صفحات العالم

استحقاقات التكوين في المعارضة السورية


فاتح عبدالسلام

في آخر أحاديث برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، اعتراف واضح بوجود أزمة ثقة بين أطراف المعارضة ينجم عنها هذا الافتراق الواضح بين ثوار الداخل ومعارضي الخارج، فضلاً عن تنافر اتجاهات وقوى داخل تشكيلات معارضة تبدو تحت عنوان سياسي واحد لكنّ قلوبهم شتى.

الخلاف الجديد حول عقد ملتقى للمعارضة في القاهرة تشترك فيه الأقطاب الكبيرة لتنظيمات المعارضة، ويبدو أنَّ شدة نقاط الخلاف بين تلك الأقطاب وراء طلب أكثر من طرف تأجيل الاجتماع المرتقب الذي يقال إن دولاً عربية اشتغلت في الكواليس على اظهاره كملتقى قوي يقوم على توحيد تنظيمات المعارضة تحت مسمى جديد حتى لو تمَّ إعادة هيكلة المجلس الوطني السوري.

تجربة المعارضة السورية حديثة بوضعها السياسي الحالي، حيث لا توجد ثقافة تنظيمية للمعارضين الذين كانوا يشتغلون فرادى في معارضة النظام في الخارج خاصة طوال عقود.

إن استحقاق قيام تنظيمات للمعارضة تتبنى عملية التغيير أمر دولي مطلوب تنفيذه كشرط لتحديد مواقف دول وحكومات من مستقبل سوريا. لكنَّ استحقاقات قيام التنظيمات المتكاملة لا تزال تعاني من ضعف التجاوب مع الشرط الديمقراطي الداخلي. وهذا يحيل إلى أزمة ثقة أكبر تلوح في الأفق بشأن الدفاع عن خيار الديمقراطية في سوريا عندما تجتاز هذه الصفحة من الحكم الذي أغرق البلاد في دماء فوضى.

لا يزال الجناح المسلّح الذي يمثله الجيش الحر هو أقوى التنظيمات التي تشغل الساحة السورية وعلى صلة بالتكوينات الاجتماعية، ومن ثمّ فإنَّه سيفرز قيادات عسكرية يكون من السهل تحولها إلى قيادات سياسية عندما تحين الفرصة. لكن هذا الخيار أيضاً لا يخلو من مخاطر إزاء التعاطي مع الديمقراطية على نحو صحيح، حيث لا يمكن عزل ظلال البنادق عن أية تجربة سياسية تنشأ في ظلالها. لكن مهما انقسمت المعارضة فإن الشعب السوري قد عزم أمره موحداً من أجل عبور هذه المرحلة إلى بداية حياة جديدة، ولو بعد حين.

(الزمان)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى