صفحات العالم

قراءة في “التردد” الاميركي


محمد ابرهيم

اكثرت وزيرة الخارجية الاميركية، اخيرا، من التصريحات التي كانت بمثابة دفتر شروط متكامل للمعارضة والجيش والشعب في سوريا. فالمعارضة ينبغي ان تجد حلا لمشكلة انقسامها بين داخل وخارج، دون توضيح كيف يمكن من يعارض في ظل النظام ان يتطابق برنامجه مع معارضة الخارج التي تجمعت بمبادرات… اجنبية.

والمعارضة المسلحة يجب ان تطهر نفسها من عناصر “القاعدة”، وان تستولي على قاعدة داخلية عصية على النظام. مع نسيان ان القذافي كان في طريقه الى اجتياح بنغازي لولا المبادرة العسكرية للحلف الاطلسي. اما الجيش فمطلوب منه: “النأي بالنفس” وفق النموذجين التونسي والمصري، والانفراط وفق النموذج الليبي، اما كيف يمكن التوفيق بين مطلبي التماسك والتحلل فهذا شأن سوري داخلي! والشعب السوري نفسه،  ينبغي ان يجيب عن سؤال: لماذا دمشق وحلب لا تنخرطان في المعارضة، ولماذا تستمر طبقة التجار فيهما بمهادنة النظام؟

اذن ينبغي ان تكون المعارضة شاملة شعبيا، قادرة عسكريا، نظيفة تنظيميا، متغلغلة مؤسسيا، من اجل… ماذا؟ من اجل ان يصبح التسليح، ولم تقل الاميركي، شرعيا.

لم تتأخر التحليلات التي رأت طيفا اسرائيليا وراء ما سمي: التردد الاميركي. هنا تبدو اسرائيل صاحبة مصلحة في استمرار النظام السوري، وتاليا نصبح امام المؤامرة المكتملة. لكن هل اولوية اسرائيل كسر “محور الممانعة” في حلقته الوسطى: سوريا؟ ام تجنب شبح محيط اسلامي معاد لاسرائيل؟ ومن الاكثر تأثيرا بالآخر اميركا ام اسرائيل؟

والأهم هل في الممارسة الاميركية، في ما مضى من “الربيع العربي”، ما يسمح بملاحظة استثناء سوري؟ نماذج التغيير حتى الآن كانت نماذج تدخل اميركي “نظيف”. اي بدون كلفة. ولنتذكر انه حتى في ليبيا قلصت اميركا مساهمتها في الحملة العسكرية قبل ان يظهر ان مصير نظام القذافي قد حسم.

الجديد بالنسبة للولايات المتحدة هو ان سوابق “الربيع العربي” دفعت كلا من روسيا والصين للاستدراك، ولاتخاذ قرار بعرقلة الموجة “الربيعية”، بحرمانها شرعيتها الدولية، وعلى هذا السلوك لا تملك الولايات المتحدة جوابا. فالتورط ، اي تورط، ليس في حساباتها تجاه سوريا، لانه لم يكن كذلك تجاه اي محطة “ربيعية” سابقة.

والجديد هو الافصاح الاميركي عن ان العلاقة بين العاملين الخارجي والداخلي في الثورات العربية لا تتضمن تعويض الخارج نقاط ضعف الداخل الا في ظل اجماع دولي. وحتى في هذه الحالة ليست واشنطن في مقدم الصفوف. لكن، ما سمي التردد الاميركي “يلعب” في الاتجاهين، فهو لا يحجز خطوات المعرقلين الخارجيين، مثلما لا يحجز مبادرات “الآخرين” في رفع سقف العون الخارجي.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى