ما قفا الشبه بين الأسد والبطيخة؟/ أحمد عمر
انتشرت طرائف عجيبة في حقبة الأسد، تجد أنساباً وصداقات بين مختلفات ومتشاكسات، مثلاً:
ما وجه الشبه بين الفيل والنملة؟ وبين “الفيزون” والجزر؟ وبين الأسد أباً أو ابناً أو حفيداً والطبيعة؟ أما العلاقة بين هذه الأسرة النبيلة الطاهرة العفيفة والمؤامرة الكونية؛ من مجرّة درب التبانة إلى مجرة درب الذي يسد ما يرد، فمعروفة. والعلاقة هي أنّ سكان هذه المجرّة يغارون من حبِّ شعبه له. ربما يغارون من محور المقاومة.
من يسمع عبيد الأسد يظنُّ كل الظنِّ أنهم يقدّسون سوى الأسد الطبيعة، ورومانتيكيون، ويعبدون ظواهرها، من حجر وشجر وشمس وقمر. في أول أيام الثورة، عندما خرج الناس متظاهرين ضد الطغيان، زعمت مذيعةٌ، أطلق عليها الناشطون اسم مذيعة المطر، أنهم خرجوا من أجل الاحتفال بالمطر، وكانوا ينادون المطر باسمٍ مستعار، ومؤنث، تحبّبا هو: حرية حرية حرية. أمس، زعم مراسل قناة المنار، حسين مرتضى، أنّ انفجارات مطار حماة هي نتيجة ارتفاع درجة الحرارة! حتى بطلة فيلم شوارع النار، الحاجّة إلهام شاهين، زعمت في تبرير كيمياء الغوطة الأخير أنَّ عاصفة ترابية هي التي تسبّبت في حالات اختناق أهلها. وكان جند الأسد، إبّان الاقتحامات يكتبون على صدورهم: زلزال الأسد قادم، حتى لتظننّ كل الظنِّ أنهم جماعة دهرية. الأسد الأب نفسه ادّعى، من غير أن يرفَّ له جفن، أنّ قوانين الطوارئ والأحكام العرفية هي لحماية الغابات من الحرق، وقد أحرقت غابات ثرية بالطبيعة والحيوانات في مناطق مواليهِ، فمناطق خصومه قليلة الشجر، طمعا في تحويلها مناطق عقارية، من غير شعار: العقار أو نحرق الأشجار.
النظام نظام منكر ونكران، لن يقرَّ أبدا بالحقائق وسيهرب منها، سابقاً كان يعترف بأخطاء فردية، من غير تحديدٍ للأفراد، ولا للأخطاء، وبقليلٍ من التأمل سيجد المرء أنَّ ثورة الثامن من آذار نفسها انطلقت من قلب الطبيعة، فلا تعرف لها أبطالا، ولا ذكريات، شيء يشبه “الانفجار العظيم”. الطائرات الحربية غالباً تسقط بخطأ فني، أو بسبب عصافير.
خلال الأحقاب الطويلة التي حكم فيها الأسد، وكان ينوي حكم سورية فترةً مثل العهد العباسي، دمّر طبيعتين في سورية، هما الطبيعة من أنهار جفت، وأشجار أحرقت من أجل تدفئة الجنود على الحواجز، والطبيعة الإنسانية للشعب السوري الكريم، الشهم. ويمكن أن نتذكّر أنه جرى بناء معمل طرطوس للإسمنت الملوث للبيئة على شاطئ البحر في منطقةٍ سياحيةٍ، ومعمل الورق الشهير على نهر الفرات، ونتذكّر دفن النفايات النووية التي اتهم بها عبد الحليم خدام، وتروى أخبار عن صفقات لدفن نفايات جارتنا لبنان في سورية في مقابل أموال، أو مكاسب سياسية.
كانت الرومانسية حركة فنية وأدبية مستمدة من كلمة رومان، وثورة إبداعية بدأت في فرنسا التي توصف بأنها معمل أفكار أوروبا، برزت رد فعل على الثورة الصناعية، والأرستقراطية، وتجسّدت في الموسيقى والتصوير والأدب، واقترنت مع الليبرالية والراديكالية، ونمو القومية لدى الشعوب.
أبرزت الرومانسية الأوربية قوة المشاعر، والعواطف الإنسانية، ورفعت شأن الفنون الشعبية. أما الرومانسية السورية، فظهرت مع فناني التحليل السياسي ومذيعي نشرات الأخبار، واقترنت بالكذب، والدماء والأغاني الهابطة، وتعفيش الغسّالات والثلاجات، واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا في قتل البشر وتدمير الحجر، وتشجيع الطائفية ودعمها، ونثر الورود على الاستعمار، وتشجيع أدب السجون الذي ارتبط بحقبة الأسد السوداء.
للقارئ العربي الذي لا يعرف وجه الشبه بين الفيل والنملة، أنّ النملة قادرة على حكِّ ظهر الفيل، أما الفيل فيعجز عن حكِّ ظهر النملة، والعلاقة بين الفيزون، وهو سروال نسائي ضيق وشفاف وديمقراطي جاء من كلمة “فيجن” أي النظر، والجزر، هي أنهما يقويّان حاسة البصر. أما وجه القرابة بين الأسد والرومانسية فعسى أن نكون رأيناها في هذا المقال بعد تقوية النظر ببعض الجزر، فالفيزون يفسد صيام الأتقياء على أصح الأقوال.
يحتاج سبب انتشار هذه الطرائف في عهد أسرة الأسد تحليلا رصينا، يبحث عن أصل التشابه، لا عن صلةٍ وحيدةٍ كالتي تجمع بين الأسد أو حرق البلد.
العربي الجديد