أحداث الثلاثاء 16 كانون الثاني 2018
أنقرة تصعّد ضد خطة التحالف وموسكو تجدد تحذيرها من تقسيم سورية
موسكو، لندن – رائد جبر، «الحياة»
شنّت موسكو وأنقرة هجوماً عنيفاً على خطط التحالف الدولي بقيادة واشنطن لإنشاء «قوة أمن حدود» شمال سورية وشرقها، قوامها 30 ألف مقاتل نصفهم من «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، فيما جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اتهام واشنطن باعتماد خطوات قد تؤدي إلى تقسيم سورية.
وطالب لافروف الإدارة الأميركية بتقديم توضيحات عن توجهاتها «المقلقة»، في وقت أكد مواصلة العمل على تنظيم «مؤتمر الحوار السوري»، واعتبره «الآلية الصحيحة» لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2254 الذي ينصّ على آلية الانتقال السياسي في البلاد.
في الوقت ذاته، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ «وأد» القوة التي يريد التحالف تشكيلها في مهدها، مشيراً إلى أن القوات المسلحة التركية «جاهزة لشن عملية في أي وقت ضد معاقل وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين ومنبج» شمال البلاد، فيما ندد النظام السوري بشدّة بإعلان التحالف الدولي، محذراً من أن كل مواطن سيشارك فيها سيعدّ «خائناً».
وخلال مؤتمره الصحافي السنوي الذي خصّصَ منه قسماً كبيراً للوضع السوري، دعا لافروف الأمم المتحدة إلى دعم عقد المؤتمر، موضحاً أن القرار الدولي «يطالب بمشاركة مكونات المعارضة كافة إلى جانب الحكومة، وهذا أمر لا توفره مفاوضات جنيف»، كاشفاً عن توجيه دعوات إلى المكونات التي لم تنخرط مباشرةً في الصراع، مثل العشائر، بدل الاكتفاء بممثلي معارضة الخارج.
ولوحظ أن الوزير الروسي تجنب الرد على سؤال في شأن موعد عقد المؤتمر الذي كان مقرراً نهاية الشهر الجاري، بعدما برزت أخيراً مؤشرات إلى احتمال تأجيله، كما أنه لم يُشِر إلى سوتشي أبداً على رغم أنه تطرق إلى ملف مؤتمر الحوار تسع مرات خلال المؤتمر الصحافي.
وذكّر لافروف بأن موسكو «تسعى إلى التوفيق بين الأطراف واللاعبين الإقليميين في سورية على رغم صعوبة المهمة، وأطلقت مع شريكيها التركي والإيراني مسار آستانة الذي لم يحظَ بدايةً بقبول الأمم المتحدة، لكنها انخرطت فيه بعد ظهور نتائجه بتثبيت مناطق خفض التوتر». واتهم المعارضة السورية بمحاولة تفجير الوضع في هذه المناطق، مشيراً إلى أن «القوات النظامية تمارس رد الفعل على الاستفزازات في الغوطة الشرقية وإدلب».
وانتقد لافروف بشدة المواقف الأميركية في سورية، معتبراً أن لا فرق جوهرياً بين إدارتي باراك أوباما ودونالد ترامب، اللتين دعمتا أطرافاً تسعى إلى إطاحة النظام بدل مواجهة الإرهاب، لكنه رأى أن «الخطر الحالي في تصرفات واشنطن يكمن في أنها ليست ملتزمة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامتها».
وقال إن «الإعلان عن تأسيس القوات الجديدة التي ستفرض سيطرتها على المناطق الحدودية مع العراق وتركيا وفي شرق الفرات، يعني العمل على إضعاف وحدة الأراضي السورية»، لافتاً إلى أن «الوضع المعقد في المنطقة بين العرب والأكراد يدفع إلى التساؤل عن طبيعة التحرك الأميركي»، وأعرب عن قلقه لوجود توجه أميركي لتقسيم سورية والإخلال بقرارات مجلس الأمن التي أكدت ضرورة ضمان سيادة البلاد ووحدتها.
المعارضة السورية تدعو ترامب والاتحاد الأوروبي لزيادة الضغط على روسيا وإيران
لندن: دعا كبير مفاوضي المعارضة السورية نصر الحريري، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعماء الاتحاد الأوروبي لزيادة الضغط على الرئيس بشار الأسد وعلى روسيا وإيران للعودة للمحادثات التي تهدف لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة منذ ست سنوات.
وقال الحريري “آن الأوان كي يقول الرئيس ترامب والمستشارة (الألمانية أنجيلا) ميركل ورئيسة الوزراء (البريطانية تيريزا) ماي: توقفوا”.
وتابع “آن الأوان كي يزيد ترامب وميركل وماي من الضغوط وجمع المجتمع الدولي للوصول لحل سياسي حقيقي عادل في سوريا”.
وأضاف أن دماء المدنيين ستظل تراق في سوريا ما لم تكثف الولايات المتحدة وقوى الاتحاد الأوروبي من الضغط على الأسد وحلفائه الكبار في روسيا وإيران. (رويترز)
إردوغان يتوعد بـ«وأد الجيش الإرهابي» الجديد لأمريكا على حدود سوريا
واشنطن تسلّم «حماية الشعب» الكردية في عفرين صواريخ مضادة للطائرات
إسطنبول ـ حلب ـ «القدس العربي» من إسماعيل جمال وعبد الرزاق النبهان: يبدو أن ما كانت تخشاه تركيا طوال السنوات الماضية قد تحول إلى «حقيقة»، وذلك مع إعلان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة البدء بتحويل وحدات حماية الشعب الكردية المنتشرة في شمالي سوريا إلى «جيش من قوات حرس الحدود» قوامه 30 ألف عنصر، وهو ما أطلقت عليه تركيا مصطلح «الجيش الإرهابي»، في خطوة رفعت من مستوى المخاوف التركية والتوتر المتصاعد بين أنقرة وواشنطن.
وصدرت أمس سلسلة من المواقف الرسمية وعلى أعلى المستويات من الرئاسة إلى الحكومة والمعارضة التركية الشاجبة لتأليف هذا الجيش من القوات الحليفة لواشنطن، كما أدانت الخطوة موسكو والنظام السوري.
وجاء الموقف الأعلى نبرة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي توعد بشكل مباشر بـ»وأد» القوة التي أعلنت عنها واشنطن، وقال في خطاب له، أمس: «أمريكا أقرت بتشكيلها جيشا إرهابيا على حدودنا، والمهمة التي تقع على عاتقنا هي وأده في مهده»، وتساءل قائلاً: «هل يمكن أن تكون هذه القوات موجهة ضد أحد غير تركيا؟». وجدد إردوغان التهديد بقرب مهاجمة عفرين السورية.
من جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن «تشكيل الولايات المتحدة جيشا في سوريا يضر بوحدة ترابها ونطلب من واشنطن توضيحاً مفصلاً حيال ذلك».
وفي مؤتمر صحافي في العاصمة الروسية موسكو أمس، أضاف لافروف «إن الأحادية الأمريكية، ومشروعها المتعلق بتشكيل جيش في سوريا، قد يخلق مشاكل في العلاقات بين الأكراد وتركيا، ولن يساعد في التخفيف من وطأة الوضع القائم في عفرين». واعتبر لافروف أن القرار الأمريكي بإنشاء قوة حدودية في سوريا يعني أن منطقة كبيرة على حدود سوريا مع تركيا والعراق ستصبح معزولة، وهو أمر يبعث على القلق. كما أعلن نظام بشار الأسد معارضته لها وتهديده بمهاجمة «عملاء أمريكا»، بينما تأمل أنقرة في التوصل إلى تفاهمات أكبر مع موسكو تُمكنها من القيام بعمليات عسكرية كبيرة ضد الوحدات الكردية في عفرين ومنبج بشكل خاص، بما يحقق أهدافها بمنع تمدد الوحدات الكردية، ويتلاقى مع أهداف موسكو بإفشال الخطوة الأمريكية الجديدة في شمالي سوريا.
وقالت وكالة الأناضول التركية الرسمية إن عناصر «الجيش الجديد» يتلقون تدريبات نظرية وتقنية قدمتها الـ»سي آي إيه»، وعمليات إنزال جوي من قبل «البنتاغون»، إلى جانب تدريبات على حمل السلاح قدمتها قيادات من «بي كا كا» جاءت من جبال قنديل شمالي العراق، وأضافت: «من المنتظر أن يتم تدريب الجيش بحيث يستطيع القتال مع الجيوش النظامية في المستقبل. نائب رئيس الوزراء التركي والمتحدث باسم الحكومة، بكر بوزداغ، اعتبر أمس، أن «قيام الولايات المتحدة بتأسيس جيش إرهابي تحت مسمى قوة حدودية في سوريا هو لعب بالنار»،
كما حذّر حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية، من خطوة «إنشاء الولايات المتحدة جيشاً إرهابياً في شمالي سوريا»، واعتبر الحزب أن «الهدف من وراء الجيش الذي ستشكله واشنطن شمالي سوريا هو إبقاء كل من تركيا وسوريا والعراق تحت ضغطها».
من جهتها قالت مصادر لـ«القدس العربي»، إن «وحدات حماية الشعب الكردية « الذراع العسكرية لـ»حزب الاتحاد الديمقراطي»، في مدينة عفرين في ريف حلب الغربي تسلمت قبل نحو أسبوع شحنة صواريخ مضادة للطائرات، من الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أنه تم تسليمها عبر معبر سيمالكا الحدودي الواصل بين إقليم كردستان العراق ومحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا. وكشف مدير موقع NSO المختص في تغطية الأحداث في شمالي سوريا الصحافي، ضرار الخطاب، عن معلومات تفيد بوصول شحنة صواريخ مضادة للطائرات خلال الأسبوع الفائت إلى منطقة عفرين في ريف حلب الغربي لصالح «وحدات حماية الشعب YPG»
واشنطن سلَّمت «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين صواريخ مضادة للطائرات
عبد الرزاق النبهان
حلب – «القدس العربي» : قالت مصادر لـ«القدس العربي»، إن وحدات حماية الشعب الكردية « الذراع العسكرية لـ «حزب الاتحاد الديمقراطي»، في مدينة عفرين في ريف حلب الغربي تسلمت قبل نحو أسبوع شحنة صورايخ مضادة للطائرات، من الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أنه تم تسليمها عبر معبر سيمالكا الحدودي الواصل بين إقليم كردستان العراق ومحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.
وكشف مدير موقع NSO المختص في تغطية الأحداث في شمالي سوريا الصحافي ضرار الخطاب عن معلومات تفيد بوصول شحنة صواريخ مضادة للطائرات خلال الأسبوع الفائت إلى منطقة عفرين بريف حلب الغربي لصالح «وحدات حماية الشعب YPG».
وقال الخطاب لـ«القدس العربي»، إن الولايات المتحدة الأمريكية وافقت سراً على تزويد «وحدات حماية الشعب YPG» بصواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، وذلك خارج إطار التعاون بين التحالف الدولي ضد «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة و»قوات سوريا الديمقراطية» التي تهيمن عليها «YPG»، وإنما هو ضمن اتفاق سري مستقل بين الولايات المتحدة و»وحدات حماية الشعب YPG».
وحسب الخطاب فإن المندوبين الممثلين للولايات المتحدة فرضوا على قادة «وحدات حماية الشعب YPG» الذين تسلموا شحنة الصواريخ، عدم استخدامها إلا في حال تعرضت مدينة عفرين، والقرى ذات الغالبية الكردية في منطقة عفرين للتهديد، حيث أكدوا على أن تركيا قد تطلق عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تل رفعت وعشرات القرى المحيطة بها، والتي لا تتبع لمنطقة «عفرين»، وهي حالة لا تستوجب استخدام هذه الصواريخ.
وأشار إلى أن الدفعة التي دخلت من المفترض أن تتبعها دفعات أخرى لداخل الأراضي السورية من إقليم «كردستان العراق»، باتجاه مناطق سيطرة مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي «PYD»، لافتا إلى أن شحنة الصورايخ قد عبرت مناطق سيطرة نظام الأسد بريفي حلب الشرقي والغربي وصولاً إلى منطقة عفرين، دون اعتراض نظام الأسد أو روسيا على تسلم «YPG» لتلك الصواريخ.
واعتبر المنسق العام للمجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية مضر حماد الأسعد أن تسليح الولايات المتحدة الأمريكية لـ»ميليشيا وحدات الحماية الكردية pyd « يدل على أن واشنطن لا تريد لسوريا بأن تكون هادئة ومستقرة. وقال لـ«القدس العربي»، إن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم مكوناً واحداً وتتجاهل باقي المكونات وبالتالي فإن هذا الأمر مزعج لتركيا والشعب السوري الذين يرفضون بشكل قاطع بأن تكون لـ مليشيا PYD من يسيطر على مناطق شمالي سوريا.
يشار إلى أن تركيا كانت قد حذّرت من تداعيات تسليم أسلحة أمريكية للوحدات الكردية في سوريا، معتبرة أن الدعم العسكري الأمريكي المقدم للوحدات الكردية يشكل خطراً على مستقبل سوريا ، حيث تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي «PYD» وتنظيماته المسلحة منظمات إرهابية، وترى أنه يمثل الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني «PKK» المعادي للسلطات التركية، في حين يدخل حزب «PYD» ممثلاً بجناحه المسلح «وحدات حماية الشعب YPG» في تحالف قوي مع الولايات المتحدة في حربها المعلنة ضد تنظيم الدولة «داعش» على الأراضي السورية.
أردوغان يتوعّد المليشيات الكردية: عملية عسكرية بمشاركة المعارضة السورية
إسطنبول ــ باسم دباغ
توعّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المليشيات الكردية في الشمال السوري، والتي أعلنت الولايات المتّحدة قبل يومين تشكيل قوّة حدوديّة مؤلّفة منها، بـ”تدمير أوكارها خلال فترة قريبة، ابتداءً من عفرين ومنبج”.
وأكّد أردوغان أن “العملية العسكرية على مواقع حزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابي ستكون بمشاركة المعارضة السورية”، قائلًا “هذا النضال من أجلهم… نحن نساعد إخوتنا هناك من أجل حماية أراضيهم”.
وحول ما إذا كان سيتصل بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بخصوص سورية، قال: “حاليًا لا أفكر بالاتصال به، لأننا تحدثنا سابقًا حول هذه الأمور وكان من المفترض أن يتصل بي، ولكنه لم يفعل، فلن أتصل به”، في إشارة إلى حجم التوتر بين الطرفين.
ووجه الرئيس التركي انتقادات شديدة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي تشكل تركيا أحد أعضائه، بينما شدد على أن بلاده “سترد على المحاولات التي تستهدف إنشاء جيش للإرهابيين على حدودها الجنوبية”، في إشارة إلى قرار الإدارة الاميركية تشكيل جيش لحماية حدود المناطق التي تسيطر عليها في شمال شرق سورية، بالتعاون مع المليشيات الكردية.
وخلال كلمته التي ألقاها في الاجتماع الأسبوعي لكتلة حزب “العدالة والتنمية” الحاكم النيابية، خاطب أردوغان “الناتو” قائلًا إنه “مكلف باتخاذ إجراءات ضد أي مضايقات حدودية يتعرض لها أي من أعضائه”، متسائلًا عن السبب الذي جعله لا يتخذ أية خطوة حتى الآن.
وأكد أردوغان أن الجهات المختصة في بلاده أبلغت “الناتو” بهذا الأمر، قائلًا: “سيتباحث رئيس أركاننا اليوم في الاجتماعات الجارية في بلجيكا مع أعضاء الحلف في هذا الشأن”، في إشارة إلى تواجد رئيس الأركان التركي، خلوصي أكار، في العاصمة البلجيكية، بروكسل، لحضور اجتماعات اللجنة العسكرية للحلف، حيث من المنتظر أن يجري اجتماعًا ثنائيًا مع نظيره الأميركي، الجنرال جوزيف دانفورد.
وشدد الرئيس التركي على أن تركيا ستدمّر جميع “أوكار الإرهاب” في سورية، بالقول: “البارحة قمنا بتخريب لعبتهم في العراق (في إشارة إلى استفتاء إقليم كردستان على الانفصال)، وقمنا بغرس خنجر في اللعبة التي كانوا يلعبونها في سورية (عبر عملية درع الفرات)، في وقت قصير؛ غدًا أو بعد غد، سنفرق جميع معاقل الإرهاب في سورية بدءًا من منبج وعفرين”.
وأضاف: “لأولئك الذين يحاولون التعامل معنا مثل التعامل مع الرجل المريض في الدول العثمانية، أقول لهم افتحوا المقاطع المصورة من ليلة 15 من يوليو/تموز، وشاهدوها مرة أخرى، هل سترون رجلًا مريضًا أم أمة قامت برجالها ونسائها وعجزتها؟”، في إشارة إلى المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016.
وخلال التصريحات التي أدلى بها للصحافيين بعد خروجه من اجتماع الكتلة البرلمانية في البرلمان، قال أردوغان: “تحدثت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل يومين، وتستمر اتصالاتنا الدبلوماسية عبر الهاتف”، في الوقت الذي أكد فيه على رفضه الحديث مع الرئيس الأميركي.
وبينما وجه انتقادات شديدة لـ”حزب الشعب الجمهوري” (أكبر أحزاب المعارضة التركية)، رفض أردوغان الحديث الذي يؤكد بأن التحالف مع حزب “الحركة القومية” (يميني قومي متطرف) في الانتخابات المقبلة قد يزعج الأكراد، بالقول: “لا تصدقوا ذلك، لقد تجاوزت الأمة هذه الألاعيب”.
في غضون ذلك، تحركت قافلة عسكرية مكوًنة من 15 مركبة، من ولاية شانلي أورفا التركية الجنوبية الحدودية مع سورية، في طريقها إلى ولاية غازي عنتاب المجاورة، لدعم القوات التركية المتمركزة على الحدود السورية.
ووفقًا لوكالة “الأناضول”، فإن القافلة تضم دبابات وناقلات جنود مدرعة، بالإضافة إلى عدد من الجنود، وتتحرك القافلة وسط إجراءات أمنية مكثفة.
وكان الرئيس التركي قد صرّح بالأمس أن العملية في عفرين ضد مليشيات حزب “الاتحاد الديمقراطي”، الذي تصنّفه تركيا تنظيمًا إرهابيًا، وتعتبره امتدادًا لمنظمة “العمال الكردستاني”، “قد تبدأ في أية لحظة، ومن بعدها سيأتي دور مناطق أخرى، وستستمر حتى القضاء على آخر إرهابي”، وذلك بالتزامن أيضًا مع تحرّك تعزيزات عسكرية جديدة من الأراضي التركية نحو الحدود السورية.
وجددت مدفعيّة الجيش التركي، فجر اليوم، قصفها على مواقع المليشيات الكردية، في منطقة إعزاز، ومطار منغ، ومنطقة قطمة، بريف حلب الشمالي، وذلك إثر تعرّض مدينة إعزاز لقصف من المليشيات.
قصف مدفعي تركي على مواقع المليشيات الكردية شمال سورية
جلال بكور
قصفت مدفعيّة الجيش التركي، فجر اليوم الثلاثاء، مواقع المليشيات الكردية، في ريف حلب الشمالي، شمال سورية، في حين وقع قتلى وجرحى من المدنيين بقصف من الطيران الروسي بقنابل الفوسفور والصواريخ الارتجاجية، على مناطق في ريف إدلب.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن الجيش التركي قصف بالمدفعية الثقيلة مواقع لمليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية، في منطقة إعزاز، ومطار منغ، ومنطقة قطمة، بريف حلب الشمالي، وذلك إثر تعرّض مدينة إعزاز لقصف من المليشيا.
وأمس الإثنين، وصلت تعزيزات تركية إلى ولاية هطاي، مرسلة إلى الوحدات العسكرية على الحدود مع سورية.
وأشارت وكالة “الأناضول” إلى أن قافلة التعزيزات تضم 24 آلية من المركبات المدرعة لنقل الجنود وعربات التشويش العسكرية.
كما نقلت عن مصادر عسكرية أن حرس الحدود يقوم بدوريات متواصلة، على مدار 24 ساعة، بعربات مدرعة عند الشريط الحدودي المحاذي لمدينة عفرين، بريف محافظة حلب السورية.
في غضون ذلك، أعلنت غرفة عمليات “أهل الديار”، التابعة لـ”الجيش السوري الحر”، عن قصفها مواقع مليشيا “وحدات حماية الشعب”، في مناطق بافليون، وكفرجنة، ومعرسته الخطيب، شمال حلب.
وتتعرض مواقع المليشيا الكردية لقصف تركي، ردًا على قصف المليشيا مواقع “الجيش السوري الحر”، وكذا المناطق المدنية في ريفي حلب الشرقي والغربي.
إلى ذلك، قتل سبعة مدنيين اليوم جراء غارة جوية روسية بقنابل شديدة الانفجار على قرية طبيش، في ريف إدلب الجنوبي، شمال غرب سورية، في حين قتل مدني وأصيب آخرون بقصف للنظام على الغوطة الشرقية المحاصرة.
وقال الدفاع المدني السوري في إدلب، إن الطيران الحربي الروسي اقترف مجزرة مروعة جراء ثلاث غارات استهدفت الأحياء السكنية في قرية طبيش، شمال خان شيخون، راح ضحيتها سبعة قتلى، بينهم ستة أطفال وامرأة، فيما أصيب العديد من المدنيين، فضلًا عن أضرار مادية جسيمة.
وأضاف الدفاع المدني أن غارة من الطيران الروسي استهدفت بلدة الغدفة، في ريف معرة النعمان الشرقي، كما طاول القصف أطراف بلدة معصران، حيث توجه عناصر من الدفاع المدني إلى مكان الغارات، وعملوا على تفقد المكان، واقتصرت الأضرار على المادية.
وأشار الدفاع المدني إلى أن إحدى الغارات الجوية الروسية استهدفت مولدات تغذية مياه الشرب التابعة للمجلس المحلي في مدينة معرة النعمان، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها وإصابتها بأضرار مادية.
وتحدثت مصادر محلية عن تمكن قوات النظام السوري من استعادة السيطرة على كامل بلدة عطشان في ريف إدلب الجنوبي، بعد معارك مع المعارضة السورية المسلحة.
إلى ذلك، قُتل مدنيان وجُرح آخرون، جراء قصف جوي روسي بصواريخ ارتجاجية على منازل المدنيين في بلدة جوباس وقرية انقراتي في ريف إدلب، في حين أصيب مدنيون بجروح جراء قصف على بلدة الدير الشرقي.
كما قُتل عنصر من “هيئة تحرير الشام” بإصابته بطلق ناري من قبل مجهولين في منطقة ملس بريف إدلب الشمالي.
وفي غضون ذلك، وقع جرحى بين المدنيين جراء غارة من الطيران الحربي الروسي استهدفت منازل في قرية الشيخ علي، الواقعة في ريف حلب الغربي.
وفي ريف دمشق، تحدث الدفاع المدني عن مقتل مدني وإصابة آخرين نتيجة قصف مدفعي من قوات النظام على الأحياء السكنية في مدينة دوما بالغوطة الشرقية المحاصرة.
وقصفت قوات النظام بصواريخ أرض أرض الأحياء السكنية في مدينتي حرستا وعربين، في الغوطة الشرقية، موقعة أضرارًا مادية جسيمة، بحسب ما أفاد به “مركز الغوطة الإعلامي”.
ويذكر أن الغوطة الشرقية في ريف دمشق تخضع لاتفاق خفض التوتر الموقّع في القاهرة وجنيف بين المعارضة السورية المسلحة والضامن الروسي.
وفي محافظة درعا جنوبًا، قُتل خمسة عناصر من “الجيش السوري الحر” وأصيب آخرون، جراء انفجار عبوة ناسفة، وقصف على منطقة اللجاة في ريف درعا الشرقي، جنوب البلاد، فيما أصيب مدنيون بقصف جوي على ريف إدلب، شمال غرب سورية.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن أربعة من عناصر “الجيش السوري الحر” قتلوا جراء قصف مدفعي من قوات النظام السوري على طريق بلدة شعارة في منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي، وذلك إثر مقتل عنصر من “الجيش السوري الحر” على الطريق ذاته جراء انفجار عبوة ناسفة به.
وأوضحت المصادر أن قوات النظام استهدفت بقذائف المدفعية المجموعة التي تقدمت على الطريق بهدف إسعاف العنصر الذي تعرّض لانفجار العبوة الناسفة، ما أدى إلى مقتلهم جميعًا.
وفي غضون ذلك، قُتل عنصر آخر من المعارضة السورية المسلحة جراء انفجار عبوة ناسفة في حي طريق السد، في منطقة درعا البلد.
وتخضع محافظة درعا لاتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب السوري الموقّع بين المعارضة السورية المسلحة والنظام برعاية روسية أميركية.
وفي جنوب حلب، أحرزت قوات النظام السوري تقدمًا في محور عطشانة شرقية، وسيطرت على قرية هوبر، وتلة أبو رويل الشرقي، وقرية الشيخ خليل، في ريف حلب الجنوبي الشرقي، وذلك بعد معارك مع تنظيم “هيئة تحرير الشام”.
وكانت قوات النظام قد سيطرت، مساء أمس، على قرية حجيلة، وتلة مشرفة، في ريف حماة الشمالي الشرقي، إثر انسحاب تنظيم “داعش” منها، بحسب ما ذكرته مصادر محلية.
وفي سياق آخر، قُتل مدني وأصيب آخر بجروح خطيرة جراء انفجار لغم أرضي من مخلفات تنظيم “داعش” الإرهابي، في بلدة غرانيج شرقي دير الزور.
كما أقدم التنظيم، مساء أمس، على إعدام ثلاثة مدنيين رمياً بالرصاص في بلدة الشعفة، في ناحية البوكمال، شرقي دير الزور، وذلك بتهمة التعامل مع “قوات سورية الديمقراطية”.
أردوغان: عملية عفرين ومنبج اقتربت
وصلت تعزيزات عسكرية تركية إلى ولاية غازي عنتاب الحدودية مع سوريا. وأفادت وكالة “الأناضول” بأن التعزيزات تتألف من قافلة عسكرية تضم 15 مركبة مع ناقلات جند مدرعة ودبابات، وعدد من الجنود، لدعم القوات التركية المتمركزة على الحدود.
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، اقتراب موعد العملية العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في مدينتي عفرين ومنبج، في ريف حلب الشمالي. وقال أردوغان خلال كلمة ألقاها أمام الكتلة البرلمانية لحزب “العدالة والتنمية”: “إن شاء الله خلال وقت قصير، لعله غداً أو بعد غد، سنسحق أوكار الإرهاب واحدة تلو الآخرى في سوريا بدءاً من منبج وعفرين”.
وأضاف: “أولئك الذين يتظاهرون بالتحالف معنا ويحاولون في الوقت نفسه طعننا من الخلف، لن يستطيعوا عرقلة مكافحتنا للتنظيمات الإرهابية”. وتابع: “أتوجه بكلمة للناتو، وأقول له عليك أن تتبنّى موقفاً صارماً حيال ردع التهديدات التي تُحدق بحدود أحد أعضائك (تركيا)، فما هو الموقف الذي اتخذتموه حيال المخاطر التي تهدد حدود تركيا؟”.
وأوضح أردوغان، لدى مغادرته مقر البرلمان، في تصريحات مقتضبة للصحافيين، إن العملية المترقبة في عفرين ومنبج، ستكون بمشاركة المعارضة السورية المسلحة، على غرار عملية “درع الفرات”. وأضاف: “هذا النضال من أجلهم (السوريين)، وأنقرة تساعد أخوتها هناك من أجل حماية أراضيهم”.
وتأتي العملية التركية على وقع إعلان التحالف الدولي بقيادة واشنطن تشكيل قوة حدودية قوامها 30 ألف مقاتل، بقيادة تركية، سيتم نشرهم على الحدود السورية مع العراق وتركيا، الأمر الذي أثار عاصفة من ردود الفعل في سوريا وتركيا وإيران وروسيا.
في هذا السياق، قال أردوغان، إن دمشق تعارض مشروع الولايات المتحدة أيضاً تحت مسمى إنشاء “قوة أمنية حدودية”، وتعتبرها تهديداً لها. وأشار إلى أنه ناقش هذه المسألة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق. وأوضح “حالياً لا أفكر بالاتصال به، لأننا تحدثنا سابقاً حول هذه الأمور، وكان من المفترض أن يتصل بي، وطالما لم يتصل، لن أبادر بذلك”.
في السياق، اعتبرت طهران أن تشكيل قوة حدودية ونشرها في سوريا، من شأنه أن “يؤجج نار الحرب”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، الثلاثاء، إن إعلان واشنطن سيزيد من التوتر في سوريا. وأضاف “إعلان الولايات المتحدة عن قوة حدودية جديدة في سوريا تدخل واضح في الشؤون الداخلية لهذا البلد”.
مليشيات النظام تمتص هجوم المعارضة المعاكس.. وتهدد أبو ظهور
خالد الخطيب
تمكنت مليشيات النظام، الأحد والاثنين، من التوسع في مناطق ريف حلب الجنوبي، وسيطرت على مزيد من القرى والبلدات في ريفي جبل الحص وتل الضمان، أهمها، قرى الحاجب وسميرية والباكات والنجار. وباتت المليشيات على مسافة كيلومترات قليلة من مطار أبو ظهور العسكري. وشهدت منطقة المطار والقرى المحيطة به من جهة الشرق، قصفاً جوياً مكثفاً، بعشرات الغارات بالصواريخ الفراغية والارتجاجية. ونفذت مدفعية المليشيات رمايات متواصلة على المنطقة المستهدفة مهيأة للمليشيات تقدمها البري نحو الغرب.
وجاء تقدم المليشيات في جبهات ريف حلب الجنوبي وسيطرتها على مساحات واسعة، بعد أن جعلتها محور العمليات الرئيسي نحو أبو ظهور، بدلاً عن اللسان البري المتقدم في ريف ادلب الجنوبي؛ أبو دالي–سنجار-أبو ظهور الذي تعرض لهجوم معاكس شنه مقاتلو المعارضة المسلحة و”تحرير الشام” نهاية الأسبوع الماضي. هجوم المعارضة تسبب بإيقاف تقدم المليشيات في ذلك المحور، ومنعها من السيطرة على المطار. وعمل الهجوم على توسيع طوق الأمان جنوباً من خلال استعادة قرى ومزارع ملاصقة للمطار من الجهة الجنوبية، وهي رسم العابد وجعيكة وطلب والدبشية وتل سلمو والجفر وزفر صغير وزفر كبير. الأمر الذي دفع مليشيات النظام لفتح المحاور الشرقية والشمالية الشرقية المطلة على المناطق شرقي سكة الحجاز.
سقوط القرى والبلدات في ريف حلب الجنوبي في قبضة المليشيات كان سريعاً، بذات الوتيرة التي سقطت فيها قرى محور أبو دالي في ريف إدلب قبل أسبوعين. وتتحمل “تحرير الشام” مسؤولية تقدم المليشيات في هذا المحور بسبب انسحاب عناصرها من 30 قرية ومزرعة على الأقل من دون مقاومة جدية. وعلى خلفية انسحاب “تحرير الشام” باتت المليشيات تهدد مطار أبو ظهور من محور ثانٍ، الأمر الذي تعتبره المعارضة عبئاً آخر يجب أن تتحمله في معركتها المضادة. “تحرير الشام” بررت لنفسها، وأكدت أنها أجبرت على الانسحاب خوفاً من حصار عناصرها في المنطقة، بالإضافة لفتح النظام جبهات جنوبي الحاضر بهدف التقدم من أبو رويل جنوباً والسيطرة على مجموعة التلال الحاكمة شمالي أبو ظهور. كذلك عزت “تحرير الشام” تراجعها للتغطية النارية الهائلة التي تمتعت بها المليشيات أثناء تقدمها في المنطقة.
واستمرت فصائل المعارضة المسلحة التي انضوت في غرفتي عمليات “رد الطغيان” و”إن الله على نصرهم لقدير”، في شن هجماتها ضد مليشيات النظام، مستهدفة الأطراف الغربية لمحور تقدم مليشيات النظام المتوغل في ريف ادلب الجنوبي. غرفتي عمليات المعارضة أشغلت كامل جبهات الأطراف الغربية من عطشان جنوباً وحتى اصطبلات شمالاً، وتمكنت من استعادة السيطرة على قرابة 20 قرية ومزرعة أهمها؛ أبو عمر والخوين الكبير غربي أبو دالي، أما باقي القرى التي استعادتها المعارضة فقد توزعت على كامل خط المعارك، ما يعني أن العمليات المعاكسة لم تكن مكثفة في محور ضيق يُمكّنُ المعارضة من قطع خط امداد النظام كما كان مخططاً له بالفعل.
الناطق الإعلامي باسم “جيش النصر” محمد رشيد، أكد لـ”المدن”، أن مليشيات النظام خسرت خلال خمسة أيام من المعارك المتواصلة في جبهات ريف ادلب أكثر من 150 عنصراً بين قتيل وأسير، بينهم عدد من الضباط والقادة الميدانيين، وتمت محاصرة مجموعات بأكملها في قرى الخوين والسلومية والجدوعية، وأجبرت المليشيات على ترك سلاحها وعتادها الثقيل أمام الهجمات النوعية التي شنتها الفصائل التابعة لغرفة عمليات “رد الطغيان”.
وأوضح رشيد بأن الهجوم المعاكس الذي تشنه فصائل المعارضة استنزف مليشيات النظام بشكل كبير خلال الأيام القليلة الماضية، وتم تدمير عشرات الآليات الثقيلة والمدرعات والدبابات والسيارات رباعية الدفع بصواريخ مضادة للدروع، وتم اغتنام كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد الحربي. رشيد أكد بأن النظام استخدم، الاثنين، براميل متفجرة تحوي غازات سامة ضد مواقع المعارضة في قرية السلومية. وهذا هو الاستخدام الثاني من نوعه خلال أسبوع، بهدف إلى وقف تقدم المعارضة.
مليشيات النظام تمكنت من امتصاص الصدمة الأولى التي تسبب بها هجوم المعارضة، واستمرت بإرسال التعزيزات العسكرية نحو الطرف الغربي من محور تقدمها لمنع المعارضة من إحداث خرق كبير في محور سيطرتها. كما واصلت الطائرات الحربية الروسية وطائرات النظام الحربية والمروحية شنّ غاراتها الجوية على نقاط المعارضة قرب جبهات القتال والقرى والبلدات الخلفية التي تنطلق منها الهجمات. تعزيزات المليشيات التي تدفقت نحو جبهات القتال، والتغطية النارية الهائلة، حوّلت المعارك لصالح مليشيات النظام، والتي أصبحت معارك كر وفر وتبادل مستمر للسيطرة على القرى التي تشهد أعنف المعارك.
غرفتا عمليات المعارضة اللتان تعملان على الأطراف الغربية، يضاف إليها غرفة عمليات “تحرير الشام” والتي تتولى الدفاع عن مطار أبو ظهور، لديها فائض قوة من حيث عدد المقاتلين والعتاد اللازم لشن هجمات أكثر تركيزاً تمكنها من قطع خطوط امداد النظام من خلال التركيز على محور أبو دالي والسيطرة عليها، وعلى مجموعة التلال الواقعة إلى الشرق وهي تلال المقطع وتل خنزير والسيريتل، وصولاً إلى الرويضة. وبذلك يمكن إجبار مليشيات النظام المتقدمة على التراجع والانسحاب من مناطق واسعة في ريفي سنجار وأبو ظهور نحو مواقعهما الخلفية جنوبي أبو دالي.
عملياً، الهجوم المعاكس للمعارضة المسلحة ضد مليشيات النظام ما يزال يراوح مكانه في المناطق غربي سكة الحجاز. ما يعني أن المعارضة المسلحة لم تبعد خطر مليشيات النظام بعد عن المنطقة، بل أوقفت فقط تمددها في محور واحد، وخسرت كثيراً في محور آخر. وربما تتمكن المليشيات خلال الأيام القليلة القادمة من السيطرة على أبو ظهور ومطارها العسكري مستفيدة من الضغط الناري المتواصل الذي يستنزف المعارضة المسلحة.
مليشيات النظام التي سيطرت على الرهجان وعدد من القرى المحيطة بها في ريف حماة الشمالي الشرقي، قبل أيام قليلة، أوقفت عملياتها العسكرية في هذا المحور، وبدأت تهيأ لمحاصرة المنطقة وعزلها، عبر العمل على التقاء محوري التقدم؛ من الشرق من ريف حلب الجنوبي، ومحور ريف ادلب الجنوبي المتجه إلى الشمال الشرقي نحو أبو ظهور. واستفادت المليشيات من المعارك التي شنها تنظيم “الدولة الإسلامية” في ريفي حماة الشمالي الشرقي وريف ادلب الجنوبي الشرقي، والتي تهدف لتوسيع السيطرة في المنطقة على حساب المعارضة و”تحرير الشام”. التنظيم سيطر على مزيد من القرى في ريفي حماة وادلب، ويحاول حصار المعارضة و”تحرير الشام” وعزل عشرات القرى المتبقية جنوباً والتي تتوزع ادارياً على أرياف حماة الشمالي الشرقي وادلب الجنوبي وحلب الجنوبي، من خلال وصل رأس الحربة المتقدم في ريف ادلب عند قرية مليحة كبيرة بمناطق سيطرة المليشيات عند قرية أم خان.
الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها مليشيات النظام في صفوفها وعتادها في جبهات ريف ادلب لن تمنعها من مواصلة تقدمها، وقضم وعزل مزيد من المناطق شرقي السكة وصولاً إلى مشارف أبو ظهور الذي ستصبح السيطرة عليه تحصيل حاصل في حال الانتهاء من السيطرة على كامل المناطق شرقي السكة.
وربما تعتقد المعارضة أن المناطق الداخلية شرقي سكة الحجاز، وهي مناطق تنتشر فيها “تحرير الشام” بشكل أكبر من باقي الفصائل، باتت شبه محاصرة، ويتعاون النظام والتنظيم فيها بشكل متواصل، والمعارك فيها ستكون عبثية واستنزافاً لا جدوى منه، والأفضل لها أن تشغل كامل جبهات الغرب ضد مواقع المليشيات في محورها المتقدم في ريفي ادلب وحماة. وهي جبهات تتمتع فيها المعارضة بأفضلية وجود، وسيطرة، على “تحرير الشام”.
السيناريو المحتمل حدوثه أيضاً هو أن فصائل المعارضة في غرفتي عمليات “رد الطغيان” و”إن الله على نصرهم لقدير”، لم يعد لها مصلحة في المناطق شرقي سكة الحجاز، ومعاركها الآن هي فقط لوقف زحف المليشيات غربي السكة، واستعادة السيطرة على القرى والبلدات التي تقدمت فيها المليشيات في المنطقة الغربية في ريفي سنجار وأبو دالي. إن صح هذا السيناريو الذي ستتضح معالمه خلال الأيام القليلة القادمة فإن أمام “تحرير الشام” معركة طويلة في المناطق الداخلية شرقي السكة، على جبهتي التنظيم والنظام، في حال قررت البقاء والمحاولة لاستعادة ما خسرته.
“جيش خالد”: الرحلة “السهلة” بين الشمال والجنوب
قتيبة الحاج علي
أثار هجومان شنهما “جيش خالد بن الوليد”، المبايع لتنظيم “الدولة الإسلامية”، ضد مواقع فصائل المعارضة في ريف درعا الغربي، الكثير من التكهنات. وشنّ “خالد بن الوليد” هجومه الأول في 4 كانون الثاني/يناير على أطراف بلدة الشيخ سعد، بشكل مفاجئ، وسيطر على الحاجز الرباعي الاستراتيجي وتل النبي أيوب و”كتيبة النقل” قرب البلدة. وتُعتبر هذه المواقع الاستراتيجية المدخل الشرقي لحوض اليرموك، معقل “جيش خالد”.
وشنّ التنظيم هجومه الثاني، في 10 كانون الثاني/يناير، على قريتي الجبيلية والبكار، المدخل الشمالي الغربي لحوض اليرموك. واستطاع “خالد بن الوليد” في الهجومين، السيطرة على المواقع التي هاجمها، قبل أن يعاود الانسحاب منها، بعد استعادتها من قبل فصائل المعارضة، بعد ساعات قليلة. المعارضة أعلنت تكبيد “خالد بن الوليد” خسائر كبيرة، في الوقت الذي اكتفى فيه “الجيش” بالحديث عن هجمات له أسفرت عن قتلى وجرحى وأسرى في صفوف المعارضة، واغتنام أسلحة.
هذا النوع من الهجمات الذي يستمر لساعات فقط، يُعرّف في المصطلحات الجهادية بـ”الصولة”، وبات كثير التكرر في معارك حوض اليرموك. “الصولتان” الأخيرتان حملتا تفاصيل أكثر مما ظهر للعلن، بعدما لاحظ الأهالي في حوض اليرموك، وجود عناصر جديدة من “جيش خالد” داخل بلداتهم، بشكل مفاجئ، وانتشار معلومات عن دخولهم أثناء الهجمة الأولى، محمّلين بكميات من الأسلحة. وفي الهجمة الثانية انتشرت معلومات عن كميات من الأسلحة وُصفت بـ”الضخمة”، دخلت إلى حوض اليرموك من منطقتي الجبيلية والبكار. ويطرح ذلك الكثير من الأسئلة حول هوية العناصر الجدد وطريقة وصولهم إلى حوض اليرموك ودور فصائل المعارضة في “تسهيل” دخولهم، وحول وجود صفقات سرية لتزويد “جيش خالد” المحاصر داخل حوض اليرموك بكميات من الأسلحة، في ظل غياب أي تفسير لما حصل، من خسارة المعارضة السريعة لنقاط استراتيجية، واستعادتها لاحقاً.
مصادر من حوض اليرموك، قالت لـ”المدن”، إن العديد من “الوجوه الجديدة” تمت ملاحظتها بعد صلاة الجمعة، في 5 كانون الثاني/يناير، في مسجدي الشجرة وسحم الجولان، بشكل خاص، مع سماعهم لأحاديث تناقلها عناصر “جيش خالد” عن وصول مجموعة جديدة من المقاتلين من الشمال السوري إلى منطقتهم. وهو ما أكده أكثر من مصدر لـ”المدن”، بأن الهجوم الأول الذي نفذه “جيش خالد” على أطراف بلدة الشيخ سعد كان الهدف منه التغطية على دخول العشرات من المقاتلين.
وأوضحت المصادر أن الدخول والخروج من حوض اليرموك “ليس بالأمر الصعب ولكنه يتم عبر مجموعات صغيرة يتراوح عددها بين 3-5 عناصر فقط”، وبررت المصادر دواعي الهجوم بأن أعداد المقاتلين الواصلين كان أكبر من المعتاد، بالإضافة إلى أن منخفضاً جوياً كان سيؤثر على طرق المرور البديلة للدخول إلى حوض اليرموك، “ما استدعى إدخالهم بشكل أسرع”. المصادر أوضحت أن “تنوع الفصائل العسكرية التي تسيطر على بلدات محافظة درعا، وغياب الكفاءة الأمنية اللازمة، تُعتبر أهم أسباب انتشار خلايا جيش خالد في مناطق سيطرة المعارضة وتخفيهم فيها”. ولاحقاً يتم استخدام هذه الخلايا كمحطات عبور مؤقتة أثناء حركة مقاتلي “جيش خالد” من وإلى حوض اليرموك.
وأثار السقوط السريع لمواقع فصائل المعارضة قرب بلدة الشيخ سعد، قبل أن يتم استعادها، شكوكاً بتورط الفصائل المتواجدة في هذه المواقع بصفقة ما تتيح لـ”جيش خالد” السيطرة على مواقعها ضمن خطة إدخال مقاتليه إلى مناطق سيطرته. وهو ما لم تؤكده المصادر أو تنفيه في ظل “غياب التفسيرات الواضحة حول أسباب الخسارة السريعة لمواقع بهذه الأهمية، ثم استعادتها بشكل سريع”.
في الوقت ذاته، لم تجزم المصادر حول المكان الذي دخل منه عناصر “الجيش”، سواء كان من منطقة الحاجز الرباعي الذي استطاع “جيش خالد” السيطرة عليها لساعات أو من منطقة أخرى. ولكن المصادر اعتبرت أن الهدف كان “إحداث بلبلة في المنطقة وإشغال جميع الفصائل في محيط حوض اليرموك بالحدث”، وهو ما حصل فعلاً.
المتحدث الرسمي باسم “جيش الثورة” أبو بكر الحسن، أحد أبرز التحالفات العسكرية العاملة ضد “جيش خالد” في محيط حوض اليرموك، أوضح لـ”المدن”، أن نقاط التماس بين الجيش الحر و”جيش خالد” في حوض اليرموك، تمتد لعشرات الكيلومترات واصفاً إياها بـ”الوعرة في أغلب المناطق”. ولم ينفِ أبو بكر الحسن قدرة عناصر التنظيم على الدخول والخروج من مناطقهم لكنه أوضح أن “التنوع الجغرافي لهذه النقاط، ووجود وادٍ في الجهة الجنوبية للمنطقة، وسط امتداد طويل، يجعل من تحرك أفراد متنكرين كفلاحين، أو كأبناء المنطقة، أمراً وارداً”. ورجّح الحسن أن انتقال عناصر التنظيم وتحركهم ضمن مناطق سيطرة قوات النظام، يتم “بالتنسيق مع النظام، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال الوسطاء”. وهو ما يفسر المخاوف الدائمة لفصائل المعارضة من تمدد “جيش خالد” نحو مدينة الشيخ مسكين الخاضعة لسيطرة قوات النظام، والوصول لمناطق تماس معه، وما قد يتبعه ذلك من اتفاقيات سرية بين الطرفين.
أبو بكر الحسن، قال إن الهجمات الأخيرة التي نفذها التنظيم تندرج في “الهجمات اليائسة، وهي غير مرتبطة بدخول عناصر جدد، بل بحاجة التنظيم لرفع معنويات عناصره المنهارة، بعد سقوط مناطق سيطرته الأساسية شرقي سوريا وغربي العراق”. الحسن ردّ على الاتهامات التي سيقت للجيش الحر بالتساهل في صد هذه الهجمات وإتاحة الفرصة أمام تنظيم “داعش” للسيطرة والتحرك في المنطقة، بأن “كيل الاتهامات أمر سهل”، موضحاً أن الحاجز الرباعي يُعتبر “نقطة اشتباك مباشرة مع تل عشترة الخاضع لسيطرة التنظيم، ويبعد أقل من 500 متر عنه، وهو هدف رئيسي للتنظيم لتقطيع أواصر مناطق سيطرة الجيش الحر”.
مصادر أهلية من حوض اليرموك، قالت لـ”المدن”، أن مقاتلي “جيش خالد” تداولوا أنباءً عن حصولهم على كميات كبيرة من الأسلحة بينها صواريخ قصيرة المدى، في استهدافهم قريتي الجبيلية والبكار. مصادر “المدن” أكدت حصول “جيش خالد” على “كمية وافرة من الأسلحة، التي كان من الغريب أساساً تكديسها بهذه الكمية داخل القرى التي سيطر عليها”. وفي هذا الصدد لم يستبعد القائد العام لـ”فرقة الحق” العقيد إبراهيم الغوراني، التابعة للجيش الحر والعاملة في المنطقة، في حديثه لـ”المدن”، هذه الأنباء، موضحاً: “إن حصول شيء من هذا القبيل لا يعني أن الفصائل تساعد التنظيم”.
وأشار العقيد الغوراني: “لا نستبعد وجود خلايا للتنظيم داخل الفصائل نفسها”، وأوضح أن فصائل الجيش الحر تتابع موضوع الخلايا النائمة بشكل مستمر، ولكنه حمّل “العشائرية المتهاونة” مسؤولية استمرار ذلك حتى اليوم. وأضاف: “تلقي فصائل الجيش الحر القبض على الخلايا وتقوم بتسليمها لدار العدل، ولكن دار العدل تتهاون في محاسبتهم نتيجة ضغوطات من العشائر التي ينتسب لها هؤلاء المتهمين، وتطلق سراحهم لاحقاً بكفالات مالية”.
وأشار العقيد إلى أن “جيش خالد” يعتمد بأعماله العسكرية على سياسة الهجمات المتتالية، مضيفاً: “هدفهم إنهاك الجهة التي تقابلهم وترهيبها، ومن بعد ذلك شن هجوم قوي للتوسع والاحتلال والسيطرة على مواقع جديدة”. وفسر العقيد ما حصل في الهجمات الأخيرة من تقدم لساعات ثم الانسحاب بأنها “هجمات استطلاعية، هدفها رفع معنويات مقاتليه المنهارة، وفي ذات الوقت اكتشاف قدرات الجهة التي ينوي مهاجمتها، حتى يشن لاحقاً هجوماً واسعاً، كما حصل سابقاً في بلدتي تسيل وسحم الجولان”.
قدرة عناصر “جيش خالد بن الوليد” على قطع مئات الكيلومترات ذهاباً وإياباً إلى الشرق والشمال السوريين، تيقى قضية صعبة التفسير، في ظل تنوع المناطق التي يسلكونها بين الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في ريف درعا، مروراً بمناطق سيطرة مليشيات “درزية” موالية للنظام في محافظة السويداء، وصولاً إلى البادية التي يتقاسمها النظام السوري وقوات “التحالف الدولي”، وأخيراً مناطق سيطرة تنظيم “داعش” شرقي سوريا أو إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة و”هيئة تحرير الشام” في محافظتي حلب وإدلب. ولا تقتصر هذه الرحلة على العناصر، بل يخوضها قادة وشخصيات بارزة في التنظيم، إذ تمكنت المعارضة في حزيران/يونيو 2016، من إلقاء القبض على الشرعي في “حركة المثنى الإسلامية” محمد المسالمة، في مدينة إعزاز في حلب، وهو الذي خرج من درعا ووصل إلى حلب بشكل غامض بعدما كان من أبرز المطلوبين للجيش الحر في درعا. في شباط/فبراير 2017 وصل قائد “جيش خالد” السابق أبو محمد المقدسي، إلى حوض اليرموك، بشكل غامض، بعدما كان قائداً لفرع تنظيم “الدولة الإسلامية” في مدينة الضمير في ريف دمشق، والمطلوب لفصائل الجيش الحر فيها.
ويُرجح أن قادة وعناصر التنظيم يتنقلون بشكل مستمر بين الجنوب والشمال. ويبدو هذا التنقل أمراً سهلاً، لتُضاف هذه القضية إلى غيرها من القضايا المعقدة حول تشابك علاقات “التنظيم” مع أكثر من طرف لتسهيل هذه التحركات وتأمين الأسلحة والذخائر وإدخالها لمناطقه المحاصرة.
بريطانيا تستضيف هيئة التفاوض السورية وتجدد دعمها للمعارضة كشريك في الحل لسلمي
نصر المجالي: جدّدت بريطانيا تأكيد دعمها لهيئة التفاوض للمعارضة السورية وجهودها لحل النزاع في سوريا، مشدّدة في الوقت ذاته على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية من أجل إنهاء معاناة السوريين التي طال أمدها، وذلك من خلال عملية انتقالية حقيقية وفقا لبيان جنيف وقرار مجلس الأمن الدولي 2254.
وتستقبل العاصمة البريطانية، اليوم الثلاثاء، وفد هيئة التفاوض للمعارضة السورية التي يتخللها لقاء لوزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، أليستر بيرت مع رئيس الهيئة الدكتور نصر الحريري، والذي يزور بريطانيا لأول مرّة منذ انتخابه في نوفمبر الماضي.
جهود بريطانية
وقالت روز غرفيثز، المتحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية باللغة العربية، في لندن: ” إن الزيارة التي تقوم بها هيئة التفاوض للمعارضة السورية هي جزء من جهود المملكة المتحدة للعمل مع السوريين والشركاء الدوليين لدعم الحل السياسي للصراع في سوريا”.
وأكدّت أن “هيئة التفاوض السورية هي شريك مهم في تلك الجهود لما تتحلى به من مصداقية، وكذلك بحكم صلتها القوية مع الشعب السوري، بالإضافة إلى التزامها القوي بالمساعدة على إنهاء معاناة السوريين.”
وأضافت غرفيثز: ” نحن نتفق مع المعارضة السورية بأن السبيل الوحيد للتوصل إلى حل مستدام للأزمة في سوريا هو من خلال عملية انتقالية سياسية حقيقية وفق بيان جنيف وقرار مجلس الأمن الدولي 2254 ، كما ندعم عملية جنيف التي تشرف عليها الأمم المتحدة لتحقيق ذلك وندعو جميع الأطراف للإسهام في نجاحها من خلال التحلي بالبراغماتية والمرونة.”
حل الصرع
وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية باللغة العربية: “لقد انخرطت هيئة التفاوض السورية في العمل على إيجاد حل لإنهاء الصراع في سوريا بشكل بنّاء، وكذلك بحسن نية وبدون شروط مسبقة. نحن نشجع الهيئة على مواصلة هذا النهج الإيجابي مع استمرار العملية السياسية ، لكن أي عملية تفاوضية ناجحة تحتاج إلى جانبين ، ونظام الأسد مستمر في عرقلة جهود التوصل إلى حل سياسي، لا سيما من خلال رفضه لإجراء محادثات مباشرة مع المعارضة”.
وكان وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، أليستر بيرت قد أجرى مباحثات بجنيف هذا الأسبوع، أعرب خلالها عن قلقه من تصاعد العنف وتدهور الأوضاع الإنسانية في إدلب والغوطة الشرقية، كما طالب النظام السوري بضرورة الإلتزام بوقف إطلاق النار المتفق عليه، والمشاركة في العملية السياسية، والسماح فورا بدخول المساعدات الإنسانية.
“الجزيرة السورية”.. ما سر نقطة الفراق بين واشنطن وأنقرة؟
عبدالله حاتم – الخليج أونلاين
مرة أخرى يعود الشمال الشرقي من سوريا، أو ما يعرف بـ”الجزيرة السورية”، لمسرح الأحداث الدولية، إذ يبدو أن إخراج تنظيم “داعش” من مدينة الرقة لن يشكل نهاية للصراع الذي يدور بين العديد من القوى حوله، خصوصاً لدى تركيا التي تخشى دعم واشنطن لفصائل كردية انفصالية.
فخلال الأيام الماضية علت أصوات كبار المسؤولين الأتراك وهم يتوعدون واشنطن، ولعل أقوى التصريحات خرجت من الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي توعد قوة “جيش الشمال” المدعومة أمريكياً بتدمير مدينة عفرين السورية معقل القوات الانفصالية الكردية في سوريا فوق رأسها.
كما قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، صراحة إن الولايات المتحدة تناصب تركيا العداء من خلال الوقوف وراء منظمات وصفها بـ”الإرهابية”، قائلاً: “سندافع عن بلادنا حتى آخر قطرة من دمائنا في وجه أي تهديد، مهما كان ومن أي جهة كانت، ولن نعطي الفرصة أبداً لأي تشكيل يستهدف استقلالنا”.
– اتهامات تركية
تقول أنقرة إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ووكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه)، وقيادة منظمة “بي كا كا” الكردية الانفصالية، كانوا قد استكملوا في وقت سابق عملية تدريب 400 مقاتل، في معسكر “صباح الخير” جنوبي محافظة الحسكة (شرق)، وفي محيط سد تشرين شرقي محافظة حلب (شمال).
وشملت التدريبات معلومات نظرية وتقنية قدمتها الـ”سي آي إيه”، وفق المزاعم التركية، وعمليات إنزال جوي من قبل “البنتاغون”، إلى جانب تدريبات على حمل أسلحة قدمتها قيادات من “بي كا كا”، جاءت من جبال قنديل شمالي العراق.
وبيّنت أن منظمة “بي كا كا” تطلق اسم “جيش الشمال” على تنظيم تسميه البنتاغون والسي آي إيه باسم “حراس الحدود”.
– صمت أمريكي
اللافت هنا كان موقف روسيا الذي اتفق مع المخاوف التركية في تشكيل قوة عسكرية في سوريا، واعتبرته تهديداً لمصالحها، بل وذهب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي، فلاديمير شامانوف، إلى القول إن هدف واشنطن من هذه القوة “هو زعزعة الاستقرار في سوريا، والإطاحة بنظام بشار الأسد، وضمان مصالحها واستمرار وجودها في سوريا”.
كما رفضت إيران تشكيل الولايات المتحدة “حرس حدود” بسوريا، ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، القرار الأمريكي، بأنه “تدخل سافر في شؤون الدول”، حسبما أوردته وكالة “إرنا” الإيرانية الرسمية للأنباء.
وقال قاسمي، الثلاثاء، إن هذا القرار من شأنه تعقيد الأزمة السورية أكثر، فضلاً عن مفاقمة حالة عدم الاستقرار بالبلاد. ولفت إلى أن تركيا وروسيا وإيران، تعمل على إنهاء الأزمة السورية، عن طريق الحوار ومباحثات أستانة، وتشكيل مناطق خفض التوتر.
ودعا المتحدث الإيراني، الولايات المتحدة، إلى سحب قواتها من سوريا بأسرع وقت.
لكن واشنطن حتى الآن تلتزم الصمت ولم يصدر عنها أي بيان رسمي، لكن التحالف الذي تقوده ضد “داعش” وحده أصدر بياناً يتيماً قال فيه، إنه يعمل مع الفصائل السورية الحليفة له لتشكيل قوة حدودية جديدة قوامها ثلاثون ألف عنصر، ونصف القوة الجديدة تقريباً سيكون من المقاتلين المخضرمين في قوات سوريا الديمقراطية وتخشاها أنقرة، ويجري حالياً تجنيد النصف الآخر.
وستنتشر القوة- وفق التحالف- على طول الحدود مع تركيا شمالاً والحدود العراقية باتجاه الجنوب الشرقي، وعلى طول وادي نهر الفرات الذي يعد خطاً فاصلاً بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، وقوات النظام السوري المدعومة من إيران وروسيا.
وسبق أن أقرت وزارة الدفاع الأمريكية بنشر نحو ألفين من جنودها في سوريا لقتال تنظيم “داعش”، وقالت إنها مستعدة للبقاء في البلاد لحين إعادة الاستقرار في سوريا.
– أهمية الشمال
يعتبر الشمال الشرقي من سوريا نقطة صراع بين القوى الدولية، التي تريد تعزيز موقعها على الخريطة السورية؛ وهم تركيا وإيران وروسيا وأمريكا.
صحيح أن التحالف الحالي بين أنقرة وطهران وموسكو في سوريا قوي، لكن العديد من الخبراء السياسين يرون أنه مرحلي، وأن لحظة الفراق مهما طالت فسوف تأتي، لذلك تحاول أنقرة قدر الإمكان إيجاد جيوب آمنة تحمي مصالحها في سوريا.
جغرافياً تمتد منطقة الشمال الشرقي من سوريا من الشرق لتضم في حدودها منطقة البادية السورية، وصولاً إلى الحدود العراقية، وتتواصل المنطقة من خط التيفور – تدمر، إلى الميادين – البوكمال على الحدود مع العراق شرقاً، ثم تصعد شمالاً باتجاه الحدود السورية – التركية مروراً، وتضم هذه المنطقة مدناً أبرزها تدمر والرقة ودير الزور والحسكة، إلى جانب مئات من القرى والبلدات، وتسمى اختصاراً بـ “بمنطقة الجزيرة”؛ لكون نهر الفرات يقسمها إلى شقين.
وتحوي “الجزيرة” أهم الثروات الباطنية في سوريا، من مناجم الفوسفات، إلى الملح الصخري، إضافة إلى حقول النفط والغاز، التي تشكل الثروة النفطية لسوريا، وفيها خزان الإنتاج الرئيسي للحاصلات الزراعية.
إذ هي المورد الرئيسي للقمح، والمركز الرئيسي لإنتاج الأقطان، إضافة إلى أنها المجال الرئيسي للثروة الحيوانية، لا سيما الأغنام، وفيها أهم المجاري المائية في البلاد، وعلى نهر الفرات الذي يقطعها من الشمال إلى الوسط قبل أن يتجه شرقاً إلى العراق.
وتتواصل أهمية الشرق السوري في تركيبته الديموغرافية، ورغم وجود أغلبية عربية من السكان هناك، فإن فيه أكبر تجمعات للسوريين الكرد، خصوصاً في محافظتي الحسكة والرقة، كما أن بين سكانه نسبة من المسيحيين السوريين من الآشوريين – السريان والأرمن، إضافة إلى جماعات عرقية أخرى بينهم التركمان.
وخلال حكم آل الأسد كانت المنطقة مهملة ومضطهدة وغابت عنها التنمية، فاضطهد سكانها الأكراد وهمشهم تحت شعارات قومية عربية، كما اتهم النظام السكان العرب بأنهم عملاء لنظام صدام حسين العراقي.
وكان ظهور داعش في المنطقة من العام 2014 وحتى 2017 لحظة مفصلية، إذ أدى ذلك إلى خلق قوات كردية ذات طموح إنفصالي، أبرزها قوات سوريا الديمقراطية المدعوم من واشنطن، وحزب الاتحاد الكردستاني القريب من نظام الأسد، كما عززت تركيا وجودها هناك عبر قوات “درع الفرات”، وكثفت روسيا، بالتحالف مع نظام الأسد وإيران، عملياتها لتعزيز سيطرتها في المنطقة، لكن الوجود الأمريكي حال دون ذلك.
-مشاريع ومشاريع مضادة
يقول مراقبون إن وجود الولايات المتحدة تريد تكريس وجودٍ لها في شمال شرق سوريا من خلال حلفائها قوات كردية إنفصالية، لفرض تحكمٍ سياسي واقتصادي، قطع خط الوصل الإيراني من إيران عبر العراق إلى شاطئ المتوسط في لبنان، بعد أن تعززت سيطرة نظام الأسد على جزء من المنطقة بدعم حلفائه الروس والإيرانيين.
كما أن الرؤية الأمريكية ستكون – وفق محللين – ستكون الطاغية على التسوية النهائية التي ستنهي الأزمة السورية، وسترسم مكانة وحجم كل الأطراف الحاضرة في الصراع على سوريا، وذلك بفضل تحكمها بأغنى المناطق السورية.
وهي هذا الصدد يقول الدكتور باسل الحاج جاسم، الخبير في الشؤون الدولية، أن التوتر الحالي بين تركيا وأمريكا ليس الأول ولن يكون الأخير، مبيناً في تصريح لـ”الخليج أونلاين” أن “الحرب على داعش انتهت وباتت هناك مرحلة جديدة، هي مرحلة حصاد النتائج، فأميركا لا تعنيها المعارضة ولا يعنيها النظام، لديها مشروع تريد تحقيقه، وإلا لما كانت تدخلت في الساحة السورية وجعلت من حرب داعش شماعة واخترت الإمتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (الانفصالي) حليفاً لها”.
وحول ما إذ كان هدف الولايات المتحدة إنشاء كيان كردي انفصالي في سوريا، أشار الحاج جاسم إلى أن “واشنطن لا تتحدث بذلك ولكن أفعالها توحي بشي كهذا” مضيفاً: “لنترك للقارىء التمعن في ماذا يعنيه تشكيل مجموعة مسلحة داخل الأراضي السورية وبعيداً عن الطرفين السوريين (النظام والمعارضة) و هذه المجموعة الجديدة عمودها الفقري إمتداد لمنظمة تصنفها دولة جارة وحلفائها في الناتو بالمنظمة الارهابية (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني الإنفصالي)”.
ولفت إلى أن “الشمال الشرقي من سوريا، هو ضمن إطار مشروع واشنطن الكبير والذي لن يتحقق بدون استمرار صراع النظام و المعارضة، وإلهائهم بجولات مكوكية في جنيف، وكذلك استنزاف لروسيا وتركيا على المدى البعيد، ريثما يخلق واقع جديد وتتغير التركيبة الديمغرافية في الجغرافيا التي حددتها واشنطن مسرح لمصالحها”.
وتحدث الحاج جاسم أن “الأكراد لا يمتلكون مقومات ديمغرافية أو جغرافية في سوريا تؤهلهم لإقامة كيانهم الانفصالي” مستدركاً بالقول أن “ظهور داعش آمن لهم في شق كبير التواصل الجغرافي لكن عملية درع الفرات أوقفته في نقاط معينة، كما أن العامل الديمغرافي والتركيبة السكانية تحتاج لعامل الزمن، لذلك واشنطن غير مستعجلة وتريد الحفاظ على المكتسبات خطوة خطوة”.
لكن تبقى ردة الفعل التركية المعارضة لأي وجود كردي إنفصالي هو الأقوى في وجه واشنطن، خاصة أن الحكومة التركية تتوعدت بإقتحام عفرين معقل القوات الإنفصالية الكردية في سوريا، وهي خطوة علق عليها الحاج جاسم بأن “الاحتمالات كلها مفتوحة” مشدداً على أنه “ليس من مصلحة واشنطن أن تفتح جبهة مع دولة تعتبر حليفة لها، في ظل هذا الإحتقان الإقليمي والدولي ضدها بعد قضية القدس الأخيرة” مختتماً كلامه بالقول: “بالتأكيد واشنطن لم تنسى تجربتها في العراق!”.
المعارضة السورية تدعو الأوروبيين لتفعيل عملية جنيف
وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء 16 يناير 2018
بروكسل – دعت المعارضة السورية الاتحاد الأوروبي إلى زيادة الضغط وحشد الجهود من أجل مواجهة السياسات التي تعرقل العملية التي تقودها الأمم المتحدة لحل النزاع في سورية.
جاء هذا الموقف بعد سلسلة لقاءات أجراها أمس الاثنين رئيس الهية العامة للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، والوفد المرافق له، مع الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، وبعض مسؤولي المؤسسات الأوروبية.
كما التقى نصر الحريري أيضاً في بروكسل كلا من وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا.
وطالب الحريري، حسب بيان صدر عنه و تلقت (آكي) الإيطالية للأنباء نسخة منه الاتحاد الأوروبي بزيادة الضغط على النظام السوري والأطراف الداعمة له، معتبرا أنه “من المهم التحرك والسعي لتحقيق العدالة والمساءلة لمئات الالاف من السوريين المتضررين من جرائم الحرب”.
وناقش الحريري، حسب البيان، طرق التحضير لسورية حرة وديمقراطية في المستقبل، مرحباً بمؤتمر بروكسل المقبل الذي يقوده الاتحاد الأوروبي، ورأى أنه “يجب أن يتركز الدعم الدولي فقط على تمكين العملية التي تقودها الأمم المتحدة بدلاً من التشتت من خلال عمليات موازية”، حسب كلامه. وأوضح أن عملية جنيف هي وحدها التي تؤمن للسوريين والمجتمع الدولي أفضل فرصة لتحقيق نهاية للصراع.
وكانت موغيريني، قد اعتبرت، من جهتها، أن الاتحاد الأوروبي يعتقد أن عملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة لحل الصراع في سورية هي وحدها التي تتمتع بالصدقية بنظر السوريين.
ويريد الاتحاد الأوروبي ومعه أطراف المعارضة السورية وكذلك المبعوث الدولي لسورية مع باقي الأطراف التي تصطف إلى جانبهم، تطويق مؤتمر سوتشي الذي دعت إليه روسيا لحل الصراع في سورية والمقرر عقده نهاية الشهر الحالي.