صفحات العالم

أوهام المستر بان… والإبرهيمي!


 

    راجح الخوري

خلال اجتماع “اصدقاء سوريا” في باريس سأل الشيخ عبدالله بن زايد: “اين كوفي انان، هل لديه شيء افضل من ان يكون معنا؟ ان وجوده اليوم في جنيف امر معيب”. الآن في استطاعة الذين استمعوا الى بان كي – مون يتحدث من باريس ان يستعيروا السؤال اياه:” اين الاخضر الابرهيمي؟ ان غيابه رغم ارتفاع وتيرة القتل والمجازر وقرع طبول الحرب بين سوريا وتركيا أمر معيب جداً”!

لكن الامين العام للامم المتحدة طمأننا من غير شر، الى ان الابرهيمي يطارد الاوهام عندما قال انه سيتوجه الى المنطقة ليزور دولاً عدة قبل ان يصل الى سوريا وأنه يسعى الى “وقف اراقة الدماء والتفاوض من اجل ادخال المساعدات الانسانية” التي قد لا تجد احداً من الاحياء يستفيد منها بسبب ارتفاع وتيرة القتل.

ويبدو ان بان كي – مون يطارد الاوهام ايضاً، عندما يدعو النظام السوري الى تطبيق وقف للنار من طرف واحد والمعارضة الى قبوله، كاشفاً انه طلب من الحكومة السورية إعلان وقف منفرد للنار فردّت طالبة معرفة “ماذا سيحصل لاحقاً”، ولهذا تفجرت حماسته في اطلاق تصريحات بلا معنى كالقول مثلاً انه “من غير المقبول استمرار وتيرة العنف وان الخيار الوحيد هو الحل السياسي”، في وقت يعلن النظام كل يوم انه بات على مشارف الحسم العسكري والقضاء على “الارهابيين”، ويصر على استسقاء الحرب مع تركيا ليرتفع زعيق روسيا الحارسة الامينة للمذابح وشلالات الدم السوري وقد حذّرت من استغلال “الحوادث الحدودية” كذريعة لتدخل عسكري اطلسي ضد سوريا!

ما لا يصدّق ان بان كي – مون صدّق على ما يبدو، ان النظام يمكن ان يوقف النار من طرف واحد، فسارع الى استرضائه عبر ادانة ما سمّاه “الاعتداءات الارهابية المنسقة” في دمشق، قائلاً انه يخشى ان تخلق دورة العنف في سوريا ارضية مناسبة للارهاب وللنشاطات الاجرامية، بينما لم يسبق له ان دان مثلاً في شكل واضح مسلسل المذابح المتنقلة في المدن السورية و”القنابل البرميلية” التي تدمر الاحياء وتهدم البيوت على رؤوس اهلها!

ما يعمّق الألم ويوسع المأساة ان المذبحة السورية تبقى متروكة ومفتوحة على مداها الكارثي، فلا النظام تمكن من الحسم بعد 19 شهراً رغم ما يتلقاه من الدعم الروسي الديبلوماسي واللوجستي ومن المساندة الايرانية الميدانية والتسليحية، ولا المعارضة تمكنت من النصر. وفي حين تتحول سوريا بلدا منكوبا ومدمرا يتساقط الوسطاء والوساطات مثل القتلى تماماً: اين كوفي انان، اين الابرهيمي، اين الجامعة ونبيلها العربي، اين مجلس الامن، اين تركيا والاطلسي… ليس هناك غير القتل والدمار ربما في انتظار “أبانا الذي في البيت الابيض”!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى