خارطة الأجسام و الهيئات الثورية في الثورة السورية
هل يوجد للثورة السورية قيادة موحدة؟
بدات الثوره السوريه كنتيجة للظلم و فساد و استبداد العائلة الحاكمة و اجهزتها الامنية ذائعة الصيت و كامتداد للربيع العربي و تميزت ببداية شعبية دون قيادة حقيقية و قد حسب لها هذا في البداية حيث ان غياب هذه القيادات ببداية الثورة حرم النظام من وأدها مبكرا لو وجدت هكذا قيادات و استطاع النظام الوصول لها
لكن سرعان ما ادرك الحراك الثوري ضرورة تنظيم نفسه و التنسيق بين المناطق فبدأ ينظم نفسه في تنسيقيات و تجمعات و بدأ بتشكيل قيادات ميدانية لكن ما لبث ان اعتقل او لجأ للخارج الكثير منها فما كان من الثورة الا ان افرزت جيل ثاني و ثالث حاولوا توحيد الجهود و قيادة الحراك و كان من نتائجه ظهور اجسام ثورية على مستوى القطر سيتم التفصيل فيها اكثر في هذا المقال
بالاضافة الى التنسيقيات المحلية التي ظهرت في معظم الاماكن تشكلت اجسام ثورية ضمت تنسيقيات و تجمعات ثورية على مستوى القطر في محاولة لتنظيم الحراك و ايجاد قيادة موحدة و لكن و حتى اليوم لم يستطع الحراك الثوري في سوريا ايجاد قيادة موحدة له لاسباب عديدة منها الضغط الامني و طبيعة الثورة الشعبية و صعوبة التواصل بين النشطاء على الارض لكن مع ذلك فقد استطاعت بعض القيادات الميدانية للثورة من الجيل الاول الذي لجأ للخارج و اصبح اكثر قدرة على التواصل بالتعاون مع بعض القيادات التي بقيت بالداخل تشكيل جسمين لا بأس بحجمهما و قدرة تاثيرهما على الارض هما المجلس الاعلى لقيادة الثورة السورية و الهيئة العامة للثورة السورية
سأحاول تسليط الضوء عليهما علي ازيل بعض الغموض الموجود لدي الكثيرين و في محاولة اكثر لفهم تركيبة هيئات و اجسام الحراك الثوري في سورية مما يزيد من اهمية الموضوع ان التعرف على هذه الاجسام و دعمها هام لتنظيم الثورة من خلال التعامل مع الثوار على الارض و تامين مركزية للقيادة يسهل عليها السيطرة على الاوضاع قبل و بعد سقوط النظام و لمنع القوضى وكذلك لمعرفة الطرق الافضل لإيصال المساعدات الإغاثية لمحتاجيها كون هذه الأجسام الثورية هي الادرى بالوضع الميداني و الحاجات و الية توزيعها حيث ان النظام لا يسمح بوجود هيئات اغانية صرفة تعمل بحرية لمساعدة المتضررين و عائلات الشهداء و المعتقلين.
الأجسام الثورية الرئيسة الموجودة علي ارض الواقع
١ الهيئة العامة للثورة السورية:
تأسست الهيئة العامة الثورة السورية عبر انضمام العديد من التنسيقيات تحت مظله واحدة و كان العمود الفقري لها هو اتحاد تنسيقيات الثورة السورية ذو الاتجاه الاسلامي بالاضافة لشخصيات ذات توجه يساري علماني كسهير الأتاسي
اظهرت الهيئة العامة قوة على الصعيد الاعلامي و خاصة بانضمام صفحة الثورة السورية و شبكة شام لها و لكنها عانت من خلافات ادت لضعف أدائها على الارض مما ادى لانسحاب اتحاد تنسيقيات الثورة منها و تجمع أحرار حمص بالاضافة لمجلس ثوار دير الزور ككتلة رغم بقاء بعض اعضاء مجلس ثوار الدير فيها.
يؤخذ على الهيئة العامة ان تشكيلها اعتمد علي جمع كل ما تيسر من تنسيقيات الكثير منه تم التعرف عليه عبر الشبكة العنكبوتية و هذا أدى الي وجود الكثير من التنسيقيات الإعلامية الغير موجودة فعليا علي الارض و لا تأثير حقيقي لها علي الشارع-
بعد الانسحابات المتكررة منها بقيت نقاط القوة فيها متمثلة بذراع إعلامية قوية و وجود مجلس ثوار حماة فيها و شخصيات اعتبارية كالشيخ صالح الحموي و سهير الأتاسي
٢ المجلس الاعلى لقيادة الثورة السورية:
اعلن عن تأسيس المجلس الاعلى لقيادة الثورة في بداية أيلول خلال فتره زمنية ليست بعيدة عن تاسيس الهيئة العامة و قد قام على فكرة وجود ممثلين اثنين من كل محافظة يتم انتخابهما من قبل مجالس قياده الثورة في المحافظات السورية وقد انضمت له شخصيات اعتبارية كالشيخ مطيع البطين و محمد الخطيب من درعا و فداء المجذوب و خالد كمال من اللاذقية بالاضافة لريما فليحان و انس عيروط و حمزة الشمالي و محمد المروح (ابو غازي) من حمص و ياسر النجار و تجمع احرار دمشق و ريفها والذي كان الاكثر فعالية علي الارض في دمشق وريفها في ذلك الوقت-
بسبب كثرة خطباء المساجد فيه و خريجي الشريعة و من اطباء و مهندسين كان توجه المجلس اسلامي معتدل مع وجود نسائي مميز للكاتبة ريما فليحان من السويداء (و التي اعلنت تعليق عضويتها فيه و بالمجلس الوطني منذ عدة ايام) و المحامية رنا خليل من الرقة-
حاليا يعتبر المجلس الاعلى من اقوي الكتل الثورية عل الارض خاصة في محافظات أدلب و درعا و دير الزور لوجود مجالس ثورتها فيه كما ان له وجود جيد في حمص و ريفها و دمشق و ريفها و اللاذقية والحسكة و الرقة و عند ابناء الجولان في مناطق نزوحهم ووجود كردي طيب متمثلا بحركة شباب الكرد .
تكمن نقاط ضعف المجلس في العمل الاعلامي المتواضع و حصول خلافات في مكتبه الاعلامي ادت الى انفصال بعض الاعلاميين و تحكمهم بصفحة الفيسبوك القديمة له تحت اسم مفوضية المجلس الاعلى كما انسحب منه الشيخ انس عيروط لاسباب على ما يبدو تتعلق بوضع بانياس كما ان تمثيل المجلس بحمص ودمشق و ريفها ما يزال غير شامل.
بالرغم من ان البعض يعتبر تمثيله الاقوى حاليا فيما هو موجود من مجالس وهيئات يبقى عليه حل مسالة تمثيل محافظة حماة و توسيع تمثيله في دمشق و ريفها و حمص و ريف حلب كي يصبح الجسم الاقوى للثورة دون منازع
:3 لجان التنسيق المحلية
اللجان ذات اتجاه علماني يساري تم تأسيسها مبكرا في بدايات الثورة بالتزامن مع اتحاد التنسيقيات (ذي الاتجاه الاسلامي و الذي انضم إلى الهيئة العامة و ساهم بتاسيسها ثم عاد و انفصل عنها).
من شخصيات اللجان الاعتبارية رزان زيتونة ويحيى الشربجي و الاخوين الحاج صالح –
يؤخذ على اللجان بان وجودها اصبح إعلاميا اكثر من قوتها بالشارع و بان رموزها اصبحوا اعتباريين و اقرب لاسماء لامعة في المعارضة التقليدية منه لثوار لديهم القدرة على تحريك الشارع-
دخل كل من اللجان و المجلس الأعلى بالمجلس الوطني و لهم كتله ثورية مؤلفة من حوالي ثلاثين عضوا و ثمانية ممثلين في الأمانة العامة و عضو في المكتب التنفيذي هو الشيخ مطيع البطين حاليا اما الهيئة العامة فقد قررت دعم المجلس الوطني لكن دون الدخول فيه.
يعتقد بان هذه الكتل الثلاثة مجتمعة تستطيع التأثير في حوالي 50-60 ٪ من الحراك الثوري على الارض و لكنه يبقى رقم تقديري من الصعب تحديده بدقة في هذه الظروف.
يجب ان يعمل الداعمون للثورة علي تقوية هذه الأجسام الثورية لانه من المأمول منها ان تقود الحراك بشكل اكثر تنظيما اثناء الثورة و تضبط الثوار علي الارض بعد إسقاط النظام لمنع الفوضى و يسهم العمل الاغاثي بتقويتها و بالتالي مطلوب من داعمي الثورة السورية محاولة ايصال الدعم عبر هذه الاجسام الثورية قدر الامكان و بنفس الوقت فان على هذه الاجسام الثورية تشكيل قيادة مشتركة فيما بينها تتكلم باسم الثوار بصوت واحد و تكون الممثل السياسي لهم للتعبير عن تطلعاتهم و ارائهم-
بالاضافة للاجسام الثورية الكبيرة الانفة الذكر فان هنالك تنسيقيات متفرقة غير منضمة للقوى الثلاثة الكبيرة هذه و لا يعرف تماما مدى قوتها في الشارع و من هؤلاء على سبيل المثال مجلس الثورة في حمص والذي يرتكز عموده الفقري على اتحاد احياء حمص المدعوم من تيار الاخوان و تنسيقيات اخرى متفرقة منها من له تواصل مع الشيخ العرعور خاصة ببعض المناطق بحماة واحياء بحمص و ريف دمشق و اغلب هذا الحراك له تمثيل ما بالمجلس الوطني الا ان الثوار ما زالو ا يشتكون من تحيدهم عن صنع القرار في راس هرم المجلس الوطني و اقتصار وجودهم بالمكتب التنفيذي على عضو واحد فقط من اصل ثمانيه و بالأمانة العامة على ثمانية من اصل حوالي الخمسين رغم انهم الصناع الحقيقيون للثورة و من تنزف دماؤهم يوميا في سبيل استمرارها و انتصارها كما انهم على خلاف مع بعض أعضاء المكتب التنفيذي في المجلس الوطني ممن لم يجزموا أمرهم بعد في مسالة دعم الجيش الحر و التدخل الدولي لانقاذ المدنيين السوريين من آلة القمع الرهيبة التي تقتلهم يوميا
اكرر القول ان على الثوار توحيد اجسامهم الثورية هذه و تشكيل قيادة مشتركة و على الداعمين للثورة السورية تقوية الاجسام الموجودة حاليا للثورة و خاصة من خلال العمل الاغاثي و المالي و توجيهه للداخل من خلال هذه الاجسام لجعل تمسك الثوار فيها اقوى و تاثيرها عليهم اعم و اشمل
الدكتور احمد الحمصي باحث في الثورة السورية