أحداث 27 نيسان 2011
الجيش يحاصر بانياس… وروسيا والصين تعترضان النقاش في مجلس الأمن
الاربعاء, 27 أبريل 2011
نيويورك – راغدة درغام، روما – رندة تقي الدين؛ دمشق، عمان، أنقرة، روما، واشنطن – «الحياة»، أ ف ب، رويترز، أ ب
عارضت الصين وروسيا امس، مبدأَ إدراج موضوع سورية على جدول أعمال مجلس الأمن أمس، فيما رفعت دول غير دائمة العضوية ذريعةَ عدم موافقة لبنان – العضو العربي الوحيد في المجلس – على بيان يدين السلطات السورية بسبب القمع الذي تمارسه ضد المحتجين ويطالبها بالإصلاح وباحترام حقوق الإنسان الدولية، التي تَمنح حق التظاهر.
في غضون ذلك، واصلت الدول الغربية ضغوطها على الحكومة السورية، فأمرت واشنطن بإخلاء جزئي لسفارتها في دمشق، وأعربت فرنسا وإيطاليا عن «القلق»، ودعتا النظام الى «وقف القمع الوحشي ضد التظاهرات السلمية»، فيما أكدت بريطانيا أنها ستسعى مع الدول الأخرى الى فرض عقوبات على الحكومة السورية اذا استمرت في استخدام العنف في مواجهة الاحتجاجات.
ميدانياً، ذكرت معلومات ان الجيش السوري أرسل تعزيزات جديدة الى درعا، التي تواصلت فيها عمليات إطلاق النار والمواجهات، فيما تمركزت قوات الأمن أمس على التلال المحيطة بمدينة بانياس، استعداداً لشن هجوم محتمَل عليها، وانتشرت قوات أمنية كبيرة في دوما ومنعت السكان من الخروج من المنازل.
ويبدو ان بعض أعضاء مجلس الأمن «اختبأ» وراء موقف لبنان وغياب موقف لجامعة الدول العربية من الأحداث في سورية، لتجنُّب تلقي اللوم على معارضته طرح الموضوع السوري على أجندة المجلس.
لكن الدول الأوروبية الأربع الأعضاء، ومعها الولايات المتحدة، تحركت بإصرارٍ على عدم تجاهل الحدث السوري، وزجت روسيا والصين ولبنان في خانة الإحراج والاضطرار الى مواجهة عواقب الظهور بمظهر الداعم لاستخدام السلطات السورية القوة المفرطة ضد المتظاهرين.
واستعد مجلس الأمن للاجتماع في جلسة مغلقة ليل امس، للاستماع الى إحاطة من الأمين العام بان كي مون تحت عنوان جولته الأخيرة الى الشرق الأوسط وشمال افريقيا، تشمل التطورات على الساحة السورية.
وعلمت «الحياة» ان إحاطة بان كي مون ستكون «المحرِّك» للدفع بطرح الموضوع السوري رسمياً امام المجلس، وأن رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري سفير كولومبيا نستور أوسوريو لوندونو، يعتزم دعم إدراج المسألة السورية بقوة في أعمال المجلس. وقالت المصادر إنه سيكون صعباً جداً على الصين وروسيا المضيّ في منع المجلس من ذلك، إزاء التطورات في سورية، ونظراً لنوعية الإجراءات العسكرية ضد المتظاهرين، لا سيما اذا استمرت.
ولفتت الديبلوماسية الصينية الى ما سمته «دقة الوضع السوري» و «الحاجة الى الحذر» في شأنه. وقال مصدر صيني رفيع، إن دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) تحاول بدورها بيع الكلام من دون إجراءات، وقال: «لو كان لديها خطة أو طرح بشأن الوضع السوري فلتتفضلْ وتعرضْه علينا، وسنكون على استعداد للنظر فيه».
ورافق مواقفَ المسؤول الرفيع القلقُ من احتمال ظهور بلاده كأنها تشجع السلطات السورية وتحميها من المحاسبة، كما برز قلق في صفوف الدول الآسيوية المهمة من جراء إفرازات ترشيحها سورية لمقعد في مجلس حقوق الإنسان، الأمر الذي أدى بها الى الاستعداد للنظر في سحب ترشيح سورية وترشيح دولة آسيوية أخرى مكانها.
ووقَع لبنان في موقف حرِج، لا سيما ان المندوب الدائم السفير نواف سلام كان لعب دوراً ريادياً في دفع ملف ليبيا في مجلس الأمن، ونشط وراء استصدار قرار محاسبة العقيد معمر القذافي امام المحكمة الجنائية الدولية واتخاذ إجراءات دولية ضد النظام في طرابلس. أما في الموضوع السوري، فإن التعليمات التي جاءته من وزارة الخارجية في بيروت، شددت على معارضة إصدار بيان عن المجلس يدين سورية على خلفية تعاطيها مع حركة الاحتجاجات.
وبررت الديبلوماسية اللبنانية موقفها، بأنه «كان هناك موقف عربي عبّرنا عنه» داخل مجلس الأمن عند الحدث الليبي، إنما «الوضع ليس نفسه» فيما يخص الموقف العربي من الحدث السوري.
وقالت مصادر في مجلس الأمن، إن لبنان سعى وراء تأخير تناول المجلس مشروعَ بيان أعدَّته الدولُ الأوروبية، بريطانيا وفرنسا والبرتغال وألمانيا، بحجة عدم توافر موقف عربي.
ويستلزم صدور بيان عن أعضاء مجلس الأمن، موافقةَ جميع اعضاء المجلس على البيان، إذ لا يمكن الدول الامتناع عن المشاركة في إصدار بيان، على عكس ما يحق لها من امتناع على صدور قرار.
ولم يكن واضحاً ما إذا كانت الدول الغربية ستكتفي بتوجيه اللوم العلني لعدم صدور بيان الى الذين يرفضونه، ولبنان في طليعتهم، او إن في ذهنها خطة بديلة.
وعلى الصعيد الميداني، قال الناشط الحقوقي عبد الله أبا زيد لوكالة «فرانس برس»، إن «تعزيزات أمنية وعسكرية جديدة وصلت الى درعا»، موضحاً انه تم نشر دبابات وإقامة حواجز عند مداخل المدينة ومنع الناس من دخولها، مشيراً الى ان «إطلاق النار مستمر على السكان». وأضاف أن «جنوداً من الفرقة الخامسة انشقوا وانضموا إلينا ويتواجهون» مع الجيش الذي يحاصر درعا.
وفي بانياس، قال أنس الشغري – أحد قادة الاحتجاجات – لوكالة «رويترز»، إن «قوات ترتدي زياً أسود تمركزت أمس على التلال المحيطة بالمدينة استعداداً لشن هجوم محتمل عليها». وأضاف «نتوقع هجوماً في أي لحظة».
ونقلت «رويترز» عن شاهد، أن أكثر من 200 من أفراد الامن انتشروا في حي دوما في دمشق امس، وتوزعوا في نقاط للتفتيش للتحقق من بطاقات هويات الاهالي. وأضاف الشاهد أنه رأى شاحنات عسكرية عدة في الشوارع مزوَّدة أسلحة ثقيلة. وتابع أن رجالاً يرتدون ملابس مدنية كانوا يحملون بنادق، مُعْرِباً عن اعتقاده أنهم من الشرطة السرية.
وذكرت منظمة «سواسية» الحقوقية السورية، أن قوات الأمن اعتقلت أكثر من 500 من الناشطين والداعمين لحركة الاحتجاجات في البلاد عقب اقتحام الجيش لدرعا وتطويقه لها.
في غضون ذلك، واصلت الدول الغربية ضغوطها على الحكومة السورية، فأمرت واشنطن بإخلاء جزئي لسفارتها في سورية، بسبب «الغموض وعدم الاستقرار» المخيِّمَيْن على الوضع في هذا البلد، وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان مساء الإثنين، أنها «امرت جميع عائلات موظفي الحكومة الاميركية وبعض موظفيها غير الاساسيين، بمغادرة سورية، نظراً الى عدم الاستقرار وغموض الوضع حالياً».
وأعربت فرنسا وإيطاليا عن «القلق»، ودعتا النظام الى «وقف القمع الوحشي ضد التظاهرات السلمية»، وصرح رئيس الحكومة الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني، بعد اجتماعه مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في روما أمس، بأن فرنسا وإيطاليا «قلقتان» من الوضع في سورية، وتدعوان النظام الى «وقف القمع الوحشي ضد التظاهرات السلمية».
وقال ساركوزي إن الوضع في سورية «غير مقبول»، موضحاً ان فرنسا لن تتدخل في سورية من دون قرار مسبق من مجلس الامن «ليس من السهل الحصول عليه»، وأكد «الوقوف الى جانب الشعوب العربية في تطلعاتها الى الحرية».
أما بيرلوسكوني، فوجَّهَ «نداء قوياً لوقف القمع العنيف وتطبيق الاصلاحات المعلنة»، وطالب «الطرفين المعنيين بالتصرف بتعقل».
وفي لندن، صرح وزير الخارجية وليام هيغ، بأن بريطانيا ستسعى مع الدول الأخرى الى فرض عقوبات على الحكومة السورية اذا استمرت في استخدام العنف في قمع الاحتجاجات، وأشار الى ان استصدار قرار من الامم المتحدة يدين قمع سورية للاحتجاجات «صعب في الوقت الراهن»، ولكنه لفت الى ان ذلك قد يتغير اذا استمر القمع.
وذكرت الامم المتحدة أنها تدرس طلباً مشروطاً من دمشق لإرسال بعثة لحقوق الانسان الى سورية، فيما دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الرئيس بشار الاسد الى التقدم على طريق الاصلاحات في بلاده.
وفي اسطنبول طالب عشرات المنشقين السوريين في المنفى الحكومة السورية بوقف القمع فوراً في بلادهم، وتطبيق اصلاحات عميقة، بدءاً بإقامة التعددية الحزبية. وفي القاهرة، نظَّم العشرات من اعضاء الجالية السورية تظاهرةً أمس أمام مقر الجامعة العربية، مطالبين بتدخل عربي لحماية شعبهم».
العمليات مستمرة في درعا وتطويق بانياس
واشنطن قرّرت فرض عقوبات على ماهر الأسد
* السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد نقل إلى المعلم استياء بلاده
* وزيرا الدفاع الأميركي والبريطاني يريان حدوداً للتدخل في سوريا
واشنطن – هشام ملحم
الأمم المتحدة – علي بردى
دمشق – الوكالات
واصل الجيش السوري عملياته العسكرية في مدينة درعا غداة اقتحامه المدينة لسحق حركة الاحتجاج فيها، واعلن ان وحداته لا تزال تلاحق “المجموعات الارهابية المتطرفة” في المدينة وريفها لليوم الثاني، مما ادى الى سقوط ثلاثة قتلى و15 جريحاً في صفوف الجيش وقوى الامن، الى عدد من القتلى والجرحى في صفوف “المجموعات الارهابية المتطرفة والقبض على بعض الخلايا الارهابية”.
وفي المقابل تحدث سوريون عالقون على الحدود الاردنية – السورية عن “مذبحة” ارتكبتها قوى الامن في المدينة. وتخوّف سكان في بانياس التي شهدت تظاهرات جديدة امس، من ان يتكرر في مدينتهم ما حصل في درعا بعد تواتر انباء عن تطويق قوات كبيرة بانياس، وتحدث بعضهم عن “هجوم وشيك”، فيما حذر احد قادة الاحتجاج الشيخ انس العيروط من مغبة اقتحام المدينة.
وافادت منظمة “سواسية” لحقوق الانسان ان عدد قتلى الهجوم على درعا ارتفع الى 35 على الاقل.
وبينما نصحت دول غربية عدة بينها بريطانيا وايطاليا والمانيا رعاياها بمغادرة سوريا، نشطت حركة اتصالات دولية واقليمية لمتابعة الوضع “الحرج” في هذا البلد. وتحدثت صحيفة “صباح” التركية عن لقاء سري جمع في انقرة مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “سي آي إي” ليون بانيتا ورئيس الاستخبارات الوطنية التركية فيدان حقان كرس خصوصاً للوضع في سوريا. ورأى الطرفان انه اذا لم يتخذ رئيسها بشار الاسد خطوات اصلاحية فورية، فإن البلاد قد تتجه نحو “نزاع داخلي جدي”، كما بُحث في تأمين الحماية للرئيس الاسد وعائلته في حال تغيير النظام.
وصرّح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بأن بلاده “سترسل” “على الارجح” وفداً الى سوريا الخميس المقبل للقاء الرئيس السوري.
وتستضيف اسطنبول حالياً اجتماعاً لمعارضين سوريين في المنفى.
العقوبات
وفي واشنطن قالت مصادر اميركية مطلعة لـ”النهار” ان القرار السياسي بفرض عقوبات على عدد من المسؤولين السوريين بسبب دورهم في قمع تظاهرات الاحتجاج قد اتخذ، وان الاسماء، وفي طليعتها ماهر الاسد شقيق الرئيس بشار الاسد، قد اختيرت واحيل الامر على وزارة الخزانة الاميركية وهي المرجع الذي ستصدر عنه العقوبات في عملية تشارك فيها عادة اجهزة حكومية عدة تشمل وزارة الخارجية واجهزة الاستخبارات.
وتوقعت المصادر ان تصدر العقوبات في حق هؤلاء “قبل اليوم الكبير المقبل” أي يوم الجمعة، وهو اليوم الذي تجري فيه عادة التظاهرات الكبيرة . وأكدت المصادر ان استخدام السلطات السورية “القمع الوحشي للمتظاهرين المدنيين” الجمعة الماضي، كان العامل الرئيسي الذي دفع الرئيس باراك اوباما الى اتخاذ قراره.
وفي مؤشر لافت لازدياد عزلة الحكومة السورية ابدى اوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان “قلقهما العميق لاستخدام الحكومة السورية العنف غير المقبول ضد شعبها”. واضافا في بيان صدر عن البيت الابيض عقب اتصال هاتفي بين الزعيمين انهما “اتفقا على انه يجب على الحكومة السورية ان توقف استخدام العنف الان وان تجري اصلاحات ذات مغزى تحترم التطلعات الديموقراطية للمواطنين السوريين”.
وصرّح الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني بان حكومته تواصل التشاور مع حلفائها وشركائها في العالم في شأن اجراءات عقابية اضافية يمكن اتخاذها بشكل مشترك، اضافة الى قرار واشنطن فرض العقوبات على المسؤولين السوريين. واوضح ان العقوبات التي ستفرضها واشنطن ضد المسؤولين السوريين كي تكون أكثر فاعلية يجب ان تكون “دولية” بمعنى ان يحترمها حلفاء واشنطن وشركاؤهما، وان هذه المسألة هي الان قيد النقاش بين واشنطن وحلفائها.
وعلمت “النهار” ان السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد ينقل الى المسؤولين السوريين بمن فيهم وزير الخارجية وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد مواقف واشنطن بوضوح مما يجري في سوريا. والتقى فورد أمس المعلم لنقل الاستياء الاميركي القوي من اساليب العنف ضد المتظاهرين كما عكسه بيان الرئيس اوباما مساء الجمعة الماضي. وكانت وزارة الخارجية الاميركية قد استدعت الاثنين السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى وابلغه مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان موقفا مماثلا.
ديبلوماسية “حتى الآن”
واكد مدير الاستراتيجية السياسية والمستشار القريب من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، انه “بالنسبة الى الخيارات حيال سوريا، نركز حتى الآن على المجالين الديبلوماسي والمالي”.
وجدد تنديد الولايات المتحدة بأعمال القمع في سوريا، واصفاً سلوك الرئيس الاسد بأنه “يتعارض تماماً مع سلوك زعيم مسؤول”. وقال: “نناقش فاعلية الادوات التي في حوزتنا ونبحث في الامر ايضاً مع شركائنا الدوليين”.
لكن المستشار استبعد اقفال السفارة الاميركية في دمشق في وقت وشيك، مؤكداً ان “وسائل اتصالاتنا الديبلوماسية هناك تتيح التواصل مباشرة مع الحكومة السورية على نحو نأمل في الاستمرار فيه”.
ورداً على سؤال عن العواقب المحتملة على الولايات المتحدة في حال سقوط نظام الاسد، رفض سوليفان “التكهن بسيناريوات مستقبلية افتراضية”. واكد ان واشنطن تريد “تركيز” اهتمامها على القمع الجاري حاليا على رغم كون “نشاطات سوريا المزعزعة للاستقرار في المنطقة وخصوصاً دعمها للارهاب، تشكل مصدر قلق عميق للولايات المتحدة”.
غيتس وفوكس
ورفض وزيرا الدفاع الاميركي روبرت غيتس والبريطاني ليام فوكس عقب اجتماع، فكرة القيام برد دولي على سوريا مماثل للرد على ليبيا.
وقال فوكس ان الرد الدولي على الثورات الشعبية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا يجب ان يفصل بحسب ظروف كل حالة على حدة. واضاف: “لا يمكن ان نفعل كل شيء طوال الوقت، وعلينا ان ندرك ان ثمة حدوداً عملية لما يمكن دولنا ان تقوم به”.
الى ذلك، ذكّر غيتس بأنه قبل شن الحملة العسكرية في ليبيا، كانت هناك عملية ديبلوماسية أدت الى اطلاق نداءات لاتخاذ اجراءات في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي والامم المتحدة.
وفي نيويورك يعقد مجلس الأمن اليوم جلسة إضافية للنظر في “الوضع المقلق للغاية” في سوريا، على حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون، الذي ندد “بشدة بالعنف المتواصل” ضد المتظاهرين السلميين، مشيراً تحديداً الى “استخدام الدبابات والنيران الحية التي قتلت وجرحت المئات من الناس” في الكثير المدن والبلدات السورية.
وستكون هذه الجلسة هي الثانية في غضون أقل من 24 ساعة لمجلس الأمن بعد جلسة عقدها أمس وطالت أكثر من ساعتين ونصف ساعة بسبب الخلافات الناجمة عن اعتراض روسيا والصين، ومعهما لبنان، على جهود بذلتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال في مجلس الأمن للتنديد باستخدام العنف ضد المتظاهرين المسالمين وللدعوة الى اجراء تحقيق مستقل في أعمال القتل في الكثير من المدن والبلدات السورية.
وعقب الجلسة، صرح بان كي – مون بأنه يتابع الوضع “عن كثب وبقلق بالغ متزايد”. وندد “بشدة بالعنف المتواصل ضد المتظاهرين السلميين وعلى وجه التحديد استخدام الدبابات والنيران الحية التي قتلت وجرحت المئات من الناس”. وذكر السلطات السورية “بواجباتها في حماية المدنيين واحترام حقوق الانسان العالمية، وهذا يتضمن حريات التعبير والتجمع”. وأشار الى أنه والمفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي “متفقان على أنه ينبغي اجراء تحقيق مستقل وشفاف وفاعل”. وعبر عن اعتقاده أن “وحده الحوار الشامل والإصلاح الأصيل يمكنهما الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب السوري واحلال السلام والنظام الإجتماعي”.
واجاب عن سؤال، بأن “الوضع مقلق جداً”، مشيراً الى أنه يبحث في هذا الوضع مع العديد مع زعماء العالم بمن فيهم الأسد. وأضاف أن وكيل الأمين العام للشؤون السياسية لين باسكو سيطلع أعضاء مجلس الأمن اليوم على تفاصيل ما يجري في سوريا والإقتراحات في شأنها، آملاً في ان تأخذ القيادة السورية ما يحصل “بجدية بالغة وتصغي الى التطلعات الحقيقية الأصيلة لشعبها”. ورحب بدعوة السلطات السورية بعثة من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لزيارة سوريا.
وأعلن رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب الكولومبي الدائم نستور أوسوريو أن المجلس سيعقد جلسة بعد ظهر اليوم بتوقيت نيويورك لاستكمال المشاورات في شأن الأوضاع في سوريا.
وقبل انتهاء الجلسة المغلقة، لاحظ بعض الديبلوماسيين أن هذه المرة الأولى يناقش مجلس الأمن أحداثاً تدور داخل سوريا نفسها ولا شأن لأي دولة أخرى فيها، في مؤشر لاستعداد مركز صنع القرار الدولي لوضع سوريا على جدول أعماله اذا اقتضت التطورات الجارية هناك ذلك حفاظاً على الأمن والسلام والدوليين.
وأثار مندوبو عدد من الدول موضوع ترشيح سوريا لعضوية مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وعملية الإقتراع المحددة في 20 أيار المقبل في الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك.
وكان المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة لي باودونغ أفاد أن لديه “تعليمات” من بيجينغ لم يكشف طبيعتها في شأن مشروع البيان الذي أعدته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال في موضوع سوريا. وقال إن “الباقي يعتمد على المشاورات الجارية في مجلس الأمن”، علماً أن بلاده “تريد أن تشتغل مع الزعماء العرب من أجل دفع حل سياسي” للأزمة.
وفهم أن التعليمات التي لدى لي تقضي بالحيلولة دون اصدار أي بيان تنديد بسوريا في الوقت الحاضر.
أما المندوب اللبناني السفير نواف سلام فتجنب التحدث الى الصحافيين، علماً أنه كان تلقى تعليمات من وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال علي الشامي بتعطيل صدور البيان أياً يكن موقفا روسيا والصين.
وتابع المندوب السوري الدائم لدى المنظمة الدولية السفير بشار الجعفري الجلسة طوال فترة انعقادها.
اوروبا
وفي بروكسيل، افاد ديبلوماسي في الاتحاد الاوروبي ان الاتحاد يبحث في فرض عقوبات محتملة على القيادة السورية، مشيراً الى ان هذه العقوبات ستناقش بمزيد من التفاصيل في اجتماع لسفراء الاتحاد في العاصمة البلجيكية الجمعة.
النهار
إطلاق نار مجددًا في درعا والجيش يرسل تعزيزات
أ. ف. ب.
نيقوسيا: ارسل الجيش السوري الثلاثاء تعزيزات جديدة الى مدينة درعا، واطلق النار على سكان ومسجد، غداة اقتحامه المدينة لسحق الاحتجاج، ما كان اسفر عن سقوط 25 قتيلا.
واكد الناشط الحقوقي عبد الله ابا زيد في اتصال هاتفي ان “تعزيزات أمنية وعسكرية جديدة دخلت درعا”.
وقال ان “تعزيزات جديدة من قوى الامن والجيش دخلت درعا. هناك دبابة في ساحة كازية البلد في وسط درعا” المدينة التي تبعد مئة كيلومتر عن دمشق. واضاف ان “اطلاق النار مستمر على السكان”.
واوضح ان “مسجد ابو بكر الصديق يتعرض لنيران كثيفة، ويتمركز قناصة فوق مسجد بلال الحبشي. ونشرت دبابات واقيمت حواجز عند مداخل المدينة” ويمنع الناس من دخول المدينة. وتابع ان “جنودًا من الفرقة الخامسة انشقوا وانضموا الينا، ويتواجهون” مع الجيش الذي يحاصر درعا.
واكد ان منزل مفتي درعا الذي استقال السبت احتجاجا على قمع الحركة الاحتجاجية في درعا، “مطوق صباح اليوم (الثلاثاء) لكن المفتي ليس موجودًا في منزله”. وقال سكان في المدينة ان المياه والكهرباء قطعت.
من جهتها، ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” ان الجيش طرد “المجموعات المتطرفة المسلحة” التي هاجمت مواقع عسكرية وقطعت الطرق في درعا ومحافظتها، لافتة الى ثلاثة قتلى و15 جريحًا في صفوف قوات الامن والجيش.
بدوره، افاد الشيخ أنس عيروط احد قادة حركة الاحتجاج في مدينة بانياس أن آلاف الاشخاص تظاهروا الثلاثاء في هذه المدينة الساحلية الواقعة في شمال غرب سوريا للمطالبة بالحريات، مشيرًا الى ان السكان يخشون اقتحام المدينة من قبل قوات النظام السوري.
وفي دوما (15 كلم شمال دمشق) تحدث شاهد الثلاثاء عن انتشار للعناصر الامنيين “في كل الاحياء”، موضحًا ان هؤلاء “يدققون في هويات الناس في الشوارع”. واضاف الشاهد ان المدينة “شبه مقفرة، وكل المتاجر مغلقة وكذلك المؤسسات العامة”.
ودعت المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية) الثلاثاء مجلس الامن الدولي الى عقد جلسة حول الاوضاع في سوريا، مشيرة الى سقوط ما لا يقل عن 400 قتيل في هذا البلد منذ بدء حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري منتصف الشهر الماضي.
وفي نيويورك، يناقش مجلس الامن مشروع بيان اقترحته بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال، التي تامل بادانة العنف بحق المتظاهرين في سوريا.
وصرح رئيس الحكومة الايطالي سيلفيو برلوسكوني في ختام قمة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان روما وباريس “قلقتان” من الوضع في سوريا وتدعوان النظام الى “وقف القمع العنيف”.
واكد ساركوزي ان فرنسا لن تتدخل في سوريا بدون قرار مسبق من مجلس الامن الدولي “ليس من السهل الحصول عليه”.
واعلن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الاميركية الثلاثاء ان الولايات المتحدة تتعامل “حتى الان” مع اعمال العنف بحق المدنيين في سوريا عبر الوسائل الدبلوماسية وامكانية فرض عقوبات.
ودعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في اتصال هاتفي الثلاثاء الرئيس السوري بشار الاسد الى التقدم على طريق الاصلاحات في بلاده، التي تشهد موجة من الاحتجاجات غير مسبوقة.
كما أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان بلاده تعمل مع الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي لتوجيه “رسالة قوية” الى النظام السوري لوقف القمع الدامي للمتظاهرين.
هل من مصلحة الغرب سقوط نظام الأسد في سوريا؟
دويتشه فيلله
هل من خلفيات لتصعيد الغرب للهجته إزاء سوريا؟ وهل يريد حقا إسقاط نظام الأسد أم الدفع به إلى الإسراع في عملية الإصلاح؟ للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها حاورت دويتشه فيله نبيل ميخائيل أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن.
مع تصاعد الموقف في سوريا ولجوء السلطات إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين صعدت بعض الدول الغربية من لهجتها إزاء النظام السوري، بل وسعت بعض الدول الغربية إلى التهديد بفرض عقوبات على النظام السوري ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم إزاء دمشق. وزير الخارجية الألمانية غيدو فيسترفيله طالب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بإعطاء رد واضح على العنف في سوريا، في حين قالت بريطانيا إنها تعمل مع الإطراف الدولية لتوجيه رسالة قوية إلى النظام السوري، وذلك بعد ساعات من إعلان الولايات المتحدة أنها تدرس جملة خيارات من بينها فرض عقوبات على سوريا. وإن كان جايكوب سوليفن مدير الاستراتيجي السياسية والمستشار القريب من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قد قال في وقت لاحق “بالنسبة إلى الخيارات حيال سوريا، نركز حتى الآن على المجالين الدبلوماسي والمالي”.
كل هذه التحركات تطرح جملة من التساؤلات يجيبنا عنها البروفسور نبيل ميخائيل، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن الأمريكية.
كيف تقيم الموقف الدولي مما يحدث في سوريا، وهل من خلفيات جعلت هذا الموقف الدولي أكثر حزما؟
نذكر أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما عودنا على التأخر في اتخاذ قرارات بشأن التطورات الدرامية التي تحدث في المنطقة العربية بصفة عامة، وسوريا بصفة خاصة، ويعزو البعض ذلك إلى أن رؤية أمريكا وبالأخص رؤية أوباما شخصيا إلى الرئيس السوري بشار الأسد على أنه عامل استقرار في معادلات السلام والحرب الصعبة والمعقدة في منطقة الشرق الأوسط. لكن يبدوا أن تلك الرؤية بدأت تتغير. فمن المتوقع أن تفرض الولايات المتحدة نوعا من العقوبات الاقتصادية تركز على تجميد بعض الأرصدة الخاصة بعدد من المسؤولين والزعماء السوريين في البنوك الأمريكية، يأتي هذا بالرغم من أن اوباما لم يصرح بأي موقف يطعن في شرعية النظام السوري رغم استخدامه العنف في قمع الحركات الاحتجاجية.
ولكن ما جدوى هذه العقوبات؟ هل بإمكانها التأثير على نظام الأسد؟
الجدوى من هذه العقوبات هي محاولة إقناع النظام السوري بتغير موقفه من حركة الاحتجاجات، والإصغاء إلى مطالب الجماهير والقيام فورا بإصلاحات اقتصادية وسياسية وديمقراطية تؤدي إلى استقرار الأوضاع في سوريا.
ومن المتوقع أن لا يتأثر النظام السوري بتلك العقوبات، كما يجب القول أن النظام السوري لديه العديد من الحلفاء، بداية من إيران وصولا إلى لبنان ومرورا بالفلسطينيين وبعض الجماعات في العراق، فإذا استطاعت سوريا تكثيف علاقاتها التجارية مع حلفائها قد يؤدي هذا إلى تخفيف وطأة العقوبات عليها.
ولكن هل ستنجح هذه العقوبات في تغيير مسلك النظام السوري؟
يرى المراقبون في واشنطن، حيث تصدرت أخبار سوريا معظم الصحف الأمريكية سيما صحيفتي الواشنطن بوست ونيويورك تايمز، أن النظام السوري سيستجيب بصورة بطيئة أو غير إيجابية للضغط الأمريكي. ولكن هناك قضية هامة تتمثل في أن الموقف في سوريا يزداد قتامة، حيث تتدخل قوى الأمن لقمع حركة الاحتجاج، فربما التغيير الوحيد الذي سيأتي كنتيجة غير مباشرة لهذه العقوبات هو صعود نفوذ القوات المسلحة، والتي يمكنها أن تحسم الأمر هناك.
ولكن إلى أي مدى يمكن أن يكون هناك إجماع دولي لإصدار قرار من مجلس الأمن يقضي بفرض عقوبات على النظام السوري؟
الولايات المتحدة لا تريد إعادة تجربة ليبيا في سوريا، حيث نجد انقساما بين حلفاء أمريكا الأوروبيين والعرب تجاه اتخاذ خطوات أكثر حزما بشأن نظام القذافي، في الوقت الذي لا تريد فيه واشنطن الإطاحة بالعقيد الليبي. كما أن أي إجماع أوروبي أمريكي بشأن سوريا سيصطدم حتما بفيتو روسي، خصوصا وأن لموسكو علاقات قوية بنظام دمشق، هذه العلاقات المبنية على أسس اقتصادية وسياسية. وبذلك ستصطدم الرؤية الأمريكية نحو سوريا بالدبلوماسية الروسية.
كما أن محاولة الولايات المتحدة تفعيل الملف السوري في على المستوى الدولي قد تؤدي إلى نتيجة عكسية، بمعنى أنه سيخلق نشاطا دبلوماسيا روسيا مكثفا تجاه التعامل مع الأزمة في دمشق.
هل هذا يعني أننا سنشهد عقوبات منفردة من قبل بعض الدول على نظام الأسد؟
هذا السيناريو محتمل جدا، لكن يجب الإشارة إلى إن الموقف الروسي لم يتبلور بعد، لكن في حال طرح الأمر على مجلس الأمن قد يتبلور هذا الموقف بوضوح، وسيؤدي الصدام الروسي الأمريكي إلى خلق مبادرة دبلوماسية مشتركة توضح كيفية التعامل مع نظام دمشق، لكن ما هو مؤكد لحد الآن فإن موسكو لن تسمح لواشنطن بالتعامل مع الملف السوري منفردة.
مع تصعيد لهجة المجتمع الدولي تجاه نظام دمشق، هل سيغامر الغرب في سوريا كما غامر من قبل في ليبيا؟
قد يغامر الغرب في سوريا، لكن يجب أن تكون هذه المغامرة حاسمة، بحيث لا يتكرر الوضع الليبي، وإلا سيكون مصير سوريا الانقسام، وستكون درعا مقرا للثورة وقد تكون دمشق مقر للنظام الحاكم، فالحسابات الغربية ستأخذ في عين الاعتبار علاقة سوريا بالعالم الخارجي وبالذات مع روسيا، مع الحرص على عدم إعادة تجربة ليبيا. لكن الكل يستبعد أن يكون هناك أي تدخل عسكري من طرف الناتو أو الولايات المتحدة لإرغام الأسد على ترك السلطة أو حتى الاستجابة لمطالب السوريين.
هذا الجواب يجرني لطرح السؤال التالي: هل الغرب يريد إسقاط نظام بشار الأسد؟
اعتقد أن هناك انقسام، ففي حين تحبذ أوروبا التغيير ترى إدارة باراك اوباما أن النظام السوري عامل يؤدي إلى نوع من الاستقرار الإقليمي وبالذات في قضية الصراع العربي الإسرائيلي، فمن غير المعروف ما إذا كان النظام الجديد الذي سيحكم سوريا في حال سقوط الأسد سيسعى إلى حرب جديدة مع وإسرائيل، وكيف سيتعامل هذا النظام الجديد مع لبنان وحزب الله؟ وكيف سيؤثر ذلك على تعامل سوريا مع بعض الكتل السياسية في العراق والأراضي الفلسطينية؟
ومن خلال كل ذلك نرى تباين في الرؤى بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ قد تطالب أوروبا بتغيير النظام، فيما قد تطالب الولايات المتحدة نظريا بتغيير النظام مع التركيز على أن تكون سوريا عامل استقرار في خضم المتغيرات الجيواستراتيجية المعقدة في الشرق الأوسط.
وكيف كيف ترى مستقبل الحلف الإيراني السوري وما يدور في فلكه من منظمات؟
إيران ستساند بالطبع نظام الأسد، وستقدم له الدعم والمساعدة الاقتصادية والأمنية، وسيستمر هذا الدعم باعتبار أن هناك مصالح عميقة بين الطرفين، لكن كل شيء متوقف على ما يدور في الساحة السورية، بمعنى كيف سيعبر الشعب السوري عن مطالبه وكيف سيستجيب النظام لهذه المطالب.
الغرب يدين بقوة ما يحدث في سوريا، ويلوح بعقوبات ضد نظامها، لكنه يتغاضى بعض الشيء عن ما يحدث في اليمن وما حدث ويحدث في البحرين. هل نستطيع القول أن هناك سياسة الكيل بمكيالين؟
الثورات العربية تيار مهم في التغير الذي تشهده المنطقة، وقد فاجأ هذا التيار الجميع. فالأوربيون والأمريكيون يشاهدون ما يحدث في الشرق الأوسط بشغف، وهم لا يملكون حلولا لهذه التطورات، أما بالنسبة إلى تعاملهم مع احتجاجات البحرين واليمن فذلك مبني انطلاقا من ظهور بعض المبادرات الإقليمية التي تحاول تطويق تلك الأزمات. إذ أن مجلس التعاون الخليجي وبالذات السعودية قامت بمبادرات دبلوماسية، وهو ما جعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعطيان دور الريادة إلى الحلول الإقليمية، ومن هنا فإن الأمر يتعلق بتقسيم العمل لا بسياسة الكيل بمكيالين.
أجرى الحوار/ يوسف بوفجلين
مراجعة: عبده جميل المخلافي
ضغوط تركية على دمشق لوقف العنف ضد المتظاهرين
دعا رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى وقف حملة العنف ضد المتظاهرين المطالبين بالإصلاحات في سورية.
وقال مكتب أردوغان إن رئيس الوزراء أجرى اليوم مكالمة هاتفية مع الرئيس السوري حثه فيها على “ضبط النفس” ، بينما اجتمع السفير التركي في دمشق مع رئيس الوزراء السوري، عادل سفر ، حيث أعرب له عن “قلق تركيا العميق وحزنها بسبب إزهاق أرواح كثيرين” في المواجهات السورية.
ويأتي اتصال أردوغان والأسد بعد يوم واحد من إتصال بين رئيس الوزراء التركي والرئيس الأمريكي باراك أوباما، أعربا بعده عن قلقهما العميق مما وصفه البيت الأبيض بأنه “الاستخدام المرفوض للقوة من جانب الحكومة السورية ضد شعبها”.
ويذكر أن تركيا تشترك في حدود برية طولها 877 كيلومترا مع سورية، وتخشى أنقرة من أن يؤدي تدهور الموقف في سورية إلى تدفق اللاجئين إلى الأراضي التركية. ولكن الخبراء يقولون إن معظم تلك الحدود مزروعة بالألغام لتأمينها مما يستبعد معه حدوث تدفق من اللاجئين.
كما تسعى تركيا إلى الإبقاء على العلاقات الإقتصادية الطيبة التي تحسنت مؤخرا بينها وبين عدد كبير من دول الشرق الاوسط، وفي الوقت نفسه مناشدة حكومات تلك الدول إدخال إصلاحات سياسية جذرية تكون كفيلة بتلبية تطلعات الشعوب.
تعزيزات عسكرية إلى درعا والمجتمع الدولي يشدد إداناته
إعداد أ ف ب
أكد الناشط الحقوقي عبد الله أبا زيد أن “تعزيزات أمنية وعسكرية جديدة دخلت درعا”، وأنه سمع إطلاق نار كثيف ليل الثلاثاء الأربعاء. في ظل تصاعد لهجة الإدانات الدولية، ودعوة أغلب الدول الأوروبية رعاياها إلى مغادرة سوريا.
الخارجية الفرنسية تستدعي السفيرة السورية في باريس [1]
سمع اطلاق نار ليل الثلاثاء لاربعاء في درعا حيث ارسل الجيش السوري الثلاثاء تعزيزات جديدة واطلق النار على سكان ومسجد غداة اقتحامه المدينة لسحق الاحتجاج، ما دفع بالمجتمع الدولي الى رفع لهجته ضد القمع.
واكد الناشط الحقوقي عبد الله ابا زيد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان “تعزيزات امنية وعسكرية جديدة دخلت درعا”، المدينة التي تبعد مئة كيلومتر جنوب دمشق.
واشار الى سقوط “ستة شهداء على الاقل” الثلاثاء من بينهم امام مسجد.
واوضح ان “اطلاقا كثيفا للرصاص سمع” ليل الثلاثاء الاربعاء في درعا.
وتابع ان “جنودا من الفرقة الخامسة انشقوا وانضموا الينا ويتواجهون” مع الجيش الذي يحاصر درعا.
واكد ان منزل مفتي درعا الذي استقال السبت احتجاجا على قمع الحركة الاحتجاجية في درعا، “مطوق صباح اليوم (الثلاثاء) لكن المفتي ليس موجودا في منزله”.
وقال سكان في المدينة ان المياه والكهرباء قطعت.
من جهتها، ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان الجيش طرد “المجموعات المتطرفة المسلحة” التي هاجمت مواقع عسكرية وقطعت الطرق في درعا ومحافظتها، لافتة الى ثلاثة قتلى و15 جريحا في صفوف قوات الامن والجيش.
من جانبه، افاد الشيخ أنس عيروط احد قادة حركة الاحتجاج في مدينة بانياس وكالة فرانس برس ان آلاف الاشخاص تظاهروا الثلاثاء في هذه المدينة الساحلية الواقعة شمال غرب سوريا للمطالبة بالحريات، مشيرا الى ان السكان يخشون اقتحام المدينة من قبل قوات النظام السوري.
وفي دوما (15 كلم شمال دمشق) تحدث شاهد الثلاثاء عن انتشار للعناصر الامنيين “في كل الاحياء”، موضحا ان هؤلاء “يدققون في هويات الناس في الشوارع”.
واضاف الشاهد ان المدينة “شبه مقفرة وكل المتاجر مغلقة وكذلك المؤسسات العامة”.
ودعت المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية) الثلاثاء مجلس الامن الدولي الى عقد جلسة حول الاوضاع في سوريا، مشيرة الى سقوط ما لا يقل عن 400 قتيل في هذا البلد منذ بدء حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري منتصف الشهر الماضي.
وفي نيويورك، اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الثلاثاء عن “قلقه المتنامي” حيال قمع المتظاهرين في سوريا، وخصوصا استخدام قوات الامن للدبابات واطلاقها الرصاص الحي.
وقال بان للصحافيين عقب مشاورات في مجلس الامن حول سوريا “نراقب عن كثب وبقلق متنام ما يجري”.
واكد انه “من البديهي ان من واجب السلطات السورية ان تحمي المدنيين وتحترم القواعد الدولية في مجال حقوق الانسان”.
واعلن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الاميركية الثلاثاء ان الولايات المتحدة تتعامل “حتى الان” مع اعمال العنف بحق المدنيين في سوريا عبر الوسائل الدبلوماسية وامكانية فرض عقوبات.
وصرح رئيس الحكومة الايطالي سيلفيو برلوسكوني في ختام قمة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان روما وباريس “قلقتان” من الوضع في سوريا وتدعوان النظام الى “وقف القمع العنيف”.
واكد ساركوزي ان فرنسا لن تتدخل في سوريا بدون قرار مسبق من مجلس الامن الدولي “ليس من السهل الحصول عليه”.
ودعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في اتصال هاتفي الثلاثاء الرئيس السوري بشار الاسد الى التقدم على طريق الاصلاحات في بلاده التي تشهد موجة من الاحتجاجات غير المسبوقة.
الا ان وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس اقر في واشنطن بوجود “حدود” لقدرات الغربيين على التحرك في مواجهة الاحداث في سوريا.
كما اعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان بلاده تعمل مع الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي لتوجيه “رسالة قوية” الى النظام السوري لوقع القمع الدامي للمتظاهرين.
ورأى المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) مايكل هايدن ان الاحداث في ليبيا وسوريا “ستجعل المعركة (ضد الارهاب) في المستقبل القريب اصعب بكثير”، على الرغم من ان موجة الاحتجاجات في العالم العربي قد تظهر ايجابية بالنسبة للولايات المتحدة على المدى الطويل من خلال جعل الترويج لافكار تنظيم القاعدة اقل تأثيرا بحسب تعبيره.
قطع المياه والكهرباء والاتصالات عن درعا لليوم الثاني
حقوقيون: أكثر من 450 قتيلا مدنيا منذ اندلاع احتجاجات سوريا
جانب من التظاهرات في بانياس السورية
دبي – العربية
تحدث شهود عيان للـ”العربية” عن مواجهات بين فرقتي الجيش السوري الرابعة والخامسه في درعا وانتشار الجثث في شوارع المدينة . وأفادت أنباء بتدفق المئات من قوات الأمن المعززّين بمعدات ثقيلة إلى دوما شمالَ دمشق اليوم، الربعاء 27-4-2011 . وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن شهود عيان أن أكثر من ألفين من قوات الامن انتشروا في دوما وقاموا بوضع نقاط تفتيش . و في غضون ذلك ذكر حقوقيون أن حصيلة القتلى في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية ارتفعت إلى 453 قتيلا مدنيا . ومن المقرر أن يعقد مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان الجمعة جلسة خاصة لمناقشة الوضع في سوريا ، حسب ما افاد المتحدث باسم المجلس. وفي باريس استدعت الخارحية الفرنسية السفير السوري لديها على خلفية الأحداث في سوريا لتكرار المطالبة بوقف دمشق استخدام القوة العسكرية ضد الاحتجاجات السياسية.
وكانت منظمة سواسية السورية لحقوق الإنسان قد قالت في وقت سابق اليوم إن قوات الأمن السورية قتلت 35 مدنياً على الأقل منذ بدء مهاجمة مدينة درعا فجر الإثنين الماضي بهدف سحق الانتفاضة.
وقالت المنظمة التي أسسها مهند الحسني المحامي السجين المعني بحقوق
الإنسان إن المياه والاتصالات ما زالت مقطوعة عن درعا لليوم الثاني وبدأت تقل إمدادات حليب الأطفال وعبوات الدم في المستشفيات.
من جهة أخرى، قال مصدر عسكري سوري إن وحدات الجيش تواصل تعقب من سمّتهم الجماعات الإرهابية بهدف إعادة الحياة الطبيعية لمدينة درعا وريفها وتحقيق الأمن والاستقرار فيها.
وأضاف المصدر أنه تم إلقاء القبض على عناصر بعض من سمّتها بالخلايا الإرهابية الذين يخضعون للتحقيق حالياً، كما تم ضبط كمية من الأسلحة والذخيرة المتنوعة.
واتهم المصدر تلك الجماعات بأنها استهدفت بعض المواقع العسكرية والقوى الأمنية، وكذلك قطع الطرقات العامة في أكثر من مكان وإجبار المارة على التوقف والاعتداء عليهم بالضرب بعد تجريدهم من حاجياتهم، بهدف الترويع وزرع الخوف في نفوس المواطنين.
كما اتهم المصدر هذه الجماعات بالاعتداء على بعض النقاط العسكرية تجاه الجولان المحتل، ما أسفر عن سقوط ثلاثة شهداء وخمسة عشر جريحاً في صفوف الجيش والقوى الأمنية، ووقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف المجموعات الإرهابية المتطرفة.
الاستراتيجية السياسية الأمريكية
من جانبه، أعلن مدير الاستراتيجية السياسية جايكوب سوليفن في وزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء 26-4-2011، أن الولايات المتحدة تتعامل “حتى الآن” مع أعمال العنف بحق المدنيين في سوريا عبر الوسائل الدبلوماسية وإمكانية فرض عقوبات.
وصرح جايكوب سوليفن وهو مستشار قريب من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون “بالنسبة إلى الخيارات حيال سوريا، نركز حتى الآن على المجالين الدبلوماسي والمالي”.
وكانت إدارة باراك أوباما أعلنت الإثنين أنها تفكر في فرض “عقوبات محددة الأهداف” على مسؤولين سوريين، وأعلنت استدعاء عائلات دبلوماسييها وموظفي سفارتها غير الأساسيين.
وكرر سوليفن إدانة الولايات المتحدة لأعمال القمع في سوريا، واصفاً سلوك الرئيس بشار الأسد بأنه “يتعارض تماماً مع سلوك زعيم مسؤول”، وأضاف “نناقش فاعلية الأدوات التي في حوزتنا ونبحث الأمر أيضاً مع شركائنا الدوليين”.
لكن المستشار استبعد إغلاق السفارة الأمريكية في دمشق في وقت وشيك، مؤكداً أن “وسائل اتصالاتنا الدبلوماسية هناك تتيح التواصل مباشرة مع الحكومة السورية في شكل نأمل الاستمرار فيه”
وعين أوباما سفيراً جديداً للولايات المتحدة في سوريا منذ يناير/ كانون الثاني بعدما شغر هذا المنصب لستة أعوام.
وأرسل الجيش السوري الثلاثاء تعزيزات جديدة إلى مدينة درعا، وأطلق النار على سكان ومسجد غداة اقتحامه المدينة لسحق الاحتجاج، ما كان أسفر عن سقوط 25 قتيلاً.
وتؤدي سوريا دوراً بارزاً في الملفات الإقليمية الأساسية التي تعتبرها واشنطن مهمة لأمنها، من الملف النووي الإيراني إلى الوضع في لبنان مروراً بعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.
ورداً على سؤال حول العواقب المحتملة على الولايات المتحدة في حال سقوط نظام الأسد، رفض سوليفن “التكهن حيال سيناريوات مستقبلية افتراضية”.
وأكد أن واشنطن تريد “تركيز” اهتمامها على القمع الجاري حالياً رغم “أنشطة سوريا المزعزعة للاستقرار في المنطقة وخصوصاً دعمها للإرهاب، والتي تشكل مصدر قلق عميق للولايات المتحدة”.
وصنفت واشنطن طويلاً سوريا ضمن لائحة “الدول الراعية للإرهاب” وفرضت عقوبات عليها من هذا المنطلق.
كما رفع عدد من القادة الأوروبيين لهجتهم الثلاثاء حيال النظام السوري بعدما أطلق الجيش السوري النار مجدداً على سكان مدينة درعا جنوب دمشق.
سوريا ترفض التحقيق الدولي بالمظاهرات
رفضت سوريا الدعوات لإجراء تحقيق دولي بشأن سقوط ضحايا مدنيين خلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع، وقالت إنها قادرة على أن تجري بنفسها ما وصفتها بتحقيقات شفافة. وبينما يستأنف مجلس الأمن جلساته اليوم لمناقشة الوضع في سوريا، يستعد وفد تركي للتوجه إلى دمشق الخميس للقاء الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار جعفري للصحفيين في نيويورك إن بلاده لديها حكومة ولديها دولة يمكنها أن تضطلع بأي تحقيق بشفافية كاملة، مشددا على أن الحكومة السورية ليس لديها ما تخفيه.
وأوضح أن الرئيس الأسد أصدر توجيهات إلى الحكومة لإنشاء لجنة تحقيق واستجواب وطنية بشأن وقوع ضحايا بين المدنيين، مشيرا إلى أن بلاده لا تحتاج مساعدة من أي أحد.
وعبّر جعفري عن أسف حكومته لوقوع قتلى خلال المظاهرات، مشيرا إلى أن الرئيس السوري بخلاف الزعماء الآخرين رجل إصلاحات ويجب أن يعطى الفرصة لتنفيذ مهمته في إصلاح الحياة السياسية في البلاد.
وشدد على ضرورة الاعتراف بحقيقة أن الاضطرابات وأحداث الشغب في بعض جوانبها لها برامج خفية، مضيفا أن حكومات أجنبية تحاول زعزعة استقرار سوريا، دون أن يخوض في التفاصيل.
وردت السفيرة الأميركية سوزان رايس بالقول إن الرئيس الأسد دأب على اتهام أطراف خارجية، بينما يسعى للحصول على مساعدة من إيران لقمع المحتجين.
وقالت رايس إن واشنطن تدرس احتمال فرض عقوبات أميركية على دمشق ردا على قمع المحتجين، واعتبرت أن ما وصفته بالعنف الوحشي الذي تستخدمه الحكومة السورية ضد شعبها هو شيء بغيض ويبعث على الأسف.
وأضافت أن مجلس الأمن سيعود لمناقشة مسألة سوريا مرة أخرى اليوم الأربعاء.
إدانة بان
من جانبه جدد الأمين العام للأمم المتحدة إدانته القوية لاستخدام السلطات السورية القوة ضد المحتجين المدنيين، وقال بان كي مون عقب جلسة مغلقة لمجلس الأمن مساء أمس “إنني أدين تماما استمرار العنف ضد المحتجين، وعلى الأخص استخدام الدبابات والذخيرة الحية التي أدت إلى مقتل وإصابة مئات الأشخاص”.
ودعا بان الحكومة السورية إلى الالتزام بحماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان الدولية بما فيها حرية التعبير والتجمع السلمي. وأوضح أنه اتفق مع مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي على ضرورة أن يكون هناك تحقيق مستقل وفعال في مقتل المدنيين في سوريا.
وقال دبلوماسيون بمجلس الأمن لرويترز إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال وزعت على أعضاء المجلس الأحد عشر الآخرين مسودة بيان تدين حملة سوريا العنيفة ضد المحتجين، وتحث الحكومة السورية على ضبط النفس.
لكنهم أضافوا أن روسيا والصين ردتا بفتور، وهو ما يثير شكوكا بشأن هل سيكون بمقدور المجلس الاتفاق على توجيه توبيخ لدمشق، وقالوا إنه لا توجد أي خطط للدعوة إلى عقوبات للأمم المتحدة.
وتحول البلدان اللذان يملكان حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف منتقد بشكل متزايد للتدخل الذي ساندته الأمم المتحدة لحماية المدنيين في ليبيا، ويقول دبلوماسيون بالمنظمة الدولية إن موسكو وبكين قلقتان من أن هذا التدخل يهدف إلى الإطاحة بالعقيد الليبي معمر القذافي.
وقال دبلوماسيون إن الوفد اللبناني سيفضل أيضا أن لا يدين المجلس سوريا.
وقال المندوب الألماني لدى الأمم المتحدة بيتر فيتيغ إن الأحداث المقلقة في سوريا تتطلب اهتماما خاصا من مجلس الأمن، وحذر من انعكاسات الوضع في هذا البلد على بقية بلدان الشرق الأوسط.
وردا على هذه التحركات، قال جعفري إنه ينبغي لمجلس الأمن أن لا يعتمد على المعلومات من وسائل الإعلام لاتخاذ قرارات، وينبغي عليه أن يعتمد على التقارير الرسمية.
التلويح بالعقوبات
في غضون ذلك قال دبلوماسي بالاتحاد الأوروبي إن الاتحاد يبحث فرض عقوبات محتملة على القيادة السورية بسبب قمع المحتجين.
وأضاف الدبلوماسي أن هذه العقوبات ستبحث بمزيد من التفاصيل في اجتماع لسفراء دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الجمعة.
وقال مصدر آخر في الاتحاد إن أي عقوبات ستبدأ على الأرجح بتجميد الأرصدة وفرض حظر على السفر يستهدف القيادة السورية، وقد يستغرق إقرار هذه الإجراءات رسميا في صورة قانون فترة قد تصل إلى أسبوعين.
وأمس قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن بريطانيا ستعمل مع الدول الأخرى على السعي لفرض عقوبات على القيادة السورية إذا استمرت الحكومة في استعمال العنف لقمع الاحتجاجات.
وأضاف هيغ متحدثا للبرلمان “إذا استمرت سوريا في نهجها في القمع العنيف فسيكون لمخاوفنا من يؤيدها بصورة أكبر في مجلس الأمن، وربما يتغير الموقف”.
من جهته استبعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التدخل في سوريا دون قرار من الأمم المتحدة. وأوضح ساركوزي أمس الثلاثاء -عقب لقاء مع رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني في روما- أن استصدار قرار مشابه لما حدث مع ليبيا ليس مسألة سهلة.
وناشد الجانبان سوريا وقف استخدام العنف ضد المظاهرات السلمية، وحثا كل الأطراف في سوريا على التحلي بالاعتدال.
وفي السياق قلل وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ونظيره البريطاني ليام فوكس من احتمال حدوث تدخل عسكري في سوريا على غرار ليبيا.
وأدان الوزيران بعد محادثات في واشنطن أعمال القتل في سوريا، لكن فوكس أوضح للصحفيين عندما سئل بخصوص عدم التدخل الغربي في سوريا “لا يمكن أن نفعل كل شيء طوال الوقت، وعلينا أن ندرك أن هناك حدودا عملية لما يمكن لدولنا أن تقوم به”.
وبدوره قال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله أمس إن الحكومة الألمانية استدعت السفير السوري لدى برلين للاحتجاج على الحملة العسكرية ضد المحتجين مؤخرا.
وفي بروكسل قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية كاثرين راي أمس إن سفراء الاتحاد الأوروبي سوف يلتقون قريبا لمناقشة الموقف من سوريا وإمكانية فرض عقوبات عليها.
وفد تركي
وفي أنقرة قال رئيس الحكومة التركية رجب طيّب أردوغان إنه أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس السوري، ورجح أن ترسل بلاده وفداً إلى دمشق غدا الخميس للقاء الرئيس السوري.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن أردوغان قوله في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القرغيزي ألماز بك أتامباييف في أنقرة، إن بلاده منزعجة من الوضع الراهن في دمشق، وقال إنه أعرب خلال مكالمته الهاتفية مع الأسد عن قلقه، مضيفاً أن تركيا لا ترغب بنهج مناهض للديمقراطية في سوريا.
وكان أردوغان تحدث قبل ذلك مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأعرب الجانبان عن قلقهما العميق من استخدام الحكومة السورية العنف غير المقبول ضد شعبها، مطالبين بوضع حدّ له وإجراء إصلاحات.
وشهدت إسطنبول الاثنين مظاهرة أمام القنصلية السورية نظمها ناشطون حقوقيون أتراك دعت للإطاحة بالأسد تضامناً مع متظاهري المعارضة في سوريا.
وتشهد سوريا منذ مارس/آذار الماضي مظاهرات عنيفة تطالب بالحرية والإصلاح سقط خلالها مئات القتلى والجرحى. وتتهم السلطات السورية مجموعات مسلحة بمهاجمة المتظاهرين وقوات الأمن مما تسبب في مقتل وإصابة العشرات منهم.
وكانت قوات الأمن السورية قد اقتحمت مدينة درعا جنوب البلاد أول أمس الاثنين، في حين أشارت التقارير إلى مقتل أكثر من 25 شخصا.
سوريا.. استثناء يجب أن يتوقف
تساءلت صحيفة لوموند الفرنسية في افتتاحيتها عن الحصانة التي يحظى بها النظام السوري وهو يرد على المظاهرات السلمية بالرصاص وتكون النتيجة مقتل المئات وجرح الآلاف، بدون أن يتحرك الرأي العام الدولي.
وقالت الصحيفة إن نظام الأسد رد على المظاهرات بالعنف مستفيدا من الصمت الدولي وهو ما لم يحدث مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك أو العقيد معمر القذافي بل حتى مع الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وقالت إن الحالة السورية تمثل استثناء غريبا لا يمكن السكوت عنه.
وأضافت الصحيفة تقول إن مدينة درعا تعرضت للاقتحام بالمدرعات والدبابات لأنها كانت الأولى في تحدي النظام، وأضافت أن الشهادات القليلة تتحدث عن أجواء من الرعب، إضافة إلى قطع الكهرباء والاتصالات.
ورأت الصحيفة أن بشار الأسد يريد بالقمع العنيف في درعا إعطاء عبرة للسوريين في المدن الأخرى، تماما كما فعل والده حافظ الأسد بمدينة حماة في فبراير/شباط 1982.
وأوضحت الصحيفة أن اقتحام درعا جاء بعد يوم الجمعة الماضي حيث خرج بضعة آلاف في مسيرة سلمية في معظم المدن السورية، ليكون الرد من أجهزة الأمن والمليشيات بإطلاق النار وسقوط المئات بين قتيل وجريح، وتصل حصيلة الضحايا إلى نحو 400 منذ بدء الاحتجاجات.
وأكدت الصحيفة أن القمع في مصر لم يتسبب في سقوط مثل هذا العدد، وفي ليبيا أيضا قبل التدخل الدولي، وتتساءل قائلة “هل هما معياران أو مقياسان؟” وترد “نعم، لأن ثقل دمشق أكبر في التوازن الإستراتيجي بالمنطقة من القاهرة أو طرابلس”.
وقالت لوموند إن أسرة الأسد تحكم سوريا منذ أكثر من أربعين سنة، وهي تنتمي للأقلية العلوية وتحكم البلاد بدعم من أقليات أخرى، الدروز والمسيحيين تحديدا.
وأضافت أن دمشق وثقت علاقاتها جيدا بطهران وتحالفت مع حزب الله الشيعي في لبنان، وبنت علاقات اقتصادية قوية مع تركيا، وهي تحكم الأغلبية السنية بيد من حديد معتمدة على الفساد والرعب.
كما أشارت الصحيفة إلى أن سوريا ضمنت ثبات الوضع في منطقة تربط الجميع، من واشنطن إلى أنقرة ومن الرياض إلى القدس، وهناك مخاوف من أن سقوط الأسد سيفتح الطرق أمام حركة الإخوان المسلمين السنية. وتقول الصحيفة “الغرب يتسامح مع دمشق ويتشدد مع القاهرة وطرابلس”.
واختتمت لوموند افتتاحيتها بالقول “هذا الموقف لم يعد قابلا للتحمل، يجب عزل ومعاقبة نظام بشار الأسد”.
فيسك: أحرب أهلية تلوح بأفق سوريا؟
تساءل الكاتب البريطاني روبرت فيسك عما إن كانت الحرب الأهلية تلوح في أفق سوريا، وقال إذا كانت الإشاعات والمؤامرات صحيحة فإن نظام الرئيس بشار الأسد يسير في طريق الحرب الأهلية.
ويعلق فيسك في مقاله بصحيفة ذي إندبندنت على صور جثث القوات الأمنية التي يبثها التلفزيون السوري ويزعم أنهم ضحايا “عصابات مسلحة”، قائلا إن من السهل الاستخفاف بتلك الصور لأن إطلاق النار على الجنازات هو امتياز للقوات الأمنية وليس للعصابات المسلحة.
كما أن التلفزيون السوري -والكلام لفيسك- لم يعرض حتى جنازة واحدة للمدنيين بعد مقتل المئات خلال أكثر من شهر.
غير أن فيسك يرى أن تلك التقارير -رغم ما يشوبها من شكوك- التي يبثها التلفزيون السوري في غاية الأهمية لأنه إذا كان القتلى من الجنود هم ضحايا عمليات قتل انتقامية من قبل العائلات الساخطة التي فقدت محبيها على أيدي الشرطة السرية، فإن ذلك يعني أن المعارضة على استعداد لاستخدام القوة ضد المعتدين عليها.
ويتابع أنه إذا كانت هناك بالفعل مجموعات مسلحة تجوب سوريا، فإن نظام البعث السوري يتجه نحو الحرب الأهلية.
ويشير فيسك إلى أن صور الدبابات في شوارع درعا، التي ينقلها المتظاهرون المطالبون بالديمقراطية عبر موقع يوتيوب، تؤكد “حقيقة النظام الدكتاتوري الذي يسحق شعبه”.
ويقول الكاتب البريطاني إن مجزرة عام 1982 في حماة لم تدع مجالا للشك بعد ذلك بأن البعثيين السوريين يسيرون على نفس الدرب.
وتأكيدا على افتقار الرواية الرسمية للمصداقية، ينقل فيسك عن بعض المواطنين الذين يتمكنون من الاتصال بالخارج ويقولون إن القتلى الذين يعرضهم التلفزيون السوري هم من الجنود الذين رفضوا الانصياع لأوامر قادتهم وإطلاق النار على المتظاهرين المدنيين.
وحمل فيسك الحكومة السورية مسؤولية الافتقار للمصداقية لأن السلطات منعت الصحفيين الأجانب من دخول البلاد لإثبات أو نفي تلك المزاعم، مشيرا إلى أن وزارة السياحة تلقت قائمة بأسماء المراسلين الموفدين إلى الشرق الأوسط من قبل وزارة الداخلية لضمان عدم دخول مراسلين بشكل مفاجئ لدراسة الآثار في تدمر.
حملة اعتقالات
وفي هذا الإطار، قالت صحيفة ذي إندبندنت إن قوات الأمن السورية شنت حملة من عمليات دهم للمنازل والاعتقالات في مختلف أرجاء البلاد شملت أكثر من خمسمائة، في محاولة لسحق أي حركة تدعو إلى الإصلاح، وسط مؤشرات على اتخاذ قادة العالم إجراءات منسقة ضد النظام السوري.
وقالت الصحيفة إن المواطنين تحدوا أمس نار القناصة لسحب الجثث من الشوارع، مشيرة إلى أن أكثر من أربعمائة قتلوا خلال الانتفاضة التي انطلقت ضد حكم الأسد.
ونقلت الصحيفة عن الناشط الحقوقي هيثم المالح -الذي فر من منزله أمس خشية اعتقاله على أيدي قوات الشرطة السرية- قوله إن الإجراءات الصارمة التي تتخذها الحكومة “غير معقولة”.
وأشار إلى أن شهود عيان أبلغوه بأن آلاف الشرطة السرية يقومون بعمليات دهم من منزل إلى منزل في حي دوما بدمشق.
مجلس الأمن يستأنف الأربعاء مداولاته بشأن الوضع في سورية
سقط عشرات القتلى والجرحى في درعا من المدنيين والجيش.
لليوم الثاني على التوالي، يواصل مجلس الأمن الدولي مداولاته بشأن الوضع في سورية، مع صدور توقعات بأن تواجه جهود إصدار بيان لإدانة أعمال العنف والقمع الجارية هناك معارضة من قبل كل من الصين وروسيا.
فقد أشار دبلوماسيون إلى أن تبني أي بيان لإدانة سورية يتوقف على موافقة روسيا والصين، العضوين الدائمين في مجلس الأمن الذي سيستأنف اليوم الأربعاء مشاوراته بشأن البيان.
فقد دأبت الصين وروسيا، اللتان ترتبطان بعلاقة مميزة مع سورية، على معارضة كافة المبادرات المنطوية على ما تقول الدولتان إنه “تدخل في الشؤون الداخلية للدول المعنية”.
ويرى بعض المراقبين أن روسيا، على وجه الخصوص، تشكل العقبة الأساسية أمام اعتماد البيان الذي يدعم أيضا مطلب إجراء تحقيق في الأحداث التي تشهدها سورية.
وكانت أربع دول أوروبية، هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال، قد تقدمت بمشروع بيان إلى المجلس يهدف إلى إدانة ما يجري في سورية من قمع وأعمال عنف.
إلى ذلك، دعت كل من فرنسا وإيطاليا الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى اتخاذ “إجراءات حازمة لوقف العنف الجاري في سورية”.
ففي بيان مشترك، حثت الدولتان على ممارسة الضغط على سورية لإنهاء حملتها في قمع المتظاهرين.
“لا تدخل عسكري”
في غضون ذلك، استبعدت الولايات المتحدة وبريطانيا من احتمال تدخل عسكري غربي في سورية على غرار نسق ما يجري حاليا في ليبيا.
ففي تصريحات أدلى بها في أعقاب محادثات أجراها مع نظيره الأمريكي، روبرت جيتس، في واشنطن، قال وزير الدفاع البريطاني، ليام فوكس: “إن هنالك قيودا عملية تحد من المقدرة العسكرية الغربية في سورية”.
وأضاف: “لا يمكن أن نفعل كل شىء في كل الأوقات، ويجب أن ندرك أن هناك قيودا عملية لما يمكن أن تقوم به بلادنا”.
من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، إنه “لم يفت الأوان بعد بالنسبة للحكومة السورية لدعم الإصلاح السياسي في البلاد”.
وقال هيغ: “يتعيَّن على الرئيس الأسد أن يبرَّ بوعوده بالإصلاح”.
إلا أن الوزير البريطاني حذر في الوقت ذاته دمشق من فرض عقوبات دولية عليها في حال مواصلة القيادة السورية قمع المظاهرات والاحتجاجات المناوئة للنظام”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد أدان استخدام العنف ضد المتظاهرين المسالمين في سورية، و”خاصة استخدام قوات الأمن للدبابات والرصاص الحي ضد المتظاهرين”.
متظاهرون في مدينة بنياس
طالبت دول أوروبية بانهاء القمع في سورية
ففي تصريحات أدلى بها للصحفيين في أعقاب مشاورات في مجلس الأمن حول الأوضاع في سورية، قال بان: “نحن نراقب عن كثب وبقلق متنام ما يجري”.
وشدد على “واجب السلطات السورية في حماية المدنيين واحترام القواعد الدولية في مجال حقوق الإنسان”.
ودعا إلى إجراء تحقيق “مستقل وشفاف بشأن مقتل العشرات في سورية”.
تصريحات الجعفري
من جانبه، قال السفير السوري لدى الأمم المتحدة إن بلاده قد بدأت تحقيقها الخاص في أحداث العنف في البلاد.
كما نقلت وسائل إعلامية سورية عن عضو مجلس الشعب السوري والداعية الإسلامي، محمد حبش، قوله “إن البرلمان سوف يشهد الأسبوع القادم مرحلة فاصلة لأنه سيناقش إجراء تعديل المادة الثامنة من الدستور التي تنص على أن الحزب هو قائد الدولة والمجتمع”.
“وطالب حبش السوريين بالتهدئة وإعطاء الدولة فرصة لتحقيق الإصلاحات. كما طالب الدولة أيضا بـ “الدخول مباشرةً في نطاق تطبيق الإصلاحات وتبييض السجون”.
مظاهرات في درعا
تواصلت الاحتجاجات على مدى أسابيع في سورية
في غضون ذلك، أصدر ناشطون سوريون في الداخل والخارج الأربعاء بيانا قالوا فيه إن النظام مهدد بالسقوط ما لم يبادر الرئيس بشار الأسد نفسه بنقل البلاد إلى مرحلة انتقالية من التحول نحو الديمقراطية.
وقال البيان، الذي وقعه ناشطون ينتمون إلى طيف واسع من المعارضة السورية وينضوون تحت مظلة ما أسموه “المبادرة الوطنية للتغيير”، إن “الثورة الشعبية العارمة سوف تسقط النظام القائم حاليا ما لم يبادر الأسد شخصيا إلى إجراء تحول ديمقراطي حقيقي في البلاد”.
وأضاف البيان أن “من شأن هكذا تحول ديمقراطي أن يحمي الأمة من السقوط في دوامة العنف والفوضى والحرب الأهلية”.