المراقب العام لإخوان سورية: “حزب الله” وقع بتناقض كبير حين ناصر النظام الاستبدادي
“الحاكم يختاره الشعب ولا مانع أن يكون مسيحياً أو امرأة”
انهمكت الأوساط السياسية في أكثر من عاصمة عربية وغربية أمس في قراءة الوثيقة السياسية الجديدة التي أطلقتها حركة الإخوان المسلمين في سورية (أول من أمس) وحددت فيها رؤيتها لمستقبل سورية، لا سيما أن هذه الوثيقة التي وضعت تحت عنوان “عهد وميثاق” جاءت في ظل تخوف الأقليات في العالم العربي لا سيما المسيحيين من وصول الحركات الإسلامية إلى السلطة في أكثر من دولة.
ورغم أن الإخوانية السورية تؤكد أن وثيقتها، التي أكدت الالتزام “بالدولة المدنية الحديثة وبحماية الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات والالتزام بالدولة الديموقراطية التعددية ومواثيق حقوق الإنسان، والمواطنَة”، ليست عاملاً طارئاً بل أتت استكمالاً للورقة التي قدمتها العام 2004، لكن المعطى الجديد الذي فاجأ الجميع تمثل في ما أعلنه المراقب العام للحركة رياض الشقفة في المؤتمر الصحافي الذي عقده في تركية إبان إطلاق الوثيقة حين قال “إن الجماعة لا فارق لديها بأن يأتي مسيحي أو امرأة لرئاسة الجمهورية”.
وفي هذا السياق، أكد الشقفة لـ”الراي” “أن مفهوم الدولة المدنية الحديثة يعني تساوي جميع المواطنين السوريين بكافة فئاتهم وشرائحهم وانتماءاتهم الدينية والإثنية في الحقوق والواجبات على قاعدة الانتماء إلى الوطن وتحقيق المساواة بين الجميع”.
وفي ردّه على إمكان التناقض بين تطبيق الشريعة الإسلامية والدولة المدنية وما إذا كانت الجماعة ستستمد قوانينها من المصادر الإسلامية، قال: “نحن نلتزم بصناديق الاقتراع. والقرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة يؤكدان على مركزية التعايش مع الآخر تطبيقاً للآية القرآنية الكريمة ((لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) ونحن نلتزم بقانون التعايش مع الآخر ولن نفرض قوانين لا يقبل بها المجتمع السوري”.
وشدد الشقفة على أن حركة الإخوان لا تعارض وصول شخصية مسيحية لرئاسة الجمهورية، قائلاً: “لم تعرف سورية الطائفية طوال تاريخها الحديث، ونحن منسجمون مع مبادئنا وصادقون في وعودنا، وإذا اختار الشعب السوري شخصية مسيحية لرئاسة الجمهورية فهذا أمر مشروع ولا مانع لدينا من تولي المرأة رئاسة الجمهورية أيضاً”، مضيفاً: “قد يقول البعض إننا نحاول تلميع صورتنا وإن الإخوان المسلمين في سورية يتبنون خطاباً حديثاً كجسر للوصول إلى السلطة لكننا نؤكد التزامنا بمبادئنا، وليس لدينا وجهان أو خطابان، والحاكم هو الذي يختاره الشعب سواء أكان هذا الحاكم مسيحياً أو مسلماً. وبالنسبة لتولي المرأة المسلمة لرئاسة الجمهورية فنحن لا نعارض هذه المسألة لأنها في الأساس مسار جدل بين المدارس الفقهية”.
وأوضح “أن هذه الوثيقة ليست جديدة بالنسبة لنا. فمسألة التعددية والدولة المدنية طرحها مصطفى السباعي مؤسس الحركة منذ عقود، ونحن أكدنا على النموذج التعايشي والمدني والتعددي في أكثر من وثيقة لا سيما تلك التي أصدرناها العام 2004”.
وفي ما يتعلق بطمأنة الأقليات في سورية ومن بينهم المسيحيون عبر هذه الوثيقة، لفت إلى “أن فارس الخوري انتُخب رئيساً لمجلس الوزراء لثلاث دورات، والطائفة السنيّة الأكثرية هي التي اختارته مع بقية مكونات الشعب السوري آنذاك. ونحن أردنا في هذه الوثيقة التأكيد لجميع الناس أننا عكس ما يصوّرنا النظام على أننا إرهابيون ومتطرفون ونرفض التعايش مع الآخر”.
ووجّه الشقفة نداءً للمسيحيين في سورية قائلاً: “أقول للمسيحيين اطمئنوا أنتم شركاء لنا في هذا الوطن وسنصنع معكم مستقبل سورية وإذا اعتدى أحد عليكم فسندافع عنكم كدفاعنا عن أنفسنا فلا تخافوا، ولا تصدّقوا ما يروج له النظام من أننا نريد التعامل معكم على أسس التطرف والعنف. أنتم شركاء لنا في صنع مستقبل سورية وسنضع يدنا بيدكم”.
وحول تأسيس علاقات سياسية جديدة مع المحيط العربي لا سيما لبنان رأى “أننا سنتعامل مع الدولة اللبنانية من منطلق الدولة المستقلة التي تملك قرارها السياسي والسيادي، وكما تعلمون عانى اللبنانيون من نظام الأسد معاناة كبيرة حين تدخل بكل الملفات، ونحن ننظر إلى كافة الطوائف في لبنان على قاعدة المساواة بين الجميع ولن نتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية إلاّ إذا طلب منا اللبنانيون ذلك”.
وفي شأن العلاقات المستقبلية مع حزب الله أكد “أن حزب الله محسوب الآن على نظام الأسد، ونتمنى على الحزب العمل وفق المبادئ التي وضعها والتي تؤكد مساعدة المظلوم ضد الظالم، لكن الحزب وقع في تناقض كبير حين ناصر النظام الاستبدادي في سورية على حساب الشعب السوري الذي يطالب بالحرية والديموقراطية”.
الراي