صفحات المستقبل

ما العيب في التفاوض والحوار؟؟


اليوم في زملكا بدا المشهد واضحاً لا لبث فيه… تفجير يقع أثناء تشييع شهيد من شهداء الثورة… قالوا بأنه كان صاروخ من طائرة, أو ربما قذيفة هاون, أو ربما سيارة مفخخة… بغض النظر عن الآلة التي افتعلت التفجير تبقى اليد التي تقف خلفها هي بلا أدنى شك يد النظام.

المشهد الذي بدا واضحاً… هو ما إلا إسقاط لما ردده أزلام النظام منذ اليوم الأول للثورة… ولمن نسي أو تناسى أعود لأذكركم به…

قال أحد رجالات النظام: مستعدون لقتل مليون شخص… ولا يسقط النظام.

وقال آخر: سنعود بكم وبسوريا إلى العصور الوسطى… ولن يسقط النظام.

وقال آخرون: يا بشار لا تهتم… نحن رجالك بنشرب دم.

وآخرون وآخرون قالوا ما يشابه هذا الكلام, وما يزيد عنه من لغة التحدي والاستهزاء بالشعب.

أغلبنا لم يصدق هذا الكلام… لم يصدقه ليس لحسن ظنٍ بالنظام… وإنما لحسن ظن بدول العالم التي جميعنا اعتقدنا أنها لن تقف مكتوفة الأيدي ومعصوبة الأعين أمام طيش النظام وإجرامه.

قالوا لنا… عليكم بالسلمية… فهي السبيل الأقصر والأسهل والأقل كلفة نحو إسقاط النظام… خرجت الجموع بمئات الآلاف تستوطن الساحات والميادين منادية بإسقاط النظام… فقُتل الآلاف واعتُقل عشرات الآلاف وسُلِخت جلود وقُطّعت أعضاء وفُقِئت عيون… وفي النهاية لم يسقط النظام.

قالوا عليكم بالثورة المسلحة… فالسلاح سيأتيكم… وستُفرض المناطق العازلة… وسيُفرض الحظر الجوي… فتشكلت عشرات الكتائب المسلحة… وانشق آلاف الجنود… وحُرِرت بعض القرى والمدن… فقام النظام بدك الحارات والقرى الآمنة بالمدافع والقذائف والطائرات… وارتُكبت المجازر قصفاً أو ذبحاً… جُزت رقاب الأطفال… وبُقِرت بطون الحوامل… وزادت الاعتقالات… وزاد الموت… ولم يأتي السلاح… ولم تُفرض المناطق العازلة ولا الحظر الجوي… ولم يسقط النظام.

ولأننا عنيدون ولم نفهم الطبخة بعد… لجأ النظام إلى أسلوب آخر أدهى وأحقر… بدأ يفجر في المدن ومن ثم في المظاهرات ومن ثم بدأ يفجر في الجنازات… وآخرها كان اليوم في زملكا… عشرات القتلى ومئات الجرحى في تفجير جبان… وطبعاً النظام سينكر ويقول بأنها جماعات إرهابية… وستردد روسيا والصين وهيئة التنسيق كلامه… وستقول جماعات إرهابية سلفية مدعومة من الخارج… وحتى ولو أتت لجنة تحقيق دولية ستكون كلجنة تحقيق الحولة, وستخبرنا عن عدة روايات مفترضة إحداها تتهم النظام بدون دليل أو برهان دامغ.

وبعد هذا كله… يخرج علينا من المعارضة من يقول… لا نتفاوض مع النظام… لا نرضى بالتفاوض إلا بعد رحيل بشار ومحاسبة القتلة.

إلى متى هذا التعنت؟؟؟ لماذا نصرّ على الوصول إلى الشهيد رقم مليون لندرك أن النظام لن يسقط… ما دام الغرب لا يريده أن يسقط.

ماذا لدينا لنقاوم هذه الوحشية؟؟؟ هل لدينا دبابات وطائرات؟؟؟ هل لدينا مخازن متروسة بكافة أنواع الأسلحة؟؟؟ هل لدينا مئات الآلاف من الجنود المدربين ذوي الولاء المطلق؟؟؟ هل لدينا عشرات الآلاف من المؤيدين المستعدين للقتل والذبح وشرب الدم؟؟؟ هل لدينا دولة كإيران تدعمنا وتؤيدنا بكل صدق وإخلاص وثبات؟؟؟

ليس لدينا شيئاً من هذا… ولكن لدينا الله… وواثقون أنه معنا وأننا على صواب… ولكن وقوف الله معنا… لا يعني أننا سننتصر الآن… يمكن للنصر أن يأتي بعد مليون أو مليوني شهيد… يمكن أن يأتي بعد عشرة أو عشرين سنة… فهل نحن على استعداد للتضحية بهكذا عدد من الشهداء أو هكذا مدة من الزمن…

بالنسبة لي ولكثيرين غيري… فاني أفضل التفاوض مع النظام… ليس عيباً… وليس حراماً… فرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تفاوض مع الكفار والمشركين في أكثر من مناسبة على الرغم من الدماء التي أريقت بينهم.

ما العيب أن نصل لقناعة أن التفاوض مع النظام يمكن أن يحقن دماء وأرواح أبناء شعبنا…

أرجوكم جميعاً يا مندسين… إن كان منكم من هو قريب أو ذو تأثير على أصحاب القرار في المعارضة… أرجوكم أن تقنعوهم وتثنوهم عن التعنت الأجوف.

لنقف جميعنا وراء توحيد المعارضة… ووراء التحاور مع النظام كما ورد في اجتماع جنيف… لعل عدّاد الشهداء يتوقف… وعدّاد الجرحى يتوقف… وعدّاد النازحين يتوقف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى