صفحات العالم

ما وراء تصريحات مركل

 

 

هل كلام أنغيلا مركل الأخير عن العلاقات في أميركا دونالد ترامب مؤشر الى منعطف بارز أم هو كلام من بنات الحملة الانتخابية البرلمانية المقبلة في أيلول (سبتمبر) فحسب؟ وصفت «نيويورك تايمز» كلامها هذا بـأنه «انعطاف مزلزل»، وكتبت «واشنطن بوست» أنه علامة على «بدء فصل جديد من العلاقات الأوروبية – الأميركية». ولا شك في أن خطابها هذا ينأى بألمانيا عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فهي حضّت الأوروبيين على الاعتماد على أنفسهم والإمساك بمقاليد مصيرهم.

وإثر زيارة ترامب الى إسرائيل وأوروبا، كان قادة الحكومات في أصقاع العالم يتوقون الى التناغم مع واشنطن. فمنذ فوز ترامب، ينظر كثر في العالم الى المستشارة الألمانية على أنها زعيمة العالم الحر، وهي قبل أيام قطعت مع ما درجت عليه من حذر في مقاربة ترامب. فهي حين انتخابه، سعت الى تسليط الضوء على القيم المشتركة التي تستند إليها العلاقات العابرة للأطلسي. وتصريحاتها الأخيرة تشير الى فقدان الأمل في إمكان التعامل مع ترامب. ولازمة الرئيس الأميركي هي «أميركا أولاً». وترى مركل أن ما يترتب على الكلام هذا هو أداء أوروبا دوراً أكبر. ويدور النقاش في ألمانيا على زيادة الإنفاق الدفاعي من 1.2 في المئة من الناتج المحلي الى 2 في المئة. لكن لا إجماع على المسألة هذه، في وقت انتهت قمة الناتو الأسبوع الماضي الى وجوب سعي دول «الأطلسي» الى إعداد تقارير عن سيرها نحو بلوغ عتبة الـ2 في المئة. وتصريحات مركل ليست مرآة أحوال العلاقة العابرة للأطلسي فحسب، بل هي تتوجّه الى الألمان والأوروبيين وتحضّهم على تحمّل مسؤوليات أكبر وجبه تحديات، مثل إرساء دفاع أوروبي مشترك وسياسات أمنية مشتركة. وتشير التصريحات هذه، الى أن السياسة الخارجية ومستقبل الاتحاد الأوروبي يتصدران أولويات الحملة الانتخابية. فالحزب «الاشتراكي الديموقراطي» كان يسعى الى التفوق على مركل من طريق الطعن في موقفها من ترامب. لكن اليوم، صارت المستشارة الألمانية أكثر فأكثر حاملة لواء الدفاع عن أوروبا في وجه الرئيس الأميركي – وهذا دور كان مارتن شولتز، رئيس «الاشتراكي الديموقراطي» يأمل في أدائه. وفي الأسابيع المقبلة، على مركل أن تقدم على ما يدعم تصريحاتها وإلا اعتبر «الاشتراكي الديموقراطي» وغيره من الأحزاب الألمانية، أن موقفها هو كلام فحسب. وأعلنت مركل أنها والرئيس الفرنسي اتفقا على تعزيز التعاون الفرنسي – الألماني، وعلى إعداد خريطة طريق للإصلاحات. لكن مشروع وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابرييل، يتفوق على مشروعها. فإلى تمتين منطقة اليورو، يقترح استثمارات ألمانية – فرنسية مشتركة، وصندوق دفاع مشتركاً وتعاوناً أوثق في السياسة الخارجية.

ويبدو أن مساعي ترجيح كفة أوروبا وتقويتها تمضي قدماً، وكلام مركل هو مرآة هذا التغير. وتصريحاتها هي وراء نقاش لا يستسيغه الألمان: كم على الألمان وأوروبا الإنفاق على قوتهم الدفاعية؟ ومكانة هذا السؤال بارزة في السنوات المقبلة.

* فريق مراسلين، عن «شبيغل أونلاين» الألماني، 29/5/2017، إعداد منال نحاس

«شبيغل أونلاين»

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى