صفحات الثقافة

ما الذي تسمّيه تملّكاً؟/ فرناندو بيسوا

 

 

 

كيف لي أن أتملّك بجسدي وأنا لا أمتلكُه؟ وكيف لي أن أتملّكَ بروحي وأنا لا أمتلكُها؟ وكيف لي أن أستخدمَ عقلي كي أفهمَ، وأنا لا أفهمُ عقلي؟

لا نمتلكُ أيّ جسدٍ أو حقيقةٍ، ولا نمتلكُ أيّ وهم. نحنُ أشباحٌ مجبولةٌ بالأكاذيب. نحنُ ظلالُ الأوهامِ، وحياتنا فارغةٌ من الخارجِ كما هي من الدّاخل.

هل يعلمُ أحدُنا حدودَ روحهِ فيستطيعُ أن يقولَ: “هذا هو أنا”؟

ولكن أنا أعلمُ أنّني الشّخصُ الذي يشعرُ ما أشعرُ به.

وإنِ امتلكَ أحدٌ هذا الجسد، فهل يمتلكُ ذاتَ الشّيء الذي أمتلكه أنا فيه؟ لا. هو يتملكُ إحساساً آخر.

وهل من شيءٍ نمتلكه؟ وكيف لنا أن نؤكّدَ امتلاكَنا لشيءٍ، ونحنُ لا نستطيعُ تأكيدَ أنفسَنا؟

وإن كنتَ لتقولَ “أنا أملك هذا” استناداً لما تأكلُ، فأستطيعُ أن أفهمَك حينها. ذلك لأنَّ ما تأكله يُمزجُ معكَ، تحوّله لشيءٍ فيك، وتشعرُ به يشقّ طريقه في جسدِك وينتمي إليه. ولكنّك لا تستطيعُ أن تدّعيَ الامتلاكَ نسبةً إلى ما تأكل. ما الذي تسمّيه تملّكاً حينها؟

* Fernando Pessoa شاعر وكاتب برتغالي 1888- 1935 شكّل ظاهرة أدبية في بلاده والعالم تواصَل اكتشافها بعد رحيل صاحبها، وتجلّت لدينا في اهتمام عربي بترجمته وقراءته في العقدين الأخيرين بشكل خاص. هذا المقطع من “كتاب الضّجر”.

** ترجمة: سارة الأخرس

العربي الجديد

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى