صفحات العالم

علينا أن نتحرك الآن في سوريا أو أن ندفع الثمن لاحقا


هيو سيغال

لقد حان الوقت لكي نسأل أنفسنا ما إذا كانت سوريا سوف تكون تشيكسلوفاكيا جيلنا الحالي.

إن سوريا لم يتم اجتياحها من قبل قوة أجنبية. و لكن القوة الأجنبية و الجيش السوري المتوحش منخرطون بعمق في قتل الآلاف. بعيدا عن التصريحات المتحفظة و المحاولات الفاشلة من قبل مراقبي الأمم  المتحدة, فإن العالم يقف موقف المتفرج. لقد تم ارتكاب المذابح ضد الأولاد و الأمهات و تم تعذيبهم و استخدامهم كدروع بشرية من قبل القوات الحكومية. و العالم يقف صامتا. قصفت المباني السكنية حتى قتل من بداخلها و نحن صامتون.

إن جهود مبعوث الأمم المتحدة و الجامعة العربية الصادقة و المخلصة استخدمت من قبل بشار الأسد من أجل شراء المزيد من الوقت لقتل المزيد من الأشخاص. مسلحا من قبل إيران و روسيا و محميا من قبل فيتو الصين و روسيا في مجلس الأمن, فإن السيد الأسد و جيشه أصبحوا يتمتعون بحصانة قوية.

إن التقارير الأخيرة التي وردت في الصحافة البريطانية بأن هناك شحنات من السلاح و الطائرات الحربية تصل إلى دمشق تسلط الضوء على الكلفة الاستراتيجي للغرب و الجامعة العربية في حالة لم يتدخلوا في الأزمة. إن سوريا معروف بأنها عميل إيراني و دولة  وكيلة تقوم بدعم الإرهاب الإقليمي و العالمي. الروس و في محاولة يائسة للحفاظ على قاعدتهم العسكرية البحرية و على موطئ قدم في المنطقة, يقومون بزيادة حشودهم هناك و يورطون أنفسهم بشكل أكبر في نظام دعم توكيلي يعتمد عليه السيد الأسد.

ليس لدى الجيش السوري الكثير مما يخشاه حتى يعلن الناتو و الجامعة العربية منطقة حظر طيران من أجل إبعاد الطائرات السورية عن مهاجمة مواطنيها المدنيين.

حتى تقوم سفن الناتو التي تحمل صواريخ بحر أرض و طائرات مروحية بعمل دوريات قبالة الشواطئ السورية, و حتى يتم تحييد أنظمة القيادة والسيطرة السورية, فإنه لن يكون هناك للجيش السوري أي سبب للاعتراض على الأوامر التي تعتبر جرائم حرب عند تنفيذها.

حلفاؤنا الأتراك, و شركاؤنا التجاريون في الأردن و أصدقائنا اللبنانيون يستحقون دعمنا اللوجيستي و التكتيكي من أجل تحمل أعباء اللاجئين التي تحملوها أو سوف يتحملونها. إن مفاوضات وقف إطلاق النار في سوريا لا يمكن أن تبدأ حتى يفهم السيد الأسد و داعميه الإيرانيين أن زمن الإفلات من العقاب قد ولى.

مروجو حالة الجمود, يقولون بأن مخاطر التدخل عالية جدا, ولا يبدو أننا يمكن أن نتحمل مخاطره الإستراتيجية. إن تحقيق النصر من خلال القيام بقتل شعبه (و هي عادة دأبت عليها عائلة الأسد) سوف تبقى الدكتاتور القاتل الذي يستخدم الإرهاب من أجل البقاء في السلطة, كما أنه سوف يقوم بالسرقة من شعبه و سوف يدعم تطلعات إيران الإقليمية و المبادرات الجيواستراتيجية الروسية على حساب الاستقرار و السلام في تركيا و الأردن و لبنان و إسرائيل. و إذا استمرت إراقة الدماء دون وجود عسكري غربي أو عربي, فإن خطر الإبادة الجماعية سوف يتزايد ضد الأقليات من قبل المعارضة الراديكالية المناهضة للأسد. و عدم التدخل بصورة كافية سوف يزيد من خطورة اندلاع حرب ما بين سكان المنطقة من الشيعة السنة.

إذا كانت الأمم المتحدة مقيدة, فهذه مسألة مؤسسية. أما إذا استخدم العالم حالة الجمود هذه كغطاء لتجنب المسئولية, فهذه مسألة أخلاقية و تنازل واضح.

إن السماح باستمرار العنف السوري يعطي رسالة لكل الحكومات المستبدة و المارقة بأن سنوات الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي أفضل وقت لقتل شعوبهم.

قد يكون التدخل الغربي و لنأمل بقيادة عربية صعبا و معقدا و سوف يصاحبه الكثير من الفوضى. إلا أنه يشكل إشارات مهمة على ما يجب أن تكون عليه البشرية و الحضارة في العادة.

إن الوقوف جانبا و مراقبة المشهد أمرا ليس صعبا أو معقدا أو تصاحبه أي فوضى. إنه ببساطة جريمة.

وهو يقول لإيران و وروسيا و الصين و كل الدول العميلة لهم أنه لا يوجد هناك أي شخص يحمل “مسئولية الحماية” لأي جهة أخرى من الأعمال الوحشية أو العنف الذي ترعاه الدول.

و هذه هي الطريقة التي أطلق فيها العنف و كلاب الحرب, عندما تم التنازل عن تشيكسلوفاكيا لصالح النازيين قبل عقود عدة دون قتال.

من الشرق الأوسط إلى المحيط الهندي, و من بحرب الصين الجنوبي إلى الخليج العربي و شبه الجزيرة الكورية, يتم إرسال رسالة بأن تجنب الغرب و شركاؤه الانخراط في أي مشكلة و بأي التكاليف هو الطريقة المثلى لاستجلاب المغامرة و عدوان الدول المارقة.

إن سوريا تعتبر الكناري في حقل من الفحم في الحرب الباردة الجديدة. و هي يجب أن تذكرنا جميعا بأن الثمن الذي ندفعه بعدم التدخل سوف يكون أعلى بكثير من الثمن الحقيقي الذي سوف ندفعه في حالة قررنا العمل باسم الإنسانية.

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

غلوب أند ميل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى