الجربا ‘يحج إلى البيت الأبيض’… وماذا بعد؟
رأي القدس
أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما التقى رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا، لكنه لم يشر الى موضوع الاسلحة االنوعيةب التي تطلبها المعارضة.
وأوضح البيت الأبيض، في بيان، أنّ أوباما انضم إلى اجتماع بين الجربا ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس، وانهما اجددا القول إنّ الأسد فقد كل شرعيّة لقيادة سوريا وليس له مكان في مستقبلها’، وان المباحثات تناولت االمخاطر التي يمثلها التطرف المتصاعد في سوريا وضرورة التصدي للمجموعات الإرهابيّة في كل فريقب.
من جهته، شكر الجربا الجانب الأمريكي على االمساعدة الأمريكيّة غير القاتلة والتي وصلت قيمتها إلى 287 مليون دولار’.
وماذا بعد هذا الحج الى البيت الابيض، بينما يواصل النظام حصد انتصارات عسكرية؟ هل حصل الجربا على ‘الاسلحة النوعية’ التي اصبحت مثل ‘قميص عثمان’، الذي ترفعه المعارضة في وجه كل من يحاول مساءلة فشلها السياسي المزمن؟. وهل الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك تلك ‘الاسلحة النوعية’؟
الاجابة حسب ‘محلل سياسي’ ظهر في قناة فضائية سعودية ان مجرد لقاء الجربا مع اوباما ‘يعد انجازا في حد ذاته’، وان الزيارة تمثل ‘بداية جديدة للعلاقات’. وربما يكون هذا صحيحا حقا بالنسبة الى بعض المعارضين الذين يستفيدون من تلك المساعدات ‘المليونية’ المعلنة او غير المعلنة، ولكن ليس بالنسبة لمن يقتلهم الجوع والقصف يوميا داخل سوريا.
وللمفارقة فقد اقر احد اعضاء الائتلاف المعارض في اتصال مع القناة السعودية نفسها من اسطنبول، بأن المعارضة السورية اصبحت ‘ساحة للنزاعات وتصفية الحسابات الاقليمية، ذلك ان بعض الدول العربية اصبحت تدفع المساعدات الى الكتائب المقاتلة على الارض مباشرة متجاوزة الائتلاف’، ما يعني ان سلطة ‘ائتلاف الجربا’ الفعلية وقبلها مصداقيته اصبحت محل شكوك واسعة.
ذهب الجربا الى البيت الابيض، وعاد بخفي حنين من الناحية العسكرية. فاوباما يريد ان يتوج ولايته الثانية بالخروج من مستنقعات الشرق الاوسط، وليس بـ ‘خطيئة تسليح القاعدة واخواتها’ وبالتالي اقامة ‘دويلة للارهاب’ في سوريا.
كما ان لدى اوباما تقارير استخبارية لا يمكنه تجاهلها، تؤكد ان المعارضة السورية تفتقر الى قيادة عسكرية موحدة او حتى شبه موحدة على الارض، وهي واقعة بين سندان (المجموعات القاعدية) حسب وصف البيت الابيض، وثلاثة جيوش نظامية تحارب مباشرة دفاعا عن النظام او تعمل على دعمه عن بعد عبر غرف قيادة مركزية عسكرية حديثة. وهو ما يعني ان ‘الحل العسكري’ الذي يروج له الجربا ليس سوى وهم، او مجرد مبرر لحرف الانظارعن فشل المعارضة السياسي وتشتتها.
لكن الجربا لم ينس ان يشكر اوباما على المساعدات ‘غير القاتلة’، في تكريس لحالة من ‘التخبط الاستراتيجي’، وفي تناقض مع خطاب المعارضة نفسه القائم على ان الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية بقاء النظام بعد ارتكابه كل هذه المجازر بل والجرائم ضد الانسانية.
وبينما يحصد النظام الانتصارات العسكرية على الارض، وتحكم التنظيمات الارهابية قبضتها على مناطق واسعة، وتفرض قوانينها الحجرية على السوريين (كقرار داعش بمنع النساء من التسوق في محافظة الرقة الا بصحبة محرم)، تبدو المعارضة احوج ما تكون الى مواجهة الذات، واجراء مراجعة استراتيجية، وترفع الغطاء عن مبررات النظام للاستمرار في جرائمه، مع محاصرته بكافة وسائل النضال السلمي في الداخل والخارج. فهل تملك الشجاعة ام ان قدر الشعب السوري ان يسير في طريق الآلام الى ما لا نهاية؟
القدس العربي