مقالات تناولت مبدرات الحل السياسي في سورية
مبادرات سلام من أجل سوريا
الهدنات المحلية حلحلة للمعضلة السورية بشرط المراقبة الأممية
لا يزال الحل الشامل للأزمة السورية بعيد المنال. كما أن تجميد القتال لن ينجح من دون مراقبة تتولاها الأمم المتحدة. ومن أجل التخفيف من معاناة الشعب السوري وبناء الثقة في المفاوضات، لا بد من تنفيذ مبادرات السلام المحلية بمساعدة دولية، بحسب رأي الخبيرة في الشؤون السورية كريستين هيلبيرغ في تعليقها التالي لموقع قنطرة.
“استراتيجيات السلام” كلمة كبيرة. وهي كبيرة جدًا بالنسبة لما يجري حاليًا في سوريا وما حولها. ولكن على أية حال توجد محادثات وأفكار جديدة، من الممكن أن تساهم إلى حدّ ما في التخفيف من معاناة السوريين – بشرط ألاَّ يتم دعمها بالكلمات فقط.
هناك ثلاثة تطوُّرات تسير في الوقت نفسه: أولاً تحاول روسيا جمع ممثِّلين عن النظام السوري وعن المعارضة حول طاولة المحادثات في موسكو. وثانيًا تناقش أهم مجموعات المعارضة السورية خارطة طريق من أجل تغيير النظام في دمشق تغييرًا تدريجيًا. وثالثًا يدعو المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، إلى تجميد الصراع محليًا، من أجل إيقاف تقدُّم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتمهيد الطريق للمفاوضات.
من النظرة الأولى لا يبدو كلُّ هذا مقنعًا جدًا، بيد أنَّ مَنْ يمعن نظره، يلاحظ وجود بعض الفرص، التي توجد من بينها فرصة تكمن في موسكو، ولكن ليس بفضل هذا المؤتمر الذي يجمع المعارضة والنظام في موسكو. تعتبر المحادثات بين النظام والمعارضة في الوضع الراهن إضاعة وقت. فالرئيس بشار الأسد يرفض تسليم السلطة ولا يوجد أي معارض جاد على استعداد للمشاركة في الحكم تحت قيادة الأسد. زد على ذلك أنَّ كلا الطرفين لا يملكان سوى تأثير محدود على الحرب في سوريا.
إنَّ المتمرِّدين في سوريا لا يبالون بما يُقرِّره الائتلاف الوطني في الخارج، وهذا الأمر بات معروفًا لدينا على أبعد تقدير منذ مؤتمر سوريا الأخير الذي باء بالفشل في شهر شباط/ فبراير 2014. ولكن في هذه الأثناء لم يعد الأسد أيضًا يسيطر على القوَّات التي تقاتل إلى جانبه. والنظام يعاني من نفاد المال والجنود.
خسائر فادحة في سيطرة النظام – “يعود الفضل في تمكُّن الأسد من الحفاظ على بعض المناطق واستعادة مناطق أخرى إلى مؤيِّديه الأجانب وليس إلى تأييده في داخل البلاد. وحتى أنَّ الكثيرين من العلويين في الساحل تعبوا من التضحية بأبنائهم من أجل احتفاظ الأسد بالسلطة – أما الذين يقاتلون بمحض إرادتهم فلا يزالون يفعلون ذلك فقط من أجل حماية أهاليهم في اللاذقية وطرطوس، ولكن ليس لإستعادة الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية”، بحسب كريستين هيلبيرغ.
انهيار سيطرة الأسد التامة
وبصرف النظر عن بعض وحدات النخبة، التي تخضع للرئيس بصورة مباشرة، لم يعد هناك أي وجود للجيش العربي السوري. أمَّا القوَّات المتبقية فيتم توجيهها من قبل إيران، وإلى جانب هذه القوَّات يحارب حزب الله اللبناني وقوَّات الدفاع الوطني NDF – وهي ميليشيات محلية تكوَّنت من “الشبيحة” وكذلك من قوَّات الدفاع المدني المنظمة على أساس طائفي. وبعض قادتها أصبحوا – من خلال الدفاع عن مناطق معيَّنة وإيرادات التهريب والابتزاز وعمليات الخطف – أقوياء إلى درجة أنَّهم باتوا ببساطة يتجاهلون الأوامر التي تصدر من دمشق وتتعارض مع مصالحهم. وهكذا تنهار سيطرة الأسد التامة.
وهنا بالضبط تكمن الفرصة مع روسيا. وذلك لأنَّ بعض المعارضين، الذين سافروا في الأسابيع الماضية إلى موسكو، حاولوا أن يبيِّنوا لممثِّلي الكرملين: أنَّ الأسد غير قادر على تحقيق الاستقرار في سوريا، ولا يستطيع هزيمة الإرهاب وإحلال السلام في البلاد، لأنَّه لم يعد “مسيطرًا”، بل أصبح يعتمد على الآخرين.
وفي الحقيقة يعود الفضل في تمكُّن الأسد من الحفاظ على بعض المناطق واستعادة مناطق أخرى إلى مؤيِّديه الأجانب وليس إلى تأييده في داخل البلاد. وحتى أنَّ الكثيرين من العلويين في الساحل تعبوا من التضحية بأبنائهم من أجل احتفاظ الأسد بالسلطة – أما الذين يقاتلون بمحض إرادتهم فلا يزالون يفعلون ذلك فقط من أجل حماية أهاليهم في اللاذقية وطرطوس، ولكن ليس لاستعادة الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية.
تحاول موسكو تقسيم المعارضة السورية بغية حمل بعض أعضائها على المشاركة في حكومة وحدة وطنية مزيَّفة يقودها بشار الأسد – و(المرجوّ) هنا أن تبوء هذه المحاولة بالفشل. أمَّا مجموعات المعارضة الرئيسية الثلاث – أي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي وتيار بناء الدولة السورية – فلا تزال تصارع من أجل خطة مشتركة. بيد أنَّ هذه المجموعات الثلاث متَّفقة على أنَّ انسحاب الأسد لا يمكن أن يكون شرطًا مسبقًا لإجراء محادثات، ولكنه يجب أن يكون بكلِّ تأكيد نتيجة منطقية لانتقال سياسي حقيقي.
حصاد الرعب – بحسب معلومات المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، فقد أسفرت الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ نحو أربعة أعوام عن قتل مائتين وعشرين ألف شخص، وتشريد أكثر من عشرة ملايين مواطن سوري هربوا من العنف – بحسب بيانات الأمم المتَّحدة.
إعادة توزيع السلطة على نحو تدريجي
ولهذا السبب يجب على موسكو أن تُعيد تفكيرها وأن تدرك أنَّ إنقاذ الدولة السورية لا يرتبط باحتفاظ الأسد بالسلطة. بل على العكس من ذلك. إذ إنَّ الذي يريد المحافظة على هياكل الدولة في سوريا يجب عليه أن يعمل من أجل إعادة توزيع السلطة على نحو تدريجي، وتحديدًا ليس على نطاق واسع، بل على نطاق ضيِّق.
وبهذا سوف نكون قد وصلنا إلى المسألة الثالثة، أي تجميد القتال وخوض تجارب وقف إطلاق النار والهدنات المحلية. لقد أدرك ستيفان دي ميستورا أنَّ الحلَّ الشامل للأزمة السورية يعتبر أمرًا غير واقعي في الوقت الراهن. وفكرته المتمثِّلة في تجميد القتال أولاً في حلب تبدو فكرة جيدة – فالحياة اليومية من دون البراميل المتفجِّرة والقنَّاصة ستكون بالنسبة للأهالي مصدر ارتياح كبير. ولكن مع ذلك فإنَّ وقف إطلاق النار بشكل دائم يبدو أمرًا غير واقعي، طالما لم يتم استخلاص الدروس الصحيحة من التجارب التي تم خوضها حتى الآن مع الهدنات السابقة.
ومن أجل فهم الوضع بشكل أفضل تجدر الإشارة إلى وجود العشرات من المبادرات المحلية في جميع أنحاء سوريا. وفي هذه المبادرات تتفاوض الأطراف المدنية الفاعلة والمتمرِّدون وممثلو النظام والجيش وقوَّات الدفاع الوطني الآنفة الذكر على اتِّفاق لوقف إطلاق النار في تشكيلات مختلفة. وفي الأشهر الماضية تم إجراء العديد من الدراسات حول إبرام هذا الاتِّفاق وجدواه وقد وصلت على الرغم من الآراء المختلفة إلى نتائج متشابهة:
أولاً، إنَّ معظم اتِّفاقيات وقف إطلاق النار والهدنات يتم فرضها من قبل النظام في منطقة ما من خلال عمليات محاصرتها وتجويعها وقصفها المكثَّف. ثانيًا، كثيرًا ما يفرض النظام شروطًا تعتبر بالنسبة لجماعات المعارضة والمتمرِّدين المحلية بمثابة استسلام. ثالثًا، لا يتم تحديد شكل التنفيذ على نحو مفصَّل بما فيه الكفاية ولا تتم مراقبته من قبل أية هيئة مستقلة، بحيث لا يتم تحقيق الاتِّفاقيات أو بالأحرى يتم خرقها (من خلال الإبقاء على المساعدات الإنسانية قليلة للغاية وعدم إخلاء المدنيين بشكل تام وعمليات اعتقال المتمرِّدين أو قتلهم في وقت لاحق وكذلك تجديد الحصار). رابعًا، تقوم على كلا الطرفين الجماعات المتطرِّفة أو الداعمون الإقليميون (إيران وتركيا) بعرقلة أو تقويض عملية الاتِّفاق، عندما يعرِّض هذا الاتِّفاق مصالحها الخاصة للخطر. وخامسًا، كثيرًا ما تستغل جميع الأطراف المتحاربة عملية وقف إطلاق النار فقط من أجل التسلح والاستعداد لمعارك أخرى. فجميع الأطراف الفاعلة لا تملك إرادة السلام.
رحَّب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بمؤتمر موسكو حول سوريا باعتباره مبادرة جادة. وقال إن من الممكن البدء في موسكو بحوار قابل للحياة بين الطرفين. وستيفان دي ميستورا يدعو حاليًا لخطته الرامية إلى “تجميد” النزاع. ولكنه اضطر إلى الاعتراف بعدم موافقة أي طرف حتى الآن على خطة التخفيف من حدة التصعيد.
من أجل التفاوض محليًا على هدنة
ولكن مع ذلك فإنَّ النهج المحلي صحيح. وذلك لأنَّ الاستعداد للتفاوض مع العدو والتوصُّل إلى حلول وسط يعتبر لدى الأهالي المنهكين من الحرب داخل سوريا أكبر بكثير من استعداد السياسيين والقادة، الذين يطالبون من أماكنهم البعيدة عن الحدث بمطالب قصوى غير واقعية ويعملون بالتالي على إطالة فترة الصراع. وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ ظروف المعيشة والتركيبة الاجتماعية وكذلك موازين القوى السياسية والعسكرية في سوريا تختلف كثيرًا بحسب المناطق، بحيث لا يمكن التوصّل إلى حلّ ساري المفعول في عموم البلاد.
وبما أنَّ وصفات الحلول المقرَّرة من أعلى تسير إلى الفراغ، ينبغي بدلاً عن ذلك تعزيز دور الأطراف المدنية الفاعلة ميدانيًا – مثل اللجان المحلية والمجالس البلدية والقروية والزعماء الدينيين ورجال الأعمال المؤثرين وكذلك شيوخ القرى وزعماء العشائر. فقد أظهرت الدراسات أيضًا أنَّ اتِّفاقات وقف إطلاق النار تتم قبل كلِّ شيء هناك وأنَّ مصلحة الأهالي تؤخذ في عين الاعتبار حيث توجد هياكل مدنية قوية.
أمَّا الرؤية التي تنتج عن ذلك فتبدو على هذا النحو: يتم التفاوض محليًا على هدنة لوقف إطلاق النار، ولكن يتم فرضها ومراقبتها من قبل هيئة محايدة لديها تفويض قوي من هيئة الأمم المتَّحدة. وهذه الهيئة تقوم بمراقبة وبتمويل قدرة الإدارات والبنية التحتية على العمل. وتستمر دوائر الأحوال المدنية والمحاكم والشرطة ومحطات توليد الطاقة وسلطات المياه … إلخ في مواصلة عملها، ويتم إصلاحها أو إعادة بنائها.
والهدف من ذلك هو المحافظة على الهياكل الحكومية من دون أن يتم الاستيلاء على هذه الهياكل من قبل نظام الأسد. وعلى هذا النحو ينشأ من وقف إطلاق النار بديل سياسي جدير بالثقة مع حياة يومية سائرة ورسالة فعَّالة مفادها أنَّ المفاوضات مجدية وجديرة بالاهتمام!
ولكن إذا استمر ستيفان دي ميستورا في حديثه حول تجميد المعارك، من أجل العمل بشكل جماعي ضدَّ تنظيم الدولة الإسلامية، فهذا يعني أنَّه لم يفهم دينامية الأشهر الماضية. وذلك لأنَّ محاربة إرهاب الجهاديين مع تجاهل إرهاب الأسد تؤدِّي إلى الاستمرار فقط في جعل السوريين – المدنيين منهم والمتمرِّدين – يصبحون متطرِّفين. فالأسد يتحمَّل المسؤولية الرئيسية عن العنف في سوريا، ولذلك لا يجوز صرف النظر عن إنهاء حكمه.
وفي الحقيقة إنَّ هدنات وقف إطلاق النار المحلية تتيح الفرصة لخلق موازين القوى الجديدة على خطوات صغيرة. ولذلك يجب على ستيفان دي ميستورا أن يبذل كلَّ شيء من أجل كسب مجلس الأمن الدولي – بما فيه روسيا – لصالح دعم هذه الهدنات.
كريستين هيلبيرغ
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: قنطرة 2015
خريطة لتوازنات «قوى المعارضة» و«الحركات المسلحة» في الأراضي السورية/ منى علمي
الوقائع الميدانية تشير إلى وجود 3 كتل رئيسية
بيروت
بعد نحو أسبوعين من سيطرة القوات الكردية على مدينة «كوباني» بدعم من ضربات التحالف الجوية، تبدو سوريا اليوم منقسمة أكثر من أي وقت مضى؛ فما الوضع العسكري الراهن على الأرض؟ وكيف تطورت المعارك خلال الأشهر الستة الماضية؟
تظهر الوقائع الميدانية أن سوريا اليوم منقسمة إلى ثلاث كتل رئيسية؛ أولها المنطقة الغربية، وتشمل دمشق وضواحيها، ومنطقة السويدي واللاذقية الممتدة حتى حلب، التي لا تزال في الغالب تحت سيطرة قوات نظام الأسد، في حين تنتشر المعارضة السورية في محافظة إدلب والريف الغربي لحلب، وتسيطر على أجزاء من شمال حماه وريف حمص وحي الغوطة، فضلا عن محافظتي درعا والقنيطرة. أما المناطق الشمالية الشرقية فخاضعة لـ«داعش».
يشير يزيد صايغ الباحث الرئيسي في مركز كارنيغي لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن العام الماضي شهد تطورات عدة، تمثلت أولا في تمكن النظام تقريبا من محاصرة حلب، ومن ثم نجاح داعش بإخراج جميع الفصائل، باستثناء تلك التابعة للنظام، من المناطق الخاضعة لسيطرته. فضلا عن ذلك، تقدمت جبهة النصرة في جنوب سوريا وفي القنيطرة (على الحدود مع لبنان وإسرائيل). غير أن القضية الأهم في الأشهر الثلاثة الأخيرة كانت اتساع نطاق المعارك بين جبهة ثوار سوريا وحركة حزم من جهة، وجبهة النصرة من جهة أخرى، في منطقة إدلب وحلب الغربية، حسبما أشار إليه صايغ خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط».
تمكن جيش نظام بشار الأسد من تطويق المسلحين في مدينة حلب الشمالية التي لم تعد تحوي اليوم أكثر من 500.000 مدني، بحسب مؤسسة «ريش»، نتيجة الاستخدام المركّز للبراميل المتفجرة. «كما لم يبقَ أمام المدنيين الراغبين بالهروب من المدينة سوى طريق واحد نحو الشمال»، وفق ما أشار إليه الخبير الفرنسي المختص بالشؤون السورية (فابريس بالنش) في حديث إلى «الشرق الأوسط».
في موازاة ذلك، لا تزال الدول الغربية والعربية تناقش إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المدينة.
في المقابل، تمكن «داعش» من إحكام قبضته على المناطق المحيطة بالرقة ودير الزور.. «ونجح بالسيطرة على آخر المعاقل العسكرية من مدينة طبقة (في الرقة) ووادي ضيف (خارج معرة نعمان)»، بحسب بالنش.
غير أن تقارير عدة ذكرت أنه في منطقة البوكمال في محافظة دير الزور الواقعة على طول الحدود السورية العراقية، التي يعدها التنظيم جزءا من «خلافة الدولة الإسلامية»، انحسر وجود «داعش» في الشهر الماضي، على الأرجح بسبب سلسلة الاغتيالات التي طالت عناصره وضربات التحالف الجوية بقيادة الولايات المتحدة، بحسب الموقع «Syriadirect»، ويُعتقد أن «داعش» عمد إلى سحب بعض من قواته من البوكمال» وأجزاء أخرى من دير الزور باتجاه العراق، محاولا صد هجوم الجيش العراقي الجديد ضد مواقعه في محافظة الأنبار، مما قد يُفسر أيضا بتضاؤل وجود المجموعة في المدينة.
أما محافظة درعا، فتشهد تقدم المعارضة السورية بشكل بطيء إنما ثابت، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان. تطورت الأوضاع في درعا، بعد أن سيطرت «جبهة النصرة» على اللواء 82 في مدينة الشيخ مسكين. وجاء رد النظام قاسيا، لما لهذه المنطقة من أهمية؛ سواء للنظام أو للمعارضة، باعتبارها طريق الإمداد الرئيسي بين دمشق ودرعا. وقد استهدف النظام، بصر الحرير، الواقعة إلى شرق اللواء 82، على مقربة من طريق الإمداد الذي يستخدمه، بحسب «Syriadirect.» علما بأن السيطرة على اللواء 82 و«الشيخ مسكين»، بعد أكثر من شهرين من القتال مع النظام يمثل انتصارا مهما للمتمردين في إقليم تميز بخلاف هذه العملية بجمود كبير على مدى العامين الماضيين.
وفي جنوب درعا، في منطقة القنيطرة، وردت أنباء عن تنسيق بين إسرائيل وجبهة النصرة. وذكر تقرير للأمم المتحدة شمل الفترة الممتدة من مارس (آذار) إلى مايو (أيار) 2014 أن قوة الأمم المتحدة لمراقبة فصل القوات في الجولان (إندوف) رصدت تواصلا بين المتمردين والجيش الإسرائيلي، عبر خط وقف إطلاق النار في الجولان، لا سيما خلال الاشتباكات العنيفة التي وقعت بين الجيش السوري والجبهة. وأكد التقرير أن قوات الأمم المتحدة رصدت المتمردين ينقلون الجرحى عبر خط وقف إطلاق النار إلى داخل منطقة تحتلها إسرائيل.
من ناحية أخرى، واجهت منطقة الحسكة الخاضعة للنفوذ الكردي توترات جديدة. حيث اشتعل الوضع منذ 3 أسابيع تقريبا عندما بدأ توزيع الغاز الذي ارتفع سعره بشكل كبير في العام الماضي إلى المدنيين الأكراد في الأحياء التي تحكمها القبائل العربية الموالية للنظام، وفقا لموقع «SyriaDirect»، مما أدى إلى حملة اعتقالات انتهت بصدامات بين القبائل العربية وقوات وحدات حماية الشعب (YPG)، سرعان ما تحولت إلى اشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل العشرات، علما بأن هذه المواجهات تناقض الاتفاق الضمني القائم منذ منتصف 2012 بين النظام ووحدات حماية الشعب في المدينة، عندما شكل الجانبان تحالفا لمحاربة مقاتلي الجيش الحر سابقا ومقاتلي «داعش».
يرد صايغ سبب هذه الاشتباكات إلى محاولة النظام تعزيز سيطرته في المناطق القريبة من الأراضي الخاضعة لـ«داعش»، للاستفادة من الهجوم المحتمل الذي يُرجح أن تنفذه قوات التحالف في الموصل في الربيع المقبل؛ فـ«الأسد يسعى إلى تأمين اتصال مباشر مع العراق، إذا ما حصل فراغ بعد هذا الهجوم.. فراغ قد تحتاج الولايات المتحدة لمن يسده، وبالتالي يسعى الأسد إلى اتخاذ موقع يسمح له بالتفاوض مع الولايات المتحدة»، بحسب صايغ.
غير أن بالنش لا يوافق على هذا الرأي، معتبرا أن النظام ليس مهتما بفتح جبهة جديدة ضد الأكراد، مضيفا أن «(داعش) هو التنظيم الأخير الذي يريد الأسد تدميره، بما أن وجوده حاليا يصب في مصلحته استراتيجيا، مع ذلك يعلم الرئيس السوري جيدا أنه سيكون عليه مواجهة التنظيم عاجلا أم آجلا».
تطور مهم آخر تمثل في الجهود التي بذلتها جبهة النصرة لإخراج المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة (حركة حزم) من المعاقل الشمالية في إدلب. وبحسب تقرير «معهد دراسة الحرب»(Institute for the Study of War)، انضمت المجموعة المتمردة؛ حركة حزم، رسميا، لائتلاف «الجبهة الشامية» بقيادة «الإسلاميين» بعد عدة أيام من الاشتباكات مع «جبهة النصرة» في محافظة حلب الغربية، تمكنت خلالها جبهة النصرة من السيطرة على عدة مواقع كانت خاضعة لحركة حزم، بما في ذلك قاعدة الشيخ سليمان العسكرية.
إلى ذلك، أوردت تقارير أن جبهة النصرة والجبهة الشامية أسستا «غرفة عمليات عسكرية في ريف حلب الجنوبي».
ووفقا لمعهد دراسة الحرب، فإن اندماج حركة حزم ضمن الجبهة الشامية إنما يدل على الانخراط المتزايد للعناصر المعتدلة ضمن هياكل يهيمن عليها «الإسلاميون» في شمال سوريا، كما على فشل المساعدة الدولية للمعارضة المعتدلة بصورة فعلية، أضف إلى أنه مناورة ناجحة لمواجهة نفوذ جبهة النصرة، تقوم على تجميد الاشتباكات بين حركة حزم وجبهة النصرة، عبر وضع حركة حزم تحت حماية «الجبهة الشامية»، «غير إن إنشاء غرفة العمليات المشتركة يشكل نوعا من التنازل لصالح جبهة النصرة، ويرسخ في الوقت عينه وقف الأعمال العدائية في حلب ويحافظ على نفوذ جبهة النصرة»، بحسب التقرير.
أما في العاصمة السورية، فقد نجح النظام في تعزيز وجوده، بما أن أولويته هي اليوم حماية دمشق وتنظيف الغوطة من المتمردين، وفق بالنش. لذلك، نفذ النظام عدة غارات جوية على مواقع في الغوطة كان يتمركز فيها جيش الإسلام لقصف وسط دمشق.. «كما تقدم النظام أيضا في مليحة وجوبر»، على حد قوله.
ورغم الضربات التي ينفذها النظام في دمشق، والتقدم الذي حققه في مناطق معينة مثل دمشق وحلب، يبدو أن قوات الأسد عرضة لخطر أكبر في أجزاء أخرى من البلاد، حيث نجح «داعش» بإحراز تقدم في محافظة حماه الشرقية وحمص، في حين تقدمت النصرة في الجنوب، وفقا لصايغ الذي يضيف أن «داعش» قد وصل إلى حدود تمدده الطبيعي في الغرب، في الوقت الذي يبدي فيه السوريون تضامنا أكبر تجاه «جبهة النصرة»، نظرا للنسيج الاجتماعي السوري لا سيما في الغرب.
* باحثة غير مقيمة في المجلس الأطلسي.. مركز رفيق الحريري لدراسات الشرق الأوسط
الشرق الأوسط
حصيلة «منتدى موسكو» السوري: الحل لم ينضج إيرانياً/ عبدالوهاب بدرخان
ليس معلوماً الى من كان يتوجه سيرغي لافروف، خلال لقائه مع السوريين المدعوين الى «منتدى موسكو»، حين دعا الى «الاستعداد لتقديم تنازلات» و»تغليب الحوار» و»إيجاد حل وسط». اذ إن وفد النظام اعتُبر متواضع التمثيل رغم وجود بشار الجعفري على رأسه، وهو سفير فوق العادة يمثل صلب النظام ويتمتع برضا ايراني، ولم يكن الوفد مخوّلاً البحث في حلول وإنما بمخاطبة الطرف الآخر (المعارض) لإبلاغه رسالتين: أن النظام باق ويرحّب برضوخهم لشروطه وعودتهم الى طاعته، وأنه مستعد لأي حوار هدفه الاتفاق على هدف مشترك هو محاربة الإرهاب. أما المعارضون الحاضرون فلا يملكون ما يتنازلون عنه وإنما دُعوا ولبّوا وفقاً لمعايير سبق لبشار الأسد أن حددها في خطبه ووافقت عليها طهران ثم برهنت موسكو فعلياً أنها قبلتها.
كان المشهد العام لـ «منتدى موسكو» يشبه الى حد كبير اللقاء الذي نظم في العاشر من تموز (يوليو) 2011 في اطار «الحوار» الذي رتّبه النظام وكلف نائب الرئيس آنذاك فاروق الشرع بتنظيمه وترؤسه. ولو قورنت النقاط العشر التي اتُفق/ لم يُتفق عليها في موسكو بـ «الوثيقة» التي قيل إن لقاء دمشق توصل اليها، لأمكن ايجاد مضمون مشترك، علماً أن «الوثيقة» كانت أكثر عمقاً وشمولاً، وأكثر انشائيةً ورطانةً بطبيعة الحال باعتبار أنها مجرد ورقة لم يراهن أحد على أنها يمكن أن تؤسس لـ «حل سوري – سوري»، علماً أن هذا الشعار كان ولا يزال صحيحاً، لكن النظام الذي كان أول من استخدمه وأصرّ عليه (ورد في مبادرة الجامعة العربية) كان أيضاً أول من أحبط ثم دمّر إمكان تطبيقه. اذ لم يستطع «وقف العنف» كشرط ضروري لازم للبدء بأي حوار.
لا بدّ أن المبادئ الثلاثة التي حددها لافروف موجّهة أولاً الى النظام، والأساسي فيها كلمات ثلاث هي «التنازلات» و»حلول وسط». وليس مؤكداً أن روسيا توصّلت الى إقناع الإيرانيين ثم النظام بجدوى التنازل أو بوسطية الحلول، على افتراض أن روسيا نفسها مقتنعة. فالأطراف الثلاثة المتحالفة تعتبر أن المعارضة هُزمت عسكرياً وأن «أصدقاءها» عمّقوا هزيمتها سياسياً، ولذلك لم يُبذل أي ذكاء أو حنكة في دعوتها أو بالأحرى عدم دعوتها الى حوار موسكو، وتقرر عقد «المنتدى» بـ «من حضر». وبعدما حضروا تبيّن أنه لا يمكن بأي حال تخريج أي حل مع هؤلاء، فأكثر من الثلثين منهم يستحيل تصنيفهم بأنهم «معارضون» ولعلهم لم يعرفوا لماذا وجّهت إليهم الدعوة. والأكيد أن غالبيتهم لا علاقة لها بما يعتبره النظام وحلفاؤه «ارهاباً» ولا قدرة لها على مكافحته، لكن عدداً منهم استُخدم في تبرير «ارهاب النظام»، وثمة أفراد بينهم هم من «الشبيحة» المعروفين ومع ذلك جيء بهم كمعارضين.
وطالما أن النظام لا يزال يستخدم الإرهاب عنواناً للتملّص من أي حل سياسي، كما فعل لإجهاض مفاوضات جنيف، وكما لا يزال مصرّاً في حوار موسكو، وبتزكية من لافروف، فهذا يعيد الأمور الى نصابها: لا تغيير في موقف روسيا، بل انها أماتت تدريجاً الحديث عن أن لديها مبادرة، وبالتالي لا تغيير في معطيات الأزمة. لكن الروس يريدون مفاوضات للاتفاق على اجراءات لـ «بناء الثقة بين النظام وقوى المعارضة والمجتمع المدني»، ويجب التساؤل هنا هل أن هذه الإجراءات مطلوبة الآن أم في سياق «محاربة الإرهاب» أم في ما بعد، وهل أن النظام طرف صالح ومؤهل لمحاربة الإرهاب، وإذا لم يمانع «المعارضون» الاتفاق معه ضد الإرهاب فهل يمكنه التزام اجراءات سياسية تتطلّب منه تنازلات ذات طابع أمني – عسكري؟
تساؤلات لا بد منها لأن أول البنود العشرة التي قيل إن «منتدى موسكو» توصّل اليه ينص على «وقف عمليات القصف العشوائي». فمنذ اليوم الأول اعتبر النظام أن بقاءه يتوقف على التقتيل اليومي، ولما كان منذ اسقاط حمص والقلمون لم يعد يخوض أي قتال لاستعادة مناطق فإن القصف بالصواريخ والبراميل بات عنواناً لوجوده، اذ يشعر بأن وقف التقتيل ايذان بضعفه وتلاشيه، لذلك فهو لا يستطيع الإقلاع عنه لمجرد بناء ثقة مع أي معارضين، لا سيما الذين اختار معظمهم للذهاب الى «حوار موسكو». أما «اطلاق سراح معتقلي الرأي والناشطين السلميين والنساء والأطفال» فهو يمسّ ايضاً عصباً وجودياً عند النظام الى حدّ أنه لم يهتم اطلاقاً بجنود أو بمدنيين من مواليه خطفوا أو وقعوا في الأسر عند المعارضة، أما معتقلوه فهم رهائن يستخدمهم للترهيب أو للابتزاز، أو لتدريب «شبيحته» على عمليات التعذيب من أجل القتل.
بين «اجراءات الثقة» أيضاً «السماح بإدخال الأدوية والأغذية والمساعدات الإنسانية»، وكما هو معلوم فإن عدم توفير الإغاثات تحوّل في يد النظام سلاحاً في حصارات التجويع ولم يستغنِ عنه إلا في الحالات التي تحوّل فيها التجويع الى هدنات استسلام. لم يستجب لنداءات منظمات الأمم المتحدة ولا لضغوطها ولا لقرار من مجلس الأمن وافقت عليه روسيا لعلمها أنه لن ينفّذ… ولا داعي للتوقف عند «تشكيل هيئة لحقوق الإنسان في سورية يحق لها التدخل (التدخل؟ أين وكيف؟ مع الأجهزة أم مع «القضاء»؟) ضد الانتهاكات»، أو عند «فتح الإعلام امام جميع السوريين»، فهذه من البنود الواهمة ما دام الأمر يتعلّق بحل يبقى فيه النظام بعقوله، وبالتالي بعاداته وتقاليده.
نأتي الى المهم، ولعله أحد هدفين سعى اليهما التحرك الروسي. فالبند العاشر صيغ بلغة شرطية تقول إنه «ينبغي أن تؤدي أي عملية سياسية الى حصر السلاح في يد الدولة السورية مستقبلاً». وهذا بديهي لكنه يطرح فوراً السؤال: أي عملية سياسية لأي دولة ولأي نظام؟ صحيح أن الصيغة مجرد تسجيل لفكرة لكنها وشت بالنية الحقيقية، وهي أن «الحل المنشود» يقع تحديداً في اطار النظام الحالي الذي لم يغيّر شيئاً في توجّهاته ولا يفكّر في تنازلات ولا يرى أمامه من يستحق أن يتنازل له… أما الأهم، وهو الهدف الآخر، فنجده في الدعوة الى «العمل على رفع العقوبات الاقتصادية والحصار المفروض على الشعب السوري»، ذاك أن روسيا وإيران بلغتا نهاية الطريق في دعمهما المالي والاقتصادي للنظام وترغبان في صدور مطالبة مشتركة (المعارضة + النظام)، بالأحرى من هذه «المعارضة»، برفع العقوبات الموجّهة اساساً للضغط على النظام كي يوقف العنف ويبادر الى تنازلات تعزز التوصّل الى حل سياسي. لكنه لم يفعل، بل لأنه لم يفعل، انعكست العقوبات على الشعب لأن اقتصاد البلاد كان في معظمه في أيدي رجالات النظام المستهدفين بالعقوبات.
تفيد الخلاصة الواضحة والسريعة لهذه القراءة لبنود «منتدى موسكو» بأن الأطراف الثلاثة (النظام وروسيا وإيران) بدأت عملية سياسية لإسدال الستار على «جنيف 1»، وقد اراد المنتدى اظهار ان طبيعة الأزمة تغيّرت (بفعل الإرهاب) على نحو تخطّى بيان جنيف وبالأخص توصيته الرئيسية بـ «انشاء هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة» بما في ذلك ما يتعلق بالجيش والأمن. ورغم القول إن المجتمعين التقوا على مبدأ أساسي هو «وحدة سورية وسيادتها واستقلاله»، فإن تركيز خطط النظام وحلفائه على ما يُعرف بـ «سورية المفيدة» وإقصاءهم المبرمج للمعارضة الفاعلة يناقضان روح الوحدة وجوهرها. لكن الحصيلة المتبقية في يد موسكو هي أن ظروف الحل الحقيقي لم تنضج، ولا تمكن بلورته مع «مَن يحضر» ولا بهذه النقاط البائسة التي عجز النظام عن استجابتها يوم كان قادراً ولم يعد قادراً على الاستجابة اذا لم يأذن له الإيرانيون.
* كاتب وصحافي لبناني
الحياة
في الحسم السياسي للمسألة السورية/ماجد كيالي
تتفق جميع الأطراف الإقليمية والدولية والعربية على تعذّر حل المسألة السورية بالوسائل العسكرية، إذ لا النظام قادر على انهاء المعارضة، ولا هذه قادرة على حسم المعركة لمصلحتها.
المشكلة ان توافقا على هذا النحو بين الأطراف الفاعلين، الدوليين والإقليميين، في الوضع السوري، لا يعني بالضرورة توافقهم على حل سياسي ما، أو على طبيعة هذا الحل، بقدر ما يعني انه من غير المسموح لأي من الطرفين المتصارعين أن يتغلّب على الأخر. ويفيد ذلك، أيضا، أن سوريا ستبقى في الأمد المنظور مجالا مفتوحا للتصارع بين هذه الأطراف، التي باتت بمثابة المقرر في أحوال سوريا، ورسم مستقبلها.
ويمكن هنا التأكيد بأن المسؤولية الأكبر عن هذا الاستعصاء، بعد النظام وحلفائه، إنما تقع على عاتق الإدارة الاميركية، كونها بمثابة القوة الوحيدة القادرة على فرض الحل الذي تريد، على مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، لكنها تشتغل بمعزل عن ذلك، وفقاً لرؤيتها السياسية، أو وفقا لتقديرها لمصالحها.
ويستنتج من ذلك أن المبادرات الثلاث المطروحة في إطار التداول السياسي، في هذه المرحلة، والمتمثلة بمبادرة دي ميستورا بشأن تجميد القتال في مدينة حلب، والمبادرة الروسية بشأن الحوار بين النظام والمعارضة، والمبادرة المصرية المتعلقة ببلورة نوع من حل سياسي، هي لمجرد تقطيع الوقت، ولا يبدو أنها جدية او أن الغرض منها التوصل إلى نتائج عملية حقا.
طبعا، ثمة في الغضون بيان “جنيف 1″، الذي تم صوغه قبل أكثر من عامين، والذي يعتبر الحل الأمثل للمسألة السورية، وفقا للمنظور الدولي، لاسيما بنصه صراحة على تنحية الرئيس، مباشرة او مداورة، من خلال نصه المتعلق بتشكيل هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة، لكن هذا ينطبق عليه ما ينطبق على غيره من مبادرات.
ما يفاقم من تعقيدات المسالة السورية، إضافة الى الافتقاد للإرادة الدولية والإقليمية بشأن فرض الحل السياسي، ان انفجار الوضع السوري، طاول المجتمع، أو الجغرافيا والديموغرافيا، وان الشعب بات خارج معادلات القوة والشرعية. كما يفاقم منه الغياب التاريخي للسياسة، حيث النظام وحلفاؤه من جهة، والمعارضة وحلفاؤها من جهة أخرى، يجد كل منهما نفسه بإزاء الآخر في معركة مصيرية على الوجود.
وبحسب بعض الاحصائيات فإن ضحايا انفجار الوضع السوري، منذ أربعة أعوام، بلغ قرابة المليونين وثمة 40 بالمئة من السوريين باتوا من دون عمل او مأوى، ما يفيد بأننا إزاء كارثة حقيقية وكبيرة، ندر ان شهد مثلها التاريخ.
والسؤال، كم قدر التضحيات التي ينبغي ان يدفعها السوريون كي تتحرك الأطراف الدولية والإقليمية وتضع حدا لهذه المأساة من خلال فرض منطوق “اتفاق جنيف1″؟