أحداث الخميس، 24 كانون الثاني 2013
ربع السوريين تضرروا من الحرب والوضع «كارثي»
دافوس – راغدة درغام
روما، موسكو – ا ف ب، رويترز، ا ب – تقدر الامم المتحدة عدد الذين فروا من سورية بسبب النزاع بـ 650 الف شخص على الاقل، يضاف اليهم عدد القتلى الذي تجاوز 60 الفاً، فضلاً عن الجرحى والذين اصيبوا بعاهات دائمة. وذكرت مسؤولة الشؤون الانسانية والاغاثة في الامم المتحدة فاليري اموس امام منتدى دافوس الاقتصادي ان 4 ملايين سوري يواجهون اعمال عنف لا تتوقف وخرقاً دائماً لحقوقهم. وتشير هذه الارقام الى ان نسبة الذين تضرروا مباشرة من الحرب الدائرة منذ 22 شهراً تصل الى ما يزيد على ربع السوريين.
وقالت اموس ان الوضع الانساني في سورية «كارثي ويتدهور بشكل واضح». واضافت ان «الشتاء القارس يزيد من الاوضاع السيئة. وغادر البلد اكثر من 650 الف شخص»، في ظل الخوف الدائم من القصف ونقص الغذاء والحرمان من المساعدة الطبية ومن مكان آمن يلجأون اليه.
وتتوقع الامم المتحدة ان يتضاعف عدد اللاجئين السوريين في الدول المجاورة ليصل الى مليون ومئة الف شخص بحلول حزيران (يونيو) المقبل اذا لم تتوقف الحرب.
من جهة اخرى، قال الرئيس المصري محمد مرسي إن سورية «غير قابلة للتقسيم» وبعد أن يذهب النظام الحالي، فإن كل الطوائف ستشارك في بناء المستقبل بما يحقق تطلعات الشعب السوري. وأوضح مرسي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المؤتمر الوطني العام في ليبيا محمد المقريف أنهما أكدا ضرورة العمل على سرعة التسوية السياسية للأزمة بما يضمن عدم التدخل العسكري الخارجي ووحدة الأراضي السورية ووقف نزيف الدم بسرعة.
وكان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو قال، امام منتدى دافوس، ان بلاده تؤوي نحو 160 الف لاجئ في 16 مخيما، وتقوم ببناء مخيم جديد للاجئين الذين يتدفقون باستمرار. واشار الى ان «تدفق اللاجئين يثير قلقنا بحق». وسأل «الى متى سيبقى مجلس الامن صامتا حيال هذه الازمة الانسانية». وطالب داود اوغلو بتوجيه رسالة واضحة الى النظام السوري بأن «ما يرتكبه بحق شعبه وقصفه للمدن بالطائرات يعتبر جريمة حرب». ودعا مجلس الامن الى التدخل «لوقف حمام الدم»، مشيراً الى ان «صمت المجتمع الدولي يقتل الشعب السوري».
الى ذلك قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) امس إن الصراع في سورية ألحق ضررا بالغا بالقطاع الزراعي وتسبب في انخفاض محصول القمح والشعير بمقدار النصف وأصاب البنية التحتية لهذا القطاع بدمار شديد. وقالت المنظمة ان البعثة التي ارسلتها لتقويم الوضع في سورية وجدت أن إنتاج القمح والشعير تراجع إلى مليوني طن في 2012 من مستوى كان يراوح بين أربعة ملايين و4.5 مليون طن سنويا في الأحوال العادية.
في موازة ذلك، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، الموجودان في دافوس، «دعمهما الكامل» لجهود الموفد الاخضر الإبراهيمي، خلال محادثة هاتفية مشتركة معه. ويواصل الإبراهيمي مشاوراته في نيويورك تمهيداً لجلسة مجلس الأمن المقررة في ٢٩ الشهر، اذ يسعى الى «اتفاق الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية على مشروع قرار يثبت ما تم الاتفاق عليه حتى الآن، ويترك القضايا الخلافية الى مرحلة لاحقة» بحسب ديبلوماسيين.
وأعلن بان، في بيان بعد اتصاله والإبراهيمي مع العربي، أن المحادثة «تناولت في العمق تدهور الأزمة في سورية، وأن الأمينين العامين عبرا عن دعمهما الكامل لجهود الإبراهيمي في مهمته الصعبة على نحو استثنائي»، والهادفة الى «المساعدة في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية».
وحصل الإبراهيمي على الدعم نفسه من الولايات المتحدة وروسيا وباقي أعضاء مجلس الأمن في جلسة علنية عقدت أمس لبحث المستجدات في الشرق الأوسط. وأكدت السفيرة الأميركية سوزان رايس «التزامنا بإعلان جنيف بما فيه تشكيل جسم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة مبني على أسس القبول المشترك» من الأطراف.
وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين إن روسيا تسعى الى «مواصلة الجهود الديبلوماسية للتوصل الى تسوية بناء على إعلان جنيف وفي هذا الإطار ندعم جهود الإبراهيمي».
الدعم نفسه تلقاه الإبراهيمي من السفير الفرنسي جيرار آرو الذي دعا مجلس الأمن الى «إحالة الجرائم المرتكبة في سورية على المحكمة الجنائية الدولية».
وقال الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، إن الوضع في سورية «مخجل لأن العالم يواصل التفرج، وبسبب العجز في الأداء، أولاً في العالم العربي»، مضيفاً أن «العالم العربي لا يملك الوسائل للانخراط في سورية ولوقف القتال فيما السياسات الدولية على وشك عقد الصفقات».
من جهة اخرى، قلل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من اهمية اجلاء الرعايا الروس من سورية عبر مطار بيروت. وشدد في مؤتمر صحافي في موسكو على القول «لم نبدأ اجلاء رعايانا»، موضحا ان روسيا قامت فقط بمساعدة رعاياها الراغبين في المغادرة على الحصول على مقاعد على طائرات نقلت مساعدة انسانية. واشار الى ان بعض عائلات الديبلوماسيين رحلوا «منذ فترة طويلة».
واوضحت وزارة الخارجية الروسية ان معظم الذين تم اجلاؤهم هم من النساء المتزوجات من سوريين او فلسطينيين مقيمين في سورية واطفالهن. واضافت «انهم اشخاص من مختلف مناطق سورية طلبوا مساعدة السفارة الروسية في دمشق بعدما اصبحوا بلا مأوى وبلا اي وسيلة عيش بسبب النزاع».
في هذا الوقت، اعلن الجنرال غاري ديكين المسؤول عن تنسيق عملية نشر صواريخ «باتريوت» على الحدود التركية مع سورية ان اول هذه الصواريخ سيصبح جاهزاً للاستخدام «في نهاية هذا الاسبوع»، على ان تدخل المنظومة بأكملها حيز الخدمة «في نهاية الشهر». وهذه هي الوحدة الاولى من صواريخ ارض – جو التي قدمتها هولندا ووصلت الثلثاء بحرا الى تركيا، وستنصب في اضنة. اما الصواريخ التي وضعتها المانيا في تصرف الحلف فستنصب في الايام المقبلة في ماراس التي تبعد حوالى مئة كلم الى الشمال الشرقي. وستركز الصواريخ التي قدمتها الولايات المتحدة في غازي عنتاب، في مكان يبعد قليلا على طول الحدود مع سورية.
وبموجب قرار الحلف الاطلسي في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، ستعمد المانيا وهولندا والولايات المتحدة الى نصب وحدتين من صواريخ «باتريوت» في تركيا وحوالى 350 جندي في كل منهما. ومن المقرر ان تستمر مهمة الحلف الاطلسي سنة.
واشنطن قلقة من “كابوس تقسيم سوريا“
موسكو: الإصرار على إزاحة الأسد يعوق الحلّ
واشنطن – هشام ملحم / نيويورك – علي بردى العواصم الأخرى – الوكالات
أبدت واشنطن قلقها من “كابوس تقسيم سوريا” اذا لجأ الرئيس بشار الاسد الى منطقة العلويين في اللاذقية بعد ان يخسر دمشق لمصلحة بعض القوى المسلحة في حين يسيطر الاكراد على شمال شرق البلاد. بينما اعتبرت موسكو ان اصرار المعارضة السورية على مطلب ازاحة الاسد عن السلطة يعوق الحلول السياسية. ومع عدم بروز اي افق لحل سياسي، استمرت العمليات العسكرية في ريف دمشق وخصوصا في داريا، الى تجدد القصف لحيي جوبر والسلطانية في حمص، فضلا عن الاشتباكات في مدينة رأس العين بمحافظة الحسكة على الحدود مع تركيا بين مقاتلين اكراد وآخرين من المعارضة السورية. واعلن حلف شمال الاطلسي ان اولى بطاريات صواريخ “باتريوت” المضادة للصواريخ والطائرات ستكون جاهزة للعمل مطلع الاسبوع المقبل. وافاد وزير الخارجية الاردني ناصر جودة ان 20 الف سوري فروا الى الاردن خلال الايام السبعة الاخيرة بسبب تصاعد العنف في جنوب سوريا.
وأبلغت مصادر اميركية مسؤولة “النهار” ان “السيناريو الكابوس” الذي يقلق المسؤولين الاميركيين اكثر من غيره، هو ان يؤدي اقتراب المعارضة من السيطرة على دمشق الى دفع الاسد والمحيطين به للجوء الى “معقله العلوي الاخير في منطقة اللاذقية” لمواصلة القتال. واضافت انه في هذه الحال تصير دمشق ومحيطها تحت سيطرة بعض القوى المسلحة وكذلك حلب ومحيطها، واحتمال سيطرة الاكراد على شمال شرق سوريا، بينما يبقى الاسد محاصرا في اللاذقية. وقالت: “هذا هو كابوس تقسيم سوريا الذي يخيفنا والذي نريد تفاديه”.
في غضون ذلك، كررت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، في آخر شهادة لها امام الكونغرس، تحذيرات حكومتها للنظام السوري من ان استخدام الاسلحة الكيميائية لا يزال “خطا احمر”.
وقالت ان كميات من الاسلحة التي كانت في المخازن الليبية قد وصلت الى سوريا.
السفير فورد
ويبدأ اليوم السفير الاميركي لدى سوريا روبرت فورد ووفد يضم كبار المسؤولين في وزارة الخارجية عن شؤون اللاجئين والاغاثة الانسانية زيارة لتركيا والاردن لتفقد احوال اللاجئين ولاجراء محادثات مع المسؤولين في البلدين، الى ممثلي المعارضة السورية. وبعدها سينتقل فورد الى الكويت لمتابعة مسألة تمويل اعمال الاغاثة.
وصرح فورد لقناة “العربية” انه سينسق مع المعارضة سبل توفير المساعدات للمشردين داخل سوريا، ولكن تحقيق ذلك خارج اطار الحكومة السورية وخصوصا في شمال البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة.
واشار الى ان واشنطن لا تستعجل المعارضة لتأليف حكومة موقتة “لكننا جاهزون للتعاون معها حين اعلانها”. بيد ان مسؤولا اميركياً سابقاً فسر لـ”النهار” عدم الاستعجال بان الحكومة الموقتة سوف تضطر واشنطن الى التعجيل في حساباتها الاستراتيجية في شأن الاعتراف بها، “وهل ندافع عن هذه الحكومة اذا اقيمت فوق الاراضي السورية؟ وهل نعمل على توفير الدعم المالي لها؟ كل هذا يفسر غياب الاحباط للتأخر في تأليف الحكومة”.
وقالت مصادر أميركية اخرى لـ”النهار” ان واشنطن افهمت المعارضة بانها تحض الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان على مواصلة جمع المعلومات والوثائق عن المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب “من مسؤولين حكوميين وقيادات معارضة على السواء”. واضافت ان واشنطن حضت المعارضة بقوة على وقف الاعتداءات واعمال النهب التي تعرضت لها بعض الكنائس والمساجد الشيعية، كما اكدت اخيرا منظمة “هيومان رايتس ووتش” الاميركية. وندد الاميركيون ايضا في اتصالاتهم مع المعارضة بالتهديدات التي تعرضت لها المنشآت الديبلوماسية الروسية في سوريا والتي أدت الى اقفال القنصلية في حلب، وقالت المصادر: “ابلغناهم موقفنا الرافض في المطلق لالحاق الاذى بالديبلوماسيين الاجانب أو أي منشأة ديبلوماسية”.
دعم الابرهيمي
في نيويورك، تلقى الممثل الخاص المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الاخضر الابرهيمي أمس دعما دولياً وعربياً في “مهمته الصعبة الى حد استثنائي” لايجاد حل سياسي للازمة السورية. لكنه لم يضمن حتى الآن الحصول على ما يسعى اليه من مجلس الامن، في ظل استكشاف بعض الديبلوماسيين امكان احياء “الخيار اليمني” لتجاوز الخلافات المستحكمة على مستقبل الرئيس بشار الاسد.
وتجنب الابرهيمي والمقربون منه الاجابة عن اسئلة الصحافيين في الوقت الراهن. ولاحظ ديبلوماسي عربي طلب عدم ذكر اسمه ان “المأزق معروف لدى الجميع وهو يتعلق بمستقبل الرئيس السوري بشار الاسد”. وقال ان “الافكار كثيرة لدى الابرهيمي، ولكن لا صيغة لديه للخروج من هذا المأزق ما لم يتوصل الاميركيون والروس الى اتفاق على العقدة الرئيسية للخلاف: مستقبل الاسد”.
وعلى رغم عدم وضوح الخطوة التالية للديبلوماسي الجزائري المتمرس والحملات المستمرة عليه، قال مصدر ديبلوماسي اميركي رفيع لـ”النهار” ان “الولايات المتحدة تعتقد ان الابرهيمي يجب ان يواصل مساعيه الحميدة”. حتى لو ضاقت النافذة الديبلوماسية، وهي ضاقت بالفعل الى حد كبير، مؤكدا ان “غياب الحل الديبلوماسي ليس ناجما عن خطأ ارتكبه الابرهيمي. بل عن المواقف المعروفة على الساحة االدولية”. وشدد على ان “المأزق هو مأزق المجتمع الدولي ومجلس الامن وليس مأزق الابرهيمي وحده”.
واجرى الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون والابرهيمي اتصالا هاتفياً مع الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. وجاء في بيان اصدره الناطق باسم المنظمة الدولية ان المسؤولين الثلاثة “ناقشوا في العمق الازمة المتدهورة في سوريا”. وعبر الامينان العامان عن “دعمهما التام لجهود السيد الابرهيمي في مهمته الصعبة الى حد استثنائي للمساعدة على ايجاد حل سياسي للازمة في سوريا”.
«الفـاو» تحـذر مـن مأسـاة زراعيـة فـي سـوريا
موسـكو تنتقـد هـوس إطاحـة الأسـد
شنّت موسكو هجوما، أمس، على المعارضة السورية والداعمين لها، معتبرة أن أي حل للأزمة السورية يصطدم «بهوس» المعارضة الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، فيما دول عربية وغربية تطيل أمد الصراع عبر دعم المسلّحين، مؤكدة رفضها أي تأويل أو تحريف لبيان جنيف الصادر في 30 حزيران الماضي.
وفي نيويورك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، بعد اتصال هاتفي أجراه بان كي مون والمبعوث العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي مع العربي، «دعمهما الكامل للإبراهيمي في مهمته البالغة الصعوبة الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية». واعلن مساعد المتحدث باسم المنظمة الدولية ادواردو ديل بوي أن بان كي مون والعربي والابراهيمي تشاوروا هاتفيا
حول النزاع في سوريا، وأجروا «مناقشة معمّقة للأزمة التي تتدهور في سوريا».
ووافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره اللبناني ميشال سليمان على «أهمية حل الأزمة السورية بالحوار، وأشار الرئيس الروسي بعد استقباله سليمان في الكرملين أمس، إلى «أن موقف موسكو معلن ومعروف، وجوهره وقف العنف أولا والجلوس حول طاولة الحوار من دون تدخل خارجي»، لافتا إلى أن «على الشعب السوري أن يرسم لنفسه خــريطة طريق يخــتارها لبلـده من خلال اتفاق يتم التوصل إليه ويتم تنفيذه».
وأشار بوتين إلى أن «أخطر ما في تداعيات الأزمة السورية إنهاء الموضوع الإنساني وعنوانه النزوح الحاصل بأعداد كبيرة إلى الدول المجاورة لسوريا، ومنها لبنان»، منوّها بـ«ما يقوم به لبنان للمحافظة على وحدة أمنه واستقراره، وسط هذه الظروف الضاغطة»، ومشيدا بـ«سياسة الحياد اللبنانية». وأبدى «الاستعداد لتقديم المساعدات الفورية الطبية والمادية إلى المناطق التي تقطنها مجموعات النازحين» ولعقد مؤتمر دولي لقضية النازحين في موسكو.
وفي ظل ازدياد الأوضاع الأمنية تدهورا على الأرض، دعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى تقديم «مساعدات عاجلة» إلى القطاع الزراعي في سوريا الذي يعتاش منه الكثيرون وتراجع إنتاجه إلى النصف بسبب النزاع المستمر منذ 22 شهرا. وذكرت أن «النزاع الذي طال أمده في سوريا جعل قطاعها الزراعي في حالة يرثى لها، حيث أن الإنتاج الزراعي تراجع إلى النصف تقريبا ملحقا دمارا هائلا بنظم الري وغيرها من مرافق البنى التحتية». وأشارت إلى أن 46 في المئة من مجموع السكان يقيمون في المناطق الريفية، ويعتمد 80 في المئة منهم في معيشتهم على الزراعة. (تفاصيل صفحة11)
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي في موسكو، «كل شيء يصطدم بهوس المعارضين بفكرة الإطاحة بنظام الأسد»، مضيفا «طالما أن هذا الموقف غير القابل للمساومة سيبقى معتمدا، لا يمكن أن يحصل أي شيء جيد، ستتواصل المعارك وسيموت الناس باستمرار».
وقال «بعض الدول الغربية ودول الشرق الأوسط رحّبت بإنشاء ائتلاف المعارضة. وردا على سؤال لمعرفة لماذا يشجع شركاؤنا مقاربة تقوم على رفض حوار، قيل لنا إن الأمر الأساسي هو جمع صفوف المعارضة قبل إقناعها باعتماد موقف بنّاء أكثر. لكن لاحقا لم تحصل محاولات لوضع أطراف النزاع حول طاولة المفاوضات. فقط نحن وشركاؤنا الصينيون وموفد الأمم المتحدة (السابق) كوفي انان وخلفه الأخضر الإبراهيمي حاولنا القيام بذلك».
وأضاف «ما زال نشطاء المعارضة يرفضون تماما الحوار ولجأوا للصراع العسكري، ويشجعهم شركاؤنا في ذلك ويدعمونهم بكل ما يحتاجونه لإطالة أمد الصراع»، موضحا أن «آخرين من مجموعة العمل بشأن سوريا يساندون المعارضة ونضالها المسلح ضد الحكومة. لقد أعلن الائتلاف الوطني السوري أن هدفه هو الإطاحة بنظام بشار الأسد ومؤسساته، وهذا يتعارض تماما مع اتفاق جنيف، الذي تــضمن التأكــيد على ضـرورة المحافظة على مؤسسات الدولة، وعدم تكرار الأخطاء التي حصلت في بلدان أخرى».
وقال «سنستمر بمساعينا للتوصل إلى تسوية سلمية في سوريا، وسنساهم في جهود المجتمع الدولي الرامية إلى التوصل إلى تسوية سلمية للازمة السورية على أساس اتفاقيات جنيف، من دون محاولة تأويلها وتحريفها. إن هذه الوثيقة لا تحتاج إلى تأويل، لأن مضمونها واضح ومفهوم. وعلى أطراف النزاع وقف أعمال العنف واختيار ممثليهم للمفاوضات للاتفاق على تركيب هيئة إدارة الدولة المؤقتة، ولأجل هذا يجب وقف أعمال العنف والجلوس حول طاولة الحوار». وأعلن لافروف أن الوضع في سوريا يسبب «أقصى درجات القلق» لكنه لا يتطلب إجلاء جماعيا للمواطنين الروس الذين يعيشون هناك.
(«السفير»، «سانا»،
ا ف ب، ا ب، رويترز)
السلطات السورية تدعو إلى صلاة مليونية من أجل عودة الامان الى البلاد
دمشق- (ا ف ب): دعت السلطات السورية إلى اقامة “صلاة مليونية” يوم الجمعة في جميع المساجد السورية على نية عودة الامن إلى البلاد.
ودعا وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد السوريين إلى المشاركة في “اداء صلاة الحاجة التي تقام بعد صلاة الجمعة في المساجد الجامعة في سورية على نية عودة الأمن والأمان الى ربوع الوطن”.
واكد وزير الاوقاف في تصريح بثته وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان بلاده “ستنتصر على المؤامرة التي أعلنتها الدول المعادية لها وينفذها بالوكالة عنها عبيدها وخدامها القابعون وراء البحار وعلى رأسهم الفكر الوهابي التكفيري”.
وتنسب السلطات السورية الاضطرابات التي تشهدها سوريا واسفرت عن مقتل اكثر من 60 الف شخص منذ منتصف اذار/ مارس 2011 بحسب الامم المتحدة، الى “مجموعات ارهابية مسلحة” وفي مقدمتها “تنظيم القاعدة في سوريا (جبهة النصرة)”، وتتهمها بالسعي لزرع الفوضى في البلاد في اطار “مؤامرة” يدعمها الخارج.
قصف واشتباكات وسقوط قذائف في أنحاء متفرقة من سورية
القاهرة- (د ب أ): أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان أن اشتباكات دارت بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية صباح الخميس في حي”صلاح الدين” بمدينة حلب شمال سورية.
وذكر المرصد، في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه الخميس، انه رافق تلك الاشتباكات قصف على أطراف حي “الحمدانية” بحلب كما سقطت عدة قذائف على أحياء المرجة وكرم القاطرجي والنيرب في المدينة عند منتصف الليل ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية.
وقال إن بلدات اعزاز وحريتان وبيانون وكفرحمرة وحيان وعندان بحلب تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية ليل الاربعاء/ الخميس مما أدى إلى أضرار مادية وأنباء عن سقوط جرحى.
وأضاف المرصد أن حي الحويقة بمدينة دير الزور شرق سورية تعرض للقصف من قبل القوات النظامية صباح الخميس رافقه اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في عدة أحياء من المدينة.
وأوضح المرصد أن بلدة “بصر الحرير” بريف درعا تعرضت للقصف بالطيران الحربي من قبل القوات النظامية حيث يشهد محيطها اشتباكات مستمرة بين مقاتلين من عدة كتائب مقاتلة والقوات النظامية منذ أيام.
وأشار المرصد إلى تجدد القصف من قبل القوات النظامية على مدينة داريا بريف دمشق صباح الخميس.
قائد كتيبة سورية معارضة: نعلم أننا نقاتل دولا ونتشرف باستقبال المقاتلين الأجانب
موسكو: تمسك المعارضة السورية بازاحة الاسد يعيق الحلول
‘هيومن رايتس ووتش’ تندد بتعرض مسلحين لأماكن عبادة
دمشق ـ بيروت ـ وكالات: تستمر اعمال العنف في سورية حاملة يوما بعد يوم مزيدا من الكوارث الانسانية التي تندد بها منظمات حقوق الانسان، في وقت لا يظهر اي افق لحل سياسي، بينما اعلنت موسكو بوضوح الاربعاء ان هذه الحلول تصطدم بإصرار المعارضة السورية على ازاحة الرئيس بشار الاسد من السلطة.
وندد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاربعاء بإصرار المعارضة السورية على الاطاحة بالرئيس السوري، وقال في مؤتمر صحافي ‘كل شيء يصطدم بهوس المعارضين بفكرة الاطاحة بنظام الاسد’.
واضاف ‘طالما ان هذا الموقف غير القابل للمساومة سيبقى معتمدا، لا يمكن ان يحصل اي شيء جيد، ستتواصل المعارك وسيموت الناس باستمرار’.
وعبر وزير الخارجية الروسي عن اسفه لعدم قيام الدول الغربية باقناع المعارضين بالتحاور مع السلطة.
وقال ‘لم تحصل محاولات لوضع اطراف النزاع على طاولة المفاوضات. فقط نحن وشركاؤنا الصينيون وموفد الامم المتحدة (السابق) كوفي انان وخلفه الاخضر الابراهيمي حاولنا القيام بذلك’.
وقال ‘اولويتنا ليست بلوغ هدف جيوسياسي مثل الاطاحة بنظام الاسد وانما ارساء استقرار الوضع ووقف اراقة الدماء سريعا لانقاذ ارواح السوريين’.
وفي ظل ازدياد الاوضاع تدهورا على الارض، شددت بعثة من سبع وكالات انسانية تابعة للامم المتحدة زارت سورية خلال الايام الماضية على عدم وجود ‘حل انساني’ للمأساة في سورية، مشددة على وجوب التوصل الى حل سياسي.
وقال مدير عمليات مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية جون جينغ في لقاء مع الصحافيين مساء الثلاثاء في بيروت لدى عودة البعثة من دمشق، ان ‘مصير الشعب السوري مرعب’، مضيفا ‘انها مشكلة سياسية. لا يوجد حل انساني للنزاع’.
ومن جهته قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الأربعاء في بلدة دافوس السويسرية إنه يتعين على مجلس الأمن الدولي اتخاذ إجراء بشأن جرائم الحرب والأزمة الإنسانية في سورية.
واتهمت منظمة ‘هيومن رايتس ووتش’ المدافعة عن حقوق الانسان الاربعاء مجموعات مقاتلة معارضة للنظام السوري بسرقة كنيستين على الساحل السوري وتدمير مكان عبادة شيعي في شمال غرب البلاد.
وجاء في بيان صادر عن المنظمة انها وثقت تدمير حسينية شيعية في محافظة ادلب (شمال غرب) وسرقة كنيستين في محافظة اللاذقية.
وكانت المنظمة دانت من قبل تدمير مسجد سني على ايدي القوات النظامية السورية في ادلب.
وقالت مديرة المنظمة للشرق الاوسط سارة لي ويتسون ان ‘تدمير اماكن دينية يزيد من المخاوف المتعلقة بالاقليات الدينية ويزيد من خطورة المأساة التي تشهدها البلاد، لا سيما مع مقتل عشرات الالاف من الاشخاص’.
واضافت ‘ستفقد سورية تنوعها الثقافي والديني اذا لم تحترم المجموعات المسلحة اماكن العبادة’، مشيرة الى ان قادة الطرفين المتقاتلين ‘يجب ان يوصلوا الرسالة بان الذين يهاجمون هذه الاماكن سيحاسبون على ذلك’.
ومن دمشق نفى قائد إحدى الكتائب السورية المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد أن يكون لدى تنظيمهم أي مقاتلين أجانب، مشيرا إلى أن نظام الأسد يصنع بعض الإسلاميين ويطرحهم بين صفوف المقاتلين كنوع من الاختراق.
وقال أبو عمار قائد لواء سيف الشام بدمشق في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية ‘لا يوجد لدينا (في لوائه) مقاتلون أجانب.. مع العلم أننا نتشرف باستقبال واحتضان أي مقاتل من أي دولة كانت ومن أي مذهب أو دين طالما أنه على يقين أنه يقاتل في جهة الخير وفي معركة أقل ما يقال عنها إنها معركة لنصرة الإنسانية’.
وعما إذا كانت اختراقات أمنية من قبل النظام الأسد قد حدثت لصفوفهم، قال أبو عمار المقيم في دمشق والذي رفض الإفصاح عن هويته بالكامل ‘نحن نعمل بما أمرنا به ديننا الحنيف وأكده لنا نبينا الكريم.. فكما قال عليه الصلاة والسلام.. اعقل وتوكل .. وقد أسسنا فرع معلومات أمني إحدى أهم مهماته الأساسية التصدي وكشف أي محاولة اختراق لصفوف اللواء ، وبفضل من الله لم تتم أي حالة لاختراق أمني في صفوفنا’.
وميدانيا، قتل 21 شخصا الاربعاء في اعمال عنف في مناطق متفرقة من سورية، بينهم خمسة اشخاص من عائلة واحدة فجرا في قصف صاروخي على قرية في محافظة حلب بشمال سورية، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.
سوريا في الخارج.. لا يوجد مبرر للتدخل الدولي
صحف عبرية
كم سوريا قتل هذا الاسبوع؟ كم لاجئا سوريا اضيف الى المخيمات في الاردن وفي تركيا؟ كم امرأة سورية اغتصبت في نهاية الاسبوع؟ سوريا، كما يمكن الاعتراف منذ الان، أصبحت عبئا اعلاميا. الحرب الاهلية الجارية فيها منذ 21 شهرا كفت عن اثارة الصدمة. وتعب العمل الدبلوماسي واصبح باعثا على السأم. فالمعطيات اليومية لعدد القتلى، التقارير عن الخسائر والانتصارات لكل طرف، والتي ظهرت ذات مرة في العناوين الرئيسة، اندحرت الى الصفحات الداخلية. والان، يوجد موضوع واحد يهتم به: المعركة العسكرية لفرنسا في مالي، اختطاف مواطنين اجانب في منشأة الغاز في الجزائر والمحاولة لانقاذهم احتلت مكان سوريا.
وتحل ثقافة الحرب في سوري محل قصص المعارك. وهذه ثقافة فظيعة، ثقافة تروي عن عدد الكاريكاتيرات (اكثر من ثلاثة الاف) التي رسمت بالهام من وجه بشار الاسد، عن أساليب جديدة طورها الاطفال ليجمعوا بعض الصدقات الاضافية من السواقين العالقين في ازمة السير عند مدخل دمشق، وعن آلاف النساء اللواتي اغتصبهن جنود سوريون او مسلحون يعملون في عصابات الشارع.
ليس لرموز الثورة هذه أسماء، فقد باتت ظواهر. فعندما يصف موقع الاخبار ؟؟؟، الذي يحمل شعار ‘اكثر من نصف الحقيقة’، الاطفال السوريين الذين يجمعون الصدقات فانه يروي على الدعوات الجديدة التي يغدقها الاطفال على السواقين في المفترقات المأزومة. في أن يوصلك الله الى بيتك سالما؛ ان يخفيك الله عن عيون القناصة؛ ان يبعدك الله عن مناطق القتال. والمواطنون الذين يعلقون في أزمات السير يعربون عن غضبهم من هذه الظاهرة المغيظة اضافة الى اعصابهم المشدودة بسبب فقدان الوقت في أزمات السير فانهم يضطرون الى سماع قصص الاطفال الرهيبة. وفي النهاية سنضطر الى أن ندفع لهم رواتب شهرية، كما يشكون، ويدعون بان هذه ينبغي أن تكون مشكلة دائرة الرفاه الاجتماعي. فهي التي ينبغي لها ان تحل مشكلة هؤلاء الاطفال.
دائرة الرفاه الاجتماعي؟ هذه لم تعد تعمل منذ زمن بعيد. فالمسافرون يروون بان المتسولين بدأوا يطالبون بتبرعات اكبر. واذا كان الاطفال اكتفوا في بداية المعارك بخمس ليرات سورية، فقد باتوا الان يقولون انه بسبب غلاء المعيشة يحتاجون الى صدقات اكبر، ويطلبون 25 ليرة، وغيره. وتروي تقارير اخرى عن اساليب تسول جديدة تبناها الاطفال، مثل جر الشقيقة الصغيرة نحو المفترق، عرض صور للابوين القتيلين او تشويه الاعضاء لاثارة الشفقة.
من المثير للاهتمام أنه من أجل ابعاد هؤلاء الاطفال عن الشوارع تجد السلطات المحلية بالذات ما يكفي من القوى البشرية. ومقابل الاطفال، الذين ليس لهم أسماء، فان للسلطات يوجد بطل له اسم. كامل رمضان، المسؤول عن شؤون الرفاه والعمل الاجتماعي في مدينة حماة، الذي يرمي بان رجاله يخرجون كل صباح ومساء الى الشوارع لاعتقال المتسولين ونقلهم الى الشرطة. وهناك يعتقلون، الى أن يأتي أهاليهم لاخذهم، أو انهم ينقلون الى منازل خاصة. الكثيرون منهم ليسوا على الاطلاق من ابناء مدينة حماة، كما يروي، بل يأتون من مناطق اخرى. بالفعل، ‘جريمة’ رهيبة. ولكن هذه المدينة المدمرة لا يمكنها حقا، من ناحيتها، ان تستوعب كل متسولي الدولة.
ظاهرة صعبة اخرى هي اغتصاب النساء والبنات. هذه استراتيجية حربية، وليس فقط تفجر للنوازع التي تثيرها الحرب، كما تقول منظمات حقوق الانسان. وكانت احدى هذه المنظمات نشرت في الاسبوع الماضي معطيات تفيد بان اكثر من أربعة الاف حالة اغتصاب بُلغ عنها منذ بداية الاحداث في الدولة. كما تفيد المنظمة بان استطلاعا اجري في أوساط نحو 600 الف لاجيء ونازح اظهر بان أغلبية العائلات قررت الفرار من الدولة خوفا من الاغتصاب، وبقدر أقل بسبب رعب الحرب.
هنا أيضا لا توجد اسماء للضحايا. وعن حق. فالنساء المغتصبات يجلبن العار للعائلة. فهن يعتبرن مذنبات في الاغتصاب. أهاليهن ايضا لن يعرفوا على أنفسهم على الملأ، خشية الثأر منهم أو بشكل لا يقل خطورة أحد لا يرغب في أن يتزوج الشابة التي اغتصبت، وأهلها سيضطرون الى اعالتها حتى نهاية حياتها. وبالتالي فان المعلومات عن الضحايا تأتي من نشيطات المنظمات النسوية السورية، التي تلتقط القصص على ألسنة اللاجئات اللواتي يصلن الى مخيمات اللاجئين في الاردن، لبنان أو تركيا. وهذه معلومات جزئية فقط لا تتضمن توثيقا لافعال اغتصاب النساء اللواتي لا يأتين من سوريا الى مخيمات اللاجئين.
في سوريا نفسها ظاهرة الاغتصاب الجماعي من الجنود وامام ناظر ابناء العائلة باتت موضوعا عاديا؛ ولكن رعب الاغتصاب يرافق النساء حتى داخل مخيمات اللاجئين، التي يفترض أن توفر لهن الحماية. قصص فتيات اغتصبهن افراد الشرطة الذين يحرسون المخيم ولاجئون آخرون تطرح بين الحين والاخر ضمن قصص القتال وتذكر بقصص النساء في اثناء المعارك في تونس وفي العراق.
اذا خيل بان الموت وحده هو المخرج المشرف من الفظاعة، يتبين أن للموت أيضا يوجد ثمن باهظ. فأسعار القبور ارتفعت جدا بحيث أن اصحاب الوسائل وحدهم يمكنهم أن يسمحوا لانفسهم بان يشتروا قطعة قبر يصل سعرها الى نحو عشرة الاف دولار.
لو كانت سوريا تعرض للخطر حقول نفط مثل الارهابيين في مالي، لكان محتملا أن نرى منذ الان طائرات فرنسية أو بريطانية تحوم فوق سماء دمشق. ولكن الاغتصاب، التسول، او السعر المرتفع للقبور ليست مبررا للتدخل الدولي.
تسفي بارئيل
هآرتس 23/1/2013
شريط يظهر مقاتلين شيعة من لبنان والعراق في دمشق.. واخر لـ’لبوات الاسد’ وهن يحرسن صورة الرئيس والحواجز
ابراهيم درويش
لندن ـ ‘القدس العربي’: الجهاديون الاجانب ينضمون الى الفصائل السورية التي تقاتل نظام بشار الاسد والمقاتلون الشيعة من لبنان والعراق يقاتلون مع الاسد ضد ‘الارهابيين’ اضافة الى كتيبة من قوات الدفاع الوطني ‘لبوات الاسد’ مكونة من النساء يدافعن الان عن نظامه ايضا.
فالحديث عن دور حزب الله المؤيد للنظام السوري ودوره في الحرب يظهر بين الفينة والاخرى، والحزب ينفي او يتكتم ويقول انه يدعم النظام في مجال الاستشارة مع ان قيادات وافردا قتلوا في اماكن مختلفة من انحاء سورية. واذا سلمنا ان حزب الله يدافع عن حليف تقليدي واستراتيجي خاصة ان معظم الاسلحة الايرانية التي تصل اليه تمر عبر سورية، فما علاقة العراق في المعادلة السورية، خاصة ان النظام السوري دعم الجهاديين والمقاتلين الاجانب الراغبين بالقتال ضد الامريكيين فيه.
السيدة زينب
تقول صحيفة ‘التايمز’ ان الامر متعلق بالطائفة، حيث تحدثت عن شريط فيديو يظهر مقاتلين في زي عسكري لا يمكن تفريقه عن زي الجيش السوري الذي يقوم بدك معاقل المقاتلين بالدبابات والطائرات. وفي الشريط يظهر هؤلاء المقاتلون وهم يدافعون عن مقام السيدة زينب جنوب دمشق. ونقلت عن مصادر في حزب الله قولها ان معظم المقاتلين الذين ظهروا في الشريط هم من حزب الله اللبناني وان االشريط تم انتاجه في العراق من قبل جماعة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. وتقول ان الشريط المنتج بطريقة جيدة ومنتشر بشكل واسع بين شيعة جنوب لبنان ويقترح ان المقاتلين الشيعة من لبنان باتوا يبدون ترددا اقل لاخفاء دعمهم الواضح للنظام، ونقلت عن شيعي في الجنوب اللبناني قوله ‘لا اعتقد ان الحزب يدافع عن النظام بل يدافع عن نفسه، لانه لو سقط نظام الاسد فالدور يأتي عليهم’.
وتقول الصحيفة ان هذا الحديث يعكس مخاوف الشيعة من تزايد صعود الجهاديين في فصائل الجيش الحر، خاصة الدور الذي تلعبه ‘جبهة النصرة’ في شمال سورية، والتي تنظر للشيعة نظرة شك. ونقلت في هذا السياق نقلت عن شخص اسمه احمد قاتل الى جانب الجيش الحر لعدد من الاشهر زعمه ‘هناك احاديث داخل الجيش الحر انه حالما انتهينا من النظام في سورية فسننظف لبنان’ يعني حزب الله.
ويظهر الشريط المقاتلين وهم يخضون معارك شديدة حول مقام السيدة في جنوب دمشق، ويظهر على طرف الشاشة السفلي راية خضراء مكتوب عليها ‘كتيبة ابو الفضل عباس’، والتي يمكن ان تكون نفس الكتيبة الصغيرة التي شنت هجمات وزرعت متفجرات في طريق القوات الامريكية في العراق في الفترة ما بين 2005- 2008 وقد ظهرت نسخ للشريط على يوتيوب. ومع انه لم يتم التأكد من ان المقاتلين هم من حزب الله او من المنظمة العراقية الا ان البندقية التي يحملونها ‘اي كي-47’ من الاقسام، بدلا من اليد الخشبية، لان هذه الطريقة تمنحهم مرونة لتحريكها. وتختم الصحيفة بالقول ان حزب الله وان ظل متكتما حول دوره في الحرب السورية الا انه اصبح من المعروف انه يدعم النظام وبحسب شيعي لبناني في الجنوب فانه لم يعد سرا الدور الذي يلعبه الحزب، فهو ان لم يتحدث عنه ولكن الجميع يعرفون انه يرسل مقاتلين الى هناك، اي سورية.
ماذا عن اللبوات
وما دام الحديث عن المدافعين عن النظام، فمن ضمن الخطة الجديدة التي اعلنت عنها القوات النظامية وهي تشكيل قوات دفاع شعبي، فقد ظهرت ولاول مرة كتيبة من المجندات تحمل اسم ‘لبوات الدفاع الوطني’ وتهدف كما اورد تقرير في صحيفة ‘اندبندنت’ الى تحرير الجنود من المهام الروتينية وحراسة نقاط التفتيش وتفريغهم لمقاتلة المعارضة المسلحة، في ظل الضعف الذي يعاني منه جيش الاسد، والذي يواجه مقاتلين على كل الجبهات. وقد ظهرت المقاتلات وهن يحملن رشاشات في مدينة حمص في الاحياء المأهولة بمؤيدين للنظام. وقد ظهرت اشرطة فيديو للميليشيات النسوية على مواقع المعارضة والمؤيدة للنظام. وتمثل هذه الميليشيات النسوية جزءا من استراتيجية مكافحة المقاومة السورية، حيث يكافح النظام للسيطرة على المناطق التي تشهد معارك شوارع وتركت المدن والبلدات السوري اطلالا. وتم رصد وجود المقاتلات على حاجز حيث تم تصوير شريط فيديو سرا، ونقلت عن ابو رامي من المفوضية العامة للثورة السورية انه شعر بالدهشة لوجود النساء المسلحات، وعلق ‘اعتقد انها مبرر لجعل الجيش الحر يستهدف النساء واظهاره بانه يقتلهن، وهذه محاولة دعائية، فكل شخص يحمل السلاح فهو هدف’.
وقال ان النساء شوهدن في وادي الدبة ـ حمص حيث تتلقى 500 مجندة تدريبات عسكرية في قاعدة عسكرية هناك. وفي شريط اخر تم وضعه على اليوتيوب بداية الشهر الحالي ظهرت مئة امرأة في استعراض عسكري امام صورة للرئيس بشار الاسد. ويتوقع ان يصل عدد قوة الدفاع الشعبي حوالي 10 الاف مقاتل. ووصف وليد فارس وهو ناشط من حمص ان هذه القوات ما هي ‘الا شبيحة ولكن باسم جديد’.
وفي الوقت الذي يشير فيه موقع على فيسبوك الى عمليات جيش الدفاع الوطني ومحاولاته مساعدة الجيش على استعادة مناطق من يد المعارضة مثل داريا الا ان محللين يرون فيه دفعة معنوية للنظام، فبحسب اميل هوكايم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والذي نقلت عنه ‘اندبندنت’ ان النظام يريد الشعب ان يكون مقاتلا، فـ ‘ الامر لا علاقة له بعمليات عسكرية او جثث اكثرـ ولكنه يحتاج الى تحشيد المجتمع وجماعته كي يرفع المعنويات’. ومع ان مهمة ‘اللبوات’ ليس القتال الا ان حروبا اهلية في المنطقة مثل لبنان شهدت نساء يقاتلن الى جانب الرجال.
والاكراد ايضا
في الوقت الذي سجلت فيه مواجهات بين جماعات كردية واخرى مقاتلة في ظل الجيش الحر، الا ان الصورة عن موقف اكراد سورية غير واضحة، فالنظرة العامة هي انهم يجلسون على الحياد او يدافعون عن النظام. ووجه الموقف ان الاكراد الذين يطالبون بحكم ذاتي، يرون في المعركة الدائرة اليوم في سورية على انها ليست معركتهم. وفي تقرير لصحيفة ‘نيويورك تايمز’ نقل صورة مختلفة من بلدة الجوز في ريف حلب، حيث التقت مع قيادي عسكري كردي يقاتل النظام والذي تحول من المعارضة السلمية الى البندقية بعد ان رفع النظام السلاح ضد المتظاهرين. ويقول التقرير ان الجيش الحر وان اشتبك في اكثر من مرة مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني – بي كي كي – او الجماعات الكردية المدعومة من النظام الا ان اعدادا من الاكراد السوريين انضموا للجيش الحر وفصائله المختلفة. ففي المناطق المنبسطة المحيطة بحلب والتي تتناثر فيها البلدات والقرى ويعيش فيها حوالي 40 الف كردي، يقول السكان المحليون ان عدد من يقاتل من ابناء الاقلية في صفوف الجيش الحر هو 600 مقاتل تقريبا. ويقول قادة اكراد ومقاتلون ان هذا العدد موزع على اكثر من فصيل، من مثل ‘الجبهة الكردية الاسلامية’ و’صقور البشمركة’ و ‘شهداء مكة’.
مشكلة اللاجئين
واستمرار القتال يعني تدفق دائم للاجئين حيث تتوقع الامم المتحدة ان يصل عدد اللاجئين السوريين بحلول حزيران (يونيو) القادم حوالي مليون لاجىء. ولا يتوقع الكثير منهم اية مساعدات عاجلة بسبب بطء الرد الدولي على الكارثة الانسانية داخل وخارج سورية. ومع ان معظم من هرب من الحرب اخذ طريقه الى تركيا التي يعيش فيها اكثر من 100 الف لاجىء قبل ان تغلق الباب على القادمين من شمال سورية، والى لبنان والاردن اللتين تعانيان من تدفق يومي ومستمر للسوريين، وبشكل اقل العراق. وتقول منظمات الامم المتحدة ان معدلات الهروب من سورية تصاعدت حيث سجل اكثر من 50 الف لاجىء في مفوضية اللاجئين خلال الاسبوع الماضي، ويقدر عدد اللاجئين الاجمالي بـ 670 الف شخص، ويقول مسؤولون في الامم المتحدة ان الرحيل السوري هو الاسوأ والاكثر تسارعا على وجه البسيطة.
ويقولون ان الازمة ‘متفجرة وخطيرة’. وكانت الامم المتحدة قد اعترفت ولو بشكل متأخر بحجم المأساة الا انها اعلنت عن حملة لجمع مليار ونصف مليار دولار لتوفير الاغاثة للسوريين داخل وخارج سورية، حيث ستخصص مبلغ 519 مليونا لمن هم في الداخل، اما الباقي فلمساعدة الدول المضيفة للسوريين للتصدي لاحتياجاتهم. ويعتبر لبنان الاكثر تحملا للاعباء حيث سجل فيه اكثر من 218 الف سوري.
وتقول تقارير ان العدد ربما كان اكبر لان الكثير من ابناء الطبقة المتوسطة والاثرياء الذين هربوا الى لبنان لم يطلبوا مساعدة الامم المتحدة، ولكنهم بحسب ‘واشنطن بوست’ ادوا الى ازمة في بيوت الايجار والى ازدحام المدارس والشوارع. ولكن غالبية السوريين من الفقراء او من المدن التي تعرضت لقمع النظام من مثل حمص ونواحي دمشق. ومعظم اللاجئين هربوا على عجل بدون ان يكون امامهم وقت لجمع ما يمكنهم جمعه.
ومخيم اخر في الاردن
ولكن اي نوع من المخيمات، ففي مخيم الزعتري في الاردن، يعاني السوريون من الاوضاع المزرية، حيث استبدلوا حر الصحراء ببرد الشتاء والفيضانات والصقيع الذي حول المخيم الى مستنقع للمياه والاوحال ودمر الكثير من الخيم. ويعترف المسؤولون في المخيم بقلة التمويل لشراء خيم قوية تحل محل الخيم المصنوعة من القماش والتي لم تكن قادرة على الصمود امام الريح والمطر. ويقول تقرير في ‘لوس انجليس تايمز’ ان لا احد في المخيم يحاول اخفاء الازمة ولكنهم يشيرون الى انها تتفاقم ففي كل يوم يصل ما معدله 1200 سوري اضافة الى 60 الفا يعيشون فيه. وتحاول مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة توفير 500 مليون دولار.
وتقول ان الوضع الانساني المزري لا يقتصر على مخيم الزعتري بل على السكان في سورية حيث نقلت عن جون جينغ، مسؤول عمليات الاغاثة الانسانية في الامم المتحدة ان فريقا من المنظمة زار سورية لمدة اربعة ايام وتوصل الى نتيجة وهي ان الحرب تقوم بتدمير سورية. ولكن مخيم الزعتري يمثل وجها للمعاناة التي يواجهها السوريون في دول المنطقة، حيث يعاني سكانه في الصيف والشتاء مما دعا عددا من الناشطين لحملة على فيسبوك تطالب باغلاقه. ولكن البديل عنه كما يقول المسؤولون ستكون المعاناة وسيعرض حياة الاطفال والنساء للخطر، خاصة انهم هربوا بدون اي متاع. وبسبب تزايد اعداد اللاجئين تعمل الحكومة الاردنية التي زادت مصاعبها المالية على اعداد مخيم جديد الى الشرق من مدينة الزرقاء سيفتتح اخر هذا الشهر، وسيكون حجمه خمسة اضعاف الزعتري.
صحيفة بريطانية: نساء وفتيات سوريات يُعرضن للبيع للزواج القسري أو البغاء بعد أن يصبحن لاجئات
لندن ـ (يو بي اي) ذكرت صحيفة “ديلي تليغراف”، الخميس، أن نساء وفتيات سوريات لا تتجاوز أعمارهن 14 سنة يُعرضن للبيع للزواج القسري أو البغاء بعد أن يصبحن لاجئات، وفقاً لعمال اغاثة وجمعيات خيرية دينية.
وقالت الصحيفة “إن المئات من اللاجئات السوريات في الأردن تأثرّن بهذه التجارة غير الرسمية التي ظهرت منذ بداية الحرب في سوريا، حيث يقوم الرجال الطامعون بهن باستخدام عملاء كمدخل لاستخدامهن لأغراض الجنس مقابل المال”.
وأضافت أن هذه الممارسات تتم غالباً تحت ستار الزواج المؤقت، والذي يستمر بضعة أيام أو حتى ساعات فقط، مقابل دفع مهور للاجئات السوريات.
ونسبت الصحيفة إلى زياد حمد، من الجمعية الخيرية (كتاب السنة)، التي تُعد واحدة من أكبر المنظمات العاملة مع اللاجئين السوريين في الأردن، قوله “يتقاطر رجال من السعودية ودول أخرى على مخيمات اللاجئين السوريين للإقتران بفتيات مقابل استئجار منازل لعائلاتهن خارج المخيمات والتعهد بدعمهن مالياً قبل ممارسة الجنس معهن وتطليقهن بعد أسبوع واحد”.
وأضاف حمد “هؤلاء الرجال يبلغون الفتيات السوريات بأنهم سيتزوجونهم بهذه الطريقة ومن ثم سيضفون الطابع الرسمي للزواج بعد عودتهم إلى السعودية، لكنهم يغادرون ويغيّرون أرقام هواتفهم، وأدركنا أن هذه الممارسات هي زواج استمتاعي وزواج وهمي تستخدم وثائق مكتوبة بخط اليد غير مسجلة في الدوائر المعنية، وتركت الكثير من الفتيات السوريات حاملات وتم التخلي عنهن بهذه الطريقة”.
وفيما اعترف حمد بأن جمعيته الخيرية (كتاب السنة) اصبحت واحدة من الهيئات التي تربط الرجال الراغبين بالزواج من اللاجئات السوريات، أصرّ على “أن هذه الممارسة ليست مسيئة بسبب القيود الصارمة، ونشرنا في البداية بياناً في الصحف وعلى مواقع الإنترنت المحلية بأننا لن نقبل أية طلبات من الرجال العرب للزواج من الفتيات السوريات، لكنه جاء بنتائج عكسية وغمرتنا الطلبات وأدركنا بعد ذلك بأن العديد من هؤلاء الرجال لديهم نوايا حقيقية”.
وقال حمد، إن جمعيته الخيرية “زوّجت نساء سوريات من رجال مسلمين من مختلف أنحاء العالم العربي ومن بلدان أوروبية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا”.
واشارت ديلي تليغراف، إلى أن لجنة الإنقاذ الدولية ذكرت في تقرير نشرته مؤخراً أن الإغتصاب “اصبح الآن سمة من سمات الحرب الأهلية في سوريا، حفّز النساء والفتيات على الهروب من البلاد واللجوء إلى دول الجوار”.
وقالت الصحيفة إن حراساً في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، ابلغوها بأنهم “تلقوا طلبات من رجال عرب، معظمهم من الأردن والسعودية، للدخول إلى المخيم للعثور على عروس شابة لطيفة”.
واضافت أن شاباً أردنياً اسمه “وسام” على معرفة بالأشخاص المتورطين في تجارة الجنس، أكد “أن هناك إمرأة ترتب لقاءات الزبائن بالفتيات من مخيمات اللاجئين مقابل 50 ديناراً أردنياً للساعة الواحدة، و100 دينار في حال كانت الفتاة فقدت عذريتها مؤخراً”.
كلينتون: الثورات العربية أربكت ديناميكيات السلطة.. ومزقت قوات الأمن في أنحاء المنطقة
اعترفت بالمسؤولية عن حادث بنغازي.. وحذرت من التطرف في شمال أفريقيا
هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية خلال الاستماع الى شهادتها في الكونغرس بشأن هجوم قنصلية بنغازي أمس (أ.ب)
واشنطن: هبة القدسي
أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تحملها مسؤولية الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له القنصلية الأميركية في بنغازي (شرق ليبيا) يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2012، والذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز، وأربعة دبلوماسيين آخرين. وجددت التزامها بملاحقة المسؤولين عن الحادث، وتقديمهم للعدالة، وعلى تنفيذ إجراءات لتحسين الأمن في كل المباني الدبلوماسية الأميركية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
وكانت كلينتون قد واجهت سيلا من الأسئلة من أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ خلال جلسة استماع عسيرة صباح أمس. وأكدت خلال شهادتها أن الصورة حول الهجوم على القنصلية الأميركية لا تزال مرتبكة، وأن هناك أسئلة حول الحادث ودوافعه ما زالت مطروحة.
واعترفت كلينتون بأن حادث بنغازي أظهر عدم استعداد واشنطن لمواجهة التغييرات التي تحدث في المنطقة العربية وشمال أفريقيا وثورات الربيع العربي، مشيرة إلى أن سقوط الأنظمة في دول شمال أفريقيا أدى إلى حالة من الارتباك، وغياب الأمن، وزيادة التطرف المسلح في منطقة الشمال الأفريقي، مما زاد من نطاق عمل المتطرفين ومستوى تسليحهم، إضافة إلى وصول قادة إلى السلطة ليست لهم خبرة في إدارة الدول وإقرار الأمن وتحقيق الديمقراطية. وأوضحت كلينتون أنها كانت تتابع الهجوم على السفارة الأميركية في القاهرة، وعندما وقع الهجوم على القنصلية في بنغازي في الرابعة مساء قامت بمحادثات مع المسؤولين الليبيين للحصول على المساعدة، كما تحدثت مع مستشار الأمن القومي، توم دونيلون، ومدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك الجنرال ديفيد بترايوس، وشاركت في مؤتمر عبر الفيديو حضره كبار المسؤولين في البيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات ووزارة الدفاع، لبحث ما يجب عمله.
وفي بداية شهادتها أشارت كلينتون إلى سلسلة من الهجمات التي تعرضت لها القنصليات والسفارات الأميركية بداية من احتجاز الرهائن في طهران عام 1979، مرورا بقصف ثكنات المارينز في بيروت 1983، إلى قنصلية جدة عام 2004، وقالت «للرد على الأزمة الحالية قمنا بإجراءات لمكافحة الإرهاب، ودعم الديمقراطيات الناشئة في شمال أفريقيا، وتعاونا مع وزارة الدفاع والكونغرس في تنفيذ التوصيات حتى يتكرر هذا الحادث مرة أخرى». وأضافت «في ذلك الوقت كانت هناك هجمات عنيفة على مواقع السفارات في القاهرة وصنعاء وتونس والخرطوم، ولذا أمرت فورا باستعراض الوضع الأمني في مختلف أنحاء العالم، وتشديد الأمن في الأماكن الأكثر تعرضا للمخاطر، وكيف نرد على التهديدات والأزمات، وكيفية التصدي باستراتيجية أوسع نطاقا للتحديات التي نواجهها في شمال أفريقيا والمنطقة».
وتطرقت كلينتون إلى الوضع في مالي والجزائر، وقالت «إن حادث بنغازي لم يحدث من فراغ»، مشيرة إلى أن الثورات العربية أربكت ديناميكيات السلطة، ومزقت قوات الأمن في أنحاء المنطقة». واعتبرت كلينتون أن «مالي ملاذ للإرهابيين الذين يتطلعون إلى توسيع نطاق نفوذهم، وشن هجمات أخرى من النوع الذي رأيناه في الجزائر الأسبوع الماضي». وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية أن المخاوف من الإرهاب وعدم الاستقرار تأتي على رأس الأولويات لدى فريق الأمن القومي الأميركي.
وتهدج صوت كلينتون وهي تصف استقبال جثث القتلى في قاعدة سانت أندروز العسكرية. وقالت وهي تغالب دموعها «لقد عانقت أمهات وآباء وشقيقات وأشقاء وأبناء وبنات وزوجات تركوا لوحدهم لكي يربوا أولاد الضحايا». وشددت كلينتون على ضرورة الاستمرار في مطاردة الإرهابيين، وإغلاق كل الملاذات الآمنة، وقطع مصادر التمويل ومكافحة الأفكار الآيديولوجية المتطرفة، واستخدام كل الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية لدعم الديمقراطيات الناشئة في المنطقة خاصة ليبيا.
وبينما لم تظهر عليها إشارات متاعبها الصحية في آخر جلسة استماع لها أمام الكونغرس قبل انتهاء توليها منصب الخارجية، دافعت كلينتون غاضبة عن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، التي اعتبرت حادث بنغازي بأنه رد فعل عفوي نتيجة الفيلم المسيء لرسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم) وليس حادثا إرهابيا مدبرا. وأكدت كلينتون أنها كانت منغمسة في متابعة الأحداث وحماية موظفي السفارات الأميركية في القاهرة وتونس وغيرهما من العواصم التي شهدت هجوما على المباني الدبلوماسية الأميركية، ولم تكن مشاركة في عملية صياغة نقاط الحديث التي خرجت للرأي العام الأميركي من خلال رايس.
ونفت كلينتون قيام الإدارة الأميركية بأي عمليات لتضليل الرأي العام الأميركي، وقالت «ليس هناك شيء أبعد عن الحقيقة مثل هذا»، مشددة على أنه في الأيام التالية للهجوم لم تكن الإدارة «تملك صورة كاملة» عما حدث. وتابعت «مع احترامي.. الواقع هو أنه كان لدينا أربعة قتلى أميركيين. هل قتلوا في مظاهرة أم أن بعض الأشخاص خرجوا للتنزه في ليلة ما وقرروا المضي لقتل أميركيين؟». وتساءلت «ما الفرق؟»، ضاربة المنصة بقبضتها ردا على سؤال متكرر للسيناتور رون جونسون حول أسباب توجيه الإدارة اللوم خطأ في البدء إلى احتجاجات خارج مقر القنصلية.
وردت كلينتون على هجوم عنيف من السيناتور جون ماكين، الذي اتهم الإدارة الأميركية بتضليل الرأي العام، وقالت بعصبية «كانت هناك احتمالات عديدة لأسباب الحادث، وسواء كان ذلك بسبب المظاهرات أو بسبب حادث إرهابي فلا فرق، لأن مبدأنا هو حماية الناس، وفي ذلك الوقت كنا نحاول الحصول على معلومات، ومن وجهة نظري لم يكن مهما لماذا فعلوا ذلك، وإنما ملاحقتهم وتقديمهم للعدالة، ومن خلال القيام بذلك يمكن معرفة أسباب قيامهم بهذا الهجوم ودوافعهم». وأضافت أن «عملنا يقضي بفهم ما حصل وبذل كل ما في وسعنا لمنع حصوله مجددا أيها السيناتور».
وشددت كلينتون على أن الأولوية القصوى تكمن في حماية موظفي الخارجية البالغ عددهم 70 ألف شخص في 275 مقرا حول العالم، مؤكدة أنها بدأت التحرك لتطبيق توصيات دراسة داخلية من أجل تعزيز الأمن. وقالت «هذا الأمر لا يتعلق بالسياسات فحسب. إنه شخصي. كنت أقف إلى جانب الرئيس أوباما فيما حمل عناصر المارينز النعوش المغطاة بالعلم من الطائرة»، في قاعدة أندروز الجوية.
وحذرت كلينتون أعضاء الكونغرس من أن الدبلوماسية الأميركية لا يمكن أن تتراجع في مواجهة التحديات الجديدة التي تطرحها التغيرات الجيوسياسية الناجمة عن سقوط ديكتاتوريات تاريخية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقالت «لا يمكننا التراجع الآن».
الحرب تمنع مزارعي سوريا من استثمار أراضيهم.. والأمم المتحدة: الزراعة تتراجع 50%
خبير اقتصادي: دعم حلفاء النظام حال دون الانهيار التام
سوري يعمل في أحد الأفرن حيث باتت هذه المادة شحيحة نتيجة تناقص المحاصيل الزراعية والأوضاع المنية
بيروت: نذير رضا
حالت العمليات العسكرية في منطقة سهل حوران دون وصول المزارع سليم (من ريف درعا) إلى أراضيه. كان ينظر إلى المطر المنهمر على أرضه بحسرة، إذ «لا يمكن حراثتها تحت القصف»، وانقضى موسم الحراثة هذا العام، فيما بقي بذار الحنطة موضبا في أكياسه في المستودع.
هذا الحال، يتشارك فيه سليم مع معظم المزارعين الذين يمتلكون أراضي زراعية في سهل حوران (جنوب سوريا) الذي يوفر، بحسب التقديرات، نحو 20% من إنتاج سوريا من الحبوب. ويستثمر مزارعون من درعا وريفها ومحافظة السويداء مساحات شاسعة من أراضي السهل، غير أن العمليات العسكرية التي تصاعدت العام الماضي في المنطقة، أبقت السهل بورا، بعدما منعت المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
ويكشف سليم الذي نزح إلى لبنان مع عائلته، ويمتلك نحو 27 هكتارا من الأراضي المعدة لزراعة الحنطة والمزروعة بالزيتون في سهل حوران، أن حاله «تشبه حال كثيرين من المزارعين الذين غادروا البلاد باتجاه الأردن ولبنان». يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «القسم الأكبر من المزارعين والعمال الزراعيين، تركوا أرضهم وركام منازلهم، فلم يبقَ في المنطقة أيد عاملة، ولا مالكو أراض، إلا من تعذّر عليه السفر». أما «الصامدون فيما تبقى من منازلهم»، فيعجزون، بحسب سليم، عن الوصول إلى الأرياف بسبب العمليات الحربية. يقول: «لا تخلو منطقة ريفية من تواجد عسكري، سواء للنظام أم المعارضة، وبالتالي، تتعرض تلك المناطق لقصف مستمر، يومي، ما يمنع وصول المزارعين إليها». أما الزيتون: «فبقي هذا العام دون قطاف، بسبب غياب اليد العاملة وغياب الأمن في الحقول»، لافتا إلى أن «عددا من أصدقائه في القرية هذا العام، نزلوا إلى الحقل لقطاف مؤونتهم، فسقطت قذيفة إلى جانبهم، ما دفعهم للهرب». وأمام هذا الواقع، قرر سليم تغيير مهنته في لبنان، فبدأ منذ 6 أشهر يعمل في الإنتاج التلفزيوني معتمدا على «خميرة مالية» جمعها خلال السنوات الماضية قبل الأزمة.
وينسحب هذا الواقع على محافظات سوريا أخرى عُرفت بقدرتها على الإنتاج الزراعي، مثل دير الزور وسهل الغاب في حماه، فضلا عن بعض مناطق ريف حلب الزراعية، ما أثر سلبا على إنتاج سوريا الزراعي العام الماضي. وأعلنت «منظّمة الأغذية والزراعة» (فاو) التابعة للأمم المتّحدة أمس، أنّ إنتاج القطاع الزراعي السوري تراجع إلى النصف بسبب النزاع المستمر منذ 22 شهرا، داعية إلى «مساعدات عاجلة» في هذا المجال للمناطق الريفية. وأشارت المنظمة الدولية إلى أنّ تراجع الإنتاج الزراعي إلى النصف تقريبا ألحق «دمارا هائلا بنظم الري وغيرها من مرافق البنى التحتيّة».
وأشار فريق البعثة إلى هبوط إنتاج الشعير والقمح من أكثر من أربعة ملايين طن في السنوات الطبيعيّة إلى أقل من مليوني طن في السنة الماضية، مشيرا إلى أنّ «45% فقط من المزارعين تمكنوا من حصاد محاصيل الحبوب بالكامل»، بينما عجز 14% عن الحصد كليا «بسبب انعدام الأمن وشح الوقود».
وتؤكد مصادر سوريا لـ«الشرق الأوسط»، أن التراجع في الإنتاج الزراعي «تختلف أسبابه من منطقة إلى أخرى»، مشيرة إلى أن الواقع في درعا، يختلف عما هو عليه في دير الزور وسهل الغاب وريف حلب: «حيث يعاني أهالي الشمال من نقص الوقود وانعدام فرصة تصدير المنتجات وغياب الدعم الحكومي بعدما سقطت معظم المنطقة بيد المعارضة». أما منطقة دير الزور «فتعاني من الشح باليد العاملة، وتواصل العمليات العسكرية في الأرياف». وفي سهل الغاب: «يغيب الوقود، وتتعرض المنطقة لقصف مدفعي متواصل، ما يحول دون وصول العمال إلى أراضيهم»، بينما «يعاني أهالي درعا من غياب اليد العاملة، واشتعال الأرياف بالحرب».
ويعد القطن والحنطة من أهم مصادر الإنتاج الزراعي السوري، إذ «بلغ إنتاج القمح السوري في عام 2009. قبل اشتعال الأزمة، 2.7 مليون طن، بينما تشير التقديرات إلى أن الإنتاج سيقل بنسبة 40% في عام 2013».
ويأتي تقرير منظمة الفاو غداة رفع السلطات السورية أسعار مواد أساسية هي البنزين والقمح والطحين بعد أيام من زيادتها سعر المازوت في ظل أزمة معيشية خانقة تعيشها البلاد، حيث رفعت سعر الطحين والدقيق نحو 25 دولارا للطن الواحد، كما رفعت سعر البنزين ما نسبته 9%.
وتشير تلك الأرقام والإجراءات إلى أن الاقتصاد السوري «يشهد وضعا مترديا، حال حلفاؤه السياسيون دون انهياره التام»، بحسب الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان. ويوضح أبو سليمان لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الإجراءات والأرقام «هي مؤشر على تردي الاقتصاد السوري بسبب انعدام فرصة التصدير، باستثناء التصدير إلى العراق وإيران، وتدهور العملة السورية إلى مستوى 90 إلى 100%»، مشيرا إلى أن «ودائع حلفائه في مصرفه المركزي، ودعم إيران له بقرض 200 مليار دولار، منع الانهيار الاقتصادي التام».
ويلفت أبو سليمان إلى أن «الاقتصاد السوري يتنوع بين الصناعة والزراعة والسياحة»، مشيرا إلى أن «الحرب تركت انعكاسات اقتصادية على القطاع الزراعي من خلال الضرر المباشر المرتبط بتضرر الحقول والبنى التحتية الزراعية بسبب العمليات العسكرية والاستيلاء على بعض الحقول». ويضيف: «أما الانعكاسات غير المباشرة على القطاع، فتتمثل بتدني قيمة الليرة السورية، وارتفاع الفاتورة النفطية التي تعتبر ركيزة العمل الزراعي، وتراجع حركة التصدير بسبب الحظر الاقتصادي الدولي على دمشق».
فرنسا تسعى إلى دعم الائتلاف الوطني وتحذيرات من مخاطر انفراطه
لأنها ترى أن «استطالة الحرب تخدم الأسد وإيران والجهاديين»
باريس: ميشال أبو نجم
تستضيف باريس يوم الاثنين المقبل اجتماع عمل لدعم الائتلاف الوطني السوري المعارض، ينتظر أن يحضره قادة الائتلاف وممثلو نحو 50 دولة ومنظمة إقليمية ودولية، منها (الأمم المتحدة، الجامعة العربية، الاتحاد الأوروبي..». وتتشكل الدول المشاركة، إلى جانب بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27، من بلدان الخليج الستة وعدد من البلدان العربية منها مصر والأردن وتونس والمغرب، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية وكندا وتركيا واليابان وغيرها.
وتريد باريس أن تدرج اجتماع الاثنين كتتمة لمؤتمر مراكش لأصداقاء الشعب السوري الذي عقد في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وشهد الاجتماع المذكور اعتراف ما لا يقل عن 100 دولة بالائتلاف «ممثلا شرعيا» للشعب السوري، كما أن مراكش أفرزت «التزامات» سياسية ومادية إزاء الائتلاف. وغرض فرنسا، وفق ما أعلنته وزارة الخارجية، هو «وضع التزامات مراكش موضع التنفيذ».
وقالت مصادر فرنسية إن اجتماع باريس الذي يفتتحه وزير الخارجية لوران فابيوس يأتي، من جهة، على خلفية «الفشل» الذي منيت به مهمة المبعوث العربي – الدولي الأخضر الإبراهيمي في بلورة تحرك سياسي مقبول من الجهات المتصارعة ومن القوى التي تدعمها إقليميا ودوليا، ومن جهة أخرى وسط «مراوحة» الوضع الميداني مكانه بين كر وفر وعدم تمكن أي طرف حتى الآن من تسجيل «نقاط حاسمة». ولذا، وإضافة إلى المساعدات التي يتعين تقديمها للمعارضة السورية فإن السؤال الذي يواجه المؤتمرين يمكن اختصاره كالتالي: ما هي «المفاتيح» التي يمكن تشغيلها لإحداث تغير حقيقي وجدي في «صيرورة» النزاع كما تتبدى اليوم؟
تعتبر فرنسا أنه يتعين العمل «على أكثر من جبهة». وبداية ترى أن ثمة حاجة إلى «تدعيم» الائتلاف المعارض الذي بدأت أصوات في الداخل والخارج تشكك في قدرته على أن يكون أداؤه مختلفا عن أداء المجلس الوطني السوري، وبقدرته أن يشكل بديلا «جديا» عن نظام الرئيس الأسد. أما نقطة الضعف الأخرى التي تلاحظها القوى التي واكبت الائتلاف وقبلة المجلس السورية السري اليوم الأول فهي غياب الحضور الميداني فهو أن دعم القوى التي تقاتل على الأرض بالمال والسلاح أو النجاح في إقامة مجلس حقيقي ينسق الأعمال العسكرية وتكون له استراتيجية متكاملة. وفي السياق عينه، فإن استقواء المجموعات الجهادية كجبهة النصرة وغيرها ونجاحها في التحرك والحضور الميداني و«استقلالية» الكتائب المقاتلة، كل ذلك هدم من مصداقية الائتلاف رغم الاعتراف الدولي بشرعيته.
ولأن باريس «لا تنتظر شيئا» من الطرف الروسي رغم «مؤشرات» التغيير التي تلحظها في موقف موسكو من نظام الأسد هنا وهناك، فإنها تحاول بالتنسيق مع أطراف عربية ودولية «تشغيل مفاتيح» متعددة ليس من بينها التدخل العسكري الغربي الذي تستبعده مصادرها نهائيا وقطعيا.
وتستشعر باريس الخطر الذي يهدد القوى المعارضة للنظام السوري وتحديدا الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة الذي عجز حتى الآن عن تشكيل حكومة مؤقتة أعلنت فرنسا وعلى لسان أعلى سلطة فيها استعدادها للاعتراف بها ولم توفر جهدا في الدفع باتجاه تشكيلها.
وأولى «الوصفات» التي تستفيض المصادر الفرنسية في الترويج لها تكمن في توفير المصداقية الميدانية والخارجية للائتلاف. فداخليا، تريد فرنسا أن تمر من الآن وصاعدا المساعدات الموجهة للمعارضة السورية على أنواعها عبر الائتلاف، وتحديدا عبر «المكتب» الذي أنشئ مؤخرا لهذا الغرض، بدل أن تمر عبر منظمات إنسانية غير حكومية وما شابه. وفائدة إجراء كهذا نته يقوي مواقع الائتلاف ويعطيه قدرة على التأثير الميداني.
والأمر الثاني الذي تدفع إليه فرنسا فيتمثل في دعوة الائتلاف إلى المزيد من الانفتاح على القوى السورية السياسية وتلك الحاضرة ميدانيا، بحيث يكون القطب الجامع لها. ومصدر التمسك بالائتلاف أن غالبية الغربيين يرون فيه «العنصر الوحيد» القادر على تجميع المعارضة ومنع الوضع من الانفلات نهائيا.
وسيدرس المجتمعون يوم الاثنين حاجات المعارضة السورية في مختلف المجالات بما فيها الحاجات العسكرية التي من دون توفيرها لن تنجح المعارضة المسلحة في المحافظة على المكاسب التي تحققها ميدانيا ولن تقوى على إقامة منطقة محررة متواصلة. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن استطالة الحرب تخدم ثلاثة أطراف ليس بينها الائتلاف وهي الأسد وإيران والجهاديين.
وتبدو باريس مستعجلة لقيام الائتلاف بتشكيل حكومة مؤقتة، إذ ترى في هذا التطور ورقة مهمة على الصعيدين الدبلوماسي والسياسي، ولها تبعات كبرى لجهة تشديد عزلة النظام السوري ونزع الشرعية عنه وتمكين المعارضة من احتلال مقعد سوريا في المنظمات الإقليمية وفي الأمم المتحدة والتصرف بموجودات الدولة السورية وودائعها في الخارج. وقالت المصادر الفرنسية لـ»الشرق الأوسط» إن باريس «جاهزة» لخوض هذه المعركة الدبلوماسية ولكنها تريد من العرب أن يمهدوا الطريق عبر منح مقعد سوريا في الجامعة العربية للائتلاف السوري.
يبقى موضوع توفير السلاح للمعارضة خصوصا الذي تحتاجه لحماية المناطق التي سقطت تحت سيطرتها ولمنع طيران النظام من المروحيات والطائرات المقاتلة من أن تسرح وتمرح في سماء سوريا وفق ما تريد. وينتظر أن يناقش وزراء الخارجية الأوروبيين قريبا موضوع رفع الحظر الأوروبي المفروض على تسليم السلاح للفرقاء السوريين.
لكن المصادر الفرنسية قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس من المؤكد أن يعمد الاتحاد الأوروبي إلى تسليح المعارضة أو حتى لرفع الحظر» بسبب المخاوف من الحركات الأصولية الجهادية في سوريا، مما يعيد النقاش إلى المربع الأول وإلى حاجة الغربيين للاطمئنان للجهات التي يقبلون بتسليمها السلاح المتطور.
650 ألف هارب من الأزمة.. وبوتين يقترح استضافة مؤتمر حول اللاجئين
انطباعات مسؤول دولي زار سوريا: تتعرض لتدمير ممنهج على أيدي شعبها
لندن: «الشرق الأوسط»
أعلنت الأمم المتحدة أن نحو 650 ألف هارب من الأزمة السورية يتلقون المساعدات في البلدان المجاورة لسوريا، في حين خرج مسؤول أممي زار سوريا لعدة أيام بانطباع مفاده أن «سوريا تتعرض لتدمير ممنهج بأيدي شعبها». وأكد أن «لا حل إنسانيا لتلك المشكلة حتى لو بذلت المنظمة الدولية كل جهدها».
وأوضحت مسؤولة الشؤون الإنسانية والإغاثة في الأمم المتحدة فاليري آموس، أمس، في كلمة في منتدى دافوس الاقتصادي، أن الوضع الإنساني في سوريا «كارثي ويتدهور بشكل واضح»، وأن «الشتاء القارس يزيد من الأوضاع السيئة.. لأكثر من 650 ألف شخص غادروا البلاد». وأضافت: «آمل ألا يكون قد بقي أي شك عند زعمائنا السياسيين بشأن حجم المأساة الإنسانية التي تتكشف في سوريا».
وبدوره، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، إن بلاده تؤوي نحو 160 ألف لاجئ في 16 مخيما، معلنا أن حكومته تقوم ببناء مخيم جديد لإيواء اللاجئين الذين يتدفقون باستمرار فرارا من النزاع في سوريا. وأضاف: «سنواصل اتباع سياسة الأبواب المفتوحة، ولن نغلق حدودنا أبدا»، إلا أنه أقر بأن «تدفق اللاجئين يثير قلقنا بحق».
وتابع أنه يتعين على مجلس الأمن الدولي اتخاذ إجراء بشأن جرائم الحرب والأزمة الإنسانية في سوريا، مع ضمان وصول المساعدة الإنسانية بشكل أفضل إلى المناطق المتضررة. وقال إنه يتوجب بحث مسألة فرض مناطق حظر جوي أو استراتيجيات أخرى وإلا فإن صمت مجلس الأمن في الصمت سيعني استمرار منح ضوء أخضر للنظام السوري لمواصلة ارتكاب جرائم حرب.
وعلى صعيد ذي صلة، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، تنظيم مؤتمر دولي في روسيا حول اللاجئين السوريين، دون الإشارة إلى موعد محدد، وذلك لدى استقباله الرئيس اللبناني ميشال سليمان. وقال: «نحن مستعدون لتنظيم هذا اللقاء إذا وافقت الدول المعنية على ذلك»، كما وعد بتقديم المساعدة المالية للبنان «من خلال الكثير من القنوات المختلفة، عبر التمويل المباشر أو المساعدة المرتبطة بدعم اللاجئين» لدعمه في إيواء اللاجئين السوريين على أراضيه، بحسب وكالات الأنباء الروسية.
وتأتي تلك الإشارات المتزايدة على سوء أوضاع اللاجئين بالتزامن مع إعلان جون جينغ، مدير عمليات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أنه لا يوجد «حل إنساني» في النزاع الدائر في هذا البلد، حتى وإن كانت المنظمة الدولية ستبذل كل ما بوسعها لتقديم العون من هم بحاجة للمساعدة.
وقال جينغ أول من أمس في بيروت، إثر زيارة لمدة أربعة أيام إلى سوريا، إن «مصير الشعب السوري مزر.. ولكن هذا بالتحديد ما يمكنه أن ينتظركم بعد عامين من نزاع قاس. لقد قضى الكثير من الناس وجرح الكثير وزهقت أرواح الكثيرين»، مشيرا إلى أن «الأمر يتعلق بمشكلة سياسية.. لا يوجد حل إنساني للنزاع»، وأنه «يتوجب على المنظمات الإنسانية القيام بكل ما يمكنها القيام به لمساعدة الناس للبقاء على قيد الحياة.. لكن نداءنا الأول هو إلى القادة السياسيين في الخارج».
وأوضح جينغ أن البعثة «زارت أحد خطوط الجبهات.. اضطررنا إلى التفاوض مع الحكومة وقادة المعارضة، والخبر السار هو أن الطرفين التزما بنقل المساعدة الإنسانية كلما تطلب الأمر ذلك». لكنه أكد رغم ذلك أنه «لم أكن أتصور حتى دخلت البلد وتجولت فيه مقدار ما لحق من دمار بالبنية التحتية الحيوية اللازمة لحياة المجتمع»، مضيفا: «إنه بلد يتعرض لتدمير ممنهج بأيدي شعبه».
وفي غضون ذلك، تشير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) إلى أن الفلسطينيين الذين غادروا سوريا ولجأوا إلى لبنان، ويقدر عددهم بنحو 20 ألف شخص، يعانون ظروفا مأساوية، في حين تواصل تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن، حيث وصل إليها أكثر من ستة آلاف شخص خلال 24 ساعة أول من أمس، ليصل عدد اللاجئين خلال الأسبوع الأخير إلى أكثر من 20 ألف شخص.
مدينة داريا استراتيجية في ترجيح كفة الصراع في دمشق
تطل على مناطق حيوية أبرزها القصر الرئاسي ومطار المزة ومقرات للفرقة الرابعة
بيروت: «الشرق الأوسط»
تتصدر مواجهات مدينة داريا بين الجيش النظامي وكتائب «الجيش السوري الحر» واجهة المشهد الميداني في سوريا اليوم، فالمدينة التي تتاخم مطار المزة العسكري وتبعد أقل من 4 كلم عن القصر الرئاسي تمتلك أهمية استراتيجية بالنسبة لطرفي الصراع، الأمر الذي دفع الجيش النظامي إلى تعزيز وجوده العسكري في محيط المدينة، حيث يتحصن عناصر المعارضة، وفق ما يؤكد ناشطون سوريون.
ومنذ أكثر من شهرين، تقوم طائرات الـ«ميغ» التابعة لسلاح الجو النظامي، مدعومة بالمدفعية، بقصف داريا بشكل يومي، وفق معارضين سوريين، بهدف السيطرة على المدينة ودفع المسلحين المعارضين للخروج منها. ويؤكد الناشط المعارض إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» أن «دبابات الجيش النظامي تحاول اقتحام المدينة بشكل دائم منذ ما يزيد على 70 يوما، لكنها تحصد الفشل»، لافتا إلى «تدمير العديد من الدبابات قبل أيام معدودة على يد كتائب الجيش الحر».
ويعزو الناشط المعارض قدرة «الجيش الحر» على الصمود في المدينة على الرغم من الحصار الخانق والقصف المستمر، إلى «تمرس كتائب المعارضة على القتال ومعرفتهم الدقيقة بطبيعة المدينة الجغرافية، إضافة إلى خبرة الكتائب المقاتلة التي مضى على وجودها في داريا وقت طويل». ويوضح أن «داريا تعتبر من مناطق الغوطة وهي محاطة بالبساتين، مما يعطي الجيش الحر تفوقا ميدانيا على القوات النظامية، حيث تخوض عناصره حرب شوارع في مناطق حرجية يجهلها النظام».
ويوجد في مدينة داريا بحسب الناشط المعارض، كتائب مختلفة؛ أبرزها «كتيبة سعد بن أبي وقاص» التي تعتبر العمود الفقري لكتائب «الصحابة» التي تنضوي بدورها تحت ما يعرف باسم «ائتلاف أنصار الإسلام». كما تقاتل في المدينة «كتيبة أحفاد الرسول» و«كتيبة شهداء داريا» التي تم تشكيلها حديثا. ويقول مصدر قيادي في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن «معركة داريا تمثل أهمية استراتيجية في الصراع العسكري مع النظام؛ حيث إنها تطل على مناطق حيوية مثل القصر الجمهوري ومطار المزة ومقرات من الفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري»، وأوضح أن «المعلومات الواردة عن نقص الذخيرة في داريا تنطبق على كل المناطق في حمص ودمشق وحلب وإدلب ودير الزور»، معتبرا أن «هذا الأمر يرسم علامات استفهام على وعود الدول الداعمة للشعب السوري بتقديم الإمداد إلى الثوار».
وفي حين يتداول ناشطون معارضون معلومات تشير إلى أن «المقاتلين في داريا يعانون من نقص حاد بالذخيرة بسبب الحصار المحكم الذي يفرضه النظام على المدينة»، يشدد أحد الناشطين السوريين الميدانيين في المدينة لـ«الشرق الأوسط» على أهمية معركة داريا وضرورة حسمها بالنسبة للمعارضة. ويقول: «المدينة تعتبر الجبهة الجنوبية للمعارك في دمشق؛ إذ تفصلها منطقة المزة عن القصر الجمهوري الذي تبتعد داريا عنه أقل من 4 كلم إضافة إلى تلاصق المنطقة مع مطار المزة العسكري الذي يضم مستودعات للأسلحة ومنصة للطائرات التي تقصف ريف دمشق»، مستنتجا أنه «في حال سقطت داريا، فسوف تسقط دمشق».
ورغم أن الائتلاف الوطني المعارض قد صرف إعانات طارئة لمدينة داريا بقيمة 250 ألف دولار من أجل رفع معاناة أهالي المدينة، فإن ما يتجاوز العشرة آلاف مدني ما زالوا يعيشون في المدينة تحت وطأة القصف وفي ظل ظروف إنسانية سيئة.
قتلى والجيش الحر يحقق مكاسب بدرعا
حقق الجيش السوري الحر عدة مكاسب ميدانية اليوم الخميس بمحافظة درعا، حيث سيطر على كتيبة ببلدة النعيمة وعلى حاجز أبو بكر الصديق في درعا البلد، وحاجز ابن كثير في بصر الشام، واستولى إثر ذلك على أسلحة ومعدات ثقيلة بعد تدمير عدد من الآليات التابعة للقوات النظامية. ومن ناحية أخرى، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن ستة أشخاص قتلوا اليوم في مناطق متفرقة من سوريا.
وقالت لجان التنسيق المحلية إن قوات النظام اقتحمت فجر اليوم بلدة النعيمة في درعا بالدبابات والمدرعات، وسط قصف كثيف بالأسلحة الثقيلة.
وأفادت الهيئة العامة للثورة بأن قوات النظام قصفت حي القاطرجي والنيرب بمدينة حلب بالمدفعية. كما استهدفت مدفعية الجيش النظامي مدن الباب وحيان ودير حافر ورتيان بريف حلب.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن بلدات إعزاز وحريتان وبيانون وكفر حمرة وحيان وعندان في حلب تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية، مما أدى إلى أضرار مادية، وتحدثت أنباء عن سقوط جرحى.
وأضاف المرصد أن حي الحويقة في مدينة دير الزور شرق البلاد تعرض للقصف من قبل القوات النظامية صباح اليوم، ورافقته اشتباكات بين مقاتلي الجيش الحر والقوات النظامية في عدة أحياء من المدينة.
قصف بالطائرات
وأوضح المرصد أن بلدة بصر الحرير بريف درعا تعرضت للقصف بالطيران الحربي من قبل القوات النظامية، فيما يشهد محيطها اشتباكات مستمرة بين الثوار وجنود الجيش النظامي.
وذكر ناشطون أن قوات النظام واصلت قصفها لأحياء القدم والعسالي وجوبر في العاصمة دمشق، فيما شنت حملة دهم واعتقال في حي ركن الدين. كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتجدد القصف على مدينة داريا بريف دمشق صباح اليوم.
وقالت شبكة شام إن عشرات القتلى والجرحى سقطوا جراء قصف قوات النظام لبلدة بالا في ريف العاصمة بالمدفعيات والطائرات.
وكانت لجان التنسيق المحلية قد وثقت أمس الأربعاء مقتل 146 شخصا بنيران القوات النظامية، بينهم 15 طفلا و13 امرأة، معظمهم في مدينة حلب والعاصمة دمشق وريفها.
وفي أبرز العمليات العسكرية التي أودت بحياة الكثيرين، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن أكثر من 30 شخصا قتلوا وجرح العشرات في حلب، حيث سقط صاروخ أرض/أرض في قرية كلجبرين مسفرا عن قتل وجرح عدد من الأشخاص وتدمير أربعة منازل.
كما سقط صاروخ مماثل في مدينة الباب فقتل عدة أطفال، في حين قتل سبعة أشخاص في قصف مدفعي على سوق تجاري في دير حافر بريف حلب الشرقي.
وشهدت درعا اشتباكات عنيفة في محيط حاجز مبنى حزب البعث بالتزامن مع قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة، كما اندلعت معارك على أطراف مدينة بصر الحرير وبلدة اليادودة وعند المخافر الحدودية بتل شهاب، وسط قصف متقطع من طائرات النظام.
وقال مجلس قيادة الثورة في دمشق إن 450 ضابطا وجنديا انشقوا الأربعاء عن القوات النظامية في دمشق وريفها، في حين تواصلت المعارك مع الجيش الحر في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.
أما حمص فشهدت قصفا جويا على أحياء جوبر والسلطانية والمناطق المحيطة بها، وتجدد القصف بالمدفعية وقذائف الهاون على أحيائها القديمة، وفقا لشبكة شام. في حين قصفت الطائرات مدينة الرستن مع تواصل القصف المدفعي على مدينتيْ القصير والحولة.
أجواء المعابر السورية “المحررة“
أحمد موفق زيدان
في أحد أيام أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبينما كنت أعبر معبر السلامة التركي صوب بلدي سوريا التي غُيبت عنه قسرا ثلاثة عقود، كانت الجلبة داخلي توازي الجلبة التي أمام ناظري، حيث السوريون عائدون وغادون إلا أن معظمهم مغادرون من جحيم لم يعد محلا للسكنى، كما يقول لك كل من يخرج وفي عينيه دموع تطفر وفي حلقه غصات.
صور آل الأسد اختفت من واجهات مباني نقطة الحدود لتحل محلها لافتات سوريا الحرة، وعلم الثورة بألوانه الزاهية أزاح علما طالما ارتبط بحكم حزب البعث، بينما صور الأسد الأب (حافظ الأسد) والابن (بشار الأسد) تناثرت على أرض المبنى يدوسها الجميع، مشهد ينبئ بأن معركة قوية وقعت هنا.
تابوهات تدنيس عائلة الأسد بالأمس غدت تابوهات تقديسها، فطوال العقود الماضية من حكم سلالة آل الأسد توقفت الحياة كلها بمفاهيمها السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية.. إلخ، وتصلبت معها شرايين سوريا.
أقف في طابور المصطفين، البسمة تعلو محيّا موظف الجوازات ويغيب عنه ما كنت أسمعه من أصدقائي وأقاربي عن طلبات الرشوة على المكشوف. يختم جوازي مشفعا ذلك بابتسامة وعبارة “أهلا بك في سوريا الحرة الجديدة”.
كنت أغالب دموعي وأغالب التعبير عن فرحتي وأنا أرد عليه قائلا: هل تعرف أن هذا الختم هو أغلى ما أملكه على هذا الجواز؟ إنه ختم غاب عن جوازي ثلاثين عاما. فابتسم وقال: أمثالك كثيرون يمرون يوميا.
بذور التدمير
يوم فررت من نظام الأب في 24 مايو/أيار 1981 كان النظام -كما يقول المعارضون- قد بذر بذور تدمير المدن فبدأها بتدمير مدينة حماة، الذ ترافق مع سياسة ممنهجة بالقتل خارج القانون وتفريغ سوريا من كوادرها، وامتهان الكرامة، و”ترييف” المدن السورية، ونشر أحزمة البؤس حول المدن الكبرى، و”تطييف” كل ما يمت إلى الدولة ومؤسساتها بصلة.
فقد ابتلع -كما يقول المعارضون- النظام الطائفي -وليس الطائفة- كل مؤسسات الدولة عسكريا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا، ولعل الوقت سيأتي ليُكتب عما ألحقه النظام بحق سوريا.
تلك البذور رعاها الأب لاحقا ويسقيها الابن من بعده لتتحول إلى أشجار موت حقيقية تقذف بثمارها المتمثلة في البراميل المتفجرة والقنابل الفراغية بعد أربعين عاما.
أحمل جوازي وأبتعد عن موظف الجوازات لألتقي وجوها غابت عن ألسنتها قراءة سورة “يس”. أسأل أحدهم عن الفرق بين الأمس واليوم من حيث تعاطي موظفي الهجرة والجوازات، فيردد ما قاله أحد سكان إدلب: “أنا إنسان ماني حيوان”، مضيفا: يعاملوننا كبشر وليس كحيوانات كما كانوا يعاملوننا من قبل.
نمتطي سيارتنا وتختفي وراءنا نقطة الحدود..، لكن تظل مروج الزيتون والفستق الحلبي رفيق الدرب الذي لا يخذلنا…، يلتفت مرافقي مشيرا إلي على يميني قائلا إنها مدينة مرج دابق، حيث وقعت أول مواجهة بين المماليك والعثمانيين بقيادة السلطان سليم الأول أو ما يسمى بسليم “ياوز” أي الشرس عام 1516، انتصر فيها الجيش العثماني، وكانت مرج دابق التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديثه بوابة الفتح العثماني إلى العالم العربي، ويتيمن اليوم بفتحها على أنها ستكون بوابة فتح سوريا كلها وتحريرها من نظام الأسد.
الحاضر الأكبر في السماء هو الطائرات، وصناديق الموت التي تحملها لتدك بها الحجر والشجر، الخوف كل الخوف هنا من البراميل المتفجرة، وإن كان الكثيرون بدؤوا يعتادون عليها.
حرب قناصة في البلدة القديمة بحلب
محمد بنكاسم-حلب
يعد باب النصر من خطوط المواجهة بين عناصر الثوار والجيش السوري النظامي داخل مدينة حلب القديمة، وتقع فيه اشتباكات يومية بالأسلحة الخفيفة والقنابل، ويسعى الجيش الحر للتقدم بشكل تدريجي مع تطهير خطوطه الخلفية من المتسللين من الشبيحة الذين يتجسسون من أجل إخبار القوات النظامية بأماكن وجود الثوار.
وطيلة ثلاث ساعات في البلدة القديمة لم تنفك أصوات متقطعة لطلقات البنادق والرشاشات، ومع أن أغلب أحياء البلدة القديمة تحت سيطرة الثوار فإن الأمر يتطلب في بعض الأحيان الجري لعبور أماكن مكشوفة لقناصة تابعين للقوات النظامية.
وخلال جولة عبر الأزقة الضيقة للبلدة القديمة كان ملفتا كثرة أسماء الكتائب المكتوبة على الجدران، ويقول أحد النشطاء الإعلاميين إن كثرة الكتائب نتجت عن خروج مقاتلين عن كتائبهم بسبب الخلافات، قبل أن يشكلوا كتيبة جديدة.
وتواصلت الجولة عبر ممرات ضيقة وملتوية داخل المنازل المهدمة جزئيا، حيث فتح الثوار في جدرانها فجوات للانتقال من منزل إلى آخر عبر ممرات آمنة تقربهم من أماكن وجود قوات النظام دون المرور بأماكن مفتوحة يسهل فيها استهدافهم.
شعور غريب
شعور غريب ينتابك وأنت تقتحم بيوتا تركها أهلها كما هي ونجوا من موت محتمل تحت الأنقاض.. كل شيء ما زال في مكانه، وإن كان الكثير منها لا تخلو من آثار القصف.
بعد مسيرة طويلة وصلت الجزيرة نت إلى غرفة فتحت فيها هوة تسمح بوضع بندقية قناص وتطل على ساحة سعد الله الجابري التي شهدت تفجيرا قبل شهرين نفذته جبهة النصرة، وتوجد حول الساحة مبان عالية اتخذها قناصة قوات النظام مواقع فيها لاستهداف المدنيين والمارة.
يصوب القناص التابع للثوار بندقية صوب قناصة النظام وجنوده، ثم يطلق عدة طلقات قبل أن ينسحب الجميع بسرعة لأن الرد على مصدر إطلاق النار لن يتأخر كثيرا.
ويقول أبو الربيع -وهو عضو في مجموعة ثوار مرابطين في منزل لا يفصله عن تمركز قوات النظام سوى شارع -إن مجموعة من قناصة النظام يأتون بين الفينة والأخرى إلى نقاط محددة في مبان مرتفعة مطلة على البلدة القديمة ثم يغادرون للحيلولة دون تقدم الثوار، ويضيف أن الثوار قريبون من قوات النظام لدرجة أنهم يسمعون أصواتهم.
مرابطون
وعلى رأس كل ست ساعات يتم استبدال مجموعة الثوار المرابطة في هذه النقطة بمجموعة أخرى، وتتجلى مهمة هذه المجموعة في قنص جنود النظام وإلقاء القنابل على أماكن تواجدهم، ويشير أبو الربيع إلى أن الثوار سيطروا على هذه النقطة قبل أسبوع.
مكوث هذه المجموعة التابعة لكتيبة الصفوة الإسلامية المنضوية تحت لواء التوحيد في الموقع الذي سيطر عليه لن يطول لاعتبارات أمنية، كما أن المجموعة ستحاول اقتحام مبان جديدة.
بعد زيارة خط التماس بين الثوار والجيش النظامي بدأت العودة إلى مناطق أخرى في البلدة القديمة، عبر حواجز أقامها الثوار لمراقبة حركة الدخول والخروج لمنع تسلل الشبيحة، وتنبيه السكان المحليين إلى خطورة المنطقة التي تلي الحاجز بحكم سيطرة النظام عليها واحتمال استهدافهم من قبل القناصة.
وأمام حمام تركي في البلدة القديمة التقت الجزيرة نت المقدم المنشق محمد أبو رياض الذي أصبح قياديا في لواء التوحيد، ويشرح كيف أن ما يمنع الثوار من التقدم إلى خارج النقاط المسيطر عليها داخل حلب القديمة هو كثرة القناصة المتمركزين في مبان مثل القصر البلدي، فضلا عن وجود حواجز للجيش النظامي معززة بالدبابات.
تريث وتسلل
ويضيف أبو رياض “حاولنا عدة مرات اقتحام حواجز النظام وسيطرنا على عدة مبان منها مبنى التمويل، غير أن التقدم محفوف بخسارة الكثير من الشهداء، ولهذا نتريث وندرس الخطط بعناية قبل الاقتحام، ونحن نخوض معارك قناصة داخل حلب ولاسيما داخل البلدة القديمة، فلا عناصر الجيش الحر تستطيع التقدم ولا عناصر الجيش النظامي بمقدورهم الاقتحام”.
إزاء هذا الوضع العسكري يركز الثوار على عمليات التسلل لاستهداف أماكن القناصة، وقد نجحوا في السيطرة على بعضها في حين لا يزال العديد منها عصيًّا.
ويشير القائد أبو رياض إلى أن المسافة التي تفصل بين حواجز الجيش الحر وتلك الخاصة بالجيش النظامي لا تتعدى أحيانا الخمسين مترا.
ولم تكن سيطرة الثوار على معظم أحياء البلدة القديمة بالأمر السهل، حيث خاضوا معارك شرسة مع الشبيحة في الحارات، وقتل الكثير منهم وتم تهجير العديد منهم خارج البلدة القديمة، فقد كانوا بمثابة أدلاء للأمن والجيش على مواقع الثوار، كما كانوا يقمعون المظاهرات المناوئة للنظام ويتحكمون في توزيع الوقود والخبز والغاز ويعطونها فقط لمؤيدي النظام حسب ما يوضحه أبو رياض.
وفي نقطة تمركز أخرى للثوار في باب النصر التقت الجزيرة نت أبو مريم، وهو قائد ميداني في كتيبة الصفوة الإسلامية، الذي أوضح أن الثوار يحرصون على إبقاء السيطرة على مراكزهم قبل الانتقال إلى استهداف المباني الحكومية التي تعد معاقل أساسية لجيش النظام، يحشد فيها قواته للحيلولة دون تقدم الثوار إليها.
وحول المهام التي تقوم بها الكتيبة التي يقودها، يشير أبو مريم إلى أنها تتجلى من جهة في رسم الخطط الرامية إلى السيطرة على معاقل النظام، وكذا إقامة الحواجز وتشديد الحراسة لمنع تسلل عناصر الشبيحة والأمن والجيش، ومن جهة أخرى السعي لتأمين الاحتياجات العامة للمدنيين قدر المستطاع.
سوريا.. 71 قتيلا و”الحر” يسقط طائرة مقاتلة
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
ذكر ناشطون أن 71 شخصاً لقوا مصرعهم الخميس جراء العنف المستمر في أنحاء متفرقة من سوريا، بينهم 7 قتلوا في غارات جوية على مدينة القصير، وأشاروا إلى أن الجيش الحر أسقط طائرة حكومية مقاتلة.
وأوضحت لجان التنسيق المحلية في أحدث تقرير لها أن 60 شخصاً قتلوا في عدة محافظات، وغالبيتهم في ريف دمشق، كما أن من بينهم 7 قتلوا في غارات شنتها طائرات حكومية مقاتلة على مدينة القصير في حمص.
وأضافت لجان التنسيق أن الجيش الحر أسقط طائرة حكومية مقاتلة بالقرب من مطار النيرب العسكري في الأتارب قرب حلب.
وقال ناشطون إن اشتباكات دارت بين القوات الحكومية والجيش الحر في مناطق مختلفة من البلاد، التي تمزقها الاحتجاجات والعنف منذ مارس 2011، كما أن مناطق عدة تعرضت للقصف بأسلحة مختلفة.
ففي دمشق شهد الطريق المؤدي إلى مبنى وزارة الخارجية القديم في حي المهاجرين انتشاراً كثيفاً للقوات الحكومية.
وفي ريف دمشق تجدد القصف الحكومي براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة على مدينة داريا وعلى عدة بلدات بالغوطة الشرقية، فيما وقعت اشتباكات في محيط إدارة الدفاع الجوي في بلدة المليحة ومحيطها وعلى طريق المتحلق الجنوبي من ناحية بلدة عين ترما، بينما تعرضت بلدة عقربا لقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ.
وفي حمص، تعرضت أحياء المدينة المحاصرة لقصف مدفعي وبراجمات الصواريخ، بينما دارت اشتباكات على أطراف حي جورة الشياح وعدة أحياء بالمدينة.
كما قصفت القوات الحكومية مدينة القصير بريف حمص، وسط اشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والحكومي في أكثر من محور على أطراف المدينة.
وفي حلب دارت اشتباكات عنيفة بين الجيشين الحر والحكومي على أطراف حي صلاح الدين.
أما في درعا فتعرض ريفها لقصف جوي، وتحديداً على مدينة بصر الحرير، كما تعرضت مدينة الحراك لقصف بالمدفعية الثقيلة.
فرار 20 الف لاجيء سوري إلى الأردن خلال أسبوع
عمان (رويترز) – قال وزير خارجية الأردن ناصر جودة يوم الأربعاء إن نحو 20 الف لاجيء سوري فروا إلى المملكة في الأيام السبعة الأخيرة بسبب تصاعد حدة العنف في جنوب سوريا وهو أسرع تدفق للاجئين منذ بدء الانتفاضة على الرئيس بشار الأسد قبل عامين.
وأضاف جودة قوله لرويترز أن معدل تدفق اللاجئين السوريين الى الأردن لم يسبق له مثيل وكان أكبر من اي وقت مضى في العامين الاخيرين. واضاف أن 20 ألف سوري دخلوا الأردن منذ يوم الخميس الماضي.
وقال جودة إن 6200 لاجيء عبروا الحدود خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وقال الوزير “لدينا الآن أكثر من 300 ألف سوري على الأرضي الأردنية منذ مارس 2011.”
وعزا جودة الارتفاع في الأرقام إلى مستوى النشاط العسكري في الجنوب حيث يجري قصف عدة بلدات وقرى في المنطقة الجنوبية من سوريا.
وقال الوزير “هناك تبادل كثيف لإطلاق النار وهو ما نرصده وينعكس هذا بالطبع في أعداد القادمين إلى الأردن.”
ويقول مسؤولون انه حتى زيادة الأعداد في الآونة الأخيرة كان يسمح الأردن بدخول 6000 لاجئ في المتوسط كل أسبوع في الشهور الستة الماضية.
وعلى الرغم من أن تدفق اللاجئين يسبب قلقا في الأردن ستواصل المملكة إبقاء حدودها مفتوحة لكنها تريد من الدول الأخرى أن تساعد في تعزيز قدرتها على مواجهة الموقف.
وقال جودة “نجري اتصالات مع الدول المانحة الرئيسية لنقول لهم ان المخيمات في الأردن بلغت كامل طاقتها تقريبا لذلك نحن بحاجة إلى مساعدة لمواصلة بناء البنية التحتية لمخيمات أخرى.”
ويستضيف مخيم الزعتري في الأردن على طول الحدود 60 ألف لاجئ سوري على الأقل وينتشر الاخرون في مختلف أنحاء البلاد.
وقال جودة “القرار السياسي بالإبقاء على حدودنا مفتوحة لاستقبال الأشقاء السوريين الذين يفرون من هذه الأوضاع القاسية في سوريا مازال قائما.”
وقال الأردن ووكالات الأمم المتحدة إن بعض اللاجئين السوريين يتعرضون لإطلاق النار اثناء فرارهم ويتلقى كثيرون العلاج في المستشفى عند وصولهم.
وقال جودة “يصاب العديد من الأشخاص الذين يأتون اثناء الليل بجروح ويتعرضون لإطلاق النار والقصف.”
وقتل فيما بدأ بحركة احتجاج سلمية إلى حد كبير ضد حكم عائلة الأسد أكثر من 60 ألف شخص ودمر الاقتصاد ويعاني 2.5 مليون شخص الجوع.
(إعداد محمد اليماني للنشرة العربية – تحرير محمد عبد العال)
من سليمان الخالدي