صفحات الناس

مقالات تناولت “داعش”

 

 

 

 

حروب الكراهية الافتراضية: “غوغل” مسرحاً لهاشتاغ “داعش”/محمد خلف

يعتـــمد «داعــــش» على آخر ابتكارات الإعـلام الــــبديـــل والتقنيات الإعلامية الإلكترونية كسلاح أساسي يوازي التقنيات الحربية، ويوسع حضوره في الإعلام الافتراضي ويطوره كأي شركة كبرى أو حزب سياسي يدير حملة علاقات عامة. ويتفق خبراء النيوميديا على أن لجوء الجماعات الجهادية إلى وسائل الاتصال الاجتماعي ليس، أمراً مفاجئاً أو غير متوقع، لا سيما أن المعركة الإعلامية توازي بضراوتها المعركة العسكرية على الأرض، ولكنهم يعتبرون أن السيطرة على الموصل شكلت منعطفاً نوعياً في حضور التنظيم الافتراضي، فقد واكبت تقدم مقاتليه نحو المدينة تغطية غير مسبوقة على «تويتر» بلغت أوجها مع دخولهم المدينة التي يقطنها حوالى مليوني عراقي، إذ نشرت 40 ألف تغريدة عن المعارك في «تويتر» في يوم واحد، وتعقب الباحث في قضايا الإرهاب جي إم بيرغر نحو 3 ملايين تغريدة من 7500 حساب من شبكات جهادية على تويتر استخدمت أربعة «هاشتاغات» جهادية معروفة وهي # داعش و# جبهة النصرة و# الجبهة الإسلامية. وانتشرت هذه التغريدات عبر تطبيق «فجر البشائر» الذي أطلقه التنظيم لموقع «تويتر» و الذي يمكن تحميله على جهاز «أندرويد» على الكومبيوتر وينشر على حسابات مستخدميه تغريدات و «هاشتاغات» وروابط وصوراً يختارها مبتكرو التطبيق، وهم أشخاص يشكلون ذراعه الإعلامية.

ويظهر محرك «غوغل» أن عدد الروابط الخاصة التي تحوي اسم تنظيم «داعش» في المواقع العربية الإلكترونية والصحف وشبكات التواصل الاجتماعي يصل إلى نحو 4.2 مليون نتيجة، وهو رقم يزداد باضطراد. كما يبرز انتشار التنظيم على موقعي «تويتر» و «فايسبوك» من خلال عبارات «هاشتاغ» محددة يستخدمونها مثل «الخلافة الإسلامية» أو «باقية وتتمدد»أو علم التنظيم الأسود. ويشير تقرير غربي إلى ارتفاع عدد أفلام الفيديو التي يبثها التنظيم على «يوتيوب» والمواقع الإسلامية الأخرى إلى رقم هائل يصل إلى أكثر من 47 مليوناً، تصور عمليات قتل وإبادة وسحل وتنفيذ أنواع مختلفة من العقاب على خرق التعاليم الدينية أو الإساءة إلى التنظيم من أفراد أو جماعات يقطنون في المناطق التي تقع تحت سيطرته في العراق وسورية.

قوة افتراضية

ويعتمد التنظيم مرونة فائقة في تنويع حضوره في الإعلام الافتراضي للوقاية من الهجمات الإلكترونية أو الحجب، ولمنع تحجيمه تمهيداً لمحاربته، فإلى جانب حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كرسها لنشر بياناته ومواقفه وإعلان المسؤولية عن الهجمات التي ينفذها، يقوم مئات المقاتلين والمناصرين بنشر شتى أنواع المواد التي تساعد في تحقيق هدفين يسعى إليهما وهما: تجنيد الأنصار، وترويع الأعداء بواسطة ما يبثه عبر «يوتيوب» ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى من صور وتسجيلات فيديو للمجازر البشعة التي تصور دفن الضحايا، وهم أحياء مثلما حصل للجنود العراقيين في 17 حزيران (يونيو) الماضي ومشاهد قطع رأسي الصحافيين فولي وسوتلوف، ومن بعدهما حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة.

ويقول أحد الذين انشقوا عن التنظيم لشبكة «سي أن أن» أنه كان يجند الغربيين من خلال رسائل مباشرة على «تويتر». ويكرس «داعش» جهداً كبيراً من نشاطه الإلكتروني من أجل الاتصال بشعوب من الصعب الوصول إليها كون المسلمين الغربيين بغالبيتهم لا يتكلمون العربية.

وفي مرحلة لاحقة، بدأ التنظيم تركيز اهتمامه على نوعية مادته الإعلامية، لا سيما بعد انخراط محترفين ومتمرسين في الإخراج السينمائي، ما ساعده على إنتاج أفلام ذات جودة فنية عالية متجاوزاً الكليبات غير الواضحة والمرتجفة التي كان ينشرها تنظيم «القاعدة» والجماعات الأخرى. والواقع أن الفيديوات التي يبثها التنظيم عالية الجودة ومصوّرة بتقنية (HD)، وتحتوي على رسوم غرافيكية معقدة. كما أن غالبيتها مسجلة باللغة الإنكليزية بهدف تجنيد الشباب في المجتمعات الغربية. وقد تجاوز عدد القصص التي نشرت على الإنترنت متضمنة عبارة «الدولة الإسلامية» بالإنكليزية 40 مليوناً وبالعربية 60 مليوناً.

وتشير تقارير إلى أن التنظيم بث خلال الأشهر العشرة الأخيرة أكثر من مليون تسجيل فيديو على اليوتيوب والإنترنت. ورصد خبراء غربيون أنه بعد أن كان تنظيم «القاعدة» يستخدم المنتديات المغلقة والسرية للغاية، لجأ «داعش» إلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والدعاية التحريضية، وفي شكل خاص «تويتر» في تطور غير مسبوق.

وعزا الباحث في معهد واشنطن آرون زيلين هذا التبدل إلى تحول الكثير من هذه المنتديات إلى هدف لاستخبارات دول غربية متعددة انتهت بإغلاقها. ويعد منتدى «شموخ الإسلام» من أهم المنتديات التي أغلقت عام 2012. وكثف عدد كبير من المنتمين إلى «داعش» جهدهم لإنشاء حسابات على «تويتر» وإلى حد ما «فايسبوك»، لأنه من السهل إنشاء حسابات جديدة عليه، بعد قيام «تويتر» بشطب الكثير من هذه الحسابات لنشرها تهديدات بالقتل. وأطلق «داعش» حملة دعائية عبر «تويتر» سماها «حملة البليون» لاستقطاب أكبر عدد من المؤيدين.

وتشير وثائق رسمية بريطانية إلى «أن الشرطة البريطانية صادرت أكثر من 28 ألف مادة إلكترونية ذات صلة بالإرهاب، تضمنت 46 تسجيل فيديو صدرت عن هذا التنظيم. ونقلت جريدة «واشنطن بوست» عن البروفيسور في الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، بروس هوفمان قوله: «إن الإرهابيين نجحوا في استغلال الإنترنت كوسيط لتجنيد الإرهابيين»، وأكد أنه «لا توجد وسيلة عقلانية لإيقاف ذلك». وكان «داعش» شرع في تكثيف حضوره في وسائل الاتصال الاجتماعي لكسب المتطوعين منذ حزيران 2014، مستخدماً لهذا الغرض فيديوات وبيانات تعكس تمدده الجغرافي في العراق وسورية ودول عربية وأفريقية أخرى، وعارضاً منجزاته العسكرية في سياق استراتيجية واضحة المعالم لكسب الرأي العام ولرفع منسوب صدقيته، حتى أنه فاجأ العالم بجعل الصحافي البريطاني الرهينة جون كانتلي وسيلته للوصول إلى المشاهد الغربي، حيث ظهر على «يوتيوب» وهو يقدم ريبورتاجات متجولاً في شوارع مدينة الموصل والرقة السورية، ويقود سيارة ودراجة نارية تابعة لشرطة «الدولة الإسلامية». ويرى الباحث في مركز بروكينغز تشارلز ليستر «أن داعش نما وتطور من مجرد مجموعة إرهابية صغيرة إلى تنظيم بيروقراطي يسيطر حالياً على آلاف الكيلومترات المربعة ويسعى إلى أن يحكم الملايين من الناس».

الحياة

 

هكذا يتعاون النظام السوري و”داعش”/ محمد خالد

تسير العلاقة بين تنظيم الدولة الإسلامية والنظام السوري، في اتجاهين متناقضين؛ فمن جهة تشهد المعارك التي اندلعت بينهما على حالة من العداء المفرط الذي أخذ شكلاً من عدم الرحمة، كما حدث في كل من الرقة والطبقة ومؤخراً في دير الزور و”حقل الشاعر” للغاز. ومن جهة ثانية تسري بينهما حالة من التنسيق المضمر، في الأمور العسكرية والخدمية والغذائية.

في الشرق السوري، وإذا استثنيا المعارك في الرقة والطبقة ومقر الفوج 93، ومحاولة التنظيم السيطرة على مطار دير الزور العسكري، هناك حالات تنسيق مشترك في مجال نقل شحنات القمح من مناطق سيطرة النظام، في محافظة الحسكة إلى محافظة حماة، مروراً بمناطق سيطرة التنظيم في الرقة.

وبحسب نشطاء، فالتنظيم سهّل مرور أكثر من 185 قاطرة تحمل القمح إلى مناطق سيطرة النظام، مقابل حصوله على جزء منها، بحسب اتفاق تم بعد وساطة قبليّة في المنطقة.

ويشار إلى أن التنظيم يحرم مناطق سيطرة المعارضة من القمح والطحين والخبز، ويمنع اخراجها من مناطقه، ويعاقب كل من يخالف بالسجن والغرامة المالية، بتهمة التهريب غير المشروع.

أما في مجال الطاقة في المنطقة الشرقية، فقد نفى الناشط الميداني أبو محمد، من محافظة دير الزور، أي تنسيق في مجال النفط في المنطقة، إلا أنه تحدث عن تنسيق في مجال الغاز والطاقة الكهربائية بين الطرفين. فالتنظيم يسمح بخروج الغاز من حقل “كونيكو” للغاز الذي يسيطر عليه، إلى محطة “جندر” بريف حمص لتوليد الطاقة الكهربائية الواقعة تحت سيطرة النظام. والنظام بدوره، يسمح بوصول الكهرباء إلى “محطة تحويل التيم” في مناطق سيطرة التنظيم جنوبي دير الزور، ومنها يوصل التنظيم الكهرباء إلى مناطق سيطرة النظام في دير الزور، ومناطق سيطرة القوات الكردية في الحسكة والقامشلي.

التعاون بين الطرفين، بدأ بعد توقيعهما على اتفاقية تشغيل المحطة الحرارية، التي سيطر عليها التنظيم أواخر العام 2013 بريف حلب الشرقي، والتي جرت تحت اشراف مبادرة أهلية من حلب. الاتفاقية حرمت مناطق سيطرة المعارضة من الكهرباء، كونها تنص على إعطاء الغاز المشغل للمحطة للنظام، مقابل تقاسمه الكهرباء مع التنظيم. النظام حوّل الكهرباء إلى مناطق سيطرته في حلب، وإلى معاقله في الساحل السوري، عبر خطوط تم تجهيزها ضمن أراضٍ يسيطر على التنظيم، وعن طريق “خط الثورة” للتوتر العالي في حماة.

 

وعلى عكس المناطق الشمالية في سوريا، فالتنظيم يفرض حصاراً مشدداً على مناطق سيطرة النظام في مدينة دير الزور منذ ثلاث شهور، ويمنع إدخال المواد الغذائية والتموينية. وأشار أبو محمد إلى أن الحصار لا يؤثر على قوات النظام في المدينة، كونها تمتلك خط إمداد جوي من مطار دير الزور العسكري، الذي يمدها بالأسلحة والذخائر والمواد الغذائية. في حين يعاني المواطنون من هذا الحصار، من شح المواد الغذائية، وغلاء أسعار المواد التي ينجح بعض المهربين في إدخالها عبر نهر الفرات. بينما تشهد الجبهات بين الطرفين اشتباكات متقطعة، ونادراً ما يُقدم أي طرف على اقتحام مناطق الطرف الآخر. آخر المحاولات كانت من طرف النظام لاقتحام عدد من أحياء المدينة، ولم ينجح في ذلك.

وهناك تناغم كبير بين تنظيم الدولة والنظام السوري في مجالات عديدة بحلب، كونهما يتقابلان على خطوط جبهة طويلة تقدر بأكثر من 70 كيلومتراً؛ من إخترين بريف حلب الشمالي الشرقي، وحتى أثريا بريف حماة الشرقي جنوباً. ولا تسجل أي معارك حقيقية على تلك الجبهات، والتي تعد خطوط إمداد رئيسية للنظام إلى مدينة حلب وريفها. حيث تمر من خناصر ومعامل الدفاع في السفيرة جنوب شرقي حلب، وصولاً إلى المدينة الصناعية والشيخ نجار شمال شرقي حلب، والتي حولها النظام إلى قاعد عسكرية ضخمة، لانطلاق قواته باتجاه ريف حلب الشمالي.

وساعد التنظيم قوات النظام بإشغال المعارضة مع كل معركة كانت تبدأها؛ حيث شنّ التنظيم والنظام، معارك ضد المعارضة السورية المسلحة، في الوقت ذاته، في كل مرة تقدمت فيها قوات النظام إلى مناطق جديدة واستراتيجية. وآخر تلك العمليات المتزامنة، كانت عندما سيطرت قوات النظام على قرية سيفات وكتيبة حندرات شمالي حلب، حيث هاجم التنظيم، في ذات الوقت، هجوماً للوصول إلى مدينة مارع.

وفي السياق، أفاد نشطاء، قبل أيام، عن مشاهدتهم رتلاً ضخماً من سيارات الدفع الرباعي التابعة لتنظيم الدولة، مزودة برشاشات ثقيلة ومحملة بمقاتلي التنظيم، مرّ ضمن مناطق سيطرة النظام بين بلدة أثريا بريف حماة الشرقي، وبلدة خناصر بريف حلب الجنوبي، وقادماً من ريف حلب متجهاً نحو جنوب سوريا.

وهذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها أرتال التنظيم إلى مناطق النظام، حيّث مرّ رتل مؤلف من أكثر من خمسين آلية محملة بمقاتلي لواء داود، في تموز/يوليو 2014، والذي انشق عن المعارضة السورية وتوجه لمبايعة التنظيم في الرقة، ومنها إلى جبهات قتال ضد المعارضة بريف حلب الشمالي. قوات النظام سمحت للرتل بالمرور في مناطقها، رغم قدرتها على استهدافه، لكنها لم تفعل. وذلك لإشغال قوات المعارضة وإضعاف دفاعاتها.

المدن

 

 

 

 

اختلاف قوة العقيدة وأسباب الانتساب لتنظيم “داعش”/ جلال زين الدين

تتفاوت أسباب الانضمام إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، وتختلف تبعاً للزمان والمكان والجنسية التي ينحدر منها المنتسب، ولا يمكن حصرها غالباً بسبب واحد. ومن الظلم وصف كل منتسبي التنظيم بقاطعي الرؤوس، فقد انخرط سوريون كثر بداية في صفوف تنظيم الدولة باعتباره فصيلاً ثورياً مقاتلاً ضد النظام السوري، حاملاً خلفية إسلامية.

يقول الشرعي السابق في “أحرار الشام” أبو عمرو: “لم يكن التنظيم بالنسبة للسوريين، في بداية عمله على الأرض، مختلفاً عن الفصائل الأخرى إلا بالتنظيم والانضباط الجيدين وتأمين رواتب جيدة للعناصر. التأثير في عقليتهم حصل بعد انخراطهم به”. أمّا المهاجرون فمعظمهم جاء بهدف رفع الظلم عن أهل السنة والجماعة في أرض الشام، قبل أن تنحرف البوصلة، وينقلب معظم المهاجرين من مناصرين لأهل الشام إلى جنود في دولة الخلافة، يقاتلون الثوار قبل قوات النظام. يقول القيادي في الجيش الحر أبو حسين: “من خلال احتكاكنا مع المهاجرين وجدنا أغلبهم، ولاسيما في البداية، كان بعيداً عن الأطماع السياسية، لكن تنظيم الدولة لعب على وتر الخلافة الإسلامية، واستقطب معظمهم لصفوفه”.

ومع إعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام، ثمّ دولة الخلافة الإسلامية، اختلفت أسباب الانتساب، وبدا الفارق شاسعاً وكبيراً بين المهاجرين والأنصار؛ فجل المهاجرين انخرط في صفوف التنظيم عن إيمان وعقيدة بأهداف تنظيم الدولة ببناء الدولة الإسلامية القادرة على إعادة أمجاد المسلمين، والانتصار على الكفرة والمرتدين، وتشبعوا بالفكر المتشدد المتطرف.

الأنصار السوريون، فيمكن وضعهم ضمن ثلاثة أصناف رئيسة؛ صنفُ المؤمنين بالتنظيم عقائدياً وفكرياً، ممن يتبنون مشروعه، وعلى استعداد للتضحية، ويشكلون الأقلية. يقول المحامي عدنان من ريف حلب الشرقي: “فكر التنظيم غريب عن المجتمع السوري، ولولا عمر الاستبداد الطويل، وإبعاد نظام البعث الناس عن دينهم الحق، لما وجد التنظيم أرضية خصبة عند بعض الشباب”، فالمجتمع ما زال رافضاً للتنظيم، ويظهر ذلك بفشل التنظيم في تجييش الشارع.

ويُعد الصنف الثاني الركيزة التي يستند عليها التنظيم مجتمعياً، إذ منحته نوعاً من الشرعية الجهادية باعتبارهم مقاتلين معتدلين أبلوا بلاء حسناً ضد قوات النظام، ودعم هذا الصنف قوات التنظيم العسكرية لاحقاً. ويتمثل هذا الصنف بالثوار الذين ضاقت بهم السبل، وانحصرت خياراتهم بين الانضمام للتنظيم، أو قتاله، أو ترك السلاح، فاختاروا التنظيم ما دام يحارب النظام، ويوفر السلاح. وقد تشرب كثر منهم فكر التنظيم نتيجة الدورات الشرعية، وآلية غسل الأدمغة التي يقوم بها التنظيم، لكنّ إيمانهم بالتنظيم لم يصل درجة الفريق الأول. يقول المقاتل السابق في الجيش الحر أبو يوسف: “الظروف الاستثنائية التي مرّ بها الثوار لا تسمح لأحد بلومهم، ومنها تخلي العالم عنهم، وتغول الأسد بإجرامه، ففضلوا المرابطة على مطار دير الزور وكويرس وبقية الجبهات، والرضا بمبايعة التنظيم على ترك السلاح”.

ويشكل الصنف الثالث، حالياً، الشريحة الأكبر في صفوف التنظيم، وسيكونون سبباً رئيساً لفشل التنظيم وانهياره. وانخرط هؤلاء في صفوف التنظيم عقب تمدده السريع، وسيطرته على أجزاء واسعة، وتحكمه بموارد مالية واقتصادية مهمة، فانضموا للتنظيم إمّا بحثاً عن مورد رزق حيث الرواتب الحيدة، وإما عن زعامة في القوة الجديدة، وإما لتأمين الحماية بحكم الأمر الواقع. يقول المحامي أبو عدنان: “هؤلاء لا يملكون الاستعداد للتضحية، ومن هنا فسوف يصاب التنظيم بنكسة عندما يبني خططه العسكرية معتمداً عليهم”.

وما تزال بنية التنظيم الداخلية قوية، وتحقق نوعاً من التماسك رغم اختلاف الإيمان العقائدي، والأسباب الدافعة للانتساب، لأن الإجابة عن هذه الأسئلة داخلياً مؤجلة، فالخطر الذي يتعرضون له يجمعهم، ويدفعهم للتكاتف. ولا ينفي هذا أنّ بذور الانشقاقات والصراعات الداخلية خصبة، ويُعتقد أنها ستظهر في حالتين: حالة استقرار التنظيم عسكرياً، وفتح الملفات، وهذا مستبعد، والحالة الثانية زيادة الضغط العسكري، وخسارة التنظيم بشرياً، وخسارته الأرض، إذ سيصطدم التنظيم بوجود مقاتلين غير مستعدين للتضحية على خلاف أولئك الأوائل، وهذا المرجح.

ويلاحظ هنا أنَّ امتداد الحرب ضد التنظيم طويلاً دون هزيمته يصب في صالح التنظيم، إذ يعكف التنظيم على خلق أجيال كاملة مؤمنة بفكره، وهذه الأجيال ستكون، فيما يُعتقد، أشدُّ إيماناً حتى من المهاجرين المتطرفين، والأنصار المؤمنين بالتنظيم. يقول الشيخ عبد الرحمن من ريف حلب: “الأطفال الصغار صفحة بيضاء، وعجينة لينة، يكتب فيها التنظيم ما يشاء، ويشكلها كيفما يشاء، والمجتمع القادم مقبل نحو هذا الفكر، ولا سيما عقب سيطرة التنظيم على المدارس، وفرضه مناهجه ومعلميه، وفكره”. ويلاحظ أنَّ التنظيم لم يكتف بمعسكرات أشبال الخلافة، بل امتد فكره ليصل إلى أطفال المجتمعات الواقعة تحت سيطرته، عبر التعليم.

المدن

 

 

هل الحوار مع «داعش» ممكن؟/ عبد الله سليمان علي

الرهان على انهياره من الداخل

هل تعني الهزائم التي يتعرض لها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» – «داعش» أنه بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار؟ وهل اقتربت اللحظة التي تتهاوى فيها بنيته تحت وطأة الخسائر التي تلحق به؟ أم أن أمر «إنهاء داعش» لا يتعلق بمجريات المعارك الحاصلة فقط، وهو مرتبط أكثر بتعقيدات إقليمية ودولية لم تحن ساعة حلّها حتى الان؟.

توقّع البعض أن تكون هزيمة عين العرب (كوباني) هي بداية النهاية بالنسبة إلى «داعش»، وأن انهياره بات مسألة وقت فقط. ولقيت هذه التوقعات رواجاً كبيراً بعد سلسلة من الهزائم التي تعرض لها التنظيم التكفيري بعد ذلك، سواء في العراق أو سوريا. وتعززت بعد توارد الأنباء عن حالات انشقاق في صفوف مقاتليه، ومحاولات انقلاب كادت تطيح بقيادته، أو عمليات أمنية استهدفت، ولا تزال، «أمراءه» ومعاقله وحواجزه في أكثر من منطقة، وصولاً إلى الحديث عن اشتباكات مسلحة بين تيارين داخله، هما تيار «المهاجرين»، أي «المقاتلين الأجانب»، وتيار «الأنصار»، أي «المقاتلين المحليين». الأمر الذي عزز القناعة بأن «داعش» يعيش لحظاته الأخيرة كتنظيم متماسك، وأن نهايته باتت قريبة جداً.

وبالرغم من أن ما سبق ينطوي على مقدار من الصحة لا يمكن إغفاله، خاصة لجهة الحديث عن هزيمة «داعش» في أكثر من معركة، واضطراره إلى الانسحاب من مساحات واسعة كان يسيطر عليها، ويستمد منها بعض مقومات المدد الذي يعتمد عليه للمحافظة على بقائه، مثل آبار النفط. غير أن ثمة شكوكاً حقيقية تثور حول طبيعة ومدى النتائج التي يمكن أن تترتب على هذه الهزائم والانسحابات، وعما إذا كانت تعني بالفعل أن التنظيم شارف على النهاية.

ولا تتعلق الشكوك فقط بنقاط القوة، التي ما زال التنظيم يحتفظ بها وتمكنه من الاستمرار في مواجهة خصومه عسكرياً على أكثر من جبهة وفي نفس الوقت، بل تتعلق أيضاً بحقيقة الهزائم التي تعرض لها، وفهم الأسباب الحقيقية التي أدت إليها في أماكن معينة من دون أخرى، ولماذا نرى مقاتلي «داعش» ينسحبون سريعاً من بلدات وقرى كثيرة بلمح البصر، بينما تتعثر معركة كبيرة ضده مثل معركة تكريت؟ وكيف يخسر في عين العرب ثم يحشد حشوده ضد رأس العين؟.

مما لا شك فيه أن «داعش» رغم خساراته الأخيرة، ما زال يحافظ على العديد من نقاط القوة التي يعتمد عليها للاستمرار في القتال في الوقت نفسه على جبهات عديدة، وضد خصوم مختلفين، مع ما يتطلبه ذلك من توافر كوادر كبيرة ذات كفاءة عالية من ناحية التخطيط العسكري. ومن أهم هذه النقاط، هي استمرار سيطرته على مدن كبيرة ومساحات واسعة من الأرض مفتوحة على الحدود مع الدول المجاورة، سواء في سوريا أو العراق، وهو ما يتيح له حرية في الحركة وفي تأمين خطوط الإمداد. ومنها مستودعات الأسلحة – رغم تعرض بعضها للقصف – والمدخرات المالية، التي تقدر بعض التقارير الاستخبارية، أنها تكفيه لمدة عامين.

وهناك نقاط أخرى، لكن أهم هذه النقاط هي العقيدة العمياء التي يتمتع بها مقاتلو التنظيم، والتي أتاحت له بناء بنية عصية على الانهيار من الداخل، وذلك عكس كل التوقعات التي تتحدث عن إمكانية ذلك. ويكفي للدلالة على قوة هذه البنية أن نشير إلى أن زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري نفسه لم يستطع تصديعها أو إحداث أي شق فيها، بالرغم من أنه قاد بنفسه حملة كبيرة على قادة «داعش» ووصفهم بـ «الخوارج»، ومع ذلك لم يكن لهذه الحملة أي ارتدادات في كواليس التنظيم، ولم تتسبب بأي حالة انشقاق عنه، مع الأخذ بالاعتبار القيمة الأدبية الكبيرة التي يتمتع بها الظواهري، وأن قسم كبير من مقاتلي «داعش» كانوا في وقت سابق تابعين له.

ومن شأن طبيعة هذه البنية أن تطيح بأي أمل في أن نراها تتهاوى بسبب هزيمة هنا أو أخرى هناك، لكنها من جهة أخرى تطيح بأي خطط يجري الإعداد لها بانتظار الوقت المناسب، لطرح مشاريع مشبوهة تتعلق بـ «محاورة داعش»، تحت ذريعة أن بعض أجنحته قد تتقبل المساعي الإقليمية الهادفة إلى إعادة تأهيلها وإدخالها في العملية السياسية. وثمة خشية أن يكون الحديث عن انشقاقات في صفوف «داعش» مجرد تمهيد طويل الأمد للدخول في حوار مع المنشقين عنه تكون نتيجته أن يدخل بعض «الأمراء» إلى ميدان «السياسة» بعد تخليهم عن ميدان «الجهاد». وما زالت تجربة «الجماعة الليبية المقاتلة» التي أصبح «أمراؤها» السابقون من أبرز متزعمي الأحزاب السياسية في ليبيا، ويتحكمون من تحت الطاولة بجبهات القتال المستعرة، ماثلة للعيان. لذلك من شأن التركيز الإعلامي مؤخراً على موضوع المواجهات بين «المهاجرين» و «الأنصار» أن يكون له تأثير مزدوج، وربما يكون أقرب إلى التحايل على الوعي من كونه حرباً نفسية ضد التنظيم التكفيري.

فالبنية الكتيمة التي يتمتع بها «داعش»، والمبنية على عقيدة عمياء، لا تسمح بأي شكل من الأشكال ببروز أجنحة داخله، أو تيارات متباينة، للقول إن هذا الجناح يمكن الحوار معه. وهذا ما تؤكده المعطيات والوقائع الجارية، حيث لم يتوانَ التنظيم عن سجن أو إعدام عدد من كبار قادته لأنهم شذوا عن الطريق، أو تبنوا آراءً مختلفة عن رأي قيادته، ومن أهم هؤلاء أبو عمر الكويتي وأبو خطاب المغربي (التونسي). والنقطة المهمة، التي ينبغي التوقف عندها، هي أن غالبية حالات الشذوذ كانت تذهب باتجاه أكثر غلواً وعنفاً وليس العكس.

ولكن هنا ينبغي التمييز بين بنية «داعش» الصلبة، التي تشكل جوهر كيانه، وبين بعض المجموعات التي تلتحق به، ويعرف هو قبل غيره أنها لم تلتحق إلا لمصلحة آنية، فمثل هذه المجموعات يمكن العمل عليها، لكنها في النهاية لا تؤثر على بنية التنظيم الأساسية.

أما فيما يتعلق بالهزائم، فإن فهم ملابساتها وتحليل الظروف التي أدّت إليها، سيكون من شأنه أن يضطرنا إلى إعادة النظر في التوقعات بقرب انهيار التنظيم، لأن مجمل المعطيات تشير إلى أن هذه الهزائم جاءت في سياق مختلف عن سياق القضاء على «داعش»، وأنها قد تكون تنفيذاً مباشراً لعملية ترسيم حدود جديدة، تطمح بعض الدول الكبرى إلى إخضاع دول المنطقة لها. وقد تكون معركة عين العرب خير نموذج لفهم هذه الحقيقة.

فلم يكن من الممكن أن تحقق معركة عين العرب النتيجة التي وصلت إليها بطرد «داعش» من المدينة وريفها، لولا وجود توافق إقليمي ودولي، وقبول واضح من السلطات السورية وحلفائها، على خوض هذه المعركة، وهو توافق نادر لا يشبهه إلا التوافق حول نزع السلاح الكيميائي. وهذا ما يفسر لنا لماذا توقف تقدم «وحدات حماية الشعب» الكردية بعد انسحاب «داعش» من ريف عين العرب ووصوله إلى خطوط التماس القديمة. وذلك لأن التوافق الضمني الذي حصل يشمل فقط منطقة عين العرب دون غيرها من المناطق الأخرى. فما حصل في عين العرب لا يمكن تصور حدوثه في الرقة مثلاً، لأن الرقة تحتاج إلى خلق توافق جديد وفق معايير مختلفة. وهنا يتضح سبب التعثر الذي تعاني منه معركة تكريت في العراق حالياً، وهو غياب التوافق الإقليمي والدولي على إكمال هذه المعركة. أما السبب المعلن لتوقفها، والمتعلق بكثافة العبوات، فإنه غير مقنع على الإطلاق. وقد يكون تحرك السيد عمار الحكيم باتجاه الأردن خطوة على طريق إنجاز التوافق المطلوب.

وهذا يعني أن وراء «داعش» تكمن مشكلة هي في الحقيقة أكبر وأضخم منه، هي مشكلة صراع الأجندات والمصالح، وما لم تحصل تسوية لهذا الصراع سيبقى انهيار «داعش» على المدى المنظور مجرد سراب.

السفير

 

 

 

 

إلى داعش… الإنترنت أم الجدران العازلة؟/ فاطمة العيساوي

كلما أعلن عن انضمام أعداد جديدة من المراهقين البريطانيين إلى صفوف داعش، خرجت علينا عائلاتهم لتستنكر، تنفي، تستغرب، تشجب…تنفي مسؤوليتها عن خروج الأولاد عن طاعتها إلى طاعة متطرفي داعش. وآخر هذه الحالات قضية الأطباء التسعة البريطانيين السودانيين الذين اختاروا “الهجرة” إلى سورية للعمل في مستشفيات داعش، وهي قضية حيرت أجهزة الأمن والرأي العام البريطانيين. هل يصنف هؤلاء إرهابيين، باعتبار أن العمل تحت إمرة المجموعة المتطرفة يفترض، بالضرورة، حمل السلاح، أم إن دورهم الإنساني يجعلهم في منأى عن أي ملاحقات ممكنة بتهمة الإرهاب؟ نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مصدر حكومي قوله إن “القرار صعب، ويتوقف على طبيعة النشاطات التي سيقومون بها، وإذا ما كانت هذه النشاطات ذات طابع إرهابي”. وأشارت الصحيفة إلى وجود رغبة لدى الأوساط الحكومية المعنية للتمييز بين “هجرة” النساء إلى جمهورية داعش للزواج من “مجاهدين”، وتوجه الرجال البريطانيين إلى المنطقة رغبة للقتال في صفوف داعش.

يطبق التساهل نفسه على حالة المراهقات الثلاث اللواتي اخترن السفر إلى سورية للانضمام إلى صفوف داعش زوجات، من دون أن تتمكن القوى الأمنية البريطانية والتركية من منع هجرتهن. من المرجح ألا تواجه الفتيات أي ملاحقة قضائية، لغياب الدليل على تورطهن في نشاطات إرهابية. وتقدر معلومات الصحف عدد الفتيات البريطانيات اللواتي انضممن لدولة داعش بثمانية على الأقل منذ الصيف الفائت، في حين يتوقع أن تكون الأعداد أعلى بكثير، بسبب تكتم الشرطة والعائلات.

لا تظهر السير الشخصية لهؤلاء الشبان والشابات أنهم أقبلوا على التدين فجأة، أو تلقنوا أصول التشدد الديني من الإنترنت، كما تروج حملات مواجهة التطرف الحكومية. بل تظهر هذه السير أن عملية التلقن تمت تدريجاً في البيت أو المدرسة أو عن طريق شلل الرفاق. على سبيل المثال، تحولت جميلة هنري، إحدى “المهاجرات” إلى دولة داعش التي تم توقيفها في أحد المطارات البريطانية، وهي تحاول العودة إلى البلاد، تحولت إلى الإسلام عن عمر 14 عاماً، باعتبار ذلك كان “الاتجاه الرائج” في المدرسة، آنذاك، كما قالت شقيقتها التوأم التي اعتبرت أن جميلة قررت الرحيل، “لأنه لم يعد بإمكانها تحمل البقاء، هنا، لكونها مختلفة جداً” عن فتيات بيئتها وجيلها، بحسب تقرير لصحيفة المترو الشعبية المجانية. وقد تم إلقاء القبض على جميلة، لدى عودتها من سورية، حيث تعيش مع زوجها وابنها، لاستخدامها هوية شقيقتها لدخول البلاد، وليس على أساس تهمة الإرهاب.

كانت ردة الفعل الأولى لعائلات هؤلاء الشبان إنكار فعلة الأبناء العاقين، التبرؤ منهم واتهام الشرطة والأجهزة الأمنية بالتقصير في كشف مساعيهم. في حالة “الخاطبة الجهادية” الشابة أقصى محمود التي تعتبر الأكثر نشاطاً في اجتذاب الفتيات للالتحاق بصفوف داعش، أعلنت العائلة أن ابنتها “ألحقت بها العار”، وأنها “تشعر بالغضب والرعب” لدور ابنتها في تجنيد مراهقات. واتهمت عائلات المراهقات الثلاث الشرطة بالتقصير، في حين قررت عائلات الأطباء الشبان الذين توجهوا إلى سورية، بحجة المساعدة الإنسانية، السفر إلى تركيا، معتبرة أن مساعي الشرطة البريطانية غير مجدية. وقد بررت خيار إرسال هؤلاء الشبان للدراسة في السودان بالرغبة في إبقائهم على تواصل مع ثقافتهم وجذورهم الإسلامية.

“لم يخطر في البال أن عزلة الأولاد التي غالبا ما تتجذر في المدرسة، بحجة الحفاظ على الجذور الثقافية، خوفا من “غزو العادات الغربية”، قد تولد نتائج غير مرجوة”

إذن، عائلات المهاجرين والمهاجرات إلى دولة داعش ضحايا شذوذ الأولاد عن المسار الذي كان من المفترض أن يسلكوه، من دون أن يحيدوا عنه خطوة. لا تتحمل العائلات أي مسؤولية عن انحراف أولادها، وكأن غربة هؤلاء التدريجية عن بيئتهم كان يفترض أن تؤدي، ببساطة، إلى النتيجة التي كان يتوقعها الأهل: تعايش سطحي بين هذه البيئة والأولاد الذين تربوا في مدارس دينية، تخضع لسيطرة “المجموعة الثقافية” التي ينتمون إليها، وعقدوا صداقاتهم فيها، وقد تكون فرص حصولهم على عمل خارج إطار هذه المجموعة شبه معدومة. في المجتمع البريطاني، حيث تتعايش ما تسمى “المجموعات الثقافية” جنباً إلى جنب، من دون أن تتمازج فعليا، كان على الأولاد أن يكتفوا، كما فعل آباؤهم، بالاندماج السطحي بحده الأدنى مع المجتمع الأم. لم يخطر في البال أن عزلة الأولاد التي غالبا ما تتجذر في المدرسة، بحجة الحفاظ على الجذور الثقافية، خوفا من “غزو العادات الغربية”، قد تولد نتائج غير مرجوة، وأن يختار الأولاد القطيعة التامة مع بيئتهم، بل أن يعلنوا الحرب عليها في أبشع أشكالها.

دعت أقصى محمود الشبان المسلمين إلى الهجرة، أو شن هجمات على الأراضي البريطانية لمن لا ينجح بالهجرة. وظهرت في إحدى الصور التي نشرتها في وسائط الإعلام الحديث وهي تحمل رأس مقاتل سوري. كيف تحولت أقصى إلى كل هذا الجنون؟ يسأل الأهل والأجهزة الأمنية، ويجد الكل جواباً شافياً ومريحاً في إلقاء اللوم على الإعلام الحديث، القادر على تحويل الشبان، بين ليلة وضحاها، من الحياة المدنية العادية إلى الإرهاب. ولعل الإجابة عن السؤال تفترض تفادي هكذا تبسيط إلى البحث في ما يرغب الجميع في تجنب الخوض به، بحجة الخوف من التمييز ضد المجموعات الثقافية: ماذا يجري داخل الجدران العازلة للعائلة والمدرسة، وغيرهما من بيئات “المجموعة الثقافية” التي لم يتح لهؤلاء الشبان خيار الخروج عن الانتماء إليها، وهو انتماء يمارسونه، بلكنة إنكليزية، ذات نكهة “ثقافية” خاصة.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى