صفحات العالم

سوريا وفرصة التعريب


محمد إبرهيم

بعد بداية متعثرة، تقدّم التعريب على التدويل والأقلمة في محاولات ايجاد خاتمة للأزمة السورية.

رحّبت موسكو بمحاولة الجامعة العربية باعتبارها تنسجم مع رؤيتها بأن التسوية ممكنة بين محاولات الإصلاح التي يقودها الرئيس السوري بشار الأسد ومطالب المعارضة.

بين تليين النظام موقفه من المبادرة العربية والترحيب الروسي، المسافة ليست بعيدة. فموسكو مرّرت اكثر من مرّة انها لا تستطيع ان تحجز التدخل الدولي الى ما لا نهاية، وان المطلوب من القيادة السورية اثبات جدّيتها في الإصلاح. واذا كان الحوار الداخلي مع “المعارضة الوطنية” مطلب روسي، فإن الحوار مع الجامعة العربية هو تتمته الخارجية الطبيعية.

من اطراف الموقف الدولي فرنسا ذكّرت بأن لا حلّ إلا باسقاط النظام، ولا مفر من العودة الى مجلس الأمن، لكن مع الأخذ في الإعتبار ان تعقيدات الأزمة تتطلب وقتا. ولم تقل طبعا ان “تقطيع” هذا الوقت يمكن ان تتولاّه الجامعة العربية.

جلسات الحوار السورية-العربية لم يفصح عن مضمونها، وما قيل عن نقاط متوافق عليها وأخرى تحتاج الى مناقشة، يعني على الأرجح ان الإجتماع الأول استنفد اطار المبادئ العامة التي يمكن التوافق عليها، بسهولة، وان البحث اللاحق سيتناول نقطة الخلاف الجوهرية والتي سيتحدد بالإستناد اليها مصير المبادرة العربية.

ايا تكن التسميات فإن هذه المبادرة لا تستطيع تجاوز مطلب اساسي للمعارضة، بشقّيها في “المجلس الوطني” وفي “هيئة التنسيق”، هو اطلاق حرية العمل السياسي في سوريا، في موازاة وليس كنتيجة، لحوار لا ينتهي او للجان تبحث الى ما لانهاية في التعديلات الدستورية والقانونية المطلوبة للحياة السياسية في سوريا.

حتى موسكو الرافضة لتدخل خارجي يمكن ان “ينزلق” الى نموذج ليبي، لا تستطيع ان تدعم النظام في تحايله بشأن التناقض بين اعلان الرغبة بالإصلاح واستمرار الحل الأمني، بل تعمّقه.

في الرهان على الوقت لايبدو ان حسابات النظام السوري دقيقة. فالحل الأمني لم يتمكن من إخماد الإحتجاجات الشعبية. وحتى ما يسميه التعامل مع العصابات الإرهابية. لم يعد يعمل لمصلحته، بعد ان اتخذ شكلا، شبه شرعي، تحت مسمّى الإنشقاقات العسكرية.

ما زال العامل الخارجي، ذو الوجه العربي في هذه اللحظة، نقطة الإرتكاز الأقوى لمعارضة الداخل، المتحركة في الشارع، وليس في المؤتمرات. ولسنا بالتأكيد امام انشقاق، دولي-عربي، او أمام إعادة نظر دولية في الموقف من مصير النظام في سوريا. والشاهد الأكبر على ذلك ردود الفعل الدولية-العربية، الإيجابية، على مآلات الفصول الأولى من “الربيع العربي”، رغم سلبياتها… الكثيرة.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى