بيانات الانتفاضة

ائتلاف اليسار السوري: بيان حول وضع الانتفاضة


بعد كل هذه الأشهر من الاحتجاج والتظاهر لازالت السلطة تحاول قمع الانتفاضة الشعبية بكل الوسائل في حركة طائشة، من الواضح أنها تشير إلى ارتباك شديد لديها نتيجة الإحساس بالعجز عن الحسم، وبعدم المقدرة على سحقها.

هذا يوضح صلابة الطبقات الشعبية، وقوة إرادتها التي تهدف إلى إسقاط النظام. ولقد بذلت الشهداء ولازالت دون خوف أو تردد. وهي بذلك تؤكد بأنها قادرة على كسر قوة السلطة وإسقاطها. وأن استمرارها سوف يفضي حتماً إلى تحقيق هدفها الأول: الشعب يريد إسقاط النظام. حيث ليس من الممكن إلا أن تتفكك السلطة أمام هذه الصلابة، وأن تُسقط.

بالتالي ليس غير الطبقات الشعبية من سيحقق ذلك، دون أوهام حول أدوار أخرى، أو التوهم بأن الأفق أصبح مسدوداً بعد كل هذا الزمن. لكن لا بد من تطوير فاعلية الانتفاضة رغم كل القمع والقتل والاعتقال الذي يطال الناشطين، من خلال تنظيم الحراك والتحديد الأدق للأهداف التي تعمل من أجلها بعد إسقاط السلطة. حيث ليست المسألة هي مسألة تغيير شخص بآخر، أو حزب بآخر، أو نخبة بأخرى، بل هي مسألة تغيير تكوين متكامل تشكّل خلال العقود الأخيرة، وأفضى إلى نشوء كل المشكلات التي أدت إلى انفجار الانتفاضة العظيمة هذه. من السيطرة على الاقتصاد واحتكاره مما أفضى إلى انهيار الزراعة والصناعة وانتشار البطالة والفقر، إلى انهيار التعليم وكل أشكال الضمان الاجتماعي والصحي، إلى الشكل الاستبدادي الذي كان الغطاء لتحقيق كل ذلك. بمعنى أنه لا بد من إسقاط بنية وليس أشخاص، وتأسيس أخرى تحقق مطالب الطبقات الشعبية.

هذا هو المجهود الضروري الآن من أجل وصول الانتفاضة إلى مرحلة الحسم، والذي لا بد من توحيد نشاط كل المناضلين من أجل تحقيقه. ويفرض الاستمرار في المحاولة من أجل تأسيس قيادة موحدة للتنسيقيات التي تشكلت في مختلف المدن والمناطق ولكل الهيئات والقوى المنخرطة في الانتفاضة، هذه المهمة التي حالت الاعتقالات دون تحقيقها لابد من أن تظل المحور الذي يُعمل من أجله. فالقيادة لا بد من أن تكون ميدانية، ومن المناضلين الفعليين، لكي تحقق الهدف منها، وهو قيادة الانتفاضة إلى الانتصار، وفتح الأفق لتحقيق مطالب الطبقات الشعبية.

من هذا المنطلق نرى بأن كل النشاط في الخارج لتأسيس “مجلس وطني”، والصراعات التي تحكم الأطراف المختلفة في سياق التصارع على السيطرة، لا يخدم تطور الانتفاضة، ويشوش عليها بهذا الشكل أو ذاك. ويدخل في نقاش مسائل لم تصل الانتفاضة إليها، أي مسألة المرحلة الانتقالية التي لا تكون ممكنة إلا بعد سقوط السلطة. وإذا كان مفيداً وضع تصورات حول المرحلة الانتقالية إلا أنه ليس صحيحاً الغرق في تشكيل الهيئات التي تقود مرحلة لم نصل إليها بعد. فما هو ضروري كما أشرنا هو توحيد قيادة الانتفاضة لكي تنتصر، وتوضيح مطالبها التي تسمح بانضمام كل الطبقات الشعبية للانتفاضة، بغض النظر عن كل التخويف الطائفي أو التخويف من سلطة بديلة أصولية، الذي سيسقط حتماً أمام وضوح الأهداف.

نأمل في ألا نُغرق في نقاشات ليست في أوانها، أو تدفعنا إلى أن نضطر إلى الدخول في شرح مصالح هذه القوى المتصارعة من إسراعها إلى تبوء موقع “القيادة” في وضع ليس لها في الواقع ما يدعم هذا الدور.

لا شك في ضرورة وجود التعبير السياسي عن الانتفاضة، لكننا نرى بأن هذا التعبير يجب أن ينشأ من قبل القوى التي تلعب الدور الفعلي، وبالتالي أن يكون في الداخل وليس في أي مكان آخر رغم كل الصعوبات التي يواجهها ذلك.

ولأننا نرى بأن الطبقات الشعبية هي القوة القادرة على كسر قوة السلطة ننوه إلى أن كل ما يتردد من قبل بعض أطراف المعارضة في الخارج، أو يتسرب من قبل آخرين، حول ضرورة المطالبة بالحماية الدولية، أو الحظر الجوي، أو التدخل العسكري، لا ينطلق من استفادة من تجارب التدخل الإمبريالي، أو ينطلق من مصالح ضيقة يعتقد أصحابها بأنه ليس بإمكانهم الوصول إلى السلطة إلا من خلال التدخل الإمبريالي. وإذا كان ذلك يُطرح تأسيساً على فكرة تخفيض كلفة الدم، فإن ما توضح من كل التدخلات الإمبريالية أنها زادت الدم وأكملت في تحقيق التدمير الشامل لكي تحقق “إعادة الإعمار” الذي يعني النهب الشامل لاقتصاد البلد كما جرى في العراق. فالقوى الإمبريالية لا تتدخل إلا لتحقيق مصالحها التي تقوم على النهب الشامل.

نقول بأن كل دعوة من هذا القبيل ستشوش على الانتفاضة، وستفضي إما إلى انفضاض قطاعات من المشاركين في الانتفاضة أو عدم انضمام الفئات التي لم تنضم بعد، وأيضاً سوف يخلق التراخي الذي هو مقتل الانتفاضة. من تعب أو هاله تأخر الانتصار ليس من حقه خلط الصراع والتشويش على الانتفاضة، وتقديم المبررات لكي تزيد السلطة من سحقها ودمويتها. خصوصاً أن كثير ممن يردد هذه النغمة لم يكن يثق أصلاً بقوة الطبقات الشعبية وكان يستخف بإمكانية ثورتها، وهو لازال لا يثق بأنها قادرة على الانتصار، رغم كل البطولة التي تظهرها.

لسنا بحاجة إلى حماية دولية أو تدخل دولي لكي ننتصر، ونحن نثق بقوة الطبقات الشعبية وبقدرتها على الانتصار، وننبه من كل دعوة لتدخل إمبريالي أو حتى حماية، فالشعب انتفض ليس لكي يُحمى بل لكي يغيّر. وهو مستمر في ذلك دون تردد أو خوف. ونؤكد على أن الانتفاضة سلمية، كانت وستبقى، برغم بروز بعض المطالبين بتسليحها وهم يرون بشاعة ممارسات الشبيحة والأجهزة الأمنية، وبعض مجموعات الجيش. وستنتصر بسلميتها، وببطولة شبابها وثوريتهم.

نؤكد من جديد على أن قوة الطبقات الشعبية هي التي ستهزم السلطة، وستحقق التغيير الضروري لتطور سورية. ومن أجل ذلك لا بد من التأكيد على ضرورة توحيد قوى الانتفاضة في هيئة موحدة، وهو الأمر الذي يستدعي الجهد الأساس في هذا الوقت.

ستنكسر السلطة دون شك. وسيتحقق التغيير، وندخل في مرحلة جديدة.

الانتفاضة ستنتصر حتماً.

ائتلاف اليسار السوري

8/9/2011

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى