رياض الشقفة: لم نشارك في جنيف 2 لقناعتنا بعدم جدوى الحوار مع النظام و’داعش’ مخترقة ولدينا مؤشرات على تلقيها دعما إيرانيا
وائل عصام
اسطنبول ـ ‘القدس العربي’ في حديث خاص لـ ‘القدس العربي’ قال رياض الشقفة المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا أن حزبه صوت ضد المشاركة في جنيف 2 لقناعتهم بعدم جدوى الحوار مع النظام وامتنع عن المشاركة في وفد الائتلاف للمؤتمر الدولي لأنه كان يعتقد بوجوب حصول خطوات عملية من النظام قبل المؤتمر تبين جديته، ويقول الشقفة إن حزبه احترم قرار الأكثرية في الائتلاف بالذهاب لجنيف ويضيف، ‘قمنا بدراسة معمقة لكل المعطيات وتوصلنا الى أنه لابد من مقدمات ضرورية كي ينجح المؤتمر وهي، وقف القتل الذي يمارسه النظام على الشعب السوري، ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة وتأمين طرق آمنة لإيصال المساعدات، والسماح بالتظاهر السلمي، ثم يعقد مؤتمر جنيف 2 لتشكيل هيئة إنتقالية كاملة الصلاحيات على أن لا يكون للأسد وأعوانه ممن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء دور في مستقيل سوريا، ولما لم يضغط المجتمع الدولي لتنفيذ تلك المقدمات الضرورية كما فعل بالنسبة للسلاح الكيميائي واستخدامه صوتنا ضد الذهاب الى جنيف 2 وعندما اتخذ الائتلاف الوطني بالأكثرية قرار الذهاب الى جنيف إحترمنا هذا القرار انسجاما مع احترامنا لشراكتنا مع حلفائنا’.
وحول إذا كان جنيف قد سبب خلافات مع الائتلاف نفى ذلك بل وأكد على متانة العلاقة بل وعلى دعم وفد الائتلاف وقال في مجمل حديثه لـ’القدس العربي’، ‘ولكن قررنا أن لا نشارك بالوفد الذاهب الى جنيف لأن قناعتنا بعدم جدوى الحوار مع النظام لم تتغير ومع ذلك فنحن ندعو للوفد بالتوفيق ونتواصل لمعرفة مايجري ونقدم لهم النصح’.
وفي سؤال حول طبيعة الحكومة الإنتقالية التي يطالب بها الأخوان المسلمون يوضح المراقب العام أنه لا مانع من أن تضم الحكومة بعثيين بشرط أن يكونوا من المدنيين ممكن لم تتلطخ أيديهم بالدماء كقادة الأجهزة الأمنية والأسد.
ولا يبدو الشقفة متفائلا حيال تحقيق أهداف الثورة السورية في جنيف لأنه يرى موقفا دوليا متخاذلا من الثورة السورية وخصوصا من قبل الغرب كما يقول ‘منذ متى ينتظر الغرب قرارا من مجلس الأمن؟! في ليبيا تدخلوا من غير قرار أممي، وقبلها العراق، هم لا يملكون رغبة حقيقة بانتصار الثورة السورية’.
وعن التحالفات الإقليمية وخصوصا المعسكر الإيراني الذي يساند النظام السوري بمنظومة ممتدة من طهران حتى بيروت يعتبر الشقفة أن النظام السوري يتعامل ‘بمنطق طائفي’، ويرى أن هناك تفاهما أمريكيا ـ إيرانيا، وقال، ‘التفاهم الأمريكي الإيراني ليس جديدا، كان تحت الطاولة فقط، وهم تعاونوا بشكل كبير في أفغانستان والعراق، إيران تشتم الغرب ليل نهار ولكنها تتعاون معهم لمصلحتها’.
وحول توازن القوى بين الدول الداعمة للثورة السورية والحلف الداعم للنظام يحذر الشقفة من الخطر المقبل على السنة في المنطقة يقول الشقفة، ‘المشكلة أن الحلف الإيراني الشيعي أكثر تماسكا ، أما المحور السني مفكك الأوصال ، يجب على السنة التوحد على خطة ومشروع لمواجهة المشروع الإيراني الذي إذا انتصر في سوريا سيمتد وينعكس على كل المنطقة’.
ويتحدث الزعيم السوري الإسلامي المعتدل بشكل أكثر دبلوماسية عند التطرق للسعودية والإمارات، الدولتان الخليجيتان اللتان قدمتا دعما كببرا للإطاحة بأول رئيس إخواني لمصر بعد ثورة كانون الثاني/يناير وقال ‘السعودية أفضل من يقود العالم العربي والإسلامي وعليها التحرك والقيام بدور أكبر للتصدي للمشروع الإيراني، بما يناسب حجمها ومكانتها الدينية، وبالنسبة لقطر فهي دولة معتدلة تستوعب الآخر، وليس لها موقف سلبي’. وعند الحديث عن الإستحقاقات الداخلية في سوريا يبرز أولا الصراع الذي اشتعل قبل أسابيع مع الدولة الإسلامية في العراق والشام، ‘داعش’، ويقفز للأذهان صراعات قديمة فكرية وسياسية خاضها الأخوان المسلمون مع تيارات تكفيرية ومتشددة أخرى.
ويصف الشقفة ‘داعش’ بالجماعة المخترقة ويشتبه في تمويلها ودعمها الكبير وقال ‘من اين لهم هذا’، ويشرح موقف جماعته من ‘داعش’ بعد الإقتتال مع الفصائل مؤكدا على ‘ضرورة إخراج هذه الجماعة من سوريا، بالنسبة لدولة العراق والشام، فهي مجموعات متطرفة مخترقة لا تعرف من يقودها ويوجد مؤشرات على دعمها واستغلالها من النظام وحلفائه الروس والإيرانيين بهدف تشويه صورة الثورة والثوار وإشغالهم عن محاربة النظام، ولذلك تراهم ينشطون في المناطق المحررة للإستيلاء عليها ويهتمون بالغنائم، فواجب على الكتائب أن تتوحد وتنذرهم فإما أن يتعاونوا مع الثوار في مقاتلة النظام أو الخروج من سوريا فالشعب السوري قادر بعون الله على تحقيق النصر وليس بحاجة الى هؤلاء اللذين استطاعوا خداع الكثير من الشباب السوري ممن نحسبهم من الصادقين فاندفعوا معهم ظانين بهم الصدق ، فنأمل من هؤلاء الشباب الإنسحاب من كتائب الدولة والإلتحاق بالثوار الحقيقيين’.
ولكن الأخوان المسلمون لديهم أيضا تباينات فكرية مع السلفية الجهادية، تتمحور حول فقه الواقع حسب التعبير الشرعي، وينذر هذا الخلاف وإن كان محدودا للآن بصدامات في المستقبل خاصة وأن الفصائل المسلحة الكبرى التي شكلت الجبهة الإسلامية تنتمي في غالبيتها لتيار السلفية الجهادية، وإن كانت الجبهة وعناصرها ترتبط بالمقابل بعلاقات طيبة وتنسيق على أكثر من صعيد مع الأخوان المسلمين في سوريا خاصة أن الكثير من قيادات السلفية الجهادية الآن وخاصة سجناء صيدنايا كان اباؤهم وأقرباؤهم أعضاء في تنظيمات الأخوان خلال أحداث الثمانينيات في حماة وحلب وجسر الشغور.
ويعتقد الشقفة أن قدرا من الخلاف مع السلفيين يتمحور حول الفهم لآلية الديمقراطية وتطبيق الشريعة بعد إسقاط النظام، ويقول في هذ الشأن ‘نحن نرى أنه في النهاية لا بد من الإحتكام لصناديق الإقتراع ، الإنتخبات هي وسيلتنا للسلطة وليس القوة، لن نفرض شيئا على السوريين’.
ويعلق على إعلان الجبهة الإسلامية رغبتها في إقامة الدولة الإسلامية بالقول ‘إقامة الدولة الاسلامية من حق الجبهة ولكن الآن يجب أن يكون هدف الجميع إسقاط النظام والحرية، أما مستقبل الدولة وشكلها نتركه لصناديق الإقتراع، إذا قدروا السلفيين أو غيرهم واقنعوا الشعب بمشروعهم فهذا جيد ،ولكن الأهم هو أن مشاريع الحكم مؤجلة لحين إسقاط النظام’.
ودافع الشقفة بشدة عن الديمقراطية، ‘كفانا حكم القائد الضرورة والحزب الأوحد ، لا سبيل إلا الديمقراطية ، العلمانيون لهم تعريفات كثيرة للديمقراطية.. بالنسبة لنا هي صندوق الإقتراع الذي يعبر عن قرار الأكثرية ..الديمقراطية هي حكم أغلبية الشعب ،، وأقول لجميع أخواني في التيارات الإسلامية وخصوصا السلفية أننا لو أحسنا عرض فكرتنا ومشروعنا للناس فسيختارونا. أما إذا الشعب اختار تيارا آخر فهذا لقصور فينا’.
وعن قوة الأخوان المسلمين في المناطق المحررة سألنا الشقفة مستفسرين عن سبب ضعف النفوذ الأخواني عسكريا وكذلك محدودية دورهم الشعبي مقارنة بتيارات إسلامية أخرى، ويوضح الشقفة ‘أربعين عاما من الإبعاد خارج سوريا أبعدتنا عن الداخل .. ولكننا نعمل بالتوافق مع كافة الفصائل والتيارات . عسكريا لنا بعض الكتائب التي ندعمها مباشرة كالدروع، وهناك كتائب مقربة منا وفكرهم قريب منا كهيئة حماية المدنيين وأيضا لواء التوحيد لدينا علاقة جيدة وفكرهم معتدل . وعموما لدينا علاقات طيبة بجميع الفصائل’.
القدس العربي