لئلا يصيب سوريا ما أصاب دولاً عربية ربط رحيل الأسد بالاتفاق على البديل
اميل خوري
هل انشغال الولايات المتحدة الاميركية بتكوين إدارتها الجديدة أخّر حسم الأزمة السورية سياسياً أو عسكرياً، أم الخلاف الذي لا يزال قائماً بينها وبين روسيا هو السبب؟
في معلومات لمصادر ديبلوماسية أن الأمرين معاً هما سبب عدم التوصل الى حسم الأزمة السورية، يضاف إليهما عدم توصّل المعارضات السورية السياسية والعسكرية إلى اتفاق على تأليف حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة تتيح لروسيا البحث في مصير الرئيس بشار الأسد لأن أميركا وروسيا متفقتان، على ما يبدو، على أن يبقى الرئيس الأسد في السلطة إلى أن يتم التوصل الى اتفاق على تأليف الحكومة الانتقالية، وذلك مخافة أن تسود سوريا الفوضى العارمة إذا ما تنحى الأسد قبل الاتفاق على الحكم البديل، خصوصا بعدما حل ما يحل في دول عربية نتيجة إسقاط الأنظمة فيها قبل الاتفاق على أنظمة بديلة، وهي دول لا تزال تتخبط في مشكلاتها الداخلية ولا تستطيع الخروج منها لتعذر اتفاق أهل الثورة على إقامة حكم مستقر.
واستمرار الوضع غير المستقر في هذه الدول يفيد منه الاسلاميون الاصوليون والتنظيمات الارهابية بحيث تنتشر وتتمدد لتهدد الاستقرار في الدول المجاورة لها وفي دول العالم.
وإن ما حدث أخيرا في الجزائر وفي مالي مثير للقلق الشديد ويزيد الاقتناع ببقاء الرئيس الأسد في السلطة الى ان تتوصل المعارضات السورية إلى اتفاق على البديل، وان بقاءه يشكّل ورقة ضاغطة تجعل قادة المعارضات يستعجلون التوصل الى اتفاق، في حين أن تنحي الرئيس الأسد قبل ذلك يجعل هؤلاء القادة يزدادون غرقاً في خلافاتهم، وعندها يصبح مصير سوريا مجهولاً ومعرضاً لشتى الاحتمالات، بما فيها التقسيم بعد حرب أ هلية طاحنة.
لذلك، فإن السؤال المطروح ليس هل تتفق أميركا وروسيا على حل للأزمة السورية، بل هل يتفق قادة المعارضات السورية على تأليف حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة كي تستطيع إدارة شؤون الحكم بعد الأسد، ولا يظلون مختلفين على تمثيل كل القوى السياسية الاساسية وموافقة الفصائل العسكرية الثائرة على الحكم على هذا التمثيل.
وهَبْ أنه تم التوصل الى اتفاق بين هذه القوى، فهل يتم اتفاق على ان تتمثل في الحكومة قوى موالية لنظام الأسد، ومن هي هذه القوى سياسية كانت أم عسكرية؟
حيال هذا الوضع المعقّد يمكن القول إن الرئيس الأسد باق في السلطة إلى أن يتم التوصل الى اتفاق على حكم بديل. وهذا ما جعل الروس يؤكدون مراراً وتكراراً أن البحث في تنحي الأسد غير ممكن لأنهم يريدون أن يطمئنوا قبل أي شيء آخر إلى هوية الحكم الجديد في سوريا والى مصير سوريا قبل البحث في مصير الأسد، خصوصا وقد شاهدوا ما يجري في ليبيا ومصر وتونس واليمن والعراق وإفادة الاسلاميين الاصوليين من خلافات السياسيين المعتدلين للوصول إلى السلطة، وانتشار الحركات الارهابية على نحو بات يهدد دول الجوار وحتى دول العالم خصوصا في افريقيا، واضطرار دول الغرب الى اتخاذ الاجراءات الامنية المشددة تحسباً لمواجهة الارهاب.
وفي المعلومات أيضاً أن أميركا وروسيا متفقتان على ضرورة الاسراع في حل الازمة السورية لأن هذه الازمة كلما طالت نمت معها الأعمال الارهابية وتمدّدت التيارات الاصولية وازدادت موجة النزوح التي تخلق مشكلة انسانية واجتماعية لدول الجوار بحيث لا يعود في استطاعتها تحمّل اعبائها، ولا الدول القادرة على المساعدة مواصلة ذلك. فهل يصير اتفاق على تأليف مجلس عسكري لفترة انتقالية إذا ظل الاتفاق على تشكيل حكومة متعثراً أو متعذراً؟
النهار