الانشقاقات المتزايدة في الجيش هي التي ستؤذي الأسد
ادريان هاملتون
من الجيد التفكير بأن الحماسة الأخيرة للتوصل إلى حل ديبلوماسي للوضع السوري نابع من الحرص على تجنب الحرب الأهلية والفظائع التي ستجلبها على الشعب السوري المسكين. غير أن الحقيقة البسيطة هي أن المناخ في سوريا يتغيّر: أولاً لأن الرئيس السوري بشار الأسد يبدو وأنه قد نجح في إخماد الانتفاضة، وثانياً لأن العالم الخارجي أصبح قلقاً حيال من سيخلف الأسد في السلطة. لكن هل فكّر أحد بما سيحدث في حال قرر النظام إطلاق العنان لكامل قواه الأمنية؟ وهل فكّر أحد عما كان يتوقعه العالم الخارجي من انتفاضة مفككة، محصورة ومسلّحة بشكل سيئ؟
وبهذا المعنى، فأن يعقد الاجتماع الأخير للجامعة العربية لمناقشة خطة السلام في العراق، كان في محله. فسوريا اليوم تبدو كثيراً كما كان العراق في الأيام الأخيرة لسنوات حكم (الديكتاتور الراحل) صدام حسين. وفي تلك الأثناء، كما اليوم، حاول الغرب مراراً تنظيم معارضة موحدة وديموقراطية فقط لتعود وتتفكك بسبب الجدال الداخلي وعدم فعاليتها.
والذي كسر الجمود لم يكن ضغوط العقوبات أو الديبلوماسية ولا حتى انتفاضة أهلية داخلية، بل الغزو، والنتائج التي أصبحنا جميعنا نعرفها اليوم: المزيد من القتلى، انفلات النظام وإحلال نظام الغالبية الدينية الفاسد مكان طغيان الأقلية الحاكمة.
قد يكون هذا التعليق قاسياً قليلاً على دولة العراق الحالية. بالطبع لا يمكنك رسم مقارنة مثالية بين البلدين، غير أنه كان على الغرب أن يتعلم من التجربة العراقية في مقاربته للأزمة السورية.
من الصعب جداً اطاحة ديكتاتوريات حاكمة منذ عقود طويلة وتحظى بدعم قوات أمنية مسلحة بشكل جيد إلى جانب نظام استخباري داخلي مكثّف، ما لم تلجأ إلى العنف. وقوة السلاح هي التي تربح في نهاية اليوم، وهي الدرس الذي تعلمه شيعة جنوب العراق عندما انتفضوا مباشرة بعد هزيمة صدام حسين في الكويت.
ليس للعقوبات فعالية سوى زيادة إحكام قبضة النظام على الاقتصاد وبالتالي على حياة المواطنين. والديبلوماسية لا تنفع لأن همها الأول هو الرقابة الداخلية على المجتمع وهو ما تخشى الزمرة الحاكمة التخلي عنها.
هذا ليس كلاماً لليأس بل سبب للواقعية. لقد نجحت الانتفاضتان في تونس ومصر بسبب وجود قوى مسلحة قوية سحبت تأييدها للنظام. لكن هذه ليست الحال في سوريا حيث (كما في ليبيا) تعمّد النظام إبقاء القوى المسلحة الشرعية (الجيش) ضعيفة في حين عززت القوى الأمنية الداخلية وحسّنت رواتب أفرادها.
لن يصار إلى اطاحة عائلة الأسد والمجموعة العلوية من السلطة في ظل المسرحية العسكرية الحالية، كما هم لن يتخلوا طوعاً نتيجة الضغوط الخارجية. كل الجهود الحالية والآيلة إلى دفعهم للجلوس إلى طاولة المفاوضات ليست سوى فقاقيع هواء لن يكون لها أي نتيجة.
سيستمر الأسد في اطلاق الوعود فقط لكي يخفف من ضغط المجتمع الدولي عليه، لكن فيما خصّه، فهو يربح من خلال القوة. ستكون محاولات التوصل إلى وقف إطلاق النار والمفاوضات مع المعارضة، وهو ما يضغط (الموفد الدولي والعربي الأمين العام السابق للأمم المتحدة) كوفي أنان للوصول إليه من صالح المعارضة. لن يكون من مصلحة الأسد القبول بذلك وبغض النظر عما يقوله إلى ممثلي الجامعة العربية، الأمم المتحدة أو أي شخص آخر يأتي إلى سوريا للتوسط.
الذي سيؤذيه في الواقع هي النتائج البطيئة المتزايدة للانشقاقات في الجيش والكراهية المتزايدة له ولنظامه من عائلات الضحايا الذين يسقطون في عمليات القمع الدموية. هذا إلى جانب التسليح المتزايد للمعارضة.
بأي سرعة سيتحقق ذلك، لا أحد يمكنه التوقع. لا يعرف أحد منا ما هو عدد الجنود الذين أجبروا على التزام ثكناتهم وما هو الذي يجري داخل الدوائر المغلقة للنظام، وكم هو العدد الفعلي للمنشقين.
إن نموذج صدام حسين يلزمنا أن نكون حذرين حيال أملنا في إطاحة سريعة وسلمية للنظام في سوريا. غير أن الشيء الوحيد الذي يجب استخلاصه من تجارب الآخرين هو أنه عندما ينهار النظام، سيكون ذلك سريعاً ومؤكداً.
من الممكن أن يظل السوريون مهددين لكن لم يعد هناك من دعم حقيقي باق للأسد وعائلته الفاسدة والمتسلطة.
ترجمة: صلاح تقي الدين
() عن الاندبندانت 30/3/2012