صفحات العالم

عيد التحرير في سجن حلب/ احمد عياش

 

هناك جيل بكامله تقريبا لم يعد يرتبط بعيد تحرير الجنوب الذي تحلّ غدا ذكراه الـ14 بل صار ارتباطه بمكان آخر وتحديداً في سوريا. واذا كانت البيئة الحاضنة للمقاومة قد اعطت الكثير منذ احتلال اسرائيل المتكرر للجنوب منذ عام 1976 لغاية عام 2000، فإن هذه البيئة أجبرت على تقديم دماء فتيانها وشبابها ولا تزال من اجل مشروع ايران في سوريا. وآخر ما يتباهى به “حزب الله” هو “تحرير” سجن حلب المركزي على بعد مئات الكيلومترات من مدينة بنت جبيل الحدودية الجنوبية التي اصبحت مكاناً لاقامة مهرجانات الحزب في مناسبة التحرير. ولولا الحياء لكان على هذا التنظيم ان يقيم مهرجانه هذه السنة في باحة هذا السجن كي يرد على الاقل “الجميل” لعناصره الذين قاتلوا تحت راية بشار الاسد ليحققوا له هذا الانتصار في زمن حملته الانتخابية الرئاسية التي يخوضها بتدمير ما تبقى من سوريا.

يحمل مهرجان هذه السنة شعار “وطن هويته مقاومته” المزيّن بصور الزعيمين الايرانيين الخميني وخامنئي والسيد نصرالله. فأي وطن هذا مقاومته التي تورطت في دماء سوريا ودمارها؟ كم هي المفارقة كبيرة جداً ان يقيم الحزب احتفاله وهو منخرط في صراع من اجل الديكتاتور السوري الذي لم تكفه 14 عاماً من حكم بلاده في وقت يبدأ رئيس جمهورية لبنان ميشال سليمان يومه الاول كرئيس سابق بعدما أمضى بحسب الدستور ستة اعوام في سدة الرئاسة بالتمام والكمال.

من المعلوم في تاريخ الثوار ان يناضل الأحرار من اجل هدم السجون، كما فعل الفرنسيون مع سجن الباستيل، لكن الاية انقلبت في سوريا.

المسؤول الثاني في “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم بذل جهداً واسعاً في المقابلة المطوّلة التي اجرتها معه قناة “الميادين” التلفزيونية لكي يبرر تدخل الحزب في سوريا. حتى انه استخدم التقديمات التي تتلقاها عائلات الضحايا الذين يسقطون في صفوف عناصره حجة بقوله “نحن لا نرسل كي نقاوم ونترك عائلة المقاوم ومجتمعه واهله بل على العكس هناك تكافل”. واذا ما جردّنا الموضوع من لباسه الايديولوجي السميك لتبيّن ان الشيخ قاسم يتحدث عن شركة بلاك ووتر الاميركية في العراق.

ليس “حزب الله” الاول ولن يكون الاخير في مسلسل التنظيمات والاحزاب والانظمة التي بنت شهرتها على فترة من القتال ضد اسرائيل، بل هو مثل حزب البعث الذي كان غلالة لسيطرة آل الاسد على مقاليد سوريا. أما في لبنان، ولحسن الحظ، لا يملك “حزب الله” ورقة تحرير الجنوب لكي يحكم لبنان. لكن لسوء الحظ هو ان تكون هذه الورقة بيد الجنرال الايراني صفوي لكي يمد حدود طهران الى لبنان.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى