صفحات المستقبل

سياسة اللامعقول


عمر أبو دياب

الكثير من المحللين السياسيين وبعض المفكرين يدققون في سلوك النظام السوري حتى يتمكنوا من معرفة دوافعه في الكثير من المواقف تجاه الشعب السوري ولم يستطيعوا الوصول إلى غاياتهم في إدراك ما يريدون وذلك لأن أية دراسة علمية حول أي نظام سياسي تقوم على معرفة:

ماهي أهداف النظام.

 ماهي مصالح النظام.

القوى التي يملكها وتركيبها ومصدرها.

هذه هي العوامل التي تحدد شرعية النظام ووجوده…

ونقول هنا إن شرعية هذا النظام منذ تأسيسه عام 1963 تقوم على الدعم الدولي والإقليمي “كحامي لإسرائيل” من الجبهة الشرقية وإن سياسة القمع والبطش وإلغاء الآخر وزرع ثقافة الخوف لدى المواطن السوري لا تكسب للنظام شرعيته بل هو نظام الأمر الواقع قسراً على الشعب السوري , وهنا أذكر قول الشاعر السوري ممدوح عدوان حين قال ” في هذا البلد (سوريا) كل شيء بيجنن بس اللي بيجنن أكثر أنو ما حدا عم يجن”.

إذن وصلت الأمور في سوريا إلى حالة اللامعقول نتيجة سياسات النظام.

وأخيراً منذ منتصف آذار خرج الشعب السوري من حالة اللامعقول إلى حالة المعقول وتفجرت الثورة السورية التي كان من أول إنجازاتها كسر حالة الخوف التي كبلت الشعب السوري أربعون عاماً, وبدأت تظهر طاقات هذا الشعب من خلال مسار الثورة في تقديم التضحيات وظهور البطولات الإنسانية , ولقد تميزت هذه الثورة بأنها خرجت من طور الغضب الشعبي إلى مرحلة البناء المجتمعي وذلك من خلال العمل الطوعي والخيري ومظاهر التضامن والتكافل الإجتماعي إلى تظاهرات الفرح الثوري بأغاني وألحان تعبر عن غضب إيجابي يعني (حب الحياة) ولم يتحول فعل الثورة إلى غضب سلبي يائس قائم على الإنتقام (رغم كل مبررات ظهور هالات الغضب السلبي كرد فعل على إجرام النظام الذي يخلع أظافر الأطفال ويقطع حناجر هتافي الثورة ويقلع عيون مصوري المجازر ويكسر أصابع رسامي الكاريكاتور.

نعم إنها حالة اللامعقول من شعب تعرض ويتعرض إلى سلوك هذا النظام الذي يلون مدرعاته ليقول أنها قوات حفظ نظام (علماً أن أسلحة قوات حفظ النظام في كل أنحاء العالم هي خراطيم مياه وعصي خشبية وواقيات للوجه زجاجية).

هذا النظام مع أنه أنكر حادثة قرية البيضا (وإدعى أنها صورة من خارج سوريا) ليعود ويظهر الشاب احمد البياسي على القنوات السورية ليكذب الناشطين الذين أشاعوا أن احمد بياسي قد قتل على يد أحد قادة الأجهزة الأمنية تحت التعذيب بعد اعتقاله , مما إضطر النظام مرغماً إلى أن يظهر أحمد بياسي حياً .

وتكررت هذه الحالات من اللامعقول , وأخيراً ظهر وليد المعلم ليبث شرائط تدعم وجود عصابات سلفية مسلحة وسريعاً جاء الرد من الأشخاص أنفسهم الذين ظهروا بالصوت والصورة يكذبون الخبر وأنهم من لبنان ومكان التصوير في لبنان وليس في سوريا.

وأخر الحالات فيما يسمى رأس النظام في مقابلته مع (ABC) كانوا يريدون لهذا الظهور تحسين صورة النظام لدى الغرب وذلك بعد تقرير المنظمات العالمية لحقوق الإنسان كان رد الفعل الدولي والشعبي كما قال المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية (إن هذا الرجل إما خارج الواقع أو مجنون) نعم إنها سياسة اللامعقول فكل الدول تقول للنظام غير سلوكك كي تستطيع المحافظة على بقائك في السلطة من خلال الإصلاح الحقيقي وأنت من خلال أعمالك تقوم بتدمير نظامك.

فمنذ شهور وهو يرد عليهم أنتم لا تريدون أن تصدقوا أن هناك عصابات مسلحة هي التي تقتل الأمن والجيش والشعب نعم إنها سياسة اللامعقول

والمعقول والمؤكد أن الثورة مستمرة في إتجاه هدفها في إسقاط النظام وإن اللامعقول هو الدعم الدولي والإقليمي الذي لازال قائما والذي يعطي النظام فرصة تلو الأخرى

لكن المعقول أن الشعب السوري لا نية لديه للتراجع فإما الموت أو النصر وإنها لثورة حتى النصر.

http://kebreet.net/2011/12/13/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B9%D9%82%D9%88%D9%84/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى