صفحات العالم

على من يضحك الأسد..؟!/ يوسف الكويليت

أن يتحدّث بشار الأسد، يقوّم الأحداث ويرسل حكمه وتعاليمه عن الحريات والديموقراطيات ونشر الدساتير المصوّت عليها، وسلسلة عائلته جميعها قتلة ومغتصبون تلاحقهم جرائم الحروب والإبادات الجماعية بما فيها استخدام الأسلحة المحرّمة دولياً، فإننا أمام مشهد «كوميدي» كأن يتحوّل مجرم محكوم بالقتل قاضي قضاة ورسول سلام..

تكلم الأسد عن المملكة، وكعادة فاقد التأهيل الدبلوماسي والتاريخي حتى يعرف ماذا قدمت لسورية قبل أن يولد وبلحظة تسلمه الحكم، لربما استحى أو تجنب الإحراج، وهي لن تفتح دفاتر أسرارها عن مواقفها مع الشعب السوري وسلطاته المتعاقبة، لكننا لا نلوم من وضع نفسه معادلاً لإبادة الشعب، ولا من باع الجولان وتآمر على القضية الفلسطينية، وتحالف في قتل شعبه مع حزب الله وإيران وكل من يقوم على بقائه ونظامه.

لقد قام برفع شعارات استهلاكية في الممانعة وتحرر فلسطين وعداء الإمبرياليين، وهي محاولة خداع للنفس لأنه لم يدر أن ثقافة الشارع العربي تفوّقت على هذه الطروحات ولم يعد الكذب صناعة يمكن ترويجها كسلع صالحة للبيع، وهذا الممانع يعرف أن أهدأ حدود على إسرائيل كانت السورية، حتى أن قيام الطيران الإسرائيلي بطلعات استفزازية وتحليقها فوق قصره باللاذقية، وضرب مفاعله النووي وصواريخه المنصوبة في البقاع اللبناني، وحالات التجسس المعلنة والخفية، لم تدعُ الأسد إلى إرسال أي رصاصة أو احتجاج سياسي، وهو الداعي للتحرر والنضال.

نذكره فقط أنه بعد حرب ١٩٧٣م كان المرحوم الملك فيصل هو من ذهب لسورية ليقدم تهانيه بانتصار تلك الحرب وزيارة القنيطرة، وهو من عرّض بلده لأخطر موقف عندما أوقف النفط عمّن حاربوا أو دعموا إسرائيل، وفي لحظات حرجة كانت السعودية داعماً سياسياً ومادياً، لكن أن تنقلب الأفلاك على الشعب السوري ويصبح رئيسها القاتل والجلاد فإنها أخلاقياً وإنسانياً يلزمها واجبها الوقوف مع الشعب مهما كانت النتائج وهذا ليس خفياً عربياً أو دولياً عندما أعلنت ذلك وبلا تحفظ.

هذا الخيار قومي ووطني أسوة بما تفعله مع الشعب العربي في كل دولة وبالعمل لا بالشعارات المستهلكة، وعموماً كل ما يقوله الأسد لا يصدقه إلا هو وجوقة مقاتليه، ولعله يعرف أن صورته عالمياً أمام مشاهد القتل تعرّي كل مواقفه، ويرد عليه بالمطالبة بوصفه مجرماً لا بدّ من تقديمه للعدالة، لأنه ذهب بما لا يصدقه أي عقل أمام شواهد على الأرض.

سورية في مهب عواصف التقسيم والإبادة الجماعية، وإعادة صياغة خرائطها وستصبح أحد مراكز التطرف، ومنشأ ذلك خطط عائلة الأسد التي لم تخف أنها ظلت تستعد لإنشاء دولة الساحل العلوية، ورئيس توارث ثقافة وسلوك تقطيع بلده، لا يوضع إلا في قائمة من يناقض بالقول دعواته للوحدة والحرية التي يحاول بها خداع نفسه قبل غيره.

الرياض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى