صفحات المستقبل

الجيش السوري الحرّ ومستقبل الثورة السورية


عروة الأحمد

فشلت محاولات الكثير من السوريين في منع ذهاب الثورة السورية في طريق العسكرة خصوصاً بعد ما مارسه ويمارسه النظام الحاكم في سوريا من إبادةٍ جماعيّة بحقّ مناطق بأكملها في سوريا .

ولذلك على كلّ سياسيّ سوريّ حرّ أن يعي أنَّ :

– العسكرة قادمة بقوّة , والمؤشرات اليوم توضّح أنّ الجيش الحرّ يسعى جاهداً لإنشاء منطقة عازلة يصارع فيها النظام , ولن يفيد حجب الشمس بغربال مهما كان ذلك الغربال “منطقياً, وصافي النيّة” , ولذلك على التيارات السياسية المعارضة أن تعمل ما بوسعها مع مساعدة حلفاء الثورة على خلق منطقة عازلة للجيش الحرّ محميّة جوياً , وهذا من شأنه حماية أكبر قدر ممكن من المدنيين أفضل من بقاء ساحة الحرب مفتوحةً في المدن .

إنَّ الوقوف اليوم مع الجيش الحرّ والسعي لتنظيمه أفضل من السير خلفه وإنتقاده دونما فائدة , والخروج بسوريا إلى برّ الأمان يتطلّب أن يكون السياسيّ بارغماتياً مواكباً للواقع .

– الإنتقال إلى صراع عسكري منظّم “محدود” يضمن عدم الخلط بين العمل العسكريّ في المنطقة العازلة , والميدانيّ السلميّ داخل المدن المأهولة بالسكان والغير قادرين سكانها على حماية أنفسهم من القتل اليوميّ , وهذا ما يضمن استمرار الثورة في حال فشل الخيار العسكري , وكما تعلمون الحرب تحتمل كافّة الإحتمالات .

– إنشاء منطقة عازلة يضمن عدم وجود جماعات مسلّحة تابعة لأجندات دول تدعم الثورة سلباً لمصالحها مستقبلاً , وتنخرط لا شرعياً في ما يسمى بالجيش الحرّ .

فحين يكون العمل العسكريّ منظماً بأيادي سوريّة , تكون الأوامر صادرة عن جهة وطنيّة توافقية واحدة , لا اجتهاد في قراراتها إلّا من قبل المعنيين بإصدار القرار .

– من الضروري جداً حلّ المجلس العسكريّ “المزعوم” بقيادة العقيد رياض الأسعد , لأنه أثبت عدم قدرته على السيطرة بتاتاً في الأرض , وتعيين قيادات عسكرية مؤهلة وذات خبرات عسكرية من الداخل السوري .

– كلّ ذلك أعلاه , من شأنه خلق معنى حقيقي لمصطلح ” الجيش الحرّ ” بعد أن أصبح المصطلح فضفاضاً , ووضع تعريف دقيق يحدّد مهامه وأهدافه , ويبعد البلد عن سجالات الطائفية القذرة داخل المدن والأرياف المتنوّعة ديموغرافياً .

– كما أنه كلّ من سيرفض العمل المنظم في الجيش الحرّ مستقبلاً من الكتائب , هم بعض المرتزقة الذين تسلحوا ليعوثوا الفساد لا ليحاربوا لتحرير الوطن , ولذلك ستكون المرحلة القادمة إذا ما تحققت بمثابة الفرز دقيق ما بين العصابات المسلّحة وأفراد الجيش الحرّ .

– العسكرة المنظّمة والمحدودة في منطقة معينة محميّة جوياً تحدّ من حرب الميليشيات التي من شأنها تدمير البلد من قبل النظام بحجّة محاربتهم ( أما الرأي العام ) , كما فعلت اسرائيل حصن قصفت بيروت بحجة حربها مع ميليشيات حزب الله , كما أنه كفيلٌ بحماية أكبر عدد ممكن من المدنيين .

أما بشأن توحّد المعارضة حول منهجيّة العمل هذه فهو أمر مستحيل , ولذلك يجب خلق تيّار سوري توافقي من مختلف الإنتماءات والتوجهات يدعم هذه المنهجيّة في العمل ويؤمن لها الدعم اللوجستي والعسكري لضمان عدم التحكّم بالجيش الحرّ من قبل السياسيات الدولية مستقبلاً .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. – إن تحديد العمل العسكري ضمن مناطق محددة معزولة على حد تعبيرك ليس من مصلحة الجيش الحر لأنه غير قادر على مواجهة الجيش السوري إلا عن طريق إقامة حرب عصابات، وضعه ضمن هكذا منطقة سيؤدي به إلى نهاية واحدة هي الهلاك الحتمي.
    – بالنسبة لاستحالة توافق المعارضة على حد تعبيرك، أنا أعارضك تماما في من هذه الناحية، لأن المعارضة عندما تكون متحدة تحت هدف واحد ألا وهو إقامة الدولة المدنية التي تتسع لكافة أطياف السوريين، فلن تشكّل آليات العمل نقطة تفريق، لكن للأسف أثبتت الثورة عمد وجود تيار وطني نقي ضمن صفوف المعارضة السورية، وأن كل منهم ينادي بأفكار مدفوع ثمنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى