ملاحظات أولية حول (نداء روما من أجل سوريا)
اسلام أبو شكير
ملاحظات تفصيلية:
1- (تعيش سوريا الأزمة الأكثر مأساوية في تاريخها بفعل الحل الأمني العسكري في مواجهة الانتفاضة الشعبية المطالبة بالحرية والكرامة، وما أدى إليه من تعميم للعنف وتصاعد كبير في الخسائر البشرية والدمار العام).
تشخيص واقعي ودقيق لحجم المأساة التي تعيشها سوريا، خاصة أن الإشارة كانت واضحة إلى مسؤولية النظام فيها من خلال اعتماده على الحل الأمني العسكري، وما نجم عنه من كوارث.
2- (وإذ اجتمعنا لدى جماعة سانت اجيديو في العاصمة الايطالية روما، كمواطنين ننتمي إلى فصائل مختلفة من المعارضة الديمقراطية السورية الناشطة داخل البلاد وخارجها، نوجه هذا النداء إلى الشعب السوري والأطراف المعنية والجماعة الدولية).
النداء موجه حصراً إلى الشعب السوري والأطراف المعنية والجماعة الدولية.. وهنا لم يسم النداء النظام السوري، ويمكن أن يفهم من هذا أنه إسقاط لشرعيته، وعدم اعتراف به..
3- (إننا نختلف في الآراء والتجارب، لكننا ناضلنا ولا زلنا نناضل من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن أجل بناء سورية ديمقراطية مدنية آمنة للجميع ودون خوف أو قهر. إننا نحب سوريا، ونعلم أنها مكان تعايش أديان وقوميات مختلفة، وأنها تواجه اليوم خطرا محدقا يمس وحدة الشعب وحقوقه وسيادة الدولة).
يقدم النداء تصوراً ناضجاً لشكل الدولة السورية، وهو شكل يلبي طموحات أغلبية الشعب السوري، بل ربما يجمع القسم الأعظم من الأهداف التي قامت الثورة السورية من أجلها.
4- (لسنا محايدين. نحن جزء من الشعب السوري الذي يعاني قمع الديكتاتورية وفسادها، ونقف بحزم ضد الممارسات الطائفية والتمييزية من أي طرف جاءت، ننتصر للمساواة في المواطنة ونريد مستقبلا لسوريا وطنا للجميع، يحترم الحياة والكرامة البشرية في اطار العدالة).
انحياز واضح وصريح إلى الثورة ضد النظام، وإدانة مباشرة غير قابلة للتأويل للنظام وديكتاتوريته وفساده وأساليبه القمعية.
5- (يحتجز الحل العسكري الشعب السوري رهينة دون حل سياسي يحقق مطالبه. ويحمل العنف على الاعتقاد بعدم وجود بديل للسلاح. لكن الضحايا، من شهداء وجرحى ومعتقلين ومفقودين ومشردين، إضافة للأعداد الكبرى للمهجرين داخل البلاد واللاجئين خارجها، تدعونا لتحمل مسؤولياتنا من أجل وقف دوامة العنف، ودعم كل أشكال النضال السياسي السلمي والمقاومة المدنية بمختلف تعبيراتها بما في ذلك عقد اللقاءات والحوارات والمؤتمرات داخل البلاد).
رفض للحل العسكري، والنداء في هذا لا يخرج عن واحد من أهم ثوابت الثورة السورية. ومعلوم أن عسكرة الثورة لم تتم بإرادة السوريين، بل نتيجة لعوامل قسرية قادتهم إليها رغم إرادتهم. وكون الثورة انجرت إلى العسكرة لا يعني على الإطلاق أن خيارات الحل السلمي مرفوضة. ولا أظن ان سورياً واحداً يملك القليل من الضمير يرفض حلاً سلمياً يكفل له حقوقه، ويحقن دم إخوته. السلمية هي الشعار العريض للثورة، والعسكرة هي الخيار المر الذي اقتيد إليه السوريون اقتياداً. هذا من حيث المبدأ. لكن السؤال المهم: كيف نفرض هذا الحل السلمي، وما آليات تنفيذه؟.. النداء لا يطرح تصوراً حول الموضوع وهذا ما سنشير إليه في الملاحظة العامة..
6- (لم يفت الأوان لانقاذ البلاد، ومع الإقرار بحق المواطنين في الدفاع المشروع عن أنفسهم فإننا نعتقد أن السلاح ليس هو الحل، ونرفض العنف والإنزلاق نحو الحرب الأهلية، لأنهما يعرضان وحدة الشعب والدولة والسيادة الوطنية للخطر).
النداء يؤكد أن العسكرة مقبولة في حدود الدفاع عن النفس. وأظن أن هذا ما طرحه الجيش الحر نفسه، من خلال تصريحات قياداته المتكررة. فالجيش الحر أعلنها واضحة صريحة وعلى الملأ ومنذ البداية أن مهمته تقتصر على حماية المتظاهرين، والدفاع عنهم. أما أن العنف يمكن أن يقود إلى حرب أهلية، ويعرض وحدة الشعب والدولة والسيادة الوطنية للخطر فحقيقة مؤكدة، وبدهية تثبت صحتها تجارب أخرى ليست بعيدة عنا.
7- (نحن نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مخرج سياسي للأوضاع في سورية. وهذه هي الطريقة الملائمة للدفاع أيضا عن مٌثل وأهداف من يضحون ويعرّضون حياتهم للخطر من أجل الحرية والكرامة. إننا ندعو مواطنينا في الجيش السوري الحر وكل من حمل السلاح للمشاركة في عملية سياسية تؤدي إلى سورية سلمية آمنة وديمقراطية).
دعوة الجيش الحر للانخراط في عملية سياسية تؤدي إلى سوريا سلمية آمنة وديمقراطية مطلب محق وموضوعي ووطني. ولنلاحظ هنا أن النداء لم يطلب إلى الجيش الحر إلقاء سلاحه، بل شجعه على أن يكون له دور في التعامل بمرونة مع إمكانات الحل السياسي في حال توافرها.
8- (وإذ نرفض أن تتحول سورية إلى ساحة للصراعات الدولية والإقليمية، نعتقد أن المجتمع الدولي يتمتع بالقوة والقدرة اللازمتين لتحقيق توافق دولي يؤسس لمخرج سياسي من الأوضاع المأساوية الراهنة، يقوم على فرض فوري لوقف إطلاق النار، وسحب المظاهر المسلحة وإطلاق سراح المعتقلين والإغاثة العاجلة للمنكوبين وعودة المهجرين وصولا إلى مفاوضات شاملة لا تستثني أحدا تستكمل بمصالحة وطنية أصيلة تستند إلى قواعد العدالة والإنصاف).
القول بأن المجتمع الدولي يمتلك القدرة على تحقيق توافق دولي يؤسس لمخرج سياسي من الأوضاع المأساوية الراهنة صحيح تماماً. وهذا..