صفحات العالم

أقفلت على حرب أهلية؟!


 راجح الخوري

شكلت جلسة مجلس الأمن عن “الربيع العربي” اعلاناً متكرراً عن فشل الديبلوماسية الدولية في وضع تصور متفق عليه لمعالجة الازمة السورية الموغلة في المآسي، وهو ما يدفع الى القول ان لا شيء يوازي ضجيج القتل المتصاعد في سوريا سوى ضجيج الخلاف بين القوى الكبرى على الأزمة وسبل معالجتها.

نقطة التفاهم الوحيدة المتفق عليها هي دعم مهمة كوفي انان، الذي يعرف الجميع انه في ظل تفاقم سفك الدماء ومع وصول مجلس الامن الى حائط مسدود، لن يلبث ان يغادر دمشق صارخاً: يا حصرماً رأيته في حلب!

ماذا يعني كل هذا؟

انه يعني ان سوريا تُترك او تُدفع دفعاً الى الحرب الاهلية، التي يحذر منها الجميع ولا يفعلون شيئاً لمنعها. فلقد كان من المثير او بالاحرى من المعيب مثلاً ان يرد نبيل العربي [تكراراً يا نبيل يا عربي] بعصبية تخلو من الديبلوماسية على سؤال حول كيفية وقف المأساة بالقول: ان الجامعة العربية عاجزة ومجلس الأمن عاجز، فماذا تريدوننا ان نفعل؟!

كان مثيراً اكثر انه في حين كان انان يجتمع مع الاسد، حصلت مذبحة كرم الزيتون في حمص التي لم تستحق منه سوى القول في تركيا: “يجب ان يتوقف قتل المدنيين الآن وعلى العالم ان يبعث برسالة واضحة وموحدة. هذا الامرغير مقبول بالمرة”!

الاكثر اثارة من كل هذا، ان يقول سيرغي لافروف في مجلس الامن: “ان السلطات السورية تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية عن الوضع الحالي”، في حين ان موسكو هي التي تتحمل القسط الاكبر من المسؤولية، حين تعطّل فعالية الضغط الديبلوماسي الدولي عبر مجلس الأمن الذي واجه “الفيتو” الروسي مرتين. لكن عندما تستقبل كلمات لافروف بترحيب عربي لافت، فهذا دليل على مدى اليأس من الموقف الروسي، نعم اليأس ولكأن ليس في وسع العرب التأثير على موسكو رغم كل ما لديهم من عناصر الضغط!

لقد فشلت كل محاولات الدول الغربية لاقناع روسيا بتوحيد الموقف في مجلس الأمن مما يجري في سوريا، وبدا واضحاً من مطالعة لافروف ان عقدة خسارة روسيا في ليبيا تتحكم عميقاً بموقف موسكو، وعلى هذا الاساس سيبقى مجلس الامن مقفلاً بـ”الفيتو”. اضافة الى ذلك حذّر لافروف من اي تدخل في سوريا من خارج انتداب الشرعية الدولية عندما قال: “ان روسيا لن تقف مكتوفة حيال الوضع”، وان العقوبات من طرف واحد ومحاولات الدفع في اتجاه تغيير النظام، “وصفات خطرة لتلاعب جيوسياسي لا يمكن ان يؤدي إلا الى امتداد النزاع”!

والسؤال تكراراً: هل اقفلت سوريا على حرب اهلية يتفرج عليها العالم؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى