صفحات العالم

بوابات سوريا المفتوحة


عبد الرحمن الراشد

ازدادت ظاهرة بيانات المنشقين عن قوات النظام السوري، من رتب عسكرية مختلفة، وطوائف متعددة، بما فيها طائفة الرئيس العلوية، أيضا، كما تجرأ ثلاثة سفراء وأعلنوا انشقاقهم. وعلينا أن ندرك أن معظم كبار موظفي الدولة الراغبين في العصيان يخشون إعلان مواقفهم خوفا على أقاربهم من النظام الذي لا يتورع عن الانتقام من أفراد عائلاتهم ردعا للبقية التي لم تهرب بعد.

وكان آخر المنشقين العسكريين، مناف طلاس، قائد لواء بالحرس الجمهوري ومن أبرز المقربين، سابقا، من الرئيس بشار الأسد، هرب سرا عبر الحدود بعد أن غادر معظم أفراد عائلته. وكان يهيئ لنفسه الخروج فعليا منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ولم يغادر إلا بعد أن تسلل والده مصطفى، وزير الدفاع الأسبق أيضا، عبر الحدود مع لبنان ثم إلى الخارج.

ويبدو أن المخابرات السورية لم تعد تملك القدرة على مراقبة ومنع كبار القيادات العسكرية والسياسية من الهرب، وهذا ما جعل مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» الذي انعقد في باريس يفاجئ الجميع بمشاركة قيادات عسكرية وسياسية ميدانية جاءت حديثا من داخل سوريا.

وبالتالي، يتضح أن النظام يفقد السيطرة تدريجيا، وهو الذي يقوم أساسا على السيطرة على الجميع بحدود مغلقة، ونظام عقوبات قاس، لردع الناس من معارضته.

ولا يزال مئات من السوريين يخرجون يوميا عبر لبنان، والأكثرية إلى تركيا، وهناك من فر إلى الأردن. وفي الاتجاه الآخر، من تركيا إلى داخل سوريا، يتم تهريب كثير من المؤن والمساعدات الإنسانية رغما عن حرس الحدود السوري، كما يتم تهريب المقاتلين والأسلحة أيضا. وبالتالي ارتخت قبضة القوات السورية ولم تعد تقدر على حراسة حدودها، معتمدة أكثر على حراسة قوات الحدود من الدول الأخرى المجاورة مثل العراق والأردن ولبنان. هذا العجز يظهر أن ما يحمي النظام السوري فعليا اليوم هو «الفيتوان» الروسي والصيني في مجلس الأمن، وإلا لكانت عمليات نقل الأسلحة والمقاتلين المتدربين تتم بشكل أكبر، دون خوف من الجيش السوري المنشغل جدا في قمع المظاهرات اليومية في أنحاء البلاد. ولو أن مجلس الأمن سمح للمعارضة بالتسليح لحل المعادلة سريعا، حيث إن كثيرا من الدول مستعدة لإرسال ما يحتاج إليه الثوار للسيطرة على أراضيهم وطرد قوات النظام حتى محاصرته. لكن من دون موافقة مجلس الأمن لن يمكن إيصال العتاد العسكري الكبير، ولن تسمح تركيا وبقية الدول المجاورة، وهذا ما جعل القضية أكثر تعقيدا.

وكل ما يتم تهريبه إلى الداخل هو الخفيف من العتاد، والقليل من المؤن الغذائية والمساعدات الطبية المحدودة.

أصبح النظام محاصرا من كل الجهات. فالمظاهرات وصلت إلى قلب العاصمة، دمشق، ونشاط الثوار المسلحين اتسع إلى درجة تحرير مناطق كاملة في الداخل؛ دير الزور مثلا في قبضة الثوار الذين عينوا حتى مدير شرطة للمدينة. والنظام فاقد السيطرة على الحدود مع تركيا ولبنان. ويبدو أن هناك عددا كبيرا من كبار رجالات النظام يرتبون للتخلي عنه. ومن عجزه، أصبح الأسد يريد الآن العودة للمبادرات السياسية بعد أن كان هو من أفشلها، وقد حرص دبلوماسيوه على التأكيد أنه يقبل بمبادرة كوفي أنان الأولى التي ماتت.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى