صفحات الناس

“فرّامة”: من سائق “بيك أب” لأمير في “داعش”

 

 

دمشق ــ جديع دواره

يكتنف الغموض العديد من الشخصيات القيادية في تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، في سورية، والتي تتجنب الظهور الإعلامي، وتتصف عادة بالغموض والتكتم.

ومن بين تلك الشخصيات، رجل “داعش” الأول جنوبي دمشق، أبو صياح طيارة، الملقب بـ”فرّامة”، والمحاصر مع المئات من عناصره في منطقة الحجر الأسود، من قبل فصائل المعارضة المسلحة منذ نحو أسبوعين، وفقاً لمعلومات حصل عليها “العربي الجديد” من مصادر عدة.

ويوضح أحد المصادر من بلدة يلدا، والذي يرفض الكشف عن اسمه، بأن الاسم الكامل لأمير “داعش” في منطقة جنوب دمشق، هو عبد الله طيّارة، ويلقب بـ “فرّامة”. وهو سوري الجنسية من سكان بلدة يلدا، ويبلغ من العمر نحو 37 عاماً، وينتمي إلى أسرة فقيرة وغير متعلمة.

ويضيف المصدر أن “فرّامة” شخص أمّي لا يجيد القراءة والكتابة، كان يعمل قبل انطلاق الثورة كسائق سيارة “بيك أب” للحمولة. وعمل لفترة من الزمن في جمع “الألمنيوم” وصَهْرِه لإعادة بيعه في السوق السوداء، وأغلب الوقت كان عاطلاً عن العمل.

ويعود مصدر آخر إلى فترة الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003، ليكشف بأن “فرّامة” كان من بين العشرات، الذين ذهبوا من ريف دمشق من أجل “الجهاد”، في العراق، ليعود بعد فترة وهو مصاب، ويتم اعتقاله من قبل الاستخبارات السورية بتهمة الانتماء إلى تنظيم “القاعدة”، ثم يفرج عنه بعد أشهر عدة.

وعن سلوكه قبل اندلاع الاحتجاجات منتصف مارس/آذار، 2011 في سورية، تتقاطع المعلومات بأنه غالباً ما كان يقع في مشاكل مع محيطه، بسبب تعصبه ومغالاته في تقديم نفسه كوصي على تطبيق “شرع الله على الأرض”، رغم أن من يعرفه عن قرب ويعرف كل خفايا سلوكه يكتشف مدى التناقض في شخصيته، وزيف ادعاءاته.

والملفت، بحسب أحد مصادر “العربي الجديد”، أن “فرّامة” تعرض للاعتقال مرة ثانية في الأشهر الأولى للثورة، بتهمة الانتماء للجماعات الإسلامية المتشددة، ثم أطلق سراحه بعد نحو ثمانية أشهر، مثله مثل العديد من القيادات الإسلامية، التي خرجت من سجون النظام السوري.

 

ومن أشهر هؤلاء، قائد “جيش الإسلام”، زهران علوش، قائد حركة “أحرار الشام”، حسّان عبّود (الملقّب بأبي عبدالله الحموي)، قائد لواء “صقور الإسلام”، عيسى الشيخ، وزعيم جبهة “النصرة”، أبو محمد الفاتح الجولاني، الذين أمضوا سنوات سويّة في المعتقل، بعد اعتقالهم في حوادث متفرّقة بسبب نشاطاتهم الدينيّة.

فقد أفرج عن جميع المذكورين من سجن صيدنايا في منتصف عام 2011، بموجب أوّل مراسيم العفو الرئاسيّة بتاريخ 31 مايو/أيار2011 بعد اندلاع الثورة السوريّة، والذي سوّقه إعلام النظام على أنه مكرمة من الرئيس بشار الأسد، للشعب السوري.

وإن كان من المعروف أن علوش وعبود والشيخ، كانت تجمعهم صداقة داخل وخارج صيدنايا، لكن من غير المعروف ما إذا كان “فرّامة” قد التقى بتلك الشخصيات في السجن، أم أنه أمضى فترة اعتقاله في مكان آخر غير صيدنايا.

بعد خروجه من السجن، عمل “فرامة” مع آخرين على تأسيس فصيل مسلح يتبع لجبهة “النصرة”، جنوبي دمشق. ولم يمض وقت طويل حتى أصبح أميراً في جبهة “النصرة”، على منطقة “جنوب دمشق”، بحسب مصدر مطلع.

ويشير المصدر إلى أنه بعد ظهور الخلافات بين البغدادي والجولاني، انحاز “فرّامة” لصالح أبو بكر البغدادي وانتقل من أمير في “النصرة”، ليصبح أميراً في تنظيم “داعش”، عن منطقة جنوبي دمشق (ولاية دمشق، القاطع الجنوبي)، بحسب التعبير الحرفي لمنشورات “فرامة”، وآخر البيانات المذيلة باسمه بهذا الصدد، إذ أعلن التأييد والمباركة لـخلافة البغدادي في الموصل.

وحول سبب إطلاق لقب “فرّامة” على الأمير “الداعشي”، يوضح المصدر، أن ذلك يعود إلى كثرة مَن قتل من العسكريين التابعين للنظام، في وقت كانت فيه فصائل المعارضة الأخرى تصفح عنهم. ويضيف بأنه كان يقتل مباشرة وبطريقة الذبح، مستهتراً بدماء البشر، ومستسهلاً تكفير الآخرين، الأمر الذي كان مستهجناً في المنطقة.

ويقدر المصدر عدد أتباع “فرّامة” في أوج قوته بنحو 700 عنصر، ويؤكد أنه كان يستميل لطرفه أسوأ الناس ويشكّل غطاءً لأصحاب الأسبقيات في المنطقة.

وعن شخصيته القيادية، يرى المصدر أن “فرّامة” قائد صاحب قرار مؤمن بالنهج، الذي يسير عليه، وليس من السهل أن يسلم نفسه للفصائل التي تحاصره.

من الجدير ذكره، أن فصائل المعارضة جنوبي دمشق، اصطدمت منذ نحو أسبوعين مع “داعش” بقيادة “فرّامة”. وجاء في الأسباب التي أوردتها، أن الأخير كان يستفزّ الكتائب المقاتلة بافتتاحه مقرّات بجوارها لتوسيع نفوذه، فضلاً عن رفضه الانصياع لرأي الجماعة، بتأسيس هيئة شرعية، وكذلك استغلال قوته في تخزين السلاح والطعام.

وبحسب تلك الفصائل، فإن تنظيم الدولة عثر على موطئ قدم له في أحياء دمشق الجنوبية، قبل سبعة أشهر تقريباً، وأعدم حينها قادة في “الجيش الحر” بتهمة الخيانة وتكديس الطعام”.

ووفقاً لمصدر صحافي يعمل مع “الجيش الحر”، فإن “فرامة” وقبل يومين من استسلام العشرات من أتباعه، ممن كانوا يتحصنون في منزله، في بلدة يلدا لفصائل المعارضة المسلحة، تسلل إلى الحجر الأسود، وهو محاصر الآن من قبل معظم فصائل المعارضة مع عدد يقدر بين 150 و250 مقاتلاً من عناصره، وعدد من القيادات البارزة في “داعش”، بينهم (أبو مجاهد وأبو سالم العراقي وأبو الزهراء) وغيرهم في منطقة صغيرة وسط الحجر الأسود، رافضين الاستسلام.

ونقل المصدر أن قتالاً نشب يوم السبت الماضي بين الطرفين، قتل في إثره نحو أربعة عناصر من مقاتلي الفصائل التي تُحاصر “فرّامة” وعناصره، في محاولة غير ناجحة لاقتحام المكان، الذي يتحصنون فيه.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى