السوري «لا يزال يحاول تأجيل الإصلاح وشراء الوقت الذي لا يملكه أصلاً». وأشارت المصادر الحكومية إلى أنّ الأسد «لم يبلور خططاً واضحة للانفتاح السياسي على كافة الأطياف السورية».
وسبق خطابَ الأسد إعلان كبير مستشاري الرئيس التركي، أرشاد هرمزلو، أنّ بلاده تنتظر خطاب الأسد على قاعدة أن «أمام النظام في دمشق أسبوعاً، لأنه لا يمكن تقديم أي غطاء للقيادة السورية بعد ذلك». وقال هرمزلو، لفضائية «العربية» السعودية، إنّ «القيادة التركية أشارت لنظيرتها السورية إلى ضرورة إجراء إصلاحات تتماشى مع متطلّبات الشعب السوري، وننتظر أن يكون ثمة تجاوب مع هذه المطالب في فترة قصيرة لا تتجاوز أسبوعاً». وتابع بأنه «لا يمكن تقديم أي غطاء للقيادة في سوريا بعد ذلك في هذا الموضوع، لأنه يبدأ حينها التخوف من بدء التدخلات الخارجية».
وعلى الصعيد الرسمي أيضاً، نفى مصدر تركي رفيع المستوى في وزارة الخارجية لصحيفة «توداي زمان» مزاعم لقناة «العربية» عن أن أنقرة تنوي إرسال موفد إلى دمشق لتسليم القيادة السورية إنذاراً خطياً يتضمّن طلباً بإقالة شقيق الرئيس الأسد، العميد ماهر الأسد، من منصبه العسكري في قيادة الفرقة الرابعة بالجيش السوري. وقال المصدر التركي للصحيفة: «لا نعتقد أن هناك حاجة للإقدام على مثل تلك الخطوة في المرحلة الراهنة». وبرّر المسؤول موقفه بأنّ حكومته على اتصال دائم مع نظيرتها السورية، وهو ما يلغي الحاجة لإرسال موفد تركي إلى دمشق.
وكانت فضائية «العربية» قد أشارت إلى أنّ أنقرة تُعدّ لإرسال موفد خاص لتسليم القيادة السورية رسالة خطية تطلب من نظام الأسد القيام بثلاث خطوات: ـــــ الإقدام على خطوات إصلاحية فورية. ـــــ وقف فوري للعمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري في مختلف المدن السورية ضد المتظاهرين. ـــــ إقالة ماهر الأسد من منصبه، على أن توفّر له أنقرة ملاذاً آمناً في تركيا أو تساعده على إيجاد منفى في أوروبا.
على صعيد الإعلام التركي، نقل رئيس تحرير صحيفة «حرييت دايلي نيوز»، مراد يتكين، عن «مصادر مسؤولة رفيعة المستوى»، توقّعها أن يتضمّن خطاب الأسد إعلاناً لإصلاحات سياسية، مشيرة إلى أن أنقرة تستعدّ لاتخاذ خطوات ومواقف إضافية بعد الزيارة التي قام بها موفد الأسد، حسن توركماني لأنقرة في الأسبوع الماضي.
وتحت عنوان «الأسد يتحدّث من أجل مصيره ومصير سوريا»، كتب يتكين أنّ دوائر القرار في أنقرة أبلغته توقُّعها بأن يغيّر خطاب الأسد مجرى الأحداث في سوريا، وأن يحسم مصيره كرئيس أيضاً. وأضافت مصادره المسؤولة أنه «إذا فشل الرئيس السوري في إعلان سلسلة من الإصلاحات المطلوبة، فسيفوّت فرصة كبيرة من ناحية ضمان بقائه في الحكم»، كذلك إن عدم إعلانه تلك الإصلاحات «سيجعل من أنقرة عاجزة عن إيلاء المزيد من الثقة للأسد».
وأوضحت المصادر نفسها أنّ الأمل، ولو الضئيل، بأن يعلن الأسد إصلاحات حقيقية، ينبع من إعلان ابن خال الأسد، رجل الأعمال رامي مخلوف، اعتزاله العمل التجاري واتجاهه نحو العمل الخيري، «وذلك بعد يومين فقط من سماع موفد الأسد إلى أنقرة، حسن توركماني، نصيحة بأنه يحب الاستماع إلى مطالب إقصاء الفاسدين في قلب النظام». وبحسب دبلوماسي تركي تحدّث لرئيس تحرير «حرييت»، فإنّ «أنقرة متأكدة من أن هناك أشخاصاً في النظام السوري يريدون منع الأسد من اتخاذ خطوات إصلاحية من أجل استمراره بقمع شعبه، وهو ما لا نريده في أنقرة».
من جهتها، كتبت إحدى أقرب الصحف من حكومة أنقرة، «توداي زمان»، موضوعاً طويلاً على صفحتها الأولى بعنوان «العمليات العسكرية السورية القريبة من الحدود التركية قد تؤدي إلى اشتباك مع تركيا». ونقل التقرير عن الباحث في «مركز الدراسات الاستراتيجية الشرق أوسطية»، فيصل أيهان، تحذيره من أن تركيا «لن تقف مكتوفة الأيدي إن أقدمت القوات الأمنية السورية على قتل مواطنين سوريين هاربين بالقرب من حدودها»، بدليل الزيارات الرفيعة المستوى التي قام ويقوم بها مسؤولون عسكريون أتراك للمنطقة الحدودية، واضعاً تلك الزيارات، وأهمها لقائد الجيش البري الجنرال إردال جيلان أوغلو بأنها «رسالة شديدة اللهجة للسوريين بأن تركيا لن تبقى في موقع المشاهِد للأحداث الجارية على حدودها».
(الأخبار)
أوروبا تشدّد العقوبات وموسكو تدعو المعارضة لوقف الاستفزاز
أخذ الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر من وزراء خارجية دوله الـ27 لتشديد العقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد، مفوّضاً إلى أنقرة دور الوساطة مع سوريا، بينما لا يزال الانحياز الروسي إلى النظام في دمشق شديداً
سارع بعض المسؤولين الأوروبيين، أمس، إلى استقبال خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، بإعرابهم عن إحباطهم إزاءه؛ وقالت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، إنها محبطة من الخطاب الذي أدلى به الرئيس السوري، مشيرة إلى أن عليه أن «يبدأ حواراً حقيقياً مع شعب سوريا». وأضافت آشتون في مؤتمر صحافي إنه «يتعين على الرئيس الأسد أن يبدأ حواراً حقيقياً شاملاً يتمتع بصدقية، ومن شأن شعب سوريا أن يحكم على رغبته في الإصلاح». وتابعت «لكن يتعين أن أقول للوهلة الأولى إن خطاب اليوم كان مخيباً للآمال». بدوره، رأى وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن الرئيس السوري بلغ «نقطة اللاعودة»، مشكّكاً في أن يكون باستطاعته تغيير سمعته بعد القمع «المريع» الذي مارسه على شعبه.
ولم يُجدِ خطاب الأسد نفعاً في إقناع الاتحاد الأوروبي بعدم تبنّي قرار بتشديد العقوبات المفروضة على نظامه، وسط تكرار وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك للمرة الثالثة، توقعه أن يسقط نظام الأسد في غضون 6 أشهر، بينما لا تزال موسكو على موقفها الرافض رفضاً مطلقاً لإمرار أي قرار دولي من شأنه إدانة سوريا في مجلس الأمن، مع تشجيعها المعارضة السورية على التواصل مع النظام.
وتبنّى الاتحاد الأوروبي، أمس، قراراً يمهّد لتشديد عقوباته على النظام السوري، محذراً من أن «صدقية» الأسد للبقاء في الحكم «رهن بالإصلاحات الموعودة». ودعا وزراء خارجية الاتحاد، في اجتماع عقدوه في لوكسمبورغ، مجلس الأمن الدولي إلى أن يحذو حذوهم ويتبنّى قراراً ضد دمشق، منتقدين التهديد الروسي باستخدام حق النقض. وأكد الاتحاد أنه «يعدّ على نحو نشط» لتشديد العقوبات المفروضة على سوريا «من خلال تسمية شخصيات وكيانات سورية جديدة لتخضع للعقوبات». وجاء في النص، الذي وافق على بنوده الممثلون الدائمون لدول الاتحاد الأوروبي الـ27، أن «صدقية الأسد وقيادته تتوقفان على الإصلاحات التي وعد بها بنفسه».
وتضمّن النص الذي وافق عليه الاتحاد الأوروبي «اعترافاً» بدور الوسيط التركي لدى الأسد، وأن يلتزم «بالتعاون» مع أنقرة وغيرها من الشركاء الإقليميين لمواجهة الأزمة السورية. وبهذا القرار الأوروبي الجديد، يكون الاتحاد قد مهّد الطريق لإصدار لائحة ثالثة من عقوباته ضد النظام في دمشق.
في غضون ذلك، جدد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف تأكيده أن موسكو ستستخدم حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة ضد مسودة قرار مدعومة غربياً تتعلق بسوريا، مبرراً موقف بلاده باعتبار أنّ قراراً كهذا «قد يُستغل كغطاء لعمل عسكري».
وقال مدفيديف، في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز»، إن القرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في آذار بشأن ليبيا مهّد السبيل لعملية عسكرية هناك، ليخلص إلى أن روسيا «ليست مستعدة لدعم نصّ (على غرار) القرار الليبي؛ إذ أرى بوضوح أن قراراً جيداً تحول مجرد ورقة عملت كغطاء لعملية عسكرية لا معنى لها». وأضاف: «لن يصدر قرار كهذا، فروسيا ستستخدم حقوقها بوصفها عضواً دائماً في مجلس الأمن». غير أن الرئيس الروسي لمّح إلى أنه «يمكن أن تصدر مناشدات أو إعلانات دولية تتعلق بسوريا، بما في ذلك من مجلس الأمن».
وأشار مدفيديف إلى أنه «في الوقت الراهن، لست متأكداً من الحاجة إلى قرار؛ لأنه يمكن أن ينص على شيء، بينما تأتي الأفعال بشيء آخر. قد يقول القرار ندين استخدام القوة في سوريا، بينما تنطلق بعد ذلك الطائرات الحربية في السماء».
وعن قراءته للتطورات السورية، بدا مدفيديف منحازاً إلى نظيره السوري؛ إذ رأى أن «سوريا تواجه خياراً صعباً للغاية. شخصياً، أشعر بالأسف تجاه الرئيس الأسد الذي يجد نفسه في موقف صعب للغاية، فما أراه هو أنه يريد إدخال تعديلات سياسية في بلاده، ويريد إصلاحات»، لكنه أضاف: «في الوقت ذاته، تأخر (الأسد) بعض الشيء في ما يتعلق بتلك الإصلاحات، ثم سقط الضحايا الذين كان يمكن تجنب سقوطهم، وهو الأمر الذي ستقع تبعته في الأغلب على ضمير السلطات» في سوريا.
وفي السياق، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال اجتماع مع وزير خارجية روسيا البيضاء، عن تشجيع موسكو للمعارضة السورية على تسوية الأمور مع السلطات السورية. وقال: «نحث المعارضة السورية على تحمل مسؤوليتها تجاه بلادها وتجاه شعبها، وأن تستجيب ـــــ حتى وإن كان ذلك متأخراً ـــــ لخطوات الإصلاح التي اتخذتها السلطات، وليتحقق ذلك يتعين الجلوس معاً للاتفاق». كذلك دعا لافروف المعارضة السورية إلى «التخلي عن الاستفزازات وأي محاولة لحمل المجتمع الدولي على أن يأتي بسيف العدالة ليحل لهم مشكلتهم المتمثلة في تغيير النظام».
ومن باريس، التي يزورها حالياً، توقّع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، أن «يلاقي الأسد نهايته (السياسية) في غضون ستة أشهر، لأنه فقد شرعيته بلجوئه إلى القوة لسحق تظاهرات المعارضة». وفي مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، رأى باراك أن «الأسد تخطّى نقطة اللاعودة».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)
اطلاق نار وانفجارات قرب الحدود السورية التركية
أ. ف. ب.
غوفيتشي: سمع اطلاق عيارات نارية باسلحة خفيفة ودوي انفجارات الثلاثاء عند الجانب السوري من الحدود التركية السورية حيث يتواجد الاف النازحين السوريين الهاربين من القمع، كما افادت مراسلة لوكالة فرانس برس.
ويبدو ان اطلاق النار مصدره قمة تلة تطل على الخط الفاصل بين البلدين على بعد نحو كيلومتر من المكان.
واصيب سوريان مساء الاحد بالرصاص على بعد كيلومترات قليلة من الحدود، بحسب وكالة انباء الاناضول التركية. ونقل السوريان الى تركيا حيث اودعا المستشفى.
ويتجمع آلاف السوريين على الحدود التركية قرب قرية غوفيتشي مترددين في عبور الحدود الى تركيا خشية عدم التمكن من العودة الى ديارهم.
ويقول النازحون انهم تلقوا ضمانات من السلطات التركية انه بامكانهم عبور الحدود في حال شعروا بخطر داهم.
واختار 10700 سوري في الاسابيع الاخيرة العبور الى تركيا حيث تم استقبالهم في خمسة مخيمات يديرها الهلال الاحمر التركي.
ومنذ اندلاع حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري في 15 آذار/مارس، ارسلت السلطات السورية قوات ودبابات الى العديد من المدن لقمع الاحتجاجات وردت اعمال العنف الى “ارهابيين مسلحين يبثون الفوضى”.
وخلف قمع التظاهرات اكثر من 1300 قتيل بين المدنيين وادى الى توقيف اكثر من عشرة آلاف، بحسب منظمات غير حكومية سورية.
وتابع “اقترب الوقت الذي سيكون فيه على الجميع تحمل مسؤولياتهم”.
وشدد رئيس الوزراء الفرنسي “سنتابع مع آلان جوبيه (وزير الخارجية الفرنسي) التباحث خلال مادبة غداء (مع بوتين) بشان هذا الموضوع المثير للقلق”.
في الاثناء اعتبر بوتين بشان سوريا ان “التدخل في شؤون دولة ذات سيادة لا افق له”.
وفي مقابلة نشرها الكرملين الاحد اعلن الرئيس الروسي دميتري مدفيديف ان موسكو ستستخدم حق الفيتو في مجلس الامن ضد اي قرار ضد سوريا وذلك خشية ان يقصف الغرب سوريا كما فعل في ليبيا مع اقراره بان دمشق تقع عليها مسؤولية قتلى.
واقر فيون بان فرنسا لديها “مقاربة مختلفة” عن روسيا بشان هذه القضية غير انه راى انه يمكن للمقاربتين “ان تلتقيا”.
بوتين يقول بشان سوريا ان التدخل في شؤون دولة ذات سيادة “لا افق له”
إلى ذلك قال رئيس الوزراء الروسي فلادمير بوتين الثلاثاء بشان سوريا ان “التدخل في شؤون دولة ذات سيادة (..) لا افق له” في الوقت الذي حذرت فيه موسكو من انها ستستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع تبني اي قرار دولي يستهدف دمشق.
السلطات اللبنانية تفرج عن “كافة الموقوفين” من السوريين النازحين
من جهة ثانية افرجت السلطات اللبنانية عن “كافة الموقوفين” السوريين الذين كانت اوقفتهم خلال فترة النزوح الى الاراضي اللبنانية لعدم حيازتهم اوراقا ثبوتية، على ما افاد ناشطون وكالة فرانس برس الثلاثاء.
وقال الشيخ مازن محمد، وهو امام مسجد في منطقة التبانة في مدينة طرابلس شمال لبنان واحد الناشطين في الدفاع عن السوريين النازحين الموقوفين في لبنان ان “السلطات اللبنانية افرجت ليل امس (الاثنين الثلاثاء) عن 21 موقوفا كانت احتجزتهم خلال فترة النزوح لعدم حيازتهم اوراقا ثبوتية للدخول الى لبنان”.
وقال المحامي نبيل الحلبي مدير المؤسسة اللبنانية للديموقراطية وحقوق الانسان في اتصال مع وكالة فرانس برس الثلاثاء ان “السلطات اللبنانية افرجت عن كافة الموقوفين من السوريين النازحين الى لبنان، واقفلت بذلك هذا الملف”.
وياتي الافراج عن هؤلاء الموقوفين بعد تحركات شعبية عدة نفذها ابناء منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس.
وكانت مدينة طرابلس شهدت الجمعة اشتباكات مسلحة بين منطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية ومنطقة جبل محسن المجاورة ذات الغالبية العلوية اسفرت عن مقتل سبعة اشخاص وجرح عشرات آخرين، وذلك عقب تظاهرة مؤيدة للاحتجاجات التي تشهدها سوريا منذ الخامس عشر من اذار/مارس.
واوضح الشيخ مازن محمد لفرانس برس ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “تولى المسؤولية وقام بالتنسيق مع الاجهزة المعنية للافراج عنهم”.
ونزح الاف السوريين، معظمهم من تلكلخ ومحيطها وبينهم جرحى، خلال الاسابيع الماضية الى شمال لبنان عبر معبر البقيعة غير الرسمي الذي كان يستخدمه عادة المهربون وعبر مسالك جبلية وعرة.
وينقسم اللبنانيون اجمالا بين مؤيدين لقوى 8 آذار وابرز اركانها حزب الله القريب من سوريا وقوى 14 آذار (سعد الحريري وحلفاؤه) المناهضة لدمشق.
لكن الفريقين السياسيين يمتنعان عن الادلاء بمواقف متشنجة او علنية من الاحداث السورية منعا لتأجيج ازمة داخلية مستعرة اصلا.
وبين الحين والآخر، تدعو مجموعات صغيرة الى اعتصامات او تظاهرات مؤيدة او معارضة للنظام السوري.
وتشكلت في لبنان الاسبوع الماضي حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي الذي تتهمه المعارضة اللبنانية بانه خاضع لدمشق وحزب الله، فيما يؤكد هو على موقعه “الوفاقي”.
خطاب الرئيس السوري “لم يقنع” اوتاوا
هذا وعلنت كندا الثلاثاء ان العفو الجديد الذي اعلنه الرئيس السوري بشار الاسد ودعوته الى الحوار “لم يقنعاها”. واكد وزير الخارجية الكندي جون بيرد في بيان ان على الرئيس السوري “ان يجري اصلاحات او يرحل”.
واضاف ان “السوريين تعرضوا لجرائم فظيعة على يد نظامه. انهم يطالبون بتغييرات حقيقية من الان ولا يريدون وعودا غير واضحة لن تلبى الا في موعد لاحق لم يحدد”. وتابع ان “كندا تنضم الى عدد من الحلفاء لتؤكد ان الرئيس امام خيار اما الاصلاحات واما الرحيل. الوضع القائم لم يعد مقبولا”.
واصدر الاسد الثلاثاء عفوا عاما جديدا عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 20 حزيران/يونيو الجاري، اعلنه امس في خطاب القاه في جامعة دمشق. وفي هذه الكلمة دعا الاسد ايضًا الى “حوار وطني” قد يفضي الى دستور جديد.
واشار الى امكان تغيير المادة الثامنة التي تنص على قيادة حزب البعث للبلاد والتي تطالب المعارضة بالغائها. لكنه اقترح انتظار انتخاب مجلس شعب جديد في اب/اغسطس لدرس هذه الاصلاحات.
مقتل اربعة مدنيين برصاص قوات الامن
هذ وقتل اربعة مدنيين الثلاثاء اثنان في حمص (وسط) واثنان في دير الزور (شرق) برصاص قوات الامن السورية، بحسب ما افاد ناشطون سوريون.
وقال ناشط “قتل مدنيان في حمص واصيب ستة أخرون بجروح برصاص قوات الامن على متظاهرين كانوا يطالبون بالحرية”.
وقال الناشط ان القتيلين هما محمد الدروبي وشاطر سهلول مشيرا الى انه “تم نقل ثلاثة جرحى الى الدرك وفي الطريق جرى ضربهم”.
وقتل مدنيان آخران برصاص قوات الامن في بلدة الميادين في محافظة دير الزور.
واوضح رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان نقلا عن سكان ان “قوات الامن اطلقت النار على متظاهرين مؤيدين ومناهضين للنظام اشتبكوا بالايدي”.
فرنسا تقول ان “مجلس الامن لا يمكن ان يصمت لفترة اطول” ازاء الوضع بسوريا
من جهة ثانية اعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون الثلاثاء ان “مجلس الامن الدولي لايمكن ان يصمت لفترة اطول” حيال ما يجري في سوريا، مؤكدا انه “اقترب الوقت الذي سيكون فيه على الجميع تحمل مسؤولياتهم”.
واضاف فيون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد مباحثات بينهما “نريد ان نتحرك في اطار الشرعية الدولية (..) ولا يمكن لمجلس الامن ان يصمت لفترة اطول”.
وصل الى السلطة مغتصباً… ثم وجّه آلته العسكرية الى صدور الشعب
نشطاء: الأسد أسقط كل خيارات الإصلاح وفقد شرعيته مرتين
بهية مارديني من القاهرة
في الوقت الذي نظم فيه السوريون المقيمون في مصر اليوم مظاهرتان “مؤيدة ومعارضة” للرئيس السوري بشار الأسد أمام السفارة السورية في القاهرة، أعلن المكتب التنفيذي للمؤتمر السوري للتغيير “مؤتمر أنطاليا” رفضه لخطاب الأسد الأخير والذي جاء “ليكرّس الأزمة”، ومطالباً إياه بالإستقالة.
الأسد يلقي خطابه الثالث يوم أمس
القاهرة: نظمّ عشرات السوريين اليوم تظاهرتان واحدة مؤيدة وأخرى معارضة للرئيس السوري “بشار الأسد” وذلك أمام السفارة السورية في القاهرة وسط تواجد أمني مكثف من عناصر الجيش والشرطة المصرية.
وقال الناشط السوري الدكتورعزو ناجي لـ”ايلاف” “أن أعداد المعارضين كانت أكبر” ، مشيراً الى “أنّ السفارة السورية تبعث رسائل الى السوريين المتواجدين في القاهرة للخروج في المسيرات المؤيدة عبر تهديدهم بوسائل مختلفة”.
بدورها أكدّت الناشطة السورية “نورس محمد خضور” بأنه حاول العديد من المشاركين في المظاهرة المؤيدة الاحتكاك بنا، الا أن الشباب المعارضين ردعوهم عن ذلك ، وأضافت “حاولوا آذيتنا من خلال تجاوزهم العناصر الأمنية ، واقتحموا مظاهرتنا بسيارة خاصة”.
خطاب الأسد زاد من تفاقم الأزمة
من جانبه قال “شيروان عمر” رئيس جمعية أکراد سوريا في النرويج والناطق بإسم اللجنة الوطنية لدعم الانتفاضة السورية في تصريح خاص لـ”ايلاف” أن ” الخطاب الثالث للرئيس السوري بشار الأسد بعد بدء الاحتجاجات والمظاهرات في سوريا،کان خطابا محبطا ومخيبا للتوقعات بكل المعاني والمقاييس”، ورأى “أنه أسقط كل خيارات الإصلاح السياسي، مؤكدا أن بعد خطاب يوم أمس تكون سوريا قد دخلت مرحلة أكثر تعقيدا وخطورة، فأزمة الثقة بين المواطن والنظام باتت حقيقية، لا سيما مع فشل نظام الأسد في اتخاذ أو تنفيذ، ولو قرار واحد ملموس.
وأكّد أن خطاب الأسد يشير إلى رفض النظام للتراجع عن القمع واستخدام القوة، مما فتح الباب واسعا أمام استمرار إلإحتجاجات واتساع نطاقها على الأرض لأنه لم يترك للشعب السوري خيار آخر، مضيفاً إلى أن هذا الخطاب لم يقنع أحداً, ولم يحمل جديداً مختلفاً عن الخطابات السابقة رغم الظروف الخطيرة التي يمر بها البلاد. ”
واعتبر عمر “أنه في خضم المشهد السوري الحالي، لم يتضمن الخطاب أية اصلاحات او حتى الاشارة اليها، ولم يقدم اي شئ ذو مضمون مادي يتعلق بما يصبو إليه الشعب السوري بعربه وأكراده وباقي أطيافه.”
وتوقع “ازدياد الاحتجاجات في جميع المناطق، وحسب المعلومات الواردة فأن الأحزاب الكردية ستحرك الشارع الكردي قريبا بشكل فعال بعد أن خابت آمالهم نتيجة الوعود التي قطعها النظام ولم ينفذها وهي تتعلق بمسألة الاعتراف بالهوية القومية للشعب الكردي، ورفع الحظر عن اللغة والثقافة الكردية.”
مكتب “مؤتمر أنطاليا” : لسنا مجلساً انتقالياً وندعو الأسد للإستقالة
في غضون ذلك صدر أول بيان عن المكتب التنفيذي للهيئة الإستشارية للمؤتمر السوري للتغيير(مؤتمر أنطليا)، مؤكدا أنه ليس حكومة منفى أو مجلس انتقالي، معلناً رفضه الكامل لما جاء في خطاب الأسد، الذي وجهه في العشرين من حزيران/ يونيو الجاري، وإعتبره محاولة بائسة وفاشلة لإطالة عمر هذا النظام ، مطالباً الأسد بالاستقالة.
وأكد البيان الذي تلقت “ايلاف”نسخة عنه، على “أنه تم انتخاب مكتب تنفيذي للهيئة الاستشارية المنبثقة عن المؤتمر السوري للتغيير، وهو يضم تسعة شخصيات من مختلف القوى والأحزاب والتيارات السورية، وذلك في اجتماع للهيئة عقد في 17 حزيران/ يونيو الجاري، شارك فيه 24 عضواً من أصل 31 عضو. وحصل كل من:”عهد الهندي، وملهم الدروبي، وخولة يوسف، وعمرو العظم، ومحمد كركوتي، وعبد الإله الملحم، وعمار قربي، ورضوان باديني، وسندس سليمان، على أغلبية 21 صوتاً.”
مشيراً الى أن الانتخاب “جرى إثر مناقشات ومداولات، شهدت تبادلاً للآراء، كما طُرحت فيها وجهات النظر، وفق الأطر الديمقراطية، بما في ذلك إفساح المجال لكل من يرغب من أعضاء الهيئة الإستشارية الترشح لعضوية المكتب التنفيذي، وفتح الباب لطرح أسماء شخصيات أخرى من خارج الهيئة، لخوض العملية الانتخابية، ضمن إطار الحرص على تنفيذ توصيات المؤتمر السوري للتغيير، في استقطاب الكفاءات الوطنية السورية من كل الفئات والقوى السياسية والشعبية، بما في ذلك المستقلين”.
أعضاء المؤتمر لن يشاركوا في الترشح للإنتخابات في سوريا
ولفت البيان كما جاء في نصه إلى ” أن المكتب التنفيذي بدأ مهامه فوراً، في ظل التداعيات الخطيرة التي تشهدها سوريا، لا سيما مع تصاعد الحرب الوحشية المُنظمة التي يقوم بها النظام ضد شعبنا الأعزل، الذي يقوم بواحدة من أشرف وأطهر الثورات الشعبيّة السلميّة قاطبة، كما يعلن المكتب التنفيذي، أنه ليس حكومة منفى أو مجلس انتقالي، ورفض أي شكل من أشكال الوصاية على الثورة السورية.”
وشدد على “أن الأعضاء المُنتخبين فيه وافقوا على شرط المؤتمر الذي يمنعهم من الترشح للانتخابات في سوريا، في الدورة الانتخابية الدستورية الأولى التي تلي زوال نظام بشار الأسد، كما شدد على مواصلة الدعم اللامحدود لثورة الشعب السوري الأبيّ، إلى أن يحقق أهدافه في الحرية والعزة والكرامة، تمهيداً لقيام دولة ديمقراطيّة مدنيّة في سوريا ، تكفل الحريات العامة، وإشراك كافة أطياف المجتمع في صنع القرار، والمساواة في الحقوق والواجبات، والقضاء على سلوكيات وآليات الإقصاء إلى الأبد.”
وأطلق المكتب التنفيذي سلسلة من الاجتماعات المتواصلة، لتحديد الأطر العامة للعمل، وتوزيع المهام، وتشكيل اللجان المختلفة، واستكمال الاتصالات على الساحتين العربية والدولية، وذلك للمضي قدماً في دعم الثورة الشعبية العارمة، على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والإنسانية، وتوفير كل أشكال المؤازرة والمساعدة والمساندة للشعب السوري العظيم.
وأكد المكتب مجدداً إلتزامه بالتوصيات والقرارات الصادرة عن المؤتمر السوري للتغيير، بما في ذلك الموقف المبدئي، الرافض للحوار مع النظام القائم في سوريا، الذي فقد شرعيته مرتين. في المرة الأولى عندما وصل إلى السلطة مغتصباً لها، وفي الثانية، عندما وجه آلته العسكرية الرهيبة إلى صدور أبناء شعبنا الأعزل، إلا من الكرامة.”
وتواصلاً مع التطورات الراهنة على الساحة السورية، أعلن المكتب التنفيذي للمؤتمر السوري للتغيير، “رفضه الكامل لما جاء في خطاب رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي وجهه في العشرين من حزيران ( يونيو ) الجاري، وإعتبره محاولة بائسة ويائسة لإطالة عمر هذا النظام، واعتداء سافراً جديداً على الشعب السوري وثورته المجيدة، وعلى أرواح المدنيين العزل الذي سقطوا في الحرب الوحشية المستمرة التي يشنها النظام في كل أرجاء سوريا.”
وأكد المكتب التنفيذي على أن هذا الخطاب يكرس الأزمة، بعد أن فشل في تقديم الحلول الواقعية التي يقبلها الشعب السوري”، رافضاً كل أشكال الحوار التي دعا إليها رئيس النظام السوري.
وشدد على أن بشار الأسد فقد شرعيته، وأنه لم يعد في الموقع الذي يمنحه الصلاحيات للدعوة إلى أي حوارات وطنية. مجدداً دعوته إلى بشار الأسد للاستقالة من منصبه، وتسليم سلطاته وفق الأطر الدستورية، حتى حين تشكيل مجلس انتقالي، لوضع دستور جديد يمهد الطريق لانتخابات حرة وديمقراطيّة في البلاد.
يذكر أن المؤتمر السوري للتغيير، عُقد في أنطاليا بتركيا في الفترة الواقعة ما بين 31 أيار/ مايو و3 حزيران/ يونيو، بمشاركة القوى والأحزاب السياسية والشعبية، فضلاً عن مشاركة عدد كبير من الشخصيات الوطنية السورية المستقلة. وبلغ عدد المشاركين 350 شخصاً، انتخبوا في نهاية المؤتمر، هيئة استشارية مكونة من 31 شخصاً، تم تفويضها بالعمل على الوقوف إلى جانب الثورة الشعبية العارمة في سوريا ودعمها.
وقد طالب المؤتمر السوري للتغيير في بيانه الختامي، باستقالة رئيس النظام السوري بشار الأسد من كل مناصبه، ونقل السلطات وفق الأطر الدستورية، إلى أن يتم تشكيل مجلس انتقالي، يقوم بوضع دستور جديد، والتحضير لانتخابات حرة تقود إلى قيام دولة ديمقراطيّة مدنيّة في سوريا ، بعد أن شدد المؤتمر على أن الشعب السوري يتكون من قوميات عديدة، عربية وكردية وآشورية وسريان وتركمان وشركس وأرمن وسواهم.
خطب الأسد.. ورد السوريون بالتظاهر
مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: الوقت ينفد وخطابه يؤكد عزلته * غل: على الأسد تحويل بلاده لنظام التعددية الحزبية * جوبيه: الأسد بلغ «نقطة اللاعودة»
أطلق الرئيس السوري بشار الأسد في خطاب للسوريين، أمس، حزمة جديدة من الوعود لإنجاز إصلاحات اعتبرها جذرية، لكن السوريين ردوا بمظاهرات احتجاجية غاضبة على ما جاء في الخطاب، في عدد من المدن، فيما اعتبرتها المعارضة السورية مخيبة للآمال، وغير كافية ولا «ترقى إلى مستوى الأزمة»، وستؤدي إلى تأجيج المظاهرات ضد نظامه. ووعد الأسد بإطلاق حوار وطني قريب، وتغييرات دستورية، تشمل المادة الثامنة التي تنص على قيادة حزب البعث للبلاد، والتي تطالب المعارضة بإلغائها، كما وعد بانتخابات تشريعية تبدأ في أغسطس (آب)، وتوسيع نطاق العفو الحالي على أن يتم التفريق أولا بين «المخربين» وأصحاب المطالب المشروعة. وهدد بانهيار الاقتصاد، وقال الرئيس الأسد إن بلاده تتعرض لمؤامرات، وقال إن المؤامرات كالجراثيم تتكاثر في لحظة.. وفي كل مكان ولا يمكن إبادتها وإنما يمكن العمل على تقوية المناعة في أجسادنا لصدها. وقبل أن ينهي الأسد خطابه أنشأ ناشطون على موقع «فيس بوك» مجموعة جديدة ساخرة باسم «الجراثيم تريد إسقاط النظام».
ودعا البيت الأبيض الأسد إلى اتخاذ «خطوات ملموسة» بشأن وعوده بالإصلاح السياسي ودعاه إلى وقف القمع العنيف للمدنيين. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض للصحافيين «لا أقول إن الكلام لا معنى له.. ولكنه يحتاج إلى التحرك بناء عليه».
وقال مسؤول أميركي لـ «الشرق الأوسط» ان الوقت بدأ ينفد وخطابه يؤكد عزلته.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن الرئيس السوري بشار الأسد بلغ «نقطة اللاعودة» مشككا بأن يكون باستطاعته التغيير. وقال الرئيس التركي عبد الله غل إن خطاب الأسد لا يكفي وينبغي أن يحول سوريا إلى نظام التعددية الحزبية.
الأسد في خطاب للسوريين: الإصلاح سيأخذ وقتا.. ولا نريد القفز إلى المجهول
وعد بحوار وطني.. وتوسيع العفو.. وبانتخابات تشريعية.. وتعديل الدستور.. وإلغاء مادة حول حكم البعث
دمشق – لندن: «الشرق الأوسط»
قال الرئيس السوري بشار الأسد الذي يواجه احتجاجات غاضبة في الشارع السوري، إنه سيبدأ عما قريب حوارا وطنيا، ربما يفضي إلى دستور جديد يخرج سوريا من الأزمة التي تواجهها، في كلمة اعتبر معارضوه أنها «غير كافية» ولا «ترقى إلى مستوى الأزمة» وستؤدي إلى تأجيج المظاهرات ضد نظامه. في حين اعتبرت جهات دولية أن الأسد بلغ «نقطة اللاعودة» مشككة في أن يكون في استطاعته تغيير سمعته بعد القمع «المريع» الذي مارسه على شعبه.
وتعهد الرئيس الأسد بإدخال إصلاحات، غير أنه أشار إلى أن تنفيذ هذه الإصلاحات سيأخذ وقتا، وأن نظامه لا يريد القفز إلى المجهول. وقال الأسد في خطاب ألقاه بجامعة دمشق إنه سيطلب من وزارة العدل دراسة توسيع نطاق العفو الحالي على أن يتم التفريق أولا بين «المخربين» وأصحاب المطالب المشروعة. وفور انتهاء الخطاب خرجت مظاهرات غاضبة في عدد من المدن، منددة بما جاء في الخطاب، الذي سمى المحتجين بالمخربين. كما أعلنت «لجان التنسيق المحلية» التي تضم أبرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في سوريا استمرار «الثورة» حتى تغيير النظام.
وأكد الأسد على أهمية الحوار في تقرير مستقبل سوريا وقال إن الهيئة التي شكلت هي للإشراف على الحوار و«قررت أن تقوم باجتماع تشاوري خلال الأيام المقبلة تدعو فيه أكثر من مائة شخصية تتشاور معهم حول المعايير والآليات، بعدها يبدأ الحوار مباشرة ويتحدد جدول زمني». وأضاف: «هذا الحوار عملية مهمة جدا يجب أن نعطيه فرصة، لأن كل مستقبل سوريا إذا أردناه أن ينجح يجب أن يبنى على هذا الحوار الذي يشارك فيه مختلف الأطراف على الساحة السورية». وأشار الرئيس السوري إلى أن «الحوار الوطني قد يؤدي إلى تعديل دستوري أو دستور جديد» في إشارة إلى إمكانية تغيير المادة الثامنة التي تنص على قيادة حزب البعث للبلاد، التي تطالب المعارضة بإلغائها. وتنص المادة الثامنة من الدستور السوري على أن «حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية».
ومنذ أن اندلعت الاحتجاجات في مارس (آذار) الماضي استجاب الأسد بمزيج من القمع العسكري والعطاءات السياسية. ولم تنجح أي خطوة في وقف الاضطرابات التي تقول جماعات حقوق الإنسان إنها أدت إلى مقتل 1300 مدني وأكثر من 300 من رجال الشرطة والجيش. وأعلنت الحكومة في منتصف مايو (أيار) أنها ستجري «حوارا وطنيا» في جميع أنحاء البلاد في غضون أيام لمعالجة القضايا التي فجرت الاضطرابات. وأوضح الأسد أن «انتخابات مجلس الشعب إذا لم تؤجل ستكون في شهر أغسطس (آب) وسيكون لدينا مجلس شعب جديد اعتقد في آخر آب.. وأعتقد أننا قادرون على إنجاز على هذه الحزمة حتى نهاية شهر آب ولنقل إنه في أيلول (سبتمبر) تكون هذه الحزمة منتهية».
ودعا كل شخص هجر مدينته أو بلدته إلى أن يعود بأسرع وقت وأكد على دعمه لأهالي جسر الشغور الذين فروا إلى الحدود التركية. وكان الأسد أصدر عفوا عاما في 31 مايو (أيار) حيث قالت وسائل إعلام رسمية إنه سيشمل أعضاء في كل الحركات السياسية بما فيها جماعة الإخوان المسلمين المحظورة. ولم يضمن العفو الحرية لجميع السجناء. ويقول نشطاء إن الآلاف ما زالوا في السجون.
وقال الأسد: «سأطلب من وزارة العدل أن تقوم بدراسة ما هو الهامش الذي يمكن أن نتوسع في العفو ولو في مرسوم آخر بشكل يشمل آخرين من دون أن يضرب مصلحة وأمن الدولة من جانب، وبالوقت نفسه يراعي مصالح المواطنين المعنية بالحقوق الخاصة للمواطنين أصحاب الدم على سبيل المثال». وقال إن «أعداد الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة.. في بداية الأزمة كان نحو 64 ألفا و400. تخيلوا هذا الرقم من المطلوبين بقضايا مختلفة». وأضاف: «العدد يعادل بالمعنى العسكري خمس فرق عسكرية.. تقريبا جيش كامل. لو أراد بضعة آلاف من هؤلاء أن يقوموا بحمل السلاح والقيام بأعمال تخريب، تستطيعون أن تتخيلوا مدى الضرر الذي يمكن أن يلحق بالدولة».
وقال إنه سيشكل لجنة لدراسة تعديل الدستور السوري وإن هذه اللجنة ستطرح توصياتها في غضون شهر.
وأشار إلى أن أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري هو الأكثر خطورة على الرغم من صغر إحجامهم.. «هذا الفكر الذي اختبرناه وعرفناه منذ عقود عندما حاول التسلل إلى سوريا واستطاعت أن تتخلص (منه) بوعي شعبها وحكمته. واليوم لا نرى هذا الفكر مختلفا عما رأيناه منذ عقود، فهو نفسه، وما تغير هو الأدوات والأساليب والوجوه، فهو يقبع في الزوايا المعتمة ولا يخاف أن يظهر كلما سنحت له الفرصة.. فهو يكفر باسم الدين ويخرب تحت عنوان الإصلاح وينشر الفوضى باسم الحرية».
وقال: «من المهم الآن أن نعمل جميعا على استعادة الثقة في الاقتصاد السوري. أخطر شيء نواجهه في المرحلة المقبلة هو ضعف أو انهيار الاقتصاد السوري، وجزء كبير من المشكلة هو نفسي. لا يجوز أن نسمح للإحباط أو الخوف أن يهزمنا.. أن نقوم بهزيمة المشكلة بالعودة إلى الحياة الطبيعية». وأكد الرئيس السوري أنه ستتم ملاحقة ومحاسبة «كل من أراق الدماء أو سعى إلى إراقتها»، مشيرا إلى أن تطبيق القانون «لا يعني الانتقام». وقال في خطابه: «سنعمل على ملاحقة ومحاسبة كل من أراق الدماء أو سعى إلى إراقتها، فالضرر الحاصل أصاب الجميع، والمحاسبة على ذلك حق للدولة بمقدار ما هو حق للأفراد». وأضاف: «عندما نعمل على تطبيق القانون، فلا يعني الانتقام بأي شكل من الأشكال من أشخاص خرقوا القانون دونما قتل أو تخريب، فالدولة هي كالأم أو الأب تحتضن الجميع ويتسع صدرها لكل أبنائها وتستند في علاقتها معهم على التسامح والمحبة لا على الحقد والانتقام، وعندما تعفو الدولة عن المخطئين، فبهدف تكريس هذه العلاقة السليمة بينها وبين أبنائها دون أن يعني ذلك التخلي عن الحزم عندما تصل الأمور إلى حد إلحاق الضرر بالمصلحة العامة».
وقال الأسد إن «المؤامرة» ضد سوريا تزيدها «عزة ومناعة»، مؤكدا أن سوريا في «لحظة فاصلة» بعد «أيام صعبة». وعبر الأسد، الذي استقبل بتصفيق حار، عن تعازيه «لعائلات الشهداء» الذين سقطوا في الاحتجاجات، مؤكدا أن «الشهداء الذين سقطوا خسارة لأهلهم وللوطن ولي شخصيا أيضا». وأكد أنه ستتم محاسبة «كل من أراق الدماء» أو «تسبب في إراقة دماء» بينما تشهد سوريا منذ ثلاثة أشهر حركة احتجاجية لا سابق لها سقط فيها أكثر من 1300 قتيل حسب منظمات حقوقية. وأضاف أن «الضرر الحاصل أصاب الجميع، والمحاسبة حق للدولة كما هو حق للأفراد». وبعد أن تحدث عن وجود «مؤامرة بالتأكيد»، قال الأسد إن «المؤامرات كالجراثيم لا يمكن إبادتها.. إنما يجب أن نقوي المناعة في أجسادنا». وأضاف: «لا أعتقد أن سوريا مرت بمراحل لم تكن فيها هدفا لمؤامرات مختلفة قبل أو بعد الاستقلال».
أبرز المقتطفات في خطاب الأسد: المؤامرات كالجراثيم.. تتكاثر في لحظة
جريدة الشرق الاوسط
قال: لا يوجد حل سياسي مع من يحمل السلاح ويقتل * أعداد الخارجين على القانون تعادل 5 فرق عسكرية
دمشق – لندن: «الشرق الأوسط» ألقى الرئيس السوري، بشار الأسد، خطابا، أمس، بعد ثلاثة أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه المستمر منذ 11 عاما. وفيما يلي أبرز النقاط التي وردت في خطابه الذي ألقاه في جامعة دمشق:
• عن المؤامرات:
– «المؤامرات كالجراثيم تتكاثر في لحظة.. وفي كل مكان، ولا يمكن إبادتها وإنما يمكن العمل على تقوية المناعة في أجسادنا لصدها».
– «الحل هو في معالجة مشكلاتنا بأيدينا وتلافي التراكمات التي تضعف مناعتنا الوطنية».
– «البعض يقول إنه لا توجد مؤامرة.. هذا كلام غير موضوعي».
• عن المتظاهرين:
– «التقيت وفودا كثيرة.. البعض منهم من المتظاهرين.. والبعض من غيرهم من كل المناطق من الأطياف، أستطيع أن أقول: أول شيء علينا أن نميز بين هؤلاء وبين المخربين».
– «المخربون هم مجموعة فئة قليلة، فئة صغيرة، طبعا مؤثرة، حاولت استغلال الآخرين، حاولت استغلال الأكثرية الطيبة من الشعب السوري من أجل تنفيذ مآرب كثيرة».
– «سنعمل على ملاحقة ومحاسبة كل من أراق الدماء أو سعى إلى إراقتها.. عندما نعمل على تطبيق القانون فلا يعني الانتقام بأي شكل من الأشكال من أشخاص خرقوا القانون».
• عن المهجرين:
– «أدعو كل شخص هجر مدينته أو قريته لأن يعود».
– «عودة المهجرين موضوع أساسي ومهم جدا لأن المدينة تموت من دون أبنائها».
– «هناك من يقول ويوحي لهم بأن الدولة ستنتقم، أنا أؤكد لهم أن هذا الشيء غير صحيح، الجيش موجود من أجل أمنهم ومن أجل أمن أبنائهم فنتمنى أن نراهم قريبا في قراهم».
• عن ملاحقة المخربين:
– «هناك تقصير.. هناك مظالم.. هناك إجراءات أضرت بالمواطنين لا بد من أن تقوم الدولة بإصلاح هذا الخلل».
– «هناك محاسبة أو ملاحقة المخربين الذين يقومون بعمليات الترويع والقتل والتخريب.. من واجب الدولة أن تطارد هؤلاء».
• عن الحل؛ هل هو أمني أو سياسي:
– «لا يوجد حل سياسي مع من يحمل السلاح ويقتل.. ولكن نحن نرغب في الحل السياسي».
• عن الانتخابات التشريعية:
– «انتخابات مجلس الشعب إذا لم تؤجل فستكون في شهر آب (أغسطس)».
• عن العفو:
– «سأطلب من وزارة العدل أن تقوم بدراسة ما هو الهامش الذي يمكن أن نتوسع بالعفو فيه».
– «أعداد الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة.. في بداية الأزمة 64 ألفا و400».
– «العدد يعادل بالمعنى العسكري خمس فرق عسكرية تقريبا، جيش كامل. لو أراد بضعة آلاف من هؤلاء أن يقوموا بحمل السلاح والقيام بأعمال تخريب تستطيعون أن تتخيلوا مدى الضرر الذي يمكن أن يلحق بالدولة».
• عن الإخوان المسلمين:
– «هناك أشياء متراكمة منذ ثلاثة عقود منذ مرحلة الصدام مع الإخوان المسلمين، تلك المرحلة السوداء في الثمانينات، ما زال البعض أجيالا جديدة تدفع ثمن تلك المرحلة».
– «عدم توظيف.. عدم إعطاء موافقات أمنية لقضايا مختلفة.. طبعا بدأنا بحل هذا النوع من المشكلات».
– «لا يجوز أن نعيش بعد أكثر من ثلاثة عقود في مرحلة سوداء».
– «هذه قضايا تتعلق بالعدالة وبالظلم يشعر بها كل مواطن».
– «ما زال هناك نوع من الخوف يمنع الناس من المبادرة تجاه مؤسسات الدولة، وهذا الخوف يشعرهم بالظلم».
• عن الاقتصاد:
– «أخطر شيء نواجهه في المرحلة المقبلة هو ضعف أو انهيار الاقتصاد السوري».
– «جزء كبير من المشكلة هو نفسي؛ لا يجوز أن نسمح للإحباط أو الخوف أن يهزمنا.. أن نقوم بهزيمة المشكلة بالعودة إلى الحياة الطبيعية».
• عن عودة الحياة:
– «لو استمرت هذه الأزمة أو غيرها لأشهر أو سنوات فعلينا أن نتأقلم معها، وعلينا أن نطوقها لكي تبقى الأزمة محصورة بأصحاب الأزمة فقط».
– «أما الآن فلدينا الجيش موجود، ريثما يعود هذا الجيش إلى ثكناته، فعلينا أن نساند هذا الجيش، أن نساعد هذا الجيش، ونطلب منه المساعدة في كل مكان؛ فأبناء هذا الجيش هم إخوة لكل مواطن سوري».
– «الجيش دائما هو الشرف، والجيش هو الكرامة».
– «الأزمة تدمينا.. نعم، تؤلمنا.. نعم، تهزنا.. نعم، تسقطنا على الأرض.. نعم، ولكن بشرط أن ننهض مرة أخرى بشكل قوي وبعناد من أجل متابعة حياتنا بشكل طبيعي».
خطاب الأسد أجج الاحتجاجات في المدن السورية.. والمعارضة تدعو لإسقاط النظام
اعتبرت الدعوة للحوار حيلة لكسب الوقت.. والبعث يدعو إلى مسيرات تأييد اليوم
دمشق – بيروت: «الشرق الأوسط»
لم تشف مواقف الرئيس السوري بشار الأسد غليل المعارضين السوريين، الذين خرجوا أمس في مظاهرات عفوية فور انتهاء الخطاب الرئاسي في عدد من المدن والبلدات السورية، منتقدين ما جاء فيه ومتمسكين بمطالبتهم بإسقاط النظام. ووصفت «لجان التنسيق المحلية»، التي تضم أبرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في سوريا، خطاب الأسد بأنه «يكرس الأزمة»، مؤكدة أن «ثورتنا مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها».
ومع انتهاء الرئيس بشار الأسد إلقاء خطابه على مدرج جامعة دمشق، خرجت المظاهرات في عدة أحياء في مدينة حمص وهتفت «خطابك مردود عليك والشبيحة حواليك» وفي ريف حمص جرى إطلاق نار لتفريق مظاهرات خرجت في مدينة القصير. وخرجت مظاهرات مدينة حماه ومدينة اللاذقية في حي الرمل الجنوبي وهتف المتظاهرون ضد الخطاب.
وخلال ساعة عمت المظاهرات البلاد، وخرجت المظاهرات في غالبية البؤر المتوترة ففي ريف دمشق تم تشديد الطوق الأمني حول مدينة دوما والتي خرجت فيها أيضا مظاهرات وعدة مدن وبلدات في ريف دمشق. وجنوبا خرجت مظاهرات في مدينة درعا وقال ناشطون إنه جرى إطلاق رصاص لتفريق المتظاهرين، وسار المتظاهرون في المدينة الجامعية في حلب – شمال – وسراقب وكفر نبل في محافظة إدلب – شمال غرب – كما تظاهر المئات في مدينة البوكمال في محافظة دير الزور – شرق.
الى ذلك لم تشف مواقف الرئيس السوري بشار الأسد غليل المعارضين السوريين، الذين خرجوا أمس في مظاهرات عفوية فور انتهاء الخطاب الرئاسي في عدد من المدن والبلدات السورية، منتقدين ما جاء فيه ومتمسكين بمطالبتهم بإسقاط النظام. ووصفت «لجان التنسيق المحلية»، التي تضم أبرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في سوريا، خطاب الأسد بأنه «يكرس الأزمة»، مؤكدة أن «ثورتنا مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها».
ورأت «لجان التنسيق»، في بيان أصدرته أمس، أن «في الخطاب تكريسا للأزمة من قبل النظام الذي يتمترس وراء الإنكار والتعامي عن رؤية الواقع الجديد الذي فرضته ثورة السوريين المستمرة حتى تحقيق مطالبها». واعتبرت أن في الخطاب «تجاهلا كاملا لجرائم الأجهزة الأمنية التابعة للنظام التي ارتكبت أعمال القتل والتمثيل بالجثث واعتقال الآلاف من المتظاهرين والنشطاء الذين لا يزال مصير معظمهم مجهولا حتى اللحظة».
وأشارت إلى أن دعوة الحوار التي وردت في خطاب الأسد هي «مجرد محاولة لكسب الوقت على حساب دماء السوريين وتضحياتهم»، معلنة رفضها لـ«أي حوار لا يكون الهدف منه طي صفحة النظام الحالي بصورة سلمية والتحول نحو سوريا جديدة، دولة ديمقراطية حرة، ولمواطنيها كافة».
وحملت «لجان التنسيق» على الخطاب الذي «لم يقترب حتى من كونه خطاب أزمة وطنية تعيشها البلاد منذ ثلاثة أشهر»، متهمة الأسد بـ«الإصرار على التعامي عن حقائق أصبحت جلية لمن يريد أن يرى، أهمها رغبة السوريين وإرادتهم من أجل الانتقال ببلدهم إلى نظام ديمقراطي حر تعددي».
وفي سياق متصل، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناشطة السورية سهير الأتاسي قولها إن خطاب الأسد «لا يرتقي ولا بأي حال من الأحوال إلى مستوى الأزمة التي يعيشها النظام قبل أن تكون هي أزمة وطن»، واعتبرت أن الأسد «لم يدرك حتى الآن أن الأحرار باتوا يريدون إسقاطه»، واصفة خطابه بـ«الاستعلائي المرتبك».
ورأت أن «بشار الأسد اليوم يتهم الأصوات الصادحة بالحرية بالتخريب، ويبيح بذلك الدماء ويستبيح المدن ويعطي الشرعية لوجود الجيش داخل المدن»، مشددة على أن «المظاهرات ستتأجج والنظام سيسقط».
وكانت دعوات ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل انتهاء الأسد من خطابه، للخروج في المزيد من المظاهرات ردا على ما جاء في مضمونه. وفور انتهاء الأسد من كلمته، خرجت مظاهرات غاضبة في الكثير من مدن وبلدات محافظة إدلب ودمشق وحمص واللاذقية وحلب وعلى الحدود التركية. ووصف معارضو النظام خطاب الأسد بأنه «مخيب جدا للآمال ومستفز»، وانتقد نشطاء الإنترنت تصنيف الأسد المحتجين على أنهم «أصحاب مطالب ومخربون وأصحاب فكر تكفيري». وردد مئات المحتجين في إربين بريف دمشق شعارات تقول «لا حوار مع القتلة»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز». وذكر رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن «محتجين تظاهروا في الحي الجامعي بحلب، كما تظاهر آخرون في بلدتي سراقب وكفر نبل بمحافظة إدلب». وأشار إلى أن «المحتجين شجبوا خطاب الأسد الذي خيرهم بين الوصف بالمخربين أو المتطرفين أو المحتاجين».
في موازاة ذلك، أصدر حزب البعث (الحاكم)، وفق ما أكدته تقارير صحافية أمس «تعليمات رسمية لكل كوادره وموظفي القطاع العام، حتى من لم يكن منهم بعثيا، بالنزول إلى الشارع صباح اليوم للمشاركة في مسيرات حاشدة تأييدا للنظام».
وكانت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أشارت أمس إلى أن «وحدات الجيش العربي السوري ضبطت خلال تنظيفها مدينة جسر الشغور من التنظيمات الإرهابية المسلحة كميات كبيرة من الأسلحة الرشاشة والبنادق والمسدسات والقنابل اليدوية والأسلحة البيضاء، إضافة إلى كميات كبيرة من الذخائر المتنوعة وعبوات ناسفة شديدة الانفجار وأصابع ديناميت».
ونقلت عن التلفزيون السوري إشارته إلى أن «التنظيمات المسلحة في جسر الشغور استخدمت هذه المعدات في تفخيخ الطرقات والجسور المؤدية إلى المدينة التي كان من المفترض أن تعبرها وحدات الجيش، إلا أن وحدات الهندسة في الجيش استطاعت تفكيك هذه الألغام والعبوات الناسفة شديدة الانفجار بفدائية عالية نظرا للتنفيذ الدقيق الذي استخدمته التنظيمات المسلحة والخطر الكبير على حياة عناصر الجيش خلال العملية».
وأورد التلفزيون السوري خبرا مفاده أنه «تم اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في جسر الشغور تضم جثامين عناصر من الأمن والشرطة الذين قتلتهم التنظيمات الإرهابية المسلحة». وكانت السلطات السورية نظمت أمس زيارة للدبلوماسيين المعتمدين فيها إلى جسر الشغور. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن «السفير الأميركي روبرت فورد وأغلب الملحقين العسكريين المعتمدين في سوريا قد شاركوا في الزيارة، التي شملت مفرزة الأمن العسكري، حيث قتل 120 شرطيا في السادس من يونيو (حزيران) في هجمات شنتها (مجموعات مسلحة) على قوات الأمن، بينهم 82 عنصر أمن»، بحسب الرواية الرسمية، غير أن معارضين وشهودا نفوا الرواية الرسمية وأكدوا أن القتلى سقطوا أثناء تمرد. كما زار الدبلوماسيون «المقبرة الجماعية الأولى والثانية اللتين تم اكتشافهما في المدينة».
مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: الوقت بدأ ينفد أمام الأسد.. وخطابه يؤكد عزلته عن شعبه
المعارضة السورية في واشنطن تعتبر خطاب الأسد هزيلا ويفتقد المصداقية وسيشعل المظاهرات
واشنطن: هبة القدسي
استنكرت وزارة الخارجية الأميركية خطاب الرئيس بشار الأسد وما ورد به من وعود إصلاحية اعتبرتها مجرد كلمات جوفاء لا تحمل مضمونا حقيقيا.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأسد لم يقل شيئا جديدا في الخطاب، وقد وعد بالقيام بإصلاحات كثيرة في خطاباته السابقة لكنه لم ينفذ شيئا، وما قاله يدل على أنه منعزل عن شعبه ولا يدرك مطالب السوريين. وما يريده السوريون والمجتمع الدولي هو أفعال ليس وعودا وكلمات».
وأضاف المسؤول الأميركي: «إن وقت الكلمات قد نفد، ويجب على الأسد أن يكون واضحا ومحددا فيما سيفعله في الاستجابة لمطالب شعبه». وكرر المسؤول الأميركي مطالبات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للأسد إما بقيادة التغيير وإما الرحيل.
وفي إشارة إلى شعارات إسقاط النظام التي رفعها المتظاهرون في عدة مدن سورية، قال المسؤول الأميركي: «السوريون قالوا ما يريدون، والأمر متروك للنظام السوري بالرد على المطالب السورية».
واستنكر المسؤول الأميركي إلقاء الأسد باللوم في المظاهرات والاضطرابات على المؤامرات الخارجية، وقال: «إن الأسد يبدو في انقطاع كامل عن شعبه، ولا يفهم أن المظاهرات ومطالب التغيير تأتي من السوريين، وهم الذين يتظاهرون ويطالبون بالتغيير»، كما استنكر دعوة الرئيس الأسد اللاجئين السوريين للعودة إلى ديارهم في مدينة جسر الشغور والقرى المحيطة بها، وقال: «أعتقد أن اللاجئين السوريين قد قاموا بالاختيار بترك ديارهم ودولتهم واضطروا إلى اللجوء إلى دولة أخرى، وعندما يؤمنون ويقتنعون أنهم في أمان في سوريا فإنهم سيعودون».
وأكد المسؤول الأميركي استمرار الولايات المتحدة في التنسيق مع المجتمع الدولي لفرض مزيد من الضغوط على النظام السوري، مشيرا إلى اتصالات أميركية مع الجامعة العربية وشركاء ثنائيين في المنطقة ومع تركيا، وقال: «كل شيء يشير إلى أن الوقت ينفد أمام الأسد، وما نحاول القيام به هو استخدام نهج واسع النطاق لدعم الشعب السوري، ولدينا اتصالات وعلاقات واسعة مع المعارضة السورية من خلال سفارتنا وأماكن أخرى، ونحن نؤيد بقوة وجود السفير الأميركي روبرت فورد في دمشق؛ لأنه كل يوم يعقد اجتماعات مع شخصيات من المعارضة وقادر، هو وفريقه، على تقديم المعلومات وتوضيح سياسات واشنطن مع صانعي القرار، وهو عيوننا وآذاننا على أرض الواقع في سوريا».
وأشار المسؤول الأميركي إلى جهود الولايات المتحدة في مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وفي محافل دولية أخرى للعثور على وسيلة للمجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن في التحدث عما يحدث في سوريا.
وقال الناشط السوري المعارض، رضوان زيادة: إن الخطاب يؤكد أن الرئيس بشار الأسد يعيش في حالة إنكار لما يحدث من مظاهرات في سوريا، ويبدو أنه يعيش حالة انفصام عندما يقول إن الشعب السوري يحبه.
ووصف زيادة الخطاب بأنه كان هزيلا للغاية ويظهر ضعف القدرة القيادية لدى الأسد، خاصة في توقيت الخطاب الذي جاء بعد صمت استمر 50 يوما منذ خطابه السابق، مؤكدا أن الانتقادات التي وُجهت له لصمته عما يحدث من انتهاكات وقتل للمتظاهرين دفعته للخروج بهذا الخطاب، وقال زيادة: «في رأيي أن الخطوات التي أعلنها بشار من أجل إقامة لجنة لتعديل الدستور والبدء في حوار هي خطوات ليست لها أي مصداقية على أرض الواقع، فأعضاء لجنة الحوار، التي يرأسها فاروق الشرع، معظمهم من الحزب البعثي، وليس لهم مصداقية». وهاجم زيادة التهديد الواضح في خطاب الأسد للمتظاهرين وتقسيمهم إلى مجرمين ومتطرفين إسلاميين يدعون لإمارة إسلامية، كما انتقد دعوة الأسد للاجئين من مدينة جسر الشغور إلى العودة إلى سوريا دون أن يقدم لهم ضمانات فعلية وحقيقية، مؤكدا عدم وجود أي قبول داخلي أو خارجي لما أعلنه بشار الأسد؛ لأنه لا يرقى إلى طموحات الشعب السوري.
وأكد زيادة أن الخطاب سيؤدي إلى مزيد من المظاهرات في المدن السورية كلها، بعد إصابة السوريين بالإحباط، نافيا أن يقدم الأسد على خطاب لإعلان تنحيه عن الحكم، وقال: «إن بشار الأسد شبيه بالقذافي ويعيش حالة إنكار، وعلى الولايات المتحدة أن تعلن بصراحة أن الأسد فقد شرعيته وأنه لم يعد حاكما شرعيا لسوريا».
وأضاف زيادة أن المقصود بالخطاب هو التوجه للمجتمع الدولي من أجل منع فرض مزيد من العقوبات على النظام السوري وسط الضغوط المتزايدة لفرض عقوبات اقتصادية ضد الشركات السورية. وأوضح أنه سيتوجه، مع عدد من الناشطين بالمعارضة السورية، إلى موسكو للقاء ميخائيل ماردوف، المبعوث الخاص للرئيس ميدفيديف إلى ليبيا، ولقاء نائب وزير الخارجية الروسي لشرح ما يجري في سوريا ودفع الحكومة الروسية للعمل لصالح الشعب السوري والتصويت لصالح قرار إدانة النظام السوري في مجلس الأمن.
ولمح إلى محادثات تجريها المعارضة السورية مع ممثلي الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على الشركات السورية التي يرأسها أشخاص متورطون في أعمال القمع ضد المتظاهرين، ومنها شركات يمولها رامي مخلوف وشركات نفطية لها علاقات بأوروبا والولايات المتحدة وشركات استثمارية بهدف وقف عمليات التبادل التجاري.
من جهته، قال الناشط السوري نجيب جادبيان، الأستاذ المساعد للعلوم السياسية بجامعة أركنساس: «إن الوعود الذي وعد بها الأسد تشير إلى أنه يعتقد أن الوقت في صالحه وأن هناك متسعا من الوقت لتشكيل لجان، وهو يدل على أن بشار الأسد يعيش في عالم وهمي مخالف للواقع».
وأوضح الناشط السوري أنه لم يتوقع أن يعلن الرئيس الأسد تنحيه، لكنه كان يأمل أن يستغل الأسد الفرصة الأخيرة في التحدث لرؤية لمرحلة انتقالية، وجاء الخطاب أقل من سقف التوقعات منه شعبيا وإقليميا ودوليا من المطلوب للتعاطي مع تطورات الموقف السوري. وأكد جادبيان أن «الأسد يدرك أن التغييرات الحقيقية ستؤدي إلى زوال حكمه، ونحن كنشطاء نطرح فكرة انتقال تدريجي للسلطة بمشاركة الجيش والمسؤولين وأعضاء حزب البعث الذين لم تتلوث أياديهم بدماء الشهداء، والسيناريو المستقبل سيكون الأسوأ إذا استمر النظام السوري في اعتماد الحل الأمني في معالجته لما يحدث».
وقال ديفيد ليش، أستاذ قسم التاريخ بجامعة ترينيتي وعضو المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية: «لقد طالبت الرئيس الأسد مرارا بمخاطبة الشعب السوري منذ بداية المظاهرات، بحيث يبدو الخطاب مؤشرا رمزيا على أن الأسد يحاول الوصول للسوريين بشكل مباشر وفهم مشكلاتهم، لكن في كل خطاب من الخطابات الثلاثة التي أدلى بها الأسد في البرلمان ثم في مجلس الحكومة ثم في جامعة سوريا، كان الأسد يخاطب النخبة والجمهور المؤيد له فقط». وأضاف ليش أن الأسد لا يزال لا يفهم خطورة الوضع ويركز على وعود ضعيفة للأمل في الإصلاح، مثل ما قاله عن التركيز على نقاط الضعف الداخلية بدلا من إضاعة الوقت على المؤامرات الخارجية دون أن يعلن إصلاحات سياسية محددة وجدول تنفيذها ومواعيدها النهائية لإنجازها.
وأكد أستاذ التاريخ أن توجيه اللوم إلى المؤامرات الخارجية يزيد من تأجيج الاضطرابات ويشعل الفتنة الطائفية في سوريا، كما يدفع المجتمع الدولي لاتخاذ نهج محسوب تجاه سوريا، خوفا من الصراع الطائفي وتأثيره السلبي أمنيا في أنحاء المنطقة. وقال ليش: «يبدو أن بعد 3 أشهر من تراكم الكثير من عمليات القمع والعنف والتعذيب فإن الخطاب جاء متأخرا ولو كان الأسد قد أدلى به في 30 مارس (آذار) الماضي ربما كان سيحيي بعض الآمال».
قيادي كردي لــ«الشرق الأوسط»: الخطاب حمل نبرة تهديد ضد المتظاهرين
قال إنه يتناقض مع الواقع ويرفض الحوار مع المسلحين
أربيل: شيرزاد شيخاني
قال القيادي بالحزب اليساري الكردي المعارض شلال كدو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «خطاب الرئيس بشار الأسد لم يأت بجديد وكان مخيبا لآمال السوريين عموما والكرد خصوصا، مع معرفة المراقبين المسبقة بأن هذا الخطاب سوف لن يأتي بشيء من شأنه أن يفتح الآفاق أمام الحلول السياسية للأزمة السورية التي تتفاقم يوما بعد آخر بسب تغليب النظام لغة القمع والتنكيل والقتل والسحل، على لغة الحوار السياسي، الأمر الذي أدى إلى انسداد الأفق السياسي بشكل شبه كامل».
وأضاف «لم يعرج الرئيس على وضع الكرد، إلا من خلال إشارة بسيطة أو خجولة لمسألة منح الجنسية للكرد المجردين منها، رغم أن الأمر برمته ليس منحا للجنسية وإنما إعادة للجنسية، التي سلبت من عشرات الألوف من الكرد في إحصاء عام 1962، ورغم أن الكرد يعدون ثاني أكبر قومية في البلاد، ويربو تعداد سكانهم على 3 ملايين ونصف المليون شخص، ويعيشون على أرض آبائهم وأجدادهم. وهم محرومون من أبسط الحقوق القومية والوطنية والديمقراطية. وتتعرض مناطقهم منذ عشرات السنين إلى التغيير الديموغرافي، فضلا عن تغيير أسماء معظم القرى والمدن والبلدات الكردية والمحال التجارية، واستبدالها بأسماء أخرى عربية غير حقيقية أو وهمية للإيحاء للرأي العام ولنفسه أيضا، بأنه لا وجود للكرد في سوريا، وبالتالي لا وجود لجزء من كردستان في سوريا».
ولفت القيادي الكردي إلى أن الخطاب حمل نبرة تهديدية للمتظاهرين وقال «لا شك أن الخطاب حمل نبرة تهديدية للمتظاهرين، حينما أبدى الرئيس استعداده للتعامل الأمني مع الحدث طال الزمن أو قصر، طالما أن هنالك خارجين عن القانون ومن يسعون إلى التخريب بحسب الخطاب، الذي جاء رد الفعل عليه سريعا جدا في الشارع، حيث نزل عشرات الألوف من السوريين إلى الشوارع في عدد كبير من المدن السورية للتعبير عن رفضهم عما ورد في الخطاب».
وحول جدية النظام بالحوار السياسي لحل أزمة البلاد قال كدو «تطرق الرئيس نفسه مطولا إلى الحوار، وقال بأنه ليس هنالك حل سياسي مع حملة السلاح أو كل من يستخدم السلاح. ونحن بدورنا نضم صوتنا إلى صوت الرئيس، ونقول بأنه لا حوار مع فوهات البنادق والمدافع والدبابات والطائرات العمودية، مع العلم بأن الأجهزة الأمنية والجيش والشبيحة هم الذين يستخدمون السلاح بكثرة، وبذلك فإن الخطاب يناقض الواقع، وكذلك يتناقض مع نفسه، حينما يرفض الحوار مع من يسميهم بالمسلحين، في حين نرى أن النظام نفسه يستخدم السلاح على نطاق واسع بحق المدنيين، ويقتل العشرات من الأبرياء العزل بشكل يومي».
من جهته أشار عبد الباقي اليوسف عضو اللجنة السياسية لحزب اليكيتي الكردي في سوريا في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعد نحو شهرين من كلمته التوجيهية للحكومة السورية الجديدة وبعد أن دخلت المظاهرات شهرها الرابع جاء خطاب الرئيس السوري خاويا على عكس ما تردد على لسان مسؤولين سوريين بأنه سيكون على أهمية كبيرة وسيعلن الرئيس خلاله عن إصلاحات مهمة، وبحسب بعض المعلومات فقد استعد بعض أبواق النظام في الكثير من المناطق ومنها مدينة القامشلي بتجهيز الفرق الموسيقية استعدادا للاحتفال بتلك الإصلاحات الموعودة، ولكن الخطاب جاء كالعادة مخيبا لآمال مناصري بقاء النظام».
وأضاف «الرئيس حاول إظهار نظامه بأنه غير آبه بما يجري في البلاد، وكالعادة وزع الاتهامات على قوى تحاول النيل من نظامه الممانع للصهيونية والقوى المعادية للأمة العربية حسب تعبيره، وتحدث عن تعديلات محتملة للدستور دون أن يحدد الخطوط العامة لتلك التعديلات، وكان المفترض من الرئيس وفي خضم المشهد السوري الحالي وانطلاقا من مسؤولياته أن يعلن عن بعض الإجراءات الملحة لخلق بصيص من النور لدى الشارع السوري لتجنيب البلاد الانزلاق نحو نفق مظلم يتجه نحوه الآن بسبب إصرار النظام على الحلول الأمنية لمعالجة معضلات البلاد».
وحدد القيادي الكردي تلك الإجراءات بالنقاط التالية: «وقف فوري لجميع العمليات العسكرية وإعادة الجيش إلى ثكناته، وقف القمع ضد المتظاهرين، الإعلان بشكل واضح بإلغاء المادة الثامنة لدستور البلاد وجميع المواد الدستورية والقانونية التي تعطي الامتيازات لحزب البعث دون سواه، الاعتراف الكامل بالهوية القومية للشعب الكردي في سوريا ورفع الحظر عن اللغة والثقافة الكردية، إلغاء كافة المشاريع التمييزية التي مورست ضد الكرد للنيل من هويته القومية، الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني يشارك فيه جميع القوى والمكونات للمجتمع السوري دون امتياز لطرف على آخر».
وختم القيادي الكردي تصريحه بالقول«يبدو أن النظام ليس بمقدوره إجراء الإصلاحات الحقيقية، وأنه يريد أن يوهم المجتمع الدولي والقوى الدولية والإقليمية من خلال إطلاق وعود مبهمة لخلق مظلة لعملياته الأمنية ضد المتظاهرين على أمل أن يتمكن من القضاء على معارضيه، لكن الحقيقة ستكون بشكل آخر فالشارع السوري غير مقتنع بما جاء في الخطاب، وأن الاحتجاجات ستزداد في جميع المناطق، وأن الأحزاب الكردية ستحرك الشارع الكردي قريبا بشكل فعال بعد أن خابت الوعود التي وعدوا بها بأن النظام سيعلن عن الاعتراف بالهوية القومية للشعب الكردي، ورفع الحظر عن اللغة والثقافة الكردية».
ناشطون عبر الـ«فيس بوك»: «الجراثيم» تشبه «الجرذان»
أنشأوا موقعا باسم «الجراثيم تريد إسقاط النظام»
بيروت: «الشرق الأوسط»
تسمر المعارضون السوريون في الداخل السوري والمهجر أمام أجهزة الكومبيوتر قبل ساعات من خطاب الرئيس السوري بشار الأسد لتوقع ما سيتضمنه والمشاركة في النقاشات المفتوحة من خلال الصفحة المخصصة للثورة عبر الـ«فيس بوك» وصفحاتهم الخاصة على «تويتر». هم واكبوا الخطاب لحظة بلحظة فكانت تعليقاتهم تتوالى على كل فكرة يطرحها الأسد وحتى على كل حركة يقوم بها.
وقبل أن ينهي الأسد خطابه أنشأ ناشطون على موقع «فيس بوك» مجموعة جديدة ساخرة باسم «الجراثيم تريد إسقاط النظام» ردا على وصف الأسد للمؤامرة بأنها كالجراثيم منتشرة في كل مكان وزمان.
وقبل انطلاق البث المباشر للخطاب، كان القيمون على الثورة يتحضرون لما بعده، متحدثين عن أن لحظة انتهاء الخطاب ستكون الشرارة لخروج مظاهرات «تليق» به داعين لبدء تنظيم المظاهرات المليونية للرد على ما سيقوله الأسد. وتناول الثوار إلكترونيا تفاصيل التصريح الرئاسي، فاستهجنوا استخدام مصطلح «جراثيم» مستذكرين خطابات العقيد الليبي معمر القذافي، الذي وصف شعبه بالجرزان، كما قرأوا في ملامح وجهه وتعابيره وحتى في حركاته ارتباكا واضحا واضطرابا نتيجة ثورتهم، مستنكرين حديثه عن إصلاحات قائلين: «نعم الإصلاح بدأ بنظره من خلال أكثر من 1500 شهيد، وآلاف الجرحى وأضعاف أضعافهم من النازحين».
وقد رد المعارضون مباشرة من خلال صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» على دعوة الأسد للحوار قاطعين الطريق عن أي إمكانية لذلك قائلين: «نعم للحوار، نحن نرشح شهداءنا الأطفال حمزة الخطيب، هاجر الخطيب، عبد الله جحا، مجد الرفاعي، ابتسام المسالمة، ورهف بطيخة، لقيادة الحوار». وإذ توقع الثوار أن يكون خطاب الأسد الثالث بعد الثورة خطابه الأخير بعد إسقاطه يوم الجمعة المقبل، انطلقوا ومباشرة بعد انتهاء الخطاب في عملية استفتائية على فحواه، ففاق عدد المشاركين الألفين الذين أجمعوا على أن الرئيس السوري قطع الطريق على أي إصلاحات من أي نوع كان وأعلن المواجهة حتى النهاية.
وقالت إحدى المشاركات السوريات التي أطلقت على نفسها اسم «زهرة حمص»: «هذا الخطاب أكّد مدى افتقاده للشرعية وهو دون أدنى شك سيعجّل بسقوطه». وفي إطار مشاركته بالعملية الاستفتائية قال غريب رحال: «مزيد من الوعود الكاذبة نناقش ونحاور ونشكل لجانا لشهر وشهرين.. كله كلام فارغ المضمون والشكل، يؤكد على عدم جدية النظام ويزيد من عزم الثوار للتخلص منه». وقد استغل القيمون على صفحة الثورة، مشاركة الآلاف بالنقاشات الدائرة فأطلقوا استفتاء آخر لتسمية يوم الجمعة المقبلة مخيرين ما بين: «جمعة سقوط الشرعية، وجمعة ارحل، وجمعة لا نحبك» وقد حاز الخيار الأول بأرجحية اعتماده علما أن المعارضين يعتمدون أسبوعيا هذه الطريقة لاعتماد التسمية المثلى التي يتوافق عليها الثوار.
وقد شكّلت صفحة الثورة السورية عبر «فيس بوك»، المحرّك الأساسي للمظاهرات التي انطلقت في سوريا بعد خطاب الأسد، فحدّدت مناطق التظاهر وسعت لحشد أكبر عدد ممكن من المتظاهرين من خلال التعبئة إلكترونيا بالاعتماد على فحوى خطاب الأسد وبالتحديد على مقولته: «لا تطوير ولا إصلاح من دون استقرار». وقد شكّلت مقاطع الفيديو التي تظهر كم المتظاهرين في المدن السورية كافة الذين خرجوا بعد الخطاب، والتي يواظب على إرسالها المعارضون إلى القيمين على صفحة الثورة منذ اندلاعها، محفزا أساسيا للمترددين مما أعطى زخما لتحرك الثوار. ولم يتوان قادة الثورة على مخاطبة الجيش السوري ودعوته لمؤازرة الشعب وقد قال يمام الشام: «يا حماة الديار أنتم خلاصنا ومن دونكم لن نقوى على مواجهة النظام أنتم ورقتنا الرابحة».
تحذير من حرب أهلية واستعداد لمضاعفة العقوبات
وزراء خارجية أوروبا: الفرصة متاحة للأسد لتنفيذ ما وعد به.. وتوسيع العقوبات على أجندة قمة قادتنا
بروكسل: عبد الله مصطفى
طالب وزراء خارجية الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد، الرئيس السوري بشار الأسد، بتنفيذ ما سبق أن وعد به من تحقيق إصلاحات في البلاد، ووقف عمليات القتل والعنف التي يتعرض لها المدنيون من المتظاهرين المسالمين.
من جانبها، قالت كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية الأوروبية، قبل إلقاء الأسد خطابه أمس: «ننتظر ما سوف يحمله خطاب الرئيس السوري إلى الشعب، لنرى مدى تنفيذه الوعود التي سبق أن وعد بتنفيذها. وبناء على محتوى الخطاب، سنحدد الخطوات المقبلة بشأن التعامل مع ملف الأوضاع في سوريا». بينما حذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن من خطر حدوث حرب أهلية في سوريا، ووصف الوضع بأنه «شديد التوتر»، محذرا من مغبة اندلاع حرب أهلية في البلاد. وقال اسيلبورن: «نحن لسنا بعيدين عن رؤية حرب أهلية»، داعيا الرئيس السوري إلى «بذل ما باستطاعته لتجنب اندلاع حرب أهلية». وأشار إلى أن «الاتحاد الأوروبي سيشجع أصدقاءه في الجامعة العربية على اتخاذ موقف أكثر حزما وقوة تجاه سوريا».
وكان الملف السوري حاضرا في مناقشات أجراها رؤساء الدبلوماسية الأوروبية في لوكسمبورغ أمس، حيث عبر الوزراء عن قناعتهم بأن الوقت لا يزال متاحا أمام السلطات السورية لإحداث تغيير في طريقة تعاملها مع الاحتجاجات التي تعم البلاد منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وقال وزير الخارجية الفنلندي، ألكسندر ستاب، إن مزيدا من العقوبات ضد سوريا هو السبيل الوحيد لإرغام النظام السوري على وقف الممارسات التي تحدث في الوقت الحالي. وقال ماركوس كبريانو وزير خارجية قبرص إن «الرئيس الأسد وعد بتنفيذ إصلاحات ومزيد من الديمقراطية والسلام وأشياء أخرى عديدة، والاتحاد الأوروبي يريد أن يرى تلك الأمور تتحقق، خاصة أن العقوبات التي صدرت من قبل، عن الاتحاد الأوروبي، كانت رسالة واضحة للنظام السوري، ولهذا نريد أن نرى تغييرا».
وخلال تصريحات للوزراء على هامش اجتماعهم الدوري الاثنين في لوكسمبورغ، أكد الجميع على أن الاضطرابات في سوريا تهدد الاستقرار الإقليمي والداخلي، وقالوا: «نحن مصممون على العمل مع تركيا بشكل خاص ومع الشركاء الدوليين في المجالات الدبلوماسية من أجل إعادة الاستقرار وتصحيح الوضع السوري».
وفي هذا الإطار، عبر وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيلي عن إدانة بلاده للعنف الشديد الذي استخدمته السلطات السورية في التعامل مع حركة الاحتجاج، قائلا: «نأمل أن يفهم الرئيس السوري أن قيادته للبلاد تتعلق بمدى قدرته على تنفيذ الالتزامات التي قطعها على نفسه بشأن الإصلاحات في بلاده»، حسب تعبيره.
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض الشهر الماضي حزمة عقوبات شملت تجميد أرصدة العديد من الشخصيات، بمن فيها الرئيس بشار الأسد، ومنعهم من السفر، بالإضافة إلى وقف العمل بكل الاتفاقيات بين الطرفين، كما «يتوقع الإعلان عن عقوبات جديدة ضد سورية خلال القمة الأوروبية المقبلة يوم الخميس في بروكسل»، حسب مصدر أوروبي.
الاحتجاجات السورية ترسم جغرافيا جديدة للبلاد
مدن وقرى جديدة تظهر على الخريطة بعد قمع النظام لها
دمشق – لندن: «الشرق الأوسط»
إلى جانب القصر العدلي في شارع النصر وسط العاصمة السورية دمشق، وقفت صفاء (محامية) تجادل بائع الخرائط حول السعر، فهو يطلب مائة ليرة وهي تصر على دفع 75 ليرة فقط، لأنها اشترت في مارس (آذار) الماضي خرائط كل المحافظات مع خريطة لكل سوريا (أي خمس عشرة خريطة)، بواقع 75 ليرة لكل واحدة. البائع الذي قبل أخيرا بتخفيض أسعار كل الخرائط رفض أن يبيع خريطة محافظة درعا بأقل من مائة ليرة لأن عليها طلبا كبيرا ولم يعد لديه غيرها. تضحك صفاء وهي تعيد رواية هذه القصة وتقول «من الجيد أني اشتريت خرائط كل المحافظات بسعر مخفض لأنها اليوم جميعها تشهد احتجاجات وأكيد أن ثمنها ارتفع».
هناك قرى في محافظة درعا لم تكن معروفة حتى للسوريين مثل قرية «الجيزة» التي خرج منها الطفل حمزة الخطيب وتحول إلى رمز للانتفاضة السورية، ومن ثم رفيقه الطفل تامر الشريعي، وكذلك قرية المسيفرة القريبة منها التي أعيد إليها عدد من أبنائها شهداء بعد اعتقالهم لنحو شهر وعلى أجسادهم آثار تعذيب وحشي، أما المدن والبلدات الحورانية الأخرى في محافظة مثل داعل وأنخل والحراك وجاسم والصنمين ونوى والشيخ مسكين وبصر الحرير فقد سجلت ملاحم بطولية لن تنسى في تحدي آلة القمع الوحشي للنظام، فلم تعد أسماء تلك البلدات والمدن محض أسماء تمر مرورا عابرا كمناطق زراعية تشتهر بإنتاج البندورة الحمراء والقمح والشعير، ولا مناطق حدودية قريبة من الأردن لا بد للذاهب إلى عمان أن يمر فيها ويغسل بصره في امتداد سهولها الخصبة، أو «شرشف قصب ومطرز بنسيان» بحسب أغنية «عالبال بعدك يا سهل حوران» لمطرب الجبل فهد بلان، وإنما باتت قرى ومدن درعا سجلا حافلا بقصص التحدي البطولية والحوادث المروعة، ومجرد ذكرها يوجع القلب ويؤجج الغضب.
حوران التي تفجرت على حين غرة لحقتها على الفور منطقة أخرى غير متوقعة وهي مدينة بانياس الساحلية، والقرى المحيطة بها البيضة والمرقب، فكان للمدينة اعتصامات في وقت مبكر أذهلت السوريين، وكان للبيضة فيلم عن عملية اعتقال همجي اهتز له العالم، أما المرقب فنصيبها مجزرة حصدت عددا من نسائها العزل حين خرجن احتجاجا على اعتقال الرجال، ولم يكن يتوقع أحد أن تقوم أي انتفاضة في بانياس ولا حتى في كل الساحل السوري، حيث تتركز معاقل شبيحة النظام من مهربين ومارقين وخارجين على القانون، يبسطون سيطرتهم غير الشرعية، بالبلطجة، ولكن بانياس التي خرج منها نائب الرئيس السوري المنشق عبد الحليم خدام تحركت واتهم النظام حليفه المنشق بقيادة تلك التحركات، رغم علمه المسبق بمدى كراهية السوريين لخدام، ورغم أن مناصريه إن وجدوا فهم قلة، ويشك في قدرتهم على تحريك أي أحد في الشارع لا في بانياس المكلومة ولا في أي مدينة أخرى، فلهذه المدينة كما غيرها من المدن السورية ما يكفي من الأسباب والدوافع لتحتج على النظام، فهي بلدة ساحلية تحولت في السبعينات بعد إقامة مصفاة للنفط فيها ومرفأ يعد الثالث بعد مرفأي اللاذقية وطرطوس، إلى مدينة وبشكل مفاجئ، إذ وفدها عمال المصفاة ومحطة توليد الكهرباء وعدة منشآت أخرى، لينشأ فيها مجتمع جديد خليط، لم يسلم مع مرور الوقت وترهل الأداء الحكومي من الفساد والتهميش اللذين وصلا إلى حد لم يعد يحتمل، فخرجت بانياس لتنفض الغبار عنها وعن ماضٍ كان فيه صفحات مؤلمة سبق ودونها نظام الرئيس حافظ الأسد في الثمانينات خلال حملته للقضاء على الإخوان المسلمين، وكانت بانياس معقلا لبعض قادتهم. وإذ حضر هذا الماضي كذكرى حضرت معه وسائل الرد العنيف لكن ليس كذكرى وإنما ممارسة فعلية لا ترحم. ومن بانياس إلى محافظة حمص عاصمة النكتة والطيبة، تعرف العالم على أحياء ومناطق، تخلت عن وداعتها وهدوئها، وشدت حناجر أهلها بأطرف الهتافات وأقذعها، بل وأخطرها، فاستحقوا عليها ردا دمويا يكاد يوازي ما تعرضت له درعا وبانياس، فكان للأهالي في أحياء الخالدية وباب السباع وشارع الستين وساحة الساعة صولات وجولات، ومناطق باب الدريب وباب عمر والبياضة وتل الشور روايات مؤلمة ومشرفة، إذ لبت نداء استغاثة لنصرة لقرية تلبيسه؛ القرية الصغيرة التي لم يكن أحد يرد على ذكرها، وقدمت نفسها خلال الاحتجاجات بلدة عنيدة صعبة المراس، وقضت ثلاثة أشهر من المقاومة المرة، وكلما قال النظام إنه أخمدها خرجت مجددا من الرماد لتطالب بالحرية، حالها حالة مدينة الرستن التابعة أيضا لمحافظة حمص (وسط) التي قام أهلها منذ وقت مبكر بتحطيم أكبر تمثال في البلاد للرئيس حافظ الأسد، ومن يرى مشهدهم وهم يقومون بتكسيره يدرك أنهم لم يكونوا يحطمون رمزا بقدر ما كانوا يحطمون صنم الخوف المزروع داخل السوريين منذ أربعين عاما.
أما أهالي الرستن فقد سددوا ثمنا باهظا من أرواح أبنائهم، ومن بيوتهم التي تعرضت للنهب والتدمير، إذ لم يشفع لهم لدى النظام ابن الرستن العماد مصطفى طلاس ولا ابنه مناف طلاس، وربما العكس كان لذلك أثر سلبي لتشديد الضربات العسكرية، والقصف المدفعي الذي تعرضت له، فالعماد طلاس ليس أفضل من المسؤولين الكثر من أبناء درعا، فاروق الشرع نائب الرئيس وفيصل المقداد نائب وزير الخارجية وغيرهم العشرات، لم تنل بلداتهم من فضائل مناصبهم، سوى تماثيل وصور ضخمة للرئيس الراحل والحالي، تربعت على تل خراب الذي خلفه الفساد في تلك المناطق. ويتفق أهالي محافظة حمص ممن اطلعوا على ما حلّ بالرستن وتلبيسة «إذا سقط النظام سيذهل العالم من الجرائم التي حصلت هناك».
أما عروس محافظة اللاذقية عروس الساحل السوري، كما يسميها الإعلام الرسمي، فتعرف العالم على حي الصليبة ومخيم الرمل الفلسطيني، فالاحتجاجات التي لم تهدأ يوما كشفت عن مدى الظلم الذي تعاني منه هذه المحافظة، التي تعد من أهم المقاصد السياحية، ففي حين بيعت معظم مواقعها الساحرة لشركات السياحة والاستثمار، حرم أهالي بعض المناطق والأحياء ولا سيما الصليبة من الخدمات الأساسية.
فاللاذقية التي تحركت مع درعا وبانياس تعاني اليوم من استباحة الأمن الشبيحة لشوارعها، في ظل تعتيم كامل على ما يجري فيها، حيث إن مجرد خروج مظاهرة صغيرة فيها ولو لم تتجاوز عدة أشخاص يعد هذا ضربة موجعة للنظام، الذي ينتمي معظم رموزه وقادته إلى محافظة اللاذقية. ولعل هذا أسوأ مفاجأة واجهت النظام الذي سكت لعقود عن انتفاع مؤيديه وأقاربه هناك والذين ينتمون إلى طائفة معينة، بل إنه غض النظر عن إطلاق يدهم هناك في الوقت الذي عانت فيه باقي الفئات والشرائح الأخرى من الإهمال والتهميش.
ومن الساحل إلى شرق البلاد التحقت محافظة دير الزور بالاحتجاجات ونهضت ليرى السوريون قامتها السامقة، في البوكمال والميادين ودير الزور وقراها مناطق كانت بعيدة عن قلب الحكومة وقريبة من أيدي الفاسدين، الذين لم يوفروا فرصة لسرقة خيراتها، حتى تحولت إلى أرض جرداء. ولا تختلف دير الزور عن درعا من حيث عدد المسؤولين من أبنائها في الحزب والدولة، بينهم قياديون مهمون، إلا أنهم لم يقدموا لأهلهم سوى النكران والاستغلال، وكان أغلبهم من الفاسدين، الذين صمتوا عن استنزاف موارد تلك المناطق، فهي عدا كونها حقولا للنفط فهي من مصادر القطن والقمح ولحوم المواشي والألبان. لكنها اليوم تعاني من ضيق ذات اليد والإهمال. لذا فإن احتجاجها اليوم جاء صفعة للحكومة التي نامت عن تدهور الوضع البيئي في مناطق تعد جزءا لا يتجزأ من سلة الغذاء السورية.
وفي محافظة إدلب التي انطلقت احتجاجاتها من مدينة معرة النعمان والقرى المحيطة، تحولت إلى منطقة ملتهبة مع دخول مدينة جسر الشغور المثقلة بجراح الثمانينات إلى خط الاحتجاج لتشهد أوسع عملية عسكرية للجيش السوري، وليتصدر اسمها نشرات الأخبار لأكثر من أسبوع، كانت فيه محط أنظار العالم لما تشكله من نقطة فاصلة سواء بالاحتجاجات أو بعملية التطهير والانتقام التي يقوم بها النظام بعد أنباء عن حصول انشقاقات في الجيش هناك ومقتل أكثر من 120 رجل أمن بحسب ما قالته السلطات.
جسر الشغور شريكة حماه (وسط) في تاريخ المجازر التي ارتكبها نظام حافظ الأسد في الثمانينات، نالت ضربة عسكرية أرادها النظام قاضية، وهي الضربة لم يوجهها إلى مدينة حماة التي شهدت أكبر احتجاجات في البلاد على الإطلاق، إذ خرج أكثر من 300 ألف متظاهر في يوم جمعة «العشائر» دون أن يحصل أي احتكاك مع الأمن.
الرئيس السوري يحدد عناوين ومواعيد بينها “إمكان دستور جديد”
خطاب الأسد “حوار وإصلاح ومؤامرة” والمعارضة تعتبره غير كاف ولا يتضمن حلولاً
دمشق – “الخليج”، وكالات:
اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أمس أن بلاده هدف للمؤامرات بسبب جغرافيتها السياسية المهمة ومواقفها السياسية المتمسكة بمبادئها ومصالحها، متهماً فئة من أصحاب الفكر المتطرف بالقتل باسم الدين وبالتخريب والفوضى تحت عنوان الإصلاح، داعياً الذين نزحوا إلى تركيا إلى العودة إلى ديارهم، ومشدداً على أن لا حوار مع من حملوا السلاح .
وقال الأسد، في خطاب ألقاه على مدرج جامعة دمشق، إنه لا يعتقد أن سوريا “مرت بمرحلة لم تكن فيها هدفاً لمؤامرات مختلفة قبل أو بعد الاستقلال لأسباب عديدة بعضها مرتبط بالجغرافية السياسية المهمة لسوريا والبعض لآخرر مرتبط بمواقفها السياسية المتمسكة بمبادئها ومصالحها” . واعتبر أنه “من البديهي أن يكون السؤال السائد اليوم هو ما الذي يحصل ولماذا وهل هي مؤامرة ومن يقف خلفها أم هي خلل فينا فما الخلل؟ وغيرها من التساؤلات الكثيرة والطبيعية في مثل هذه الظروف” . وقال إن ما يحصل في الشارع له ثلاثة مكونات “الأول هو صاحب حاجة أو مطلب يريد من الدولة تلبيتها له وهذا واجب من واجبات الدولة، والثاني يمثله عدد من الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة بقضايا جنائية مختلفة وجدوا في مؤسسات الدولة خصماً وهدفاً لأنها عقبة في وجه مصالحهم غير المشروعة ولأنهم مطاردون من قبل أجهزتها” . وقال إن المكون الثالث “هو الأكثر خطورة رغم صغر حجمه وهو يمثل أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري الذي اختبرناه منذ عقود عندما حاول التسلل إلى سوريا واستطاعت أن تتخلص منه بوعي شعبها وحكمته” . واعتبر أن هذا الفكر “يقتل باسم الدين ويخرب تحت عنوان الإصلاح وينشر الفوضى باسم الحرية لذلك كان التصعيد والفوضى هما المرادف لكل خطوة إصلاحية أعلن عنها أو تم انجازها وعندما فقدت المبررات كلياً كان استخدام السلاح هو الخيار الوحيد أمامهم لتنفيذ المخطط” . وأكد أنه ستتم محاسبة “كل من اراق الدماء” أو “تسبب في اراقة دماء” وقال إن “الضرر الحاصل أصاب الجميع والمحاسبة حق للدولة كما هو حق للأفراد” . ودعا الأسد “كل شخص أو عائلة هاجرت من مدينتها إلى العودة بأسرع وقت ممكن . . وهناك من يوحي بأن الدولة ستنتقم وهذا غير صحيح فالجيش موجود من أجل خدمتهم” . وقال الأسد إن “حل المشكلة سياسي لكن لا يوجد حل سياسي مع من يحمل السلاح” .
ودعا الأسد إلى “حوار وطني” لإخراج سوريا من الأزمة التي تواجهها، مؤكداً أن هذا الحوار يمكن ان يفضي إلى دستور جديد . وقال الأسد ان “الحوار سيكون شعار المرحلة المقبلة” . وأضاف أن “مستقبل سوريا إذا أردناه أن ينجح مبني على هذا الحوار”، مشيراً إلى أن “لجنة الحوار ستعقد اجتماعاً قريباً تدعى إليه مئة شخصية” .
وأضاف أن “الحوار الوطني قد يؤدي إلى تعديل دستوري أو دستور جديد” وتحدث عن امكانية إجراء تعديل المادة الثامنة، التي تنص على قيادة حزب البعث للبلاد . وقال متسائلاً “هل نبدأ بتغيير بضع مواد من الدستور بما فيها المادة الثامنة أو يكون من الأفضل تغيير الدستور بالكامل؟” .
واعتبرت المعارضة ان خطاب الرئيس بشار الأسد أمس غير كاف ولم يتضمن حلولا سياسية، وشددت “لجان التنسيق المحلية” على ان الخطاب “يكرس الأزمة” واعلنت استمرار “الثورة” حتى تغيير النظام، في وقت تحدث النشطاء عن خروج العشرات من المظاهرات في مختلف المدن السورية للمطالبة ب”إسقاط النظام” .
وفور انتهاء الاسد من خطابه، خرجت مظاهرات في الكثير من بلدات محافظة إدلب وحماة ودمشق وحمص واللاذقية وحلب وعلى الحدود التركية حيث آلاف اللاجئين السوريين . وكانت، ظهرت، قبل انتهاء الخطاب، دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للخروج في المزيد من المظاهرات ردا على ما جاء فيه . وكتب نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) “طبعا لحظة انتهاء الخطاب ستكون الشرارة لخروج مظاهرات (تليق) بالخطاب، شاركونا في جميع أنحاء سوريا” . وانتقد النشطاء تصنيف الأسد للمحتجين إلى اصحاب مطالب ومخربين وأصحاب فكر تكفيري ، وقالوا: “المجرمون هم مخابرات النظام، الذي قتل 1600 وجرح 6000 واعتقل 15000” .
من جهة أخرى، قالت لجان التنسيق المحلية التي تضم أبرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في سوريا في بيان انها “ترى في الخطاب تكريساً للازمة من قبل النظام الذي يتمترس وراء الإنكار والتعامي عن رؤية الواقع الجديد الذي فرضته ثورة السوريين المستمرة حتى تحقيق مطالبها” . ورأت ان في الخطاب “تجاهلاً كاملاً لجرائم الأجهزة الأمنية التابعة للنظام التي ارتكبت أعمال القتل والتمثيل بالجثث واعتقال الآلاف من المتظاهرين والنشطاء والذين لا يزال مصير معظمهم مجهولاً حتى اللحظة” . واعتبرت ان دعوة الحوار التي وردت في الخطاب “مجرد محاولة لكسب الوقت على حساب دماء السوريين وتضحياتهم” معلنة رفضها “أي حوار لا يكون الهدف منه طي صفحة النظام الحالي بصورة سلمية والتحول نحو سوريا جديدة، دولة ديمقراطية حرة، ولمواطنيها كافة” . وتابعت “لم يقترب الخطاب حتى من كونه خطاب ازمة وطنية تعيشها البلاد منذ ثلاثة اشهر” .
واعتبرت الناشطة السورية سهير الأتاسي ان خطاب الأسد “لا يرقى إلى مستوى الأزمة” وسيؤدي الى تأجيج التظاهرات ضد نظامه . واعتبرت ان الاسد “لم يدرك للآن ان الأحرار باتوا يريدون إسقاطه” واصفة خطابه “بالاستعلائي المرتبك” . وتابعت ان “بشار الأسد اليوم يتهم الأصوات الصادحة بالحرية بالتخريب، ويبيح بذلك الدماء ويستبيح المدن ويعطي الشرعية لوجود الجيش داخل المدن” . واختتمت حديثها بالقول “المظاهرات ستتأجج، والنظام سيسقط” .
وقال المعارض السوري والحقوقي حسن عبدالعظيم ان خطاب الاسد “لم يكن كافيا” معتبرا انه كان على الرئيس السوري الإشارة إلى مرحلة أساسها الحلول السياسية . واشار الى انه “كانت هناك دعوة للحوار الوطني مع المناطق ومحافظات من دون الحديث بشكل واضح وصريح عن دعوة الأطراف المعارضة للحوار الوطني بعد توفر مناخه وسحب الجيش والقوى الأمنية واطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والضمير” .
وقال المراقب العام السابق لجماعة الاخوان المسلمين علي صدر الدين البيانوني ان “خطاب الأسد لم يتعرض للقضايا الأساسية مثل انسحاب الدبابات والجيش من المدن السورية، وعدم اطلاق النار على المتظاهرين العزل، ومحاسبة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم بشعة بحق المتظاهرين السلميين” .
“الصليب” يزور مناطق سوريا المضطربة
أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم أن السلطات السورية منحتها إذنًا لدخول المناطق التي تشهد اضطرابات، وأن دمشق تبحث طلبا لها بتمكينها من زيارة معتقلين.
وقال رئيس اللجنة جاكوب كيلينبرغر في بيان صدر بعد محادثات أجراها ليومين مع مسؤولين سوريين كبار بينهم رئيس الوزراء عادل سفر ووزير الخارجية وليد المعلم إن “المناقشات تركزت بشكل كامل على المسائل الإنسانية وكانت صريحة وعملية”.
وأضاف أنه “كان المسؤولون السوريون متفهمين ووافقوا على تيسير دخول اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري لمناطق الاضطرابات وسأتابع عن كثب كيفية تنفيذ هذا التفاهم”.
وشدد البيان على أن الوصول دون عوائق إلى المناطق المضطربة ضروري لتقييم الوضع وتقديم المساعدات الإنسانية التي تلبي الاحتياجات.
وبحسب كيلينبرغر فإن الحكومة السورية أبدت استعدادها للتجاوب مع طلب تقدم به للسماح لمندوبي اللجنة الدولية بزيارة المحتجزين، قائلاً “أبدت الحكومة السورية استعدادها لمناقشة شروط وظروف زيارات اللجنة الدولية. هذه خطوة أولى إلى الأمام”.
مظاهرات مؤيدة للرئيس وأخرى ضده
قتلى باشتباك أنصار الأسد ومعارضيه
نقلت وكالة رويترز للأنباء عن ناشطين سوريين قولهم إن ثلاثة أشخاص قتلوا في مدينة حمص وبلدة الميادين بمحافظة دير الزور في اشتباكات بين محتجين معارضين وآخرين مؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد.
وقد أصدر الأسد اليوم عفوا عاما عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 20 يونيو/ حزيران الجاري. وجاء هذا العفو بعد خطاب ألقاه أمس وعد فيه بتوسيع عفو سابق. وقد خرج آلاف السوريين اليوم في مسيرات مؤيدة لخطاب الأسد، في حين شهدت عدة مدن وبلدات سورية مظاهرات رافضة لخطابه وتطالب بإسقاط نظامه.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الأسد “أصدر المرسوم التشريعي رقم 72 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 20 يونيو/ حزيران 2011”.
وهو العفو الثاني الذي يصدره الأسد منذ بدء الاحتجاجات المنادية بالحرية والمطالبة بإسقاط النظام منتصف مارس/ آذار، وكان الرئيس السوري قد أصدر عفوا عاما في 31 مايو/ أيار شمل الإخوان المسلمين والمعتقلين السياسيين.
وفي هذا الإطار قالت منظمات حقوق الإنسان إن السلطات أفرجت عن مئات المعتقلين لكن رغم ذلك استمر قمع المحتجين.
وجاء العفو الجديد بعدما قال الأسد في كلمته أمس إنه شعر بأن العفو السابق “لم يكن مرضيا للكثيرين”، مؤكدا أنه “سيتم التوسع بالعفو بشكل يشمل آخرين دون أن يضر مصلحة وأمن الدولة من جانب ومصالح المواطنين”.
وأشار الأسد في خطابه إلى وجود 64 ألف مطلوب للعدالة، ولا يعرف هل سيشملهم هذا العفو أم لا.
مسيرات مؤيدة
وقد أعلن العفو الجديد بالتزامن مع خروج آلاف السوريين في مدن عدّة اليوم في مسيرات مؤيدة لخطاب الأسد. ورُفعت في المسيرات شعارات تقليدية تؤيد النظام وأخرى تندّد بمن سمّاهم الرئيس السوري بالمخرّبين الذين استغلّوا التحرّكات الشعبية.
وأظهر التلفزيون السوري مسيرات في العاصمة دمشق وحلب ومدينة درعا الجنوبية التي انطلقت منها الاحتجاجات في منتصف مارس/ آذار ولوّح الناس بالعلم السوري رافعين صور الأسد ومطلقين بالونات في الهواء تحمل ألوان العلم.
وكانت توجيهات من حزب البعث الحاكم قد صدرت أمس عقب خطاب الأسد لكافة العاملين في القطاع العام بالمشاركة في مسيرات تأييد للأسد ونظامه.
وأرسلت شركتا الهاتف النقال رسائل صباح اليوم تحث الناس على الانخراط في مسيرات التأييد للأسد وحملت الرسائل عبارات حماسية منها “خلي العالم يسمعنا، وحدك بتجمعنا، رخصنا طلعتنا، سورية بلدنا، وباسمك هتفنا”.
ونقلت وسائل إعلام محلية شبه رسمية أن عددا من الشباب السوري حصلوا على ترخيص للمسيرة من وزارة الداخلية.
ومن المتوقع أن يشارك في “مسيرة التأييد” عشرات الآلاف بينهم كوادر من البعث الحاكم وموظفون من القطاع العام وعدد من شركات القطاع الخاص المحسوبة على الجانب الرسمي وعدد من عامة الناس في البلاد.
مظاهرات معارضة
وفي المقابل، تظاهر آلاف السوريين في بعض المناطق داخل العاصمة دمشق وفي ريفها وفي مدن حلب وحمص واللاذقية والبوكمال وحماة وإدلب، ليعبروا عن رفضهم لخطاب الرئيس الأسد ويجددوا مطالبتهم بإسقاط النظام.
ودعا نشطاء سوريون إلى تنظيم مظاهرات حاشدة اليوم فيما أسموه “ثلاثاء نصرة اللاجئين” لنصرة اللاجئين وكذلك تأكيدا على رفضهم لخطاب الأسد أمس والدعوة إلى “إسقاط النظام”.
وقال شهود عيان في محافظة درعا لوكالة رويترز إن قوات الأمن فتحت النار لتفريق عدة آلاف من المتظاهرين في حي المدينة القديمة، في حين نزل المحتجون إلى الشوارع ردا على مظاهرة مؤيدة للحكومة في منطقة المحطة قالوا إن موظفين وأفرادا من الجيش يرتدون ملابس مدنية تلقوا الأوامر بالمشاركة فيها.
وفي مخيم يايلاداغي جنوبي تركيا قرر لاجئون سوريون البقاء حيث هم رغم الطمأنة التي قدمها الأسد لضمان عودتهم إلى ديارهم في منطقة جسر الشغور في محافظة إدلب، وأعرب اللاجئون عن رفضهم التام لمضمون الخطاب ودعوة الرئيس إلى عودتهم إلى سوريا.
وكانت مظاهرات حاشدة قد خرجت في مختلف المدن السورية أمس تنديدا بالخطاب الذي وصفه المحتجون بأنه “مخيب جدا للآمال ومستفز”.
وخرجت مظاهرات في الكثير من بلدات محافظة إدلب وكذلك دمشق وحمص واللاذقية وحلب، وعلى الحدود التركية حيث آلاف اللاجئين السوريين.
ورفع مئات من المحتجين في إربين من ريف دمشق شعارات تقول “لا حوار مع القتلة” وفق ما سمعته رويترز من هاتف شاهد عيان على خلفية مكالمته.
توسيع الحملة
في سياق متصل بالأحداث قال نشطاء إن القوات السورية وسعت حملتها الأمنية قرب الحدود التركية لتشمل مدينة حلب.
وقال نشطاء حقوقيون إن العشرات من طلاب جامعة حلب اعتقلوا أمس كما اعتقل 12 بينهم إمام مسجد في قرية تل رفعت القريبة التي تقع في منتصف الطريق بين حلب والحدود التركية عقب احتجاجات، وانتقد الطلاب في الحرم الجامعي الخطاب الثالث للأسد منذ بدء الاحتجاجات الشعبية ضد حكمه قبل نحو ثلاثة أشهر.
ونقلت رويترز عن شاهد عيان قوله إن الحواجز زادت على الطرق في حلب بشكل ملحوظ اليوم، لا سيما على الطرق المؤدية إلى الشمال باتجاه تركيا.
وقال إنه شاهد أفرادا من المخابرات العسكرية يعتقلون شقيقين في الثلاثين من العمر لمجرد “كونهما من إدلب على ما يبدو”.
في غضون ذلك قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم إن سوريا وافقت على تيسير وصول عامليها لتجمعات سكانية أوسع نطاقا في المناطق المضطربة، مشيرة إلى أن دمشق تبحث طلب اللجنة زيارة معتقلين.
وقال جاكوب كيلينبرجر رئيس الصليب الأحمر في بيان صدر بعد محادثات دامت يومين مع مسؤولين سوريين كبار في دمشق إن المناقشات تركزت بشكل كامل على المسائل الإنسانية ووصفها بأنها صريحة وعملية.
خطاب الأسد في الصحافة البريطانية
تناولت الصحف البريطانية خطاب الرئيس السوري المتلفز يوم أمس في افتتاحياتها، وأجمعت على أنه غير مقنع ولا يقدم أي حل جذري للوضع المتأزم في سوريا.
صحيفة الغارديان وصفت بشار الأسد بأنه دأب على تقديم نفسه على أنه نقطة الارتكاز في عملية التغيير، ولكن في الواقع العمل الحقيقي نحو التغيير جامد بدون حركة. صحيفة الإندبندنت وصفت خطاب الأسد بأنه مغامرة يائسة وخطيرة. أما صحيفة التايمز فقد لفتت النظر إلى التهديدات التي يتعرض لها المحتجون السوريون في بريطانيا.
صحيفة الغارديان علقت على خطاب الأسد بأنه وعد بإصلاحات كان يجب أن تتم قبل 98 يوما، وما زال يردد نفس النغمة بأن الاحتجاجات من صنع قوى أجنبية متآمرة.
كما علّقت الصحيفة باستياء على وصف الأسد للمحتجين بأنهم “جراثيم” قائلة بأنه أضاف هذا الوصف إلى قائمة أوصافه السابقة للمحتجين التي تضمنت مخربين وسرّاقا وإسلاميين متطرفين ومجرمين مطلوبين للعدالة.
وفي الوقت الذي أشادت فيه الصحيفة باعتراف الأسد بحالات ضعف ورثها نظامه من النظام السابق، فإنها تهكمت على تعهد الأسد بأنه يحمل أولئك الذي سفكوا الدم السوري المسؤولية، وأنه سيقدمهم للعدالة وقالت “بما أن أول شخص تنطبق عليه تلك التعهدات هو ماهر الأسد أخو الرئيس الذي يتولى قيادة الفرقة الرابعة والحرس الرئاسي، فلا أحد سيأخذ تلك التعهدات على محمل الجد”.
ووصفت الصحيفة الأسد بأنه قادر على إلهاب المشاعر، ولكنه غير قادر على كبحها، إذا نظرنا إلى مدى الغضب الشعبي الذي استقبل به خطابه في الداخل والخارج.
صحيفة الإندبندنت قالت إذا كان هدف الأسد من خطابه المتلفز أمس هو استعادة زمام المبادرة السياسية، فقد فشل في ذلك، وإذا كان هدفه من الخطاب هو رفع غصن الزيتون لأولئك الذين يعارضونه، فهم قطعا لم يفهموا الرسالة بهذا الشكل.
وذهبت الإندبندنت إلى ما ذهبت إليه الغارديان في وصف ما جاء على لسان الأسد من تخوين وتهديد للمحتجين والمعارضة، وكون ذلك مقرونا بوعود إصلاح وردية وعفو شامل.
وأشارت الصحيفة إلى الحالة التي واجهها الرئيس السابق حسني مبارك، وقالت إن هناك نقطة معينة، عندما تصل إليها الأمور، لا تعود الوعود بالإصلاحات مقبولة ولا تطرق أذن أحد، حتى لو كانت صادقة.
وتطرقت الصحيفة إلى الموقف الدولي الذي وصفته بأنه يفتقر إلى الوضوح والتماسك، ولكنها عادت وأقرّت بخصوصية الوضع السوري والتبعات الخطيرة التي قد تنتج عن انفلات الأوضاع هناك وخروجها عن السيطرة.
صحيفة تايمز البريطانية لم تخرج عن الإجماع الذي ساد الصحافة البريطانية بشكل عام حول خطاب الأسد، وقالت إنه لم يقنع السوريين ولا العالم.
وتطرقت الصحيفة إلى التهديدات التي يتعرض لها السوريون المقيمون في بريطانيا، وقالت إن عناصر المخابرات السورية يقيمون في بناية قريبة من القصر الملكي في لندن، ويستهدفون السوريين الذين يشاركون في الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وأشارت الصحيفة إلى ادعاءات من سوريين مقيمين في بريطانيا بأنهم تلقوا تهديدات موجهة إليهم وإلى عائلاتهم في سوريا.
الصحيفة تهكمت أيضا على خطاب الأسد بالقول إنه التزم إلى حد كبير بكتيب التعليمات الخاص بقادة الشرق الأوسط غير المنتخبين ديمقراطيا، وهو وعود وردية غير حقيقية وإلقاء اللائمة على عناصر أجنبية متآمرة.
وأشارت الصحيفة إلى ما أشارت إليه الصحف البريطانية الأخرى، من حيث الغضب الشعبي الذي قوبل به خطاب الأسد، حيث نزل السوريون إلى الشوارع بعد الخطاب معبرين عن رفضهم لما جاء فيه.
وقالت الصحيفة إن الأسد لم يقل من هي تلك الجهات الأجنبية التي قصدها، ومن الواضح أنه لا يعني جيرانه، فسوريا بلد فيه فسيفساء طائفية والانهيار يعني الانزلاق نحو الطائفية، فلا تركيا تريد ذلك على حدودها ولا إسرائيل تريد انهيارا سريعا وتغييرا غير محسوب على حدودها.
رفض دولي وشعبي لخطاب الأسد
بعد فراغ الرئيس السوري بشار الأسد من إلقاء خطابه أمس الاثنين سارعت كل من الولايات المتحدة وتركيا بانتقاده، وطالبتا دمشق بوقف العنف وتطبيق فوري للإصلاحات، بينما اعتبره الاتحاد الأوروبي مخيبا للآمال، ورفضته دوائر شعبية سورية.
ففي واشنطن، ذكر البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أجرى محادثات هاتفية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، واتفقا خلالها على ضرورة أن توقف الحكومة السورية استخدام العنف ضد المتظاهرين، وأن تقوم بإصلاحات ديمقراطية تلبي طموحات شعبها.
وأضاف البيت الأبيض قائلا في بيان إن الزعيمين اتفقا “على أنه يجب على الحكومة السورية أن تنهي استخدام العنف الآن، وأن تشرع على الفور في إحداث إصلاحات ذات مغزى تحترم التطلعات الديمقراطية للشعب السوري”.
وفي السياق ذاته، قال الرئيس التركي عبد الله غل إنه كان يجب على بشار الأسد أن يكون أكثر وضوحاً بخصوص الوعود بالإصلاحات التي قطعها في خطابه الأخير، وإن عليه أن يحول سوريا إلى نظام تعددي حزبي.
وعلى الصعيد الشعبي، أثار خطاب الأسد -الذي ألقاه بجامعة دمشق- ردود فعل سلبية لدى اللاجئين السوريين في مخيماتهم التي أقامتها تركيا في مدينة أنطاكية الحدودية، والتي تستضيف أكثر من 11 ألف لاجئ سوري، حسب المصادر الرسمية.
وأعرب اللاجئون عن رفضهم التام لمضمون الخطاب ولدعوة الرئيس لعودتهم إلى سوريا.
كما رفض “ائتلاف شباب الثورة السورية الحرة” وعود الرئيس الأسد. وقال تصريح صحفي باسمه إن “خطاب الأسد الثالث تعبير عن أزمة يعاني منها النظام، وأهمها أزمة فهم الواقع، وإدراك مطلب الشعب في الحرية”.
وأضاف البيان الذي تلقت الجزيرة نت نسخة منه، “انطلاقاً من ذلك يؤكد ائتلاف شباب الثورة السورية الحرة أن شعبنا مستمر في مظاهراته السلمية للخلاص من النظام الفاسد وكل ما يمت إليه بصلة، وانتزاع حريته وكرامته دون انتظار لوعود خادعة وخطابات واهمة، وسيكون ردنا الفعلي في كل مدينة وبلدة وقرية سورية”.
خيبة أمل
من جانبه اعتبر المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا علي صدر الدين البيانوني أن خطاب الأسد خيّب آمال الذين عقدوا عليه الآمال، ولم يأت بجديد.
غير أن بثينة شعبان المستشارة الإعلامية للرئيس السوري قللت من أهمية الانتقادات الغربية الموجهة إلى سوريا.
وشددت -خلال لقاء مع قناة الجزيرة الاثنين- على أنه حري بالولايات المتحدة والدول الأوروبية أن توفر الدعم لما وصفته بالمسيرة الديمقراطية التي تشهدها سوريا والإصلاحات السياسية التي يعكف الرئيس الأسد على تطبيقها.
وكان الأسد تعهد -في كلمته المطولة، وهي الثالثة له منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس/آذار الماضي- بانتهاج طريق الحوار للتوصل إلى دستور سوري جديد.
وقال إنه سيبدأ عما قريب حوارا وطنيا يمهد الطريق لتشريعات جديدة، بما في ذلك القوانين المتعلقة بالانتخابات البرلمانية ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية والنظر في تعديلات دستورية محتملة.
عقوبات أوروبية متوقعة
من جانبه، عبَّر الاتحاد الأوروبي عن خيبة أمله في خطاب الرئيس السوري.
وفي بيان صادر عن وزراء خارجية دوله عقب إلقاء الأسد خطابه، وعد الاتحاد الأوروبي باتخاذ “خطوات حثيثة” لتوسيع نطاق القيود التي يفرضها، “مستهدفا تحقيق تغيير جوهري للسياسة التي تتبعها القيادة السورية دون تأخير”.
وصرح دبلوماسيون من الاتحاد بأن العقوبات الموسعة التي تشمل تجميد أموال مزيد من الأفراد، وفرض قيود على مزيد من الشركات المرتبطة بأفراد ذوي صلة بالقمع، من المتوقع أن تقر في وقت لاحق هذا الأسبوع.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إنه “يجب على الأسد أن يطلق حوارا جديرا بالمصداقية وحقيقيا وشاملا”، مشيرة إلى أن الأمر متروك للسوريين للحكم على رغبته في الإصلاح.
وأضافت في إفادة صحفية أنه “يجب أن أقول للوهلة الأولى إن خطاب اليوم مخيب للآمال”.
ووصف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الخطاب بأنه “غير مقنع”، قائلا “إذا كان للرئيس الأسد أن يستعيد أي مصداقية فالشعب السوري بحاجة لأن يرى عملا ملموسا وليس وعودا غامضة”.
كما وصف وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه القمع في سوريا بأنه “غير مقبول”، وقال إن الأسد فقد شرعيته.
وقال للصحفيين “نحتاج إلى تشديد العقوبات وتلقينا التأييد من زملائنا الأوروبيين”.
سورية:مقتل سبعة متظاهرين في حمص وحماه والميادين
قتل عدد من المتظاهرين في مدن حمص وحماه وسط سورية وفي محافظة دير الزور شرقي البلاد على يد قوات الامن السورية حسب نشطاء معارضين خلال تظاهرات مناهضة لحكم الرئيس السوري بشار الاسد.
كما شهدت مدن سورية مسيرات تأييد للاسد مما ادى الى مواجهات بين انصار ومعارضي الاسد في عدد من المدن وهو ما يحدث للمرة الاولى منذ اندلاع موجة الاحتجاجات في سورية منذ اكثر من ثلاثة اشهر.
ففي حماه قتل صبي في الثالثة عشر من العمر خلال اشتباكات بين انصار الاسد والمناوئين له فتدخلت قوات الامن واطلقت النار على معارضي الحكومة مما ادى الى مقتل الصبي.
وفي مدينة حمص قتل ثلاثة اشخاص فيما قتل ثلاثة في مدينة الميادين الواقعة في محافظة دير الزور.
وعلى صعيد المواقف الدولية صرح رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون ان مجلس الامن الدولي لا يمكن ان يصمت لمدة اكثر حيال ما يجري في سورية.
واضاف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين “لقد اقترب الوقت الذي سيكون فيه على الجميع تحمل مسؤولياتهم”، فيما اكد بوتين موقف موسكو المعارض لاي قرار يصدر مجلس الامن بخصوص سورية.
ودعا الرئيس الامريكي باراك اوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الرئيس السوري الى وقف اعمال العنف والقمع التي تستهدف المتظاهرين المناهضين للحكومة السورية.
وجاء في بيان اصدر البيت الابيض ان الزعيمين “اتفقا خلال هذه المحادثات على انه يتوجب على الحكومة السورية ان تضع حدا لاعمال العنف الان وان تطبق سريعا اصلاحات ملموسة تحترم التطلعات الديموقراطية للشعب السوري”.
ولجأ اكثر من 11 الف سوري الى تركيا هربا من اعمال العنف بينما ما زال عدد مماثل في منطقة عازلة على حدود البلدين يترددون في عبور الحدود.
وكان الرئيس السوري اكد في كلمة له الاثنين ان سورية تتعرض لمؤامرة داعيا الى “حوار وطني” قد يفضي الى دستور جديد.
“غير كاف”
ورأى الرئيس التركي عبد الله غول إن خطاب الأسد “غير كاف”، وإن على الأسد أن يقول بوضوح “الأمور تغيرت تماما، نحن نقوم بتحويل النظام إلى نظام تعددي. ستسيّر الأمور وفقا لإرادة الشعب السوري، وسأقوم بتنفيذ ذلك”، في إشارة أخرى على تشدد الموقف التركي أكثر.
من جانبه حث البيت الأبيض الرئيس السوري على اتخاذ “إجراءات ملموسة” للوفاء بوعده بإجراء إصلاحات، ودعاه إلى الكف عن ممارسة العنف في فض الاحتجاجات.
وقال جيه كارني المتحدث باسم البيت الأبيض تعليقا على دعوة الأسد لحوار وطني “أنا لا أقول أن كلماته بلا مضمون، لكن عليه أن يقرن القول بالفعل”.
واصدر الاسد الثلاثاء عفوا عاما عن “الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 20 حزيران/يونيو 2011” وهوالعفو الثاني الذي يصدره الاسد منذ بدء الاحتجاجات في اواسط مارس/آذار الماضي.
من جانب اخر اعلن رئيس منظمة الصليب الاحمر الدولي في ختام مباحثاته مع المسؤولين السوريين ان الحكومة السورية وافقت على وصول المنظمة الى المناطق التي تشهد اضطرابات في سورية وان الحكومة تنظر في طلب المنظمة في زيارة المعتقلين في السجون السورية.
واضاف “ان المسؤولين السوريين وافقوا على قيام فرق المنظمة والهلال الاحمر السوري على الوصول الى المناطق التي تشهد اضطرابات وانه سوف يقوم بمراقبة تطبيق هذه الموافقة على ارض الواقع”.
“قرى شبه مهجورة”
من جهة اخرى اعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان بلدة جسر الشغور والقرى المحيطة بها والتي اقتحمها الجيش السوري قبل عدة ايام بدت شبه مهجورة .
وقالت المفوضية ان ممثلا لها شارك في زيارة نظمتها الحكومة السورية الى المنطقة وابلغها ان القرى الواقعة ضمن دائرة قطرها 40 كيلومترا في محيط جسر الشغور خاوية ولم يلاحظ وجود مزارعين يعملون في الحقول.
كما التقى ممثل المفوضية بممثلين للهلال الاحمر السوري في المنطقة ونقل عنهم وجود نقص في الامدادات الطبية والغذائية دون ان يتمكن الممثل من القيام باجراء تقييم ميداني للاوضاع في المنطقة.
واجرت المفوضية مقابلات قبل ايام قليلة مع النازحين السوريين الذين فروا الى الاراضي التركية وتبين لها ان العديد منهم يعاني من اوضاع نفسية سيئة وان اكثر من نصفهم من الاطفال والنساء.
واضافت ان العديد من اللاجئين تحدثوا عن مقتل افراد من اسرهم او اختفائهم او تواريهم وعن حالات اغتيال وتعذيب واذلال على يد الجيش السوري.
واوضح الناطق باسم المفوضية “ان اغلب اللاجئين فقدوا عمليا كل ممتلكاتهم حتى ان البعض تحدثوا عن اطلاق النار على مواشيهم واحراق منازلهم وحقولهم وتدمير مصالحهم اومصادرتها”.
“جرائم حرب”
ومنذ بدء حركة الاحتجاج قامت الحكومة السورية نشرت الدبابات والمدرعات في مدن عديدة لقمع التظاهرات، مما اسفر عن سقوط اكثر من 1300 قتيل واعتقال اكثر من 10 الاف شخص بحسب منظمات غير حكومية سورية.
ودعت فرنسا التي ترعى مع بقية دول اوروبية اخرى مشروع قرار في الامم المتحدة حول سورية، الى تشديد العقوبات التي يفرضها الاتحاد الاوروبي على سورية.
وقد يقرر الاتحاد الاوروبي هذا الاسبوع حزمة اخرى من العقوبات ضد الحكومة السورية على هامش قمة اوروبية في بروكسل.
كما تنوي الولايات المتحدة من جهتها ملاحقة المسؤولين السوريين بتهمة ارتكاب “جرائم حرب” بغية تشديد الضغط على النظام.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه الاثنين ان بشار الاسد بلغ “نقطة اللاعودة” و”ما من سبب لاخذه اليوم على محمل الجد” عقب خطاب الاسد الاثنين، معبرا عن اقتناعه بانه لن يكون بمستطاعه التغيير بعد القمع “المريع في عنفه” الذي مارسه على شعبه.