صفحات الناس

وكالات وصحف بدأت بالغاء خانات تعليقات القراء من مواقعها

 

 

يبدو أن وسائل الإعلام التقليدية تتجّه نحو إلغاء خاصية التفاعل بين الصحافيين والقراء، بعدما قررت وكالة “رويترز” وشبكة “بلومبرغ” وصحيفة “شيكاغو تايمز” وغيرها إلغاء الخانة المخصصة لتعليقات القراء حول الأخبار والمواد التي يتم نشرها في المواقع الالكترونية الخاصة بها. وهو الأمر الذي وصفه المحرر الرقمي في صحيفة “الغارديان”، آرون بيلهوفر، بـ “الخطأ الهائل”.

وفي كلمة له في مؤتمر حول تجديد صناعة الأخبار في لندن، ضمّنها تقرير نشر موقع “غيغايوم”، قال بيلهوفر إنّ العديد من غرف الأخبار التقليدية تفشل في الاستفادة الكاملة من قدرة الانترنت على إنشاء علاقة ذات اتجاهين مع القراء، وهو ما تحول إلى العنصر الحاسم بالنسبة إلى الصحافة في العصر الرقمي. إذ يعتبر غيغايوم أن الصحافة الرقمية يجب أن تكون على شكل محادثات مع القراء، إلا أن العاملين في غرف الأخبار التقليدية يتجاهلون الواقع، من خلال تجاهلهم التعليقات، وهو خطأ فادح. فالقراء يحتاجون ويستحقون أن يمنحوا مساحة للتعبير عن مواقفهم وآرائهم، والتي يجب أن تكون جزءاً أساسياً من مكونات الوسيلة الإعلامية ككل.

وفيما استشهد بيلهوفر بتجربة “الغارديان” في هذا السياق، قال إنّ “الغارديان” تنظر الى الجمهور كشريك في المؤسسة وفي العمل الصحافي الخاص بها. فمن خلال مشاريع مثل “شاهد الغارديان” Guardian Witness، يصبح أمام القراء فرصة اقتراح أفكار لقصص إخبارية أو المشاركة بصناعتها والكتابة حولها. وبالنسبة إلى “الغارديان” فإنّ مفهوم “الصحافة المفتوحة” القائم على الحوار بين الصحافيين والقراء يعدّ جزءاً أساسياً من سياستها التحريرية المدارة من قبل آلان روسبردجير.

بموازاة ذلك، يعتبر معدّ تقرير “غيغايوم”، ماثيو إنغرام، أنّ ما أشار إليه بيلهوفر يعدّ أمراً دقيقاً ومطلوباً، لكنه يعرض وجهة نظر مغايرة ترى انّ إنشاء علاقة مع القراء هو أمر ضروري، غير أنه لا يمكن أن يتحقق من خلال التعليقات، لأنها مجرد “بالوعة” من السلوك السيء. كما أن الأشخاص الذين ينشرون يكتبون في خانة “تعليقات القراء” هو ليسوا بالقراء الحقيقيين، حسبما قال رئيس تحرير موقع “بلومبرغ”، جوشوا توبولسكي.

وفي سياق تبرير وجهة نظره، يرى توبولسكي أن خانة التعليقات تعبّر عن أقل من 1 % فقط من الجمهور، حتى لو بدت خانة التعليقات نشطة ومكتظة بالآراء والكتابات. ففي التصوير العام للجمهور، يظهر ان هذه التعليقات لا تمثّل قراء الموقع أو الصحيفة”. وعليه يعتبر توبولسكي أنه “يمكن تجاهل التعليقات الواردة من قراء غير حقيقيين، والتركيز على تلك الصادرة عن متابعي الشبكة في مواقع التواصل مثل فايسبوك وتويتر، على اعتبار أنّ هؤلاء يعبرون عن رأيهم أو موقفهم من خلال هويتهم الحقيقية”. لكن ماذا عن القراء الذين لا يستخدمون “فايسبوك” و”تويتر”؟ يقول توبولسكي إنّ “هؤلاء في الواقع هم مواطنون من الدرجة الثانية، وآراؤهم أو تعليقاتهم غير مطلوبة أو موضع تقدير”.

أمام هذا التفاوت في وجهات النظر، يركّز تقرير “غيغايوم” على واقع أن القراء النشطاء في “فايسبوك” و”تويتر” سيكون عليهم أن يبحثوا عن القصص والمواد الإعلامية التي تثير اهتمامهم وتحرّك لديهم الدافع للتعبير عن رأيهم أو موقفهم تجاه مضمونها. وفيما تتوفر خاصية إظهار التعليقات التي ترد في مواقع التواصل تحت المواد والقصص في الموقع الالكتروني للوسيلة الإعلامية، غير أن قليلاً من الناشرين يقومون بتفعليها أو إعطاءها أهمية.إذ يبدو أن معظمهم يلجأ إلى مصادر خارجية لتخصيص خانة للتعليقات، حيث تكون علاقتهم بقرائهم مرتبطة بطرف ثالث في هذه الحالة. لكن تعليقات القراء في العادة غير قابلة للتعديل أو التصحيح، وفقاً لتقرير “غيغايوم”، إلا أنّ بعض المواقع أظهرت أنه يمكن تحسين نوعية ومضمون التعليقات، في حال تم الانتباه إليها ومنحها الأهمية التي تستحق، وهو ما أثبتته تجربة موقع “صالون” الذي شهد تطوراً لافتاً في نوعية وطبيعة تعليقات القراء.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى