الثورة السورية .. عودة الروح
ثائر الناشف
يبدو أن زمن الإصلاح ولى إلى غير رجعة ، فالسوريون الذين نخرهم فساد النظام السوري منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، باتوا اليوم بأمس الحاجة إلى التغيير .
فمعدلات الفساد في ازدياد مضطرد مع تحكم الحلقة الضيقة من زبانية النظام على موارد البلاد ، وشبح البطالة يحوط الجميع ولا يستثني أحداً ، ويكاد الفقر بأنيابه الحادة يلتهم ممن هم حوله.
ثلاثية الفقر والفساد والبطالة ، التي أسس لها النظام السوري لغرض السيطرة والهيمنة على البلاد ، مقابل ثلاثية النهب والقمع والمنع ، جميعها تشكل أهم عوامل الثورة على الصعيد الاقتصادي .
أما على الصعيد السياسي ، فعوامل الثورة كثيرة ووفيرة ، لعل أهمها :
1- امتهان كرامة الانسان السوري من خلال زجه في السجون والمعتقلات ، وإذلاله المستمر في أقبية المخابرات ومراكز التحقيق ، فضلاً عن تحقيره في الدوائر والمؤسسات الحكومية .
2- خداع الرأي العام من خلال تزييف الوقائع والحقائق ، والادعاء الكاذب بالذود عن شرف ” الأمة ” ورفع راية ” المقاومة” فيما لايزال الجولان يرزح تحت وطأة الاحتلال ، والنظام القائم وحده المسؤول عن احتلاله .
أربعون عاماً والشعب السوري في غيبوبة مستديمة ، كلما استفاق منها ، ناله من القمع والقهر ، ما لم تنله شعوب الارض قاطبة ، أربعون عاماً ، ونظام الاستثناء يحكم سورية بقبضة من الحديد والنار ، لا لشيء سوى أنه مسكون بشهوة القمع والعسف .
لقد راهن الجميع على فناء الشعب السوري ، بل أن الكثير من السوريين فقدوا الإحساس بهويتهم ، التي كانوا يباهون بها شعوب الشرق قاطبة ، فقدوها لشدة البطش والقمع ، الذي أسس لحالات متعددة من الخوف والرعب والهلع.
الآن ومع بزوغ فجر الثورة والحرية ، تبدى للقاصي والداني ، وبما لا يقبل الشك ، أن رهان النظام على فناء الشعب ، رهان فاشل ، فها هي روح الثورة والحرية ، تعود مجدداً ، وها هي مدن سورية تهب بقلب واحد ونبض واحد ، كما هبت قبلاً ضد أعتى الطغاة .
من الآن فصاعداً ، لن تكون سورية من بعد اليوم عقدة لا تقبل الحل ، والحل الأخير المتاح أمامنا هو التغيير وفتح صفحة جديدة في دفتر التاريخ