صفحات العالم

عن “معركة القلمون” مقالات

 

 

 

معركة القلمون باتت حاجة لـ”محور دمشق” لإعادة “التوازن المعنوي والعسكري” مع المعارضة/ ابراهيم بيرم

معركة القلمون آتية ولا ريب، أم أنها مجرد تهويل يصدر عن اضلاع المحور السوري؟

الكلام على هذه المعركة يتردد في الأوساط السياسية والاعلامية منذ أشهر عدّة الى درجة انه استحال أحجية أو أمراً يكتنفه الالتباس، خصوصاً أن ثلوج هاتيك البقاع القصية قد أوشكت على الذوبان مما يعني انتفاء مبررات تأجيل المعركة الموعودة.

في الايام القليلة الماضية ارتفع منسوب الكلام مجدداً عن أن ساعة الصفر للهجوم على القلمون قد تحدّدت لا سيما بعد تواتر معلومات عن حشود واستعدادات لوجستية بدأت من جانب الساعين الى انهاء وجود أكثر من 3000 مقاتل يتمركزون في هذه المنطقة منذ أكثر من 3 أعوام. وتواكب ذلك مع كلام منسوب للمجموعات المسلحة فحواه أن التهديد بالهجوم على المنطقة لا يعدو كونه مجرد تهويل وضغط، وانها أعدت العدّة لردع المهاجمين إن هم نفذوا وعيدهم وردّهم على اعقابهم.

ورغم هذه المناخات والأجواء التي تنذر بقرب اندلاع المزيد من الحرائق، فان ثمة من لا يزال يطرح بالحاح السؤال عن جدية حصول هذه المعركة وعن ابعادها الحقيقية واحتمالاتها المفتوحة وعلاقاتها بالتطورات العاصفة الأخيرة في المنطقة.

من البديهي القول إن هذه المعركة التي ما زالت في خانة الاحتمال ستكون لها حتماً تداعيات وتأثيرات على الواقع اللبناني. فمن حيث البعد الجغرافي ستحصل معركة القلمون، ان هي حصلت، على تخوم لبنان، وبالتحديد على تماس مع منطقة جرود عرسال اللبنانية والتي هي أيضاً أحد معاقل الارهاب الداخل منذ آب الماضي في مواجهة معلنة مع الجيش اللبناني، ومن حيث البعد الآخر فان ثمة طرفاً لبنانياً هو “حزب الله” سيكون أحد الأساسيين في ميدان هذه المعركة، خصوصاً ان الحزب يفصح منذ زمن بعيد عن حضور عسكري وازن له في تلك المناطق انطلاقاً من اعتبارات وحسابات استراتيجية وتكتية تتصل بالوضع في البقاعين الشمالي والأوسط امتداداً الى البقاع الغربي وصولاً الى حاصبيا – مرجعيون في الجنوب.

الجهات والدوائر ذات الصلة في “حزب الله” تمتنع كعادتها عن الخوض في تفاصيل الأمر وتحديد ساعة الصفر لاعطاء الأمر بالهجوم. غير أن إعلام الحزب طلب من محطات التلفزة الاستعداد للتوجه الى البقاع الشمالي بين لحظة وأخرى، ما أوحى للمتابعين بأن ساعة المعركة وشيكة وهي آتية لا ريب فيها، لا بل أن الذين يتواصلون مع الحزب يخرجون بانطباع فحواه أمران: الأول ان نتائج المعركة محسومة سلفاً، والثاني ان الإعداد للمعركة بدأ منذ فترة بعيدة باعتبار انها استكمال لازم لمواجهات بدأت أصلاً في القصير ثم امتدت الى بلدات القلمون.

وإذا كان هذه الكلام يعني ضمناً ان لا علاقة للمعركة الموعودة بالتطورات الميدانية في الشمال السوري والتقدم الذي أحرزته المجموعات المسلحة هناك، فالواضح ان النظام السوري وحلفاءه صاروا في أمس الحاجة الى تحقيق انجاز ميداني عاجل من شأنه أن يعيد التوازن المعنوي مع المعارضين من جهة، ويضع من جهة أخرى حداً لما سرى أخيراً وفحواه أن اعداء النظام السوري قد انتقلوا الى مرحلة جديدة متطورة عنوانها إحكام السيطرة على معاقل النظام في الساحل السوري في الطريق الى إحكام الحصار على دمشق توطئة لاسقاط النظام أو جعله في حال إرباك وضياع.

المحور المعادي للنظام السوري تتملكه حال “انتشاء” عارمة منذ شرع في حرب “عاصفة الحزم” على اليمن وتوجت بتلك التحولات الجذرية في الميدان السوري، وبالتالي سمح هذا المحور لنفسه باطلاق رؤى ومعادلات جديدة والتعامل معها وكأنها صارت في حكم الناجزة.

وفي كل الأحوال فان التطورات المتسارعة والمفاجئة في الشمال السوري تحتم على محور دمشق التعجيل في معركة القلمون، إلا إذا كان هذا المحور ما زال يمتلك أوراق قوّة وقدرات كامنة على الفعل والرد واعادة التوازن في أماكن أخرى وفق ما تتحدث عنه مصادر هذا المحور في بيروت انطلاقاً من مقولة إن الحرب سجال وأن الأمور مرهونة بخواتيمها خصوصاً في اليمن وسوريا.

واللافت في الحديث عن معركة القلمون الموعودة ما تناقلته الأنباء أخيراً عن أكثر من غارة نفذها الطيران الحربي الاسرائيلي مستهدفاً ألوية للجيش السوري في هذه المنطقة بالذات.

واللافت أيضاً ان مصدر هذه المعلومات هو حصراً جهات معادية للنظام السوري خصوصاً ان لا دمشق ولا اسرائيل كشفتا حقيقة ما حدث خلال الساعات القليلة الماضية مما يقطع الشك باليقين. إلا أن الغارات الاسرائيلية، إن هي حصلت، تجسد معطى جديداً في سياق مآل الوضع الميداني في هذه المنطقة. فلقد جرت العادة أن تبرر تل أبيب غاراتها على سوريا بأنها لمنع نقل أسلحة كاسرة للتوازن الى “حزب الله” في لبنان، أما الآن فيبدو واضحاً ان اسرائيل تبعث برسالة جوهرها ان دخولها المتجدد على خط الازمة السورية من بوابة القلمون يرمي الى القول:

– انها ما برحت شريكة في معادلة الفوضى الضاربة اطنابها في سوريا.

– انها ترفض أي تغيير في واقع الحال في القلمون ادراكاً منها للأهمية الاستراتيجية لها بالنسبة الى دمشق و”حزب الله”.

– بهذا المعنى، ان اسرائيل ترفض المساس بقواعد اللعبة وبالمعادلات في سوريا ولبنان على السواء.

– إضافة الى ذلك فان اسرائيل أخذت من خلال هذه الغارات دورها طوعاً مع آخرين في العمل على جبه الاتفاق النووي المنتظر إبرامه نهائياً بعد فترة قصيرة بين إيران والغرب.

وبصرف النظر عن دقة هذه الاستنتاجات، فالواضح ان الأبعاد الاقليمية لمعركة القلمون قد بدأت تتبدى قبل ان تنطلق، مما يوحي بأنها لن تكون سهلة بل ستدخلها تعقيدات، خصوصاً أن المحور المعادي لدمشق يتصرف وكأنه قادر على تغيير الوقائع.

النهار

 

 

 

هل تتحوّل معركة القلمون استنزافاً؟/ غسان حجار

في ضوء التطورات الاخيرة في سوريا، لم تعد معركة القلمون مجرد رغبة في تحقيق “انتصار اضافي” للنظام في دمشق ولحليفيه الايراني و”حزب الله” فحسب، بل إنها صارت حاجة دفاعية ضرورية لنظام الاسد وللحزب الذي يجهد في الدفاع عنه. وعليه فإن الاستعدادات لها قائمة من الطرفين، ويبقى عنصر المفاجأة فيها العامل البارز، لا في التوقيت وحسب وانما في الخطة العسكرية والسلاح المستعمل وعديد المقاتلين. واذا كان “حزب الله” أعدّ لها العدّة موعوداً بالنصر، فإن الموعد تأخّر لمزيد من الاستعداد في ضوء عناصر ربما لم تكن في الحسبان. فالغارات الاسرائيلية دمّرت بعض الاسلحة التي كان يمكن ان تفيد في المعركة، كما طالت مواقع للجيش النظامي في المنطقة المتنازع عليها، اضافة الى دخول عوامل بانت نتائجها في معركة جسر الشغور، ومن المتوقع ان تظهر في غير موقع، مع القرار الخليجي التركي الحاسم منع النظام وحليفيه ايران و”حزب الله” من تحقيق انتصارات اضافية.

ومعركة القلمون حاجة للمعارضة السورية كما هي للنظام وحلفائه، وهدفها للاولى الإطباق على العاصمة، من خلال قطع طريق دمشق حمص السريع، وتأمين التواصل مع المسلحين في الزبداني، مع حلم الوصول الى جديدة يابوس والسيطرة على الطريق الدولية التي تربط سوريا بلبنان، وبالتالي قطع طريق امداد “حزب الله” بالسلاح، سواء من مطار دمشق الى لبنان، او في الاتجاه المعاكس لدعم النظام الأسدي. واذا كانت منطقة اللاذقية، وهي معقل العلويين وأنصار السلطة الهاربين من مناطق عدة، صارت في مرمى نيران المعارضة، فإن النظام يخسر ورقة اضافية مهمة، لا يمكنه الاستمرار بعدها اذا ما نجح المسلحون في بلوغ تخوم دمشق والطرق المؤدية اليها. في المقابل يحتاج النظام، ومعه “حزب الله”، الى تعطيل كل الخطة المذكورة، وإحكام السيطرة على تلك المواقع، وتحقيق انتصار مادي ومعنوي بعد سقوط منطقة جسر الشغور عبر المحافظة على دمشق العاصمة ومحيطها وإبقاء تواصلها قائما، خصوصا مع اللاذقية. كما يتخوف “حزب الله” من ان سيطرة المسلحين على منطقة القلمون ستجعلهم على تماس مباشر مع قرى بقاعية حدودية، ما يتيح لعدد منهم اختراق حدود متداخلة وغير مرسّمة بناء لإرادة النظام الأسدي الذي رفض دوما ترسيم الحدود والاعتراف بلبنان.

واذا كان النظام لم يضعف الى الحد الذي لم يعد يمكنه خوض معارك، فإن جيشه أنهك، وسيزداد تشتتاً اذا تعرضت مناطق العلويين للقصف او التهجير. وهذا التحدي سيكون مزدوجاً، سواء على النظام السوري او على لبنان، مع توقّع الكاتب السعودي جمال خاشقجي بدء عملية هجرة من مناطق العلويين باتجاه لبنان الذي يقفل حدوده لعدم تمكنه من استيعاب المزيد من اللاجئين، والحرج الذي سيواجهه الحزب في محاولته الضغط لاستقبال هؤلاء.

معركة القلمون اذا لم تحسم في ساعات وايام فإنها ستتحول حرب استنزاف طويلة.

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى