النظام” يمنع السوريين من شراء المازوت/ سلام السعدي
تتجه الحكومة السورية لإحكام قبضتها على مادة المازوت، وتقنين الاستهلاك الخاضع أصلا لتقنين شديد. حيث تفصل السوريين أيام قليلة عن بدء تطبيق قرار بمنع بيع مادة المازوت باستخدام العبوات البلاستيكية (البيدونات).
قرار المنع صدر أمس الجمعة عن “محافظة دمشق” على أن يبدأ تطبيقه مطلع شهر أيلول القادم. ووفقاً للقرار ستعمل الحكومة “على مد الأحياء الشعبية بمادة المازوت عن طريق صهاريج التوزيع مباشرة، بإشراف أعضاء مجلس المحافظة ولجان الأحياء”.
وفور شيوع الخبر، توجهت أعداد كبيرة من السوريين وهي تحمل عبواتها البلاستيكية إلى محطات الوقود المنتشرة في العاصمة دمشق، في محاولة لتأمين اكبر كمية ممكنة من المازوت قبل سريان القرار. ما تسبب في زيادة الازدحام والفوضى الحاصلة منذ نحو أسبوعين في محطات الوقود.
وتعاني العاصمة دمشق منذ نحو أسبوعين من نقص كبير في إمدادات مادة المازوت، حيث تمتد طوابير الناس والسيارات لأمتار طويلة، لكن الحكومة ترفض الاعتراف بتلك المشكلة. إذ أنكر مدير “محروقات دمشق” سيباي عزيز أمس في تصريح لإحدى الصحف الحكومية، صحة “ما يروج له من نقص في مادة المازوت خلال الأيام الماضية”. وأكد أن “المادة متوفرة في معظم محطات الوقود الحكومية والخاصة وبنفس الكميات الموزعة خلال الأشهر الماضية، وتنحصر مسؤوليتنا بإيصال هذه المادة للمحطات، وفي حال بيع المازوت بسعر أعلى فهذه مسؤولية مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك”.
يسخر سامر (25 عاماً)، وهو طالب جامعي يقيم في دمشق، من الادعاءات الحكومية قائلاً: “هل نكذب ما نراه يومياً من طوابير طويلة تحتشد في محطات الوقود؟!”، ويضيف: ” حتى أصحاب السرافيس (سيارات الأجرة) باتوا يطالبون منذ نحو أسبوع بأجرة أعلى، متذرعين بأنهم ينتظرون نحو خمس ساعات في محطة الوقود ويحصلون على المازوت بسعر مرتفع يصل إلى 140 ليرة”.
هذا وقد أعلنت “محروقات دمشق” قبل أيام عن أن عملية تسجيل السوريين للحصول على المازوت ستبدء قريباً، وذلك “بعد أن انتهت كافة الاستعدادات لبدء التسجيل عبر ثلاثة مراكز هي الميدان والمستودع 202 وبرزة، وسيتم منح كل عائلة 400 ليتر من المازوت”.
وهي نفس الكمية التي حددتها الحكومة السورية في العام الماضي بحيث يجري تسليمها لجميع العائلات السورية على دفعتين وبالسعر المدعوم من قبل الدولة وهو 65 ليرة لكل ليتر. لكن العديد من السوريين اشتكوا من عدم استلام أي دفعة من المازوت الحكومي في العام الماضي. وبالمقابل رفض بعض السوريين استلام حصتهم بسبب الارتفاع الكبير الذي طرأ على الأسعار، الأمر الذي دفعهم لإسقاط هذه المادة من سلتهم الاستهلاكية التي راحت تتقلص عاماً بعد آخر.
وبالفعل، كان الارتفاع في سعر المازوت حاداً جداً واكبر من قدرة السوريين أصحاب الدخل المحدود على الاحتمال، إذ ارتفع سعر هذه المادة التي يستخدمها النظام أيضاً كوقود للآليات العسكرية والدبابات بنسبة إجمالية بلغت نحو 350 في المئة خلال ثلاثة أعوام. وهي إذ استقرت على سعر 65 ليرة لليتر الواحد، فهي تباع في السوق بأسعار أكبر بكثير قد تصل إلى 140 ليرة لليتر، أي بزيادة بلغت نحو 115 في المئة عن السعر الرسمي.
هذا وقد استهلكت سوريا قبل اندلاع الثورة ما يزيد عن 7.5 مليار ليتر مازوت سنوياً، لكن الاستهلاك الخاص تقلص إلى نحو 5 مليارات ليتر خلال أعوام الثورة، وذلك بسبب النزوح الكبير وتدني القدرة الشرائية للسوريين وانخفاض أعداد المركبات والباصات.
لكن الواقع يشي بان استهلاك الدولة السورية ارتفع بمستويات قياسية، وذلك لاعتمادها على مادة المازوت بصورة كبيرة في عملياتها العسكرية، ما اضطرها إلى استيراد المادة من روسيا وفنزويلا وبعض دول أوروبا الشرقية في أكثر من مناسبة.
المدن