أحداث الجمعة 27 أذار 2015
جماعات معارضة تسيطر على بصرى الشام و”النصرة” تنتزع 17 حاجزاً من النظام في ادلب
المصدر: (و ص ف، رويترز، أب)
أفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن جماعات مسلحة معارضة للنظام السوري سيطرت على مدينة بصرى الشام التاريخية في جنوب سوريا، في إطار هجوم مضاد لمنع الحكومة من استعادة المنطقة الحدودية مع إسرائيل والأردن، وأن “جبهة النصرة” والفصائل الاسلامية سيطرت على 17 حاجزاً تابعاً لقوات النظام في شمال غرب البلاد، فيما ارتفعت حصيلة الاشتباكات المستمرة منذ ثلاثة أيام الى 68 قتيلاً على الأقل من الجانبين.
وقال المرصد: “ارتفع إلى 17 عدد الحواجز ونقاط تمركز قوات النظام والمسلحين الموالين لها والتي سيطرت عليها حركة احرار الشام الاسلامية وجبهة النصرة (تنظيم “القاعدة” في سوريا) وجند الأقصى، في محيط مدينة ادلب واطرافها” منذ بدء الاشتباكات مع قوات النظام عصر الثلثاء.
وادلب هي مركز محافظة ادلب الحدودية مع تركيا والتي تسيطر على أجزاء واسعة منها “النصرة” وفصائل اسلامية. وفي حال سقوطها، ستكون ثاني مركز محافظة يخسره النظام بعد الرقة، معقل تنظيم “الدولة الاسلامية”.
وشنت “النصرة” مع “أحرار الشام” وفصائل اسلامية أخرى هجوما الثلثاء على قوات النظام في مدينة ادلب تحت عنوان “غزوة ادلب”، معلنة تشكيل “جيش الفتح” لتحرير المدينة.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل 37 رجلاً من الجبهة والكتائب الاسلامية المتحالفة معها و31 من قوات النظام وعناصر الدفاع الوطني على الاقل، في حصيلة جديدة للمرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: “تستمر الاشتباكات العنيفة لليوم الثالث على التوالي، وتحاول قوات النظام مع عناصر الدفاع المدني استعادة زمام المبادرة على رغم حدة المواجهات”. وأوضح ان “قوات النظام نصبت حواجز ومتاريس ونقاط تمركز جديدة في مدينة إدلب” بعد انسحابها من نقاط اخرى نتيجة قصف عنيف من مقاتلي الفصائل الاسلامية.
وبعد مقتل نائب قائدها العام أبو جميل قطب في اشتباكات الاربعاء، بثت “حركة احرار الشام” في موقعها الالكتروني رسالة مصورة للمسؤول الشرعي العام أبي محمد الصادق، موجهة الى “المجاهدين وأهلنا في مدينة ادلب” دعا فيها الى الابتعاد “عن اماكن وجود شبيحة النظام ومبانيهم ومراكزهم وحواجزهم”، والى ملازمة منازلهم و”عدم إيواء الشبيحة” عندما تشتد المواجهات.
الى ذلك، قتل شخص وأصيب آخرون في انفجار سيارة مفخخة في مدينة الحسكة بشمال شرق سوريا. وقال عبد الرحمن ان الانفجار استهدف دورية لقوات الامن الداخلي الكردية (الأسايش).
وتتقاسم قوات النظام السوري و”وحدات حماية الشعب” الكردية السيطرة على مدينة الحسكة، بينما تدور في ريف الحسكة معارك ضارية بين الاكراد و”الدولة الاسلامية” على بعض الجبهات، وبين التنظيم وقوات النظام على جبهات اخرى.
بصرى الشام
وفي مدينة درعا بجنوب سوريا، قتل تسعة مواطنين على الاقل بينهم اطفال، وسقط عدد من الجرحى، في غارة الطيران الحربي وقوات النظام على مناطق في درعا البلد.
وكان تحالف لمجموعة من فصائل المعارضة المسلحة أعلن الاربعاء أنه سيطر على بصرى الشام، وانه بدأ هجوماً جديداً على قوات الحكومة في منطقة أخرى بمحافظة درعا، مشيراً الى أنه تلقى مزيداً من الدعم العسكري عبر الأردن.
وأورد المرصد السوري إن 21 من مقاتلي المعارضة قتلوا في المعارك التي دارت طوال أربعة أيام من أجل السيطرة على بصرى.
وكان الجيش السوري قال الاثنين إنه قتل عدداً من قادة الفصائل المسلحة المعارضة للنظام خلال القتال.
وصرح الناطق باسم تحالف “الجبهة الجنوبية” عاصم الريس بأن 85 في المئة من المقاتلين الذين شاركوا في الهجوم هم من الفصائل المسلحة المعارضة والآخرين من الفصائل الإسلامية. وقال إن “النصرة” لم تشارك في المعارك، وأن التحالف حرر المدينة بأكملها حتى القلعة القديمة والمدينة القديمة.
وأكد ان استراتيجية “الجبهة الجنوبية” ليست الاحتفاظ بأراض بل شن هجوم في مناطق لم يكن النظام يتوقع هجمات عليها.
وفي لندن، قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون إن بلاده ستوفد نحو 75 من العسكريين للانضمام الى برنامج تقوده الولايات المتحدة لتدريب قوات المعارضة السورية على مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية”. ويتضمن البرنامج تدريب وتجهيز آلاف من أفراد المعارضة المختارين بعناية خلال السنوات الثلاث المقبلة لمساعدتهم في الدفاع عن التجمعات السكانية السورية ضد مقاتلي “الدولة الاسلامية”.
الأسد يرحب بتوسع روسي وكيري يصفه بالديكتاتور
المصدر: (و ص ف،”روسيا اليوم”، رويترز)
بعد عشرة أيام من الجدل الذي أثاره عندما اعلن انه “يجب التفاوض” مع الرئيس السوري بشار الاسد، عاد وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاربعاء ووجه انتقادات حادة الى الاسد، واصفاً اياه بأنه “ديكتاتور وحشي من دون شرعية لقيادة” بلاده، فيما قال الرئيس الاسد في حديث الى وسائل اعلام روسية إن الوجود الروسي في شرق المتوسط، بما في ذلك مرفأ طرطوس ضروري لايجاد توازن فقده العالم بعد تفكك الاتحاد السوفياتي.
وقبل توجهه الى سويسرا على أمل توقيع اتفاق في شأن النووي الايراني، التقى كيري ومساعدته لشؤون الشرق الاوسط آن باترسون الرئيس السابق لـ”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” معاذ الخطيب، وبحثا معه في “الوسائل الكفيلة بدفع الحل السياسي للازمة السورية”.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية ان ” كيري أكد مجددا التزامنا العمل بكل الطرق الديبلوماسية من اجل مرحلة انتقالية سياسية قائمة على مبادئ مؤتمر جنيف”.
وفي صيف 2012، صاغت القوى العظمى، وفي مقدمها الولايات المتحدة وروسيا، وثيقة عرفت باسم “جنيف 1” تدعو الى تأليف حكومة انتقالية في سوريا تملك كل الصلاحيات ولكن من غير أن يشير مباشرة الى مصير الرئيس الاسد.
ونقل البيان عن كيري “اشارته” امام معاذ الخطيب الى ان “بشار الاسد هو ديكتاتور وحشي لا يتمتع بأية شرعية لقيادة سوريا”.
وكان كيري صرح في 15 آذار في مقابلة مع شبكة “سي بي اس” الاميركية للتلفزيون انه “في النهاية يجب التفاوض. نحن كنا دوما مع المفاوضات في اطار عملية جنيف 1”. وعندما سأله مقدم البرنامج التلفزيوني هل هو مستعدللتحدث مع الرئيس السوري، اجاب: “اذا كان مستعدا لاجراء مفاوضات جدية في شأن طريقة تطبيق جنيف 1، بالتأكيد”.
الاسد
وفي مقابلة مع “روسيا اليوم” ووسائل إعلام روسية أخرى تبث كاملة مساء اليوم، قال الاسد إن الأزمات في سوريا وأوكرانيا ترمي الى اضعاف روسيا، وأن الوجود الروسي مهم لسوريا، مشيرا إلى أن الدور الذي تضطلع به موسكو في المنطقة يخدم استقرارها وأمن العالم. وأبدى ترحيب دمشق بأي توسع روسي في المنطقة، وخصوصا على الشواطئ السورية.
الأسد يعرب عن انفتاحه على حوار مع واشنطن
واشنطن – أ ف ب
أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أنه منفتح على حوار مع الولايات المتحدة، وذلك في مقابلة مع محطة التلفزيون الأميركية “سي بي إس” نشرت مقتطفات منها الخميس.
وقال الأسد إن مثل هذا الحوار يجب أن يرتكز على “الاحترام المتبادل”، وفق مقتطفات المقابلة التي أجراها الصحافي تشارلي روز والتي ستبث كاملة الأحد المقبل في برنامج “60 دقيقة”.
وقال الرئيس السوري: “في سورية، يمكننا أن نقول إنه من حيث المبدأ كل حوار هو شيء إيجابي”، وذلك رداً على سؤال حول حوار مع واشنطن.
ورداً على سؤال لمعرفة إن كانت توجد حالياً علاقات بين سورية والولايات المتحدة، أجاب الأسد إنه لا توجد اتصالات مباشرة.
طائرة أمريكية تلقي آلاف المناشير الدعائية ضد تنظيم الدولة الاسلامية في الرقة
واشنطن- (أ ف ب): اعلن البنتاغون الخميس أن طائرة أمريكية القت في مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا، 60 الف منشور دعائي هو عبارة عن رسم كاريكاتوري يصور التنظيم المتطرف وكأنه ماكينة لفرم اللحمة تلتهم الراغبين بالانضمام لصفوف الجهاديين.
واوضحت وزارة الدفاع الامريكية ان القاء هذه المناشير يندرج في اطار الحرب النفسية ضد التنظيم الجهادي، مشيرة الى ان الرسم من اعداد وحدة عسكرية في الجيش الامريكي متخصصة في الحرب النفسية.
ويصور الرسم الكاريكاتوري السوداوي شبانا يقفون في طابور أمام “مكتب داعش للتوظيف” وقد بدت امامهم لافتة ترحب بهم وامامهم رجل مقنع اظافره طويلة مدماه وهو يلتقط هؤلاء المتطوعين ويرمي بهم في ماكينة لفرم اللحمة كتب عليها “داعش”، في اشارة إلى تنظيم الدولة الاسلامية.
ويشدد العسكريون الامريكيون كثيرا على وجوب التصدي للدعاية التي يمارسها تنظيم الدولة الاسلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد متطوعين جدد وهي دعاية برع فيها التنظيم الجهادي كثيرا.
سوريا: تنظيم «الدولة» يسيطر على حاجز كبير للنظام قرب حمص
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستحقق في مزاعم هجمات بالكلور
عواصم ـ وكالات: قالت شبكة سوريا مباشر، وهي تنسيقية معارضة «إن تنظيم داعش اقتحم حاجزا للنظام بالقرب من مطار (التيفور) شرق حمص، مما أسفر عن مقتل عدد من الجنود، واستيلاء عناصر التنظيم على عدد من الآليات والأسلحة».
وفي بريد إلكتروني صدر عن الشبكة، أمس الخميس، اطلع عليه مراسل الأناضول، فإنها أكدت أن تنظيم داعش أعلن أن «عناصراً تابعين له، اقتحموا حاجزا متقدما بالقرب من مطار التيفور، وهو عبارة عن كتيبة مهجورة قريبة من المطار العسكري، مما أدى لمقتل عدد من جنود النظام وأسر عناصر آخرين».
وأضافت الشبكة أن «عناصر داعش استولوا خلال الهجوم على عدد من الأسلحة، وهي دبابتان T62، وT55، ومدفعا رشاش عيار 14.5، ورشاشا دوشكا 12.7، ومنصة إطلاق صواريخ مضاد دروع (كونكورس) مع عدة صواريخ، فضلا عن أسلحة فردية، ورشاشات، وقاذفات RPG، وذخائر متنوعة»، بحسب مصادر مقرّبة من التنظيم الإرهابي.
من ناحية ثانية، أفادت الشبكة بأنه «أعلنت صفحات موالية لنظام الأسد، مقتل ثمانية عناصر من قوات النظام نتيجة الاشتباكات مع تنظيم داعش بالقرب من مطار التيفور، أربعة منهم من عائلة واحدة من آل(الجوراني)، وصلوا لمشفى الزعيم في حي عكرمة، حيث ترافق وصولهم مع إطلاق رصاص كثيف جدا من قبل الشبيحة».
وأشارت الشبكة إلى أن «نفس المصدر أكد أن هناك سبعة عناصر مفقودين، لم يُعرف مصيرهم حتى الآن»، مشددة على أن «مطار التيفور العسكري الواقع في ريف حمص الشرقي، يعتبر من أهم مطارات النظام».
وأضافت أن «المطار يتبع قيادياً لمطار الشعيرات، ويبعد 25 كلم عن حقل شاعر الغازي، وعن تدمر حوالى 60 كلم، وهو تابع للفرقة 22، ويحتوي على 54 حظيرة إسمنتية (هنكار)، وأغلب طائراته حديثة مثل ميغ 29، وميغ 27، وسوخوي 35، وله مدرج رئيسي وآخر فرعي بطول 3.2 كلم، وبداخله دفاعات جوية متطورة جدا، ورادارات قصيرة التردد، المحمولة على ظهر سيارات، وآليات عسكرية، وعشرات الدبابات الحديثة مثل T82».
وفي آذار/مارس 2011 ، انطلقت في سوريا احتجاجات شعبية تطالب بإنهاء أكثر من 44 عاما من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، قابلها النظام بتصعيد أمني وعسكري، أطلق صراعاً بين قوات النظام والمعارضة، أوقع أكثر من 220 ألف قتيل، كما تسبب الصراع بنزوح نحو 10 ملايين سوري عن مساكنهم داخل البلاد وخارجها، بحسب آخر إحصاءات للأمم المتحدة.(الاناضول)
الى ذلك قال مصدر أمس الخميس إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستحقق في مزاعم استخدام غاز الكلور في هجمات بقرى سورية هذا الشهر مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة العشرات.
وأضاف المصدر – وهو من المنظمة وطلب عدم ذكر اسمه – أن مهمة لتقصي الحقائق ستفحص تقارير بشأن إسقاط العديد من البراميل المتفجرة في منطقة إدلب بشمال غرب سوريا.
مفارقة ساخرة: واشنطن تقدم الدعم لإيران في تكريت… والسعودية تضرب حلفاء طهران في صنعاء
مواجهة السعودية للثورات العربية وانشغالها بحدودها الشمالية حرف نظرها عن صعود الحوثيين
إعداد إبراهيم درويش:
لندن ـ «القدس العربي»: هل ستتمكن دول مجلس التعاون الخليجي من إنقاذ اليمن؟ فهذا البلد يعيش على وقع الفوضى منذ دخول الحوثيين العاصمة اليمنية صنعاء في إيلول/ سبتمبر 2014.
ربما لم تكن الغارات الجوية مفاجئة بعد إعلان الحكومة السعودية عن سلسلة غارات في اليمن ضمن تحالف من دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية أخرى مثل الأردن والسودان ومصر التي أعربت عن استعدادها لدعم الحملة، فيما قالت الباكستان إنها تدرس إرسال قوات برية.
فالحشود العسكرية على الحدود وتحذيرات الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي يوم الاثنين من أن بلاده ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية سيادة اليمن وحكومته، أي حكومة عبد ربه منصور هادي الذي لجأ إلى عدن كانت إشارة عن موقف جاد للرياض وقلق من تطورات اليمن المتسارعة. وجاء التحرك الجوي في ظل مخاوف من سقوط مدينة عدن واقتراب الحوثيين والقوات الموالية لعلي عبدالله صالح، الرئيس المخلوع من مدينة عدن مما هدد بسقوط هادي.
ورغم عدم مشاركة القوات الأمريكية في العمليات إلا أن البيت الأبيض أعلن عن دعمه للعملية وشرعيتها. ولم تحصل الغارات الجوية على دعم من مجلس الأمن لكنها اعتبرت خطوة لحماية الحكومة اليمنية. وجاءت كما يقول السعوديون بناء على طلب من الحكومة اليمنية.
ولكن التدخل السعودي يحمل في طياته مخاطر من تورط في آتون الحرب الأهلية رغم ما يبدو أن اللاعبين فيه عدد من الدول. وجاء على ما يبدو متأخرا بعد أن خسرت الحكومة السعودية المبادرة ووصل الحوثيون للعاصمة صنعاء.
وتظل الأزمة اليمنية انعكاسا للموقف السعودي من الثورات العربية والثورات المضادة التي عملت على دعمها وتمويلها في مصر وتونس، فيما خسرت حلفاءها في اليمن نظرا لانشغالها في مكافحة الإسلام السياسي خاصة الإخوان المسلمين الذين صنفتهم كجماعة إرهابية. وراقبت السعودية المبادرة التي دعمتها حول انتقال السلطة من صالح إلى هادي وهي تنهار. وعليه فربما جاء التحرك السعودي المتأخر محاولة لإرسال رسالة قوية لصالح، وبالضرورة للحوثيين وإيران من أن الرياض لن تسمح بانهيار اليمن بشكل يهدد مصالح السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.
وحتى ينجح التدخل العسكري يجب أن يقرن باستراتيجية سياسية لدعم الحل السياسي الذي كان يقوده المبعوث الدولي جمال بن عمر وأحبطه الحوثيون أكثر من مرة.
وقد تؤدي الغارات الجوية لتخريب خطط الرئيس السابق صالح إلا أنها لن تمنعه من مواصلة التحالف مع الحوثيين. وعليه فهناك حاجة كي تقدم السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تأكيدات لليمن وتعهدات بدعم الاقتصاد المنهار بعد سنوات من القلاقل والتناحر السياسي.
اليمن ليس البحرين
وفي هذا السياق يمثل اليمن لدول مجلس التعاون الخليجي تحديات أكبر من تلك التي مثلتها مملكة البحرين، حيث قامت «قوات درع الجزيرة» بعملية عسكرية لقمع الانتفاضة في ساحة اللؤلؤة في العاصمة المنامة عام 20111. فاليمن يظل أكثر تعقيدا نظرا لتعدد اللاعبين فيه من الحوثيين وصالح وهادي وحكومته إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
كما أن تاريخ التدخلات العسكرية في اليمن لم يكن ناجحا نظرا للطبيعة القبيلية وهلامية التحالفات فيه وكذا الطبيعة الجغرافية الصعبة ومساحة البلد الواسعة وتعداد سكانه الذي يصل إلى 30 مليون نسمة.
ومن هنا فأي تفكير في التدخل البري سيواجه برد من الحوثيين الذين سيصورون هادي على أنه دمية للقوى الخارجية. وسيستخدمون التدخل الخليجي كوسيلة للتجنيد وتبرير طلبهم تدخلا إيرانيا مما يعني فتح ساحة جديدة من المواجهة بين السعودية وإيران بعد سوريا والعراق ولبنان والبحرين.
ويأتي التصعيد ضد الحوثيين في وقت قررت فيه الولايات المتحدة الدخول في الحرب ضد ما تبقى من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بمدينة تكريت.
وهو ما قاد أحد المحللين للتعليق على المفارقة بين استهداف السعوديين الحوثيين المدعومين من إيران وفي نفس الوقت تقوم فيه الولايات المتحدة بتقديم الدعم لطهران في العمليات التي تشرف عليها ضد تنظيم الدولة الإسلامية في تكريت.
وفي كلا الحالتين برر التدخل على أنه جاء بناء على طلب من حكومتي البلدين، اليمنية في حالة السعودية والعراقية في الحالة الأمريكية.
أين هادي؟
وبعيدا عن هذا انشغل الجميع بمعرفة مصير الرئيس هادي الذي هرب من القصر بعد تعرضه للقصف.
ولا تتوقف المفارقة عند السعودية وإيران بل وفي العلاقة بين الحوثيين وصالح، فقد نقلت مجلة «أتلانتك مونثلي» عن المحلل غريغوري جونسين قوله إن هناك مفارقة ساخرة في العلاقة رغم «التاريخ الدموي» بينهما.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد دعت صالح التوقف عن التحريض على العنف ضد حكم هادي الضعيف. وفي الوقت الذي قالت فيه الحكومة إن هادي لا يزال في عدن إلا أن تقارير أخرى أشارت لخروجه منها وسفره على متن قارب لجهة غير معلومة. وأيا كان مصيره فالفوضى التي يعيشها اليمن تؤثر على العلاقات الإقليمية والدولية.
والمتضرر الوحيد من انزلاق البلاد للحرب الأهلية هي الولايات المتحدة التي تقول إنها تدعم العملية لوجيستيا لكنها سحبت قواتها الخاصة من اليمن، مما يعني فقدانها القدرة على التأثير على الأوضاع، هذا بالإضافة لإغلاق سفارة واشنطن في صنعاء.
ويأتي تطور الأحداث اليمنية بمثابة صفعة للإدارة التي تحدثت عن تجربة مكافحة الإرهاب في اليمن كنموذج يجب تقليده. وجاء حديث أوباما رغم تحذيرات المخابرات الأمريكية له من مخاطر الحوثيين الذين يبنون قوتهم في شمال اليمن وبدعم إيراني.
نهاية حرب الإرهاب
ويعترف الأمريكيون أن جهودهم في محاربة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد تضررت.
وفي تقرير لوكالة أنباء أسوشيتدبرس جاء أن الحوثيين معادون للقاعدة إلا أنه ليس بإمكانهم إظهار القوة ضدها بنفس الطريقة التي شنت فيها حكومة هادي بدعم من الولايات المتحدة الحرب عليها. وتنقل عن مسؤول أمريكي قوله إن الحوثيين المعادين للولايات المتحدة رفضوا محاولات التقارب.
ويعترف المسؤولون الأمريكيون أن الفوضى في اليمن تمنح تنظيم القاعدة فسحة للتنفس.
وفي ظل تضارب الأنباء عن مصير هادي وخروج الأمريكيين فلم يعد لواشنطن نفوذ وتأثير على الأزمة. ونقل موقع «ديلي بيست» عن السناتور ريتشارد بير، رئيس لجنة الإستخبارات في الكونغرس «لقد خرجنا بشكل كامل، وبنظرة للأمام، هذا ما سيحصل للمنطقة إن لم نقم بالتصدي للقاعدة والتصدي لإيران وتنظيم الدولة». وقال إن «اليمن سيصبح بعبارات الرئيس «نموذجا» لكن لن ينجح، وسيكون فشلا ذريعا في السياسة الخارجية».
ويرى المحلل السابق في وكالة الإستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) بروس ريدل إن ما يجري «نكسة كبيرة»، وأضاف «بدون أي حضور للولايات المتحدة على الأرض أو بدون حليف يوثق به على الأرض سيكون من الصعب استهداف تنظيم القاعدة».
وقال إن «معظم شرق اليمن سيكون منطقة خالية وفوضوية حيث يمكن للقاعدة العمل منها». ويرى «ديلي بيست» أن استراتيجية مكافحة الإرهاب قد توقفت خاصة الطائرات بدون طيار «درون» لكن النائب الديمقراطي آدم شيف عضو لجنة الإستخبارات قال «لدينا برنامج لمكافحة الإرهاب في دول لا يوجد لدينا فيها قوات»، مضيفا أن الولايات المتحدة تعتمد على الحلفاء في المنطقة.
ويرى الموقع أن احتمال انهيار اليمن يأتي في وقت يتسع فيه تأثير الجماعات الجهادية في الشرق الأوسط، خاصة ليبيا التي تعيش حربا أهلية منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي. وقال المسؤولون المغاربة إنهم فككوا خلية تابعة لتنظيم الدولة داخل المغرب. وكذا الحال في تونس والعراق حيث توقفت العمليات البرية وهو ما دعا الولايات المتحدة لدعم إيران في تكريت.
ويقول المشرعون الأمريكيون إنهم يخشون من عودة تنظيم القاعدة في اليمن، خاصة أنه مسؤول عن التخطيط لعدة عمليات ضد المصالح الأمريكية. ويحذر شيف من مخاطر سيطرة الحوثيين على اليمن بشكل سيؤجج مشاعر العداء السنية ويفتح المجال أمام القاعدة للعودة وبقوة.
ويرى جون الترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنه لو انهار الحوثيون ـ بسبب الضربات الجوية وجاء معهم إنهيار حكومة هادي وهما الطرفان اللذان يشتركان بعدائهما للقاعدة فهذا يعني استغلال الجهاديين الفراغ.
ويشير ألترمان إلى الدور الإيراني حيث يقول «هناك إجماع على أن أصبع إيران وراء الأحداث ويجب قطعه».
تورط سعودي
ولكن هل يمكن للجيش السعودي والقوى المتحالفة معه القيام بالمهمة. يرى ريدل الذي يعمل الآن في معهد بروكينغز «لن يتمكن السعوديون من هزيمة الحوثيين واستعادة صنعاء» مضيفا «فالجيش السعودي قد يجد نفسه غائصا في جبال اليمن، ومع ذلك يمكن للطيران السعودي تدمير مراكز القيادة للحوثيين. وقد اشتبك الطرفان في الماضي وتغلب الحوثيون» في إشارة للمناوشات التي جرت عام 2009. وتعلق صحيفة «واشنطون بوست» على التحضيرات البرية السعودية بالقول إنها ستجد صعوبة بالوصول إلى عدن بدون المرور في مناطق الحوثيين.
حرب بالوكالة
ولا يمنع التدخل السعودي من تحول اليمن إلى ساحة حرب بالوكالة مع إيران. وبحسب مايكل لويس، أستاذ القانون في جامعة أوهايو نورثيرن «كل شيء عن السنة ضد الشيعة والسعودية ضد إيران».
وعليه فالولايات المتحدة «لا يمكنها التظاهر بعدم الاهتمام، ولا أحد سيوافقها وهي بحاجة لاختيار طرف». لكن الولايات المتحدة لم تقدم العون لهادي عندما دخل الحوثيون صنعاء ولم يعط الأمريكيون أي إشارة عن تغير في موقفهم «المحايد».
ونقلت وكالة أنباء أسوشيتدبرس عن مسؤول أمريكي قوله «علبة الكبريت في اليمن معقدة بسبب المصالح الجيو- سياسية، فالولايات المتحدة والسعوديون والإيرانيون والحوثيون واليمنيون والقاعدة وتنظيم الدولة كل له حصة في الوضع، وهو عامل في أي قرار تتخذه أو لا تتخذه الولايات المتحدة».
وفي النهاية يظل صعود الحوثيين الذين يقاتلون على أكثر من جبهة «نكسة» للسياسة السعودية في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية. فقد اعتقدت الحكومة السعودية أن الحوثيين لن يكونوا قادرين على التصدي للحاجات اليومية بعد سقوط حكومة هادي، إلا أن إيران دخلت وملأت الفراغ في اليمن، ما أدى لتحويله لساحة حرب جديدة بين البلدين حسب تحليل لموقع «سراتفور» الأمني.
ويشير الموقع إلى البيان الذي صدر عن هادي في 19 آذار/مارس بعد الغارات الجوية على مقر إقامته في عدن والتي اعتبرها محاولة إنقلابية عليه بدعم من علي عبدالله صالح. وبحسب تحليل الموقع فصعود الحوثيين يعتبر تغيرا في ميزان القوة ليس في اليمن، ولكن في الجزيرة العربية وقد فتح الباب أمام دخول إيران لتمارس دورا بمنطقة ظلت رهنا للسيادة السعودية.
ويعتقد كاتب التقرير أن عددا من الأسباب أدى لصعود الحوثيين، كان أهمها محاولة السعودية السيطرة على مجريات الربيع العربي في اليمن. فرغم تنحي صالح حسب المبادرة الخليجية وتعيين نائبه هادي محله إلا أن الخطوة فاقمت من الصدع في داخل الحكومة التي انقسمت بناء على خطوط قبلية وعسكرية وأيديولوجية وسياسية.
فقد أثرت سياسة السعودية بلعب الأطراف ضد بعضها البعض على النظام القديم وهو ما فتح الباب أمام الحوثيين لبناء تحالفات كافية مع القبائل والقوى العسكرية التي مكنتهم من التقدم خارج مناطقهم التقليدية والوصول للعاصمة.
ويرى الكاتب أن انشغال السعودية بقضايا أخرى مثل محاولة وقف الربيع العربي ودعم البحرين جعلها تفقد الرؤية حول ما يجري من تطورات في اليمن.
ولا يعني أن السعودية فقدت الاهتمام باليمن لكنها لم تكن تتوقع دخول إيران إلى الجبهة الجنوبية عبر قوة ظلت تعتبر قريبة من التراث السني. كما لم يفعل السعوديون ما يكفي لمنع صالح من العودة إلى صنعاء، حيث واصل مؤامراته التي أضعفت الحكومة اليمنية وقدرتها على مواجهة تمرد الحوثيين.
وهناك عامل مهم في صعودهم وهو تجنب الحوثيين أي مناوشة مع السعوديين قرب حدودهم. فقد تعلموا من دروس عام 2009 ولهذا ركزوا جهودهم على الزحف إلى قلب اليمن. وقد نجحت الاستراتيجية على ما يبدو.
ففي الوقت الذي انشغلت فيه السعودية بالمشاكل الجارية على حدودها الشمالية انشغل الحوثيون بتعزيز قواهم في الجنوب. مما جعل من الصعوبة بمكان تغيير مسار الأحداث اليمنية. في النهاية ربما اندفعت السعودية في تحركها بالأحداث المتسارعة التي شهدها اليمن يوم الأربعاء. فهي تراقبه منذ مدة وهو يتفكك.
وعموما فقد بدأت الرياض العملية والسؤال الذي عليها إجابته في قادم الأيام هو إلى أي مدى ستدفع فيه الحرب، وما هي المخاطر المستعدة لها وهي تقاتل عدوا مسلحا بشكل جيد؟. وعليها والحالة هذه اتخاذ قرار فيما إن كانت العملية من أجل منع الحوثيين الذين سيطروا على معظم اليمن تهديد أراضيها أو أن العملية مصممة لإضعاف والإطاحة بالحوثيين. ويعتبر هذا أول تحد للملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز الذي يرى مملكته محاصرة من كل الجهات بمشاكل ونزاعات.
وتنقل مجلة «فورين بوليسي» عن دبلوماسي في المنطقة قوله «لو كنت مكان السعودية لشعرت بالقلق، فهم يشاهدون اتفاقا سيتم مع إيران حول ملفها النووي ويحتوي على مستوى من تخصيب اليورانيوم، ويشاهدون صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. ويرون صعود الشيعة الإيرانيين في العراق والآن يرون الحوثيين المدعومين من إيران الذين زحفوا في كل اليمن ودفعوا الرئيس الشرعي للهرب»، «فلو كنت مكان السعودية فإنك محاصر» كما يقول الدبلوماسي.
معلمة في إحدى مدراس اللاذقية: لم نستطع منع عمليات الغش لاتهامنا بالخيانة
أليمار لاذقاني
ريف اللاذقية ـ «القدس العربي» ينشأ جيل الضحية في زمن الحروب، الجيل الذي لم يُعمد بالحرية بعد، والذي يدفع أثمانها باهظة من علمه ومن استقامته دون أن ينفرج عقله على مدى الحرية التي تجعل منه منارات المستقبل.
تشرح «سلام» وهي مدرسة في إحدى مدارس التعليم الثانوي العام في اللاذقية، لـ «القدس العربي» ما آل إليه وضع التعليم في اللاذقية التي كانت تتضرع للعلم بكل جوارحها وتجعل منه أملها الأول.
فتقول: العلم كان المنقذ الوحيد لكثير من شرائح المجتمع، فالطلبة الذين يحسنون التحصيل يبرأون من الفقر إلى غير رجعة، وبذلك كانت جهود الجميع في هذه البيئة تتجه إلى التعلم، من الأهل إلى الشارع والمقاهي وصولاً إلى المدرسة والجامعة، وكانت امتحانات الثانوية العامة بمثابة استنفار عام لكل شرائح المجتمع، أما الآن وبعد انتشار ظاهرة الغش في الامتحانات النهائية لجميع الشهادات فقد تفشى الكسل واللامبالاة بين الطلبة.
وتتابع حديثها: «حاول بعض المدرسين إيقاف عمليات الغش في الامتحانات، لكن تعليمات مباشرة أتت من القيادات العليا لوزارة التربية بالتراخي ومساعدة الطلاب تحت تسميات الدعم الطائفي لمعدلات العلامات؛ الأمر الذي جعل كل من يحاول إيقاف الغش خائناً للوطن والقائد والطائفة، وهذا ما درجت عليه العادة في السنوات الثلاث الماضية، وجعل الطلاب يتململون من الدرس، إذ ان الغش يجعل الجميع متساوٍ من طلبة مجتهدين إلى الطلاب الكسالى».
وعن المشاكل الأخرى التي يعاني منها طلبة هذه الأيام تجيب: تفشي الفقر أدى إلى تسرب أرقام مرعبة من الطلاب من الدراسة، فلم يعد بإمكان الكثير الإنفاق على أولادهم بل أصبحوا بحاجة لمن ينفق عليهم، كما أن الحرب المستمرة جعلت الشباب يقعون في حالة من اليأس وأصبح من المستحيل الحديث عن مستقبل جميل في سوريا، أو حتى مستقبل ممكن. جميع الطلبة الآن يحلمون بإكمال دراستهم في بلد غير سوريا، وهذا الأمر بات متاحاً للكثيرين فالغرب يستقبل الطلاب السوريين بشراهة بالغة.
وتبين «سلام» أن التدخين وشرب الكحول قد تفشيا بين الطلاب بشكل هسيتيري، فمن الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل أن نجد طالباً في الثانوية لا يدخن وهذه ظاهرة غريبة جداً علينا كمدرسين، فلم تكن تلك العادة السيئة تحشر أنفها إلا مع عدد قليل من الطلاب، بالإضافة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت وباء يستشري في جيل قد تغريه أية إشارات تقوده إلى عالم فاسد بالمطلق.
أما الطلاب النازحون فويلاتهم أشد وأقسى ولا تقارن بغيرها. تبدأ معاناتهم برغيف الخبز، وبرد الشتاء، وتنتهي ببعض المدارس التي تعاملهم بطريقة غير إنسانية.
وعن محاولات الأشراف من نشطاء الساحل ومدرسيه من ردم هوة التسرب المدرسي بين النازحين تجيب المدرسة «سلام»: «أعطتنا الكنيسة قاعة من بنائها وجهزنا مناهج للطوارئ أصدرتها اليونيسيف؛ لإبقاء صلة هؤلاء الطلبة مع العلم والتعليم، لكن الأمن حال بيننا وبين هذه المهمة النبيلة التي تطوع لأجلها الكثير من المدرسين، ولم يبق لنا إلا مساهماتنا البسيطة مع بعض العائلات في منازلنا كمدرسين؛ علنا ننقذ بعض الأطفال من فاقة الجهل والضياع».
موظفون سوريون يتفانون لإنقاذ آلاف القطع الأثرية
فرانس برس
في أحد أجنحة متحف دمشق الوطني الذي بات فارغاً من مقتنياته، يرتب موظفون بحذر التماثيل الأخيرة في صناديق معدة لنقلها إلى مكان آمن، لحمايتها من أي مخاطر قد تلحق بها نتيجة استمرار النزاع في البلاد.
منذ تسميته في أغسطس/آب 2012 مديراً عاماً للمتاحف والآثار السورية، يلاحق هاجس وحيد الدكتور مأمون عبد الكريم: تجنب تكرار مأساة العراق بعد الاجتياح الأميركي عام 2003.
ويقول عبد الكريم “تحضر، دائماً، في ذهني صورة نهب متحف بغداد والمواقع العراقية، وقلت يجب منع تكرار حدوث ذلك هنا بأي ثمن”.
وباتت 300 ألف قطعة وآلاف المخطوطات الموزعة على 34 متحفاً في سورية، بينها ثمانون ألفاً من متحف دمشق وحده، محفوظة في مخابئ سرية محصنة ضد الحرائق والقذائف والفيضانات.
وتمتلك سورية، أرض الحضارات من الكنعانيين إلى العثمانيين، كنوزاً تعود للحقبات الرومانية والمماليك والبيزنطية، مع مساجد وكنائس وقلاع صليبية.
وتعرض أكثر من 300 موقع ذي قيمة إنسانية للدمار والضرر والنهب خلال أربع سنوات من النزاع السوري وفق ما أعلنته الأمم المتحدة بناء على صور ملتقطة من الأقمار الاصطناعية.
وتمت عملية الإنقاذ الأبرز في الثاني من أغسطس/آب 2014 في مدينة دير الزور (شرق) التي يسيطر مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية على جزء كبير منها.
ولتجنب تكرار ما تعرضت له آثار مدينة الموصل في العراق قبل شهرين، اتخذ المعنيون حينها قراراً بنقل 13 ألف قطعة أثرية من المدينة.
ويقول مدير آثار دير الزور السابق، وهو المدير الحالي للمتحف الوطني في دمشق، يعرب العبد الله (46 عاماً): “وضبنا كل شيء خلال أسبوع مع زميلين ووضعناه داخل سيارة شحن قبل تعرضها لنيران مدفعية ثقيلة”.
ويضيف بتأثر “أودعنا الصناديق في طائرة حربية وسط جنود قتلى وجرحى. كان ذلك مريعاً لكننا نجحنا”.
أما عبد الكريم الذي اتخذ القرار، فلم ينم على مدى أسبوع من شدة القلق. ويقول “لو سقطت الطائرة لفقدت ثلاثة أصدقاء وفقدت سورية قطعاً لا تقدر بثمن وانتهى بي الأمر في السجن”.
ويقول عبد الكريم إنه تم إنقاذ 99 في المئة من مقتنيات المتاحف، بفضل تفاني 2500 موظف يتلقون رواتبهم، بينهم من لا يزال يعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة.
وقبل اندلاع النزاع، ترأس عبد الكريم مع بروفسور فرنسي الإدارة المشتركة للبعثة الفرنسية السورية التي عملت على دراسة مئات المدن المنسية من الحقبة الرومانية البيزنطية في شمال سورية. ويقول إن الموظفين “يعتبرون أن الدفاع عن الآثار مسألة شرف، توازي الدفاع عن أعراض أمهاتهم”.
وقتل أكثر من 12 موظفاً، خمسة منهم في أماكن عملهم. أحدهم على يد تنظيم الدولة الإسلامية في دير الزور لتزويده إدارة الآثار بمعلومات حول مافيات الاتجار بالآثار.
ويبدي عبد الكريم قلقه جراء الأضرار التي لحقت بـ300 موقع و445 مبنى تاريخيّاً في البلاد. ونجم جزء من هذه الأضرار عن المواجهات العسكرية، فيما وقع بعضها الآخر ضحية “عمليات تنقيب غير شرعية وأعمال جرف أحياناً”، على غرار ما حصل في ماري ودورا أوروبوس وأفاميا وعجاجة (شمال شرق)، ووادي اليرموك في درعا (جنوب)، وحمام التركمان بالقرب من الرقة (شمال).
ويقول أيهم الفخري (39 عاماً)، المدير السابق لآثار الرقة قبل فراره عام 2012 “إن بربرية مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يدمرون كل التراث الإنساني وأضرحة المسلمين تضاف إلى جشع مافيات التهريب القادمة من لبنان والعراق وتركيا لشراء القطع التي يعثر عليها السكان المحليون”.
ويضيف “يدفعون عشرين في المئة من قيمتها التقديرية لصالح تنظيم الدولة الإسلامية ويتمكنون من توضيبها لبيعها في أوروبا ودول الخليج”.
ويشكو المدافعون عن الآثار، أيضاً، من مقاطعة معظم حكومات المجتمع الدولي منذ بدء الاحتجاجات ضد النظام السوري.
ويوضح عبد الكريم في هذا الصدد “أن العالم قطع كل علاقاته معنا”، باستثناء لبنان وبعض المنظمات الدولية ومنظمة يونيسكو.
ويعتبر عبد الكريم، وهو مؤلف أطروحة في فرنسا حول حمص في الحقبة الرومانية إنه “بعد شارلي إيبدو والموصل والرقة، لا بد من تعبئة دولية لإنقاذ الثقافة والحضارة”.
ويلاحظ مع ذلك أن الأمور تتغير وإن بخجل منذ ستة أشهر، إذ فازت مديرية الآثار والمتاحف بجائزة تكريمية من البندقية تقديراً لجهودها في حماية الآثار، وهي مدعوة للمشاركة في مؤتمرات في ألمانيا وفرنسا في نهاية الشهر. ويقول عبد الكريم “إنها بداية الخروج من النفق”.
سورية: النظام ينتقم بمجزرة في درعا البلد
درعا – هيا خيطو
لقي 15 مدنياً على الأقل مصرعهم، بينهم أطفال، وأصيب عشرات آخرون بجروح، إثر مجزرة جديدة ارتكبتها قوات النظام في مدينة درعا، وذلك بعد أن استهدفت بالطيران الحربي وقذائف الهاون منطقة مكتظة بالسكان داخل درعا البلد.
وبحسب الناشط الإعلامي، مهند الحوراني لـ”العربي الجديد”، فإنّ “ارتكاب النظام مجزرة درعا البلد، اليوم، يأتي كرد انتقامي على الانتصارات التي يحققها الثوّار، مثل السيطرة على كامل مدينة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي بالأمس.
وقال عضو مؤسسة “شاهد الإعلامية”، الناشط حسّان أبو ثابت، لـ”العربي الجديد”، إن “الطيران الحربي شنّ غارة بالصواريخ على منطقة السوق المكتظة بالسكان في درعا البلد، بالتزامن مع قصف بقذائف الهاون تركّز على المنطقة ذاتها، مما أدى إلى وقوع مجزرة راح ضحيتها 15 قتيلاً على الأقل، لم يتم التعرف على هويات بعضهم، بينهم أطفال، فضلاً عن وقوع عشرات الجرحى، حالة العديد منهم خطيرة، مما يرجح ازدياد عدد الضحايا”.
اقرأ أيضاً: مقاتلو درعا: طريق دمشق لا يمر بالسويداء
وأكّد “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، وقوع المجزرة، لكنه أشار إلى سقوط تسعة قتلى على الأقل، مبينا أن العدد مرشح للارتفاع.
وأظهرت فيديوهات نشرها ناشطون إعلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي، جثثاً متناثرة وحرائق تملأ مكان وقوع المجزرة، في حين دوّى صراخ الأهالي الذين باشروا البحث عن أبنائهم بين الضحايا.
وتسيطر كتائب المعارضة المسلّحة على كامل منطقة درعا البلد، سوى حي المنشية الذي تتمركز فيه قوات النظام، وأمّا درعا المحطة (الجزء الآخر من مدينة درعا) فتتقاسم الجهتان السيطرة عليها، وغالباً ما تكون مناطق تواجد قوات النظام هي منطلقاً لقصف المناطق المقابلة بالمدفعية والطيران.
وشهدت مناطق إنخل والشيخ مسكين وبصر الحرير في ريف درعا، اليوم الخميس، قصفاً مدفعياً وجوياً لقوات النظام، دون ورود أنباء عن إصابات، في وقت هدأت فيه وتيرة المعارك مع فصائل المعارضة نسبياً عمّا كانت عليه في الأمس.
مقاربة القاهرة للملف السوري: “الائتلاف” خارج القمّة العربيّة!
اسطنبول ــ ألكسندر أيوب
قبل أربع وعشرين ساعة على انعقاد القمة العربية السادسة والعشرين التي تنطلق أعمالها يوم غد، في شرم الشيخ في مصر، بدأت طموحات “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” السورية تتقلّص من تحصيل مقعد جامعة الدول العربية، إلى مجرد حضور القمة والمشاركة فيها، إذ لا تزال مصر حتى الآن تضغط بشكل أو بآخر للحيلولة دون حضور “الائتلاف” وتمثيله في القمة.
وتوجه دعوات حضور القمة العربية من قبل الدولة المضيفة، حسب بروتوكولات الجامعة العربية، وهو ما لم يحدث بالنسبة للائتلاف السوري حتى الآن.
بدوره، يؤكد نائب رئيس “الائتلاف” السوري، هشام مروة، لـ”العربي الجديد”، أن “الائتلاف أرسل مذكرة إلى الخارجية المصرية بخصوص حضور القمة، إلا أنه لم يتلق الردّ حتى الآن”. وأضاف: “نحن لسنا بصدد اتهام أي دولة وتحميلها موقف عدم حضور الائتلاف، غير أن هناك قراراً صادراً بتسلّم الائتلاف مقعد جامعة الدول العربية وقرارات بدعوة الائتلاف لحضور اجتماعات الجامعة العربية، وعدم دعوة الائتلاف هو تعطيل لتلك القرارات”.
من جهة ثانية، نقلت وسائل الإعلام المصرية الرسمية تصريحات لبعض الدبلوماسيين المصريين تفيد بأن “مقعد سورية شاغر منذ اتخاذ قرار بتجميد عضوية سورية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، ولا يوجد قرار حتى الآن بتسليم الائتلاف مقعد سورية حتى تتم دعوته. كما رفضت الدبلوماسية المصرية التذرع بدعوة “الائتلاف” في وقت سابق لقمتي الدوحة والكويت كمبرر لدعوته في قمة القاهرة”، موضحة “أننا لسنا مسؤولين عن توجيه دعوة للائتلاف، والأمانة العامة للجامعة العربية هي المسؤولة عن هذا الأمر ولها الحق في دعوته أو لا”.
في المقابل، يوضح مروة لـ”العربي الجديد”، أنّ “قرار استلام الائتلاف لمقعد سورية في جامعة الدول العربية صادر منذ مارس/ آذار 2013، ويبقى تنفيذه، أي استكمال الإجراءات التنفيذية التي تسمح بتطبيق القرار فعلاً. وقد نفّذنا كائتلاف كل الإجراءات المترتبة علينا، وفي حال وجود أي إجراءات تنفيذية أخرى فالائتلاف مستعد لها، والقرار بتسليم المقعد صدر ولا يوجد قرار يستدعي إلغاءه، وكذلك مشاركة الائتلاف في القمة. لذلك تعد هذه الإجراءات من حق الائتلاف، وليست مطلباً”.
وقد يكون قرار “الائتلاف”، الذي اتخذه خلال اجتماعات الهيئة العامة الأخيرة، بعدم المشاركة في مؤتمر “القاهرة 2″، والذي لم يُعلن عنه بعد، سبباً في عدم دعوة مصر للائتلاف بعد إلى القمة العربية، وهو ما علمت به “العربي الجديد” من مصدر داخل “الائتلاف” رفض نشر اسمه، وأن ذلك ترك أثره في موقف مصر من عدم دعوة “الائتلاف” إلى حضور اجتماع القمة العربية.
ولعلّ رفض “الائتلاف” حضور “القاهرة 2″، الذي يبحث في إمكانية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، متعلق بربطه بمخرجات مؤتمر “القاهرة 1″، الذي عقد في يناير/ كانون الثاني الماضي، كونه بدا غير بعيد عن مقررات مؤتمر “موسكو 1″، والذي يفضي بشكل أو بآخر إلى مساعٍ قد تعيد إنتاج النظام لفترة محددة.
وتحاول مصر، من خلال مؤتمري القاهرة 1 و2، تقديم نفسها كطرف محايد يسعى لحل الأزمة السورية، إلا أن تلك الحيادية تجلّت في عدم السماح للائتلاف في حضور مؤتمر القمة العربية. في حين دعت مصر وفداً للنظام السوري لحضور مؤتمر دولي للأمم المتحدة في شرم الشيخ خلال وقت سابق، إضافة إلى استقبال القاهرة وفداً سوريّاً في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2014 برئاسة عماد الأسد، رئيس الأكاديمية البحرية في اللاذقية وابن عم الرئيس السوري بشار الأسد. وبررت الدبلوماسية المصرية الزيارة بأنها تلبية لدعوة الأكاديمية البحرية المصرية في الإسكندرية لمناقشة بعض الأمور التعليمية وليست لها أبعاد سياسية”. إلا أن مصادر أخرى أكدت أن الوفد أجرى لقاءات مع عدد من المسؤولين المصريين، سواء في جهاز الاستخبارات أو بعض المقرّبين من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويبدو أن مصر لا تزال تتعامل مع القضية السورية بمقاربة سياستها الداخلية بكل ما تحتويه من أزمات، إذ لم تكن عدم دعوة “الائتلاف” إلى القمة العربية الحالية ردة الفعل الأولى للقاهرة، فقد سبقها عدم توجيه دعوة رسمية للائتلاف لحضور اجتماع القاهرة 1، إضافة إلى تحفظها على مشاركة جماعة “الإخوان المسلمين” السوريين. عدا عن الضغط الذي تمارسه مصر داخل الجامعة العربية، إذ تنسجم عدة مواقف دولية مع الموقف المصري داخل الجامعة العربية، بحيث هددت عمان والجزائر ومصر في وقت سابق بتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية في حال حصول “الائتلاف” على المقعد.
ولكن يبقى السؤال حول موقف جامعة الدول العربية وما تبقى من أعضائها من الموقف المصري، وخصوصاً أن “الائتلاف” يحظى بتأييد كبير من باقي الأعضاء. وكان رئيس الدائرة القانونية لـ”الائتلاف”، هيثم المالح، قد طالب وزراء الخارجية العرب، خلال مؤتمر التحضير للقمة العربية، بـ”سحب الشرعية القانونية من نظام الأسد المجرم، والاعتراف بالائتلاف الوطني قانونياً كممثل شرعي وحيد للشعب السوري، وتسليمه مقعد الجامعة العربية، وإعطاء الحق للحكومة السورية المؤقتة لإصدار الأوراق الرسمية للسوريين”.
كما دعا المالح وزراء الخارجية العرب إلى “تحمّل واجباتهم القومية والإنسانية، والمسارعة في دعم الثورة السورية بكافة الأشكال، وعدم التفريط بحقوق الشعب السوري، وألا يكون الحل السياسي على حساب تضحيات الشعب السوري، والتخلي عن سقوط نظام الأسد”.
ويذكر أن “الائتلاف” شارك في القمة العربية بالدوحة عام 2013 وجلس رئيسه آنذاك، معاذ الخطيب، على مقعد سورية. وجاءت قمة الكويت في عام 2014 بتغييرات طفيفة، فلم يجلس رئيس الائتلاف السابق أحمد الجربا على مقعد سورية، إلا أنه شارك في القمة وألقى كلمة، وكان من قرارات القمة دعوة “الائتلاف” لحضور اجتماعات الجامعة العربية.
وتستضيف مدينة شرم الشيخ القمة العربية يومي 28 و29 من الشهر الحالي لبحث قضايا المنطقة، منها الأمن القومي العربي، ومحاربة التنظيمات الإرهابية التي تمددت في المنطقة. كما سيتم بحث تقرير بشأن متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن القمة العربية السابقة، وتقرير بشأن متابعة تنفيذ قرارات القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في الرياض.
“الائتلاف” ومعه 900 ألف سوري يطالبون بفرض منطقة آمنة
سما الرحبي
دان “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” السورية، صمت المجتمع الدولي إزاء استخدام نظام بشار الأسد مادة الكلور السامة، مطالباً إياه بضرورة توفير منطقة آمنة بأسرع وقت لحماية المدنيين، في الوقت الذي وجه فيه 900 ألف ناشط نداءً لزعماء العالم عبر موقع “آفار”، مطالبين بمنطقة آمنة لحماية المدنيين.
واعتبر “الائتلاف” المعارض، أن “استخدام غاز الكلور للمرة الثانية خلال أسبوع واحد في مدينة سرمين بريف إدلب الشرقي، وبعد يوم واحد فقط من استهداف مدينة بنش بالغاز السام، ما هو إلا تحد صارخ للمجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن”.
وقال المتحدث الرسمي باسم الائتلاف سالم المسلط، أمس الخميس، إن “نظام الأسد يقابل كل تقدم للثوار بأعمال انتقامية تستهدف المدنيين، محاولاً من خلالها التغطية على هزائمه وهزائم المليشيات التابعة له، وهذا ما كرره في هجماته الأخيرة، مستغلاً صمت المجتمع الدولي وانشغال المنطقة بالحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، إضافة للتطورات الإقليمية الأخيرة التي يشهدها اليمن، ليزيد من إجرامه بحق المدنيين السوريين عبر استخدام الأسلحة المحرمة دولياً”.
وأشار المسلط، إلى إن “التغيرات والفوضى العارمة التي تشهدها المنطقة، والإرهاب الذي يتمدد فيها، لم يعد فقط مسؤولية رُعاته من الأنظمة الإرهابية وعلى رأسها نظام الأسد، وإنما أيضاً نتيجة استهتار المجتمع الدولي وتغاضيه عن الجرائم اليومية بحق السوريين”.
وحمّل الائتلاف المجتمع الدولي مسؤولية تفاقم الأوضاع في سورية، مطالباً قوات المعارضة بـ”تحرير ما تبقى من التراب السوري، وتخليص المدنيين من إجرام الأسد ومليشيات النظام الإيراني التابعة له”، قائلاً إنهم “(قوات المعارضة) الأمل في ظل هذا الخذلان الدولي لحقوق الشعب السوري، وأهدافه في الحرية والعدالة والكرامة”.
وبالتزامن مع مطالب “الائتلاف” بمنطقة آمنة، وجّه عدد من النشطاء السوريين نداء إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وغيرهم من زعماء العالم؛ مطالبين إياهم بضرورة فرض منطقة حظر جوي في شمال سورية، لوقف قصف المدنيين السوريين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وذلك ضمن حملة على موقع الحملات الدولي “أفاز”.
وقال النشطاء: “لا نريد عالماً يشاهد بصمت ديكتاتوراً يستهدف شعبه بالأسلحة الكيميائية، بل خطوات جدية لمنع مثل هذه الجرائم”، في حين قال أحد المسعفين الذين استجابوا للكارثة: “أتمنى لو يرى العالم ما رأيته بعيني. من شأن ما شهدته أن يفطر قلبك إلى الأبد”.
يشار إلى أنه لأول مرة في تاريخ منظمة “آفاز”، وصل عدد الموقعين على الحملة لما يزيد عن 900,000 شخص بعد يومين فقط من انطلاقها.
فورين بوليسي: “عاصفة الحزم” قد تمتدّ لحربٍ بريّة
العربي الجديد
بعد ساعات على إعلان المملكة العربية السعودية عن بدء عملية “عاصفة الحزم” باليمن لصد تقدم الحوثيين الذين تدعمهم إيران، أوضح مقال لـ”فورين بوليسي” أن الرياض، بخوضها لهذه العملية العسكرية المحفوفة بالكثير من المخاطر، قد تدخل في حرب برية، أمام ما قد تشكله جماعة الحوثي من تهديد أمني حتى بالنسبة للمملكة نفسها.
وذكر المقال أن الهجمات الجوية التي تقودها السعودية تطرح تساؤلات حول الكيفية التي ستتعامل من خلالها الرياض مع ما ستحمله الأيام القادمة من تطورات، وما مدى استعدادها للتقدم في المعركة، وقبل هذا وذاك ما هي درجة تحمّلها لمخاطر قبولها شن حرب على عدو مسلح ومدرب جيداً، يحظى بدعم إيراني.
أمام هذا الوضع، يشير المقال، يتعيّن على الرياض اتخاذ القرار بشأن توجيه الضربات لصد المقاتلين الحوثيين، الذين استولوا على الجزء الأكبر من اليمن، وذلك إما بردع أي محاولة لهم لتنفيذ هجمات داخل المملكة، أو شن حملة عسكرية واسعة النطاق لإزاحتهم وإضعافهم بشكل كبير، أملاً في استعادة حكومة الرئيس هادي للسيطرة على البلاد بشكل تدريجي.
وأضاف المقال، في هذا الصدد، أن اتخاذ هذا القرار يشكل أكبر تحدٍ يواجه العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ توليه الحكم، قبل ثلاثة أشهر.
وأضاف المقال أنه في حال اكتفاء الرياض باستراتيجية محدودة لاحتواء الأوضاع، فإن ذلك سيدخل اليمن بشكل أعمق في دوامة الحرب الأهلية، ما سيخوّل مليشيا الحوثيين، الذين تدعمهم إيران، اكتساب المزيد من النفوذ.
في المقابل، أشار المقال إلى أنه من الوارد أن تمتد عملية “عاصفة الحزم” لتشمل تدخلاً بريّاً، رغم ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر.
كما توقف مقال “فورين بوليسي” عند القدرات العسكرية للمملكة العربية السعودية، وأوضح أن الجيش السعودي مؤهل ومجهز بعدد كبير من المقاتلات الجوية الأميركية المتطورة والكثير من الأسلحة الأخرى، بيد أن الضربات الجوية ضد المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لن تساهم في القضاء على الجماعة أو تقليص قدراتها العسكرية، كما ورد في المقال، مضيفاً أن إرسال القوات البرية السعودية قد ينهي الأزمة اليمنية، على شاكلة ما حدث في العام 2009 حينما شنت المملكة هجمة لصد هجمات الحوثيين بشمالي اليمن.
الخبر السوري: رحلة الاختفاء من العناوين الأولى
جاد شحرور
مع انطلاق الثورة السورية تصدّر الخبر السوري كل شاشات العالم العربي وشاشات العالم. تغطيات ومتابعات دقيقة وآنية وتحليلات إستراتيجية، ومقابلات مع ناشطين. ومع تحوّل التظاهرات إلى مواجهات ثم إلى معارك، بدأ الاصطفاف الإعلامي يزداد. بدأت تختفي صورة “الثورة السلمية المدنية” لمصلحة “المعارك بين النظام والكتائب الإسلامية المقاتلة”. وفي العام الرابع للثورة السورية اختفى الخبر السوري تقريباً. وحدها “داعش” تحتلّ هامشاً واسعاً من التغطية الإخبارية.
حتى أنّ حدثاً بحجم استعمال نظام الأسد للكلور في قصف سرمين، لم يحظَ بالتغطية اللازمة في الفضائيات العالمية والعربية، ولا حتى في الصحف والمواقع.
بهذه البساطة تحوّل موت السوريين إلى خبر يومي، خبر عادي. كما هي الحال في العراق وليبيا وحالياً اليمن… الموتى أعداد فقط. وكلما تقدّم الوقت أصبحت هذه الأعداد ثانوية في المشهد العام.
لماذا اختفت التغطية السورية عن الإعلام؟ ما الذي حلّ مكانها؟ وما الذي يتحكّم بتغطية الفضائيات الخبر السوري؟ هل هي السياسة وحدها، أم رأس المال، أم الجوانب والعوامل الطائفية؟
في ما يلي استعراض تغطية بعض القنوات الفضائية، التي كان لها دور كبير في نقل هذا الصراع، وأحياناً كثيرة في نقله من مرحلة إلى مرحلة أو في اختزاله بصراع “بين السنّة والعلويين” أو بين “هذا الطرف وذاك”، قافزة فوق كل التعقيدات السورية.
“بي بي سي عربي”
يقول رئيس تحرير الأخبار في تلفزيون “بي بي سي” عربي، إدغار جلاد، في اتصال مع “العربي الجديد”: “حجم الخبر السوري مرتبط حُكماً بحجمه الحقيقي على الأرض، أيّ أننا لا نتعمد إعطاء الخبر السوري حجماً مسبقاً تبعاً لقرار سياسي”. ويضيف أن قوة القصة هي التي تقرر حجمها، سواء أكانت مرتبطة بالتطورات في سورية أم أي خبر آخر. ويتابع قائلاً: “لا شك في أن صعوبة الحصول على المعلومات من الداخل وإمكانية التدقيق في صحتها تجعل التغطية أقل مما نصبو إليه أحيانا”.
وفي سؤالٍ عما إذا كانت سورية لا تزال الأولوية في نشرات الأخبار، أم أن هناك دولاً أخرى
مثل ليبيا واليمن ومصر احتلت الصدارة، يقول جلاد: “إننا نتوجه إلى مشاهد عربي معني بالتطورات الحاصلة في هذه الدول. القصة الأقوى تفرض نفسها”.
أمّا بالنسبة لنقل موقف سياسي معيّن من خلال تغطية الخبر السوري، يوضح إدغار جلاد: “نقطة قوة بي بي سي أنها مموّلة من دافعي الضرائب، وهي مسؤولة أمامهم فقط. وبالتالي لا يستطيع أي طرف أو أي جهة، سواء أكانت حكومية أم غير حكومية، إملاء توجهاتها عليها. القرارات التحريرية يتخذها الصحافيّون ورؤساء التحرير، بغض النظر عن أي تأثير خارجي، والتعامل معها يجري وفقاً لمعايير التوازن والحياد والموضوعية التي قامت على أساسها سمعة “بي بي سي” منذ عقود طويلة. وهذا أيضاً ما ساعد “بي بي سي” عربي في احتلال مكانة متقدمة وسط منافسة قوية بين مؤسسات تتمتع بإمكانات عملاقة تتخطى بكثير ما هو متوفر لمحطتنا، في زمن يشهد فيه الإعلام العربي الكثير من الاصطفاف تبعاً للظروف السائدة”.
“العربية”: السعودية أولاً
لا شك في أن الإعلام السعودي لعب دوراً هاماً في تغطية الأزمة السورية. ومن أبرز الفضائيات التي شاركت في خلق مسار سياسي في الثورة هي قناة “العربية”. إلا أنه في الآونة الأخيرة لم يعد الخبر السوري يتصدر عناوينها. يرى منتج الأخبار السورية في قناة “العربية”، فراس حمزة، أن الخبر السوري سجّل تراجعاً ملحوظاً في نشرات الأخبار منذ مجزرة الكيماوي في الغوطة، تحديداً بعدما قيل إنه تم تسليم النظام أسلحته الكيماوية.
ويقول لـ “العربي الجديد”: “لم يعد الحدث السوري عنواناً رئيسياً إلا عندما يكون حدثاً سياسياً
بين الدول، مثلاً: تصريح كيري أخرج الحدث السوري عنواناً أول في نشرة الأخبار”.
ويضيف: “في بداية الثورة كنا ننتج من عشرة إلى ثلاثة عشر تقريراً يومياً، ونعيد بث بعضها أكثر من مرة، أما اليوم تدنى عدد التقارير إلى خمسة أو أربعة أو ثلاثة تقارير مع إعادة بث مرتين فقط، وأصبحنا نعتمد في أخبارنا على المرصد السوري والشبكة السورية، بالإضافة إلى تعاون مع بعض الناشطين داخل الأراضي السورية بعقود حرّة. وعادة نبرز تقريراً معيناً إذا احتوى على تصريح سعودي من قبل الدولة أو الدبلوماسيين تجاه الملف السوري، ونعمد إلى تكراره أكثر من مرّتين خلال اليوم”.
“الجزيرة” جزء من الصراع؟
خلال محاولة “العربي الجديد” الوقوف على سياسة قناة “الجزيرة” التحريرية في الملف السوري، اتصلنا بأكثر من مسؤول في القناة، لكن من دون أن نلقى أي جواب يذكر. إلا أن مصدراً من داخل الفضائية أكد لـ “العربي الجديد” أن “الخبر السوري ما زال عنواناً أساسياً في أخبار قناة الجزيرة”، وهناك كثافة في إنتاج التقارير اليومية من مكاتب البلدان التي يوجد فيها اللاجئون السوريون (لبنان، الأردن، تركيا).
وبالتالي لم يغب الخبر السوري عن شاشة “الجزيرة”، ولم تستطع الأحداث السياسية في اليمن وليبيا ومصر أن تسرق أهمية الحدث السوري. يسجل لليبيا أنها استطاعت ان تكون في صدارة أخبار “الجزيرة” في السنوات الماضية إلا أنها تراجعت شيئاً فشيئاً”. أما على صعيد تضمين المواقف السياسية في الخبر السوري، يقول المصدر إن ذلك غائب تقريباً عن التقارير الإنسانية التي تتناول ملف اللاجئين وأزماتهم الاقتصادية والاجتماعية، “إلا أنها موجودة وبوضوح في الأخبار التي تحتوي على مفاوضات مع نظام الأسد مثلاً”..
وعلى الرغم مما يؤكده المصدر، فإن شواهد كثيرة تكشف تبدّل أولويات القناة بتبدّل التطورات السياسية في المنطقة. فمثلاً بعد الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي، بقي الخبر المصري خبراً أول على شاشة “الجزيرة”. فكنّا نشاهد مثلاً العنوان الأول عن “تظاهرة مناهضة للانقلاب في جامعة القاهرة”، يليها في العنوان الثاني “ثلاثون قتيلاً في حلب” (مثلاً).
ماذا عن الباقين؟
إلى جانب الفضائيات الأساسية في العالم العربي نشاهد تراجع الخبر السوري على أغلب القنوات الأخرى. في لبنان مثلاً ظلّ الخبر السوري يتصدّر النشرات إلى أشهر ليتحوّل اليوم إلى خبر ثانٍ. باستثناء القنوات المعنية مباشرة بالصراع مثل قناة “المنار” التابعة لـ “حزب الله” اللبناني المشارك في معارك سورية إلى جانب النظام. حيث نشاهد مراسلين ميدانيين يواكبون معارك الحزب والجيش النظامي بشكل يومي، ويطلون برسائل مباشرة في النشرات المسائية.
عدد المدنيين المحاصرين في سوريا تضاعف خلال شهر
أ. ف. ب.
الامم المتحدة: أعلنت مسؤولة العمليات الانسانية في الامم المتحدة فاليري آموس الخميس ان عدد المدنيين المحاصرين بسبب المعارك الدائرة في سوريا والذين لا تستطيع وكالات الاغاثة ايصال المساعدات الانسانية اليهم ارتفع من 212 الفا في نهاية شباط/فبراير الى 440 الفا حاليا اي انه تضاعف خلال شهر واحد.
وقالت آموس امام مجلس الامن الدولي ان 228 الف شخص اضافي هم حاليا “محاصرون من قبل تنظيم الدولة الاسلامية في احياء في دير الزور (شرق سوريا) تسيطر عليها الحكومة”.
وفي بقية انحاء البلاد هناك 185 الفا و500 شخص تحاصرهم القوات الحكومية في حين ان البقية تحاصرهم جماعات مسلحة اخرى.
واكدت آموس ان “هذا الوضع لا يمكن ان يستمر”، مشيرة الى ان “الوقت يداهم ومزيد من الناس سيموتون” اذا لم تتمكن وكالات الاغاثة الانسانية من ايصال المساعدات اللازمة الى هؤلاء المحاصرين.
وحذرت المسؤولة الاممية من ارتفاع عدد المدنيين المحاصرين اكثر من هذا اذا ما اشتدت وتيرة القتال في محافظة ادلب في شمال غرب سوريا.
وقالت “اخشى ان يعلق مدنيون في خط النار اذا اشتدت حدة المعارك في ادلب”.
واكدت آموس ان الوضع الانساني في سوريا اكثر من سوداوي، اذ ان مأمول الحياة في سوريا تراجع 20 عاما منذ بدء النزاع في حين ان ثلثي السكان يعيشون في فقر مدقع بينما ارتفع عدد الاطفال المحرومين من التعليم الى مليوني طفل.
وبحسب الامم المتحدة فقد اوقع النزاع الدائر في سوريا منذ آذار/مارس 2011 اكثر من 220 الف قتيل، في حين ان 12,2 مليون شخص هم اليوم بحاجة لمساعدة انسانية عاجلة في هذا البلد.
وهناك حوالى 7,6 مليون نازح سوري داخل البلاد وحوالى اربعة ملايين لاجئ غالبيتهم في لبنان والاردن وتركيا.
ودعت آموس “الحكومات الى اظهار سخائها” في مؤتمر المانحين المقرر عقده في الكويت في 31 آذار/مارس.
مسؤولة: سوريا وافقت على 3 من 33 طلبا من الأمم المتحدة لإدخال مساعدات في 2015
الأمم المتحدة (رويترز) – قالت فاليري اموس منسقة الشؤون الانسانسة بالأمم المتحدة إن الحكومة السورية لم تسمح للمنظمة الدولية بإدخال مساعدات سوى لثلاثة من جملة 33 موقعا طلبت دخولها في العام الحالي ودعت مجلس الأمن الدولي الى اتخاذ “خطوات ملموسة”.
وقالت اموس في كلمة أمام مجلس الأمن مساء الخميس إن القوات السورية صادرت أدوات جراحية وطبية وإمدادات خاصة بالصحة الإنجابية من قافلتين سمحت لهما الحكومة بالدخول. وأضافت أن إمدادات طبية لا تكفي سوى 58 الف شخص وصلت لنحو 4.8 مليون شخص في مناطق يصعب الوصول اليها.
وأضافت “أطلب من المجلس أن يوضح لحكومة سوريا أنه يجب السماح لهذه القوافل بالمضي وأن تسمح قواتها الأمنية بحرية مرور كافة الإمدادات لمن هم بحاجة اليها.”
وقالت “قد يرغب أعضاء المجلس في دراسة اتخاذ الخطوات الملموسة التي يودون اتخاذها” مضيفة أنها ستقدم الشهر القادم مقترحات للمجلس بشأن ما يمكنه القيام به.
وأضافت أن عدد الموجودين في المناطق المحاصرة الذين لا يستطيعون مغادرتها ولا يمكن توصيل المساعدات الانسانية لهم بانتظام زاد الى المثلين وارتفع من 212 الفا الى ما يقدر بنحو 440 الفا مشيرة الى أن اكثر من 40 في المئة تحاصرهم الحكومة.
وقالت اموس “الوقت ينفد. سيموت المزيد من الناس.”
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون يوم الاثنين إن الشعب السوري يشعر أن “العالم يتخلى عنه على نحو متزايد”.
وتقول الأمم المتحدة إن اكثر من 220 الف شخص قتلوا منذ بدء الصراع في سوريا في 2011. وفر نحو أربعة ملايين سوري من البلاد ويقدر عدد النازحين في الداخل بنحو 7.6 مليون شخص.
وتسعى الأمم المتحدة الى جمع 8.4 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الانسانية للصراع السوري في العام الحالي. ويعقد مؤتمر للمانحين في الكويت في 31 مارس آذار.
وقالت اموس إن التوقعات الخاصة بمتوسط عمر المواطن السوري هبطت بمقدار 20 عاما تقريبا دون ما كانت عليه حين بدأ الصراع وإن نحو ثلثي ما يقرب من 22 مليون سوري يعيشون الآن في فقر مدقع.
وأضافت “عجز المجلس والدول التي لها تأثير على الأطراف المختلفة في الحرب في سوريا عن الاتفاق على عناصر حل سياسي… يعني أن العواقب الانسانية ستظل أليمة بالنسبة للملايين.”
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية- تحرير سها جادو)